مع فوارق كبيرة بالطبع، يذكرني التنافس، وأحيانا التنابذ بالألقاب للأسف، داخل صفوف معسكر ثورة الكرامة والحرية، بين من يصفون أنفسهم وغيرهم بالعلمانيين أو الاسلاميين، بالصراع الذي حصل داخل معسكر التحرر الوطني بين القوميين العروبيين والاشتراكيين اليساريين، والذي أدى إلى سقوط الطرفين وهزيمتهما، وتسهيل انتزاع السلطة من قبل طغم عسكرية وأمنية طفيلية، بعيدة عن أي قيم، قومية أو اشتراكية، سرعان ما انكفأت على حكم العصبية الطائفية والعشائرية والمذهبية الذي ندفع اليوم ثمنه من دماء أطفالنا وبناتنا وشبابنا.
واليوم، أيضا، أكثر ما نخشاه، هو أن يقود الصراع المتفاقم على الهيمنة السياسية، داخل معسكر ربيع الثورة السوري، بين جناح يعتقد أن تجسيد مباديء العدالة والحرية والكرامة التي فجرت ثورة آذار المجيدة لا يمكن أن يتمثل إلا من خلال حكم إسلامي ينظر إليه على أنه نقيض الحكم المدني، وضد الجناح العلماني، وجناح علماني لا يرى تحقيقا لمباديء الحرية والكرامة التي رفعتها الثورة ذاتها إلا من خلال تأكيد مركزية الدولة المدنية التي تعتمد القانون والحياد الفكري والمذهبي، وتستبعد الرجوع إلى أي رأي ديني، أقول، أخشى أن يقود هذا الصراع الشديد إلى ضرب التحالف الشعبي الذي كان وراء تفجير الثورة واستمرارها البطولي، والذي جمع قوى الوسطية من الاسلاميين والعلمانيين على مبدأ واحد ومرجعية مشتركة، هو مبدأ الحرية والكرامة للمجتمع والفرد.
سيكون المستفيد الوحيد من هذا الوضع فلول النظام الهالك نفسه، الذي لم يهدف من الدفع إلى التطرف والعنف إلا إلى تهميش التكتل الشعبي الوسطي الواسع وتحييده، وتحويل الصراع على النظام السياسي والاجتماعي إلى صراع ايديولوجي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire