jeudi, avril 02, 2015

خطوة بناءة على طريق التوافق الوطني تستحق التشجيع


أعلن مسؤولون في الامم المتحدة قلقهم من سيطرة النصرة على إدلب. وهم ليسوا الوحيدون. فمستقبل الثورة في سورية مرتبط بقدرة السوريين على تجاوز انقساماتهم والتفاهم على قاعدة تساعدهم على حسم الخلافات التي تمزقهم، والتعايش في ما بينهم، وهذه القاعدة لا يمكن أن تكون إلا الاحتكام للشعب والإذعان لقرار الأغلبية السياسية، ومتابعة الحوار والنقاش في ما بينهم حول ما يقسمهم ويفرق صفوفهم.
وفي هذا الإطار، كبت في مقال سابق أن رسالة زعيم النصرة التي أعلن فيها أن الجبهة لا تنوي حكم مدينة إدلب أو الاستئثار بحكمها، وأكد على ضرورة الحفاظ على الممتلكات والمرافق العامة في المدينة وعلى سير العمل فيها كالمعتاد، تشكل خطوة ايجابية مهمة يمكن البناء عليها من أجل التوصل إلى حل للمعضلة السياسية الكبرى التي لا تزال تضعف قوى الثورة وتأكلها من الداخل، وتغذي الشكوك التي يثيرها الكثيرون في الداخل والخارج حول العلاقة بين القوى الجهادية والقوى الوطنية، والتي تجعل المستقبل يبدو غامضا بالنسبة للسوريين إزاء أي تقدم على الارض وفي مجال التحرير.
وهي تؤكد ما ذكرته في رسالتي للائتلاف من أن المنطق الذي مكن المقاتلين من التفاهم على خطة لتحرير إدلب، يمكن أن يمكنهم من التوصل أيضا إلى صيغة متفق عليها لصيانة هذا النصر، والتعاون على حماية المدن والقرى المحررة، وتجنب الفوضى والانقسام والاقتتال، إذا بذل فيه ما يجب من الجهد والنقاش الجاد.
وهذا ما حصل بالفعل.
لكن أكدت أيضا في المقال نفسه أنه لا ينبغي أن نركن لهذا الانجاز ونعتبره كسبا ناجزا ما لم يتم الاتفاق بشكل واضح على تعميم هذه الصيغة، ليس في إدلب فحسب، وإنما في كل شبر يتم تحريره من سورية، من جهة، وما لم نضع القواعد التي تحول دون عودة النزاع وترسم الطريق الصحيح لحله إذا نشب مهما كانت الظروف والحيثيات من جهة ثانية.
ولا مجال لتحقيق ذلك إلا بالتوافق على مباديء ثابتة وعامة واعتراف جميع الأطراف بها وعدم التراجع عنها، بحيث تصبح القاعدة التي تحكم سلوك كل فرد وفصيل. وأرى أن أهم هذه المباديء التي نحتاج إليها في هذه المرحلة ثلاث.
أولا رفض التفرد بالقرار، وتبني قاعدة التشاور وضرورة مشاركة الاطراف في كل الأمور العامة.
وثانيا رفض مصادرة قرار الشعب لأي سبب، وتأكيد حق الشعب في أن يختار، بعد التحرير، من يمثلونه، وطبيعة الحكم، والمؤسسات والقوانين التي يريد أن تحكمه ويحتكم إليها. فمبدأ التشاور وعدم الانفراد الذي كان صحيحا أو أثبت صحته أثناء حرب التحرير، كقاعدة لتوحيد القوى ضد نظام القتل والدمار، صحيح بشكل أكبر بعد التحرير، كقاعدة لتجاوز الخلافات الطبيعية في كل المجتمعات بين الأفراد والجماعات في وجهات النظر وفي المصالح والتطلعات، كما هو قبلها.
وثالثا رفض أي قتال داخلي بين أفراد الجماعة الواحدة أو الأمة أو التحالف السياسي، وترسيخ منطق الحوار والبحث عن التسويات المؤقتة حيث يصعب التوصل إلى تفاهم أو اتفاق، مع الحرص على استمرار النقاش. ينطبق هذا بشكل أساسي اليوم على مشكلة القضاء التي لا تزال موضع خلاف بين القوى المقاتلة الاسلامية والوطنية، بل الاسلامية نفسها. وهو ما يستحق مجهودا إضافيا في الأسابيع القادمة من قبل جميع الاطراف لتجنب أي صدامات أو انقسامات داخل التحالف يمكن أن تطيح شرط الانتصار. ومطلوب من الجميع الاجتهاد وتقديم اقتراحات.

Aucun commentaire: