المواجهة التي تشهدها مصر هذه الأيام ليست غريبة عن ما يعيشه الشعب السوري أو بعيدة عما يهز سورية الثائرة. وسيكون لها تأثير كبير على مستقبل الثورة فيها.
في نظري المواجهة الراهنة في مصر مواجهة مصيرية، لا يمكن أن تحسم لصالح أي طرف لوحده من دون ان تقود إلى حرب أهلية.
الشرعية التي يملكها الرئيس بمنطق الانتخابات حجة قوية، لا يمكن تجاهلها بأي شكل في ظرف ديمقراطي طبيعي ومستقر. لكن الشرعية الثورية التي تتشبث بها قطاعات كبيرة من الرأي العام ليست أقل قوة منها. والسبب أننا لم ندخل بعد حقبة الديمقراطية المستقرة و لا نزال نعيش في سياق غليان الثورة الشعبية والتحولات العميقة التي تطرأ على الرأي العام بشكل مستمر. نتائج الانتخابات الرئاسية أعطت لمرسي بطاقة دخول إلى حكم الشعب المصري، لكن على شرط أن يوحد صفوف شعبه ويضمن تجاوزه لانقساماته، وهذه هي وظيفة الرئاسة الأساسية ورسالتها. إخفاقه في ذلك، بصرف النظر عن الأسباب، سواء أكانت ذاتية أو موضوعية، يضعف، في مرحلة انتقالية كتلك التي تعرفها مصر، كثيرا من شرعيته الانتخابية، ويحول دون تحويل النجاح الانتخابي إلى نجاح سياسي وجعل الرئيس ممثلا لإرادة الأمة كلها، لا لفريق منها.
القبول بانتخابات رئاسية مبكرة، هو جزء من الحل، لكن ليس الحل كله. فلن تزيل الانتخابات ما تعرفه الامة من انقسام. لا بد من أجل تحويلها إلى مناسبة لتجاوز القطيعة والتقدم على طريق بناء مؤسسات الديمقراطية وقواعدها الثابتة من مواكبتها بمفاوضات وحوارات وطنية تساعد على توضيح مواقف الأطراف وتقضي على مخاوفها المتبادلة وتزيل نقاط الالتباس التي لا تزال تحيط بالعهد الوطني الجديد الذي انبثق عن ثورة ٢٥ يناير الشعبية المجيدة. وهذا يعني أنه لا مهرب في هذه المرحلة الانتقالية من القبول بحد من التوافقية التي تستدعي تنازلات متبادلة من الطرفين إلى جانب الاحتكام للشرعية الانتخابية.
فلا يكفي في هذه المراحل الصعبة والتحولات العميقة الاحتجاج بنتائج صناديق الاقتراع الاحصائية، ينبغي للسلطة المنبثقة عنها أن تطمئن الطرف الآخر على عدم تهديد مصالحه الأساسية. من دون ذلك لا يمكن تجاوز المواجهة والانقسام ولا ترسيخ مؤسسات الديمقراطية وتقاليدها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire