نتائج مباحثاتنا في لندن ليست عظيمة، لكن لم تكن زيارتنا من دون نتيجة. اعتقد أن أهم ما حققناه هو تطمين الاطراف الدولية على أن خط الثورة الرئيسي لم ولن يتغير، وأن الهدف المشترك الذي يجمعنا لا يزال العمل سوية لتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بحرية، مما يعني ضرورة أن تلتزم الدول التي تزعم صداقتها للشعب السوري بهدف إزالة نظام القتل والحرب والعنف والعسف الاعمى، ولا تجعل من الحرب ضد الارهاب التي يريد الاسد أن يدفع الغرب إليها ليستعيد وظيفته التاريخية كشرطي حراسة في خدمة الدول الكبرى، هدفها أو أجندتها الرئيسية.
وما كنت أتخوف منه قد حصل. كان البيان الختامي الذي اتفقت عليه الدول المشاركة فاقدا للتوازن ومركزا بشكل رئيسي على مسألة التشدد والتطرف. وكان لا بد من معركة شاقة كي ننجح في تعديل البيان الذي سيصدر عن اجتماع الدول الاحدى عشر.
بالتأكيد، وهذه كانت حجة المجتمعين، البيان موقع من الدول ولا علاقة لنا نحن به. لكن ما كان من الممكن ان نقبل أن يتجاهل من يدعي صداقة الشعب السوري أولويات نضال هذا الشعب، ولا أن يحول قضيته من كفاح ضد النظام الذي يجسد الارهاب بكل أشكاله ومعانيه النظام، وكذلك ضد سياسة القتل المنظم والمجازر الجماعية وحرب الابادة والحصار والتجويع والتهجير المتعمد، إلى صراع بين متطرفين ومعتدلين.
ولا يمكن أن نقبل بتجاهل تضحيات مقاتلي الحرية وكفاحهم البطولي، باسم التركيز على مخاطر التطرف، وننسى مسؤوليات الدول وسياسة الخذلان والتردد والانتظار التي اتبعتها تجاه هذا الكفاح، والتي كانت ولا تزال المسؤولة الأولى عن صعود التيارات التي تدعي اليوم أولوية الوقوف ضدها.
على سؤال: هل لا يزال الهدف المشترك الذي يجمعنا تمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بحرية والانتقال نحو دولة ديمقراطية تلغي حكم الارهاب الأسدي أم أصبحت الأولوية عند الدول الصديقة أو بعضها لمكافحة التطرف والتشدد، كان الجواب أن الهدف الأول لا يزال هو الأساس، لكن هناك مخاوف وقلق لدى الغرب من تطور التيارات المتطرفة، وهذا ما يحد من الحماس والدعم لقضيتنا.
نحن نتفهم مخاوف الدول وقلقها من مخاطر التطرف، على الشعب السوري أولا كما هو الحال على الشعوب الأخرى، لكن أولويات الشعب السوري هي الآن الخلاص من نظام القتلة ووقف سفك الدماء ووضع حد لمعاناة ملايين السوريين القابعين في مخيمات اللجوء في مواجهة الفقر والبرد والجوع والمرض والاذلال. ولا ينبغي أن تتقدم أي أجندة على أجندة إنهاء نظام القتل والدمار، الذي هو التطرف بذاته، والمولد الأول لكل أشكال التطرف الأخرى. ومن دون القضاء عليه لن يمكن التوصل إلى أي حل لمعاناة الشعب السوري وفوضى العنف والسلاح والاقتتال. ويخشى أن يخفي التركيز على التطرف، بدل حشد الجهد ضد النظام الذي ينتج التطرف كل يوم في سياساته القاتلة، نزوع البعض من بين الدول الصديقة إلى إعادة الرهان على نظم القهر والفاشية، والاستعداد من جديد للتضحية بالحقوق والحريات التي كانت ولا تزال الحافز الأول لثورة الكرامة والحرية في سورية وبقية البلاد العربية، باسم حماية الشعب من التطرف والارهاب.
باختصار. إن الرد على اجتياح اركان الجيش الحر من قبل قوى متشددة لا يكون بإعلان الحرب على هذه القوى وإنما بدعم مشروع إعادة هيكلة كتائب المقاتلين من أجل الحرية وتزويدها بما يلزمها للانتصار في معركة التغيير، والحفاظ على ما تبقى من أجهزة الدولة، وضمان وحدة الأرض والشعب.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire