تردني يوميا عشرات الرسائل من سوريين يمرون بأقسى مراحل البؤس والعوز والحاجة والياس، يطلبون النجدة، سواء لمعالجة جريح أو لسد الرمق أو الهجرة إلى بلد يأويهم أو للحصول على عمل في أي مكان.
وكل يوم يزداد إدراكي لهول الماساة التي نعيشها، وبموازاة ذلك شعوري بالاحباط والأسى والذنب وانعدام الحيلة والوسيلة، وأنا أفكر في مسؤوليتي، أنا الذي لم اوفر جهدا لتشجيع السوريين على الثورة ضد هذا النظام الذي كنت أعرف ربما أكثر من الكثيرين حقيقته وطبيعته الاجرامية والعنصرية الصرف، أمام عجزي عن القيام، مع كل المعارضة السورية، بما يخفف عن شعبنا شقاء الحاجة ومهانة السؤال.
لا يمكن لشخص مهما بذل من الجهد، ولا لمئات الأشخاص، أن يخففوا من معاناة شعب يقتل كل يوم ويجرح أبناؤه بالمئات، بعد أن شرد معظم أفراده ودمرت بيوتهم وفقدوا مواردهم. ولن يجد أحد من هؤلاء الوقت الكافي للرد حتى على مكالمات هؤلاء المحتاجين. هذا بالدرحة الأولى عمل المنظمات الخيرية والانسانية السورية والدولية التي تجتذب مليارات الدولارات من أموال المتبرعين والمساهمين في الدعم الدولي. ولديها ممثلون، أو ينبغي أن يكون لديها في كل أماكن تواجد السوريين المحتاجين.
لكن هناك حالات خاصة ومستعجلة لا يمكن لهذه المنظمات أن ترد عليها بالسرعة المطلوبة أو في الظروف الاستثنائية والدقيقة. منذ سنتين وأنا أطلب من الإئتلاف، ومن هيئة تنسيق الدعم التابعة له، تعيين مكاتب متخصصة بتقديم الدعم العاجل للجرحى والمحتاجين السوريين ممن انقطعت بهم السبل أو اضطروا لتغيير أماكن إقامتهم أو فقدوا القدرة على دفع آجار بيوتهم، بعد التحقق من الوقائع.
وقد استجابت هيئة تنسيق الدعم في النهاية مشكورة للفكرة، وأعطى مسؤولوها الوعود بأن يلبوا أي طلب يستحق التلبية. لكن لا يزال العمل ناقصا والاستجابة ضعيفة، بسبب تزايد الحاجات المضطرد وتنوعها وزيادة عدد المحتاجين لمساعدات إسعافية. ولا بد من توسيع فريق مكتب الدعم العاجل وتعزيز قدراته للتحقق من الطلبات وزيادة ميزانيته لتماشي التوسع في نشاطه وامكانياته ليرد بشكل أكبر على حاجات المنكوبين السوريين.
ويمكن للجميع أن يجدوا أسماء هؤلاء المسؤولين ووسيلة الاتصال بهم على موقع هيئة تنسيق الدعم أو موقع الائتلاف على شبكة الانترنيت.
لكن يبقى الأهم والأجدى قيام السوريين أنفسهم من خلال العمل التطوعي في إماكن إقامتهم بتنظيم فرق الدعم الفورى ومد يد العون للمحتاجين. وهذه ليست مهمة إنسانية اليوم فحسب ولكن سياسية أيضا. وبإمكان مثل هذا العمل أن يخفف المعاناة عن الكثير من الاهالي في عين المكان، ولا يحتاج إلا إلى إحياء روح التضامن وتنظيم عمليات تنسيق الجهود. وقد عرفت العديد من المدن السورية خلال العقود الطويلة الماضية تجارب من هذا النوع حالت دون أن يوجد متسول واحد فيها بالعمل التطوعي وتنظيم قوائم المحتاجين،
إحياء روح التضامن لتأمين الدعم وتخفيف المعاناة عن المنكوبيين واجب وطني وأخلاقي يعزز وحدة السوريين ويقوي ايمانهم وثقتهم بأنفسهم ومستقبل وطنهم ووحدة إرادتهم ومصيرهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire