dimanche, décembre 04, 2005

مسارات على الجزيرة ج2


برهان غليون.. بيان من أجل الديمقراطية ج2
http://www.aljazeera.net/Channel/KServices/SupportPages/
ShowMedia/showMedia.aspx?fileURL=/mritems/streams/
2006/1/2/1_588137_1_13.wma
ضيف الحلقة: برهان غليون/ أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون
تاريخ الحلقة: 4/12/2005
-
بيان للديمقراطية والدولة ضد الأمة- المواطنة والنضال من أجل الديمقراطية
مالك التريكي: مع أن أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون برهان غليون نشر على مدى العقود الثلاثة الماضية مؤلفات كثيرة نال بعضها مثل كتاب المحنة العربية.. الدولة ضد الأمة شهرة واسعة فإن كتابه الأول الصادر في منتصف السبعينيات بيان من أجل الديمقراطية لا يزال يحظى حتى اليوم باهتمام خاص لدى الجمهور، ذلك أن هذا الكتاب قد كان له دور الريادة في تحويل وجهة الفكر السياسي العربي نحو القضية الجوهرية، قضية الحرية الشاملة التي تضع الإنسان في قلب العمل الاجتماعي وتجعل منه غاية المجتمع السياسي، حيث أحدث البيان ثغرة في دفاعات الخطاب السياسي العربي الذي كان سائدا آنذاك والذي كان مكبلا بقيود الالتزام شبه الديني بمقولات الأيديولوجيا الاشتراكية ولهذا فإن دعوة برهان غليون إلى الديمقراطية باعتبارها الشرط الأول للتحديث الحقيقي لم تحظ في تلك الفترة بإجماع المثقفين العرب.
بيان للديمقراطية والدولة ضد الأمة
برهان غليون: مش فقط لم يكن محل إجماع كان محل نقد كثير لأنه التيار الغالب كان عند المثقفين هو الماركسية بعكس ما اليوم والاشتراكية بأقصد، الفكر اليوم بنسميه شمولي لكن كان هو السائد وليس الفكر الإسلامي ما كان فيه إسلاميين فأنا كتبته.. واعي أنه هيثير رد الفعل وأثار مقالات كثير نقد بهذا المضمون، لكن كان بيعبر عن نقطة مفصلية في تطور الفكر أيضا يعني أنا كنت متشرب الماركسية وقارئ الماركسية ولكن قارئ الماركسية مش كدين وهذا اللي خلاني أشعر أنه قارئ الماركسية كفعلا مثل ما يقال أحيانا نظرية لتوجيه التحليل الاجتماعي وتحليل خاصة فيما يتعلق بالمجتمعات العربية، لحظة من اللحظات وخاصة كان عندي شعور أنه.. وكتبتها فيما بعد بكتب أخرى أنه المرحلة انتهت أنه ليس هناك أفق للتحولات التي بدأناها على أساس نظم شمولية ما كان لسه نستخدم كلمة شمولية لكن أنا مستخدم طبعا الديكتاتورية وفاشية وإلى أخره، النظم الشمولية تقتل الفرد فأنا كنت متشبع بالحياة رغم ماركسيتي بتلك الفترة متشبع بالأفكار اللي ذكرتها عند الصوفية فكرة الفرد وتجربة الفرد مهمة جدا عند الوجودية كانت فكرة الفرد وحرية الفرد ومسؤوليته مهمة جدا، بتربيته الشخصية هذه شيء مهم جدا بالفلسفة أيضا ما فيش فلسفة بدون الإنسان الحر الواعي المسؤول اللي بيفكر، فأنا بأعتقد أنه بسرعة اكتشفت يمكن أكثر من الماركسيين التانين الآخرين أنه النظام الشمولي نظام لا يمكن أن يقود إلا إلى الفشل وأنه لازم يصير فيه وهذه كانت صرخة بيان الديمقراطية لازم نوقف هذا الخط ونبدأ بالعودة إلى نظام ديمقراطي يُعطي للفرد القدرة أنه يكون مسؤول عن نفسه ومن تلك الفترة شعرت أنه النظام الشمولي هو نظام نَزع الشعور بالمسؤولية عن كل الأفراد يعني عكس ما نحن بحاجة له وبشكل أساسي في مجتمعاتنا العربية ولذلك يعني بقدر ما كان بالنسبة لي طفرة في تفكيري وما كنت أنكر يعني أهمية الماركسية حتى تلك الفترة كنت أقول أنه التحول الاجتماعي لا قيمة له إن لم يكن تحولا في الوقت نفسه سياسيا يسمح للفرد بأن يكون مسؤول عن نفسه وأن يكون حر ودائما أنا بأربط الحرية بالمسؤولية ليس للحرية قيمة إلا بقدر ما بتدفع الفرد وبتعطي للفرد شعور بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه مصيره هو نفسه .. بيان الديمقراطية كان تعبير عن إدراكنا لإخفاق المشروع العربي في تلك الفترة وضرورة إنقاذه عن طريقة الديمقراطية وهو ما نقوله اليوم نحن نريد إنقاذ المشروع العربي ولذلك عن طريق الديمقراطية ولذلك أنا بأعتقد وناس كثير بيقولوا لي لازال راهنا لا يزال هذا الكتاب راهنا حتى اليوم صار عمره أكثر من ربع قرن صار فيه سبعة وعشرين سنة أو إلى آخره ولا يزال راهنا وتحدثت فيه بشكل لأنه هذا جزء من المعاناة أنا في كتبته في الجزائر بالحياة هذا مهم نقول كنت بالـ 1975 أخذت أول شهادة دكتوراه بعلم الاجتماع السياسي ورحت درست في الجزائر ومن الجزائر وبإقامتي في الجزائر بدأت أخبار الحرب الأهلية اللبنانية وهذا إنكتب بعد سنة من الحرب الأهلية اللبنانية، فبدأت أشعر بالمأزق اللي عايشة فيه التجربة العربية إذا شئت اللي كنا نحن منخرطين فيها بشكل أو بآخر ولو كشباب غير سياسيين ولكن لو كشباب غير سياسيين لكن كنا منخرطين فيها فشعرت بضرورة نوع من النقد الذاتي هو نوع من النقد الذاتي نوع من تصحيح الفكر ونوع من الردع أيضا على الحرب الأهلية اللبنانية اللي بدت لي وكأنها بداية حرب أهلية عربية وقلتها في مقال آخر في بعض المقالات بداية الحرب الأهلية العربية داخل كل مجتمع عربي ولذلك لم أستغرب أن الكتاب أثار بالفعل اهتمام واسع جداً واللي أثارني بتلك الفترة أيضاً الاهتمام الواسع اللي أثاره الكتاب في المغرب بشكل خاص في بلدان المغرب العربي وبشكل خاص في المغرب الأقصى ودُعيت بعد عدة أشهر لأول دعوة يعني للمشاركة في ندوة كانت بالمغرب بسبب هذا الكتاب أو.. وأدركت انه لم يكن هناك شاب بالجامعة يهتم بالسياسة وكان في اهتمام واسع في الجامعة في الجامعات بالسياسة عند الطلبة إلا قرأ هذا الكتاب. وبعد عشرين سنة و15 سنة أنا بأروح على المغرب لا يزال هناك أيضاً ناس قرؤوا هذا الكتاب وبعدين أكتشف إنه في الجزائر أيضاً وسار له طبعة في الجزائر وقرأ وأيضاً في .. لكن ما كنت أروح على المشرق في تلك الفترة لأنه كان عندي مشاكل طبعاً مع النظام بسوريا وكان ترددي بشكل أساسي على بلدان المغرب تونس والجزائر والمغرب فكتبت عم بأقول في الجزائر وعبر عن هذه اللحظة النقدية داخل تجربتي الفكرية أنا نفسي وتجربتي السياسية ويعني الرأي العام العربي استقبله باستثناء بعض المناطق اللي كانت لا تزال تعيش بأتصور سوريا تأخروا كثير حتى .. لكن في كل بلدان المغرب كان له تأثير حقيقي على تفكير جيل كامل.
مالك التريكي: لأنه تناول ظاهرة بنيوية في تركيبة النظام العربي من ناحية وأتى في وقت مطلوب في وقت مناسب وراهنيته إلى حد الآن أنه ما زال مندرج في نفس اللحظة التاريخية التي نعيشها هي لحظة ماذا نفعل لكي نخرج من هذه العطالة السياسية.
"ما يمارس في البلدان العربية هو ليس حكم دكتاتوري بل أكثر هو استعمار داخل استعمار للعقل واستعمار للإنسان وسيطرة من قبل نخبة معمرة"برهان غليون: من هذه العطالة والأزمة وتحدثت فيه وهذه مهمة عن نظرية الاستعمار الداخلي التي أصبحت فيما بعد طبعاً أنا لا أقول أنا وراء الموضوع لكن في فصل كامل أسمه الاستعمار الداخلي وقلت ما يمارس في البلدان العربية هو ليس حكم دكتاتوري هو أكثر من حكم دكتاتوري هو استعمار حقيقي داخل استعمار للعقل واستعمار للإنسان وسيطرة من قبل نخبة معمرة مثل النخب المعمرة القديمة على مصائر المجتمع ككل أصبحت نظرية مهمة للاستعمار الداخلي في العشرة سنين الماضية.
مالك التريكي: وخاصة أنك إذا وصلنا وصلاً تأليفياً الآن بين كتابك الشهير الأول كتاب بيان من أجل الديمقراطية مع كتاب أخر أتى بعد مدة لكنة أيضاً كان له نفس الصدى ونفس الشهرة هو كتاب المحنة العربية الدولة ضد الأمة، الدولة العربية في هذه الدولة العربية كنظام عربي تتبدى كأنها مناقضة لمُسمَّاها وتذكرني بما كان يقال عن الإمبراطورية الرومانية المقدسة التي كان يقال إنها ليست إمبراطورية ولا رومانية ولا مقدسة التي بدأت مع شارلمان ليس لها ليس هناك علاقة بين الاسم والمسمى، الدولة العربية في تشريحك أنت وأنت تشرحها تشريحاً طبياً بمعنى تشريح الجثة ليس لها أي من مقومات الدولة وهي كأنها تنقض أساس الدولة أي تنقض الوجود وجود الأمة.
برهان غليون: فأنا انطلقت من فكرة بالحياة أنه نعامل دائماً أو الفكرة السائدة المفهوم السائد في تحليل المجتمعات والحياة السياسية في المجتمعات العامة اليوم في كل المجتمعات هي فكرة الدولة الأمة. ونفترض أن كل دولة هي دولة أمة يعني بمعنى دولة تعبر عن شعبها ودولة مواطنين أحرار إلى آخره، فالدولة الأمة هي الظاهرة الحديثة هي ظاهرة.. الحداثة السياسية مرتبطة بالدولة الأمة يعني الشعب يصبح مسؤول سياسياً وليس فقط فئة أو نخبة من الملوك والأرستقراطيين، فأنا لاحظت أيضاً ملاحظة نقدية مثل الكتاب نقد ديمقراطي شعرت أنه الحقيقية المشكلة الرئيسية في نظمنا اللي بتفسر ما نعيشه من اضطهاد وشمولية وكبت للحريات هو أن الدولة ليست دولة أمة وإنما بالعكس هي دولة ضد الأمة يعني لا تعبر عن شعبها وإنما موجودة وحاولت أدرس موجودة لعوامل خاصة بما فيها أهم شيء ارتباطها بالدول الكبرى نوع من الاستعمار الجديد يعني ارتباطها واعتمادها على موارد أيضاً مختلفة معنوية ومادية خارج المجتمع وجودها كأداة في يد فئة ضد المجتمع، هي ليس دولة ضد المجتمع لكن الدولة أداة في يد فئة ضد المجتمع وتتحول وتحوَّل إلى أداة ضد المجتمع بدل أن تكون التعبير السياسي عن انتظام المجتمع في وحدة، عن تنظيم المجتمع لنفسه، هي ليست نموذج لتعبير أو ثمرة لتنظيم المجتمع لنفسه في المجتمعات العربية وإنما هي مفروضة عليه بالقوة أصبحت يعني كأنها آلة وأصلاً أصبحت تتجسد في أجهزة القمع، لم يعد هناك فكرة عن الدولة شو وظيفة الدولة؟ شو مفهوم الدولة؟ إذا أخذنا مثلاً الفلسفة الغربية وخاصة عند هيغل بنشوف كيف الدولة هي فكرة أساساً وليست أجهزة قمع هي فكرة تحرر بالنسبة له لكن عندنا فعلاً بالوعي العام بالوعي الإنساني العادي الدولة تساوي المخابرات تساوي البيروقراطية تساوي القمع تساوي الإهانة تساوي الخدمة العسكرية اللي هي ليست خدمة وطنية كما عقوبة وإنما هي عقوبة وتمارس كعقوبة..
مالك التركي: لأن أبناء المتنفذين لا يذهبون.
برهان غليون: لا يذهبون وعندنا قائمة تربية داخل الجيوش ليس على احترام الفرد وتعويده أن يحترم نفسه وإنه يأخذ مسؤوليته وإنما على الانسحاق والقبول بطاعة عمياء وعدم التفكير يعني هي مدرسة لسحق الإنسان وإزالة الفرد عنه إزالة روح الوعي والشعور بالمسؤولية اللي هي بتكون كل إرادة والإرادة الشخصية عن الفرد فهي مطحنة للفردية وللشعوب والمسؤولية والقيم الحديثة، لذلك قلت إنه صعب كثير إنه نحكي عن الدولة العربية كما لو كانت دولة حديثة يعني دولة الأمة لازم يشوفه كأداة خارجية تملكها فئة مستقلة تميز نفسها وأصلا أكثر فأكثر هذا التمييز أصبح واضح اليوم الناس الحاكمين بيشعروا نفسهم كما لو كانوا يتصرفوا كإقطاعيين وبيشعروا نفسهم كما لو كانوا ملاك حقيقيين عقارين يعني للدولة اللي هن عايشين فيه للبلد اللي هن عايشين فيه بما فيه شعبة ويعامل شعبة كما لو كانوا أقنان، أنا بأقول أنه تحولت الدولة من دولة أمة يعني دولة حديثة إلى مزرعة إقطاعية وقلت هذا الشيء فعلا مزرعة إقطاعية بيشعر مالكها إن هو لدية الحق في فعل في عمل أي شيء في الدولة وفي وبالمجتمع إلي عايش فيه وليس للمجتمع أي حق ولا للفرد في المجتمع أي حق في أن يعترض أو يتساءل أو ينتقد سياسة الحاكمين، هذه مزرعة أنا قلت وبيان الديمقراطية كنت بستعملها مزرعة عبودية هذه المزارع عبودية وليس دول أمم حقيقية تحرر الشعب وتعكس حرية كل فرد فيها.
مالك التريكي: هذا طبعا فيه نقد مضمر للمقولة التاريخانية التي تقول التي تتصور أن المجتمعات ستتطور حسب مراحل حسب النظرية الماركسية القديمة.
برهان غليون: كله بتأثير على نفس الخطة وعلى نفس..
مالك التريكي: ونحن هنا نسير إلى المرحلة الأولى إلى أخرنا..
برهان غليون: نحن عدنا إلى المرحلة الإقطاعية لكن بوسائل حديثة تجعل قدرة الفئة الحاكمة اليوم على سحق الفرد أقوى بكثير من أي إقطاع سابق، كانوا يهربوا الناس من سيطرة الإقطاع إلى إقطاع أخرى إلى المدن اللي سميت بعديها أن البورج البرجوازية إلي الأفراد فيها مستقلين لكن الآن في الدولة الإقطاعية الحديثة خلينا نقول ليس للفرد مهربا إلا الهجرة.
[فاصل إعلاني]
المواطنة والنضال من أجل الديمقراطية
مالك التريكي: هذا التحول في إطار ظاهرة الدولة وظاهرة السلطان العربي لها جذور تاريخية حسب رأيك ترجع إلى كون أن العرب كأمة لم يمارسوا السياسة ولم يضطلعوا بتحديد مصيرهم السياسي منذ حوالي عشرة قرون أي منذ وقت الدولة البويهية وصل الأمر إلى حد أن الدولة الاستقلالية التي أتت بعد الاستعمار أصبحت تحقق للاستعمار القديم الجديد من مصالحه ما لم يكن متأتيا له في الفترة الاستعمارية الكلاسيكية ومررنا من ما يُسمى (كلمة بلغة أجنبية) والذي كانت الدولة هي تخلق المجتمع وتشكله مثلما تريد إلى (كلمة بلغة أجنبية) إلى هو مزرعة عند فئة، هل يمكن في هذا الإطار بما أن المواطنية إنقتلت بهذا الشكل عندما تصبح الدولة هي مجرد أداه في عند طبقة متنفذة، متنفذة بشكل سافر واضح للعيان لأنه تنافذ بالمعنى السياسي أو امتلاك المقدرات والخيرات بشكل ابتزاز واضح في كثير من البلدان العربية..
برهان غليون: بما فيها توريث السلطة.
مالك التريكي: توريث السلطة كأمر أيضا مملوك تحت مسمى الجمهوريات هل يمكن الكلام في هذا الإطار عن مواطنية تسمح بالنضال من أجل الديمقراطية؟
"أن تحول كل فرد داخل مجتمع إلى إنسان حر مسؤول مشارك في تقرير مصير الجماعة، هي المواطنة"برهان غليون: لا بهيك الآن الشرط ظهور المواطنية هو تهديم نظام القهر الإقطاعي الحديث اللي هو موجود مستحيل تظهر مواطنية بمعنى أنه يتحول كل فرد داخل مجتمع إلى إنسان حر مسؤول مشارك في تقرير مصير الجماعة، هي المواطنية أما في أفراد عنيدين مقاومين مجموعة من.. بسبب وعيهن وثقافتهن اتصالاتهن الخارجية ويعني عدم قدرة السلطة على وضعهن في قفص وسحقهن موجود بكل المجتمعات وكان موجود حتى في العصور الإقطاعية فلاحين متمردين وفي ثورات فلاحين وإلى آخره لكن اليوم بالوضع الراهن أنا بأعتقد أنه لا يمكن ظهور مجتمعات حية متحركة فاعلة مسؤولة بدون تهديم هذا النظام الإقطاعي السياسي الجديد وبناء ديمقراطيات حديثة، أما شو أصل سؤالك الأساسي شو أصل هذا الاستلاب السياسي اللي هو تحويل الدولة إلي أداة بيد الشعوب بدلا أن تكون أداة بيد المجتمعات أنا باعتقادي طبعا في عدة عوامل العامل الأول هو اليوم أنا بأشعر فيه أكثر هو انحطاط النخب الحاكمة أول شيء، طبعا نحن بنتذكر إنه النظام الشمولي أو النظام المطلق السلطة المطلقة لم ينشأ في العالم العربي في إطار أيديولوجية معادية للجماهير بالعكس نشأ مثل ما نشأت النظم الشيوعية في إطار أيديولوجية قومية عربية جماهيرية تؤمن بالعدالة الاجتماعية..
مالك التريكي: خاصة الناصرية والبعثية..
برهان غليون: الناصرية وإلى أخره وحتى بتونس وإلى آخره كلها كانت الفكرة الوطنية تحرك هذه النخبة لكن تحركها ضمن إطار سلطة مطلقة ودولة أداة تستخدم الدولة لتحويل المجتمع لتحديثه هذه كانت الفكرة لكن عندما انحطت هذه النخبة يعني طالما كانت النخبة فعلا وطنية وفي فترة كانت وطنية عشان هيك أنا ضد التوحيد بين حقبة عبد الناصر مثلا والحقبة الراهنة عند النظم الراهنة صدام ولا غيره، بالعهد الناصري ومجموع النظم اللي كانت قريبة منه كان في فكرة وطنية محركة للنخبة حقيقة تساعدها على ألا تحول الدولة إلى أداة لخدمة مصالحها الخاصة، عندما انهارت هذه الفكرة الوطنية وتحولت نخبة إلى مجموعات مصالح أصبح.. لم يعد هناك مانع لم يعد هناك حاجز معنوي فكري في أن تستخدم النخبة الدولة كأداة لإقامة نظام سيطرة مطلقة سيطرة إقطاعية لتحويل البلاد إلى مزرعة فإذاً أنا بأعتقد أول عامل هو انحطاط الفكرة الوطنية عند النخب الحاكمة لأسباب متعددة.
مالك التريكي: هل يفسر هذا أو هل يؤدي بالضرورة إلى القول بأن هنالك نقطة فاصلة بين مرحلة كانت فيها مسألة الشرعية متوفرة ضد الدولة العربية ثم أتت فترة إنعدمت فيها هذه الشرعية؟
برهان غليون: صحيح كانت هناك فترة يعني لا نستطيع أن نقول أن الحقبة الناصرية لم تكن تملك شرعية شعبية لأنه التأييد الجماهيري اللي كان لعبد الناصر واضح إنه..
مالك التريكي: لدى كل الأمة العربية..
برهان غليون: لدى كل الأمة العربية إنه هذا استفتاء يعني لم يكن مصطنع..
مالك التريكي: (جملة بلغة أجنبية) على قول ترونوي استفتاء يومي..
برهان غليون: تماما لكن شو كان سبب هذا التأييد الهائل الجماهيري لعبد الناصر لأنه كان عبد الناصر عم يطبق برنامج سياسي واجتماعي واقتصادي وجيو سياسي أيضا فيما يتعلق بالوحدة العربية يتماشى يتطابق مع مصالح الشعب ويشعر الشعب إنه هو عم يشتغل من أجله وقت اللي كان يدعي لإزالة الفوارق بين الطبقات كانوا الناس يشعروا وخاصة الفلاحين اللي كانوا مُهمشين في النظم الليبرالية السابقة ومبعدين عن الحياة يشعروا إنه هاي مصلحة عامة وهي مصلحة عامة وطنية هو بداية خلق اندماج وطني داخل مجتمعات عاشت لفترة طويلة الريف معادي للمدينة والمدينة معادية للريف ففي حركة وطنية لا ينبغي أن تنسينا المصائب انحطاط النظام الراهن، الحركة الوطنية اللي نشأت بعد الاستقلال في العالم العربي والتي كان عندها أهداف ليست فقط شرعية وإنما ضرورية دمج الريف والمدينة في إطار سياسي واحد يعني إعطاء الشعور لجميع السكان إنه هم أبناء وطن واحد ليس فلاح ومدني وهذا كان موجود التمييز القائم وأنا بأعتقد هذا التمييز كان مهم إزالته في الحركة الوطنية إزالة الفوارق بين الطبقات بمعنى إنه ما بيجوز يكون في طبقات أرستقراطية إقطاعية تمتلك كل الثروة وشعب فقير لازم يكون في العمال والفلاحين وهيك طلع أحزاب تحالف العمال لهم دور في السياسة لهم دور في الاقتصاد لهم دور في الحياة العامة عندهم مورد إلى آخره، المسألة الثالثة الاهتمام بتحديث إدارة الدولة وتصنيعها التصنيع كان شعار قوي جدا مثل الإصلاح الزراعي، الإصلاح الزراعي كان هدفه إنه إدماج الفلاحين بالحياة العامة وإزالة القهر عن الفلاحين، التصنيع كان هدفه دمج البلدان العربية بالاقتصاد العالمي الصناعي الحديث فهذه يمكن كلها كانت نقاط من برنامج وطني بالحقيقة كان حقيقي ورغم إنه تجري في إطار سلطة مطلقة ونظام شمولي غير ديمقراطي لكن عندما فشلت الحركة الوطنية في التصنيع وفشلت في مقاومة إسرائيل والحد من توسعها أيضا لازم نذكرها لأنه الحركة الوطنية كانت تدافع عن حق الفلسطينيين وعن ضرورة وضع حد لإسرائيل عندما فشلت في خلق إزالة الفوارق بين الطبقات أو عندما نجحت بعض العناصر في أن تزيل هذه السياسة تضرب سياسة..
مالك التريكي: تنقلب عليها.
برهان غليون: تنقلب عليها وعندما أخفقت أيضا في إعطاء بناء هوية وطنية حقيقية تتجاوز العصبيات الريف والمدينة والعشائر والطوائف..
مالك التريكي: ما قبل الدولة.
برهان غليون: ما قبل الدولة عندما فشلت فقدت هذه النظم أتوماتيكيا شرعيتها ولم تعد النخب القائمة قادرة على الاستمرار إلا باستخدام وسائل القمع والقهر والضغط على السكان ومحو أي حياة سياسية في البلدان وهذا ما حصل بالفعل ببلداننا محو الفضاء العام كليا بما فيه من حقوق سياسية وحقوق مدنية أيضا وليس فقط حقوق سياسية لكن أكيد إنه في بعض البلدان ها الانحطاط ليس هو كما ذكرت العامل الوحيد لكن العامل الثاني هو في تحالفات أجنبية، فكرة الغرب التحالف الأوروبي الأميركي أنا بأسميه حول ضرورة الحفاظ على الاستقرار في المنطقة مهما حصل ليس المهم التطوير ولا التنمية ولا مشاركة الشعب وإنما الاستقرار لأنه هذا لصالح إسرائيل ولصالح استقرار تدفع النفط بشكل طبيعي فالحفاظ على الاستقرار اللي كانت استراتيجية وسياسية طويلة المدى عند الأميركيين والأوروبيين في منطقتنا بشكل أساسي أدى للتحالف والتعامل مع الأنظمة القائمة وغض النظر عن كل انتهاكات حقوق الإنسان وهذا سمح لهذه النخب أن تتمادى أكثر مما حصل في أي منطقة أخرى في العالم لأنها لديها ضمانات خارجية لم تعد بحاجة إلى تأييد داخلي بقدر ما هي عندها هذه الضمانات الخارجية..
مالك التريكي: بوليصة التأمين ضد الخارج.
برهان غليون: بوليصة التأمين صارت عندها طبعا في عامل ثالث هو إنه ثقافتنا السياسية ثقافة ضعيفة يعني مجتمعاتنا لم تشهد تجارب ديمقراطية تشارك فيها إلا بفترات متقطعة ومحدودة تسمح لها بأن تعيد تنظيم نفسها وتدافع عن حقوقها.
المصدر:
الجزيرة

Aucun commentaire: