jeudi, janvier 24, 2013

المسؤولية الدولية في بقاء النظام السوري المدان



بالرغم من المصاعب التي يواجهها مقاتلو الجيش الحر في التموين والتمويل والتنظيم، ونقص المضاد للطائرات، فهو لا يزال يخيم ومنذ أكثر من شهر على مشارف القصر الجمهوري في دمشق وعلى طريق المطار، ولم يتوقف عن أسقاط مواقع عسكرية ومطارات وأفواج مهمة يوميا في مناطق متعددة من الجمهورية. وهو يتصدى اليوم بنجاح في حمص وريف دمشق وداريا بشكل خاص لأكبر هجوم يشنه النظام، مستخدما أقوى ما عنده من أسلحة صاروخية، بالاضافة إلى الاسلحة الثقيلة الأخرى. وليست قوة جيش النظام ولا عنترية رئيسه الاخرق هما اللتين سمحا له بالتفكير أن باستطاعته السيطرة من جديد على محيط العاصمة، ولا تنظيم الحرس الشبيحي الجديد على شكل جيش إضافي، وإنما عدم رغبة الدول في أن يكون سقوط النظام عن طريق الحسم العسكري مخافة أن يؤدي ذلك إلى الفوضى أو استمرار الاقتتال في مناطق أخرى كما تعتقد. وتمسكها، بل اتفاقها على أن تكون الأولوية للحل السياسي. ولذلك تأخر رفد مقاتلي الجيش الحر بالسلاح والإغاثة إلا ما نجح في اغتنامه من انتصاراته الأخيرة.
الآن يدرك الجميع، حتى أولئك الذين كانوا يتعاطفون إلى هذا الحد أو ذاك مع الطرح الروسي الذي هو تزويق للطرح الايراني، أن النظام غير مستعد لأي حل غير القضاء على الثورة. وهو يكرر كعادته بعد كل فشل برنامجا واحدا لم يتغير: المزيد من تصعيد العنف واستخدام اسلحة أقوى والحديث الكاذب عن حوار وتشكيل حكومة جديدة توحي بأنه على طريق الاستقرار، قبل أن يكتشف من جديد هو ومن يحميه، أو يلعب به كبيدق محلي، أن الحسم العسكري مستحيل عليه، فما بالك بإعادة السيطرة على الوضع. 
يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في استمرار المذابح والدمار بحق الشعب السوري ليس لأنه يقدم بتقاعسه وتردده الوهم للنظام بإمكانية البقاء فحسب وإنما لأنه حرم الثوار من وسائل الحسم، ولم يقم بما يتوجب عليه من أجل جعل الحل السياسي، الذي يعرفه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي صوتت عليه أكثر من مئة وثلاثين دولة بأنه تحقيق الانتقال بسورية نحو دولة ديمقراطية تعددية ومدنية، ممكنا وسريعا. ولن يكون هناك حل إلا بالعودة إلى تفعيل هذا القرار وتأمين المجتمع الدولي والأمم المتحدة وسائل تطبيقه كما ذكرت في البندين الأول والثاني الذين ينصان بالحرف على أن الجمعية العامة

١ - "تــدين اســتخدام الــسلطات الــسورية المتزايــد للأســلحة الثقيلــة، بمــا في ذلــك القـصف العـشوائي مـن الـدبابات وطـائرات الهليكـوبتر، في المراكـز الـسكانية، وعـدم سـحب قواتهـا وأسـلحتها الثقيلـة إلى ثكناتهـا، الأمـر الـذي يتعـارض والفقـرة ٢ مـن قـرار مجلـس الأمـن
٢٠١٢) ٢٠٤٢( والفقرة ٢ من قرار الس ٢٠١٢) ٢٠٤٣(؛
٢ - تدين بشدة مواصلة السلطات السورية والميليشيات الموالية للحكومـة انتـهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية بشكل خطير منـهجي واسـع النطـاق، مـن قبيـل اسـتخدام القوة ضد المدنيين والمذابح وعمليات الإعدام التعسفي وقتل المتظاهرين والمدافعين عـن حقـوق الإنـسان والـصحفيين واضـطهادهم والاحتجـاز التعـسفي والاختفـاء القـسري والحيلولـة دون الحصول على العلاج الطـبي والتعـذيب والعنـف الجنـسي وسـوء معاملـة الأشـخاص، بمـن فـيهم الأطفال، وأي انتهاكات لحقوق الإنسان ترتكبها جماعات المعارضة المسلحة."
العودة من جديد إلى الجمعية العامة لتفعيل هذا القرار واتخاذ الاجراءات العملية لتنفيذه، هذا أقل ما يمكن أن يطلبه الشعب السوري من الذين وقعوا على هذا القرار. وليس هناك أي حاجة للعودة إلى مجلس الأمن من جديد لحصد فشل رابع، خاصة وأن قرار الجمعية العامة ملزم في هذه الحالة بعد استعصاء اتخاذ قرار فيه نتيجة تعمد روسيا إعاقة عمله لثلاث مرات متتالية.
لكن، إذا عجزت الجمعية العامة والدول التي صوتت على هذا القرار واعترفت بالانتهاكات غير المسبوقة من قبل النظام لحقوق الشعب السوري الأساسية والطبيعية، عن تنفيذ قرارها بوسائلها الخاصة، فمن أقل واجباتها أن تمكن هذا الشعب من الخروج من هذه المذبحة اليومية بنفسه وذلك بتقديم ما يلزم لحسم المعركة على الأرض ووضع حد لنظام قاتل يقصف شعبه بالصواريخ والطائرات والمدفعية والقنابل المحرمة بما فيها الكيماوية.
أثناء ذلك، يتوجب علينا نحن السوريين، الجيش الحر والمعارضة والمجتمع المدني معا، أن نطور، أكثر فأكثر، قدرتنا على تشكيل مؤسسات وطنية فاعلة ودامجة للجميع، والتفاعل مع المؤسسات الوطنية القائمة حتى نكون البديل الملموس. فإذا كان نظام القتلة القائم مدانا بالفناء فلأنه من المستحيل أن يستوعب جميع فئات وقطاعات واطياف الشعب ولا يقوم إلا على التفرقة والتمزيق والاقصاء والتمييز والارهاب. وبالعكس، ليس للنظام الديمقراطي المدني التعددي الحر الذي غذت فكرته الثوار منذ البداية من شرعية إلا لأنه هو الوحيد القادر على استيعاب جميع السوريين، من كان مواليا للثورة ومن لم يكن مواليا لها. ومعيار تقدمنا على طريق تحقيق هذا الحلم الواقعي الكبير هو نجاح كل منا ونجاحنا جميعا، نحن دعاة التغيير والنظام الجديد، على بث المزيد من الانضباط والتنظيم وحسن الإدارة وروح المسؤولية العمومية في مجتمعنا المهدد بالتفكك والانقسام تحت وقع التدهور المرعب لشروط الحياة الذي قادنا إليه عنف النظام. وإن الحرص على معالجة التجاوزات التي تهدد الوحدة الوطنية هو مقياس تقديم المصلحة العامة على المصالح الفئوية أو الخصوصية، وأساس ضمان مصير الوطن ومستقبل الشعب والبلاد.

Aucun commentaire: