vendredi, janvier 31, 2014

لماذا البدء بهيئة الحكم الانتقالي




كثير من السوريين الذين يتابعون مفاوضات جنيف التي لم تبدأ حقيقة بعد يسألون مالفرق بين جنيف١ وجنيف ٢، وما قيمة هذا وذاك في المفاوضات.
جنيف١ يشير اليوم إلى بيان صدر في 30 حزيران/يونيو 2012 عن مؤتمر عقد في جنيف لمجموعة العمل من أجل سورية، رسمت فيه مباديء لحل الازمة السورية، وتعبيد الطريق نحو المصالحة والسلم الأهلي. ومن أهم مبادئه: وقف إطلاق النار وسحب الاسلحة الثقيلة من المدن وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين لها وتشكيل هيئة حكم انتقالي تتمتع بكامل السلطات التنفيذية، ويمكن أن تتضمن أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى، وينبغي أن تشكّل على أساس من التوافق المتبادل.

وبعد فشل بعثة المراقبين الدوليين، التي ارسلها المبعوث الدولي كوفي أنان، في تحقيق وقف جدي لإطلاق النار، وعلى اثر استخدام النظام السوري الاسلحة الكيماوية في ريف دمشق، صوت مجلس الامن في ٢٧ ايلول ٢٠١٣ على قرار جدبد طالب فيه، إضافة إلى تدمير السلاح الكيماوي، بالعودة إلى تطبيق بيان جنيف واحد، لكن هذه المرة بدءا من تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات.

سبب البدء بتشكيل الهيئة هو ضمان وجود آلية لتطبيق النقاط الخمس الأخرى.

هكذا أصبح بيان جنيف١ بنقاطه الست هو خريطة الطريق أو الخريطة التي تدلنا على الطريق، وتحولت هيئة الحكم الانتقالي إلى الحصان الذي نحتاجه للوصول إلى هدفنا في نهاية الطريق.

من هنا إصرار الائتلاف والمعارضة على أن يعطى هئة الحكم الانتقالية الأولوية، لأنه لايمكن من دونها التوصل إلى اي اتفاق حول البنود الأخرى.
ولو تأملنا قليلا في الموضوع لوجدنا أن مفهوم الهيئة الانتقالية كما جاء به القرار الدولي هو التوصل إلى اتفاق بين الأطراف، أو اتفاق وطني يخلق بالتأكيد أرضية مشتركة لعمل وطني منظم قادر على مواجهة تحديات الفوضى والخراب وإعادة البناء القانوني والسياسي والانساني.

فكما أن رسم معالم الطريق لا يكفي للوصول إلى الهدف، وأنه كيما يصل المرء إلى آخر الطريق لا بد له من مركبة تحمله، كذلك يحتاج العمل على نقل سورية من الاستبداد والعنف والخراب إلى الديمقراطية التعددية إلى قوة قادرة على مصالحة الشعب مع نفسه وتوحيده وتامين القوة المتسقة التي تساعده على تحقيق أهدافه.

هذا هو جوهر الخلاف الذي يعرقل التقدم في جنيف: وفد النظام يريد أن يعيد سيرة وتجربة كوفي أنان التي بدأت بوقف إطلاق النار ولم تصل لنتيجة لأن وقف الحرب يستدعي أن يتفق الطرفان أو الأطراف على شروط السلام، بينما يريد وفد المعارضة التفاهم حول بناء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات تفوم بالتوافق بين السوريين، وبالتالي تؤسس للسلام وتضمن وضع حد للحرب، والدخول في منطق المصالحة الوطنية واعادة الاعمار على كل الجبهات، الأخلاقية والسياسية والعسكرية.

لكن حتى يمكن إنشاء مثل هذه الهيئة التي ستحل محل النظام القائم، لابد من التفاهم بين الأطراف على هوية سورية المستقبل وقيمها ومباديء حكمها السياسي، وكل ما يضمن المشاركة المتساوية لجميع السوريين في بناء سورية الجديدة، أي التوافق على مضمون ومعنى الديمقراطية السورية المنشودة.

جنيف: لن يفعل النظام السوري في جنيف ما عجز عن فعله في السابق


الخميس 30 كانون الثاني 2014،   آخر تحديث 05:58
أشار عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض برهان غليون، إلى اننا "لا ننتظر الكثير من مؤتمر جنيف 2، فعندما ناقشنا الحضور الى مؤتمر جنيف في الائتلاف السوري المعارض كان رأيي انّنا لن نخرج بأيّ جدوى من جنيف، وما زالت لديّ هذه القناعة"، لافتا إلى ان "النظام الذي لم يتمكن خلال ثلاث سنوات من تقديم أيّ اقتراح لشعبه أو أي مبادرة تخفّف من روح القتال والعنف، وانتهج التصعيد حتى وصل لاستخدام السلاح الكيمياوي، لن يفعل في جنيف ما عجز عن فعله في السابق، ومن يتوقع نتائج إيجابية من جنيف يكون واهماً".
وأوضح في حديث صحفي اننا "جئنا إلى جنيف لكي نضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته، ولنقول إنّنا لسنا الجهة المعرقلة للحلّ السياسي ومستعدّون للحلّ السياسي ولكلّ مقتضياته، ولنظهر للعالم انّ الحل موجود على قاعدة قرار مجلس الامن 2118، وأنّنا قابلون بهذا القرار ومستعدّون لتنفيذه. ولربّما تمكّنا من خلق جوّ إيجابي يسمح ولو جزئيّاً بفكّ الحصار عن شعبنا، ووقف العنف وإطلاق الأسرى".
ورأى غليون ان "ما حصل في جنيف مُحزن وغير كافٍ على الإطلاق، الناس يموتون يوميّاً بالعشرات، هذا أقلّ بكثير ممّا ينبغي ان يتحقق"، وقال: "أعتقد  أنّ هذا يدعو لليأس، نحن في جنيف منذ اسبوع، لكنّ وفد النظام يرفض ان يفتح أيّ نقاش في كلّ ما يتعلق بالتحوّل والتغيير السياسي الذي هو أصل الأزمة، فالأزمة أصلاً سياسية وليست امنية. الامن استُخدم من قِبل النظام للضغط على الشعب والتغطية على الأزمة السياسية".
واعتبر انه "يجب أن نعود إلى أصل المشكلة، هناك قرار من قِبل النظام بتجويع شعبه، ومعاقبته على مواقفه أو لدفعه لموالاته رغماً عن قناعاته، وهو استخدم التجويع كسلاح، هذه السياسة تُعتبر في المواثيق الدولية جريمة ضدّ الانسانية، يجب ان يُعاقب عليها ولا تكون موضع تفاوض، لافتا إلى ان "الائتلاف يرفض المفاوضات والتنازلات السياسية لقاءَ وقف انتهاكات جنونية وصارخة لحقوق الانسان، وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية ان يجبروا النظام للكفّ عن هذه الانتهاكات وفتح الممرّات الإنسانية لكلّ المناطق.
وأضاف: "على المجتمع الدولي أخد إجراءات حاسمة في التدخّل لفتح الطرق، ويمكن حلّها بدون تدخّل عسكري إذا اتفق الأميركيّون والروس. وإذا أرادوا العمل جدّياً بهذا الاتّجاه يجب الضغط من خلال مجلس الأمن لإدانة الحصار باعتباره وسيلةً وسلاحاً لكسب المعركة، لأنّها وسيلة لا تختلف عن السلاح الكيماوي وتهدف للقتل الجماعي، على المجتمع الدولي التصرّف لإدخال المساعدات، وألّا يكون شريكاً في جريمة قتل شعب كامل".

jeudi, janvier 30, 2014


لماذا البدء بهيئة الحكم الانتقالي 

كثير من السوريين الذين يتابعون مفاوضات جنيف التي لم تبدأ حقيقة بعد يسألون مالفرق بين جنيف١ وجنيف ٢، وما قيمة هذا وذاك في المفاوضات.
جنيف١ يشير اليوم إلى بيان صدر في 30 حزيران/يونيو 2012 عن مؤتمر عقد في جنيف لمجموعة العمل من أجل سورية، رسمت فيه مباديء لحل الازمة السورية، وتعبيد الطريق نحو المصالحة والسلم الأهلي. ومن أهم مبادئه: وقف إطلاق النار وسحب الاسلحة الثقيلة من المدن وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين لها وتشكيل هيئة حكم انتقالي تتمتع بكامل السلطات التنفيذية، ويمكن أن تتضمن أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى، وينبغي أن تشكّل على أساس من التوافق المتبادل.

وبعد فشل بعثة المراقبين الدوليين، التي ارسلها المبعوث الدولي كوفي أنان، في تحقيق وقف جدي لإطلاق النار، وعلى اثر استخدام النظام السوري الاسلحة الكيماوية في ريف دمشق، صوت مجلس الامن في ٢٧ ايلول ٢٠١٣ على قرار جدبد طالب فيه، إضافة إلى تدمير السلاح الكيماوي، بالعودة إلى تطبيق بيان جنيف واحد، لكن هذه المرة بدءا من تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات.

سبب البدء بتشكيل الهيئة هو ضمان وجود آلية لتطبيق النقاط الخمس الأخرى. 

هكذا أصبح بيان جنيف١ بنقاطه الست هو خريطة الطريق أو الخريطة التي تدلنا على الطريق، وتحولت هيئة الحكم الانتقالي إلى الحصان الذي نحتاجه للوصول إلى هدفنا في نهاية الطريق. 

من هنا إصرار الائتلاف والمعارضة على أن يعطى هئة الحكم الانتقالية الأولوية، لأنه لايمكن من دونها التوصل إلى اي اتفاق حول البنود الأخرى. 
ولو تأملنا قليلا في الموضوع لوجدنا أن مفهوم الهيئة الانتقالية كما جاء به القرار الدولي هو التوصل إلى اتفاق بين الأطراف، أو اتفاق وطني يخلق بالتأكيد أرضية مشتركة لعمل وطني منظم قادر على مواجهة تحديات الفوضى والخراب وإعادة البناء القانوني والسياسي والانساني. 

فكما أن رسم معالم الطريق لا يكفي للوصول إلى الهدف، وأنه كيما يصل المرء إلى آخر الطريق لا بد له من مركبة تحمله، كذلك يحتاج العمل على نقل سورية من الاستبداد والعنف والخراب إلى الديمقراطية التعددية إلى قوة قادرة على مصالحة الشعب مع نفسه وتوحيده وتامين القوة المتسقة التي تساعده على تحقيق أهدافه.

هذا هو جوهر الخلاف الذي يعرقل التقدم في جنيف: وفد النظام يريد أن يعيد سيرة وتجربة كوفي أنان التي بدأت بوقف إطلاق النار ولم تصل لنتيجة لأن وقف الحرب يستدعي أن يتفق الطرفان أو الأطراف على شروط السلام، بينما يريد وفد المعارضة التفاهم حول بناء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات تفوم بالتوافق بين السوريين، وبالتالي تؤسس للسلام وتضمن وضع حد للحرب، والدخول في منطق المصالحة الوطنية واعادة الاعمار على كل الجبهات، الأخلاقية والسياسية والعسكرية. 

لكن حتى يمكن إنشاء مثل هذه الهيئة التي ستحل محل النظام القائم، لابد من التفاهم بين الأطراف على هوية سورية المستقبل وقيمها ومباديء حكمها السياسي، وكل ما يضمن المشاركة المتساوية لجميع السوريين في بناء سورية الجديدة، أي التوافق على مضمون ومعنى الديمقراطية السورية المنشودة.

mardi, janvier 28, 2014

وضعنا في المفاوضات هو الأقوى



لم يحن بعد وقت تقييم المرحلة الاولى من المفاوضات. لكن الجميع يعترف اليوم، من الامم المتحدة الى الدبلوماسية الدولية الى الصحافة العالمية، بالموقف الايجابي للمعارضة السورية، التي اكدت التزامها بتطبيق القرارات الدولية الرامية الى ايجاد حل سياسي للصراع السوري، تماما كما يدرك الجميع ان الذي يسعى بكل الوسائل الى تقويض المفاوضات السياسية هو وفد الاسد وحكومته اللاشرعية، التي قررت التصعيد العسكري والسياسي، والتلاعب بالملف الانساني، لاحباط الراي العام السوري، وتأليبه على مفاوضات تبدوا اكثر فاكثر من دون نتائج ملموسة سريعة.

اريد في هذه اللحظة ان اقول لكل السوريين الذين يتابعون هذه المفاوضات لحظة بلحظة، يحدوهم الامل بان تكون فاتحة لانفراج قريب، ان الامور لا تسير ولن تسير كما نشتهي.
ولايمكن ان نتوقع ان تحسم مفاوضات ايام او اسابيع ما لم تنجح في حسمه سنوات ثلاث من القتال المرير الذي كلف الشعب والبلاد ربما نصف مليون شهيد.

لكن المهم ان نعرف ان الطغمة الحاكمة تعيش اليوم حالة رعب بسبب انكشافها السياسي وفقدانها اي هامش للمناورة واضطرارها الى اللقتال وظهرها الى الحيط، مع فقدانها، بنفور الصينيين والروس واشمئزازهم من سلوكها، اي هامش، مهما كان محدودا، للمناورة.

لن نحقق شيئا كثيرا في الايام وربما الاسابيع القادمة من المفاوضات، لكننا لن نغامر، ولا ينبغي علينا ان نغامر بالانسحاب، بسبب ذلك، ونفك اسرها السياسي.

لقد أتانا المجتمع الدولي بها الى جنيف بصعوبة ومشقة بالغة وتحت ضغوط كبيرة متواصلة، وقدم لنا من دون ان يقصد او ربما قاصدا، الفرصة المثالية لنجلدها امام انظار العالم وبتأييده. هذه مهمتنا، ولن نتخلى عنها طالما كان ذلك ممكنا.
بدل دعوة المفاوضين الى التوقف عن جلدها ينبغي ان نوسع دائرة المشاركة في الجلد، ونقدم لجالياتنا في الخارج، ولكل السوريين القادرين، وسائل العمل لتهشيم وجهها وتحطيم ارجلها وقطع اذرعها المتناثرة، وان ندعم الجلد السياسي والاعلامي بالضربات العسكرية القوية والمتناسقة.
فعلى شبابنا الابطال في ارض الميدان ان يستمروا في تلقينها دروسهم القوية الى ان تخور قواها وتكسر ارادتها. 

كل يوم يمر يزيد من عزلة هذه الطغمة وفضيحتها ويحولها الى عصابة قتلة في عين العالم اجمع وليس في عين السوريين وحدهم.

mardi, janvier 14, 2014

lundi, janvier 06, 2014

حتى لا نعود إلى حروب داعش والغبراء



لا يمكن لسوري أن لا يتمزق أسا على أرواح أبناء سورية، من المنتمين لدولة العراق والشام المغرر بهم، مثلما هو الحال بالنسبة لجميع الشهداء السوريين الآخرين الذين يسقطون في جبهات القتال، أو تحت قصف القنابل الفراغية والعنقودية وغيرها من الأسلحة التدميرية.

ولا يمكن لأحد ألا يحزن لسقوط مئات الشباب من السوريين وغير السوريين الذين حكم عليهم بالفناء في الصراع الدامي الذي افتتحته دولة الشام والعراق بسعيها إلى فرض سيطرتها الاحادية على المناطق المحررة، والاستفراد بتقرير مصير شعب لا يزال يضحي بالآلاف من أبنائه، منذ ما يقارب السنوات الثلاث، لانتزاع حريته وحقه في أن يكون سيد أمره وحرا في وطنه. 

أرادت داعش أن تعيد تجربة البعث المقبور وأن تفرض إرادتها ورؤيتها على شعب سورية وتستفرد بحكمها من دون الآخرين، اي اغلب السوريين، وكانت النتيجة ثورة من داخل الثورة لاستعادة البلاد لأصحابها ووقف عملية السلب المادية والسياسية، ووضع حد للاحتلال الزاحف. 

سورية منذ ثورة الثامن من آذار ٢٠٠١١، وبصرف النظر عن استمرار النظام البائد، دولة حرة لشعب حر، ولن يستطيع احد أن يفرض سلطته عليهما بالقوة والعنف، وسيكون العنف الرد الحتمي على أي محاولة، من أي طرف جاءت، تستهدف سيادة الشعب المستعادة على أرضه وتحلم بأن تنزع منه حقه في تقرير مصيره، لصالح فريق يدعي شرعية غير مستمدة من إرادة الناس ومشاركتهم، بكل ما يمثلونه من تنوع وتباين في الآراء والأقوام والمذاهب.

سورية منذ الثامن عشر من آذار ملك لشعبها بأكمله، ولن يمكن حكمها، ولا إقامة أي دولة فيها، من دون أن يعترف الجميع بحقوق الجميع المتساوية في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها. 

يعني هذا أن هذه الحرب التي جاءت كرد فعل على محاولة داعش مصادرة إرادة الشعب وقطع الطريق على استعادته ملكية بلاده، ليست ولا ينبغي أن تكون ضد أي فكر أو اعتقاد، إسلاميا كان أم وطنيا عاما. فمسائل الخلاف الفكري والاعتقادي والمذهبي لا حل لها إلا بالحوار والنقاش والاحتكام للحجة العقلية والفكرية. إنها حرب ضد طغيان فئة على المجتمع كله، وسعى مجموعة، مهما كانت، وكائنة من كانت، إلى السيطرة على مقدرات البلاد وحرمان الشعب، من حقه في اختيار القيادة التي يرغب فيها، والطريق التي يريد اتباعها، والسياسة التي يعتقد أنها تخدم مصالحه، من دون فرض ولا إكراه. 

وليس هناك سبيل لتطمين جميع السوريين على حياتهم ومستقبلهم، وتذويب الفوارق بين اصحاب الراي والاعتقاد، إلا الاتفاق على العمل سوية للخلاص من الوحش القابع على صدور كل السوريين، وإسقاط نظام البغي والطغيان، بصرف النظر عن اختلاف الآراء والمذاهب والأجناس والأفكار، مع ترك مسألة تقرير مستقبل سورية وطبيعة حكمها ونظامها القادم للشعب السوري بأكمله، وبمشاركة جميع أبنائه من دون مصادرة ولا إقصاء.

من دون ذلك سوف ندخل وبلادنا في نفق خطير لن نخرج منه، تفرخ فيه الحرب حروبا متتالية لا تتوقف، تتواجه فيها القوى المتنافسة على فرض سيطرتها على البلاد واحدتها تلو الأخرى، ضد إرادة الآخرين، ومن دون أي اعتبار لخياراتهم وآرائهم وتطلعاتهم، تماما كما حصل ولا يزال في افغانستان والصومال وغيرها من البلدان التي ضيعت معنى الدولة وفقد فيها الشعب وحدته ومضمونه وصارت نهبا لأمراء الحرب ومرتعا لتجارها.

في أصل الفصام بين خطاب المعارضة وأفعالها



استوقفني أحد اصدقاء الصفحة الذي يسأل عن حق: "لماذا هذا الفصام بين خطابكم الجميل هذا وبين افعالكم كمعارضة"

وجوابي أن المعارضة ليست فردا واحدا، وإنما مجموعة كبيرة من الاتجاهات والاجتهادات والقوى والتنظيمات. وما ينتج عنها من عمل وحركة هو محصلة تفاعل هذه الجماعات: انسجاما وتناقضا. ومن الطبيعي أن تكون المحصلة مختلفة كليا عن مواقف وسلوك كل شخص أو كل مجموعة فيها. وإذا كانت التناقضات قوية داخل صفوفها يمكن أن تكون النتائج مختلفة كليا بل مباينة لفكر وسلوك كل فرد فيها، بل من الممكن أن تكون المحصلة تحييدا متبادلا لجميع القوى وشللا كاملا أو جزئيا. وهذا عكس النظام الديكتاتوري الذي يلغي التعدد ويفرض راي الفرد المستبد الواحد. 
من هنا ايضا يقال دائما أن الديمقراطية أصعب بكثير كنظام حكم من الديكتاتورية لأن التحرك للأمام يحتاج إلى اتساق حركة الجميع. وضمان مثل هذا الاتساق يحتاج إلى فهم مشترك وثقافة عامة مشتركة واسعة، وتوافق على القواعد والقيم والمعايير الرئيسية، وبالتالي لتربية ديمقراطية بالمعنى الحرفي للكلمة. والتعددية من دون هذه التربية تتحول حتما إلى فوضى، لكن بالمقابل لا يمكن لهذه التربية أن تحصل من دون انخراط المجتمعات في التجربة وتعلم طرائق العمل الديمقراطي الذي لا يقصي أحد ولا يلجأ لأي عنف أو إكراه وينشد التوصل إلى إجماعات عامة من خلال النقاش والحوار والعمل على الرأي العام. 
وهذا بعكس الديكتاتورية التي تختصر الطريق من القول إلى الفعل بجرة قلم كما حصل في النظم الشيوعية والديكتاتورية ومنها ديكتاتورية الأسد. لكن خطر الديكتاتورية في المقابل هو انها يمكن أن تقود إلشعب والبلاد في طريق مسدود وخاطيء كليا نتيجة تحكم الشهوة وحب السيطرة والاستفراد بقرار أصحابها، وأن تؤدي، كما حصل لنا في العقود الماضية، إلى كارثة تدمر كل ما تحقق من إنجازات بغمضة عين. 
في الديمقراطية الحركة بطيئة ومتعثرة وصعبة المنال، وتحتاج إلى تعلم منهج العمل المشترك والعمل كفريق واحترام حقوق كل فرد وتدريبه على العمل العام، أي إلى ثقافة عامة ومدنية عميقة. أما الديكتاتورية فهي تستمد قوتها من الوحشية التي تدب الخوف والذعر وتضمن الاستسلام والاذعان من قبل الجميع، وتكون نتائجها مرهونة بشخصية الفرد الديكتاتور. فإذا كان شريرا، كما هو حالنا، وجدنا أنفسنا في أوضاع أكثر من مأساوية وربما في خطر الانحلال والتفكك والزوال. ولذلك قيل أن جميع نظم السلطة سيئة لكن النظام الديمقراطي هو أقلها سوءا.
ونحن نقول ما بني على باطل، وهذه قاعدة الاستبداد، فهو باطل، ولا يمكن أن يدوم. وبالمقابل دلت تجربة الشعوب المتقدمة على أن التراكم الذي يحصل على أسس سليمة قائمة على مشاركة جميع أبناء الشعب ورضاهم هو وحده الذي يستمر ويدوم ويحقق النهضة والازدهار.

dimanche, janvier 05, 2014

بين ثمن الرفض ومخاطر القبول



لا يزال مؤتمر جنيف٢ المحور الرئيسي لاجتماعات قوى المعارضة المختلفة. وبعد رفض المجلس الوطني المشاركة في المؤتمر، ينعقد اليوم اجتماع الهيئة العامة للائتلاف لتحديد موقفها من الموضوع ذاته. ويدور النقاش هنا كما بين صفوف المعارضة بأكملها، من دون تغيير تقريبا منذ ما يقارب العام، بين من يريد الذهاب إلى جنيف ومن يرفض هذا الذهاب.مما يعطي الانطباع بانقسام المعارضة، ومن وراء ذلك، بالعجز عن اتخاذ قرار قبل أقل من عشرين يوم على التاريخ المفترض لعقد المؤتمر.

لا اعتقد أن المطلوب من المعارضة أن تعلن في ما إذا كانت ستذهب للمشاركة أم لا،وإنما كيف تساهم في تطبيق قرار مجلس الأمن الذي قبلته، وبالتالي أن تقول كيف يمكن لمؤتمر جنيف أن يكون ناجحا ويحقق أهدافه، وما هي الشروط التي ينبغي أن تتوفر له كي يتحول إلى فرصة لتطبيق قرار مجلس الأمن والخروج فعلا بحل سياسي، أي بهيئة تنفيذية كاملة الصلاحيات، تحل محل السلطة المجرمة القائمة، ولا يكون وسيلة للتغطية على استمرار القتل والدمار، ولا فرصة لتهرب نظام الأسد من جرائمه والمجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه الشعب السوري. 

الاجابة بالرفض البسيط يسهل المهمة على نظام الأسد ويضع المعارضة في تباين كبير مع ما يسمى الشرعية الدولية، أي قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة. لكن في المقابل إن الإجابة بنعم من دون اتخاذ الضمانات التي تمنع تحويل المؤتمر إلى مضيعة للوقت والجهد قد تعطي للأسد ضمانة بأن يكون الرابح السياسي الأول من جر المعارضة إلى مفاوضات مسمومة.

المعارضة ليست هاوية لاستمرار المقتلة السورية حتى ترفض المبادرات السياسية، لكن لا يحق لها أيضا، في الوقت نفسه، أن تقامر بثلاث سنوات من تضحيات الشعب السوري العظيمة.
حتى لا نقع في مطب اللا أو النعم الذي يعكس غياب السياسة، ينبغي التمسك بشرطين هما المبرر للمؤتمر : 
أولا، أن تعلن سلفا أن موضوع المفاوضات الوحيد ينبغي أن يكون نقل السلطة إلى هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وبالتالي أن تبدأ بتشكيل هذه الهيئة.
وثانيا أن يعلن نظام الأسد التزامه على لسان أعلى سلطة فيه بتشكيل هذه الهيئة التنفيذية كموضوع وحيد للمفاوضات، وترك كل المسائل الأخرى، التي يطالب بطرحها لهذه الهيئة التي ستصبح حال تشكيلها السلطة العليا في البلاد، وعليها يقع عبء مواجهة كل مظاهر المحنة السورية. 
إذا رفضت سلطة الأسد هذين الشرطين المتطابقين تماما مع نص قرار مجلس الأمن وهدفه، تكون هي المسؤولة عن إجهاض المساعي الدولية لايجاد حل سياسي، وإذا قبلته تكون قد أقرت بواجب تنازلها عن السلطة لهيئة الحكم الجديدة.
والحقيقة ما يطلبه مجلس الأمن من المعارضة والنظام ليس تأكيد القبول أو الرفض لقراره وإنما المساهمة في تنفيذ قرار مجلس الأمن القاضي بتشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات، بهدف وقف القتال والاعداد لمرحلة الانتقال نحو سورية ديمقراطية جديدة. 
ولا يحتاج المرء إلى ذكاء عميق حتى يدرك أن نظام الأسد لا يفكر في أي حل سوى الانتقام من الشعب والوطن والاستمرار في تدمير البلاد وقتل السوريين الذين تجرأوا على الانتفاض ضده ورفض سلطة نظرت دائما إلى نفسها على أنها سلطة أبدية، وسلطة الأمر الواقع، والقهر والإكراه، وبالتالي خارج أي مساءلة أو حساب.