lundi, janvier 06, 2014

حتى لا نعود إلى حروب داعش والغبراء



لا يمكن لسوري أن لا يتمزق أسا على أرواح أبناء سورية، من المنتمين لدولة العراق والشام المغرر بهم، مثلما هو الحال بالنسبة لجميع الشهداء السوريين الآخرين الذين يسقطون في جبهات القتال، أو تحت قصف القنابل الفراغية والعنقودية وغيرها من الأسلحة التدميرية.

ولا يمكن لأحد ألا يحزن لسقوط مئات الشباب من السوريين وغير السوريين الذين حكم عليهم بالفناء في الصراع الدامي الذي افتتحته دولة الشام والعراق بسعيها إلى فرض سيطرتها الاحادية على المناطق المحررة، والاستفراد بتقرير مصير شعب لا يزال يضحي بالآلاف من أبنائه، منذ ما يقارب السنوات الثلاث، لانتزاع حريته وحقه في أن يكون سيد أمره وحرا في وطنه. 

أرادت داعش أن تعيد تجربة البعث المقبور وأن تفرض إرادتها ورؤيتها على شعب سورية وتستفرد بحكمها من دون الآخرين، اي اغلب السوريين، وكانت النتيجة ثورة من داخل الثورة لاستعادة البلاد لأصحابها ووقف عملية السلب المادية والسياسية، ووضع حد للاحتلال الزاحف. 

سورية منذ ثورة الثامن من آذار ٢٠٠١١، وبصرف النظر عن استمرار النظام البائد، دولة حرة لشعب حر، ولن يستطيع احد أن يفرض سلطته عليهما بالقوة والعنف، وسيكون العنف الرد الحتمي على أي محاولة، من أي طرف جاءت، تستهدف سيادة الشعب المستعادة على أرضه وتحلم بأن تنزع منه حقه في تقرير مصيره، لصالح فريق يدعي شرعية غير مستمدة من إرادة الناس ومشاركتهم، بكل ما يمثلونه من تنوع وتباين في الآراء والأقوام والمذاهب.

سورية منذ الثامن عشر من آذار ملك لشعبها بأكمله، ولن يمكن حكمها، ولا إقامة أي دولة فيها، من دون أن يعترف الجميع بحقوق الجميع المتساوية في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها. 

يعني هذا أن هذه الحرب التي جاءت كرد فعل على محاولة داعش مصادرة إرادة الشعب وقطع الطريق على استعادته ملكية بلاده، ليست ولا ينبغي أن تكون ضد أي فكر أو اعتقاد، إسلاميا كان أم وطنيا عاما. فمسائل الخلاف الفكري والاعتقادي والمذهبي لا حل لها إلا بالحوار والنقاش والاحتكام للحجة العقلية والفكرية. إنها حرب ضد طغيان فئة على المجتمع كله، وسعى مجموعة، مهما كانت، وكائنة من كانت، إلى السيطرة على مقدرات البلاد وحرمان الشعب، من حقه في اختيار القيادة التي يرغب فيها، والطريق التي يريد اتباعها، والسياسة التي يعتقد أنها تخدم مصالحه، من دون فرض ولا إكراه. 

وليس هناك سبيل لتطمين جميع السوريين على حياتهم ومستقبلهم، وتذويب الفوارق بين اصحاب الراي والاعتقاد، إلا الاتفاق على العمل سوية للخلاص من الوحش القابع على صدور كل السوريين، وإسقاط نظام البغي والطغيان، بصرف النظر عن اختلاف الآراء والمذاهب والأجناس والأفكار، مع ترك مسألة تقرير مستقبل سورية وطبيعة حكمها ونظامها القادم للشعب السوري بأكمله، وبمشاركة جميع أبنائه من دون مصادرة ولا إقصاء.

من دون ذلك سوف ندخل وبلادنا في نفق خطير لن نخرج منه، تفرخ فيه الحرب حروبا متتالية لا تتوقف، تتواجه فيها القوى المتنافسة على فرض سيطرتها على البلاد واحدتها تلو الأخرى، ضد إرادة الآخرين، ومن دون أي اعتبار لخياراتهم وآرائهم وتطلعاتهم، تماما كما حصل ولا يزال في افغانستان والصومال وغيرها من البلدان التي ضيعت معنى الدولة وفقد فيها الشعب وحدته ومضمونه وصارت نهبا لأمراء الحرب ومرتعا لتجارها.

Aucun commentaire: