أحمد معاذ الخطيب من الشخصيات المحببة التي دخلت ميدان السياسة السورية في أصعب الظروف، وليس هناك أك مني من يمكن أن يتفهم رغبته في الاستقالة التي سبقته إليها، بسبب الضغوط المتقاطعة التي يتعرض لها من يتسلم موقع المسؤولية في القضية السورية، من خارج الإئتلاف وبشكل خاص من داخله، والشللية التي تميز عمل السوريين، والتي تدفع كل فريق إلى شد البساط نحوه، غير عابيء بأي مصلحة عامة ومفتقر لروح المسؤولية، بل لأي مفهوم للعمل العام، أعنى العمل للشعب والناس والوطن.
لكنني لم أفهم معنى السياق الذي قدم فيه رئيس المجلس الوطني استقالته والتبرير الذي اعطاه لها. أن تعلم أصحاب الشأن، أعني أعضاء الإئتلاف أنك لن تستمر وأن عليهم أن يبحثوا عن بديل شيء طبيعي، وهو العمل حسب الأصول، لكن أن ترمي باستقالتك أمام الدول الأجنبية، حتى لو سمت نفسها تجمع أصدقاء سورية، يعني أنك تتصرف كما لو كنت موظفا في شركة تابعة لهم، ولا تريد أن تستمر. وبالمثل، أن تقدم استقالتك لأنهم لم يقوموا بما تطلبه منهم كما لو أنك تفترض أن القضية قضيتهم، وأن تقصيرهم بحقك يمنعك من الاستمرار.
رئيس الائتلاف ليس ممثلا لتجمع أصدقاء سورية ولا يعمل لحسابهم. ولأنه لم يعين من قبلهم فهو لا يقدم لهم الاستقالة. يقدم الاستقالة لمن انتخبوه وهم أعضاء الائتلاف، الذين من المفترض أنهم يمثلون الشعب السوري. ولا أحد يقدم أستقالته للشعب السوري لأن من يدعون صداقته لم يصدقوا معه.
موقع الرئاسة في المعارضة ليس تشريفا ولا قفصا ذهبيا. هو بالعكس مسؤولية كبيرة وهم وتعب وعناء لا يتوقف. وتركه من دون مبرر جدي هو تخل عن الواجب والمسؤولية، فما بالك بتركه بذريعة عدم تجاوب المجتمع الدولي مع الرئيس؟ إذا كانت هذه الاستقالة صحيحة لأصبح من غير الوطني لأي مرشح جديد أن يتسلم الرئاسة، لأن تسلمه لها يعني أنه يقبل من قبل المجتمع الدولي بما لم يقبل به معاذ الخطيب، وأن وطنيته مشكوك فيها. ولو كان من الصحيح أن يكون اعتراضنا على الموقف الدولي المتخاذل هو أن نقدم استقالتنا لكان على جميع أعضاء الإئتلاف أن يفعلوا ذلك، بل لكان من الواجب الوطني حل الإئتلاف.
أفهم أن أقدم استقالتي احتجاجا على رفاقي الذين لا يعملون أو لا يتعاونون كفاية معي حتى ننجز المهام الموكلة لنا. لكن لا أفهم أن استقيل احتجاجا على عدم استجابة المجتمع الدولي لمطالبي المحقة. في هذه الحالة من الذي سيعمل لتحقيق هذه المطالب؟ وكيف نغير مواقف الدول حتى تكون أكثر استجابة لمطالبنا، ثم لماذا أتوقع أن تفيد استقالتي في تغيير مواقف هذه الدول وهي أساسا غير مهتمة كثيرا بنا وبقضيتنا؟ بالعكس ربما يستغلون هذه الاستقالة ليبرروا تقاعسهم ويرموا الكرة ثانية لملعب المعارضة المفككة والضعيفة. وفي النهاية لا يحن على العود كما نقول إلا قشره.
معاذ الخطيب طاقة كبيرة وخسارة كبيرة. كان ينبغي أن يستمر لأنه الشخص المناسب لهذه المرحلة بامتياز، بالرغم من كل الانتقادات التي وجهها له البعض بسبب عدم التزامه بقواعد العمل السياسي المتعارف عليها، وربما أساسا بسبب ذلك. لكن استقالته بالطريقة التي جاءت بها أضعفت الثورة والمعارضة. الثائر لا يستقيل لأن خصمه أو حليفه لم يعترف به أو لم يتعامل معه كما كان ينبغي. الثائر يظل يطرق الباب حتى تحقيق الهدف. ويطرقه بقوة أكثر لكن لا ينسحب ولا يضعف ولا يقرف من سلوك خصومه أو حتى حلفائه المفترضين أو الافتراضيين.
1 commentaire:
تابعوا معانا كل جديد فى عالم حواء
منتدى مملكة حواء
Enregistrer un commentaire