رحب جميع العرب، باستثناء نظام الجريمة المنظمة المعروف، بالموقف المصري الجديد. ونحن كذلك بالتأكيد. لكن هذا لا ينبغي أن يخفي عن أعيننا أن الهجوم الذي نتعرض له في سورية من قبل ادوات نظام الملالي الايرانيين جاء ايضا بسبب الفراغ العربي القاتل على المستوى الاستراتيجي، وأنه يتحول الان إلى هجوم على المشرق عموما. وهو هجوم لم يكشف عن جميع أهدافه وأدواته بعد.
لا يكفي ان نقطع العلاقات مع نظام أصبح علنا لغما متفجرا في جسم المشرق العربي. ينبغي الارتفاع بمستوى الرد إلى مستوى صد الهجوم والانتصار عليه. وإذا كان الموقف المصري ثمرة إدراك لعظم التحدي الذي يشكله هذا الهجوم المتعدد الأضلاع، الاستراتيجي والسياسي والمذهبي والاعلامي، فينبغى أن يدفع هذا العرب إلى التقدم بشكل سريع نحو ما يصد هذا الهجوم وما كان غيابه سببا له، أعنى ملء الفراغ الاستراتيجي والعسكري والسياسي والايديولوجي معا. هذا يستدعي التداعي لعقد قمة عربية مصغرة من اجل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك المجمدة، ولو على مستوى المشرق العربي وحده، والبدء بتوحيد القوى والتخطيط لقيام كيان عسكري موحد، وتنسيق الجهود والخطط من أجل الدفاع عن الامن والسلام في المشرق.
هذا أقل ما ينبغي القيام به، ليس لنصرة الشعب السوري فحسب وإنما أيضا لتجنب حرب إقليمية طاحنة قادمة بسبب ما يقدمه الفراغ الاستراتيجي العربي من إغراءات لايران وروسيا المتحالفة معها وغيرهما للتقدم لملء الفراغ الذي يتركه الانسحاب أو شبه الانسحاب الأمريكي. وهذه هي الحقيقة. بالإضافة إلى أن الركون للحماية الغربية، خصوصا الامريكية التي لم يعد لها مصالح كبيرة في الدفاع عن المشرق العربي، لم تحقق أي نتيجة ولم تضمن من مصالح العرب شيئا في العقود الخمس الماضية.
وقد بينت التجربة السورية خلال العامين الماضيين أن واشنطن كانت مستعدة للتنازل لموسكو عن الدور الأول في معالجة الازمة السورية، بالتأكيد مقابل تنازلات من قبل موسكو لواشنطن في مناطق وملفات أخرى، قبل أن يطيح تدخل حزب الله، وما يعنيه من دور اول لايران، بالتفاهم الروسي الامريكي، ويقرر الامريكيون على إثره استعادة المبادرة والقبول بتسليح الجيش السوري الحر.
وبالرغم مما تعيشه مصر من غليان سياسي، تقع عليها أكثر من أي بلد عربي آخر، هي التي كانت دائما الركيزة الرئيسية والضرورية لأي مشروع عربي جامع، مسؤوليات كبرى في المبادرة لتحقيق هذا الحلم العظيم المنتظر، دفاعا عن أمنها القومي أولا، وتقديرا لواجباتها العربية والإقليمية ثانيا. والله ولي التوفيق،
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire