mardi, août 20, 2013

الرهانات الكبرى للصراع المستمر في مصر



"ما حدث في مصر (٢٥ يناير ٢٠١١) هو ثورة سياسية ستحدد مصير العرب ومنطقة الشرق الأوسط لعقود طويلة قادمة. وبسبب رهاناتها الداخلية والإقليمية والدولية الكبيرة كانت بالضرورة معركة ضارية، استخدمت فيها كل الوسائل، وتدخلت فيها العديد من القوى الداخلية والخارجية. 

فالأمر يتعلق أولا بتقرير مصير شعب مصر ومستقبله. وفي معركة تقرير المصير هذه يقف في مواجهة شعب مصر، الذي يشكل العمود الفقري للأمة العربية، تآلف من جميع القوى الخارجية الخائفة من استقلال القرار المصري والعربي، وعلى رأسها إسرائيل، والقوى المحلية التي تضم، إلى الطغمة الفاسدة التي كانت تدير شؤون مصر بأكملها من منطق تعظيم ثرواتها وحساباتها المصرفية، قطاعات واسعة من رجال المال والأعمال الذين يشكلون طبقة من الرأسمالية الميركنتيلية التي ارتبطت مصالحها بمصالح العائلة والنظام ، وكذلك قاعدة واسعة من القوى الزبائنية المتحكمة بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإدارية، والمسستفيدة من موقعها وعلاقتها الوثيقة بالعائلة الحاكمة".

"كما يتعلق الأمر، في المعركة التاريخية الراهنة، بتحديد موقع مصر ودورها في المنطقة الشرق أوسطية، ومن وراء ذلك هوية المنطقة نفسها، والمصالح السائدة فيها، ومستقبل تطورها ومكانتها الدولية. 

ومن المحتم أن عودة مصر للشعب المصري الذي اختطفت منه، واستعادة هذا الشعب سيادته وحريته في تقرير شؤونه السياسية الداخلية والخارجية، سوف يغير من الوظيفة التي قامت بها مصر في العقود الثلاث السابقة في إطار النظام الإقليمي، فيحولها من رصيد استراتيجي للتحالف الغربي والاسرائيلي الذي يبسط نفوذه في المنطقة ويسعى، من خلال إخضاع الشعوب العربية وتحييدها، إلى احتواء المقاومات المحلية والإقليمية وضمان سيطرته على منابع الطاقة الاستراتيجية وعلى أمن إسرائيل ومشروع توسعها الاستعماري، إلى قاعدة كبرى لعملية إعادة بناء المنطقة العربية وتأهيلها للدخول في عصر السيطرة الذاتية والقضاء على المشاريع والمطامع التوسعية الاسرائيلية وفتح الطريق امام ممارسة الشعوب حقوقها الطبيعية وجعل المنطقة مركزا من المراكز العالمية للتنمية الحضارية والانسانية".

"هذا هو الذي يفسر ما شهدته ساحة الثورة ولا تزال تشهده من مناورات دولية ومحلية، ومن ضمنها السعي إلى تقسيم القوى السياسية، وربما شق الجبهة الموحدة أو الالتفاف على إمكانية قيام جبهة موحدة تجميع الشباب وقوى المعارضة المصرية في خط واضح وحاسم لاحداث تغيير نوعي في النظام". 

من مقال بعنوان "ثورة مصر: الصراع على السيادة"

الاتحاد 23 فيفرييه 2011

Aucun commentaire: