vendredi, mars 29, 2013

نداء الوطنية أو المعجزة السورية الثالثة


عملية تدمير البلاد وقتل الشعب مستمرة من دون توقف منذ سنتين، والعالم لايزال مكتوف اليدين ينتظر المعجزة. بعضهم ينتظر معجزة التفاهم الروسي الأمريكي، وبعضهم ينتظر معجزة قلب ميزان القوى لصالح الثورة أو النظام، وبعضهم ينتظر ان يستنزف الوقت جميع القوى ويقضي على كل الأطراف. لكن التفاهم الروسي الأمريكي لن يحصل من دون تحقيق مصالح لا ترغب هي نفسها بعد سنتين من الصراع ان تفصح عنها، وليس هناك ضمانة إذا حصل أن يحصل لصالحنا. وقلب ميزان القوى يحتاج إلى تسليح نوعي للثوار، وقبل ذلك، وأهم منه، إلى تنظيم نوعي لقوى الثورة والمعارضة، ومن ورائه إلى تفاهم أصدقاء الشعب السوري وداعميه، وهذا ما عطلته وتعطله باستمرار مخاوف الدول وتناقضاتها وتخبط المعارضة وممارسات بعض أطرافها التي لا تنظر إلا في المصالح الفئوية. أما انتظار استنزاف جميع القوى عبر تمديد الوقت فهو يعني المزيد من القتل والدمار.
شهدت سورية حتى الآن معجزتين، الأولى معجزة تفجير الثورة نفسها ضد نظام لم تعد همجيته تحتاج لوصف أو برهان، والثانية معجزة الصمود سنتين كاملتين في وجه استراتيجية القتل الممنهج والابتزاز بالدمار الشامل، وأخذ الشعب بطوائفه وأطيافه جميعا رهينة وتهديده بالموت والدمار. 
تبقى معجزة ثالثة هي التي ننتظرها وينتظرها جميع السوريين، المعجزة التي سوف ترسم تاريخ ولادة سورية الجديدة من أنقاضها وخلاص السوريين: الانتصار على مشاعر الشك والخوف والانتقام وفقدان الثقة بالمستقبل، ويقظة الروح الوطنية الجامعة التي تخرج سورية من عثرتها، وتوحد جميع السوريين بعد طول انقسام واقتتال، موالين وخائفين ومترددين، وتحررهم من كل الأوهام، أوهام الانفراد والسيطرة الأحادية، والرهان على القوى الأجنبية، والاستقواء بالعصبية القبلية أو الفئوية أو الطائفية، وتقودهم إلى طريق الخلاص الوحيد: العودة إلى سورية الأم، سورية الكرم والعطاء والإحسان، سورية المدنية والألفة والقلب الواحد، ووضع الولاء للوطن والشعب والقانون قبل أي ولاء، وتقديم مصلحة سورية وحقن دماء أبنائها فوق أي مصلحة أو أولويات داخلية أو خارجية.
التحدي الذي نواجهه اليوم ليس اقتسام السلطة ومراكز النفوذ والموارد والامتيازات وإنما هو أن تكون سورية أو لاتكون، أن نكون أو لانكون.

Aucun commentaire: