mardi, février 26, 2013

حتى لا تتحول المفاوضات إلى فخ للثورة وأهدافها



عندما بدا للنظام ان الثورة السورية محاصرة ولا تتلقى الدعم الكافي بالسلاح حزم أمره وخطط لهجوم دموي مضاد وصل فيه إلى حد سمح لنفسه فيه أن يستخدم اسلحة الدمار الشامل ضد شعب أعزل وأطلقها على أحياء سكنية ليس فيها أثر لمقاتلين أو جيش حر. كان يعتقد انه قادر على الحسم العسكري.
الآن، بعد أن قرأ في الأعلام عن تدفق الأسلحة من كل الأنواع على الثوار، وأيقن أن هجومه المعاكس قد باء بالفشل الذريع، وشاهد تقدم الثوار على الأرض، أرسل وليد المعلم يستجدي الحوار من الروس الذين بدأؤوا يكيلون الاتهامات للمعارضة بأنها هي التي تعرقل الحوار.
ليس من المستبعد أن تنطلق ابتداءا من الآن مرحلة من المناورات المعقدة لفتح مسار سياسي، بموازاة المسار العسكري ربما. وعلينا أن نعرف أن الأسس التي ستقوم عليها مثل هذه المفاوضات ستكون حاسمة في تحديد النتائج التي ستسفر عنها. فإذا كانت البداية والأسس خاطئة ستكون النتائج سيئة ولن نفيد منها شيئا. لكن من الممكن أن نسرع في عملية تكنيس النظام إذا عرفنا كيف نؤسسها منذ البداية على أسس وقواعد واضحة، ورفضنا القبول بأي مغامرة إبداءا لحسن النية. ومن المفيد أن نشرح للرأي العام السوري، الذي انهكته الحرب، ذلك بدقة وبالتفاصيل حتى يكون معنا دائما ويدعم خطواتنا.
يريد ألنظام وأسياده الروس أن يجرونا إلى حوار عام حول الحل السياسي من دون محددات ولا أسس قانونية أو سياسية، ولا أهداف واضحة للمفاوضات، ولا أجندة وسقف زمني واضح، بهدف ايقاعنا في فخ التفاوض لأشهر وربما لسنوات من دون نتيجة، حتى نمل أو ينقلب علينا الشعب، ونضطر إلى القبول بأي تسوية. وهذا ما حصل للفلسطينيين بعد أن قبلوا الدخول في هذا النوع من المفاوضات التي تراهن على ذكاء المفاوض وحسن نوايا الخصم. وبعد أكثر من ثلاثة عقود لم يصلوا إلى الهدف المنشود في اقامة الدولة المستقلة، ولا يزالون يركضون وراء سراب وينتقلون من حوار إلى حوار.
لا ينبغي أن نسلم لأي طرف ونثق به أو نعتمد على مشاعر الثقة أو التطمينات الكلامية، بما في ذلك أنفسنا. ينبغي أن نضبط الأمور منذ البداية بشكل واضح ودقيق. 
وأنا أقول لو أظهر النظام الارهابي في سورية قدرا قليلا من الوطنية أو الحرص على حياة الشعب ومصير البلاد لقلنا أننا ربما ننجح من خلال المفاوضات نفسها في جر النظام إلى موقف أكثر ايجابية تجاه مصالح المجتمع والدولة. والحال ليس كذلك أبدا، وهذا ما تبرهن عليه تجربة سنتين من العذاب والقتل والدمار من دون أن يرف لمسؤول جفن.
وكان بإمكاننا أن نكون أقل تطلبا في شروط الدخول في المفاوضات وأكثر مرونة وتساهلا لو أن الروس، الذين وقعت عليهم كما يبدو مسؤولية تنظيم المفاوضات، كانوا وسيطا محايدا أو موضوعيا. والحال أن تصريحاتهم تكاد تتجاوز تصريحات نظام الارهاب السوري في استهتارها بحياة أبنائنا ومستقبل وطننا. 
على النظام الهالك والروس الذين يحموه أن يبدأوا هم أولا ببناء جسور الثقة والبرهان على جديتهم في أي مفاوضات قادمة. وأساس الجدية أن يبينوا قبل الدخول في أي مفاوضات، وببيانات رسمية، أن هدف المفاوضات هو تصفية النظام الديكتاتوري ونقل البلاد والشعب إلى نظام ديمقراطي يقوم على سيادة الشعب وحقه في اختيار ممثليه بحرية وتحت المراقبة الدولية. وان هذا الهدف لا يناقش ولا يفاوض عليه. وإنما تجري المفاوضات على صيغ الانتقال وجدوله الزمني وأشكال التنظيم المرتبطة به كما تجري على تحديد الضمانات اللازمة لتحقيق الانتقال الآمن والسلس الذي يوفر مؤسسات الدولة، ويجنب المجتمع مخاطر الانزلاق نحو العنف أو الانتقام أو العزل أو التمييز ضد أي فئة كانت. 
إن اتهام لافروف المعارضة في بدء الدعوة لتنظيم المفاوضات بأنها هي التي تعرقل الحوار لا ينم عن نية حسنة على الإطلاق وإنما يعبر عن مثابرة موسكو على الانحياز للنظام ضد الشعب والمعارضة. وفي هذه الحالة يمكن أن تتحول المفاوضات إلى وسيلة لتوريط المعارضة في حوار لا تكون نتيجته سوى انقسام المعارضة وتفجير تناقضاتها الداخلية ومساعدة النظام على استعادة جزءا من شرعيته وقوته المنهارتين. على طالبي الحوار والمفاوضات أن يعلنوا عن الإطار الذي ينبغي ان يحكم المفاوضات ولا يمكن ان تقبل المعارضة بأقل مما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية حسب قرار الجمعية العمومية بتاريخ ٣/٨/٢٠١٢ الذي يؤكد على مسؤولية الحكومة في نشر العنف وشرط وقف العنف وسحب الاسلحة الثقيلة من المدن وإعادة الجيش إلى ثكناته وإطلاق سراح المعتقلين كمقدمة للبدء بأي مفاوضات.

Aucun commentaire: