mercredi, décembre 29, 2010

في معنى الرهان على القوى الإقليمية

الاتحاد 29 ديسمبر 2010

في أقل من شهر دعيت إلى المشاركة في أربع ندوات تبحث في العلاقات العربية الايرانية، شارك فيها الكثير من الباحثين العرب وأحيانا مع شركاء ايرانيين وقليل من الأتراك. وكان بعضها في دول الخليج العربي أو بدعوة من مراكز خليجية. لا يعكس هذا الطلب المتزايد على دراسة العلاقات بين ايران والعرب تغيرا ايجابيا في تصور العلاقة التي تجمع بين الطرفين عند أطراف النخبة العربية والرأي العام. فلا تزال ايران تشكل بالنسبة للقسم الأكبر من الحكومات العربية مصدرا رئيسيا للتهديد، بل المصدر الرئيسي له، بسبب ما تسعى إليه من مراكمة القوة العسكرية، وما تطمح إليه من لعب دور قيادي في المنطقة المشرقية، وما تحظى به، أو ما أصبحت تمتلكه بالفعل، بخلاف الدول الإقليمية الأخرى جميعا، من قواعد مادية وسياسية وتقنية لمد نفوذها في بلدان العالم العربي، رسميا وشعبيا. كما أن صورتها لم تهتز عند قطاعات الرأي العام العربي، خاصة تلك التيارات القومية واليسارية التي تستفزها سياسات إسرائيل والغرب المماليء لها. فهي لا تزال تمثل في نظر الكثيرين تلك القوة الإقليمية التي انقلبت بفضل الثورة الاسلامية التي شهدتها في الثمانينات من القرن الماضي من دولة عدوة معلنة للقضية الفلسطينية وحارسا للمصالح الغربية في الخليج، إلى قوة معادية للغرب ومناصرة للقضية الفلسطينية وشريكة للعرب في تأكيد الهوية الاسلامية التي تحولت إلى مكسر عصا لجميع التيارات اليمينية في تنافسها على السلطة في الدائرة الغربية.

وبالمثل لم يطرأ أي تغير جوهري على سياسة طهران التقليدية تجاه المنطقة المشرقية. فهي لم تتخل عن مشروعها النووي الذي يثير قلق جيرانها، خاصة في الخليج، ورفض جميع المبادرات الرامية إلى حرمان طهران مما تعتبره حقها الطبيعي في امتلاك التقنية النووية المتطورة وتحقيق التخصيب على أراضيها. بل ليس من المبالغة القول إنها لم تكن في أي وقت مضى قريبة من تحقيق هدفها هذا، وربما التحول خلال سنوات قليلة إلى قوة نووية عسكرية، كما هي الآن، وذلك بصرف النظر عن الحصار المفروض عليها والعقوبات التي تتعرض لها منذ عقود. وبالرغم من زيارات وخطابات التطمين التي قام بها ولا يزال يقوم بها العديد من مسؤوليها إلى العواصم العربية، لم تتراجع طهران عن أي من خياراتها الاستراتيجية الإقليمية التي اعتمدت على دعم قوى الممانعة، أو ما اطلقت عليه هذا الاسم. وما كان للسياسة التي مارستها في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وفي ظل الاحتلال الأمريكي، إلا أن يزيد من مخاوف الدول العربية من سياسة المحاور التي تتبعها، ويعمق الشك في إمكانية التوصل مع ايران إلى تفاهم يضمن الحد الأدنى من التعاون والتنيسق السياسي والأمني.

وهذا يعني أن تنامي الطلب على دراسة العلاقات العربية الايرانية لا يعكس ازدياد الأمل في تحقيق اختراق في هذا الميدان يسمح بإعادة بناء هذه العلاقات على أسس أفضل، ويزيل أو يخفف القلق الناجم عن الدور المفارق الذي تلعبه ايران، في سياق الانقسام العربي وغياب أي أجندة أمنية عربية، عند الحكومات العربية والرأي العام. ربما كان يشير، بالعكس من ذلك، إلى تزايد شك العرب في الأعوام القليلة الماضية في تماسك سياساتهم الأمنية وقلقهم من تنامي عوامل الحت في الأسس التي كانت تقوم عليها هذه السياسات، بما في ذلك تجاه ايران. ومن هذه العوامل وأهمها انحسار الثقة بقوة الردع الامريكية وصدقية واشنطن الاستراتيجية في منطقة شهدت فيها استراتيجية الدولة الأعظم ولا تزال نكسات حقيقية، إن لم نتحدث عن انهيار سياستها الشرق أوسطية. وهذا ما يعبر عنه بشكل واضح المصير المأساوي لمبادرة الإدارة الأمريكية السابقة لإعادة هيكلة الشرق الأوسط الموسع، واضطرار واشنطن إلى العودة إلى سياسة تعزيز الاستقرار والحفاظ على الوضع القائم السابقة، وخسارتها الحرب في العراق مجانا لصالح خصمها الايراني اللدود الذي لم يشارك في الحرب، بالإضافة إلى فشل الإدارة الأمريكية الديمقراطية لباراك أوباما في احتواء طالبان وتحقيق النتائج المنشودة في الحرب الأفغانية، وأخيرا، وليس الأقل أهمية، انكشاف العجز الأمريكي المريب في مسألة وقف سياسة التوسع الاستيطاني الاسرائيلي، فما بالك بفرض حل الدولتين الذي بشر به الرئيس الأمريكي للعام 2011 في فلسطين التاريخية، أي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء النزاع العربي الاسرائيلي بأكمله. ومن المؤكد أن انحسار الثقة بالصدقية الاستراتيجية الأمريكية لا يساعد أقطار المنطقة التي تعتمد بشكل أساسي في أمنها على قوة الردع الأمريكية على الشعور بالأمن والاستقرار، وربما يدفعها إلى البحث عن حلول بديلة ممكنة.

والعامل الثاني هو ما يبدو على طهران من تنامي الثقة بنفسها، في موازاة تعثر المساعي الغربية لوقف مساعيها للحصول على التنقية النووية، سواء أكان ذلك عن طريق فرض العقوبات عليها أو التهديد بعملية عسكرية، لا يكاد أحد يعتقد بعد بنجاعتها أو حتى بإمكانية تحقيقها، بما في ذلك أكثر الدول حماسا لعملية "جراحية" تقضي مرة واحدة وإلى الأبد على قدرات طهران النووية. وهذه الثقة المتزايدة بالنفس، بالرغم من جميع المصاعب الداخلية التي تعاني منها الجمهورية الاسلامية، هي التي تفسر تصاعد اللهجة القومية عند القيادة الايرانية وحرصها المتزايد على التعبير عن مطالبها السياسية وعدم ترددها في تأكيد حقها في امتلاك التقنية النووية بموازاة المطالبة العلنية بلعب دور رئيسي في السياسات الإقليمية، بل وضع هذا الحق في مقدمة أهدافها السياسية.

أما العامل الثالث الذي يكمن وراء قلق الأطراف العربية فهو من دون شك تأكد عجز العرب الملفت عن التوصل في ما بينهم إلى أي نوع من التفاهم حول أجندة أمنية تساعدهم على مواجهة التهديدات المتزايدة هنا وهناك، وتتيح لهم المشاركة ولو بدور ثانوي في تحديد هوية النظام الإقليمي الذي هو الآن قيد التكوين، وضمان الحد الأدنى من توازن القوى الذي يمنع من تحويلهم إلى فريسة تتقاسمها القوى الدولية والإقليمية. وهذا ما عبر عنه على أفضل وجه مؤتمر مداولات آخر القمم العربية التي عقدت في مدينة سرت الليبية في 10/10/2010. وهو المؤتمر الذي فشل في كل شيء تقريبا، وبشكل خاص في معالجة مسألة تصاعد وزن القوى الإقليمية في سياق تدهور استراتيجيات الحماية الأجنبية التقليدية وتعثر مشروع الحل السياسي للمسألة الفلسطينية.

أمام زوال أي أمل ببلوة أجندة أمنية عربية لايمكن من دونها مواجهة أي مشكلة من المشاكل السياسية والاستراتيجية المطروحة على الدول العربية، أقطارا ومجموعات، لا يكاد العرب يجدون حلا لمشاكلهم الأمنية في نهاية هذه العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين غير الرهان على قوى إقليمية صاعدة أخرى توازن صعود القوة الايرانية. ومن الطبيعي في هذه الحالة أن يتحول مركز الاهتمام مباشرة نحو تركيا، وتحل المراهنات على دورها الإقليمي الايجابي محل الجهد المطلوب لتكوين قوة توازن عربية، يشكل الافتقار إليها المصدر الأول للشك والقلق والاضطراب في منطقة يمثل العرب، بما لا يقاس، كتلتها السكانية الرئيسية.

mercredi, décembre 15, 2010

إخفاق المفاوضات والرد العربي

ااتحاد 15 ديسمبر 2010

بصرف النظر عن الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى إعلان تراجعها عن مشروع المفاوضات المباشرة الاسرائيلية الفلسطينية، وتخليها عن شرط تجميد الاستيطان، وهي أسباب معروفة للداني والقاصي، يشكل إخفاق مبادرة السلام الامريكية التي وضعها الرئيس باراك أوباما في رأس قائمة برنامجه لمصالحة أمريكا مع العالم العربي والاسلامي، اعترافا مدويا بإخفاق جهود التسوية السلمية ووصول مبادرات السلام جميعا، الغربية والعربية معا، إلى طريق مسدود. وهي المبادرات التي مضى عليها الآن ما يقارب الثلاثين عاما منذ إطلاق مؤتمر مدريد للسلام عام 1991. ولا تستطيع المفاوضات غير المباشرة والجانبية التي تريد الإدارة الأمريكية الآن استخدامها لتقريب وجهات النظر، كما يقول مسؤولوها، أن تغطي على تداعي صدقية الدبلوماسبة الأمريكية ، وليس بإمكانها أن تقنع أحدا بأنه لا يزال هناك حظ، مهما كان ضيئلا، للتوصل إلى تسوية خلال عام أو حتى أعوام وعقود، لتفادي الفراغ الخطير الناجم عن عودة المنطقة إلى نقطة الصفر، أي مواجهة حقيقة الحرب والسلام بعين جديدة.

يطرح هذا الإخفاق أسئلة كبيرة على الدبلوماسية الأمريكية والاوروبية اللتين قادتا مشروع التوصل إلى تسوية شرق أوسطية للنزاع، لكنها تطرح أسئلة لا تقل ألحاحا على الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الذين كانوا شركاء في رباعية لم تحقق شيئا من أهدافها ونلم تجرؤ مرة واحدة عن إعلان موقفها من الأطراف التي أعاقت ولا تزال تعيق أي جهد للتوصل بوسائل سلمية لحل النزاع. وتطرح أسئلة مماثلة أيضا على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي طالما صوتت على قرارات تدين الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وترفض الاعتراف بالضم والاستيطان والتهويد، من دون أن تظهر أي بادرة تململ أو اعتراض على الجمود الناجم عن عجز الدبلوماسية الأمريكية والغربية عموما عن إقناع إسرائيل بالتعاون الجدي مع الوسطاء الدوليين، أو عن عدم رغبتها في القيام بأي ضغط يسيء إلى مصالح إسرائيل أو يؤثر على الاتفاقات العلمية والتقنية والاقتصادية الاستثنائية التي تربطها بالدول الصناعية. وكل ذلك يعطي الانطباع لدينا نحن العرب بأن إسرائيل لا تدعي لنفسها موقعا فوق القانون وإنما تعامل بالفعل من قبل المجموعة الدولية، عن قناعة أو بسبب الضغوط المتعددة، على أنها لا تخضع لقانون العلاقات الدولية ولا تنطبق عليها المباديء والقيم والمعايير المطبقة على بلاد العالم الأخرى.

لكن في ما وراء الإشارة إلى ما أصبح موضع اقتناع واعتقاد راسخ عند الجمهور العربي وربما جزء كبير من الرأي العام الاسلامي والدولي بأن إسرائيل منزهة عن المساءلة والمحاسبة ومن باب أولى العقاب، يطرح إخفاق مفاوضات التسوية السياسية في الشرق الأوسط أسئلة مؤجلة أو أوجلت لوقت طويل على الدول العربية ذاتها التي أحبطت إسرائيل، والولايات المتحدة من بعدها، مساعيها للتوصل إلى سلام مع تل أبيب، حتى من دون شروط العدل والانصاف. ففد جردها الوضع الجديد من أي سلاح. ولن ينفع سحب مبادرة السلام العربية في إعادة الصدقية لسياستها الوطنية ما لم يرتبط ذلك بخطة جديدة مقنعة لرأيها العام لمواجهة مخاطر استمرار إسرائيل في سياسة الاحتلال وتهويد الأراضي الفلسطينية وفي مقدمها مدينة القدس العربية. ولا يستثني هذا الاعتبار أي بلد منها ولو أنه يضع مسؤوليات أكبر على الدول التي احتلت في العقود السابقة موقع القيادة في بلورة السياسات العربية الإقليمية، والتي تبنت جميعا مبدأ السلام كخيار استراتيجي ونهائي في أعقاب مصر الساداتية.

ليس هذا ولا ينبغي أن يكون وقت المناحة ولا الشماتة ولا التشفي من فريق من الدول ضد فريق آخر أو من سياسة قطرية لصالح سياسة قطرية أخرى. فلن يفيدنا هذا في أي شيء سوى إضاعة المزيد من الوقت وتعميق الانقسام والشرخ القائم في تفكير النخب العربية وفي ما بينها، وهو الانقسام الذي يكمن وراء إضاعة فلسطين الأولى ما قبل 1948 وهو في سبيله إلى أن يغطي على إضاعة فلسطين الثانية، ومن ورائها فتح الباب أمام إسرائيل للتحول إلى قوة عظمى في المنطقة تملي على الجميع سياساتها وتتدخل من دون رادع في شؤونها الداخلية. بالعكس ما هو مطلوب اليوم هو مراجعة جدية وهادئة يشارك فيها أصحاب الرأي والقرار، من المهتمين بمصير العالم العربي وشعوبه، في كل مكان، من أجل بلورة رؤية ناجعة للخروج من المأزق الذي لا يجسده في نظري انهيار مفاوضات التسوية السياسية العربية الاسرائيلية، فهذا عرض جانبي، وإنما في انهيار الرهان على الآخر، وهنا على الولايات المتحدة أساسا، كاستراتيجية ناجعة لمواجهة الحرب الاسرائيلة المستمرة والتهديدات الخارجية وحماية المصالح الوطنية والقومية.

لكن هذا بالضبط هو الذي يدفعنا إلى الأمل في أن يكون هذا الإخفاق منطلقا ليقظة عربية وعودة إلى التفكير الجدي في بناء استراتيجية الامن الوطني والعربي من جديد على أسس المبادرة الذاتية، وتامين وسائل العمل الضرورية لقيام العرب أنفسهم في قلع أشواكهم بأيديهم والدفاع عن مصالحهم. إن إخفاق أكبر دولة قائمة في إكراه القيادة الاسرائيلية على أن تجمد الاستيطان لأشهر معدودة لإتاحة مناخ ملائم لإطلاق مفاوضات التسوية السياسية، وحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية، الحليف الأوثق لتل أبيب، يشكل برهانا مدويا على خطأ استراتيجية الرهان على الغير وأهمية بناء أجندة وطنية عربية تضمن الدفاع عن مصالح العرب الكبرى والحفاظ على أمنهم واستقرار مجتمعاتهم وحمايتها من الاعتداءات والتدخلات والاختراقات الخارجية.

وليس بناء مثل هذه الأجندة بالأمر اليسير والمتوفر لمجرد كوننا عربا وننتمي إلى ثقافة واحدة ويجمعنا تاريخ مشترك منذ أكثر من أربعة عشر قرنا. فالأخوة أيضا يتنازعون في ما بينهم، وربما يقتتلون عندما تصطدم مصالحهم الخاصة أو يغبن بعضهم الآخر. يستدعي مثل هذا البناء نشوء إدراك موحد للتهديدات الخارجية وربما الداخلية أيضا، ورؤية مشتركة أو أسلوب موحد للرد على هذه التهديدات، وهو ما يرتبط بوجود أهداف وغايات مشتركة أيضا لدى الفاعلين. ومن الواضح أن النظم العربية تفتقر إلى الغايات المشتركة والاهداف الواحدة، حتى لو انها تتفق أو لا تزال تتفق شكلا على مصادر التهديدات أو بعضها. وبسبب عدم الثقة العميقة القائمة بين نظم تسعى لخدمة مصالحها الذاتية ويخشى كل واحد منها من الآخر ويراهن على خرابه من أجل تعزيز مواقعه الداخلية والإقليمية، تكاد الأجندة الامنية الداخلية ذاتها التي هي ميدان التعاون الرئيسي، وربما الوحيد الثابت بين الأقطار العربية، تقتصر على التنسيق وتبادل المعلومات والخدمات الجزئية.

والقصد، ليس هناك رد أمريكي او غربي او دولي لصالح العرب على التهديد الاسرائيلي الاستيطاني، وليس هناك رد قطري أيضا، لا فلسطيني ولا سوري ولا لبناني عليه. الرد الوحيد الممكن هو الرد العربي والإقليمي. هذا هو الدرس الرئيسيي لإخفاق مفاوضات التسوية السلمية التي لم تكن بالنسبة لاسرائيل سوى ذريعة لكسب الوقت وتعزيز سياسة الاحتلال والضم والاستيطان.

mercredi, décembre 08, 2010

محور المبادرات الاجتماعية: العرب وتحديات التنمية الانسانيةغليون

مؤسسة الفكر العربي – بيروت 8 ديسمبر 10

1- سمات الوضع الراهن:

يبدو للمراقب العادي أن العالم العربي يعيش في حالة جمود لافت، لا تطرأ عليه أو لا تكاد تطرأ، تغيرات وتحولات ذات قيمة وشان. والحال أن ما شهده العالم العربي خلال العقود القليلة الماضية من تحولات، يفوق ما حصل في العديد من المناطق الأخرى، ويطول البنية العميقة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمعات العربية. وسيكون له تأثير كبير على المدى الطويل.

لكن الذي يطمس هذه التغيرات أو لا يجعلها تظهر بقوة هو أنها لا تتفق مع ما هو متوقع من هؤلاء وأولئك. ولذلك لا تظهر مباشرة لنظرهم. بل ربما بدت لقطاعات واسعة من الرأي العام في الداخل والخارج، وكأنها تعبيرا عن التراجع إلى الخلف أو النكوص إلى الوراء. والواقع ليس هناك نكوص وإنما تغير وإعادة تشكيل لبنيات اجتماعية على أسس جديدة، وليس بالضرورة سليمة أو منشودة حتى من قبل من أشرف عليها ومن باب أولى من يتحمل تبعاتها.

فعلى المستوى الاقتصادي حصلت تحولات عميقة في إطار تحويل الاقتصادات الحكومية إو الدولوية إلى اقتصادات خاصة، او يسيطر عليها القطاع الخاص.

وعلى الصعيد الاجتماعي، فتح هذا التحويل التخصيصي في المجال الاقتصادي الباب أمام صعود طبقة جديدة من رجال المال والأعمال واحتلالها موقعا متميزا في الهرم الاجتماعي أزاح إلى مؤخرة الصورة الطبقة الوسطى والطبقات البرجوازية الصغيرة التي سيطرت على جو الحقبة السابقة او التي سبقتها.

وعلى الصعيد السياسي فسح هذا التحول المجال أمام تغيير عميق في طبيعة السلطة السياسية وتوجهاتها وأهدافها، ولو أن وسائل ممارستها الخارجية، من تقييد للحريات ورفض للتعددية وإغلاق لباب التداول والمشاركة الشعبية، لم تتغير. ولعل السمة الأبرز في هذا التحول هو الزواج الجديد بين السلطة والمال، وما نشأ عنه من إرادة سياسية تنزع إلى تكريس السيطرة الشاملة والدائمة على المجتمعات، كما تشير إليه قضية وراثة المناصب التي تحولت إلى محور أساسي رئيسي في النقاش السياسي العربي الراهن.

وعلى الصعيد الثقافي ومنظومات القيم التي توجه سلوك النخب وتضبطه، تكاد قيم الاستهلاك والتنافس على الاثراء وحب الظهور، التي ارتبطت بصعود الطبقة المالية والكمبرادورية الجديدة من رجال المال والأعمال، وهي غير ثقافة الكدح والجد والتحصيل العلمي التي طورتها الطبقة العربية الوسطى سابقا لنيل الحظوة الاجتماعية ، تصبح ثقافة النخب السائدة عموما، وتضغط بقوة على منظومات القيم الاجتماعية الشعبية والتقليدية، وتبعث في البلاد ما يشبه الحرب الثقافية او القيمية الكامنة وأحيانا المشتعلة في أكثر من مكان، بصرف النظر عن سيطرة قيم الحداثة الاستهلاكية على جميع الأوساط.

وعلى الصعيد الجيوستراتيجي الذي هو حاصل تفاعل هذه التحولات جميعا وملخصها، فقد العالم العربي، خاصة بعد تدمير العراق في حرب التحالف الدولي لعام 2003، أكثر فأكثر سيطرته على مصيره الجمعي، وزاد انقسامه وتباعد أطرافه، ونزوع بعضها لتفضيل التحالفات الخارجية على التفاهمات العربية، ويكاد يصبح منطقة فارغة من القوة يتصارع على اقتسام النفوذ فيها أصحاب المشاريع الهيمنية، داخل الإقليم وخارجه، ولم يعد له أي رصيد في حسابات القوة الدولية والإقليمية.

حصلت هذه التحولات جميعا على ضوء عملية الاندراج في العولمة الليبرالية التي قامت بها أو اضطرت إلى القيام بها الأقطار العربية، واحدها بعد الآخر، ونتيجة السياقات الجيوستراتيجية والاقتصادية والسياسية والثقافية الخاصة التي رافقت هذا الاندراج أيضا.

فهي الثمرة الطبيعية لنوعية هذا الاندراج الذي حصل في شروط لم تكن ملائمة كثيرا للعالم العربي، ولا ملائمة لأهداف تنميته الذاتية وتطور بنياته الاجتماعية والسياسية.

2- السير عكس الاتجاه

والواقع أن الأقطار العربية اتبعت، في اندراجها في عصر العولمة الليبرالية القاسي هذا، استراتيجية معاكسة تماما لتلك التي اتبعتها الدول الصناعية الكبرى والكثير من البلدان النامية التي ستستغل الفرصة وتتحول بمناسبتها إلى اقتصادات ناهضة، كالصين والهند والبرازيل وغيرها. فمن أجل تعزيز مواقعها في نظام العولمة الزاحف، أو خوفا من التهميش، اختارت النظم العربية أو دفعت إلى اختيار نمط من الاندراج في نظام العولمة يمكن ان نسميه نمط التكيف الآلي او البسيط ، بعكس ما اختارته البلدان التي نجحت في الخروج من اندراجها بالعولمة بفوائد وأحيانا بإنجازات حقيقية، وذلك بفضل ما قامت به هذه البلدان من تطوير استراتيجيات وسياسات اواختيارات ايجابية وإبداعية، يمكن الإشارة هنا إلى أهم ما ميزها من خصائص، وهي:

تعزيز المشاركة الشعبية وتوسيع دائرة الممارسة الديمقراطية حتى تزيد من مبادرة القوى الاجتماعية في عالم مفتوح للمنافسة الحرة، ومحروم أكثر فأكثر من حماية الدولة الوطنية.

تعزيز الثورة العلمية والتقنية وإعادة تنظيم سوق العمل وأنظمته

ضبط الرأسمالية المالية والمضاربية وإخضاع منطق الريح الرأسمالي لقواعد أخلاقية وسياسية

في المقابل فضل العالم العربي:

- الاندماج الإفرادي القطري وغياب أي إرادة لتحقيق الاندماج الإقليمي

- الشراكة الاقتصادية والتجارية مع الأسواق الكبرى الدولية والإقليمية، من دون أي تأهيل اجتماعي وعلمي وتقني، وأحيانا اقتصادي، وهو ما تجلي في رفض الاصلاح السياسي والإداري والقانوني، وتعميق السيطرة العصبوية على الدولة والإدارة.

- بدل المراهنة على بناء شبكة أمان سياسية (توسيع دائرة المشاركة السياسية) واجتماعية (دعم الطبقات المتضررة) تضمن تخفيف نتائج التفاوت الاجتماعي وتمكن من السيطرة على التوترات والتناقضات التي ستثيرها عملية الاندراج والتغيير، لا محالة، تبنى اصحاب القرار العرب خيار الحد بشكل اكبر من حرية الأفراد ومشاركتهم في تحمل المسؤولية، وتقليص مساهمتها في الخدمات الاجتماعية، الصحية والتعليمية بشكل خاص، التي تساهم في إعادة نسبية لتوزيع الدخل، بالإضافة إلى إطلاق يد أصحاب المال، المتحالفين مع الإدارة والسلطة في معظم الأحيان، خارج أي إشراف او مساءلة سياسية او قانونية.

- تجاهل قطاعات البحث العلمي والتقني، والاعتماد بشكل مكثف أكبر على استيراد الخبرة الأجنبية،

ونتيجة هذه الاستراتيجية، اي الاندراج في العولمة الليبرالية والانفتاح على الأسواق والفضاءات والرهانات الخارجية، من خلال التكيف البسيط، أي التابع وغير الخلاق، واضحة اليوم في ما تعيشه الأقطار العربية، على هذه الدرجة او تلك، من اوضاع متازمة على جميع الأصعدة. ومن هذه العملية ولد النظام الاجتماعي الجديد، الذي يتميز بالخضوع لأجندة طبقة أصحاب المال والأعمال ذات الطابع التجاري أو الكمبرادوري، ويتطور حسب قيمها واهدافها، وما تفترضه من تغييب أي منظور وطني او قومي او اجتماعي، أوأي تفكير جدي وطويل المدى في مصير الشعوب والكتل الجماهيرية الكبرى وفي مستقبل المجتمعات.

وفي النتيجة كان هذا الاندراج نموذجا للانتقال من نظم وطنية متمحورة على ذاتها نحو نظم منفلشة ومفتوحة على الخارج، أي على كل التأثيرات الايجابية منها والسلبية من دون تحديد. وهو ما يعني انعدام الاختيار وفقدان السيطرة على المسار والذات.

3- نظام الهيمنة المالية والتجارية:

في هذا المجال يمكن الإشارة إلى أربع خصائص عامة تميز طبيعة النظام المجتمعي القائم، مع اختلاف في الدرجة وأحيانا في غلبة سمة على أخرى من قطر لآخر:

الاستثمار من أجل المال، كما تعكسه مراكمة الثروات الفردية وأحيانا الأسطورية من خلال الكمسيونات والصفقات مضمونة الأرباح، وتعزيز قاعدة الشرائح الاجتماعية التجارية، وتمكين الموالين والمقربين من أصحاب الشأن ورجال المال والأعمال، من تكوين الامبرطوريات المالية الشخصية التي تعمل إلى جانب النظم ولصالحها.

الاستثمار في أمن النظم واستقرارها، فتتحول الدولة والامساك بالسلطة العمومية إلى جزء من استراتيجيات السيطرة السياسية،

الاستثمار في قطاع السياحة والخدمات ومنافسة الدول الصناعية في بناءالأسواق والأبراج، والتسابق على االاستهلاك واستيراد مظاهر الحداثة الخادعة.

ما يجمع بين هذه المفاهيم والممارسات المتنوعة والمتعددة، وهي موجودة على درجات متفاوتة في معظم البلدان، هو بعدها عن الاستثمار المنتج، ومحورتها حول الوسائل، أي المال والبنوك والآلات واستيراد التقنيات كسلع تجارية، وتجاهلها الغاية، أي الشيء المهم والأساسي الذي يعطيها معنى ويبرر وجودها، أي الانسان. والانسان عاطفة تطلب السعادة والطمأنينة، ووعي يطلب المعرفة، وإرادة تطلب الحرية، وجماعة تطلب التواصل والتضامن والتكافل، وشخصية تطلب السمو الأخلاقي والمعنوي، وعضوية حية تطلب الأمن والحرية والسلامة، قبل إرضاء الحاجات وإشباع الرغبات. فالتنمية السائدة هي تنمية ميركنتيلية، تعنى بتجميع المال ومراكمته، بصرف النظر عن مصائر غالبية الناس ومصالحهم الحيوية والانسانية وحاجاتهم وتفاقم همومهم ومخاوفهم وإحباطاتهم وآمالهم وتطلعاتهم. فالمال أصبح القيمة الرئيسية في نظمنا الاجتماعية، بمقدار ما انهارت القيم الإنسانية وغاب أثرها.

والنتيجة: مجموعة كبيرة من المشاكل والتحديات على جميع المستويات:

- تحدي غياب الأمن الجماعي والفردي الذي يتجلى في تراجع موقع العالم العربي على الصعيد الاستراتيجي والجيوستراتجي والعلاقات الدولية ، وفقدان المناعة تجاه الضغوط الخارجية والداخلية، وانحسار الشعور بالأمن والحماية عند الأفراد على جميع المستويات، وتراجع حكم القانون، وسيطرة منطق الضبط والإدارة الأمنية للمجتمعات.

- تحدي تفكك الدولة المؤسسية، تحت تأثير فقدانها الفاعلية والصدقية الاستراتيجية، واستفحال الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي والأخلاقي، والقطيعة المتنامية بين الدولة والمجتمع، التي تنعكس في قطيعة موازية بين السياسة والدين، وضرب الثقة بالنظام الاجتماعي عموما، وبمعنى السلطة والمسؤولية العمومية على جميع المستويات.

- تحدي الفقر والبطالة والتهميش والهجرة وتراجع فرص التقدم وتحسين شروط الحياة، وفي سياق كل ذلك توسع دائرة السكن العشوائي، ونمو احياء القصدير ومدن الصفيح ومخيمات المهاجرين واللاجئين في أكثر من بقعة ومكان.

- تحدي انعدام العدالة الاجتماعية وتعميم التمييز الطبقي والجنسي والطائفي والقومي

- تحدي انهيار نظام التربية والتعليم العام، وصعود التعليم التجاري الذي يخضع لمنطق الربح السريع والمباشر، ولا يعطي أي أهمية لا لتكوين الوعي الوطني، ولا لاتساق الهيئة الاجتماعية الكلية، ولا لمسائل التأهيل المهني المنظم للأجيال الجديدة، ولا لمسائل تطوير البحث العلمي والتقني الذي يتطلب استثمارات طويلة المدى ولا يمكن رؤية قيمته إلا في إطار مشروع للتنمية الانسانية الشاملة.

- تحدي زعزعة الاستقرار ونمو تيارات الاحتجاج والتمرد ومناهضة الدولة بسبب القطيعة الناجزة بين النظم السياسية والمجتمعات واهتلاك الشرعية ، الناجم عن احتكار السلطة وتوريثها وإعاقة تداولها وقهر النخب الصاعدة وإحباط إرادتها وتهجيرها.

- تحدي الطائفية وتفاقم النزاعات الاتنية الناجم عن تنامي أزمة الهوية السياسية الوطنية في مواجهة التراجع المستمر في آليات التكافل الاجتماعي، والمصادرة الطويلة للسلطة، وتحويل الدولة إلى منطقة نفوذ وأداة للسيطرة الخاصة، وتجميد الحراك الاجتماعي، وإغلاق الحقل الثقافي والفكري، والضغط المستمر على الطبقات الشعبية، وحرمانها من الخيار والامل في الوقت نفسه.

- تحدي التلوث البيئي الذي يحتاج لمواجهته إلى رؤية وطنية واجتماعية شمولية وتاريخية، تتجاوز منطق الربحية والمردودية التجارية،

وهذا يفسر إلى حد كبير ما تعيشه مجتمعات العالم العربي اليوم من التفاوت المتزايد بين الطبقات، ومن قطيعة متنامية بين النخب والمجتمعات، ومن شعور نام بالحرمان من البدائل وانغلاق الآفاق. وهو الأصل في تنامي التوترات الاجتماعية والاختناقات السياسية والمواجهات الفكرية، ومن ورائها تطور النزاعات السياسية والاتنية والطائفية والاجتماعية، وتزايد خطر الانفجارات وأعمال التمرد والاضطراب والفوضى والعصيان.

4- من التنمية الكمبرادورية إلى التنمية الانسانية

إذا أردنا الاختصار قلنا: إن التحدي الأول الذي يواجه السلطات العربية هو الانتقال من نمط تنمية كبمرادورية الطابع، تزيد في ثروة الأثرياء وتضاعف عدد الفقراء ولا تساهم إلا في خلق القليل من فرص العمل والتأهيل والتكوين للأفراد، وتدمر روح المسؤولية والاستثمار وبذل الجهد المنتج والابداع والابتكار عند الشعوب، وتفتقر لأي إطار إنساني وأخلاقي، ولا تستمر إلا في ظل نظم السلطة المطلقة القهرية، وثقافة الغضب واليأس والكراهية والعداء المتبادل، إلى نمط بناء ومحفز ومنتج من التنمية الانسانية. وتعني التنمية الانسانية استخدام الموارد المتاحة بما يحسن من سيطرة الانسان، أفرادا ومجتمعات، على مصيره، ويوسع من دائرة اختياره، ويزيد من ثقته بنفسه وولائه لوطنه وطاعته لقوانينه، واستثماره لجهده. ففي هذه السيطرة تكمن إمكانية توسيع دائرة وهامش الحرية التي هي أبرز مصلحة في قائمة المنافع العمومية، بما تعنيه من تحرير إرادة المجتمعات وإضعاف ارتهانها لقوى خارجية، من قوى طبيعية أو دول قوية أجنبية أو شركات دولية او مراكز سلطة ومال. وفي تمثل قيم هذه التنمية وأهدافها يتحقق معنى الانسان كوعي وإرادة ومقدرة على الاختيار. وبممارستها تولد الثقة بالنفس والأمل بالمستقبل وينشأ الاستقرار ويسود الأمان.

في هذه الحالة، لن يكون مقياس التنمية زيادة الناتج القومي ولا نقل التكنولوجية ولا حتى ارتفاع مستوى دخل الفرد. كل ذلك ليس إلا وسيلة لتعزيز سيطرة الانسان على ذاته ومصيره، ولا قيمة له من دون ذلك. فهي تكمن في تنمية قدرات الفرد وتوسيع إطار تفكيرة، وفي تعميق الشعور بالأمن والاستقرار المشجع على بذل الجهد والاستثمار والعمل والابداع, وهذا ما يبعث الرضى في النفس وعن النفس، وينتج الشعور بالسعادة التي هي غاية كل إنسان, والشعور بالسعادة ينمي روح الغيرية والتضحية عند الأفراد ويعمل على تعزيز روح التسامح والسلوك حسب مباديء العقل والأخلاق.

ومن دون ذلك لا قيمة لتراكم رأس المال ولا لنمو الناتج الوطني ولا لاستيراد التقنيات الحديثة والمتقدمة، ولا لبناء الأسواق الاستهلاكية العملاقة والأبراج الشامخة. بل لن تكون جميعها سوى مصدرا إضافيا لاستلاب الانسان وبؤسه.

وهذا هو للأسف انطباع المرء عندما يزور البلاد العربية. فما يسم مشاعر أغلب سكانها اليوم هو الشعور بالبؤس وانعدام الرضى عن النفس وضياع معنى السلوك حسب قواعد أخلاقية، ومن باب أولى معنى المتعة الفنية. وما يطبع حياة شعوبها هو القيود المتزايدة التي تفرضها هي على نفسها، وتلك التي تفرضها عليها القوى الخارجية، دولا كانت ام منظمات أم شركات أو سلطات مفروضة بالإكراه. وما يحرك أبناءها ويقودهم هي غريزة الخوف التي ينميها الشعور بالغربة في العالم وعنه، والجهل بأسرار قوته وبأسه، ونزع إرادتهم منهم وارتهانهم لعوامل خارجية طبيعية أو سياسية لا يملكون إزاءها أي وسيلة غير الدعاء والرجاء. فهي مجتمعات تجمع بين البؤس والظلم والخوف والحزن في الوقت نفسه.

والخلاصة، لا يمكن أن تستمر الامور طويلا وتستقر مع الابقاء على نظام احتكار السلطة وتسيير المجتمعات بالأوامر العسكرية أو البيرقراطية، وإخضاع حياتها ومصالحها وتطلعاتها للأجندة الامنية الخاصة بالنظم والحكومات. ولا يمكن أن تستقيم أيضا مع الاحتفاظ بنظام اقتصادي يقوم على تقديم مصالح رجال المال والأعمال وتكريس سيطرتهم وحظوتهم، وتعميم رأسمالية المضاربة والربح السريع ومراكمة الثروات للثروات. فهذا يتعارض مع حاجات التنمية المنتجة وتكوين فرص العمل وإرضاء الحاجات الأساسية للسكان. وأخيرا لا يمكن أن تعيش المجتمعات العربية وتتطور مع استمرار سيطرة مناخ الحظر الفكري القاسي، والشحن الديني والطائفي الدائم، وتسويد ثقافة الاستهلاك والتجويف الفكري والوجداني للعقل والفؤاد. ولا من باب أولى مع بقاء سيف التهديدات المسلط والحروب والاعتداءات على الامن العربي والوطني والإنساني من دون جواب.