dimanche, juin 01, 2014

انتخابات تزوير الإرادة الشعبية

العربي الجديد ١ يونيو ١٤


لن تغيّر المظاهر التي يريد نظام الأسد إلباسها مسرحية الانتخابات الرئاسية الهزلية، من التوقيع بالدم إلى صرخات التأييد الهستيرية التي لا تعرف سوى تمجيد الحديد والنار، من حقيقة أن هذه الانتخابات جزء من أدوات الحرب التي يخوضها النظام، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في المدن والقرى السورية، في منتصف مارس/ آذار من عام ٢٠١١، والتي استعر أوارها بشكل أكبر بعدما زجّت فيها طهران الخمينية بجيوشها السرية وخبرائها وميليشياتها ومتطوعيها ومرتزقتها، وصارت الفاعل الرئيسي فيها.

يحاول النظام، الذي سقط في معركة القصير، كما عبّر عن ذلك أفضل تعبير قائد ميليشيا حزب الله، عندما أكد أنه من دون تدخل حزبه كان النظام ساقطاً، وأن هذا التدخل جاء لمنع سقوطه لا من أجل حماية ضريح السيدة زينب الذي لم يتعرض، في أي وقت، لأي تهديد، أقول يحاول النظام أن يستعيد شيئاً من معنوياته، ويصطنع لنفسه شرعية جديدة، تغطي على السقوط السياسي والأخلاقي المدوّي الذي قادته إليه سياسة التنظيم، المنهجي والمبرمج، لقتل السوريين، وتدمير مدنهم وممتلكاتهم، وتشريدهم في مختلف أنحاء الأرض، هم الذين كان من المفترض أنهم شعبه الذي تشكل حماية حياة أبنائه ورعاية مصالحهم وتأمين مستقبل أبنائهم، مصدر شرعيته الرئيسي، إن لم يكن الوحيد. لكنه لم يفعل بهذه الانتخابات الهزيلة شيئاً آخر سوى تثبيت التهمة المثبتة عليه، وتأكيد ما حرمه، في عقود طويلة، من أي شرعية أو تأييد أهلي، تهمة أنه حكم القوة والقهر الذي ولد بالعنف، وعاش في العنف، ولا يستمر إلا بتعميم الحرب ونشر الإرهاب، وترويع المدنيين وتشريدهم.

لن تضيف هذه الانتخابات الكاريكاتورية شيئاً للنظام، ولن تعدل من صورته، بمقدار ما تثبت أنه لم يتغيّر، ولا يمكن أن يتغيّر، وسيبقى مهما حصل نظام فرض الأمر الواقع، والتزوير الفج والسافر لإرادة السوريين، بذريعة، أو من دون ذريعة.

أما طهران التي تقف وراءه، وتسيّره، فهي تطمح إلى كسب مزيد من الوقت، لاستكمال المناورة بالورقة السورية في مفاوضاتها الدولية، وإذا أمكن استغلال ما تبقى للأسد من صبغة الرئاسة الصورية، لتغيير الطابع الديموغرافي للمدن السورية، وفرض وقائع يصعب الرجوع عنها، وزرع الألغام لتفخيخ أي حياة سياسية سورية مقبلة، لربط مصير سورية نهائياً بطهران، وإعطاء مبررات لتدخلاتها المستمرة.

الانتخابات التي تستخدم جزءاً من الاستراتيجية الحربية، لن تستطيع أن تحسم أي صراع، أو أن تضغط في اتجاه الحسم العسكري لصالح النظام، لكنها تقود، بالعكس، إلى تمديد أمد الحرب، وتستحثّ كل الأطراف على مضاعفة الجهد لتكوين جبهة القوى السورية والدولية لمواجهة جرائم الإبادة الجماعية، المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتريد الانتخابات المزيفة أن تغطي عليها وتشرعن مواصلتها وتعميمها.

بإصرارها على فرض الأسد، ونظامه الهالك، على السوريين، بكل ما أوتيت من قوة وحيلة ومناورة دولية، تأمل طهران بسط سيطرتها الكاملة على ما تسميه الهلال الأخضر، ومن خلاله تطويق المشرق العربي، ووضعه تحت وصايتها العسكرية والسياسية، لكنها، وهي تزج بكل قوتها في هذه المعركة الجنونية، تغامر بإدخال المنطقة في رمال حرب استنزاف طويلةٍ، لن يخرج منها أحد سليماً، وأول الخاسرين ستكون إيران الخمينية نفسها.

على جميع السوريين الذين ملّوا من الحرب والقتل والدمار، ويعتقدون أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية قد تساهم في تحقيق السلام، أن يعرفوا أن مشاركتهم في هذه الانتخابات تصويت لتمديد أجل الحرب، وموافقة على استمرار سياسة القتل والدمار والتهجير، بذريعة مكافحة الإرهاب الذي كان نظام بشار الأسد صانعه الأول، ولا تزال طهران تحتضن قياداته، وتسيّر أجهزته، ليس في سورية فحسب، ولكن، في العالم أجمع. ذلك أن ما يريده صانعو هذه الانتخابات اللاشرعية واللاقانونية هو، بالضبط، قطع الطريق على أي مفاوضات سورية جدية تفتح طريق الحل السياسي والتسوية المقبولة من جميع الأطراف لإنهاء الصراع والحرب.

Aucun commentaire: