المدن ١٧ فيفرييه ١٤
انتهى
مؤتمر جنيف٢
من دون أوهام.
هل
كان من المفيد للمعارضة أن تشارك في،ه
بالرغم من غياب الضمانات، وانعدام الأمل
بحصول تفاوض جدي على مرحلة انتقالية تقود
إلى رحيل النظام، أم كان من الأفضل أن لا
تشارك في مؤتمر تعرف مسبقا أنه لن يقدم
أي حل للمأساة التي يعيشها السوريون داخل
كل شارع وحي وقرية ومدينة، بل داخل كل
أسرة وفرد؟
الإجابات
ليست واحدة عند الجميع.
هناك
من يعتقد أن ذهابنا إلى جنيف من دون ضمان
النتيجة قد ساهم في إضفاء شرعية على النظام
وسمح له بالظهور كشريك في اي حل محتمل.
وهناك
من يعتقد أن عدم الذهاب إلى جنيف٢ كان
سيقضي على صدقية المعارضة ويظهرها بمظهر
الخائف من مواجهة النظام، والمفتقر للثقة
بالنفس، وغير القادر على تحمل مسؤولياته
تجاه معاناة السوريين التي فاقت كل وصف.
الواقع
أن روسيا التي أغلقت مجلس الأمن بحق النقض
جعلت من مؤتمر جنيف٢
ممرا إجباريا لا يمكن، قبل عبوره، تقديم
أي مبادرة أو عمل جديد، دبولوماسيا أو
سياسيا، لصالح الحل، حتى لو اقتصر ذلك
على الملف الانساني.
كما
أن غياب أي إرادة أمريكية في العمل على
وضع حد للمأساة السورية من دون مشاركة
الروس، جعل هذا المؤتمر، المنصة الوحيدة
لدفع المجموعة الدولية للتفكير بخيارات
اخرى، غير الاستسلام أو انتظار تغير
الموقف الروسي.
حضور
مؤتمر جنيف كان مهما من زاويتين، أولا
لتأهيل المعارضة سياسيا ودبلوماسيا وقطع
الطريق على تأهيل النظام أو إعادة تأهيله
بوصفه السد الوحيد، بالرغم من وحشيته
وإجرامه، من قبل الدول التي تخشى الفوضى
والارهاب ولا تثق بوجود بديل مقنع.
وثانيا
لوضع النظام على المحك، وكشف كذبه في
موضوع قبول الحل السياسي، ومن ثم فتح باب
المبادرات ومشاريع العمل الأخرى، المعطلة
بسبب انتظار امتحان امكانية الحل في
جنيف٢، وعلى رأسها التعاون مع المعارضة
لإعادة بناء وتأهيل الجيش الحر لمعركة
الحسم أو على الأقل معركة لي ذراع النظام
المافيوي وإجباره على الامتثال للإرادة
والشرعية الدوليتين.
ما
شجع المعارضة على اتخاذ هذه الخطوة التي
لم تكن شعبية لا داخل الإئتلاف ولا ربما
في وسط الثوار وجزء كبير من الرأي :العام،
كان،
أولا،
ثقتنا بأنه لم يكن لدى النظام استعداد
لأي حل سوى الاستمرار في الحرب حتى القضاء
على الثورة وإجبار الشعب على الرضوخ للأمر
الواقع ولقوة السلاح، مستقويا بالدعم
الايراني والروسي، العسكري والسياسي،
اللامحدود.
وثانيا
قرار مجلس الأمن ٢١١٨
الذي هو الضمانة الوحيدة لكشف كذب النظام
وخداعه، بمقدار ما ينص هذا القرار بشكل
واضح وصريح على أن هدف التفاوض هو الانتقال
السياسي، بدءا بتشكيل هيئة حكم انتقالية،
كاملة الصلاحيات، مما يعني وضع حد نهائي
لسلطة المافيا السورية وإجبارها على
التعاون من أجل نقل السلطة لنظام تعددي
جديد، عبر مرحلة انتقالية تطمئن الجميع،
بما في ذلك جمهور الموالاة والمحافظة.
وهذا
هو التنازل الوحيد الذي تسمح به وتقبله
قواعد الثورة التي ضحت بمئات الألوف من
أبنائها في مواجهة نظام القتل والسجن
والتعذيب والتنكيل والاهانة والاذلال
وتخريب بيوت وحياة كل السوريين.
ما
بقي من المؤتمر وقصة فشله الحزينة هو صورة
تثير الاشمئزاز لعدوانية النظام وكذبه
وخداعه وشتائمه السوقية، تعكس حقيقته
العميقة، باعتباره نظام البلطجة والقتل
والذبح والتهديد والتشبيح بامتياز.
وهي
صورة لن تنسى في مخيلة السوريين من كل
الاطياف والولاءات، وفي ذاكرة العالم
ووسائل الإعلام.
ونأمل
أن يعقب ذلك تقرير الوسيط المشترك السيد
الأخضر الابراهيمي الذي يعلن رسميا أن
هذا النظام المافيوي هو الذي عرقل التوصل
إلى حل سياسي، أن يسمح بتطبيق المادة ٢١
من قرار مجلس الأمن ذاته التي تدعو المجلس
لاتخاذ الإجراءات الملزمة ضد الطرف
المعرقل، حسب البند السابع.
قامت
المعارضة بواجباتها لا أكثر ولا أقل،
وعاد الأمر من جديد إلى المجتمع الدولي
وفي مقدمه مجموعة أصدقاء الشعب السوري،
والأمين العام للامم المتحدة لأخذ العبر
وتحمل مسؤولياتهم تجاه الشعب السوري
الذي لا يزال ينتظر منذ ثلاث سنوات وفاء
العالم بواجباته والتزاماته القانونية
والانسانية التي ينص عليها ميثاق الأمم
المتحدة في موضوع حماية المدنيين والشعوب
المعرضة للجرائم ضد الانسانية وجرائم
الإبادة الجماعية.
وكلها
جرائم أثبتت المنظمات الانسانية ارتكابها
من قبل نظام الأسد وأجهزته، ولم تلق حتى
الآن أي رد أو عقاب.
مؤتمر
جنيف ٢ انتهى
ومعه فكرة التفاوض نفسها على حل سياسي-
مع
طرف لا يمكن أن يكون شريكا، بل هو يصر على
إظهار عدائه وعدوانيته تجاه كل السوريي
- ولا
أمل في العودة إليه، ولا فائدة منها، وليس
للمعارضة أي مصلحة في انتظارها والمراهنة
عليها، ما لم يطرأ تطور حاسم يغير في سلوك
النظام، ولن يطرأ مثله ما لم تتغير المعطيات
على الأرض وفي الميدان.
لكن
منذ الآن، أعتقد أن البديل عن جنيف٢
والمفاوضات المستحيلة، بين المعارضة
والنظام، هو أن يكلف الأمين العام للأمم
المتحدة، السيد بان كي مون، نفسه بالقيام،
بعد التشاور مع الأطراف السورية والإقليمية
والدولية، وبالتعاون مع مبعوثه الخاص
الأخضر الابراهيمي، بتقديم مبادرة وآلية
واضحة لتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة
الصلاحيات، بما في ذلك التشاور حول قائمة
من الأسماء المقترحة التي يمكن للأطراف
الاختيار بينها، وعرضها على النظام
والمعارضة.
هذه
هي الخطوة الوحيدة التي يمكنها أن تعيد
إطلاق المفاوضات المستنفدة التي فقدت
روحها في جنيف في ١٤ شباط ٢٠١٤.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire