samedi, septembre 06, 2014

حتى لا يتحول اللاجئؤون السوريون إلى كبش فداء/العربي الجديد


في أكثر من مكان تنمو النزعات المعادية ويزداد الضغط على اللاجئين السوريين وتضييق الخناق القانوني والاجتماعي والاقتصادي عليهم. ومع فشل الأ المتحدة في تأمين الحماية والمعونة اللازمة، وإخفاق المعارضة السورية في بناء تجمع منسجم قادر على مد يد المعونة إليهم، تتنامى مشاكلهم وصعوبات الحياة بين ظهرانيهم ويضطرون أكثر فأكثر إلى البحث عن وسائل مواربة لتأمين ما يسد رمقهم، بما في ذلك تشغيل الأطفال وأعمال التسول واللجوء المتزايد، عن بعض من فقد أي اعتبار لسلطة القانون والضمير الجمعي بعد أن فقد اعتباره لنفسه، لأعمال لا قانونية من سرقة واعتداء مما لا يخلو منه مجتمع.
كل هذا يزيد من هشاشة وضع السوريين بالنسبة للرأي العام في البلدان المضيفة بمقدار ما يثير قلقها ومخاوفها، خاصة مع الشعور بأن المسألة لم تعد مسألة اشهر ولكنها ربما تستمر لسنوات طويلة.
لكن مهما كان الحال، ما نشاهده من ارتفاع في حدة اللهجة ضد اللاجئين السوريين في الصحافة والإعلام وعلى لسان مسؤوليين سياسيين يشكل جزءا من حملة منظمة للضغط على الثوار والمعارضة وليس أمرا عفويا على الإطلاق. وهو من عمل جماعات وأحزاب وتيارات متعددة ومنظمة، قد يكون بعضها من مؤيدي سياسات النظام السوري أو من حلفائه، وبعضها الآخر من شركائه في الفكر والأحقاد البدائية، وبعضها من حلفائه في الثورة المضادة .
من دون عمليات التعبئة والشحن المنظم هذه، تحدث بالتأكيد صدامات ومشاحنات بين السوريين الموضوعين في حالات لا إنسانية تدفع بعض شبابهم للقيام بأعمال مرفوضة ومنبوذة من الأهالي، لكن من دون فكر مصمم على التوحيد بين هذه الأحداث وتغذيتها بالمعاني العنصرية والاتهامات والمخاوف وتسليحها بالشعارات، تبقى هذه الأحداث في مستوى المشاحنات والصراعات ا لمحلية والجزئية. ولا يكون لها أثر كبير على أغلب اللاجئين ولا على مصيرهم العام.
هذا هو الوضع بالنسبة لقسم من المعارضة التركية التي تحاول أن تستغل أزمة اللاجئين السوريين وما يمثلونه من عبء امني واقتصادي واجتماعي وثقافي على تركيا وتستخدمها كعقب أخيل لإضعاف نفوذ الحزب الحاكم وتعبئة قطاعات متضررة من الرأي العام التركي من وجود السوريين، سواء بسبب منافستهم لهم في العمل، وما يعنيه ذلك من اتجاه لتخفيض الأجور في بعض القطاعات، أو في ما يسببونه في بعض المدن والأحياء من ارتفاع في أجور السكن، أو ما يشاهدونه في مدنهم وأحيائهم من مظاهر ونزاعات اعتقدوا ربما أنها اختفت من تركيا النامية والصاعدة إلى الأبد.
وهذا هو الوضع أيضا في الأردن وفي لبنان حيث أصبح مصير السوريين موضوعا للتنافس والتنازع والمساومة.
من الطبيعي أن تستغل المعارضات في كل الدول النتائج السلبية لاستقبال اللاجئين من أجل زيادة نفوذها، وأن تتجاهل الآثار الايجابية الأهم، سواء ما تعلق بالارتفاع إلى مستوى المباديء الأخلاقية بالنسبة للأمم المضيفة وتنامي رصيد الدول المشاركة في حمايتهم، أو حتى بالنتائج الاقتصادية المهمة التي تنجم عن تداولات السوريين المالية والاقتصادية وتوظيف قوة عملهم ورؤوس أموالهم في هذه الدول والبلدان.
لكن إذا لم تتدارك المعارضة السورية، ولا أقصد الإئتلاف وحده، ومعها منظمات الأمم المتحدة التي تواجه كما تقول تقاريرها بالفعل أكبر كارثة لجوء لاإنسانية في العصر الحديث، الامر، هناك مخاطر كبيرة في أن تنقلب الشفقة على اللاجئين إلى عداء وعنصرية ضد السوريين، خاصة إذا ما سعت القوى السياسية المتنازعة في تلك البلدان إلى استخدام قضية اللاجئين السوريين كبش محرقة في سبيل استعادة الإجماع "الوطني" وإعادة التفاهم بين الأطراف على ظهر اللاجئيين وحسابهم.
وبدل أن يضيع المعارضون السوريون رصيدهم وكرامتهم ووقتهم في التنافس والتنازع على مواقع وهمية من الأجدر لهم أن يتعاونوا على وضع برنامج عمل لمساعدة اللاجئين قانونيا وإنسانيا، بالدفاع عنهم وتولي قضاياهم في المحاكم الأجنبية وغيرها، وتشكيل صندوق للطواريء يرد على حاجات الاكثر عوزا وهشاشة منهم، وتجنيبه التسول أو اللجوء إلى الوسائل اللاشرعية للحفاظ على البقاء. وهذا ما كنت قد طلبته من الحكومة المؤقتة ومن الإئتلاف منذ زمن طويل دون طائل ولا جواب.
أعرف أن السوريين يثقلون كثيرا على أخوتهم العرب وأصدقائهم وجيرانهم بلاجئيهم، لكن هذا ليس من اختيارهم. ولا يكمن الحل في تعريضهم للمزيد من الضغط والإهانة والإذلال. ولمن يسعى إلى تغذية العداء لهم أقول : ليس من المؤكد أن تغذية العنصرية تجاههم سوف تساهم في التخفيف من حملهم، وربما عملت بالعكس على تفجير الأوضاع في الدول نفسها التي تحلم بالتخلص منهم.
السوريون المعرضون، بعد اقتلاعهم من جذورهم في وطنهم للعنصرية، بعد سنين من الخذلان، يكافحون من أجل لقمة العيش وظهرهم إلى الجدار، وليس لديهم بعد ما يخسرونه، ولن تكون نتيجة استفزازهم سوى المزيد من المتاعب والويلات في سورية وبلدان الجوار معا. الحل يكمن في مساعدتهم على وضع حد لمحنتهم بأسرع وقت والعودة إلى وطنهم. هذا هو أفضل خيار.


Aucun commentaire: