تدخل الثورة السورية في ١٨ من هذا الشهر عامها الثالث ولا يزال أبناؤنا يضربون الأمثال في الدفاع الأسطوري عن حقوقهم في الكرامة والحرية ويقدمون الشهداء قوافل كل يوم من أجل الخلاص من حكم القتلة والطغاة.
لم يمنعنا نقص العدة والعتاد، ولا مؤامرات الأعداء، في الداخل والخارج، ولا ما يحاط به نضالنا من تشكيك وتشويه، من تحقيق أكبر الانتصارات في وجه أعتى النظم الفاشية التي لا ترتدع عن استخدام أي سلاح، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل، لتكبد أبناء شعبنا أقسى الخسائر في الأرواح والممتلكات.
في هذه المعركة البطولية، معركة الكرامة والحرية لشعب كامل، سقط آلاف الشهداء، من أبنائنا، من المدنيين والعسكريين المنشقين الذين اعدموا غيلة، وعانى من الاعتقال والسجن والتعذيب والتنكيل مئات آلاف السوريين، من النساء والرجال، من الشيوخ والأطفال، واختطفت الدولة من قبل مجموعة من الفجار والمارقين، وأخذت فيها طوائف بكاملها رهائن، واستخدمتها درعا لحماية القتلة والمجرمين، واضطر ملايين من مواطنينا، جلهم من الأطفال والنساء، إلى طرق سبل الهجرة والنزوح، والعيش في ظروف لا إنسانية، كما دمرت مدن بكاملها على رؤوس أبنائنا وأهلنا، وهدرت موارد البلاد وتمت التضحية بمقدراتها ومستقبلها، وعم البلاء وشملت النكبة كل سوري، مهما كان موقفه أو انتماؤه
هذا الوضع المأساوي الذي نعيش هو المحصلة الطبيعية لتمسك طغمة حاكمة، مارقة وحاقدة على الأمة والشعب، بسلطة أرادتها أن تكون أبدية وملكية عائلية وشخصية. وقررت أن تقف بكل الوسائل في وجه تطلعات شعبنا وحقوقه الطبيعية. واستخدمت كل وسائل القوة لقهره وتنظيم عمليات قتله اليومية، متجاهلة كل القيم والمباديء والمواثيق التي قامت وتقوم عليها كل حياة وطنية، بل إنسانية، وهي المسؤولة الأولى عن هذه النكبة التاريخية..
وهو ثانيا النتيجة الطبيعية لإصرار بعض الدول المأزومة، وعلى رأسها ايران وروسيا، على وضع مصالحها القومية، السياسية أو الاستراتيجية فوق أي اعتبار إنساني أو أخلاقي، وعلى حساب حياة الملايين من أبناء الشعب السوري ومصلحة سورية ومستقبلها، واستسهل بعضها القتل الهمجي المنظم بدوافع طائفية، وأملا بتحقيق مشاريع امبرطورية لن يكون مصيرها مختلفا عن مصير النظام الذي تدافع عنه وتستخدمه قناعا لمطامعها الإقليمية.
وهو ثالثا التعبير عن العجز الفاضح للمجتمع الدولي، واستهانة معظم دوله بحياة مواطنينا السوريين ومصيرهم، وللحسابات الشريرة لبعض الدول، بما فيها بعض من ادعت صداقة الشعب السوري، وترددها، وخوفها من اتخاذ القرارات الواجب اتخاذها من أجل حماية المدنيين السوريين، ومد يد العون لهم، في مواجهة نظام لا يتورع عن ارتكاب أي جريمة للبقاء في الحكم، واكتفائها بتسجيل المواقف والتهديد باتخاذ الإجراءات التي لم تغير شيئا من واقع التمادي في الانتهاكات الجماعية الصارخة لحقوق الانسان ومواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية.
وهو رابعا ثمرة إخفاق المعارضة السورية أو من هو في حكمها، في الارتقاء بفكرها وأدائها إلى مستوى التحديات التي يواجهها الوطن والشعب، واستمرار الكثير من أعضائها في تقديم المصالح الخاصة، الشخصية أو الفئوية، على مصالح الشعب والثورة، وهذا ما شكل نبعا لا ينضب للانقسامات والنزاعات الداخلية.
لكن شعبنا السوري لن يقهر. فالشعب الذي قبل التضحية بروحه وماله وكل ما يملكه من اجل كرامته وحرية ابنائه لن يوقفه أي عائق عن متابعة مسيرته حتى النصر. وهو مستمر في كفاحه البطولي من أجل بناءالوطن الذي يستحق، وطن الحرية والكرامة، وطن جميع السوريين. وهو الذي سوف يعيد لسورية وجهها الانساني مثل ما سيعيد للتاريخ وجهه السوري المضيء.
نظام القتل واستباحة كل الحدود والمحرمات إلى زوال، وهو يفقد كل يوم مواقع إضافية وتتفك
ك آلته الحربية والقمعية تحت ضربات ثوارنا المحكمة، ولن تستطيع ايران ولا روسيا ولا أي دولة أخرى أن تنقذه من مصيره المحتوم.
وبالعكس تتقدم مواقع الثوار كل يوم وتزدادا قدراتهم القتالية.
ونحن نقول لهم ولجميع ابنائنا من السوريين بأننا لن نتراجع ولن نساوم ولن نتردد في معركة المصير الوطني. سنبقى أوفياء لشهدائنا متمسكين بحقوقنا، أقوياء بتضامننا واتحادنا.
عاشت سورية سيدة أبية ديمقراطية
وعاش الشعب السوري كريما سيدا واحدا
والخلود لشهداء العدالة والحرية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire