منذ الغد سيبدأ الصراع، من خلال الوسيط العربي والدولي، الاخضر الابراهيمي، على تحديد جدول أعمال جولة جنيف٢ الثاني.
يريد النظام، باقتراحه بدء جولة المفاوضات بالبحث في تطبيق وقف إطلاق النار، أن يعطل قرار مجلس الأمن ٢١١٨، وموضوعه الانتقال السياسي، بدءا بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات، وأن يدفع المفاوضات إلى مناقشات عقيمة حول اتفاق على وقف إطلاق نار لا هدف له سوى إضاعة الوقت والاستمرار في القصف الأعمى باسم الرد على استفزاز "الارهابيين" كما يدعي دائما، خاصة وانه لا يعترف حتى الآن بوجود أي معارضة سياسية، ويعامل الشعب السوري كله، بما في ذلك المدنيين من الأطفال والنساء، معاملة الارهابيين ويقصف الجميع ببراميله الحارقة من دون تمييز. فكما كانت محاربة الارهابيين الحجة التي استخدمها منذ البداية لتبرير قتله السوريين بالجملة، لوقف اندفاعهم واحتجاجهم ضد النظام،، ستكون هي أيضا الذريعة لتبرير استمراره في عدم احترام أي وقف لإطلاق نار، هذا في حال تم التوصل إليه.
ليس هناك في الواقع، وكما أثبتت ذلك محاولات عديدة سابقة، وآخرها اتفاق حمص الذي لا يزال ساريا حيث استمر القصف للأحياء بالهاون والمدفعية ومعه سقوط جرحى، بما في ذلك من عاملي الهلال الأحمر، أي ظرف مساعد للتوصل إلى وقف شامل لاطلاق النار. فلم تتراجع الطغمة القاتلية يوما عن خطتها في هزيمة الثورة وتجديد الهجوم الوحشي على مواقع الثوار، بل لقد زادت من شراسة هجوماتها في ظل انعقاد مؤتمر جنيف. ولا تزال المسألة السورية تفتقر إلى الحد الأدنى من التوافق الدولي بين الكبار على صيغة أو رؤية واضحة ومشتركة للحل، بالإضافة إلى ما تتميز به الساحة السورية اليوم من تعدد محلي وإقليمي ودولي للقوى المؤثرة على سير الأحداث، إن لم يكن في القوى المقاتلة من الطرفين.
في هذه الظروف، بدأ المفاوضات بالنقاش على وقف إطلاق نار شامل لا يعني أبدا احتمال التوصل إلى وقف إطلاق النار بالفعل. فهذا مستحيل. وإنما الاستمرار في العدوان على المجتمع والشعب والمقاتلين الأحرار من وراء التلويح بإمكانية وقف القتال، وأكثر من ذلك تمكين نظام القتلة من الالتفاف على موضوع المفاوضات الرئيسي الذي هو الانتقال السياسي، وتقديم أعذار دائمة لعدم الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم ٢١١٨ القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات كآلية عملية لتطبيق وقف فعلي وحقيقي لإطلاق النار.
القفز على بند تشكيل هذه الهيئة هو في الواقع تجريد بيان جنيف١ من آي آلية عملية للتطبيق، والعودة بنا أكثر من سنة إلى الوراء، عندما أخفقت بعثة المراقبين الدوليين تحت إشراف كوفي أنان، في تطبيق وقف إطلاق نار ،حتى جزئي، بسبب تلاعب النظام ومناوراته على البعثة الدولية، وتعريض العديد من أعضائها للضغوط وأحيانا لتهديدات حقيقية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire