mercredi, mars 26, 2008

القمم العربية جعجعة بلا طحن

الاتحاد 26 مارس 08

عندما يحين موعد انعقاد قمة إقليمية، في أي منطقة من مناطق العالم، ينكب المحللون عادة على تحليل مواقف الدول من مختلف المسائل المطروحة على جدول أعمالها، ونقاط الاختلاف والاتفاق بين أعضائها، ونوعية التسويات التي يمكن أن تحصل فيها لتجاوز الاختلافات والخروج بحلول ترضي الجميع إلى هذا الحد أو ذاك. وباستثناء حالات نادرة يتجاوز فيها تضارب المصالح الحد الذي يسمح بتسوية، تكون النتائج قريبة إلى حد كبير من توقعات المحللين، لأن مواقف الدول من القضايا المطروحة على بساط البحث تكون معروفة مسبقا بالنسبة لجميع الأعضاء. بالمقابل، تكاد الانشغالات الرئيسية التي تسبق انعقاد أي قمة عربية تقتصر على معرفة من سيحضر ومن سيقاطع، وهل ستعقد القمة أم ستؤجل، وإذا عقدت هل ستنج أم ستفشل. ويتجسد النجاح عادة في حضور جميع الرؤساء أو أكثرهم وعدم المقاطعة أو الإكتفاء بتمثيل من مستوى أدنى. وبالكاد يعرف الرأي العام شيئا عن جدول أعمال القمة واتجاهاتها. فليس لذلك قيمة كبيرة، لأن غاية اللقاءات هي التعبير عن وحدة الصف العربي في مواجهة الضغوط أو العدوانات الأجنبية التي لا تتغير، لا تحقيق جدول أعمال يتعلق ببناء المجتمعات العربية نفسها، داخليا وعلى مستوى المجموعة كلها. وحتى عندما تؤخذ القرارات فهي نادرا ما تثير اهتمام المراقبين ذلك أن الجميع أصبح يدرك أن معظمها يتخذ لحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام ولا يشعر أي طرف من الموقعين عليها بأنها ملزمة، وهي حسب اللوائح التنظيمية للمنظمة بالفعل غير ملزمة إلا لمن يريد تطبيقها.
كان هذا هو الوضع قبل إقرار الطابع الدوري الثابت لمؤتمرات القمة العربية، ولا يزال بعده. وفي معظم الأحيان تتحقق التوقعات تماما، فلا تنعقد المؤتمرات إلا بشق النفس وبعد تسويات شكلية مضنية ليس لها أي علاقة مباشرة بالقضايا المطروحة وإنما بمعالجة إشكالات بروتوكولية وتسوية حساسيات شخصية وتقديم ترضيات مسبقة تتعلق مباشرة بالموافقة على حضور القمة المعنية.
يعتقد الكثير من المحللين، كما هو الحال بالنسبة للرأي العام العربي، أن هذه الوضعية الطريفة لمؤتمرات القمة ناجمة عن تباعد سياسات الأقطار العربية عن بعضها البعض، إن لم نقل تناقضها وتعارضها في مسائل عديدة وواسعة تبدأ باختلاف أمزجة رؤساء الدول وتنافرها، وهم أصحاب الأمر والنهي فيها، وتنتهي بتباين المواقف الاستراتيجية المتعلقة بالأمن الوطني والإقليمي، مرورا بالاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة هي نفسها بطبيعة النظم السياسية، ووشائج القربى التي تجمع بينها وتجمعها مع الدول غير العربية، في الإقليم وخارجه.
والواقع أن الاختلاف في وجهات النظر بين الدول، في مثل هذه المسائل جميعا، ليس سمة عربية، وإنما هو الأمر الطبيعي الذي يسم جميع المنظمات الأقليمية في العالم، نظرا لتفاوت مصالح أطرافها الاقتصادية والسياسية والأمنية واختلاف رؤيتها لأهداف اتحادها وتكتلها. ومع ذلك، أمكن لمنظمات إقليمية عديدة أن تطور عملها وتقطع مراحل طويلة في اندماجها الاقتصادي والسياسي، بينما بقيت الجامعة العربية عاجزة عن تحقيق أي إنجاز من هذا النوع، بالرغم من أنها هي أول منظمة إقليمية نشات في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. فعلى سبيل المثال، لم تمنع الحساسيات القومية والأمزجة الشخصية المتباينة والمصالح المتعددة والمتفاوتة دول أوروبا، وفي مقدمها فرنسا وألمانيا المعروفتين بعدائهما الشديد منذ الحرب الأولى، وهما قطبي الرحى في التنظيم الإقليمي الاوروبي، من قيام الاتحاد الأوروبي. وانقسام أعضاء هذا الاتحاد نفسه بين المتحمسين للسير وراء واشنطن وتبني سياساتها الدولية والإقليمية من جهة، والمدافعين عن أوروبة مستقلة وريثة للنزعة الديغولية من جهة ثانية، لم يوقفا تقدم هذا الاتحاد على مسارات عديدة رئيسية، اقتصادية وتقنية وعلمية واجتماعية وسياسية وثقافية. وربما كان نجاح العملة الأوروبية التي أصبحت أقوى عملة في العالم في سنوات معدودة البرهان الساطع على ذلك.
ما الذي يفسر هذا العجز المزمن لمؤتمرات القمة والجامعة العربية معا عن التقدم وتحقيق أي إنجاز، وعن تحويل اجتماعات القادة العرب إلى مناسبات لاستعراض الأمزجة وتأكيد القطيعة بشكل أكبر بدل تذليل الخلافات للتوصل إلى اتفاقات جدية كان من شأن تنفيذها لو حصل أن يجعل من العالم العربي منطقة تعاون وتكامل وبالتالي ازدهار وتنمية استثنائية في العالم كله؟
بعكس زملائهم في المناطق الأخرى، لا يأتي القادة العرب إلى مؤتمرات القمة ليحققوا أهدافا ترتبط بمستقبل شعوبهم ومصالحها، ولكن ليبريء كل واحد منهم ذمته إزاء المآسي التي تجري في البلاد العربية بسبب غياب التعاون والتفاهم والعمل المشترك، أي ليبرر، أمام الرأي العام العربي، الذي ينزع إلى التضامن وتحركه مشاعر عميقة بوحدة الهوية والمصالح، هربه من المسؤولية الجماعية. وقليل منهم من يأتي بمشاريع تتعلق بمصير مجتمعاتهم، ومن أتى منهم بما يشبه ذلك فطلبا للمعونة ولتحقيق إنجازات خاصة أو ذاتية. وأشك بأن يعتقد أكثرهم بإمكانية قيام مشروع عمل عربي جماعي مفيد له وللجميع. فهم ميالون بسبب نقص ثقتهم بأنفسهم وأخوتهم معا إلى قصر الشراكة على الدول والشركات الأجنبية التي توفر لهم الخبرة والدعم والتغطية الأمنية. أما المؤتمرات العربية فهي تهدف إلى إظهار الوحدة الشكلية وتحقيق المصالحات الوقتية للظهور بمظهر الحرص على الدفاع عن المصالح العربية المشتركة أمام جمهور عربي غاضب واتهامي وفاقد للثقة. ولذلك قليلا ما يتجاوز عمل القمة تسوية النزاعات الشخصية، ونادرا ما تجد الوقت لمناقشة النزاعات الحقيقية التي تفرق بين الدول العربية، وأقل من ذلك للاتفاق على مشاريع واقتراحات تتوخى مصالح الشعوب العربية وتكامل مسيرتها. وبقدر ما تشكل المؤتمرات ساحة للمناورة بالنسبة للزعماء، تتحول أيضا إلى مناسبة لاستعراض أمزجتهم وقدراتهم الخطابية، وتأكيد المصالح الخاصة بأنظمتهم القائمة، والتباري في الخروج من القمة بأقل ما يمكن من الالتزامات الجماعية. وباستثناء المسؤولين الذين تتعرض أقطارهم لأزمات أو تهديدات خارجية، لا يرى معظم المشاركين في حضور القمة مناسبة لتطوير سياسات وتحقيق أهداف ايجابية، بقدر ما ينظرون إليها كواجب، بل كامتحان لا مهرب منه. وهو ما عمق خيبة الجمهور منها وأفقدته الثقة في أي قرار يصدر عنها.
لا يمكن لمؤتمرات القمة العربية أن تتحول، كبقية المؤتمرات الإقليمية، إلى أطر جدية للعمل الايجابي والإنجاز، ما لم يكن الدافع إلى حضورها إحساس المشاركين بالمسؤولية تجاه شعوبهم وحرصهم على العمل على تحسين شروط حياتها الإنسانية. ولا إحساس بمثل هذه المسؤولية عند نظم تفتقر للشرعية ولا تملك سياسة وطنية، همها الوحيد الدفاع عن امتيازات أصحابها والحفاظ على سلطتهم الاستثنائية. وإذا كان من غير الممكن لها أن تنتج سياسة وطنية، فمن باب أولى أن لا تنتج سياسة عربية جماعية. ولهذا ليس من المستغرب أن لا تحقق مؤتمرات القمة العربية على تعاقبها أي تقدم ملموس في أي ميدان، بل ولا أن تنجح حتى في الحد من تدهور العلاقات العربية. ففي غياب هذه السياسة الوطنية ينبغي الكشف عن مفتاح عجز المسيرة التكاملية العربية، لا في مثالية الحركة القومية، كما يعتقد كثير منا اليوم.

القمم العربية جعجعة بلا طحن

الاتحاد 26 مارس 08
برهان غليون
عندما يحين موعد انعقاد قمة إقليمية، في أي منطقة من مناطق العالم، ينكب المحللون عادة على تحليل مواقف الدول من مختلف المسائل المطروحة على جدول أعمالها، ونقاط الاختلاف والاتفاق بين أعضائها، ونوعية التسويات التي يمكن أن تحصل فيها لتجاوز الاختلافات والخروج بحلول ترضي الجميع إلى هذا الحد أو ذاك. وباستثناء حالات نادرة يتجاوز فيها تضارب المصالح الحد الذي يسمح بتسوية، تكون النتائج قريبة إلى حد كبير من توقعات المحللين، لأن مواقف الدول من القضايا المطروحة على بساط البحث تكون معروفة مسبقا بالنسبة لجميع الأعضاء. بالمقابل، تكاد الانشغالات الرئيسية التي تسبق انعقاد أي قمة عربية تقتصر على معرفة من سيحضر ومن سيقاطع، وهل ستعقد القمة أم ستؤجل، وإذا عقدت هل ستنج أم ستفشل. ويتجسد النجاح عادة في حضور جميع الرؤساء أو أكثرهم وعدم المقاطعة أو الإكتفاء بتمثيل من مستوى أدنى. وبالكاد يعرف الرأي العام شيئا عن جدول أعمال القمة واتجاهاتها. فليس لذلك قيمة كبيرة، لأن غاية اللقاءات هي التعبير عن وحدة الصف العربي في مواجهة الضغوط أو العدوانات الأجنبية التي لا تتغير، لا تحقيق جدول أعمال يتعلق ببناء المجتمعات العربية نفسها، داخليا وعلى مستوى المجموعة كلها. وحتى عندما تؤخذ القرارات فهي نادرا ما تثير اهتمام المراقبين ذلك أن الجميع أصبح يدرك أن معظمها يتخذ لحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام ولا يشعر أي طرف من الموقعين عليها بأنها ملزمة، وهي حسب اللوائح التنظيمية للمنظمة بالفعل غير ملزمة إلا لمن يريد تطبيقها.
كان هذا هو الوضع قبل إقرار الطابع الدوري الثابت لمؤتمرات القمة العربية، ولا يزال بعده. وفي معظم الأحيان تتحقق التوقعات تماما، فلا تنعقد المؤتمرات إلا بشق النفس وبعد تسويات شكلية مضنية ليس لها أي علاقة مباشرة بالقضايا المطروحة وإنما بمعالجة إشكالات بروتوكولية وتسوية حساسيات شخصية وتقديم ترضيات مسبقة تتعلق مباشرة بالموافقة على حضور القمة المعنية.
يعتقد الكثير من المحللين، كما هو الحال بالنسبة للرأي العام العربي، أن هذه الوضعية الطريفة لمؤتمرات القمة ناجمة عن تباعد سياسات الأقطار العربية عن بعضها البعض، إن لم نقل تناقضها وتعارضها في مسائل عديدة وواسعة تبدأ باختلاف أمزجة رؤساء الدول وتنافرها، وهم أصحاب الأمر والنهي فيها، وتنتهي بتباين المواقف الاستراتيجية المتعلقة بالأمن الوطني والإقليمي، مرورا بالاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة هي نفسها بطبيعة النظم السياسية، ووشائج القربى التي تجمع بينها وتجمعها مع الدول غير العربية، في الإقليم وخارجه.
والواقع أن الاختلاف في وجهات النظر بين الدول، في مثل هذه المسائل جميعا، ليس سمة عربية، وإنما هو الأمر الطبيعي الذي يسم جميع المنظمات الأقليمية في العالم، نظرا لتفاوت مصالح أطرافها الاقتصادية والسياسية والأمنية واختلاف رؤيتها لأهداف اتحادها وتكتلها. ومع ذلك، أمكن لمنظمات إقليمية عديدة أن تطور عملها وتقطع مراحل طويلة في اندماجها الاقتصادي والسياسي، بينما بقيت الجامعة العربية عاجزة عن تحقيق أي إنجاز من هذا النوع، بالرغم من أنها هي أول منظمة إقليمية نشات في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. فعلى سبيل المثال، لم تمنع الحساسيات القومية والأمزجة الشخصية المتباينة والمصالح المتعددة والمتفاوتة دول أوروبا، وفي مقدمها فرنسا وألمانيا المعروفتين بعدائهما الشديد منذ الحرب الأولى، وهما قطبي الرحى في التنظيم الإقليمي الاوروبي، من قيام الاتحاد الأوروبي. وانقسام أعضاء هذا الاتحاد نفسه بين المتحمسين للسير وراء واشنطن وتبني سياساتها الدولية والإقليمية من جهة، والمدافعين عن أوروبة مستقلة وريثة للنزعة الديغولية من جهة ثانية، لم يوقفا تقدم هذا الاتحاد على مسارات عديدة رئيسية، اقتصادية وتقنية وعلمية واجتماعية وسياسية وثقافية. وربما كان نجاح العملة الأوروبية التي أصبحت أقوى عملة في العالم في سنوات معدودة البرهان الساطع على ذلك.
ما الذي يفسر هذا العجز المزمن لمؤتمرات القمة والجامعة العربية معا عن التقدم وتحقيق أي إنجاز، وعن تحويل اجتماعات القادة العرب إلى مناسبات لاستعراض الأمزجة وتأكيد القطيعة بشكل أكبر بدل تذليل الخلافات للتوصل إلى اتفاقات جدية كان من شأن تنفيذها لو حصل أن يجعل من العالم العربي منطقة تعاون وتكامل وبالتالي ازدهار وتنمية استثنائية في العالم كله؟
بعكس زملائهم في المناطق الأخرى، لا يأتي القادة العرب إلى مؤتمرات القمة ليحققوا أهدافا ترتبط بمستقبل شعوبهم ومصالحها، ولكن ليبريء كل واحد منهم ذمته إزاء المآسي التي تجري في البلاد العربية بسبب غياب التعاون والتفاهم والعمل المشترك، أي ليبرر، أمام الرأي العام العربي، الذي ينزع إلى التضامن وتحركه مشاعر عميقة بوحدة الهوية والمصالح، هربه من المسؤولية الجماعية. وقليل منهم من يأتي بمشاريع تتعلق بمصير مجتمعاتهم، ومن أتى منهم بما يشبه ذلك فطلبا للمعونة ولتحقيق إنجازات خاصة أو ذاتية. وأشك بأن يعتقد أكثرهم بإمكانية قيام مشروع عمل عربي جماعي مفيد له وللجميع. فهم ميالون بسبب نقص ثقتهم بأنفسهم وأخوتهم معا إلى قصر الشراكة على الدول والشركات الأجنبية التي توفر لهم الخبرة والدعم والتغطية الأمنية. أما المؤتمرات العربية فهي تهدف إلى إظهار الوحدة الشكلية وتحقيق المصالحات الوقتية للظهور بمظهر الحرص على الدفاع عن المصالح العربية المشتركة أمام جمهور عربي غاضب واتهامي وفاقد للثقة. ولذلك قليلا ما يتجاوز عمل القمة تسوية النزاعات الشخصية، ونادرا ما تجد الوقت لمناقشة النزاعات الحقيقية التي تفرق بين الدول العربية، وأقل من ذلك للاتفاق على مشاريع واقتراحات تتوخى مصالح الشعوب العربية وتكامل مسيرتها. وبقدر ما تشكل المؤتمرات ساحة للمناورة بالنسبة للزعماء، تتحول أيضا إلى مناسبة لاستعراض أمزجتهم وقدراتهم الخطابية، وتأكيد المصالح الخاصة بأنظمتهم القائمة، والتباري في الخروج من القمة بأقل ما يمكن من الالتزامات الجماعية. وباستثناء المسؤولين الذين تتعرض أقطارهم لأزمات أو تهديدات خارجية، لا يرى معظم المشاركين في حضور القمة مناسبة لتطوير سياسات وتحقيق أهداف ايجابية، بقدر ما ينظرون إليها كواجب، بل كامتحان لا مهرب منه. وهو ما عمق خيبة الجمهور منها وأفقدته الثقة في أي قرار يصدر عنها.
لا يمكن لمؤتمرات القمة العربية أن تتحول، كبقية المؤتمرات الإقليمية، إلى أطر جدية للعمل الايجابي والإنجاز، ما لم يكن الدافع إلى حضورها إحساس المشاركين بالمسؤولية تجاه شعوبهم وحرصهم على العمل على تحسين شروط حياتها الإنسانية. ولا إحساس بمثل هذه المسؤولية عند نظم تفتقر للشرعية ولا تملك سياسة وطنية، همها الوحيد الدفاع عن امتيازات أصحابها والحفاظ على سلطتهم الاستثنائية. وإذا كان من غير الممكن لها أن تنتج سياسة وطنية، فمن باب أولى أن لا تنتج سياسة عربية جماعية. ولهذا ليس من المستغرب أن لا تحقق مؤتمرات القمة العربية على تعاقبها أي تقدم ملموس في أي ميدان، بل ولا أن تنجح حتى في الحد من تدهور العلاقات العربية. ففي غياب هذه السياسة الوطنية ينبغي الكشف عن مفتاح عجز المسيرة التكاملية العربية، لا في مثالية الحركة القومية، كما يعتقد كثير منا اليوم.

mercredi, mars 12, 2008

نفاق الغرب

الاتحاد 12 مارس 08

بنيت ثقافة الغرب الحديث بأكملها على أخلاقيات الاستقامة والصراحة والصدق والشفافية، التي يعززها الاعتراف بشرعية اختلاف المصالح بين فئات المجتمع، وشرعية الاختلاف في الاعتقادات والأراء والأفكار والآراء ووجهات النظر. وكان لهذه الأخلاقيات الجديدة الفضل الأكبر في تأسيس حياة مدنية سليمة قائمة على مباديء الحق والمساواة والعدالة والاحترام المتبادل، وفي بناء حياة سياسية ديمقراطية قائمة على التنافس النزيه ونبذ الحرب والعداون بين أفراد المجتمع الواحد وفئاته المختلفة. وبالتالي في نشوء مفهوم السياسة والوحدة الوطنية، بل وجود الوطنية نفسها كمفهوم وممارسة، وتحضر الدول، وتطور مفهومها ووظائفها، واستقرار المجتمعات. فبفضل هذه الأخلاقيات، لم يعد الإنسان فيها، فردا كان أم مجموعة، بحاجة إلى اللف والدوران والكذب والغش والخداع، أو ما كان يسمى في أدبياتنا العربية الكلاسيكة الحيلة، حتى يضمن حقه في الوجود المختلف، ويحفظ مصالحه، ولا يعرض نفسه في ذات الوقت لبطش أصحاب السلطة أو المال او الجاه. وبالعكس، كان علم الحيل والاحتيال في ماضي ما قبل الحداثة السلاح الوحيد الذي يسمح بتعديل منطق القوة ذي الاتجاه الواحد، وبإدخال عناصر أخرى، من ذكاء ودهاء وحنكة ومناورة، في معادلة العلاقات الاجتماعية والدولية وميزانها.
بيد أن ما كانت ثقافة القرون الوسطى السياسية تختزنه، في كل المجتمعات، من إرث الحيلة والاحتيال، وما سيتخذ في ما بعد خطأ اسم المكيافيلية، نسبة لذاك الذي أخرج السياسة من منطق العقيدة، وألغى بالتالي الحاجة إلى الخداع والاحتيال، وجعل منهما جزءا من خطط أكبر للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها، لن يزول من الوجود. إنه سوف ينمو ويتجمع ليتحول إلى مادة أساسية في نظام توجيه الممارسة التي طبعت ولا تزال تطبع علاقة الدول الغربية بالمجتمعات والبلاد الأخرى. فعلى هذا الإرث من القيم سوف تستند الممارسة الاستعمارية التي أوقعت بالشعوب، وأدخلتها في شراكها، وأخضعتها لمصالحها واهدافها، من دون أن تتخلى لحظة في خطابها، أمام الآخرين أو أمام جمهورها، عن مديح الحرية والمساواة والعدالة الانسانية. وفي قلب هذه الممارسة القائمة على الخداع وبموازاتها يتحول النفاق إلى ممارسة كاملة، تقول غير ما تفعل، وتعلن غير ما تضمر، وتوعد غير ما تقرر. وهو يفسر وحده كيف أمكن لأصحاب المشروع الاستعماري أن يجمعوا بين خطاب الإنسية وتلك الممارسات الوحشية التي رافقت وضع اليد على أراضي القارات المختلفة، وتحويل شعوبها لعقود طويلة إلى عبيد أو ما يشبه ذلك، أي أن يجمعوا بين منطق الدفاع عن تحرر الانسانية وانعتاقها والسقوط في بربرية العنصرية والإبادة الجماعية.
لم أذكر ذلك لأكشف عن أحد مظاهر العطب والنقص الذي لا يزال يميز الحداثة ويفسر موجه الاحتجاج والارتداد العنيفة عليها وعلى قيمها في مناطق واسعة من المعمورة، وليس في البلاد الإسلامية فحسب، وأعني بهذا العطب استمرار قيام العلاقات الدولية وبين المجتمعات على أسس "ميكيافيلية"، تضعف من صدقية قيم الحرية والمساواة والعدالة التي تؤسس جوهر الحداثة فحسب. ولم أذكره أيضا لأشير إلى المأساة التي نجمت عن انتقال هذا الإرث الاستعماري نفسه إلى النخب المحلية السائدة في البلاد التي استعمرت سابقا، وتبنيها له ولقيمه بالجملة. إن ما ذكرني به هو ما جري ويجري في غزة ومن حول مأساتها، والذي يشكل هو نفسه امتدادا لما جرى في المشرق العربي من ممارسات أدخلت الشرق الأوسط بأكمله في متاهة لا مخرج منها، وتهدد بتقويض أسس السلام العالمي نفسه. ولا أقصد هنا الإشارة إلى السياسات الاستعمارية القديمة التي لا تزال هنا راهنة، وإنما إلى الطريقة التي نظر بها الغرب، وأعني هنا بالغرب الحكومات والرأي العام معا، ولا يزال ينظر بها إلى المسألة الفلسطينية، التي نشأت من رميه نتائج سياساته العنصرية تجاه اليهود على العرب، وعلى الفلسطينيين منهم بشكل خاص.
فكيف نفسر، من دون هذا النفاق، نجاح إسرائيل التي ما كان من الممكن أن تقوم ولا أن تبقى، باعتراف قادتها أنفسهم، من دون احتضان الغرب ودعمه السياسي والأخلاقي والعسكري، في الاستمرار في المراوغة وتحدي إرادة الغرب الذي يدعي الالتزام بالسلام والتسوية والحل العادل للقضية الفلسطينية، وفي إحباط مبادراته، المتكررة منذ أكثر من نصف قرن، وحلوله المقترحة، ونصائح لجانه الرباعية وغير الرباعية، وفي الوقت نفسه رفض الحكومات الغربية، بما فيها الاوروبية المؤيدة كما تقول للحقوق الفلسطينية، اتخاذ أي عقوبات ضد الدولة العبرية. بل بالعكس عدم الخجل من الاحتفاء بها في المناسبات الدولية وجعلها، كما هو الحال هذا الشهر في فرنسا، ضيف الشرف على معرض الكتاب العالمي، بالرغم من ممارساتها اللاإنسانية، حسب عبارة منظمات حقوق الانسان الدولية، في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية؟ وكيف نصدق أنه، لا الولايات المتحدة ولا أوروبا ولا روسيا ولا غيرها من الدول الكبرى الصديقة والقريبة لاسرائيل، وكلها تدعي الإخلاص لقيم الحرية والعدالة والمساواة، والصداقة للعرب والمسلمين أيضا، لا تملك أن تتخذ أي إجراء لثني إسرائيل عن ممارساتها العنصرية وتشجيعها على الدخول في منطق السلام والتسوية السياسية؟
ما الذي يمكن أن نحسه غير الاحباط، وأن نفكر به غير النفاق، إزاء وعود تتكرر ولا تنفذ منذ قرن، ومبادرات سلام، أمريكية أو اوروبية، تتوالى كل سنتين او ثلاثة دون جدوى، ومؤتمرات دولية تعقد وتموت من دون اكتراث، وموائد حوار تنظم من دون ثمرة ولا إنجاز، ومشاورات عالمية لا تتوقف، ومباحثات تعددية او ثنائية يقوم بها مبعوثون مخصوصون للشرق الأوسط لا تثير حتى فضول الصحافة المحلية، ومفاوضات لا تنتج غير البيانات المنمقة التي لا تهدف إلا إلى خداع العرب وتسكين غضب الرأي العام؟ وإلى متى سيحتمل العرب مهزلة السلام الموعود، الذي أخذ الغرب ثمنه سلفا بدمج الدول العربية في الحرب ضد الإرهاب، ولهاث حكوماتهم وراء سراب حلول ومبادرات، يعرف الجميع منذ البداية، ورعاتها الغربيون أولهم، أن الهدف الفعلي لها غير الهدف المعلن، ولا تفيد إلا في إعطاء إسرائيل المزيد من الوقت لتحقيق أهدافها، مع مراعاة مصالح النظم العربية وحفظ ماء وجهها، وتصبير الفلسطينيين على جراحهم وآلامهم، بانتظار أن تتحقق الغاية، ويصبح لا مناص لهم من الاعتراف بعدم وجود أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية بالمعنى الحقيقي للكلمة، والقبول نتيجة ذلك بما قسم لهم، أي بمجموعة من المعازل المقطوعة والمعدمة داخل إسرائيل الكبرى، حتى لو أطلق على هذه المعازل اسم دولة، وربما جماهيرية عظمى.
ثم ما الفائدة من ترديدنا التحليلات نفسها، والتذكير بالمسؤوليات، والتحذير من النتائج، مادامت سياسة الخداع والكذب والغش مستمرة، وطالما لم تدرك الحكومات ورأيها العام، في الغرب والدول الصناعية الكبرى والعالم أجمع، أن قيم الحداثة الإنسانية ليست نهائية ولكنها قابلة للارتداد، وأن خيانتها المستمرة، على أي مستوى من مستويات العلاقات الإجتماعية والدولية، ومن قبل أي طرف كان، يقود لا محالة إلى النكوص الجماعي عنها، بما يعنيه ذلك من تعميم مشاعر الشك والخوف وقيم العنصرية والعدوان، والتهديد بتوسيع دائرة حرب عالمية بدأ فتيلها يشتعل بالفعل، منذ الآن، في أكثر من بقعة من بقاع المعمورة.

samedi, mars 08, 2008

L’Orient face à la politique des puissances

mardi 4 mars 2008 - Burhan Ghalioun - Confluences Méditerranée

Tous les gouvernements arabes ont été surpris par le changement survenu, après les évènements du 11 septembre 2001, dans la stratégie des Etats-Unis d’Amérique au Moyen-Orient.
La plupart d’entre eux ont considéré l’insistance de Washington à promouvoir des réformes politiques et sociales visant à garantir une stabilité durable, comme une lourde erreur, non seulement du point de vue de leurs intérêts mais aussi du point de vue des intérêts des Etats-Unis eux-mêmes.
Un tel processus ébranlerait la stabilité et mettrait peut-être fin aux régimes eux-mêmes. Aussi les gouvernements arabes n’ont-ils pas hésité, en dépit du risque que cela comportait pour leur avenir, à manifester leur désaccord avec Washington et à s’employer à convaincre les Etats-Unis de revenir sur leur décision.
C’est qu’il ne s’agit pas là d’intérêts partiels relatifs à l’état en tant que tel ou la société, mais du destin des gouvernements et des régimes dans leur totalité. En moins de deux ans, les gouvernements arabes ont réussi, sans réaliser le moindre changement, à convaincre Washington que les ambitieux projets de réformes ne sont de l’intérêt de personne, ni des gouvernements du Moyen-Orient, ni des Etats-Unis. Et avec l’apaisement sécuritaire survenu en Irak et le lancement de nouveaux pourparlers de paix à Annapolis, les choses ont repris leur cours, ou presque.
Ainsi peut-on dire qu’à la faveur d’intérêts convergents, les gouvernements arabes ont compris l’Amérique mieux qu’elle ne l’a fait elle-même ; ils l’ont aidée à revenir sur la bonne voie pour conserver ses intérêts, étant donné que ces intérêts sont impliqués de fait avec les intérêts des forces arabes sur lesquelles est fondé l’ordre actuel ou le système traditionnel, qui a succédé au mouvement nationaliste arabe. La base de ce système et l’alliance américano-arabe qui le sous-tend, c’est l’intérêt commun à écarter les peuples arabes de la maîtrise de leur destin et les priver de leur souveraineté.
Dans cette lutte, comme dans les nombreuses autres luttes liées à la réforme et au changement, les gouvernements arabes, sous toutes leurs formes, ont utilisé -et utilisent - l’hostilité envers l’Occident pour détourner l’attention de l’opinion publique arabe des problèmes et des défis intérieurs et diriger sa rancœur vers l’extérieur. Dans ce contexte, ils ont œuvré -et oeuvrent toujours- pour répandre une forme d’hostilité qui , au-delà d’un refus des politiques occidentales , va jusqu’au refus de la civilisation, de la culture et de tout ce qui concerne l’histoire et l’identité des pays occidentaux.
Ils ont tiré profit -et tirent profit - de certains courants racistes occidentaux pour faire de la haine de l’Occident en tant que tel, un moyen pour ériger une barrière infranchissable entre l’opinion publique et les acquis de la modernité politique, législative et civique, mobiliser l’opinion derrière eux et se présenter, eux et leurs régimes, comme la citadelle qui protège de la domination étrangère, -culturelle et politique.
Ainsi les régimes arabes ont réussi à lier les politiques occidentales et américaines avec la culture, la civilisation et l’ identité de l’Occident, au lieu de les imputer aux élites dominantes, telles les néo-conservateurs à Washington ; ils ont transformé l’hostilité aux politiques occidentales en hostilité à l’Occident et à faire de la mobilisation permanente contre lui un substitut pour justifier nombre de leurs propres choix stratégiques et politiques, ce qui empêche la cristallisation de toute politique arabe positive, utile et efficace, visant l’opinion publique occidentale et œuvrant auprès d’elle pour défendre les intérêts et les droits des Arabes..
Certes, de nombreuses raisons poussent les peuples arabes à éprouver de l’hostilité envers l’Occident, sans faire la distinction entre les politiques d’un état et la culture de la société, et à ignorer les divisions de son opinion publique. Parmi ces raisons, le manque de considération pour les droits des Arabes, la mauvaise image qui en est donnée, la présentation négative de leur culture dans la presse écrite et les moyens audiovisuels ; de plus, à la suite du développement des mouvements terroristes liés au monde arabe, surtout après les évènements de septembre 2001, sont apparus des manifestations de mépris et de dénigrement envers les Arabes, regardés comme des sociétés non civilisées, et des sentiments nouveaux fondés sur la peur, la haine et la méfiance, et même le désir de vengeance, comme l’a montré la dernière guerre d’Irak avec son cortège de tortures et de traitements cruels et inhumains envers les prisonniers irakiens et les civils.
Malgré cela, il n’est pas de l’intérêt des Arabes de confondre les politiques occidentales et les sociétés qui leur sont assujetties, et de considérer ces politiques comme le reflet naturel de leur culture, voire de leurs intérêts nationaux lointains. De même, c’est une erreur de regarder l’Occident, avec tout ce qu’il comporte ou crée, comme s’il était le mal ou la source du mal ; c’est aussi une grande erreur de confondre pouvoir et société dans quelque pays que ce soit. Cela ne sert qu’à cacher notre échec à cristalliser des politiques capables d’influer sur les politiques des grandes puissances.
Cela crée un ogre mythique qu’on ne peut affronter, devant lequel nous n’avons pas le choix : l’insulter et le maudire en pensée et, dans les faits, traiter avec lui et nous y soumettre, comme c’est le cas. En réalité, l’Occident, avec l’Amérique, n’est ni un ogre ni un bloc impénétrable. Il est parcouru de courants nombreux qui ne sont pas nécessairement animés d’une hostilité foncière envers les Arabes ou les peuples pauvres. Et il n’est pas de notre intérêt d’ignorer ces forces ; nous ne pouvons pas, vis-à-vis de l’Occident, espérer construire une politique qui garantisse notre indépendance et nos droits, contre les politiques agressives de ses gouvernements, sans reconnaître ces courants et entretenir une relation positive avec eux.
Peut-être ces forces démocratiques qui aspirent à un monde où règnent la paix et la justice, sont-elles bien plus grandes en Occident que dans les pays arabes eux-mêmes. Et peut-être leur capacité à offrir leur concours au causes arabes est-elle bien supérieure à ce que peuvent offrir les forces arabes elles-mêmes.
Pour faire face à l’Occident et ses politiques agressives, nous avons constamment fait appel à un recours venu de l’extérieur, représenté dans un premier temps par l’Union Soviétique. Nous rêvons d’une alliance semblable avec la Chine et la Russie émergentes. Mais nous n’avons pas recueilli un gain notable de cette politique, car les causes qui sont les nôtres restent toutes en souffrance, et cela depuis des décennies, elles se sont même aggravées. La raison en est que la plupart de nos problèmes sont liés à l’Occident, et il n’est pas possible de les résoudre en l’ignorant, que ce soit contre lui ou sans lui.
De même, toutes les forces sur lesquelles nous avons misé et sur lesquelles nous miserons ont besoin de la coopération et de l’amitié de l’Occident pour garantir des intérêts qui nous dépassent et devant lesquels nous ne pesons guère. En réalité, il n’est possible de résister à l’Occident colonialiste et impérialiste, dont nous sommes les premières victimes, qu’avec un Occident démocratique et pacifiste, oeuvrant pour la justice dans le monde, c’est-à-dire de l’intérieur même de l’Occident.
Les peuples qui ont une situation proche de la nôtre et nous-mêmes avons la responsabilité de pousser l’Occident vers une politique positive. Non pas en oeuvrant à construire une large entente entre les états qui souffrent des politiques occidentales seulement, mais surtout en consolidant l’entente et la coopération avec les forces démocratiques occidentales et en les aidant à combattre les visées impériales et impérialistes.
Mais pour y parvenir, il nous faut nous prouver à nous-mêmes que nous sommes attachés aux valeurs de justice, d’égalité, de liberté individuelle et que nous représentons des peuples capables eux aussi de traiter avec le monde sur la base du respect mutuel, de l’indépendance, de la légitimité et de la loi. Nous ne pouvons pas changer la politique de l’Occident et lui imposer le respect de la démocratie mondiale sans nous transformer, sans que nos pays ne deviennent des pays démocratiques respectueux des droits et des gens à la fois, jouissant par conséquent du respect.
Quand je dis nous, je ne veux pas dire les pays arabes seuls mais tous les pays qui subissent aujourd’hui les politiques impérialistes et agressives de l’Occident, avec à leur tête les Etats-Unis d’ Amérique.
13 février 2008 - Confluences Méditerranée - Vous pouvez consulter cet article à : http://www.confluences-mediterranee.com/

mardi, mars 04, 2008

LIBAN Autant en emporte le vent

5 février 2008 - Confluences méditerranée

Depuis l’expiration du mandat du président pro-syrien Emile Lahoud, le 23 novembre, le Liban est privé de chef de l’Etat. Le gouvernement de Fouad Siniora et l’opposition dominée par le Hizb Allah se sont mis d’accord sur le choix du chef de l’armée, le général Michel Souleïmane, comme candidat de consensus à la présidence. Mais, pour que le nouveau président puisse être élu par le parlement, le quorum des deux tiers des députés doit être réuni.
Or l’opposition refuse de participer à une séance du Parlement avant d’arriver avec la majorité à un accord sur le gouvernement futur, dit d’union nationale, dans lequel l’opposition revendique le droit de blocage. Ainsi, pour la douzième fois depuis le 25 septembre, l’élection du président libanais sera de nouveau reportée. Mais chacun des deux antagonistes campant sur ses propres positions et s’accusant mutuellement de bloquer le processus de l’élection du nouveau président, il y a très peu de chance de voir la situation rapidement évoluer.
En effet, l’assassina du Président du Conseil Rafiq Hariri le 14 mars 2005, suivi par le départ précipité des troupes syriennes contrôlant le Liban depuis 1975, a ouvert l’une des plus grandes crises politiques que le pays a connu depuis sa sortie de la longue guerre civile de 15 ans. À la division confessionnelle traditionnelle de la société libanaise s’est ajoutée une division politique entre une majorité parlementaire pro-occidentale et une minorité dominée par Hizb Allah pro-iranien.
Articulé sur des rivalités régionales opposant l’axe Téhéran-Damas au camp conservateur arabe dominé par l’Arabie Saoudite et Le Caire, le conflit interne libanais se trouve doublé d’un conflit régional interarabe recoupant lui-même un conflit international qui, après l’enlisement américain en Irak et l’échec de la politique israélienne en Palestine, fait du contrôle du Liban un des principaux enjeux stratégiques.
Dès le début de la crise, tous les protagonistes, internes, régionaux et internationaux, avaient conscience que le sort du Liban ne se joue pas sur le territoire libanais et que le vrai défi n’est pas de trouver une répartition équitable des postes ministériels au sein du gouvernement libanais, mais de palier à la crise de la stratégie occidentale, américaine en particulier, dans la région.
Face à l’intransigeance iranienne dans l’affaire de l’enrichissement de l’Uranium, les capitales européennes, faisant pression sur les va-t-en-guerre à Washington, favorisent les négociations. Elles ne voient d’autre issue à l’impasse que le dialogue avec Damas. En espérant détourner la Syrie de son alliance stratégique avec Téhéran, les Européens pensaient atteindre d’une pierre deux objectifs : stabiliser le régime libanais de 14 mars et favoriser l’approche politique de l’affaire iranienne contre l’option militaire.
Ainsi, le langage du dialogue avec Damas va remplacer, dès la fin de 2005, la logique de l’intimidation, et l’ostracisme imposé à la Syrie, dans le sillage de la mise en place de l’enquête sur l’assassinat du Hariri, n’a plus de raison d’être. La nouvelle approche n’a pas été, contrairement à l’apparence, sans effets. Elle a donné des résultats tangibles à travers le changement d’attitude de Damas et sa coopération efficace dans deux des grands dossiers conflictuels : Irakien et palestinien.
Les Syriens ont accepté de mettre fin à l’infiltration des combattants islamistes à travers leurs frontières et, contre l’avis des Iraniens, Damas a accepté de participer à la conférence d’Annapolis, après avoir annoncé clairement que la solution de la question palestinienne relève de la seule compétence des Palestiniens. Ce sont ces succès mêmes du dialogue avec Damas qui ont encouragé les Occidentaux, comme leurs alliés arabes à Riad et au Caire, à s’attaquer avec espoir au dossier libanais. Plusieurs projets de compromis, sous forme de médiation, ont été tentés à l’égard de Damas, dont les plus importantes restent sans doute l’initiative française (visite de Bernard Kouchner à Beyrouth les 18-22) et celle de la ligue des Etats arabes qui vient d’échouer.
L’objectif a été, il est toujours, de neutraliser le Liban ou de le soustraire aux multiples conflits et confrontations qui opposent les acteurs régionaux et internationaux. Pour y arriver on a essayé de rassurer Damas sur sa position et celle de ses alliés au Liban. On lui a promis également l’ouverture et la coopération de l’Europe, des aides économiques, la signature de l’accord de partenariat euro syrien, une éventuelle ouverture des négociations sur le Golan.
Il en va de même en ce qui concerne la Ligue arabe qui a promis à Damas contre sa collaboration au Liban de mettre fin à son isolement et d’ouvrir la porte de la coopération économique et politique. L’échec de l’initiative française, très critiquée en France comme au Liban, celui de la Ligue arabe, plonge le Liban dans le désespoir et risque de menacer les réalisations précédentes sur le dossier irakien et palestinien. Ainsi, Les Syriens se rétractent. Ils reviennent au discours de la résistance et donnent leur accord pour la tenue, le 23 janvier dernier, de la conférence de l’opposition palestinienne à Damas, ce qui avait été refusé il y seulement deux mois.
Qu’est-ce qui rend le dialogue avec Damas sur le Liban si difficile ? Il est évident pour tous ceux qui connaissent la configuration des forces dans la région que le Liban occupe une position particulière dans la stratégie syrienne. D’une part le contrôle de son gouvernement permet au régime syrien d’espérer pouvoir desserrer l’étau du tribunal international qui reste la source d’angoisse principale de Damas. D’autre part, le contrôle de la scène libanaise constitue la pierre angulaire de l’axe Damas Téhéran sur lequel se base toute la stratégie de survie du régime baathiste.
Abandonner le Liban ou y accepter une position d’infériorité stratégique laisse Damas, aux yeux de ses dirigeants, sans atout, voire désarmé face à ses multiples adversaires dans la région. En préparant la démilitarisation du Hizb Allah, que les Syriens considèreNT comme leur seule véritable armée face à Israël, un recule mal calculé au Liban risque de miner profondément sa position régionale et de sonner le glas de l’alliance stratégique avec Téhéran.
Bref, Damas pense que faire des concessions au Liban avant de sécuriser sa position stratégique globale est un risque majeur qui équivaut à un suicide. Les Syriens pensent même que les concessions consenties à leurs interlocuteurs occidentaux et arabes en Irak et en Palestine ont été faites dans l’intention d’obtenir une contrepartie au Liban à leur profit. Ils pensent qu’elles devraient les habiliter à y préserver leurs intérêts majeurs et maintenir une position prépondérante. C’est ce que Damas continuera à chercher.
Ceci dit, pour débloquer la situation au Liban, les dirigeants syriens demandent aux Occidentaux et aux arabes d’accepter de sortir au préalable le régime syrien de l’impasse dans laquelle il a été mis à cause de la rupture occidentale, des sanctions internationales de 2004, et de l’isolement arabe à la suite de l’assassinat du premier ministre Rafiq Hariri en 2005. Or, régler le problème libanais en premier prive Damas de toute carte de pression dans ses négociations futures et menace l’existence même de l’axe stratégique Damas-Téhéran-Hizb Allah, sur lequel se fonde tout l’espoir du régime syrien.
L’on voit ici à quel point les crises nationales et internationales sont enchevêtrées et entremêlées, les une renforçant les autres. Cela dit, il est de plus en plus difficile d’envisager des solutions individuelles, qui ne peuvent qu’apparaître d’ailleurs aux yeux des uns et des autres comme des manœuvres politiques face aux crises nationales de la région. Seule une approche globale susceptible de prendre en compte l’étroite interdépendance des problèmes posés est en mesure d’aider l’ensemble du Moyen-Orient à sortir de la crise généralisée qu’il connaît. Une telle approche demande de répondre aux aspirations légitimes de toutes les parties, et dépend de la capacité des puissances extérieures de changer profondément leur approche géostratégique de la région.
La politique américaine de tutelle, d’occupation, de multiplications des bases militaires à travers la région, d’intimidations et de menaces, doit être remplacée par une politique de respect mutuel et de coopération. Cela doit inciter les grandes puissances occidentales à agir dans le sens de la normalisation des relations interétatiques : entamer le dialogue avec Téhéran afin de mettre fin à l’isolement qui lui est injustement imposé depuis le renversement de la monarchie en 1979, encourager la coopération entre les pays arabes, instaurer un climat de paix et de sécurité, redonner un espoir aux peuples meurtris, favorisant ainsi les conditions de l’éclosion d’une véritable démocratie dans la région.
A défaut d’une telle approche globale, la crise ira s’aggravant, et aucun compromis local ne sera viable, quelques soient les efforts consentis. L’état de confrontation qui polarise le Moyen Orient continuera d’en amplifier les divisions et à y augmente les besoins et la demande des interventions extérieures.
5 février 2008 - Confluences méditerranée - Vous pouvez consulter cet article à : http://www.confluences-mediterranee.com/v2/spip.php?article1948