رسالة
الاسبوع
وحدتنا
هي الأصل
يا
أخوتي يا أبناء سورية الصامدين
في
الوقت الذي كانت الجمعية العامة للامم
المتحدة تجتمع وتناقش القضية السورية،
صعد النظام القاتل من عنفه ضد المقاتلين
والسكان الآمنين، من دون أن يصدر عن
المجتمع الدولي اي رد فعل، سوى ما عرفناه
من قبل من ادانة لفظية للمجازر، وإعلان
عن مساعدات انسانية أو لوجستية، بالكاد
تخفف من آلام شعبنا الصابر.
لقد
كثف النظام في الأيام الماضية من هجوماته
الوحشية على الأحياء والقرى، وزاد من
استخدام المدفعية والطيران لدك المدن
والارياف، وعبأ المزيد من ميليشياته وفرق
الموت التي اعدها تحت إشراف الايرانيين،
مؤملا أن يدفع قتل الأهالي والتنكيل بهم،
وتدمير سكنهم، ووضعهم في شروط حياة غير
محتملة، إلى التخلي عن المقاتلين او
الانفصال عنهم، حتى يمكن عزل شبابنا
الأبطال عن الشعب الحاضن لهم، وتسهيل
حصارهم والقضاء عليهم. فهو
لا يزال يعتقد أنه لم يخسر ولن يخسر، وأن
لديه القوة الكافية لإخماد ثورتكم العظيمة،
والعودة بنا إلى نظام العبودية والقهر
والتعذيب والارهاب.
أمام
هذا التوحش الجنوني لنظام لم يعد لديه ما
يخسره سوى إجرامه وتفننه في أساليب القتل
والتدمير والتنكيل بشعب كان ينتمي إليه،
وأمام تخاذل العالم وعجزه عن الخروج بقرار
جدي لوقف العنف ْالواقع على اهلنا منذ
تسعة عشر شهرا، ليس لنا سوى اتحادنا نحن
السوريين جميعا، مقاتلين ومدنيين، حضريين
وريفيين، مسلمين ومسيحيين، أكثريات
وأقليات، اسلاميين وغير اسلاميين، أصوليين
وحداثيين، وتمتين تضامننا وتوحيد جهودنا
من أجل وضع حد لهذا النظام الذي لم يقم
ويستمر إلا لأنه نجح في زرع الفرقة
والاختلاف بين السوريين وزج بعضهم في
مواجهة البعض الآخر.
لقد
سقط النظام في قلوبكم وعقولكم كما سقط في
معظم الأرض السورية، لكن ما يجعله مستمرا
وقادرا على القتل والتدمير هو التفرق
الذي لا يزال يسم عملنا، نحن، المقاتلين
وغير المقاتلين من الثوار، ويشتت جهودنا،
وهو التنافس بين قياداتنا الذي يحرمنا
من التنسيق والتعاون ورسم الخطط الكبرى
اللازمة لحصار النظام وتفكيك أوصاله.
لا تزال الكتائب والألوية
تخوض معاركها الضارية في الاحياء والقرى
والمدن من دون تنسيق مع القرى والاحياء
والمدن الأخرى. وهذا يعني
أن النظام، بالرغم من فقدانه السيطرة على
الأرض، لا يزال يتحرك من خلال الطيران
الحربي والقوات والاسلحة الثقيلة التي
يحتفظ بها في المراكز الاساسية العسكرية،
بحرية أكثر، وينتقل من منطقة إلى منطقة
ويدمر منطقة بعد الأخرى.
ما
نحتاج إليه حتى ننتصر ونوفر على شعبنا
المزيد من الضحايا هو ان نحول الارض
السورية بأكلمها إلى شبكة من التواصل بين
مجموعاتنا الناشطة، السلمية والمقاتلة،
نتحرك عليها بشكل متسق ومتكامل بينما
نحول النظام وقواه العسكرية والسياسية
إلى جزر معزولة غير قادرة على الحركة ولا
التنسيق والاتساق. ولا
يمكن لنا تحقيق ذلك إلا بتعميق شبكة
التعاون والتواصل بين قواتنا، وهو ما
يعني ان تكون لدينا قيادة موحدة على مستوى
المناطق وعلى المستوى الوطني معا.
لقد
شكل تكوين المجالس العسكرية خطوة مهمة
على هذا الطريق. وكذلك
يشكل تكوين القيادة المشتركة التي اعلن
البارحة عنها، خطوة مهمة اخرى. لكن
لا تزال هناك مسائل عديدة ينبغي حلها قبل
أن تتحول المجالس إلى أطر تضم جميع الكتائب
وتنسق جهودها، ولا يزال هناك الكثير مما
ينبغي عمله للتقريب بين القيادات التي
تعمل فعلا على الأرض، وكذلك بين القيادات
المشتركة للجيش الحر والجيش الوطني الذي
اعلن عنه في مرحلة سابقة أيضا. فلا
ينبغي أن يبقى أي فصيل خارج دائرة التنسيق
ولا أن يستمر التباعد بين القيادات
العسكرية أو هدر القوى والطاقات في صفوف
الضباط والجنود الراغبين في العمل
والمشاركة. ولا يمكن أن
نصل الى هذا الهدف من دون سن قواعد ومعايير
ثابتة وموضوعية لا تتعلق بالأشخاص وتتجاوز
الأشخاص.
وحتى
نقلب المعادلة كي نتحرك بحرية على ارضنا
ونمنع النظام من الحركة المتسقة، علينا
ايضا تطبيق استراتجية اكثر ديناميكية
قائمة على تشكيل مجموعات صغيرة ضاربة
وقادرة على الحركة السريعة، تتواصل في
ما بينها بشكل دائم، تكون مهمتها تقطيع
أوصال القوات النظامية والشبيحة ومنعها
من التواصل في ما بينها وضرب خطوط مواصلاتها
وتثبيتها في مواقعها قبل القضاء عليها.
وهو عكس ما نفعله اليوم حيث
نكاد نتبادل المواقع مع النظام لنتركه
يتحرك بحرية بينما نبقى نحن مثبتين في
الأحياء والمدن.
ولا
بد أخيرا من العناية بقضايا التجهيز
والإمداد بصورة جدية. وهذا
يتطلب بناء تحالفات دولية ثابتة وواضحة
يمكننا الاعتماد عليها لتأمين السلاح
والذخيرة في الوقت المناسب وبالكمية
اللازمة. وهذا يتوقف ايضا
على وجود قيادة عسكرية موحدة، تكون هي
نفسها على اتفاق وتفاهم كاملين مع قيادة
سياسية لا نزال نفتقدها بسبب وضعنا
حساسياتنا وخلافاتنا السياسية والايديولوجية
قبل مصالحنا الوطنية وفي مقدمها انتصار
ثورة الكرامة والحرية.
باختصار
لا ينبغي أن ننتظر الكثير من المجتمع
الدولي للخلاص من الأوضاع التي قادتنا
إليها سلطة إجرامية تتصرف كعصابة أكثر
مما تتصرف كمركز قرار يتعلق بمصير دولة
وشعب. بل إن مساعدة المجتمع
الدولي لنا وتخليه عن انقسامه وتخاذله
وعجزه وقطعه الكلي مع النظام رهن بتغيير
موقفنا من أنفسنا وقضيتنا، وتجاوزنا
لخلافاتنا ومخاوفنا بعضنا من البعض الآخر،
بل أكاد أقول بشفائنا من أمراض طفولتنا
السياسية .