mercredi, janvier 26, 2005

لماذا لا يمكن إصلاح الجامعة العربية

اتحاد 26 يناير 05

أقر مجلس وزراء خارجية الدول العربية الذي عقد في العشرين من شهر كانون الثاني يناير الجاري مشروع إنشاء برلمان عربي بينما تجاهل ملفات ورحل إلى قمة الجزائر المقبلة في شهر آذار مارس أو إلى ما بعد ذلك، حسب مزاج القادة العرب وتقديراتهم وأجندتهم الشخصية، قضايا أكثر أهمية مثل محكمة العدل العربية التي كانت قد أقرت في قمة القاهرة عام 1996 ووافق عليها المجلس الوزاري نفسه عام 2000 لكنها لم تر النور منذ ذلك الوقت، وهيئة متابعة قرارات الجامعة وإصلاح آلية التصويت داخل الجامعة ومشروع تكوين مجلس أمن شبيه بمجلس الأمن الدولي لكن على مستوى المنطقة العربية ومجلس قومي للثقافة العربية ومصرف عربي للتنمية.
ويعتقد مسؤولو الجامعة أنه بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي يواجهها مشروع الاصلاح الذي قدمه الأمين العام واعتمدته من حيث المبدأ الدول العربية في سعيها للتخفيف من الضغوط الخارجية والتظاهر بامتلاكها مشروعها الخاص للاصلاح في مواجهة المشاريع المفروضة من الخارج أن إقرار البرلمان خطوة أولى تعبر على الأقل عن استمرار الأمل في تقدم عملية الاصلاح والسير إلى الأمام.
وفي جميع المقاييس تشكل نتائج المجلس الوزاري العربي خيبة أمل عميقة لكل المتابعين لملف العمل العربي المشترك ولمشروع الاصلاح العربي من الداخل أيضا. وربما جاءت الموافقة على البرلمان العربي كتغطية على الفشل وكترضية شكلية للرأي العام الذي ينتظر تحركا ملموسا على جميع الأصعدة وفي جميع الميادين. فالبرلمان الجديد الذي يتكون من 88 عضوا يعينون من قبل برلمانتهم الوطنية أو حكوماتهم للسنوات الخمس القادمة بالتساوي، أي بحدود أربع نواب لكل بلد، يعكس الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها التي قادت التعاون العربي إلى الطريق المسدود الذي لا يزال يتخبط فيه منذ منتصف القرن الماضي. فلا أعتقد أن لدى عربي واحد أدنى شك في أن البرلمان الجديد سوف يكون صورة باهتة أكثر للبرلمانات العربية الكثيرة القائمة والتي ليس لها وظيفة أخرى سوى المصادقة على سياسات وقرارات النخب الحاكمة التي تخدم مصالحها وحدها ولا تعبر ولا بنسبة محدودة عن مصالح المجتمع أو أغلبيته الساحقة. ولن يكون سلوك هؤلاء النواب الجدد الذين ستختارهم أجهزة الأمن في كل دولة، حتى تضمن أن لا تسير الأمور داخل البرلمان العتيد لصالح الحكومات العربية الأخرى بغير ما تريد هي، مختلفا عن سلوك أي عضو ممثل لهذه الدولة أو تلك ضمن بيرقراطية الجامعة العربية التقليدية. إن كل ما سيضيفه هو توسيع القاعدة العددية لهذه البيرقراطية وجعل بلورة القرارات التي تتخذها الجامعة العربية أكثر تعقيدا وتوفير دهاليز سياسية أكثر لدفنها أو تجميدها حتى يصعب على الرأي العام انتقادها. إن إقرار البرلمان العربي لا يعبر عن خطوة إلى الأمام ولكنه مبادرة فارغة هدفها التغطية على الجمود وطمس انعدام الإرادة وغياب التفاهم معا بين أطراف المنظومة العربية حول برنامج إصلاح جدي.
ليس هناك أي لوم في ذلك على الجامعة العربية نفسها أو على أمانتها العامة. فالجامعة ليست في الواقع سوى مرآه شفافة للحكومات العربية التي تتحكم بها ولا تسمح لها بأي استقلالية ولو كانت هامشية. وهي في طبيعة تكوينها ووضعها والوظائف الموكلة لها لا تختلف كثيرا عن المؤسسات الرسمية الأخرى القائمة في البلاد العربية. فهي جميعا مفرغة من المعنى ومن المضمون لأنها تفتقر إلى جوهر ما يجعل منها مؤسسات حية وفاعلة، أعني الارتباط بالمجتمع والاستناد إليه والاعتماد على توجيهاته ومشاركته ومراقبته وبالتالي بسبب خضوعها الآلي لإرادة النخب الأقلوية المقطوعة تماما عن مجتمعاتها والمفتقرة في ثقافتها وسلوكها معا لمعنى السياسة الوطنية ومضمونها. فالانفصال عن المجتمع وعن قواه الحية، وهو الانفصال الذي يعززه ويعمقه غياب القوى الاجتماعية والسياسية المنظمة التي تساعد على بلورة إرادة المجتمع بفئات مصالحه المتنوعة والمتعددة، يحول هذه المؤسسات، وعلى رأسها الدولة ذاتها، إلى أدوات طيعة تستخدمها النخب الحاكمة لتنفيذ مآربها وتحقيق مصالحها كما تتصورها كاملة.
ومن هنا نجد أن الدولة التي يفترض فيها أن تساعد المجتمع على توحيد إرادته عبر توسطها بين المصالح المتباينة وبث الاتساق فيها تتحول إلى آلة تقسيم وتفتيت له لضمان السيطرة عليه وإخضاعه وقهره واستبعاده من أي حياة عمومية. ومجلس نواب الشعب أو البرلمان الذي يفترض فيه التجسيد الشفاف للسيادة الشعبية وتكوين أغلبية شرعية تقوم برسم السياسات الوطنية يتحول إلى وسيلة استثنائية لتزييف الإرادة العامة وفرض تشريعات وسلطة الأقلية الحاكمة بالسلاح والعنف. والجيوش أو القوات المسلحة المكلفة بالدفاع عن المصالح الوطنية ضد التحرشات والتهديدات الخارجية تصبح الركيزة الرئيسية للتفاهم والتعاون بين النخب المحلية الحاكمة والدول الأجنبية وتعميق النفوذ الخارجي . وأجهزة الأمن التي يفترض فيها حماية الفرد وضمان احترام حقوقه وصيانة استقلاله الذاتي تجعل من بث الرعب والخوف الوسيلة الرئيسية لتجريد الأفراد جميعا من حصانتهم الطبيعية وإضاعة حقوقهم السياسية وأحيانا المدنية، أي لإلغاء السياسة وتحويل المواطنين إلى محاسيب طيعين مفتقدين للحرية والكرامة معا. والقضاء الذي يفترض أن ينشر العدل بين الناس بحل النزاعات في ما بينهم على أسس قانونية وأخلاقية لتعزيز روح السلام والأمن الأهليين وتعميق الوحدة والانسجام بين الأفراد يصبح هو المصدر الرئيسي لتكريس المظالم وتبرير العدوان وتعميم مبدأ حرب الجميع ضد الجميع.
باختصار، إن المؤسسات لا توجد، بكافة أنواعها، إلا بالقوة والروح التي تسكنها وتسيرها. وفي غياب مجتمع حي ومنظم يمسك المؤسسات من الداخل ويشغلها لصالحه، تتحول جميع مؤسسات الدولة والدولة ذاتها إلى أدوات تستخدمها الفئات التي تتحكم فيها، من بيرقراطية وغيرها من أصحاب المصالح والنفوذ، إلى أدوات لكسر إرادة الناس وتعميق استلابهم وتكبيلهم بالقيود وقتل أي حياة أو مبادرة أو قدرة على الحركة والتنظيم الاجتماعيين فيهم.
ومن هنا، كنت أعتقد ولا أزال أن المشكلة التي تحكم كل مسائل الاصلاح وتتحكم بها، في الجامعة العربية كما هو الحال داخل كل بلد عربي على حدة، كانت ولا تزال هي التغييب المتعمد والمنظم والمنهجي للمجتمع من الحياة العامة وفرض الانسحاب الكامل عليه أو تهجيره خارج حقل السياسة والمدنية والشأن العام بأي طريق كانت.
ولأن مؤسساتنا الراهنة جميعا، من الدولة إلى المنظمة الإقليمية، أعني الجامعة العربية، مرورا بالبرلمانات ومؤسسات الدفاع والأمن ومؤسسة القضاء ودور العلم من مدارس وجامعات، تظل وهي إطار مفرغ من المضمون، فليس من الممكن إصلاحها ولا توجد وصفة إصلاحية ممكنة تفيدها. وحتى تصلح ويسري عليها مبدأ الإصلاح ينبغي أن تكون ذات مضمون أو أن يعود إليها مضمونها أعني المجتمع الذي أقيمت من أجله وصممت لتكون أداة لخدمة مصالحه. وإصلاحها لا يعني شيئا آخر سوى إعادتها إلى حقيقتها الوجودية بوصفها الأطر القانونية التي ينظم فيها المجتمع، فكريا وعمليا واقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا، نفسه ذاتيا، أو التي ينتظم في علاقة مدنية عبرها. وهذا يعني أن ينتهي استلابها تجاه النخب الحاكمة كي تعود إلى المجتمع ليكون حاملها و محركها الحقيقي. عندئذ يمكنها أن تتحول إلى مؤسسات عامة وأن تتمتع بسلطة مؤسسية فعلية نتيجة ما تحظى به من الصدقية في الفاعلية الاجتماعية التي تقودها وتنظمها. ومثل هذا العمل، أي ملء هذه الأطر الفارغة بالمضمون المجتمعي العمومي الذي افتقرت له حتى الآن أو بسلطة المجتمع، ممنوع اليوم على الجامعة العربية كما هو ممنوع على غيرها من مؤسسات الحياة السياسية العربية وفي مقدمها كما قلت الدولة. ولذلك ليس من الممكن الاصلاح من دون التغيير، أي من دون تغيير علاقة السلطة السائدة أولا والبيئة السياسية والثقافية والفكرية العربية. فلا إصلاح ممكنا للجامعة العربية مع الأسف من دون إصلاح المجتمعات العربية نفسها، أي إصلاح الدولة والحياة السياسية العربية عموما، أو بكلمة أدق من دون وجود مجتمع.

samedi, janvier 22, 2005

أزمة المثقفين العرب


الجزيرة الفضائية برنامج الكتاب خير جليس
22 يناير05
مقدم الحلقة: خالد الحروب
ضيفا الحلقة: - هشام شرابي/ رئيس اللجنة التنفيذية بمركز تحليل سياسات فلسطين بواشنطن- برهان غليون/ رئيس مركز دراسات الشرق في جامعة السوربون
تاريخ الحلقة: 22/1/2005
- إعادة إنتاج النصوص وتصنيفات المثقفين- تغير دور المثقفين وتوسع قاعدتهم- ما يستطيع المثقف فعله أمام الزخم الإعلامي
خالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج الكتاب، أزمة المثقفين العرب هذا هو عنوان جليس هذا اليوم وهو كتاب من تأليف المفكر العربي هشام شرابي، الكتاب يحتوي على نصوص حول دور المثقفين العرب وحول الحداثة وصدمتها وحول المجتمع الأبوي وأزمة الخطاب العربي العلماني وغير ذلك من قضايا البروفيسور هشام شرابي معروف للقارئ العربي والغربي بكتاباته حول هذه الموضوعات وهو الذي ظل يهجس بها عقوداً من الزمن، أحد كتبه الأولى عن المثقفين العرب والغرب والذي صدر عام 1970 احتل موقعاً مركزياً في الأدبيات التي تتحدث عن دور المثقفين ورواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كتب أيضاً عن بنية المجتمع العربي وانتقد ما سماه نمط الأبوية أو البطركية السائد في هذا المجتمع والذي يعتبره جذر كثير من التخلف الذي يسم هذا المجتمع، حتى صارت لفظة المجتمع العربي الأبوي ملازمة لهشام شرابي، لكن من هو المثقف العربي وما هو تعريفه؟ أهو المتعلم المطّلع أم هو المثقف الأيديولوجي المبشر بمشروع للتغيير أم هو المدافع عن تطلعات الشعب ضد قمع الأنظمة، أم هو الجسر الواصل بين الثقافات الخارجية والثقافة المحلية؟ وأيضاً من هو مثقف الشعب ومن هو مثقف السلطة؟ وهل بالضرورة أن يتصف الأول بالنضالية والثاني بالتبعية هذا ما سنناقشه اليوم مع ضيفين كريمين هنا في الاستوديو هما الدكتور هشام شرابي مؤلف الكتاب ورئيس مجلس إدارة صندوق القدس ورئيس اللجنة التنفيذية بمركز تحليل سياسات فلسطين في واشنطن والدكتور برهان غليون رئيس مركز دراسات الشرق في جامعة السوربون وهو الذي كتب أيضاً عن دور المثقف العربي إزاء النخب الحاكمة وأيضاً عن اغتيال العقل في الثقافة العربية وكذلك هموم الحداثة والتحديث في المجتمعات العربية، دكتور هشام، دكتور برهان، أهلاً وسهلاً بكما.

إعادة إنتاج النصوص وتصنيفات المثقفين
أول ما يتبادر للذهن دكتور هشام بعد قراءة الكتاب إنه فيه بعض النصوص تتصف ببعض القدم، يعني تم اختيارها من كتابات ساهمت فيها سواء في كتب أو مؤتمرات أو غيرها والآن مثلاً وضعت بين دفتين هذا الكتاب سؤالي الأول يعني ما الذي يعطي شرعية لنص قديم أن يُعاد إنتاجه في كتاب جديد؟
هشام شرابي: لا يوجد شرعية لشيء من ها النوع وإنما يوجد نص يظهر واقع مزدوج، النص الذي يتعلق فيَّ شخصياً من النص الأول وهو 47 إلى النص الأخير وهو 2001، كذلك هذه النصوص تعكس واقع آخر غير الواقع الذاتي، الواقع الاجتماعي تماماً كما وضعتُ هنا باختصار في المقدمة، المقالات تعكس واقعاً مزدوجاً واقع المراحل والتجارب الفكرية التي مررت فيها شخصياً وأيضاً واقع الأحداث والتغيرات الاجتماعية والسياسية في الوطن العربي، في النصف القرن الأخير يعني من الـ47 للـ2001 أو إثنين بالأحرى.
خالد الحروب: في المساهمة الأولى اللي هي يعني مباشرة أيضاً ولها علاقة بالعنوان أزمة المثقفين العرب، يذكر الدكتور هشام أن هناك تصنيفات للمثقفين، طبعاً هذه من الكتابات أيضاً القديمة اللي هي هناك مثقفون سلفيون يعودون إلى الماضي ويحاولون إعادة إنتاج التراث بصيغ معاصرة، هناك طبعاً المثقفون العلمانيون وفي الوسط يقف المثقفون القوميون يعني جزءاً من هذا وجزءاً من ذاك، هل هذا التصنيف مازال قائم ينطبق على شرائح المثقفين العرب في الوقت الراهن، أم أن هناك تصنيف آخر؟ وأنت أيضاً كتبت عن هذه الموضوعات وتصنيفات المثقفين العرب.
"تطبيق الشريعة يعني إعادة تأسيس القيم الإسلامية التي انحرفت المجتمعات عنها " برهان غليونبرهان غليون: يعني هو أول شيء لازم نقول إنه فعلاً كان اختيار موفق فعلاً إنه تجيب الأستاذ هشام شرابي من شان مناقشة أزمة المثقفين العرب أو كتاب يتعلق بأزمة المثقفين العرب وبالحقيقة إنه هشام هو نموذج لـ.. مساره نموذج لمسار المثقفين العرب على الأقل في نصف القرن الماضي ويمثل.. والكتاب أيضاً في نصوصه المختلفة يمثل إلى حد كبير هذا التحول في مسار المثقفين العرب واللي كان جزء أساسي أيضاً من.. من مسار الأستاذ هشام وهو بالحقيقة يعني تجسيد أيضاً لأزمة المثقفين يعني لأزمة الفكر العربي اللي بلَّش بدأ خلينا نقول من منتصف القرن العشرين لليوم في محاولة لتلمس معالم الأزمة العربية، أزمة المجتمعات العربية ولا يزال يتخبط، جميعاً لا نزال نتخبط من أجل الوصول إلى رؤية أدق ورؤية أعمق تساعد على تحويل هذه المجتمعات والكتاب مهم أيضاً، لأنه بيبين أيش قد إنه بقدر ما الأستاذ هشام مهووس بالتغيير المثقف كان فعلاً مهووس بالتغيير، هون بدي أرجع بالمثقف العربي كان مهووس بالتغيير ولا يزال، لا يزال الفكرة الرئيسية عند المثقف هي التغيير، الآن ضمن إطار ها التغيير، هالهوس العام والحقيقي والإيجابي، طبعاً يعني مش مجال للنقد السلبي، للمثقف العربي يمكن نقول إنه فيه فئات متعددة فعلاً، فيه تيارات متعددة داخل ها الفكر العربي بين المثقفين العرب، فيه هوس للتغيير في اتجاه ما نسميه بأسلمة المجتمع اليوم، يعني إذا قلنا فيه نخبة إسلامية، مثقفين إسلاميين يريدون أن يوجِّهوا المجتمع أو يعتقدون أن إعادة بناء المجتمعات بما يجعلها أكثر نجاعة وأكثر قوة وأكثر حضارة، هو التوجه نحو اتجاهات إسلامية، لتطبيق الشريعة يعني إعادة تأسيس القيم الإسلامية التي انحرفت المجتمعات عنها في تصورهم، هناك مثقفين يتحدثون بالفعل عن.. يمكن الأستاذ هشام كمان بيمثل هون عن العلمانية مشروع للتغيير في اتجاه مجتمعات علمانية يعني تتخلى إلى حد كبير عن.. مش عن الدين، عن خلط الدين بالسياسة وخلط الدين بالحياة اليومية ويطمحون إلى تحديث خلينا نقول أو أحياناً يستعمل الأستاذ هشام نفسه الكلمة، قريب من التغريب يعني قريب من إعادة استنباط خلينا نقول البنى الحديثة اللي ظهرت بأوروبا لكن في سياق عربي وفي بلدان عربية، فيه تيارات أخرى يعني ممكن نقول إنه كانت أكثر يسارية، ماركسية، اشتراكية وأخرى كانت أكثر ليبرالية، لكن اليوم بالوضع الراهن يمكن التيارين الرئيسيين اللي يتصادمان في العالم العربي، هو تيار المثقفين الإسلاميين وداخل الإسلاميين هناك..
خالد الحروب: كتير أطياف أي نعم.
برهان غليون: توجهات مختلفة طبعاً يعني فيه إسلاميين اليوم ديمقراطيين، فيه إسلاميين ينتمون إلى فئات كتير تقليدية وكتير سلفية وداخل أيضاً هناك تيار آخر من المثقفين اللي كان أصلهم يساري واللي كان أصلهم نصف ليبرالي واللي كان أصلهم ربما راديكالي بالمعنى الأوروبي للكلمة يعني للتغيير وأنا بأعتقد إنه الأستاذ هشام كان منهم يعني الراديكاليين..
خالد الحروب: الجذريين.. الجذريين.
برهان غليون: الجذريين، كل هؤلاء التيارات تتحول اليوم إلى طيف واسع هو الطيف الديمقراطي، يعني الهدف هو أو يعتقد هؤلاء وأنا أعتقد معهم أن تغيير المجتمع في اتجاه أكثر ديمقراطية هو خطوة ضرورية هو ليس حلاً..
خالد الحروب: أي أكثر..
برهان غليون: وإنما خطوة ضرورية في اتجاه التغيير.
خالد الحروب: تيار يعني ديمقراطية أكثر من كونه مودلج يعني بمعطى أيديولوجي مسبق يعني إنه مثلاً مش مُعبأ مثلاً ماركسياً أو إسلامياً أو حتى ليبرالياً، دكتور هشام يعني معناه.. معنى ذلك إنه بشكل أساسي مازال الوصف تقريباً ينطبق إنه يعني فيه تيارين أساسيين، تيار مثلاً علماني وتيار سلفي، هل لو أتيحت لك إعادة النظر في هذا التصنيف، خاصة قد يقول البعض إنه السلفية مثلاً الوصف السلفي قد ينطبق عندك أصول الليبرالية وعندك أصولي قومي مثلاً إنه متمسك.. أو أصولي ليبرالي زي ما نسمع أصولية السوق مثلاً فعندك مثلاً، أصوليين بأطياف مختلفة وعندك مثلاً ليبراليين بأطياف مختلفة، يعني قد نعكس التصنيف كله، يعني ما رأيك؟
هشام شرابي: يعني أنا المقاربة التحليلية لموضوعة المثقفين العرب وأزمتهم مبنية على تصنيف أساسي وهو أن وضع المثقف الاجتماعي والفكري، الاجتماعي والفكري يعني الانتماء لمجتمع معين في فترة معينة وتوجه إيديولوجي، هذا التصنيف، هذه المقاربة تجعلنا نرى أن في القرن.. نصف القرن الماضي اللي بيتناوله الكتاب حدث تغيير أساسي في تركيبة المثقف وفي اتجاهه وبالتالي في دوره الاجتماعي وهو بنظري أهم شيء اليوم، خليني أعطي مثل دقيق، يعني عندما كتبت أول مقالة على الموضوع بالأربعينات أو الخمسينات المثقفون العرب في نصف القرن كان طه حسين والعقاد، توفيق الحكيم، يعني أشخاص يمثلوا ذروات أساسية قلائل، المثقف كان شيء فذ، كاتب كبير، مؤلف أو شاعر أو.. كانوا منهم أطباء ومحاميين، توجهاتهم كانت مبنية على خلفية الأيديولوجية النهضوية وكانت واضحة من حيث السلفيين، من حيث العلمانيين، سلامة موسى إلى آخره وأيضاً من حيث الحداثة أول واحد حكى بالحداثة مضبوط هو طه حسين، هلا بعد خمسين سنة، هذا التصنيف أو هذا الـ(Categorization) للمثقف العربي، لم يعد يصلح إطلاقاً ما عادش فيه مثقف مثل طه حسين، نوعيةً وعدداً ووظيفة، نحن هلا فيه عندنا حوالي مائتين جامعة في العالم العربي سنة الخمسين يمكن كان فيه ثلاث أو أربع جامعات، ما حدث إنتاج المثقف على الصعيد الاجتماعي أصبح المثقفون جمهور قوة فاعلة المجتمع من حيث إنها عددياً ضخمة، هلا مثل ما قال الدكتور برهان حدث من الستينات إلى الوضع الوقت الحاضر على صعيد الأيديولوجيا تغيير مماثل يعني الحركات المختلفة التي رافقت الناصرية واليسار والشيوعية والإخوان المسلمين، كل هذه الحركات في آخر القرن أصبحت بالنسبة للمثقفين لم تعد تحددهم (To Define Them) فاليوم نحن الآن نتعامل مع قوى جماهيرية مش بالمعنى العددي المطلق مثل الجماهير الشعبية، إنما أعداد ضخمة من أناس نساء ورجال مؤهلين بشكل خاص لتحليل المجتمع وقضاياه، تكوين رؤية لما يجب أن يتجه فيه هذا المجتمع على الصعيد السياسي والاجتماعي وبناء خطاب نقدي.. نقدي لمكافحة الوضع الراهن على صعيده السياسي والاجتماعي والفكري.

تغير دور المثقفين وتوسع قاعدتهم
خالد الحروب: إذاً يعني الشيء الذي يجب أن نتوقف عنده في هذه الصيرورة تحول المثقفين من أعلام أو أقطاب كبيرة نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، طه حسين، إلى شريحة إنه صار فيه عندنا يعني تغير كبير تغير جوهري في.. وهذا بينعكس على تغير دور المثقف، يعني دائماً هذا الأطروحة الكبيرة، ما هي دور المثقف؟ طب إذا المثقف نفسه تحول من طليعة فردية إلى شريحة، هل هذا يعني يميّع من دور المثقف برهان أم إنه يدفع فيه باتجاهات جديدة أو إلى أي مدى؟
برهان غليون: مهم.كثير إنه واحد يشوف التغير دا والمثقف فعلاً بالبلدان العربية، هلا العنصر اللي ذكره الدكتور هشام صحيح إنه.. إنه توسعت قاعدة المثقفين يعني كانت أقلية صغيرة وأقلية نافذة لكن صغيرة ومرتبطة بالقرار، يعني كانوا أصلاً منتمين لعائلات كبيرة، منتمين.. وقادرين إنه يؤثروا بالقرار السياسي وقريبين من العائلات السياسية، لأنه كانوا قريبين أيضاً من أصحاب القرار من العائلات أصحاب القرار، الآن صار المثقفين ثلاثة أرباعهم من أصول شعبية وفلاحين وإلى آخره وإذاً عندهم النفسية أيضاً مختلفة وإيش، لكن أنا باعتقادي اللي أثر على دور المثقفين مش فقط توسع القاعدة، أهم من ذلك بكثير هو إنه ببلدان مثل بلداننا المثقف ارتبط فيها فعلاً بمشروع الحداثة تحديث الدولة والمجتمع، أصلاً ما كان موجود قبل ما يصير فيه فكرة التحديث وارتبط بمشروع التحديث وكان الديناميكي له يعني الفاعل الرئيسي إله ليش؟ لأنه التحديث فكرة أتت من الخارج ليس من نمو نمط إنتاج رأسمالي وتقني حديثي داخل المجتمعات، الفكرة آتتنا لأنه شفنا مجتمعات أخرى أكثر تقدماً تكنولوجياً وعلمياً منا، فتأثرنا من الخارج وحامل الفكرة الرئيسية هو المثقف، يعني المثقف لعب دور أساسي أول شيء في إدخال فكرة الحداثة، لعب دور أساسي في نشرها وتطويرها، ثم لعب دور أساسي منذ أول القرن العشرين في بناء الأحزاب السياسية نفسها محمد عبده وغيره كانوا والحركات الإصلاحية وكل الحركات السياسية كانت مبنية من قِبَل المثقفين بما فيها الحركات القومية والحركات الماركسية والحركات الاشتراكية، كلها هي عمل مثقفين لأنه الطبقة البرجوازية خلينا نقول المعتمدة على وجودها الاقتصادي ضعيفة وهشة وما عندها تفكير وتبحث عن الربح ولا تزال طبقة رجال الأعمال في بلادنا يعني طبقة بدون وعي، طبقة بدون وعي سياسي، بدون وعي، بدون اهتمام بالشأن العام ولذلك المثقف كان إله دور استثنائي في تحريك المجتمعات، في بناء الأفق السياسي في بناء الحقل السياسي، في تشغيل الحقل السياسي، شو صار من.. من الستينات؟ اللي صار إنه من الستينات إنه المثقفين اللي شاركوا بالأحزاب، مثل البعث والناصريين والماركسيين وكلهم..
خالد الحروب: الحركات القومية المعروفة.
برهان غليون: دخلوا أخدوا سلطة، يعني بعض الأحزاب أو أكثر الأحزاب اللي المثقفين كانوا على رأسها ودفعوا وأخذت نجحت إنه فيه تأخذ سلطة بانقلابات عسكرية أو بغيرها، خلال وجودهم بالسلطة صار فيه فرز، البيروقراطية أخذت بالحقيقة السلطة يعني أكثر فأكثر جزء من المثقفين تحولوا إلى البيروقراطية بالإدارة وبأجهزة الأمن وبالاقتصاد وأصبحوا يدافعوا عن مصالح كثير مرتبطة بوجود النظم الراهنة ويدافعوا عن الديكتاتورية وعن الاستبداد وعن كل شيء وبنفس الوقت صار عندهم رغبة في تنحية المثقفين جانباً، من الستينات لليوم الأنظمة اللي حصلت اللي نشأت في العالم العربي، في مصر، في سوريا، في اليمن، في العراق، في كل البلدان، كان هدفها الرئيسي هو عملياً إعدام المثقفين، بأي معنى إعدامهم يعني مش إعدامهم شنقاً بالمقاصل وإنما..
خالد الحروب: لكن برهان.
برهان غليون: استثناء.. إخراجهم من الساحة وتسكيتهم وإخراسهم حتى يمكن ضبط النظام كما هو..
خالد الحروب: لكن إذا يعني هذا..
برهان غليون: لم يعد لهم دور سياسي، صاروا عبارة عن أنبياء في الصحراء يصرخون في الصحراء أكثر من أي شيء ثاني.
خالد الحروب: لكن هذا طبعاً يعني هذا بيطرح سؤال يعني كبير يعني دكتور هشام إنه المثقف الذي يعني كان يعني مبشراً بأيديولوجية معينة أو بحركة حزبية وهذه الحركة الحزبية وصلت إلى السلطة ثم تحول هذا المثقف من مثقف إلى رجل سلطة، بيطرح لنا هذه الإشكالية، ما هي علاقة المثقف بالسلطة؟ هل المثقف يجب أن يكون دائماً على الصف المعارض للسلطة، ناقد للسلطة أم أن المثقف ممكن أن يكون صاحب مشروع نقد باتجاهين باتجاه السلطة وباتجاه المجتمع؟ وحيثما يتوجه النقد يعني بضمير حر بنوع من.. وهذه الأوصاف يعني إنه مثلاً الشرطة عفواً السلطة اشترت هؤلاء المثقفين فأصبحوا مثقفو سلطة وإحنا يعني في التاريخ العربي الإسلامي، علماء سوق يعني حتى علماء الدين يعني علماء سوق وهذا عنده تاريخ في كل ثقافة من الثقافات، أين هو موقع المثقف من السلطة؟
هشام شرابي: هذا الموضوع أساسي جداً ودائماً موجود، إنما تغيير طبيعة السلطة وطبيعة المجتمع اللي نحن فيه الآن، هو في صميم الأزمة التي يواجهها المثقف والأزمة هذه ناتجة عن إنه ما حدث في المجتمع العربي من.. بكامله بكل مجتمعاته القُطرية إنه بعد انهيار الأحزاب الأيديولوجية وبعد انتهاء الناصرية بالسبعينات وإلى آخره وبعد هجمة الأموال النفطية والاتجاهات الاقتصادية والسياسية، صفَّى المجتمع العربي مؤلف من جماهير ما عادش فيها بأي معنى دقيق طبقة وسطى وطبقة حاكمة تملك كل السلطة وكل الثروة وها الشريحة التي تقف بينهما.. فوقهما.. فيهما وهي المثقفون اللي واعيين، اللي عندهم نظرة نقدية، اللي عندهم قدرة على تأمين أمورهم الخاصة ودخول ها الطبقة الحاكمة والثرية والعمل معها أو بالعكس مجابهتها فبعد.. بعد القضاء على الأحزاب اللي كنت عم بتحكي عنها، إعدام المثقف، لم يعد هناك أحزاب تأخذ وتعطي مع.. مع الحاكم يعني على القليل الأحزاب حتى الوفد حتى الأشياء المحافظة الليبرالية كانت تخلق نوع من الجسر بين الشعب وبين الحكام، الآن لا يوجد إلا فراغ بين الجماهير الشعبية والحكام، فدور المثقف مثل ما بأشوفه مفروض عليه بسبب هذا.. هذه التركيبة الاجتماعية السياسية، أنا.. أنا بدي أسألك أنت كيف بتشوف دور المثقف ضمن هذا السياق؟
برهان غليون: بس بدي أصلح بس هاي الفكرة اللي يمكن فهمها عني غلط خالد.
خالد الحروب: اسمح لي قبل بس ما أتيح المجال لكن حتى نتابع هذا الخط السلطة، إن بعض المثقفين أيش يعني عندهم هذا الطرح، يقول لك يعني أنا مخلص لقضايا المجتمع، عندي موقف نقدي من السلطة، لكن مساهمتي مع السلطة قد تكون من موقع إصلاحي إنه أستطيع أن أساهم مساهمة يعني تحسن الظروف التي سوف تعود على المجتمع يعني بنوايا حسنة ومن نوايا..
"المجتمع العربي بكامله مصيره مهدد، فإن لم يحدث تغيير جذري في العلاقات الأساسية للأنظمة الاجتماعية والسياسية سوف يسير المجتمع إلى الهاوية" هشان شرابيهشان شرابي: بدي أقاطعك بس بين هلالين نحن الآن في أزمة لا.. لا يمكن أن يكون موقف المثقف بهذه الرفاهية الفكرية إنه يقعد ويعطي نظريات وأفكار، المجتمع العربي الآن أزمته تحدد بمعنى أن مصيره مهدد، مصير المجتمع العربي بكامله مهدد، فإن لم يحدث تغيير جذري في العلاقات الأساسية للأنظمة الاجتماعية والسياسية، نحن نسير إلى الهاوية، هلا الحرب العراق راح تحدث، هشاشة هذه المجتمعات سيكون.. ستكون السبب في انهيارات لا يمكن التنبؤ فيها، لذلك عم بأسأل الدكتور برهان يعني الشيء المحوري هلا إنه نحنا شو لازم تكون مسؤوليتنا؟ شو لازم يكون عمل المثقف على صعيد الرؤية والفكر وأيضاً على صعيد الممارسة الاجتماعية والسياسية؟ وطبعاً أعني تلك الفئة بين المثقفين اللي موجودين بالداخل والموجودين بالخارج مثلنا هو الالتزام، نحن.. أنا بأعتبر نفسي، بأعتبر الدكتور برهان مثقف ملتزم، لذلك لرأيه.. لموقفه الآن أهمية كبرى، ما بيهمني اللي قاعد عم بيعمل كتب وعم بيعمل نظريات، الآن في سياق هو سياق مجتمعنا ومستقبلنا في خطر.
خالد الحروب: طيب برهان، يعني مازال السؤال قائم، يعني إذا كان هذا المثقف الملتزم يعني إذا استخدمنا تعبيرات أنطونيو جرامشيل المثقف العضوي الملتزم بقضايا المجتمع والطالع منها، إذا أراد أن يكون حراً ويتسق مع ضميره ويقول كلمة النقد كاملة، هناك أيضاً فيه مساهمة عن المثقف وقول الحقيقة، هو عملياً سوف لا يصل صوته إلى هذا المجتمع الذي يريد أن يساعده، سوف يحرم من الإعلام، يحرم من الصوت، يحرم من.. من أن يستضاف في مثل هذه الجلسات مثلاً إلى غير ذلك، فالمثقف أمام إشكالية كبرى، إما أن يقول نصف الحقيقة وأحياناً ربعها، يعني مثلاً برهان بيروح على سوريا أو على أي بلد آخر، يعني هل يستطيع أن يقول ما يقوله في باريس؟ إذاً هو بيقدم نوع من المساومات يعني بالمعنى الإيجابي، إنه هو يقول نصف الحقيقة، لأنه أفضل من ألا يقول الحقيقة كاملة، إذا قالها كاملة، فلن يستطيع أن يقولها مثلاً في هذا المجتمع أو ذاك، فأين هو موقع المثقف برهان يعني بغض النظر عن استشهادي فيك؟
برهان غليون: بغض النظر عن المثال الشخصي، لأن أنا بأعتقد الحدود الجغرافية ما عاد لها معنى على الإطلاق، عم نحكي هون نحن بسوريا عمليا أو إذا كنا بسوريا عم نحكي بالخارج، يعني ما عاد فيه حاجة واحد يعمل مساومات.
خالد الحروب: صحيح.
برهان غليون: لا أنا ولا غيري يعني بأعتقد، هذا اعتقادي، لأن الأمور صارت واضحة مثل ما عم بيقول الدكتور هشام تماماً نحن في لحظة حقيقة مصيرية وكل إنسان عليه مسؤوليات، اللي ما.. والمسؤوليات بتعني بالنسبة إلنا نحن كمثقفين بالدرجة الأولى إنه الواحد يقول رأيه الفعلي، يعني ما يجامل برأيه وقت اللي بيشعر، هاي المسؤولية الحقيقية، لأنه نحن لا عندنا جيوش ولا.. ولا دبابات ولا مدفعية نغير فيها، نحن نغير بكلامنا، فكلامنا لازم يكون على الأقل كلام صادق، يعني هاي جزء أساسي، هلا بدي أرجع بس من شان نقول شو دور المثقف وشو مشكلة المثقف وشو المشكلة الرئيسية المطروحة اليوم. أول شيء عنصر أول، المثقف عندما نتحدث عن المثقف لا نتحدث عن مجموعة أفراد ولا عن فرد، نتحدث عن فئة اجتماعية تلعب دور اجتماعي، لعبت دور اجتماعي في فترة ضمن إطار حركة اجتماعية، المثقف مش موجود بالفراغ، ضمن إطار حركة اجتماعية ومع قوى اجتماعية أخرى، اللي حصل قلت أنا من الستينات هو شو؟ هو إنه فئة من أفراد من فئات النخبة.. النخبة الاجتماعية، البيروقراطية في بعض البلدان، البيروقراطية بالتحالف مع شوية رجال أعمال في البلدان الأخرى استأثروا فعلاً بالسلطة وبالقرار ومن أجل يضمنوا ها الاستئثار حذفوا المثقفين كلياً وطردوهم من خارج أي لعبه، من أخذ.. حتى حق التعبير ألغوه وهناك بلدان ممنوع فيها حق التعبير، تعبير مراقب، يعني كل واحد بده يعطي صورة عن الكلام اللي بده يقوله لأجهزة الأمن، ففيه فئة من النخبة الاجتماعية اللي هي أهم عنصر في بلورة الفكرة، بلورة الرأي، بلورة التصورات للمستقبل، بلورة الحلول أخرجت من بره، من شان هيك دخلنا في أزمة كبيرة داخل السياسة، يعني حذف المثقفين أدخل السياسة نفسها في أزمة لأنه صارت سياسة براغماتيكية يومية ما فيها أي تفكير، ما فيها أي إنضاج، ما فيها أي شيء، الآن إذا قلنا شو وضع المثقفين اليوم وشو المنشود منهم؟ اللي هو السؤال تبع دكتور هشام، شو وضع المثقفين اليوم؟ مش صحيح إنه كلهم انتهازيين وكلهم يلتحقوا السلطة، على الإطلاق أنا من الناس اللي بيعتقد إن المثقفين العرب قاوموا مقاومة كبرى وكان فيه شيء لازم نسميه محنة المثقفين، اعتقل القسم الأكبر من اللي اعتقلوا كانوا مثقفين، القسم الأكبر ممنوعين من الكلام والمثقفين اللي محرومين من جوازات سفرهم مثقفين..
خالد الحروب: اللاجئين السياسيين..
برهان غليون: اللاجئين السياسيين مثقفين، أكثر طبقة.. أكبر فئة اجتماعية أهينت واضطهدت وامتحنت بالمعنى السلبي للكلمة كانت في العشرين سنة الأخيرة أو الثلاثين سنة الأخير المثقفين، قسم منهم صغير جداً تافه جداً مشي مع الأنظمة وصار يطبل للأنظمة صحيح، بس قسم كبير بقى بره وقسم تالت صار يشتغل شبه خبير، يعني عمل حالة تقني، إنه إحنا ما لنا علاقة بالسياسة، السياسة بيقرروها الضباط وأجهزة الأمن والمسؤولين والحزب الحاكم، أما نحنا في مشكلتنا بنعطي أمور تقنية أو خبرة، معلش هذا كان يمكن إنه يحصل في أي بلد أو في أي مجتمع في العالم، إنما اليوم السؤال التاني اليوم المشكلة هي إنه المثقفين مشتتين مفتتين ما عندهم سلطة، ما عندهم اعتراف، نجحت السلطة البيروقراطية في أنه تجعلهم كبش فداء يعني ضحية، بمعنى إنه هم المسؤولين على ما حصل، كل.. وقت اللي صارت أزمة العراق حرب الخليج وقت اللي صارت بيقولوا هاي السبب هو المثقفين شوفوا المثقفين شو بيحكوا إلى آخره، مش السبب هو..
خالد الحروب: طب شوف برهان أي نعم.
برهان غليون: عدم قيام الدولة، عدم قيام السلطة والأحزاب السياسية بدولهم، بس خليني أكمل هون اتهم فيها المثقفين، الهدف تماماً هو إخراج المثقفين من أي لعبة سياسية من أجل تبرير الفشل ووضع الفشل على كاهل المثقفين، دور المثقفين اليوم هو إنه يكسروا هذه الحلقة المفرغة لإخراج المثقفين كنخبة.. كجزء من النخبة من الحياة السياسية ويدخلوا كقادة هم وهذا اللي عم يحصل بالواقع، أنا ما عم أجيب شيء كقادة للعمل الديمقراطي وللتحويل الديمقراطي داخل البلدان العربية وهذا يحصل بالفعل.

[فاصل إعلاني]
ما يستطيع المثقف فعله أمام الزخم الإعلامي
خالد الحروب: طيب.. طيب برهان، إذا سمحت لي يعني ما يعني في دور المثقف هذا الدور يعني المأمول والطليع، دكتور هشام، يعني فيه سجال الآن حديث في على الأقل يعني وفي الأوساط الغربية المهتمة بهذا الموضوع، إنه يعني دور المثقف بشكل عام في العالم كله يعني صار ضئيلاً وضعيفاً أخذاً بالاعتبار كل وسائل الإعلام هذه، التليفزيونات، الإعلام الفضائي، الإنترنت، كل هذا الضخ الذي يتوجه إلى الرأي العام واللحظي، ليس فقط اليومي على مدار الـ 24 ساعة هذا هو الذي يشكل العقل الجماعي والآراء العامة، أين هو دور المثقف؟ المثقف مسكين، ليس نبي عنده قدرات خارقة، يعني ربما كان له دور في السابق، ربما عندما كان مثلاً في القرون السابقة إمام مسجد مثلاً أو في فرنسا يعني في بدايات القرن العشرين في قضية إدريافوس أو إلى آخره كان عنده دور إنه إذا قال الناس سمعوا له، لكن الآن أمام هذا الزخم الإعلامي، أين فعلاً من ناحية عملية بحتة ماذا يستطيع أن يفعل المثقف؟
هشام شرابي: إذا كان ركزنا على مقولة الدور أنا بنظري دور المثقف في مجتمع مثل مجتمعنا العربي اليوم أهم بكثير من دور المثقف في أميركا أو في فرنسا مثلاً بالمجتمعات النامية، هلا إذا قام المثقف بهذا الدور أو عجز عن القيام به موضوع آخر، من حيث أهمية دور المثقف أنا بنظري في هذه الفترة الحاسمة هذا المنعطف هو دور بغاية الخطورة لمجتمعنا، لمستقبلنا، لذلك بس والأزمة، طيب عندما يجابه أشخاص أفراد وشرائح نسميها مثقفة بهذا الواقع إذا كان اللي عم بأحكيه مضبوط معناه فيه أزمة هائلة، ما العمل؟ هذا هو السؤال الأساسي، هلا ما عادتش الأولوية إلى التحاليل التاريخية والسياقات الاجتماعية فقط، إنما من حيث المساهمة المباشرة والممارسة الاجتماعية للمثقف، مثلاً إذا كان أخذنا بول بودييه اللي هو بنظري يمثل أهم مثقف عالم اجتماع، ما يقوله له علاقة بواقع مثل واقعنا وهو يصب على الشيء اللي عم بأقوله، على النقد، على الممارسة، على الدخول في العملية الاجتماعية.
خالد الحروب: طيب برهان، فيه سؤال أيضاً عملي، يعني حتى إنه نحاول ننزل الكلام إلى التطبيق العملي إنه على ضوء المناقشات بعض الطروحات حول المثقف يعني من عند جوليان بندانا أحياناً إدوارد سعيد بيرسم صورة مثالية للمثقف، صورة خارقة فعلاً وصورة إن المثقف الحر المثقف الكوني الذي يعني يتحدث بالنقد من دون أي تحديدات، من دون أي ضوابط، يقول ما يمليه عليه ضميره ورأيه في أي مكان في أي زمان، لأن هذا الكلام جميل، لكن من الناحية العملية فيه.. فيه قيود، فيه ضوابط، فيه.. فيه تحديدات، فيه عناصر تدخل على المعادلة، فيه الرزق المعيشي، هذا المثقف بده يعيش، بده يأكل، فيه عنده أولاد، فهو إذا قال كل ما عنده عملياً يعني خسر خسارات حياتية على المستوى الحياتي، حتى روجية دوبريه يعني فيه أحياناً يعني بيقول يعني كلام مثالي هذا المثقف المنطلق من كل.. من كل حدود، الآن على صعيد المثقف العربي يعني أين هي.. أين هو الحظ الذي ممكن أن نرسمه بين أن يحافظ هذا المثقف على مصداقيته أمام جمهوره وأمام.. أمام المجتمع وفي نفس الوقت يعني أن.. أن يقول يعني نصف أو تلات أرباع الحقيقة أن يقولها..
برهان غليون: أنت مُصِر على أن يقول نصف الحقيقة.
خالد الحروب: أنا مش أنا حابب يقول الحقيقة كلها لكن أنا يعني واقعي يعني أنا بأشوف المثقفين العرب في الساحة اللي موجودة..
برهان غليون: لأ أنا اسمح لي أقول لك إنه بالفعل.. بالفعل المناخ العربي اليوم اختلف كتير، اختلف بأي معنى؟ بمعنى إنه هناك عطش، فيه تربة عطشانة فعلاً بالمجتمع بأقصد، لا ناس بيتحدثوا باسمها، لا ناس يعيدوا يذكروها بالمفاهيم والقيم السياسية والديمقراطية والإنسانية، لأنه فيه بعض.. في بعض الملامح مجتمعاتنا دخلت بما يشبه الهمجية في التعامل مع المواطن، يعني بعض الأنظمة بتتعامل مع المواطن كأنه أي شيء، كأنه شيء.. كأنه شيء يعني مادة أو غرض.. شيء جامد تغير دور المثقف ومازال إله دور كبير، تغير بالنسبة للبلدان الأخرى أول شيء، صحيح إنه فيه.. فيه ناس ممكن يكونوا مثل ما تصور إدوارد سعيد وكأنه.. إنه ناس أنبياء أو.. أو شبه ضمير على الأقل عالمي، مش فقط ضمير محلي، لكن في بلدان مثل بلداننا بالحقيقة ينقصها الكوادر السياسية، ينقصها الكوادر الإدارية، ينقصها الطبقات المتبلورة وذات التقاليد السياسية، المثقف في النهاية هو اللي عم يكون مبلور للوعي الاجتماعي، هو اللي.. ما.. ما إذا.. سواء فعل أو ما فعل، إذا ما فعل بيكون مبلور سلبي، إذا فعل بيكون مبلور إيجابي، يعني هو اللي عم يملِّي.. يملأ الفراغات المختلفة الموجودة. اليوم المجتمع أهم دور بالنسبة إلى.. إلنا مثلاً في العالم العربي شو عم يعمل المثقف اللي عم.. عم يدرك دوره ويعي ذاته إلى حد كبير؟ عم يشتغل مع المجتمع المدني لإحياء التجمعات للمجتمع، عم يدخل.. عم يشتغل لإحياء المجتمع اللي قتلته أنظمة اعتمدت على الدولة وقطعت الدولة عن المجتمع، هو عم بيحاول إنه من خلال المجتمع وإحياء المجتمع المدني إنه يوصل لشيء. الآن ممكن إنه يساوم بأي معنى، بمعنى إنه مش إنه مبادئه تكون نصف مبادئ ديمقراطية، نصف يعني.. نصف مبادئ بالحرية، نصف مبادئ بالعدالة، لأنه قول..
خالد الحروب: لأ المبادئ إحنا متفقين على إنه التعبير عنها.
برهان غليون: لأنه نحن مش أنصاف بشر، نحن بشر مثلنا مثل غيرنا، ما بنختلف عن غيرنا على الإطلاق، إنما ممكن يساوم بأي.. ما.. ما بنسميه مساوم بها الحالة، ممكن يكون مرن، بمعنى إنه نحن عندنا برنامج ديمقراطي، المساواة الكاملة بين المواطنين، المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، المساواة الكاملة بين بدون ذكر أقلية، بدون.. بين الأديان المختلفة إلى آخره أو أبناء الأديان، هذا ما أعني مثل هاي المبادئ إنه بنحقق ها الشيء بسنة أو سنتين أو نتحاور بأحسن الوسائل لتحقيق الديمقراطية، هذا ممكن، أما يعني.. يعني بها المعنى فيه مجال للأخذ والعطا وليس اليوم فيه.. لا.. لا يمكن أن يكون اليوم فيه نقاش حول نمط المجتمع العربي المنشود، يعني نمط ديمقراطي حقيقة يعترف بالمواطنية، يعترف بحقوق الفرد، يعترف بحقه في التعبير في العدالة، فيه قانون، فيه دولة قانونية، هذا الشيء المحرومين منه.
خالد الحروب: يعني خلينا نحكي التمسك بجذرية المبدأ، لكن مرحلية التطبيق حتى.. طيب..
برهان غليون: ضمن ظروف الحوار، لأنه أحياناً ممكن واحد يقول لك لأ أجلها عشرة سنين، ليش؟
خالد الحروب: أي نعم. دكتور هشام..
برهان غليون: بدي أفهم ليش لازم أجل تطبيق القانون ودولة القانون و.. لخمس سنين؟
خالد الحروب: حسب السياق المطروح.
برهان غليون: ليش ما اليوم ليش بأعمل دولة قانونية بمعنى الكلمة؟ يعني مش المساومة للمساومة أو المرونة، للمرونة لتطبيق المرونة بهدف الوصول إلى الهدف، يعني للوصول أفضل للهدف.
خالد الحروب: طيب خلينا، يعني دكتور.. إذا سمحت لي برهان.. الدكتور هشام، فيه يعني فصل أو حتى أكثر من فصل حقيقة يعني، اللي هي تتحدث فيه عن المجتمع العربي، البنية الأبوية فيه ودور المثقف في نقد هذه البنية، الآن إذا المثقف انتقد هذه البنية وانتقدها أيضاً بصرامة وشراسة، يشعر بالغربة والاغتراب عن هذا المجتمع الذي يريد أيضاً أن يدافع عن قضاياه وهو أيضاً مغترب بالأصل عن السلطة، فلذلك يشعر بوحدة كلانية، أين يقف المثقف من نقد.. من نقده المزدوج للمجتمع والسلطة وقد يشعر فعلاً بالتهميش والاغتراب الذاتي؟
هشام شرابي: يعني مش مهم شو بيشعر المثقف، المهم هو شو بيعمل المثقف وبالأخير ما فيه قاعدة أو.. أو روشتة شو لازم يعمل المثقف، لأنه كل واحد على.. على.. كل فرد، كل مجموعة عندها ظروف خاصة وأوضاع خاصة، أنت قلت الأشياء المعيشية، هذا دائماً دائماً قضية جوهرية، كيف بده يعيش المثقف بمجتمع مثل مجتمعنا، مجتمع نفطي من ناحية، مجتمع فقير معزول من ناحية تانية؟ يعني بدنا نقطع من كل من خلال كل هذه الصعوبات ونركز على الأزمة، على المنعطف، لذلك نقول إنه جواباً على سؤالك هو الظروف هي التي تقرر للمثقف الذي حاز على رؤية نقدية، معرفة موضوعية لما يجابه هذا المجتمع وبنفس الوقت بيشعر بمسؤولية والتزام وقدرة على القيام بأعمال معينة، بدنا نحكي بالأشياء المحسوسة، (الإمبريكال).
خالد الحروب: التطبيقية، ممكن تطبيقها نعم.
برهان غليون: تجريبية، اختبارية اللي هو..
هشام شرابي: ولازم نعمل فصل بين التحليل المجرد التاريخي التحليلي الفكري والممارسة اللي بتقوم على استراتيجيات صغيرة، بلبنان شيء، بسوريا شيء، بالأردن شيء، بمصر شيء آخر، مع العلم إنه فيه إطار يجمع بيناتهم كلهم، هلا إن إحنا مقبلين على انهيار، ما بأعرف شو كيف شكله.
خالد الحروب: تقصد للحرب ضد العراق أو كذا.
هشام شرابي: مش إذا وقعت الحرب.
برهان غليون: وإذا ما وقعت.
هشام شرابي: وإذا ما وقعت.
برهان غليون: مقبلين على انهيار لأنه إذا ما.
هشام شرابي: لا.. لا نزال بنفس الأزمة.
خالد الحروب: إحنا نعيش الانهيار يعني.
برهان غليون: لأ.. لأنه نحن في أوضاع هشة جداً.
خالد الحروب: الانهيار داخل انهيار.
هشام شرابي: فهذا المنعطف التاريخي، شو ما يحدث فيه من قوى خارجية تتدخل، شو ما يبيت لنا الإسرائيليون اللي قاعدين بقلب العالم العربي، نحن علينا مسؤولية كبرى إزاء شعبنا، إزاء تاريخنا، إنه نفسر الأمور، نفسر الخطر، نحط الدوائر الحمر، نخلق خطاب يظله مستمر و.. وقائم، مش كل مرة بدنا نعطي الحلول منA لـZ وبعدين نشغل بممارسات محدودة، العمل المحلي مش كل شيء على صعيد الوطن العربي.
خالد الحروب: على صعيد العالم العرب طيب دكتور هشام، فيه يعني الوقت الحقيقة أدركنا، يعني معنا مجال لتعليقين سريعات، لكن.. اللي هو هذا المثقف إذا تواصل يعني مع الثقافات العالمية وأراد أن ينقلها إلى الثقافة المحلية ولعب هذا الدور ولو جزئي كجسر للثقافات وكذا، يُتهم بأنه تغريبي وأنه يعني يعمل على تغريب المجتمع وأنه مثلاً متغربن أو حتى متأمرك، إلى آخره، كيف نواجه هذه الأزمة دكتور برهان؟ هذا الاتهام العصيب من المجتمع الذي يعني ينتمي إليه هذا المثقف؟
برهان غليون: بس أول النقطة الثانية اللي ما أجبنا عليها، لازم نميز بين المثقفين المفكرين وبين المثقفين كقاعدة اجتماعية كبيرة، بما يتعلق بتأمين الحياة وكذا.
خالد الحروب: استجابة المغزى المعنوي.
برهان غليون: فهادول القاعدة الكبيرة ما هي اللي.. ضروري إنه تعلن دائماً عن مواقفها وبتتحمل النتائج، يعني تعلن يومياً مثل ما بيعلنوا الكبار هلا.. فيما يتعلق.. فيما يتعلق بموضوع الأخذ عن الغرب والاتهامات، كل إنسان بيقوم بقضية، بُيتهم يمكن أن يتهم من الطرف الثاني المعادي للقضية، مش مشكلة الاتهام وأنا بأعتقد إنه اليوم ما عاد مطروح إنه يُتهم مثقف إذا كان فعلاً ما إنه غربي، يعني اليوم بيتهموا الناس بأنهم ينقلوا أفكار الغرب وقت اللي بيسلكوا بسلوكهن ما يؤكد إنهم عم يتعاملوا مع الغرب أو عم يدعموا مواقع ومواقف الغرب، يعني بشكل من الأشكال، أما عندما يكون..
خالد الحروب [مقاطعاً]: وتحديداً المواقف السياسية يعني..
برهان غليون: سياسية تماماً.
خالد الحروب: يعني صار فيه تفريق، يعني حتى عند الجمهور العام...
برهان غليون: أو حتى فكرياً..
خالد الحروب: بين الموقف الحضاري والموقف السياسي.
برهان غليون: بينقلوا.. إذا بينقلوا نقل حرفي وبدهم يفرضوا نموذج غربي على المجتمعات العربية، طبعاً ما فيه شك إنه الناس هيشعر الجمهور إنه.. إنه هادولا عايشين بره بمعنى إنه فكرهم عايش بره، إنما اليوم إنسان عنده وعي عقلاني ونقدي ومع التغيير الديمقراطي وبيقوم بواجبه لا يتهم إطلاقاً، ما فيه أي سبب إنه يتهم أو يكون..
خالد الحروب: طيب تعليق أخير من الدكتور هشام على هذه النقطة، قصة يعني دا اتهام المثقفين خاصة اللي في خارج المنطقة العربية بإنهم يعني متغربنين ويريدون أن يغربنوا هذه المجتمعات.
هشام شرابي: صراحة أنا ما بيهمني الاتهام، بيهمني الواقع، نحن الآن أمام واقع إزاء علاقتنا بالغرب واقع يشبه أقصى زمن الاستعمار الأوروبي والاستيطان الأوروبي في بلادنا وفي العالم الثالث. نحن الآن نجابه أوروبا، أنانية قذرة بالنسبة لعلاقتها في العرب والإسلام، نحن نجابه الدولة الكبرى في العالم، تقوم وتُعد لحملة مستمرة عسكرية اقتصادية لكسر إرادتنا في العالم العربي والإسلامي واستعمارنا عن جديد، هلا شو ها الرفاهية الفكرية إنه غرب وتغريب وما تغريب، عم ناويين لإلنا الشر الأكبر.
خالد الحروب: أي نعم.
برهان غليون: على كلٍ.. على كلٍ يعني بكلمة فقط.
خالد الحروب: ثلاثين ثانية يا برهان.
برهان غليون: الرأي العام اليوم يدرك من هو مدافع عن المشروع الغربي ومن الذي يدافع فعلاً عن مشروع تقدم عربي وتنمية عربية، ما فيش أي مشاكل.
خالد الحروب: على كل حال شكراً جزيلاً وأعزائي المشاهدين، بهذا التعليق أشكركم أيضاً على مرافقتكم لنا جليس هذا اليوم الذي كان كتاب أزمة المثقفين العرب من تأليف الدكتور هشام شرابي، الذي نشكره أيضاً على مشاركته معنا في حلقة اليوم، كما نشكر الدكتور برهان غليون رئيس مركز دراسات الشرق في جامعة السوربون وعلى أمل أن نجالسكم في الأسبوع القادم مع جليس جديد، هذه تحية من فريق البرنامج ومني خالد الحروب ودمتم بألف خير.

samedi, janvier 08, 2005

عهد التغيير

الرأي 8 يناير 2005

في هذه المرحلة من التطور الدقيق للأوضاع المشرقية ينظر الرأي العام العربي، بالرغم من تراجع آمال الوحدة والاندماج أكثر من أي مرحلة سابقة، إلى ما يجري في البلاد العربية المجاورة، سواء أتعلق الأمر بالمسألة الفلسطينية أو بالمسألة العراقية أو اللبنانية، على أنه ليس أمرا يهم هذه البلاد وحدها ولكنه يهم العرب أيضا بقدر ما يؤثر على حاضرهم ومستقبلهم. ومن المنظور نفسه نظر الرأي العام العربي إلى التهديدات التي تعرضت ولا تزال تتعرض لها سورية على أنها لا تعني الشعب السوري وحده وإنما العالم العربي برمته بقدر ما يؤثر مصير سورية على مصيره. فكل ما يعمل على إضعاف سورية أو تدهور الاوضاع فيها يؤثر في نظره، عن حق، على مصير المشرق العربي بأكمله والعكس صحيح أيضا. ولهذا السبب لم تعد مسألة الاصلاح السياسي والاقتصادي التي يدور النقاش حولها في سورية منذ سنوات مسألة سورية بحتة ولكنها أصبحت مسألة قومية حسب تعبيراتنا الكلاسيكية. وهي تحتل أكثر فأكثر موقعا متميزا في النقاشات العربية المعبر عنها في الصحافة المكتوبة والمسموعة أو في الندوات واللقاءات العلمية، كما تحتل موقعا مهما في النقاشات العالمية الدائرة حول مصير الشرق الأوسط ومستقبله.
وفي سورية تحولت مسألة التغيير والإصلاح ألى المحور الرئيسي للحياة السياسية السورية الراكدة والمصدر الوحيد الذي يستمد منه النظام السياسي مشروعية استمراره وبقائه منذ بداية عقد التسعينات من القرن الماضي بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية. وليس هناك شك في أن الآمال التي أثارها عهد الرئيس بشار الأسد منذ وصوله إلى السلطة عام 2000 قد نجمت عن تبنيه بشكل أكثر وضوحا من أي عهد سابق مفهوم التغيير الذي كان الرأي العام السوري والدولي أيضا ينتظره بفارغ الصبر بعد أربعين سنة من حكم الحزب الواحد والعصبة الثابتة المكرسة في مناصبها. لكن السنوات الثلاث التي مرت على العهد الذي أراد أن يكون عهد الإصلاح بامتياز، أظهرت أن التغيير في مثل هذا النمط من الانظمة يظل مسألة صعبة وإشكالية. وهو ما اعترف به الرئيس نفسه في مقابلاته العديدة مع الصحافة العربية والأجنبية. بيد أن الاعتراف بهذه الصعوبة التي لا يشك أحد بوجودها لا يمنع المراقبين للأوضاع السورية أيضا من الاعتقاد بأن العهد الجديد قد ضيع على نفسه فرصا عديدة كان من الممكن استغلالها بطريقة أفضل لتسريع وتيرة التحولات السورية. ومن هذه الفرص وربما آخرها الانتخابات التشريعية لعام 2002 التي كان من الممكن أن تكون وسيلة لتحقيق درجة أولى من الانفتاح على قوى المجتمع السياسي والمدني. ومنها أيضا تشكيل حكومة العطري الأخيرة في عام 2003 والتي كان الكثير ينتظر منها أن تكون أقل خضوعا لحسابات ومصالح مراكز القوى الفئوية والحزبية. ومنها أخيرا الاجماع الشعبي الذي ظهر على أثر العدوان الاسرائيلي في عين الصاحب، والذي أخفق النظام في استثماره لخلق حالة وطنية تساعد على الانفراج السياسي وتسمح بتوسيع قاعدة السلطة الاجتماعية.
لكن بالرغم من ضياع هذه الفرص جميعا ومرورها من دون أن ينجح الحكم الجديد في استغلالها لصالحه في سبيل تحقيق الانفتاح الأولي المطلوب وتغيير المناخ السياسي والنفسي السائد وإعطاء إشارة قوية بتبلور إرادة التغيير، لا يزال الأمل قويا في في أوساط الرأي العام السوري والعربي والعالمي المعني بالشأن السوري بأن فرص العمل للخروج من الأزمة لم تنفذ جميعا بعد. فالتخلي عن خيار الاصلاح لا يعني استمرار الأوضاع كما هي وإنما التدهور المستمر فيها سواء أكان ذلك على المستوى الاستراتيجي أو السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. كما أن أحدا لا يستطيع أن يفكر أو يعتقد بأن من الممكن لدولة كسورية أن تغامر بمستقبلها وتقبل أن تستمر تعمل حسب النظام القديم الذي ولد منذ أربعين عاما وتتراجع عن فكرة التغيير أو تدير ظهرها بهذه البساطة للعالم المحيط بها والذي يتغير بسرعة البرق. ثم إن قطاعات واسعة من الرأي العام السوري والعربي والعالمي تعتقد أيضا أنه لا يمكن للتهديدات التي تتعرض لها البلاد، بعد سقوط بغداد في أيدي القوات الأمريكية وإخفاق سياسة الاستئصال الإسرائيلية في فلسطين، إلا أن تزيد من راهنية مسألة التغيير وإلحاحها على الشعب والقيادة السوريين معا.
والواقع أن إشكالية التغيير كما هي مطروحة اليوم في سورية تثير أسئلة أساسية مثل: هل هناك مشروع تغيير حقيقي واضح أم أن الأمر يتعلق بعملية تجميل للنظام فحسب؟ هل هناك أسس موضوعية لحصول مثل هذا التغيير أم أن التغيير معلق برغبة ذاتية لبعض المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ؟ هل لدى قوى التغيير إذا وجدت الوسائل والأدوات القانونية والسياسية التي تمكنها من تحقيق نواياها الاصلاحية التي لا يبدو أن أحدا يشك في وجودها في سورية وخارجها معا أم لا؟ وهل نجح ما يطلق عليه اسم الحرس القديم في تجميد مسار الاصلاح السوري نهائيا أم أن ما كسبه هو جولة فحسب ؟ هل أخطأت المعارضة والمثقفون معها في التعامل مع حقبة ما بعد حافظ الأسد ولم يقدروا تماما طبيعة الصراع داخل النظام نفسه وعلى الصعيد الإقليمي فساهموا من دون قصدهم في تعثر المسار الاصلاحي أو في عرقلته، مثل ما يتهمهم بعض مناوئيهم، أم أن ما أشيع عن تطرف بعضهم هو ذريعة استخدمتها القوى المتضررة من الاصلاح للضغط على الفريق الاصلاحي داخل الدولة وعزله وتسفيه أطروحاته ؟ وأخيرا هل يساهم الوضع الجديد الناشيء عن احتلال الولايات المتحدة للعراق وتصاعد تهديداتها لسورية في دفع النظام البعثي في سورية إلى تسريع وتيرة التغيير والاصلاح أم هو يضغط في اتجاه تقوقع أكبر على وسائل القمع والتضييق القديمة التي أظهرت نجاعتها في العقود السابقة ؟
ليس لدينا من المعطيات بعد ما يكفي للإجابة الوافية عن هذه الأسئلة الصعبة جميعا. لكن التدقيق في ما يكتب عن سورية مؤخرا على أيدي المثقفين المستقلين أو القريبين في موقفهم من الحكم يؤكد ملاحظة أولى هي تزايد الشك في إمكانية تقدم عملية الاصلاح. وهذا ما يعكسه التبدل الحاصل في جوهر الجدال السياسي والوطني. فبعد أن كان موضوع المناظرة في الطور الأول يدور حول تعيين أولويات الاصلاح، هل هي للملف الاقتصادي أم للملف السياسي والاجتماعي، أصبح يدور اليوم حول ما إذا كان هناك مشروع فعلي وجدي للاصلاح أم لا. وتكاد كتابات المثقفين السوريين الذين شكلوا الفريق الأكثر نشاطا وانخراطا في تغذية عملية التغيير السوري بالأفكار والمشاريع الاصلاحية منذ بدايته في الثمانينات تقتصر اليوم على التأكيد المأساوي والمكرور لنهاية عصر الإصلاح أو للكشف عن أوهامه أو إعلان الحداد عليه.
تستند هذه الاستنتاجات المتشائمة واليائسة على حجج من الصعب للوهلة الأولى نقضها أو معارضتها. في مقدم هذه الحجج غياب النتائج المادية والملموسة على الأرض لأي شكل من أشكل التغيير بالرغم من التعديلات العديدة التي طرأت على القوانين الاقتصادية والإدارية. فهي تشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والإعلامية لا تزال كما كانت من قبل. بل إن هناك من المظاهر ما يؤكد على أن الوضع قد تراجع عن السابق على مستويات عديدة حتى بالمقارنة مع الأوضاع التي كانت سائدة قبل إطلاق وعود الاصلاح والتغيير في التسعينات. فبدل أن يتراجع الفساد زاد قوة وتفاقم نفوذ المحسوبية والزبائنية وتنازع شبكات المصالح الجزئية على حساب المصالح العامة الوطنية. وكما أن الإجراءات التحريرية للاقتصاد لم تجذب استثمارات جديدة لم تظهر الدولة من جهتها رغبة أكبر في الاستثمار العام أو في تشجيع الاستثمارات الخاصة. وبالرغم من الزيادة الطفيفة في المرتبات فإن الفقر لا يزال يزداد انتشارا وتوسعا كما أن الهوة لا تزال تتفاقم بين الشرائح الدنيا التي تشكل أغلبية المجتمع اليوم والقلة من المنتفعين من النظام، بموازاة انخفاض القوة الشرائية لمتوسطي الدخل وعدم تناسبها مع كلفة تأمين الحاجات الأساسية. ولا تزال الزيادة في المرتبات بعيدة جدا عن أن تمتص صدمة العجز الكبير الذي أحدثه تجميد الأجور خلال أكثر من عقد ونصف سابقين.
أما على المستوى السياسي فلم يقلل التخفيف الواضح من درجة العنف والقمع في معاملة المعارضين من قساوة التهميش والاستبعاد والعزل السياسي والمدني الذي يطال المجتمع بأكمله ولا من شدة قبضة النظام وشمول المراقبة والمنع جميع شؤون ونشاطات الحياة الفردية والجماعية. وأجهزة الأمن التي كادت تختفي من الواجهة منذ نهاية التسعينات عادت من جديد إلى مقدمة الحياة السياسية والمدنية وأصبح لها، أكثر من قبل، اليد الطولى في تسيير شؤون البلاد وضبط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية والإعلامية. وقد زادت في الحقبة الاخيرة بشكل غير متوقع الاعتقالات والملاحقات اليومية لأصحاب الرأي. وعمل تجريم الندوات والحوار، حتى داخل القاعات المنزلية المغلقة التي كانت السلطة تغض النظر عنها منذ أكثر من عقدين، على تحطيم جميع آمال الأجيال الجديدة في التغيير السلمي وأعاد الحياة بقوة إلى مشاريع الهجرة الداخلية والخارجية. ولا شك أن السياسات الإعلامية المريضة والقصيرة النظر قد أجهزت على كل الوعود التي قدمت لاحترام الرأي الآخر، بما في ذلك الرأي الآخر داخل صفوف الحزب الحاكم نفسه. ولم يحصل في أي حقبة سابقة أن بدا مصير البلاد مرتبطا كما هو عليه اليوم بمنطق واحد هو منطق الضبط الأمني على حساب أي منطق منتج آخر إقتصاديا كان أم إداريا أم سياسيا أم علميا أم ثقافيا أم وطنيا أيضا. ولم يحدث أن ألحقت نشاطات المجتمع كافة، الجمعية والفردية، بالأجهزة الأمنية وأخضعت لحساباتها ومخاوفها وتقديراتها كما هو حاصل اليوم بحيث أصبح منطق الأمن هو المنطق الوحيد الذي يسيطر على الحياة العمومية ويقضي في الوقت نفسه على أي حياة خاصة وعامة، اقتصادية وسياسية ومدنية. ولعل اعترافات كبار المسؤولين بوجود عقبات فعلية أمام الاصلاح وبعدم تنفيذ الكثير من القوانين الجديدة وحديثهم الدائم عن ضرورة التدرج ورفض التسرع في التغيير يزيد من صدقية حجج المعارضة والمثقفين واستنتاجاتهم المتشائمة.
بالتأكيد لا يعدم النظام حججا أخرى تفيد ما يعارض هذه الاستنتاجات أو يقلل من حدتها. وهي تميل إلى اعتبار ما يبدو للبعض وكأنه مظاهر إخفاق الاصلاح أو انتكاس في مسيرة التغيير أو التطوير والتحديث مجرد تعبير عن تأخر في الجدول الزمني أو عن ضغوطات في الوقت لا غير. وفي هذا الإطار يرد المدافعون عن النظام على منتقديهم من المثقفين والمعارضين باتهامهم بالاستعجال وتبني تصور متهور لمسار الاصلاح يمكن أن يؤدي بالبلاد إلى الفوضى. وهم يشددون في مقابل ذلك على أهمية التدرجية في التغيير من دون أن يغيب عن خطابهم التذكير بالنشاط الدائب لمؤسسات الدولة والحزب التشريعية والإدارية التي لم تتوقف عن إصدار القرارات الإصلاحية التي كانت حصيلتها مئات القوانين والمراسيم الجديدة والمجددة التي صدرت في السنوات الثلاث الماضية والتي مست ميادين النشاط الاقتصادي والنشاط الإداري بشكل خاص وجعلت من سورية بيئة قانونية مثالية للاستثمار. وحتى لو أن هذه القوانين لم تطبق كلها بعد أو لم تسمح بجذب الاستثمارات الأجنبية الموعودة إلا أنها قد أعدت، في نظرهم، الشروط الضرورية لقيام حالة اقتصادية جديدة لن تتأخر ثمراتها حتى تظهر في المستقبل القريب. ثم إنهم يعتقدون أن من المستحيل أن ننظر إلى مسيرة الاصلاح، وهذه حجة أخرى أساسية لأنصار النظام، بمعزل عن الأوضاع الوطنية الخاصة التي تمر بها البلاد وما تتطلبه من ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في مواجهة التهديدات الأجنبية القوية والمتزايدة. وإذا كان العهد قد أظهر بطأ في تغيير التقاليد السياسية والثقافية فذلك لأن هناك خطر في أن يفسر التخفيف من القبضة الحديدية اليوم على أنه علامة ضعف وتنازل أمام هذه التهديدات يشجع بعض أوساط الرأي العام على الخروج على النظام كما يزيد من الأطماع الخارجية في تنازلات سورية وطنية إضافية. فأين تكمن الحقيقة في هذا الجدال ؟ هذا هو موضوع مقال قادم.

samedi, janvier 01, 2005

المستقبل العربي وقضية الإصلاح

الجزيرة الفضائية برنامج حوار مفتوح
1 يناير 05
- حقيقة وضع العرب في المرحلة الحالية- أسباب صمت الجماهير العربية- العرب ما بين الإصلاح والتغيير- الإصلاح ما بين السلطة والمجتمع المدني- جدلية الانفتاح الداخلي والتدخل الخارجي
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم وكل عام وأنتم بألف خير وبألف أمل في مستقبل عربي ناهض تحصل فيه شعوبنا على ما تستأهله من رفاه وكرامة ويزول فيه الاحتلال أي احتلال ويفرج فيه عن الأسرى ونتلذذ فيه بسجون عربية خالية من المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ومع أمل مضاعف بإعلام متألق وثقافة مبدعة هذا عن الأمل ماذا عن الحال؟ لنستحضر سوى مأثورا ورواية ونصا حديثا أما المأثور فقد كتب الجراح بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز قائلا إن أهل خرسان قوما ساءت رعيتهم وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك فكتب إليه عمر قائلا أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خرسان قد ساءت رعيتهم وأنه لا يُصلحهم إلا السيف والسوط فقد كذبت بل يُصلحهم العدل والحق فأبسط ذلك فيهم والسلام، أما عن الراوية فقد قيل اتخذ قوم شجرة صاروا يعبدونها فسمع بذلك ناسك بالله فحمل فأسا وذهب إلى الشجرة ليقطعها فلم يكد يقترب منها حتى ظهر إبليس حائلا بينه وبين الشجرة وهو يصيح به مكانك أيها الرجل لماذا تريد قطعها؟ لأنها تضلل الناس، وما شأنك بهم دعهم في ضلالهم، كيف أدعهم ومن واجبي أن أهديهم، من واجبك أن تترك الناس أحرارا يفعلون ما يحبون، أما النص الحديث فهو ما ذكره ووتربري عام 1995 قائلا إن أساليب القمع وإرهاب الدولة هي بالنسبة لأنظمة الاستبداد كالاحتياطي للبنوك تكون فعالة فقط إذا لم يتدفق المودعون عليها لسحب أموالهم فما أن يتحدى جُل المواطنين النظام حتى يعجز عن إيجاد ما يكفي من الإرهاب والسجون ومن محض القسوة والوحشية لتلاقي متطلبات السيطرة انتهى النص، ما الحكمة إذاً من استحضار ما سلف هو التالي؛ الخليفة عمر بن عبد العزيز أي الحاكم يأمر بالعدل والحق بدل السيف والسوط أو في لغتنا المتداولة في موقعنا المعاصر يأمر بالعدل الاجتماعي وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان بدل خيار القهر وكتم الأفواه والفساد السياسي والإداري والمالي أما رواية الناسك وإبليس فكأنها جزء من السجال الملحوظ بين بعض نخبنا وحتى بين صُناع وأصحاب القرار حول جدلية الحرية والأمن القومي والتدخل الأجنبي وهذا يدفعنا إلى ملامسة بعض الإشارات السلبية التي بانت بوضوح خلال الأشهر الأخيرة ونعني بها ما يهدد الوحدة الوطنية من مخاطر الفتن الطائفية أو المذهبية أو العرقية أما عما ذكره ووتربري فروحه أن الجماهير قادرة على التغيير إذا أرادت بالفعل حوارنا المفتوح ينطلق من هذه النقطة الأخيرة سائلا إن كان وضعنا العربي العام سيئا إلى درجة غير مسبوقة في التاريخ بالفعل أم في هذا مبالغة وتغييب لواقع الممانعة والمقاومة؟ يراجع نقاشنا محورين جدلية الانفتاح بين الحكام والشعوب ومسألة الوحدة الوطنية وذلك هنا في بيروت مع البروفيسور برهان غليون أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس ومع الدكتور مصطفي الفقي المفكر القومي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المصري ومعنا كالعادة هنا نخبة من الأصدقاء من أصحاب الرأي والتعليق سيفيدوننا بالمشاركة مشاهدي الكرام أولا مرحبا بك بروفيسور برهان مرحبا بك دكتور مصطفي الفقي مشاهدي الكرام أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]
حقيقة وضع العرب في المرحلة الحالية
غسان بن جدو: مشاهدينا الكرام أهلا بكم ومعذرة للأسبوع الثالث على التوالي من هذا الفيروس في الحنجرة وهذه البحة في الصوت دكتور برهان غيلون هل بالفعل ونحن الآن في اليوم الأول من عام 2005 نستطيع أن نقول أن العرب في أسوأ حالات عبر التاريخ أم في ذلك بالفعل مبالغة شديدة؟
"المقاومة العراقية كبدت قوات الاحتلال الأميركي خسائر كبيرة ودفعته إلى إعادة النظر ببعض برامجه ومشاريعه للمنطقة العربية" برهان غليونبرهان غليون: أنا بأعتقد إنه نحن في حال سيئ على كل حال أسوأ أم غير أسوأ لكن نحن في حال سيئ لأنه على المستوى العالمي أصبحنا نحن يشار إلينا بأننا الرجل المريض أو المنطقة المريضة والموضوعة على مشرحة الأمم حتى تنظر في أمرها وتقدم لها الوصفات الطبية من مشاريع الإصلاح وغيرها يعني أصبحنا بالنسبة للرأي العام الدولي غير قادرين على أن نقوم نحن أنفسنا بما يصلحنا على المستوى الإقليمي من الأحسن نقول إنه نحن في وضع لا نحسد عليه أمام احتلال الإسرائيلي وأمام أيضا الاحتلال الأميركي في العراق وأمام مشاريع الهيمنة المعلنة والسيطرة المعلنة في المنطقة العربية وأمام تفكك الوضع العربي كما شهدناه يعني في السنوات الأخيرة نحن أيضا في وضع لا يُحسد عليه فيما يتعلق بوضعنا الاقتصادي بالرغم من كل الجهود اللي قام فيها الحكام العرب والشعوب العربية في السنوات الأخيرة لم ننجح بعد في أن نطلق أي ديناميكية تنمية في البلدان العربية ولا يزال النمو لم يتجاوز في مجموع الدول العربية 2% يعني أقل من تزايد السكان ولا يزال أعداد الباطلين عن العمل في تزايد ومطلوب منا من هون لعشر سنين توفير ثمانين مليون فرصة عمل لشبابنا حتى لا تتفجر الأوضاع على المستوى أيضا السياسي لا زلنا متهمين بأننا نخطو خطوة السلحفاة فيما يتعلق بالتحويل الديمقراطي واستبطان القيم الديمقراطية وقيم الحرية والمساواة والعدل والعدالة ودولة القانون واستقلال القضاء كل هذه أمور والفساد محاربة الفساد كلها أمور لا تزال مطروحة وتحديات لم تجد حتى الآن أي جواب في البلدان العربية على المستوى الثقافي نحن نتعرض اليوم أكثر من أي مرحلة أخرى إلى عداء حقيقي وإلى عنصرية حقيقية يُنظر إلى الثقافة العربية على أنها ثقافة متخلفة مرتبطة بدين متعصب إلى آخره ولم ننجح حتى في الصد هذه الهجمة اللي تدخل ضمن إطار صراع الحضارات ولا صراع الثقافات ولا تزال ما يسميه يعني (Arab phobia) و(Islam phobia) الخوف من الإسلام والخوف من العرب هو شيء ينمو بشكل متزايد في أوروبا وفي العالم الغربي وفي العالم ككل باستمرار فأنا بأعتقد إنه نحن فعلا في حالة سيئة على جميع المستويات الآن لا ينبغي أن يدفعنا هذا للتشاؤم عشان هيك سأقول لسنا في أسوأ حال أنا أعتقد أننا بالرغم من كل هذا في مرحلة تحول ونحن ربما بدأنا هذه المرحلة بمظاهر محدودة لكن مظاهرة مهمة وبأعتقد إنه السبب طبعا ليس نحن بمبادرات خاصة وإنما تغير أيضا الإطار الإقليمي يعني نستطيع أن نشير إلى عوامل إيجابية استمرار المقاومة في فلسطين وأزمة حكومة شارون أيضا في الخلاص من الانتفاضة نستطيع أن نشير إلى المقاومة في العراق وهي مقاومة على الأقل كبدت الاحتلال الأميركي خسائر كبيرة ودفعته إلى إعادة النظر ربما ببعض برامجه ومشاريعه للمنطقة ككل نستطيع أن نتحدث بشكل مهم جدا اليوم عن يقظة عربية فيما يتعلق بالأفكار والقيم الديمقراطية ودولة القانون والمساواة والحرية..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: أين تتجسد هذه؟
برهان غليون [متابعاً]: أنا بأعتقد إنه الثقافة العربية اليوم تموج بالأفكار المتعلقة بضرورة الإصلاح، الإصلاح أصبح حتى نستطيع أن نقول أصبح هدفا مشتركا بين الأنظمة والحكام والجماهير بالرغم من أن تنفيذه والدخول فيه ما زال أمراً معقداً ومازال متعسرا لأسباب تتعلق بمصلحة الفئات الحاكمة إلى حدا كبير وأيضا تتعلق..
غسان بن جدو: يعني بمعنى آخر هل هذه الأنظمة جادة بالفعل في الإصلاح والتغيير؟
برهان غليون: لا أنا لا أعتقد أنها جادة لكنها مضطرة للقيام ببعض الأمور تحت الضغوط لا أحد يتحرك من تلقاء نفسه في الصراعات الاجتماعية، الصراعات الاجتماعية كل طرف مضطر أن يقوم بعمل من أجل أن يدافع عن مصالحه لكن من أجل أن يستجيب أيضا أو أن يرد على ضغوطات قوية جدا فعلى الأنظمة اليوم ضغوطات لا أحد يستطيع ينكرها خارجيا وداخليا وهي مضطرة إلى أن تعيد النظر في سياسات كثيرة لكن التحدي هو هل سننجح في بلورة برنامج وسياسة وخطط قابلة للإصلاح؟ يعني باختصار أنا بدي أقول إنه في المجتمع المدني بدأ يتبلور في جمعيات فيه مظاهرات في اعتصامات اليوم تحصل في البلدان العربية احتجاجا على سياسات الحكومات على.. مطالبة بالإفراج عن المعتقلين بمنع التعذيب في السجون بمنع الاعتقال السياسي بإزالة حالة الطوارئ وإلغائها بإعادة الحريات إلى الشعوب هذه كلها عناصر جديدة مهمة جدا لا ينبغي أن نتجاهلها عندما نفكر بالوضع القائم الوضع القائم هو وضع سلبي إلى حدا كبير لكن فيه بذور جديدة للإحياء وللتقدم وللنهضة نستطيع أن نبني عليها وخاصة وعي فئات جديدة من المثقفين ومن الطبقات الوسطى لأهمية العودة إلى الحياة الديمقراطية.
غسان بن جدو: نعم، عندما عددت مظاهر هذا السوء في الوضع العربي ونتمنى أن تعود الصورة معنا من القاهرة أنا لاحظت بأن تقريبا 80% من كل هذه المظاهر كأنك نظرت إلى المعيار الخارجي فيها أننا لم نستطع أن نُحسن صورتنا بأن هناك تدخل خارجي هناك خوف من الإسلام إلى آخره أنا أود أن أسألك من المتسبب في هذا السوء؟ هل تعتقد بأن المتسبب في هذا السوء هي سياسات الحكومات على مدى النصف قرن الأخير وأنت أعتقد صاحب كتاب الذي تُجزم فيه قبل سنوات بأن هذه الأنظمة التي جاءت بعد الاستعمار ورفعت شعار الحداثة ولكنها لم تستطع أن تُحْسن استخدام معايير الحداثة بل بالعكس يعني كل معايير الحداثة تحولت إلى سلطة مطلقة واستبدادية أليس كذلك دكتور؟
برهان غليون: نعم.
غسان بن جدو: فهل المشكلة الأساسي هي في هذا التحالف الكريه بين أنظمة استبدادية وبين خارج مصلحي لا أكثر ولا أقل أم هو في ضعف نخبنا في ضعف أحزابنا في إحباط جماهيرنا أين هذا السبب الخلل الأساسي أين هو؟
برهان غليون: أصل الخلل أنا في اعتقادي يبدأ من الثمانينات من هذا من القرن الماضي من القرن العشرين الثمانينات تَوَضَّح لكل البلدان العربية أن السياسات القائمة المتبلورة حول الدولة سواء كان في البلدان التي أطلقت على نفسها اسم بلدان اشتراكية أو غير اشتراكية كل السياسات القائمة على رأسمالية الدولة وتثمير الدولة و..و قيادة الدولة للمجتمع يعني قيادته كقطيع إلى حد كبير بينت أنها وصلت إلى طريق مسدود وبدأت في مجموع البلدان العربية إذا بتتذكر حركات معارضة جدية وجماهيرية قوية ثورات الخبز في المغرب وتونس والجزائر ومصر ثورات المنظمات النقابية الحقوقيين والأطباء والمهندسين في بلدان مثل سوريا والأردن وغيرها يعني بدأت مطالبة بإلغاء بوقف تجميد الحياة السياسية يعني بإطلاق الحريات السياسية بتغيير السياسات اللي حصل هو ماذا؟ اللي حصل هو أنه الأنظمة والحكومات القائمة لأنها كانت مدعومة من الخارج ست عوامل بالحقيقة الدعم الخارجي للأنظمة خوفا من الإسلاميين وخوفا من أي تحول لا تكون الدول الغربية مسيطرة عليه ووجود ريع نفطي وموارد نفطية كبيرة جدا تسمح بتكوين أجهزة أمن ضاربة وقوية وتدافع بدون موافقة الشعوب تدافع عن الأنظمة القائمة ونجاح الأنظمة القائمة في كسر الإرادة الشعبية منذ تلك الفترة بدأت الأزمة تتفاقم يعني عندما فشلنا في القيام بإصلاح هذا معناه كان لابد من القيام بإصلاح أنا بأعتقد إنه الإصلاح الداخلي فشل في الثمانينات الإصلاح العربي فشل في الثمانينات وبسبب الظروف اللي ذكرتها نجح الحكام في الإبقاء على النظم القائمة وما كان لهذه النظم إلا أن تتطور في اتجاه فساد أكبر وتفكك أكبر وتعفن أكبر وحتى تفريغ من روح الوطنية في هذه الأنظمة إذا بس بدي أنهيها هون عندما انتهى الإصلاح بدأنا بحركة تفجر من الداخل الحركات الإسلامية العنيفة كانت تعبير عن هذا التفجر من الداخل بسبب غياب الإصلاح ومحاولة تجاوز الوضع الآن نحن البلدان العربية والمجتمعات العربية تدفع ثمن إخفاق الإصلاح الداخلي بما فيه تدخل الدول الكبرى هو ثمن ندفعه وخسارتنا للمعارك كثيرة ديمقراطية واجتماعية واقتصادية واندماجنا في الاقتصاد الدولي إلى آخره ندفع ثمن نجاح الأنظمة منذ الثمانينات في قمع الشعوب وقمع حركة التغيير الديمقراطي ونجاحها في تعقيم المجتمعات بما أسميه أنا السرطان الأمني يعني نجحت الدول عن طريق الأمن وتوسيع دائرة الأمن وجعل أجهزة الأمن هي الأجهزة المتنفذة والحاكمة والمديرة والمسيرة للمجتمع بما فيه تعيين آذن في المدرسة وتعيين حاحب وتعيين مدير وتعيين أستاذ بالجامعة إلى آخره كله أصبح الأمن هو الذي يتحكم بمنطق المجتمعات لا الاقتصاد ولا السياسية ولا الثقافة ولا الفكر ولا الإبداع إطلاقا ونحن داخليا..
غسان بن جدو: وما العلة؟
برهان غليون: العلة هي هذا السرطاني الأمني الذي عقَّم الشعوب الآن شعوب معقمة وهذه نقطة ضعفنا أمام التدخل الخارجي ليس فقط الأنظمة ليس لديها سياسات ولا قدرة على بلورة برامج ولكن المجتمعات أيضا بسبب هذا التعقيم اللي دام أكثر من ربع قرن بعنف لا مثيل له في التاريخ يعني بمذابح جماعية بقمع إلى آخره أصبحنا أيضا نملك مجتمعات ضعيفة هشة البنية وغير قادرة على تحمل مسؤولياتها السياسة هي مسؤولية نحن فرّغنا المجتمعات من السياسة فرّغنا كل فرد من شعوره بالمسؤولية تجاه وطنه.
غسان بن جدو: دكتور مصطفى هل توافق رأي الدكتور برهان غليون عندما يجزم بأن العلة الرئيسية بعد كل هذه التجارب هي في وجود عقل أمني اختصر الدولة العربية الحديثة وأصبح يسطو على كل شيء وهو المشكلة بمعنى أن الأنظمة العربية الحديثة أصبحت عبارة عن أجهزة أمنية متحركة وتجدها في كل مكان وهذا سبب فشل الإصلاح لأنه لا يوجد أصلا إصلاح؟
مصطفى الفقي: لا أستطيع أن أقول أن مفهوم الدولة البوليسية هو المشكلة الوحيدة في العالم العربي مشكلة العالم العربي وأنا يعني لا أختلف كثيرا عما قاله الدكتور برهان أن هناك أولا مجموعة من العوامل الدولية ومجموعة من العوامل الإقليمية أثرت في شكل المنطقة في العقود الأخيرة لدينا مجموعة اشتباكات متداخلة اشتباك بين الدين والسياسة اشتباك بين السلطة والثروة اشتباك بين الفرد والمؤسسة القضية معقدة اشتباك بين الماضي والمستقبل اشتباك بين الأغلبية والأقلية ولا يتم معالجة هذه الاشتباكات بمفهوم سياسي، إحنا عندنا أُصبنا بحالة في العالم العربي ككل وهي غيبة الرؤية السياسية وتوظيف جهاز الدولة لتسيير الأمور اليومية بطريقة مرحلية ولا توجد رؤية بعيدة المدى تسمح لنا بأن نتحدث عن إمكانية تسييس الأمور الاقتصاد سياسية الثقافة سياسة الاجتماع سياسة تسييس هناك سياسة ثقافية وسياسة اجتماعية وسياسة اقتصادية هذا الأمر غائب إلى حد كبير في العالم العربي ومنذ ثورة 23 يوليو 1952 في مصر تموز ظهر مفهوم قبضة الدولة الحاكمة وربما ظهر قبل ذلك في الانقلابات السورية من حسني الزعيم وأديب الشيشكلي وغيرهم وظهر مفهوم تدخل الجهات النظامية والأمنية في مجريات الأمور كان لدينا في مصر على سبيل المثال قبل ثورة يوليو وزراء مفكرون طه حسين، أحمد لطفي السيد، محمد حسين هيكل الأمر تغير الآن وأصبحت هناك مساحة للوظيفة فقط واختفت إلى حد كبير الرؤية الشخصية والقدرة على إبداء سياسات جديدة وطرح مبادرات مختلفة هذا العجز العام في العالم العربي هو الذي يدعونا الآن إلى الإلحاح بضرورة المضي نحو الإصلاح الحقيقي الإصلاح هو إصلاح في العقل العربي إبدال المفاهيم الجزئية والمنفصلة برؤية طويلة القدرة على تسييس المواقع الفارق بين إنسان يدرك قيمة الحياة العامة والحياة السياسية ليس هذا أمر مرتبط بالتخلف أو الديماجوجية الدول المتقدمة نفسها فيها أحزاب تفرز كوادر وتقدم سياسات أنا أقول دائما إنني رأيتهم في حزب المحافظين البريطاني وأنا دبلوماسي في بريطانيا يتقدمون بالسيدة مارغريت تاتشر من الصفوف الخلفية إلى الأمام هذه العملية في التصعيد السياسي وتقديم الشخصيات المناسبة لقيادة العمل تكاد تكون غير موجودة في العالم العربي هذه الغيبة أدت بنا إلى ما نحن عليه الآن.
غسان بن جدو: نعم.. هناك نقطة.. دكتور مصطفى نعم.. ذكرت نقطتين مهمتين فيما يتعلق بالاشتباك بين الدين والسياسة وبين السلطة والثروة أو المال هذان عنوانان أساسيان ربما نناقشهم بعد الموجز ولكن ذكرت أيضا مسألة غيبة الرؤية السياسية الآن سؤالي هو التالي يعني أشرت إلى مارغريت تاتشر وغيرها ولكن هناك انتقاد يوجه إلى من هم محيطون بأصحاب القرار من يُوصفون بأنهم صناع قرار هذا الانتقاد يطاولهم كالتالي إنهم أصبحوا مستزلمين ذكرت إنهم موظفون لا ولكنهم أكثر هم مستزلمون متملقون لا يشيرون على هذا الحاكم ربما يقولون له ما يريد أن يسمعه وما يتوقع أن يسمعه لا أكثر ولا أقل وبالتالي هذه النخبة المشكلة ليست فقط في النخبة الوسيطة بين الحاكم وبين الجماهير إنها أيضا علة مضاعفة في النخبة المحيطة بصاحب القرار لأنهم تحولوا إلى مجرد متملقين هل توافق هذا الرأي وأنت على الأقل جزء من صناع القرار؟
مصطفى الفقي: هذا صحيح أنا لست جزءاً من صناع القرار أنا برلماني في هذه المرحلة ولكني أستطيع أن أقول لك أن جزءاً كبيراً من المثقفين والمفكرين في العالم العربي قبلوا أن تكون علاقة المثقف بالسلطان علاقة تبعية وليس فيها إبداء النصيحة حتى في المواقع المختلفة بدأ هذا نتيجة الخوف الإحساس بعدم القدرة على الحوار كان لدينا وزير خارجية في مصر قدير للغاية ودبلوماسي رفيع الشأن هو الدكتور محمود فوزي ونعتبره أب الدبلوماسية المصرية ولكنه لم يكن يستطيع أن يُوجه للرئيس عبد الناصر ملاحظات أو انتقادات في سياسات معينة وكان الضباط الشبان بحاجة إلى عقل دبلوماسي يقف إلى جانبهم لأن وزير خارجية ثورة يجب أن يكون على قدر كبير من الحرية في إبداء الرأي وتقديم النصيحة الأمر انطبق على معظم الأنظمة في العالم العربي أصبح المثقف أداة للتبرير ولم يعد متمكنا من الحوار مع الحاكم وأصبحت هناك هوى حقيقية جعلت أصحاب الثقافة والمعرفة يبتعدون عن مراكز صنع القرار والذين يقتربون هم أصحاب السطوة والقادرين على صنع مراكز القوى هذه الحقيقة حقيقة مؤلمة ليس في العالم العربي وحده ولكن في العالم المتخلف عموما هناك مخاصمة بين الثقافة والسياسة هناك قطيعة بين الفكر والقرار هناك مشكلة حقيقية تكمن في أن المثقف بتطلعاته ورغباته وأحلامه لا يجد طريقا أكثر من التملق والاقتراب والتبرير والقبول بما هو قائم ولا يستطيع أن يكون أبدا صوتا مختلفا يتحدث بالحق ويقدم النصيحة.
غسان بن جدو: نعم دكتور نعم دكتور برهان غليون لديه تعليق حول هذه المسألة ولكن أستأذنك بعد الموجز من بيروت إلى غرفة الأخبار في الدوحة.
[موجز الأخبار]
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين أهلا بكم من جديد دكتور برهان غليون تفضل تعليق على ما ذكره الدكتور مصطفى.
برهان غليون: لي ملاحظات سريعة الملاحظة الأولى أن هناك بالتأكيد تداخلات تخل بالنظام العام اليوم في العالم العربي التداخلات بين الدين والسياسة بين الثروة والسلطة وهذا شيء خطير كثير وتداخلات أخرى لكن لم يأتِ هذا من فراغ يعني هذا أتى بسبب إلغاء الحياة السياسية وبالتالي دفع الناس إلى ألا يعنيهم إلى الصمت والشعور بأن ليس في الرأي الشأن العام لا يعنيهم وإنما يعني الفئة الحاكمة فقط وهي الوحيدة التي تعطي لنفسها الحق في أن تعمل أي شيء وبالتالي دمجت كل السلطات هذه النخبة الحاكمة دمجت في يد واحدة جميع السلطات وهذا الذي مكنها من أن تستخدم السلطة الثروة وأن تدمج بين..

أسباب صمت الجماهير العربية
غسان بن جدو [مقاطعاً]: لكن مع ذلك دكتور برهان مع ذلك كما قال ووتربري لعلك لاحظت هذا المثال إنه في نهاية الأمر عندما تريد الجماهير تستطيع أن تفعل شيء يعني في إيران على مدى السنوات الأخيرة هناك شكوى من أن هذا النظام كان يُطبق على أنفاس الناس ولكن حصل تغيير من الداخل لا أتحدث عن وضع الشاه أتحدث الآن تغيير وانتخابات الأخيرة في تركيا انقلابات وراء انقلابات ولكن رأيت الآن كيف أن يعني زعيما كان يقبع وراء أقبية السجون وإذ به يصبح الآن يعني فاتح أوروبا كما يوصف لماذا نحن في العالم العربي هذه الجماهير لا تتحرك بهذه الطريقة فقط لأن ثمة سطوة أمنية أم ماذا؟
برهان غليون: لأن هناك سطوة أمنية دامت نصف قرن التعقيم كما يحدث مع تعقيم الحليب لازم تغليه لدرجة محددة خلال فترة محددة وهذا ما حصل بسبب توافق المصالح..
غسان بن جدو: يعني في مصر هناك سطوة أمنية منذ نصف قرن؟
برهان غليون: هناك سطوة أمنية في كل البلدان العربية الذي يحكمها هي أجهزة الأمن يعني أنا من ملاحظاتي ومراقباتي وتحليلاتي كل البلدان العربية تحكمها أجهزة الأمن إنما بأساليب مختلفة ليس نفس الأسلوب الفج كما يحصل هنا، هناك أساليب متميزة لكن أنا اللي بدي أقوله أنه مادمت ألغيت الحياة السياسية في أي بلد ووضعت السياسة في يد الأمن يعني ألغيت السياسة وجعلت الحياة العامة مرتبطة فقط في الأمن معناها أنت طلبت من كل الناس أن يستقيلوا من التفكير في الشؤون العامة هذا ليس شأنهم وبالتالي أن يستقيلوا من التفكير بأي مسؤولية صاحب الحزب الحاكم ولا صاحب السلطة هو الذي يقرر من هو الصح وما هو الخطأ وما هو الشخص الذي أن يعين هنا أو هناك بالتالي أنت منعت الناس من أن يفكروا بمصيرهم وهاهي المأساة السياسة تعني..
غسان بن جدو: لكن في مصر على سبيل المثال هناك حياة سياسية هناك انتخابات برلمانية هناك أحزاب هناك إعلام حر أنا قرأت صحف هناك صحيفة العمل صحيفة الشعب على الإنترنت الآن كل أسبوع وهي تطالب بعريضة لإسقاط الرئيس محمد حسني مبارك ولا أحد يتدخل يعني هناك بداية حياة سياسية في المغرب هناك حياة سياسية أنت تعرف المغرب جيدا..
برهان غليون: نعرف المغرب جيدا.
غسان بن جدو: هناك حياة سياسية هناك مثقفون هناك مبدعون في الجزائر الشيء ذاته في اليمن الشيء ذاته لكن لماذا هذا أمر لا ينسحب على بقية البلدان؟
برهان غليون: هذه النقطة الثانية اللي بدي أقولها لأنه المثقفين في العالم في معظم الدول العربية مثل حالة المغرب يجب أن تناقش المغرب الأقصى متميزة نسبيا فيما يتعلق بالتعددية لكن في معظم البلدان العربية عُزل المثقفون وعُزلت المعارضة بشكل بأساليب مختلفة في تلاعب حتى لو كان هناك تعددية لكن يمكن مسك التعددية من الداخل في لبنان أيضا كان هناك تعددية هذا لم يمنع أجهزة الأمن من أن تحدد من ينجح ومن لا ينجح وما هي السلطة الحقيقية إلى آخره فأنا بأعتقد أنه في مشكلة أساسية أيضا هاي الملاحظة الثانية هي أنه عندما أصبحت السلطة بيد الأمن وأصبح هدف الحفاظ على النظام وليس تنمية البلد وليس ضمان حقوق السكان إلى آخره أصبح هناك نظام ما يسمى بنظام الولاء في مقابل نظام الكفاءة نحن نجازي من يوالينا كما قلت وأصبحت العملة الفاسدة تطرد العملة الصحيحة يعني من يتملق أكثر له سلطة أكثر وهذا أفسد كل نظام الشأن العام أنا عندما دخلت إلى سوريا بعد ستة وعشرين سنة من الغياب استقبلني مسؤول الأمن الأكبر وقال لي نحن حرفيا نحن لا تهمنا الكفاءة يهمنا الولاء ولم أنسَ هذه الكلمة لأنه بما معناه يعني نحن نريد ناس موالين مهما..
غسان بن جدو: هو ربما لا يقصد في جهازه الأمني ولا يقصد في الدولة.
برهان غليون: لا يقصد في الدولة لأن أنا لم أكن في جهاز الأمن كنت في الدولة فبأعتقد إنه هذا شاغلة مهمة جدا هذا السبب هذا مصدر كل الفساد الذي حصل في النظام الملاحظة الأخيرة بس حرام مشان المثقفين، المثقفين ما حصلوا يلعبوا دور كبير في البلدان العربية صحيح لأنهم عُزلوا وقسم كثير منهم اضُطهد وقسم كبير منهم اغتيل وقسم كبير منهم حبس في السجون هناك مقاومة من قبل المثقفين في معظم البلدان العربية لكن بالحقيقة النظام الأمني المدعوم من الخارج وبموارد نفطية مهمة جدا نجح في أن يكسر شوكة المثقفين ويكسر شوكة الطبقات الصناعية كل الطبقات الوسطى أيضا وليس فقط المثقفين حتى أصحاب المال وأن يجعلهم طيعيين ويتعاملوا معهم وكسر كل فئات الاجتماعية الأخرى.
حسني حميدة: حسني حميدة رئيس جمعية الطلاب العرب في جامعة بيروت العربية، أولا أود أن أتطرق إلى عنوان رئيسي ألا وهو التغيير، التغيير هو حالة لابد من وجود فئات داخل المجتمع هي التي تحمل التغيير أما من نخب أما من جميع فئات وشرائح المجتمع نحن نريد أن نتحدث عن التغيير الذي حصل عندما قامت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على صياغة الخريطة السياسية للعالم إن معظم التغيير الذي حصل في البلدان العربية كان تغييراً جذريا أي الثورة لذلك كان هنالك تناقض بالدرجة الأولى كان هنالك تناقض أي أنه لم يتم تهيئ المجتمع من أجل تبني أفكار ومبادئ وأشياء كثيرة تؤدي به إلى التغيير الحقيقي إنما أخذت هذه الفئات التي كانت مدعومة من المظلة الخارجية التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية إلى حصر كل المبادئ والأيديولوجيات على مستوى رأس الهرم وعزل الشعب عن المشاركة مما أدى إلى شرخ كبير بين المجتمع والدولة.
غسان بن جدو: ماذا عن واقعنا الآن؟
حسني حميدة: هلا واقعنا اليوم نتحدث إذا أردنا التحدث عن التغيير طُرح الكثير من الكلام الذي يقول أن هنالك التغيير من الخارج أولا كلنا يعلم أن التغيير الذي حصل في أوروبا وفي أميركا وفي معظم الدول المتطورة كان هو عبارة عن تراكم ثقافي حضاري فكري اجتماعي كثير جدا يعني لذلك أنا أستغرب بأنهم بأن رواد التغيير عندما قام التغيير الجذري أو الثورة في بدايات القرن الماضي كانوا من الغرب وأيضا اليوم يطرحون علينا التغيير من الغرب فهذه أنا أعتقد أشبهها..
غسان بن جدو: يعني أين ومَن وكيف؟ حتى نكون أكثر وضوحا حتى نكون في هذا النقاش.
حسني حميدة: أنا أتحدث اليوم عن المجتمع العربي، المجتمع العربي وخريطة السياسة العربية منقسمة إلى قسمين القسم الذي كان تحت مظلة الاشتراكيين العالميين أو الشيوعية التي كانت تدعمها الاتحاد السوفيتي والقسم الآخر الذي أخذ الطابع الملكي والذي كان مدعوما كما قال تشرشل قالوا له كيف نريد إذا أردنا السيطرة على النفط في الخليج العربي قال لهم بسيطة نضع قرب كل بئر نفط دولة وقامت هذه الدول إن كان على المستوى الاشتراكي الذي فشلت إذا تذكرنا أن الموضوع الاستخباراتي الذي تطرق إليه الدكتور كان موجودا في (KGP) وفي الكثير من الحياة من المؤسسات السياسية والغير سياسية في أيضا الأنظمة الملكية وغيرها كانت مدعومة وكانت تُدعم من قبل الكثير من الأجهزة الاستخباراتية الغربية من أجل تقوية وتحصين هذا الأمر شاغلة بسيطة آخر شيء بدي أتحدث عنها بلبنان صاير في جدل كبير حول القرار 1559 أنا أود أن أتطرق إليه بشكل بسيط جدا بأنه كان هنالك خلاف هل هذا القرار هو قرار شرعي أم غير شرعي؟ لربما أنا أكون ضد هذا القرار ولكن أنا أقول هذا القرار شرعي من قبل الأمم المتحدة ولكن هذا القرار هو استكمال لقرارات سابقة مثل قرار 194 بحق اللاجئين أنا أعتقد بإنه الكثير من البنود التي دخلت بـ 1559 لو تم تطبيق القرارات الأمم المتحدة السابقة كان يمكن أن نتفادى مثل هذه الأمور وشكرا.
غسان بن جدو: شكرا تفضل.
"الدول العربية عليها أن تعتبر أن الديمقراطية ليست عقوبة أميركية أو غربية ويجب أن تعتبر أن هذه الديمقراطية هي استجابة طبيعية لمطالب مواطنيها" مشاركمشارك: مساء الخير حضرة الدكتور حكى عن نقطة أنه بلش بالثمانينات لكن أهمل العامل الخارجي وكأنه الدول إلى حد منا كأنها موجودة في فراغ أولا يجب أن نستخدم كلمة المنتظم السياسي وليس النظام السياسي لأن المنتظم بأي دولة هو عبارة أشمل من النظام بشكله يعني العالم العربي أو ما يسمى بالعالم العربي المنقسم بين دول رجعية يمينية ودول انتهجت اشتراكية هي في أزمة أزمة بين حاكم ومحكوم يعني لفتني بمقدمة الأستاذ غسان إنه يتمنى في العام الحالي العام الجديد أن يستعيد المواطن العربي كرامته ويخرج.. وأصبحت الكرامة هي كأنها من الأمنيات الصعبة التحقيق يعني في زمن نحن في القرن الواحد والعشرين، أما عن التغيير يجب على الدول العربية أو ما يسمى ببعض الدول العربية أن تعتبر أن الديمقراطية ليست عقوبة أميركية أو غربية يجب أن تعتبر أن هذه الديمقراطية هي استجابة طبيعية لمطالب جماهير طبعا بالشق الثاني هذه الجماهير تتحمل مسؤولية هي تشارك في صنع القرار هي تستلم السلطة في الانتخابات هلا لمن تصوت هذا شأن يرجع إليها كمان يجب ألا نغالي كثيرا في استبداد الحكام نعم لدينا ملوك وأمراء مستبدين لدينا رؤساء أصبحوا مثل الملوك حتى لبنان آخر الدول بطَّل فيه تداول سلطة صار فيه تمديد وراء التمديد وإلى آخره يجب على هذه الشعوب العربية إذا كان بعد هناك شعوب عربية يعني أن تأخذ هي مبادرة.
غسان بن جدو: أراك متشائما بشكل غير طبيعي يعني أنت ما يسمى بالعالم العربي ما تسمى بالأنظمة العربية ما تسمى بالبلاد العربية..
مشارك: هل هناك أمة عربية؟
غسان بن جدو: إذا كان هناك شعوب عربية يعني كأنك..
مشارك: هل هناك أمة عربية؟
غسان بن جدو: نعم؟
مشارك: هل الأمة العربية بالتعريف الكلاسيكي الفرنسي أو الألماني..
غسان بن جدو: طيب ناقشه في هذه القضية.
برهان غليون: بلى أمة في عرب يعني في مجتمعات عربية نسميها يعني في كيانات لها..
مشارك: وليست أمة.
مشارك ثان: بسم الله الرحمن الرحيم.
غسان بن جدو: تفضل.

العرب ما بين الإصلاح والتغيير
مشارك ثاني: هذا خطاب طبعا العلمانيين المتطرفين في اعتقادي يعني هذا أولا، ثانيا بالنسبة للإصلاح دائما نتكلم عن الإصلاح ولا نتكلم عن التغيير البعض يسميها ثورة إن كانت بيضاء أو حمراء فلتكن لن نختلف على المسميات لكن لماذا نتكلم عن إصلاح ولا نتكلم عن تغيير؟ نريد تغيير لم يعد الإصلاح كافيا لأن هذه النظم وصلت مرحلة من الفساد لا يمكن إصلاحه يعني.
غسان بن جدو: طيب أنت ماذا تختلف عنه أنت تقول هذا خطاب المتطرفين العلمانيين طيب في ماذا تختلف معه؟
مشارك ثان: يعني عندما يتكلم عن ما يسمى عن أمة عربية يعني هذا نوع من الفزلكة يعني أعتقد يعني.
غسان بن جدو: تفضل.
مشارك: بس الأمة العربية الأمة هي نتاج عندها تاريخ مشترك وتراث مشترك ومصير ومستقبل مشترك..
مشارك ثان: وهذا كله متوفر.
مشارك: هل المستقبل المواطن الأردني الذي أبرم معاهدة سلام مع إسرائيل هو ذاته مستقبل المواطن اللبناني أو المواطن السوري فأين هو هذا المستقبل أو المصير المشترك؟ وليس هناك علمانيين متطرفين أنا أعرف أن هناك أصوليين متطرفين علمانيين ليسوا متطرفين عادة يعني..
مشارك ثان: لا هذا غير صحيح.
غسان بن جدو: هناك من يصف العلمانيين بأنهم متطرفون فهمي هويدي كتب كتابا كاملا المفترون الذين يصفون بأنهم علمانيون متطرفون أنا أود أن أشرك الدكتور مصطفى الفقي أرجوك يا دكتور مصطفى أن تكون في حوار مع هؤلاء الأخوة يعني هناك نقطتان نقطة ذكرها الدكتور برهان غليون حيث عاود الجزم بأن المشكلة هي في هذا السرطان الأمني بشكل أساسي وهناك الإخوان الذين يتحدثون عن هذه الأنظمة في الحقيقة تتحمل مسؤولية كبرى فيما يحصل أرجو أن تكون في حوار معهم.
مصطفى الفقي: أنا أرجو بس بعض العدالة والنظرة إلى القاهرة عندنا مثل يقول البعيد عن العين بعيد عن القلب أريد أن أُعْطَى مساحة للحديث.
غسان بن جدو: تفضل.
مصطفى الفقي: تعليقي على كلام الصديق العزيز الدكتور برهان (خلل فني) أنا ضد الأمور في نظرية فيه تطور بحث إلى حد كبير نظرية السبب الواحد قد تكون فكرة الدولة الأمنية هي الفكرة العامة لكن أنا أريد أن أعطيك أن مساحة الحرية في بعض الدول ومنها مصر تزايد بشكل ملحوظ وهناك اتجاه لتقوية المؤسسات السياسية والمجتمع المدني وبالتالي ليست القضية محصورة في سبب واحد هي مجموعة من الإشكاليات والاشتباكات المتداخلة ووضع أحد أبنائنا من الشباب الآن أثار نقطة هامة وهي لا يجب أن نعزل ما جرى عربية عن التطورات في العالم حركة التحرر الوطني خفت نجمها وضعف تأثيرها وأصبح العالم في استقطاب لقوة واحدة تحكمه وتقوده في عصر (Packs Americana) هذا له تأثيره دوليا، إقليميا الصراع العربي الإسرائيلي دخل مرحلة في العقد الأخير من أسوأ مراحله ظهرت فيها إسرائيل بنوايا واضحة أصبح العرب هم الذين يطالبون بالسلام ويلهثون وراء اللقاءات عكس ما كان يحدث في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات هذا الوضع أدى إلى تأثيرات داخلية وحالة إحباط عامة فضلا عن أن هناك مفهوم غريب في النظم الحاكمة في معظم الدول العربية يقوم على فكرة الإدارة بمعنى الشركة هناك فارق بين إدارة الدولة وإدارة الشركة هناك فارق بين إدارة وطن بأهداف وروح ورؤية وبين إدارة شركة بمكسب وخسائر في المدى القصير لذلك فإن الأخ الشاب اللبناني وهم شبان متألقين جدا تحدث عن مفهوم الإصلاح والإصلاح يختلف عن التغيير، التغيير هو الانتقال من مرحلة إلى مرحلة إنما الإصلاح هو الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أفضل فمفهوم الإصلاح يقوم على فكرة الرؤية وعلى وجود أبعاد مختلفة ترى المستقبل..
غسان بن جدو: دكتور مصطفى أنت قريب من العين ومن القلب ومن الشاشة أيضا ابق في حوار مفتوح مع هؤلاء تفضل.
مصطفى الفقي: إنني أريد أن أقول هم..
مشارك ثان: باعتقادي إنه الإصلاح..
غسان بن جدو: ابق في نقاش معه تفضل أخي تفضل.
مشارك ثان: باعتقادي أن الإصلاح هو يعني بحد ذاته اعتراف بأن هناك فساد في أنظمة الحكم أو كما سماها المنتظم السياسة لا نريد أن نسمي النظام سياسي لكن بالمقابل أيضا يعتبر الإصلاح عندما نطلق صفة الإصلاح بأنه هناك ما يمكن البناء عليه أعتقد أن الإصلاح هو تسوية رخيصة مفهوم الإصلاح تسوية رخيصة من قبل جزء من المعارضة مع الأنظمة العربية بمعنى طبعا هذا لصالح النظام العربي يعني هذه التسوية بالتأكيد لصالح الأنظمة العربية..
غسان بن جدو: يعني رفع شعار الإصلاح في هذه الآونة تعتبره تسوية رخيصة لصالح الأنظمة؟
مشارك ثان: نعم لصالح الأنظمة ويمكن..
غسان بن جدو: ما رأيك في هذا دكتور مصطفي؟
مصطفي الفقي: لا أنا اختلف مع ابني العزيز في هذا لأنه هناك فارق هو قلق من إجهاض مفهوم الإصلاح المشكلة الآن أن الكل يتكلم عن الإصلاح الأنظمة والجماهير والمعارضة والقوى الخارجية ولا أحد يختلف على ضرورة الإصلاح هذا شيء غريب حتى القوى الأجنبية تقول لا نريد أن نفرض عليكم الإصلاح نحن نتمشى معكم في أن الإصلاح أمر ينبع من الداخل شأن يصدر من الهوية ولكن المشكلة الحقيقية أن هناك محاولة لإجهاض معنى الإصلاح أنا أريد من ابني العزيز أن يلتقط هذه الفكرة هو أن تحدث هناك عملية تمييع للمصطلح ويصبح الحديث عنه بديل لوجوده الكل يتحدث عن الإصلاح ولكن لا توجد تطورات حقيقية نحو الإصلاح توجد عمليات تغيير داخل النظم تضع عينها على الخارج وعلى الداخل في وقت واحد وهذه العمليات في رأيي مرحلية ومرتبطة بظروف دولية وضغوط خارجية الإصلاح الحقيقي ينبع من قناعة الأغلبية وتيار عام داخل المجتمع يرى أن هناك رصيد لديه من مخزون الخبرة الحضارية يمكن أن يوظفه بشكل عصري لخلق رؤية للمستقبل هو ده مفهوم الإصلاح أنك أنت تنتقل بالعقل العربي من مرحلة الركود إلى مرحلة المبادرة وطرح الأفكار والمناقشة والحوار.
غسان بن جدو: أيضا الدكتور برهان غليون إذا سمحت دكتور مصطفي تفضل دكتور برهان نعم تفضل.
"طبيعة الأنظمة العربية غير قابلة للإصلاح وغير قادرة على الإصلاح ولابد من تغييرها"
برهان غليونبرهان غليون: يعني أنا بأعتقد أنه معه حق جدا كلمة الإصلاح تعني أمرين الأمر الأول هو إنه لازم يتم الأمور بإطار النظام القائم بمعنى أنه عندما نقول برنامج إصلاحي نحن نفترض أن النظام القائم قادر على تغيير سياساته باتجاه أفضل ويفترض أيضا أن هناك إمكانية للتغيير السلمي بعكس التغيير اللي ممكن يكون أيضا عنفي فبالحقيقة أظهرت السنوات الماضية وأنا باعتقادي أظهرت سنوات من الثمانينات إنه هاي النظم القائمة غير قادرة على الإصلاح لا يمكن للمُفسِد أن يصلح ما أفسده ولا يمكن للمُفسِد اللي ضل مُفسِد أربعين سنة أو خمسين سنة إنه يصير يتحول إلى مُصلِح لذلك أنا بأعتقد أنه المفروض بتصير الإلحاح على شعار التغيير بمعني لابد من تغيير هذا النمط من الأنظمة ولا المنتظمات في مثل مش معناتها إنه الثورة لكن هذا طبيعة الأنظمة القائمة غير قابلة للإصلاح وغير قادرة على الإصلاح ولابد من تغييرها إذاً ما هي الخطوات من أجل تغيير طبيعة النظم وقواعد العمل السياسي في هذه البلدان؟
غسان بن جدو: ما هي الخطوات برأيك؟
برهان غليون: الخطوات إقامة نظم ديمقراطية يجب تغيير النظام.
غسان بن جدو: طب كيف يعني لا إصلاح ولا ثورة لا تريدون عنف ولا تريدون كيف؟
برهان غليون: لا ثورة ما بالمعني بالضرورة إنه يحملوا يشهروا الناس سلاحهن أنا بأعتقد أنه تجارب ما يجري في الخارج يعني من العصيان المدني من الاعتصامات من التعبئة الشعبية من المظاهرات هذه كلها وسائل للتغيير اليوم مختلفة عما كنا نتحدث به عن حرب الغوار وحرب العصابات لكن لازم نحط بذهننا إنه المجتمع ماشي نحو حركات عصيان من أجل التغيير.
غسان بن جدو: هو الحقيقة ما قاله الأخ يعني تحدث عنه بتهذيب ولكنه جرئ في الحقيقة لأن هناك عدد كبير من الشباب الآن الذين يقولون بشكل صريح يعني هذه المحاولات للإصلاح كلها تجميلية تذويقية..
برهان غليون: وهذا صحيح.
غسان بن جدو: لا تُقدم والأساس هو أن نمضي قدما نحو تغيير الأنظمة بأي شكل من الأشكال تفضل وستناقشون تفضل.
مشارك ثالث: بسم الله الرحمن الرحيم أنا بأعتقد إنه الإصلاح يعني الحرية نحن لما نعطي الحرية للعالم هذا بيكون جزء من عملية الإصلاح بس الواقع بيقول خلينا نكون منطقيين أنه لا الخارج بده الإصلاح ولا الداخل بده الإصلاح ليش؟ لأنه الإصلاح هيؤدي لوصول الإسلاميين للحكم إن كان بمصر وأن كان بكل الدول العربية عشان هيك بيرفضوا شيء أسمه الحرية يقمعوا الحرية بدي أرد أنا بس على شاغلة كمان على الأخ أنه ما في علمانية متطرفة التطرف أنا باعتقادي التطرف والتعصب هو إقفال العقل أمام آراء الآخرين هذا الشيء هو اللي بيناقض الفكرة اللي عم بيقول الأخ يعني إحنا بنشوف إنه..
غسان بن جدو: أنا أخشى أن ندخل في موضوع آخر أنت قلت نقطة تقول إن هناك عدم رغبة في الإصلاح لأنها ربما ستؤدي إلى وصول الإسلاميين وإذا وصل الإسلاميون فهذه ستكون كارثة على الجميع سواء على الأنظمة أو على الخارج طب من يناقشه في هذه القضية بالتحديد؟ أولا دكتور برهان يعني هل هذه النقطة صحيحة ودقيقة؟
برهان غليون: أنا اعتقد أنه الخوف من الإسلاميين..
غسان بن جدو: هو هاجس وخوف حقيقي.
برهان غليون: هو هاجس حقيقي..
غسان بن جدو: وهذا يمنع الإصلاح في الداخل؟
برهان غليون: يجمع بين القوى الخارجية ذات المصالح بالمنطقة والقوى الداخلية ويعزز مواقع الأنظمة الاستبدادية حتى اليوم وعززها خلال العشرين سنة الماضية هذا جزء من تبرير دعم..
غسان بن جدو: طب ماذا نفعل يعني هل نضع كل هؤلاء في سلة واحدة وندخلهم السجون أو نقبرهم أو نقتلهم أم ماذا نفعل؟
برهان غليون: لا ليس هذا ما أقوله.
غسان بن جدو: لا أنا أود أن أسأل يعني كما كنا في السابق نخشى اليساريين والشيوعيين ووضعناهم في السجون وفي آخر الأمر لم تنتهِ الشيوعية ولم تنتهِ الماركسية ولم ينتهِ اليسار وعاد والآن ماذا نفعل مع الإسلاميين؟
برهان غليون: أنا اعتقد هذه فزاعة تستخدمها الأنظمة ويستخدمها النظام الدولي إذا قلنا النظام الغربي من أجل تبرير الإبقاء على الأنظمة وعدم التغيير لكن نحن لا نؤمن بذلك أنا أعتقد أن الإسلاميين في نظام ديمقراطي حقيقي يعني يحترم فعلا رأي المواطن والمساواة بين المواطنين يطلع لهم حزب مثلهم مثل أي فئة أخرى بين عشرين لخمسة وعشرين بالمائة في كل البلدان العربية..
غسان بن جدو: لا شك أن الدكتور مصطفي الفقي له رأي ولكن أعود إليكم إذا سمحتم لا أرجوك خلي الإخوان الذين لم يتدخلوا وبعدين سأعود إليكم في موضوع الوحدة الوطنية تفضل.
هشام شيا: هشام شيا منظمة الشباب التقدمي سأعود بالموضوع إلى جوهريته قليلا مع موافقتي على ما صرح فيه الدكتور برهان من التعقيم الأمني اللي يتم في العالم العربي قد يكون منذ ما قبل ثمانينات القرن الماضي الموضوع الأساسي هو هذه الهوة السحيقة القائمة بين النخب الإصلاحية القليلة في العالم العربي وبين باقي شرائح المجتمع هذه الهوة متأتية من أمرين أساسيين الأمر الأول هذا المستوى العالي جدا مع الأسف من الجهل الموجود في عالمنا العربي ونستطيع هنا الإطلاع على العديد من التقارير التنموية اللي بتقول بأنه أحد أعلى نسب الأمية الموجودة في العالم هي في العالم العربي التنمية لم تُحقِّق أي خطوة حقيقية إلى الأمام لا نزال نعاني من هذا التوزيع العشوائي للثروة في عالمنا العربي هذا جانب أما الجانب الآخر فهو مسألة الحرية ولابد من التطرق لهذا الموضوع في كثير من الوعي وفي كثير من الموضوعية تغييب الحريات في عالمنا العربي أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن.
غسان بن جدو: طب أود أن أسألك حتى أتقدم معك خطوة حتى لا نعود إلى الوراء كثيرا الآن هناك جدلية واضحة هناك من يدعو إلى الانفتاح الداخلي وتحقيق الحريات العامة أيا كانت التكاليف والإثمان وهناك حتى لو كان هذا الأمر مع التحالف مع قوى خارجية ولا أقول بالضرورة يعني السماح لها بغزونا والتدخل ولكن التحالف والتعاون مع القوى الخارجية كما يحصل لديكم هنا وهناك من يقول لا هناك الشعار الوطني الأمن القومي هو لديه الأولوية حتى إذا كان هذا الأمر على حساب تأجيل الانفتاح الداخلي أين أنت من هذه المسألة؟
هشام شيا: لم تشكل الحرية يوما عائق أمام الوحدة الداخلية وأمام وحدة الأنظمة وأمام الأمن في أي مجتمع الحرية هي صمام الأمان لمجتمعات إنسانية تحترم الإنسان وتجعل منه قيمة.
غسان بن جدو: أن أقدر فيك ثقافتك العالية وانتمائك السياسي ولكن أرجو أن تحدثني عن الواقع الآن يعني أن تذكر لنا أمثال يعني أمثلة أكثر منها أمور يعني الآن عندما سألتك عن هذا السؤال أجبني بشكل دقيق وأنت في لبنان أو مجاور لمصر أو مجاور للعراق أو مجاور لسوريا أو هناك الإخوان في المغرب العربي الذين كنا نتمنى أن يكونوا حاضرين والأخ لطفي سيتحدث منهم إلى آخره حدثنا عن الواقع الآن.
هشام شيا: أعطيك أمثلة واضحة نحن كتيار سياسي كحزب تقدمي اشتراكي في لبنان اعتمدنا منذ تأسيس الحزب على مبدأ احترام حقوق الإنسان وعلى تقديس الحرية ولم نكن يوما إلا مواجهين لأي تدخل غربي يهدف إلى زعزعة النظام الداخلي دائما ننادي بأمرين نحن مع الحرية والديمقراطية ونحن مع سيادة الدولة نحن ضد التدخل الأجنبي.
غسان بن جدو: نعم شكرا جزيلا تفضل.
لطفي إبراهيم: بسم الله الرحمن الرحيم لطفي إبراهيم من تونس سأبدأ بأبيات شعر لعلها تغير نوعا من نمطية يقول أحد الشعراء:
لا يصلح قوم لا صراط لهم ولا صراط إذا جُهالهم سادوا
البيت الثاني يقول:
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها وغدوا مصالحها وهم خدامها
غسان بن جدو: طيب من الجهال ومن الخدام هنا؟
لطفي إبراهيم: الجهال هم قلنا لا يصلح قوم لا صراط لهم ولا صراط إذا جُهالهم سادوا.
غسان بن جدو: أيوة من الجهال الذين سادوا؟
لطفي إبراهيم: الجهال هم هؤلاء المنظمات المافياوية التي تتحكم في مصير هذه الأمة، الأمر الثاني الذين ظلموا الرعية هم أصلا يجب علينا أن نعترف ويجب على هذه الشعوب أن تعي أنهم هم خدام لها وليسوا أسيادها هذا.. الأمر الآخر هو أن هذه السلطة في الوطن العربي مرت بمرحلتين مرحلة ما تسمى سرقة جهاد الشعوب من الخمسينات إلى الثمانينيات ثم من الثمانينيات إلى الآن ما يسمى بعملية تشظي الشعوب عملية قطع الوصائل بين الشعوب لا منظمات إنسانية ولا إلى غير ذلك إذاً هاتين المرحلتين هما اللذان سيدخلانا في هذه المرحلة الثانية إذا يقول أن الإصلاح واجب إلى غير ذلك هذا الإصلاح في واقع الأمر هو خدعة..
غسان بن جدو: من يقول؟
لطفي إبراهيم: كل وبالتحديد الذين يتنادون بالإصلاح هم الساسة أمام الشعوب في واقع الأمر فهي قد نفضت يدها.
غسان بن جدو: يعني أنت تعتبر الإصلاح خدعة؟
لطفي إبراهيم: نعم هو خدعة.
غسان بن جدو: لماذا هي خدعة؟
لطفي إبراهيم: هو خدعة من الغرب ومن الساسة في نفس الوقت.
غسان بن جدو: لماذا؟
لطفي إبراهيم: أنا أقول الغرب الآن في مأزق المأزق هو إما أن يتعاون مع هذه الأنظمة ضد التيار الجهادي الإسلامي وهو الذي الآن يدك صروحهم في العراق وفي الأماكن المتفجرة كلها وإما أن يتصالحوا مع هذه الأنظمة إذا عندنا إشكالية الإشكالية فجاء مؤخرا في الدار البيضاء المؤتمر الأخير كانوا أول مرة ينادون بالإصلاح فإذا بهم بعد ذلك يقولون أن الإصلاح يجب علينا أن يتم من الداخل.
غسان بن جدو: طيب أنا أسألك يعني إذا لا تريدون الإصلاح ما الذي تريدونه؟
لطفي إبراهيم: هو في الواقع..
غسان بن جدو: يعني حتى لو أنك تدافع عن التيار الإسلامي الذي تصفه بالجهادي طب أليس الإصلاح مدخل لكم أليس مفيدا لكم ما الذي تبغونه في أخر الأمر؟
لطفي إبراهيم: هناك مثلا في المشرق يقول من جَرَّب المُجرَّب كان عقله مُخرب فهؤلاء الأنظمة منذ أن جاؤوا إلى الآن هم في واقع الأمر فاسدون لا أصلا هنا لا توجد عندهم فكرة تغيير.
غسان بن جدو: طيب تبقى في حوار مع الدكتور مصطفى الفقي تفضل دكتور مصطفى.

الإصلاح ما بين السلطة والمجتمع المدني
مصطفى الفقي: أنا أريد أن أعطي بعض الملاحظات بعد استماعي لحديث أبنائنا وحديث البروفيسور برهان أول شيء إنني أعتقد أننا عندما ننتقل من نهج الثورة إلى فكر الإصلاح فإننا نتمشى مع روح العصر الثورة كانت مرتبطة بحركات التحرر الوطني إنما الإصلاح وهو ضرورة أنا مختلف مع أبنائنا اللي بيقولوا ما معنى الإصلاح وما لزوميته الإصلاح هو البوابة الحقيقية للحريات وللمشاركة السياسية ولحقوق الإنسان ولرعاية الأقليات انتقال كامل للعقل العربي من مرحلة إلى مرحلة والإصلاح لا يقوم به إلا إصلاحيون دي النقطة الخطيرة اللي إحنا مش حاسين بها في العالم العربي لا توجد كوادر إصلاحية حقيقية المنوط به الإصلاح الآن الأجهزة الإدارية وبعض دوائر السلطة القائمة في العالم العربي إنما الإصلاح عملية تبدأ من المجتمع المدني ومن قاع الحياة السياسية إلى قمتها.
غسان بن جدو: هل توافق؟
مصطفى الفقي: الدكتور برهان كان تفضل وقال والأخوة كمان إنه في تخوف من الحرية والديمقراطية على وصول الإسلاميين للحكم أنا رأيي إن دي قضية مطلقة إنه ليس بالضرورة الانتخابات الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي سوف تعطي أغلبية للتيارات الإسلامية المتطرفة هذا غير صحيح وأضيف إلى هذا كان برضه الدكتور برهان تفضل وقال إنه في مجموعتين من العوامل في الداخل وفي الخارج تقف بمخاوف تجاه التيار الإسلامي أنا رأيي إن المخاوف الخارجية قليلة أنا أذكركم بتصريح لرمسفيلد اللي هو يعني من صقور الإدارة الأميركية الحالية في موضوع العراق قال لا يضيرنا أبدا أن يقوم في العراق نظام إسلامي بشرط ألا يكون على النمط الإيراني يعني هم لديهم رغبة في إنه إذا وجدت أنظمة إسلامية تصل إلى مواقع السلطة وتحمي المصالح الغربية وتتحالف معها كما كان التحالف تاريخيا ضد الوجود الروسي والشيوعي عموما فلا مانع من ذلك فأنا أنبه إلى هذه النقطة هناك اتصالات وعلاقات ليست سيئة كما نتصور بين الغرب وبين التيارات الإسلامية المعتدلة تحديدا نحن نقبل بالتيارات الإسلامية وهم يقبلون بشرط ألا تكون مُحرِّضة على التطرف غير راغبة في العنف مؤمنة بأن لأمة مصدر السلطات تقبل تداول السلطة ولا تعلن شعاراً واحداً بأن الدين هو الحل إن هناك حلولا كثيرة في الحياة تقبل الحوار أما إذا بدأت بمواجهتي بالنص وطرح أفكار إيمانية فإن الجدل لن يقوم والحوار لن يستقيم الحل هو في الدولة الحديثة الدولة العصرية التي تقوم على مجتمع مدني راسخ الأصول وحياة سياسية.
غسان بن جدو: تفضل ناقشه في هذه النقطة دكتور مصطفى من تحرص على تسميته بابنك يريد أن يناقشك في هذه النقطة.
مصطفى الفقي: تفضل.
لطفي إبراهيم: أولا يا دكتور الفساد في الوطن العربي بلغ ثلاثمائة بليون دولار في كل سنة تُهدر من دماء وعرق هذه الأمة، الأمر الثاني الفساد الذي تقول إنه أو الإصلاح كيف يمكن أن نتصالح مع من أدخل الأسمدة الفاسدة إلى مصر ثم بعد ذلك يحكم عليه بعشرة سنوات سجن بينما في واقع الأمر يجب عليه أن يعدم؟ أجبني على هذا السؤال؟
غسان بن جدو: دكتور برهان قبل أن تجيبه.
مصطفى الفقي: أنا أجيبك.
غسان بن جدو: تفضل.
برهان غليون: يعني أنا فيه عندي ملاحظتين إذا سمحتوا الملاحظة الأولى بتتعلق بالإصلاح فعلا موضوع مهم بيقول الدكتور الفقي إنه لا إصلاح بدون كوادر إصلاحية والمشكلة ليس هناك كوادر إصلاحية وهاي يعني الشيء اللي عم نعاينه بالواقع إنه اللي عم يعاينوه الشباب إنه مفيش أي تقدم في مسألة الإصلاح طبعا الإصلاح كفكرة موجود في كل الأنظمة كل الأنظمة بتصلح كل يوم في إصلاح وبرامج إصلاحية في التعليم وفي الإدارة وفي الاقتصاد لكن نحن عم نتحدث هون عن موضوع إصلاح يعني إعادة النظر في مجموعة من السياسات في العالم العربي أظهرت فشلها الآن أظهروا النخب الحاكمة بالحقيقة إنه غير قادرين على أن يطبقوا أي برنامج إصلاح وفي السنة الماضية حصل عدة مؤتمرات وبعدين نسيت خلال الشهر الثاني لصدورها إذا بالفعل..
غسان بن جدو: بالمناسبة العام الماضي فقط العالم العربي أنفق ستمائة مليون دولار على الندوات والمؤتمرات.
برهان غليون: تماما ولم يحصل أي تقدم في قضية الإصلاح فبأعتقد إنه صحيح إنه لابد..
غسان بن جدو: النقطة الثانية.
برهان غليون: النقطة الثانية تتعلق بالحقيقة بقصة العلاقة بين الغرب وبين الإسلاميين صحيح إنه الإسلام.. الغرب مستعد للتعاون مع أي فئة إسلامية علمانية قومية عربية إلى أخره على شرط أن تقبل هذه الفئة بالبرنامج وبالأجندة وبجدول الأعمال الأميركي أو الغربي أو الأوروبي إذا قبلوا الإسلاميين بها الشيء فحيدعمون ويعطون الحكم هم أنفسهم ليس هناك موقف أيديولوجي لدى الغرب من أي فئة أخرى لكن حتى الآن يبدو أن ليس هناك اتفاق لأن معظم الحركات الإسلامية أقول معظم الحركات الإسلامية بما فيها الحركات المعتدلة لا زالت تتمسك بأجندة وطنية إلى جانب أجندة الإصلاح إلى آخره النقطة الثالثة اللي هي الجواب على السؤال الرئيسي بالحقيقة اللي هي العلاقة بين الوطنية والديمقراطية بالعالم العربي..
غسان بن جدو: طيب ما رأيك لنؤجل هذه المسألة إلى مداخلة دكتور مصطفى الفقي ولكن إلى فاصل نعود بعده لاستكمال هذه المناقشة.
[فاصل إعلاني]
غسان بن جدو: مشاهدي الكرام أهلا بكم دكتور مصطفى من حقك في تعليق قصير من فضلك قبل أن أعود إلى الإخوان هنا.
مصطفى الفقي: أنا أريد أن أقول أننا متفقون جميعا في هذا اللقاء على أهمية الإصلاح بالعكس أنا أحيانا أقول رُبَّ ضارة نافعة أن كثير من المآسي التي جدت على المنطقة في السنوات الأخيرة طرحت الإشعار الإصلاح شعاراً يصل إلى نخاع المجتمعات نحن بحاجة إلى إصلاح السؤال الحقيقي نحن بحاجة إلى إصلاح أم لا؟ نعم وبكل المعاني الأخ الذي يتحدث عن الفساد السياسي أو الإداري أو المالي في بعض الدول العربية الذي يتحدث عن بعض الأخطاء توسيع مساحة الحريات ثانية واحدة ليست القضية قضية الأنظمة وحدها أنا سأعطيك مثالا خُذ المثال المصري الإصلاح لا ينصرف إلى السلطة وحدها الإصلاح ينصرف إلى مؤسسات المجتمع المدني المختلفة المفتاح في مصر يبدأ بالمؤسسة الدينية لأنها مؤسسة عريقة وقوية وعظيمة يجب أن تمارس دورها الحيوي في تحريك المجتمع من ركوده تليها المؤسسة البرلمانية التشريعية تليها مؤسسات الجامعات التعليمية والنقابات يعني ليست الروشتة أو (Prescription) الموجهة لكل الدول موجهة للنظم فقط المجتمعات أيضا تحتاج إلى هزة حقيقية تبدأ بالتعليم وبالثقافة وبالتكنولوجيا لابد أن يطاول مفهوم الإصلاح قاعدة المجتمع بالكامل حتى يستطيع أن يصعد إلى أعلى الإصلاح لا يمكن أن يكون قراراً فوقيا أبدا الإصلاح لا يأتي بقرار فوقي يعني هذه عملية مرحلية تسكينية هي أقرب إلى المواربة منها إلى الحقيقة إنما الحقيقة هي ضرورة تغيير التعليم في العالم العربي الثقافة في العالم العربي.
غسان بن جدو: لكن ثمة من يقول دكتور مصطفى بقطع النظر إن كان من فضلك بقطع النظر إن كان فوقيا أو غير فوقي لكن ثمة من يقول إن هذه الأنظمة المطالبة بقرارات من أجل الإصلاح يعني هذه الأنظمة تريد أن تقودنا في كل شيء بإطار فوقي في الأمن في الجيش في الحروب في الاقتصاد في الثقافة في الإعلام في السياسة عندما نصل إلى الإصلاح يقولون لنا أو عندما نصل إلى الحريات والديمقراطية يقولون لنا لستم مؤهلين إنكم تحتاجون يعني فترات من التأهيل والتدريج وبقينا عقوداً وعقود وبالتالي الإصلاح مطالب به هذه الأنظمة بقرار لنقل فوقيا في هذه المرحلة ولنعطيه وقتاً عدة سنوات.
مصطفى الفقي: أنا معك أنا دور الفرد أكبر من دور المؤسسة في العالم العربي وبالتالي دور الحكم والسلطة دور مؤثر ولا يمكن أن يتم الإصلاح لا من أسفل ولا من أعلى إذا كانت السلطة الحاكمة لا تتحمس لذلك أو لا ترحب به أو تدور حوله أنا معك في هذا هذه هي إشكالية ضخمة في العالم العربي حجم الفرد وحجم السلطة في اتخاذ القرارات ولكن يقابله عملية تغيير في ظاهرة رؤية المجتمع لمستقبله أو قضية التعليم في العالم العربي قضية حاكمة بوابة حقيقية للتغيير.
غسان بن جدو: نعم هذه ربما تستأهل حلقة بكاملها أعود إليك دكتور مصطفى إلى الأخوة من جديد وأرجو بأن تأخذوا في الاعتبار هذه الملف الذي كنا نتناوله بشكل أساسي وملف الوحدة الوطنية تفضلوا يا إخوان تفضل يا أخي.
رائد الصايغ: رائد الصايغ منظمة الشباب التقدمي أنا حابب تكون مداخلتي حول العنوان الرئيسي للحلقة اللي هي القومية العربية إلى أين؟
غسان بن جدو: كلنا في العنوان الرئيسي هذا النقاش نعم.
رائد الصايغ: القومية العربية إلى أين أنا اللي بدي أقوله أنه ليس العيب في كون..
غسان بن جدو: هي ليست القومية العربية إلى أين، المستقبل العربي نعم.
"الطائفية هي من أحد الأسباب المباشرة لانهيار القومية العربية، والإصلاح في الفكر العربي ضروري من أجل الإبداع والتقدم" رائد الصايغرائد الصايغ: مستقبل القومية العربية ليس العيب في كوننا عرب بل العيب في بعض أنظمتنا العربية الديكتاتورية وبعض حكامنا العرب الذين باعوا وتاجروا بقضايانا من أجل مصالحهم الشخصية وأعتبر أن مستقبل القومية العربية لا يكون لها مستقبل إلا من خلال تحقيق مضمون سياسي للعروبة وذلك من خلال دول عربية ديمقراطية يستطيع الفرد أن يعبر فيها عن رأيه وعن ذاته وعن شخصه كذلك أعتبر أن الطائفية هي من إحدى الأسباب المباشرة لانهيار القومية العربية وأضيف بما أن كذلك أعتبر أن إصلاح في الفكر العربي هو ضروري من أجل الإبداع والتقدم وهذا ما ترفضه بعض الأنظمة العربية وفقط تريد الولاء وليس الإصلاح والتقدم من أجل الإبداع.
غسان بن جدو: نعم نعود إلى الإخوان هناك من هناك من فضلكم وأرجو أن نتحاور فيما بيننا يعني ننطلق في مداخلات مما اسمعنا إليه وليس فقط مما جئنا من أجله تفضل.
عدنان نعمة الله: بسم الله الرحمن الرحيم عدنان نعمة الله المسلمين لبنان أنا بدي أقسم الإصلاح لثلاثة أقسام أولا الإصلاح اللي يأتي من الحكام ثم الإصلاح اللي يأتي من الخارج والإصلاح النابع من الشعوب أما الأنظمة العربية لا تتغير فالحكومات تتغير تغير وجوه ولكن..

جدلية الانفتاح الداخلي والتدخل الخارجي
غسان بن جدو: من فضلك حتى أنا أحترم مداخلتك حتى لا نكرر ما قيل بطبيعة الحال يعني نتقدم خطوة إلى الأمام ما استمعت إليه الآن هل ترى بأن هذه الجدلية بين الانفتاح الداخلي وبين التدخل الخارجي برأيك من الذي له الأولوية هل ننفتح أيا كان الثمن أو نسبق يعني نواجه الخارج حتى لو كان على حساب هذا الانفتاح؟
عدنان نعمة الله: ما أنا هأوصل للهدف بس بالتسلسل اللي أنا يعني أنا برأيي مناسب بنظري يعني مثل ما حكينا الحكام الإصلاح اللي بده ينبع من الحكام هيكون إصلاح مزور زائف لأنه الحكام يعني تقمع الطرف الآخر يعني لا ترضى بالطرف الآخر فأكيد الشعوب لن ترضى بإصلاح الحكام أما الإصلاح القادم من الخارج يعني الإصلاح الذي الديمقراطية الذي يزعمون الأميركان أنها سيقيمونها في العراق بتغيير المناهج يعني لا أرى أن هذا إصلاح.
غسان بن جدو: طيب أنا أسألك سيدي أنا أسألك يا سيدي استمعت إلى كلام يقول هذا الإسلام السياسي أصبح فزاعة للغرب الدكتور مصطفى الفقي يقوم هناك حوار بين الجهات الخارجية وبين بعض الحركات الإسلامية المعتدلة ولكن نحن نسمح لها بشرط ألا يعني تؤمن ألا تؤمن بالعنف وأن لا تقول الإسلام هو الحل إلى آخره ولعله يقصد بوضوح حركة الإخوان المسلمين التي ترفع شعار الإسلام هو الحل ما رأيك في هذه النقطة أرجو أن نناقش هذه المسألة؟
عدنان نعمة الله: يعني أنا بتطرق لقضية السودان يعني قضية السودان لما صار الحكم إسلامي بالسودان الأنظمة الخارجية وحتى الأنظمة بعد الأنظمة العربية الذي ما ارتاحت لقيام الحكم الإسلامي في السودان أثارت مشاكل في الجنوب في جنوب السودان لما بلشت المشاكل تُحل في جنوب السودان إقليم دارفور وهكذا يعني هم لا يريدون الحكم الإسلامي حتى الإسلاميين المعتدلين هم بصراحة الغرب ضد الإسلام وبنظري أن الإسلام هو مشروع إصلاح والإصلاح الذي يتقدم من الإسلام للأمة كافة ليس فقط للعرب يعني الإسلام مشروع حياة وهذا لا يناسب الغرب ولا أي سياسات الغرب.. الغرب الأميركان لهم سياسات..
غسان بن جدو: طيب لنترك الغرب الآن ماذا عن الأنظمة يراد على الأنظمة هل هناك من إمكانية برأيك أنت لمصالحة بين هذه الحركات الإسلامية وبين الحكومات بين الأنظمة؟
عدنان نعمة الله: إذا لم تغير الأنظمة المواقف من باقي الأطراف لم تكن هناك أي إصلاح.
غسان بن جدو: رأيك؟
حسني حميدة: أنا بس بدي أقول شغله دكتور بخصوص الإصلاح، الإصلاح الداخلي اللي بدها تكون في السلطة والإصلاح المدعوم من الفئات المعارضة هون بالحقيقة فيه تخبط حقيقي نحن عم بنعيشه أولا المعارضة التي تريد الإصلاح لا تعرف ماذا تريد بالدرجة الأولى ثانيا السلطة التي سوف تصلح سوف تحافظ على امتيازاتها.
غسان بن جدو: لماذا المعارضة ما تعرف ماذا تريد لماذا؟
حسني حميدة: لسبب لأن المعارضة أولا جزء منها يلغي الحوار مع الداخل وهو يتوجه بشكل رئيسي إلى الخارج وجزء آخر يتحدث عن الانصهار مع الداخل أو مع السلطة مش انصهار بمعنى التحاور مع السلطة هنا أريد أن أتوجه إلى الدكتور بس أتوجه بسؤال صغير للدكتور..
غسان بن جدو: لا قبل ذلك ما رأيك لا قبل ذلك ستعود إليه أنا أريدك أن تناقش مع الأخ أنت و.. تناقشا.
مشارك أول: أعتقد أن الأخ يقصد المعارضة اللبنانية.
غسان بن جدو: نعم هل تقصدها؟
حسني حميدة: لا كلا أنا أقصد المعارضة حتى ليس فقط في لبنان أصلا إذا نلاحظ أن كل الحركات المعارضة التي انطلقت في معظم الدول العربية كانت مدعومة من الخارج المعارضة العراقية المعارضة السورية المعارضة اللبنانية المعارضة السعودية كلها كانت موجهة من الخارج مع العلم أن الخارج يدعم أصحاب الأنظمة الموجودة في هذه البلدان.
غسان بن جدو: أليس في هذا حيف لهذه المعارضات يعني هناك معارضات مناضلة معارضات موجودة في هذه البلاد لكن أليس كذلك؟
حسني حميدة: نعم أنا أؤمن بأن هنالك معارضات نبيلة ولكن أنا أقصد المعارضات التي تفعل اليوم على الساحة السياسية.
غسان بن جدو: تفضل.
مشارك أول: هذا أكيد ليس صحيحا كما تفضل الدكتور بس بدي كلمتين على الإصلاح نرجع لنصوب الأمور الإصلاح الذي يأتي من الحكام يعني هناك فساد واللي يتسبب به هؤلاء الحكام أي هؤلاء الحكام يدعون الشعب إلى محاسبتهم وهذا أمر طوباوي يعني إلى حد ما أما إذا أعطينا الإصلاح هو يعني حرية يعني التيارات الإسلامية ويخاف الغرب من الإسلام أنا أجزم أن هناك حوار حقيقي وتعاون حتى بالثمانينات ما بين الإخوان المسلمين في سوريا وبريطانيا والإخوان المسلمين في مصر وبريطانيا وغيرها هناك دائما كان في تعاون في أفغانستان مثلا كان بن لادن هو المبشر الذي دعمته الـ(CIA) والمخابرات البريطانية ضد نظام تقدمي في أفغانستان فلندع ذلك أما المعارضة والإصلاح لنكن لنصوب الحديث لا يمكن لأحد أن يهب الإصلاح لمن لا يريد هذا الإصلاح إما أن تكون هناك إرادة شعوب فعلا تقوم على قناعة بأن هناك ما يجب إصلاحه من قناعة أنه ليس الإسلام هو المسيطر في الدول العربية يا أخي لدينا مسيحيين في لبنان لدينا أقباط في مصر مش صحيح إنه الإسلام هو الحال أوروبا تقدمت فقط عندما كان هناك نهضة تخلت فيها الكنيسة عن الحكم وأصبح هناك تقدم وهذا ما نحصده اليوم.
غسان بن جدو: نعم طيب سؤال يا أخي سؤال شكرا.
حسني حميدة: المداخلة أنت كنت عم بتعترض معي دكتور غليون بموضوع المعارضة أنا أقول لك بالنسبة للبنان المعارضة اللبنانية اليوم سعت من أجل التصحيح في الخارج المعارضة العراقية كانت بالجلبي وغيرها وكل هذه الحكومة التي كانت بالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا هي التي حضنتها المعارضة السورية أيضا كانت محضونة من الخارج لذلك لا تقنعني بأنه لا يوجد هنالك حضانة خارجية للمعارضات في العالم العربي.
غسان بن جدو: نعم.
حسني حميدة: ثانيا الدكتور غليون بدي أسألك سؤال بسيط نحن تحدثنا كثيرا عن الإصلاح ولكن نريد الماهية الميكانيكية للإصلاح أين يكمن التغيير؟
غسان بن جدو: جيد جميل.
حسني حميدة: أين؟ نعم.
غسان بن جدو: جميل سيجيبك في هذه النقطة في المداخلة الأخيرة تفضل أخي باختصار.
ربيع دندشلي: بسم الله الرحمن الرحيم ربيع دندشلي أريد أن أقول ثلاث نقاط بطريقة مختصرة.
غسان بن جدو: ليست ثلاث نقاط نقطة وحيدة في نقاشك حول هذا الموضوع.
ربيع دندشلي: صحيح.
غسان بن جدو: تفضل إذا سمحت.
ربيع دندشلي: ذكر الأخ مثال سأحاول أن أختصر قدر المستطاع ذكر الأخ مثالا وهو الثورة الغربية وعندما تخلت الكنيسة عن السلطة أو عن الحكم أريد أن أقول أن ذلك مرده إلى فساد الكنيسة إلى فساد الدين الذي كان الفئة التي كانت مسيطرة على الكنيسة الحاكمة وبالتالي كما هو الحال الآن الفساد الذي يسيطر على الفئة الحاكمة هو بالتالي يوجب إصلاحه يوجب حلا جذريا كما تخلت الكنيسة أو كما تخلت السلطة التي كانت مسيطرة وهنا كان يجب أن تتخلى هنا وبالتالي الشعارات الديمقراطية التي يرفعونها كما والدكتور الفقي مثلما قال أريد أن أقول نقطة هي تتيح لي حرية أن أرفع أي شعار كما هو يحق لها أن يقول أنا العلمانية هي الحل أو الاشتراكية هي الحل أنا يحق لي أن أعرض وجهة نظري الفكرة التي يؤمن بها التي أراها حلا لي أنا كمواطن عربي كمواطن أمثل فئة كالأقباط مثلا في مصر يمثلون فئة والمسيحيون في لبنان يمثلون فئة لا يمكننا أن نمنعهم أن يقولوا أن المسيحية هي الحل ذلك سيكون استبدادا وديكتاتورية فأنا يحق لي أن أقول أن الإسلام هو الحل وشكرا.
غسان بن جدو: شكرا تفضل أخي مداخلة أخيرة من فضلك باختصار من فضلك.
هشام شيا: أنا صحيح سأرد على الأخ في تناوله مسألة المعارضة وتحديدا للمعارضة اللبنانية أود القول إنه في عندنا تهمة دائما في العالم العربي كل معارض للسلطة إذا هو مخون وإذا هو تابع للغرب والغرب عَمّال يوعز إليه بهذه المعارضة نود أن نؤكد نحن معارضة في لبنان نؤمن بتعددية هذا الوطن نؤمن في تميزه في محيطة العربي لجهة الحرية والديمقراطية القائمة فيه ونحن كحزب تقدمي اشتراكي شركاء أساسيين في المعارضة في لبنان نحن من أسقط 17 أيار ونحن من وقف دائما في وجه التدخلات الغربية.
غسان بن جدو: ما في مشكلة نعمل لكم حلقة خاصة عن المعارضة اللبنانية.
هشام شيا: ونعود فقط عفوا دكتور ونعود لنؤكد أن لا تعارض بين الحرية والسيادة والحرية تستأهل النظام.
غسان بن جدو: حلقة خاصة في لبنان نعم شكرا، حلقة خاصة دكتور مصطفى الفقي لا من فضلك دكتور مصطفى يعني أخر نقطة ولكن إذا سمحت باختصار شديد نتحدث فيها عن الوحدة الوطنية الآن في أخيرا حصلت إشكالية في مصر وهناك حدثنا وأنت متخصص في الشأن القبطي إذا صح التعبير حول هذه العلاقة الواقع القبطي هناك.
مصطفى الفقي: أنا أريد أن أقول لك إنه ما جرى في الأسابيع الماضية في مصر هي ظاهرة عابرة لا تمثل تيار أصيل في المجتمع بالعكس ينظر أغلبية المسلمين والأقباط، أغلبية المسلمين والأقباط في مصر إلى ما جرى نظرة دهشة وعدم تجاوب لأن هناك إحساس بأن الأسباب صغيرة صحيح معظم النار من مستصغر الشرر ولكن الملف القبطي فتح في مصر في العقدين الأخيرين كما لم يحدث في تاريخ مصر كلها انتهت مشكلة الأوقاف القبطية أصبح بناء الكنائس تقريبا، تقريبا ولا أقول تماما مشابها لبناء المساجد ونحن نبحث في قانون جديد لتوحيد نظام بناء دور العبادة الصلوات القبطية تذاع في التلفزيون المصري في الأعياد 7 يناير الكريسماس الأرثوذكسي للكنيسة القبطية أصبح عطلة رسمية في البلاد الأجواء تغيرت ولدينا في مناصب قضائية كبيرة ومناصب مختلفة ولكن الصورة ليست وردية بالطبع هناك بعض المطالب القبطية المشروعة التي يتبناها المسلمون والأقباط معا ولكنها ليست تلك الأسباب الصغيرة التي يتعلق بها بعض المتطرفين من الجانبين لإحداث هذا الشرر وإضرام النار التي حدثت إنما نشعر أن هذه الأسباب عارضة ومفتعلة.
غسان بن جدو: شكرا لك دكتور، آخر نقطة إذا سمحت لي في ثلاثين ثانية.
برهان غليون: ثلاثين ثانية؟
غسان بن جدو: إذا سمحت تفضل، تفضل دكتور.
برهان غليون: لا أنا بدي أقول لحظات سريعة مفيش إصلاح داخلي اليوم كل ما يجري من إصلاح هو تحت ضغوط خارجية انتهى الإصلاح الداخلي قلت من عشرين سنة المعارضة السورية قال أحد مسؤولي النظام للأميركان إنه أنتم تريدون إنه تقفوا ضدنا ومع المعارضة السورية وهي واقفة ضدكم أكثر منا فلماذا تريدون أن تسيروا معها الوطنية والديمقراطية والنسيج الوطني ليس هناك شك إنه أربعين سنة من انعدام القانون دولة القانون أو من وجود دولة ضد القانون ودولة التمييز بين المواطنين على أساس الجنس ولا الطائفة ولا إلى آخره أدت إلى ذوبان الشعور الوطني عند الناس وإلى الانكفاء الناس على.. إنما أنا أقول بالضبط أن الوطنية اليوم لا تسير إلا بالديمقراطية ونحن وربحنا المعركة ضد الاستعمار في الماضي لأننا جمعنا بين أمرين التضامن العربي وإدخال الشعب في السياسة وتعبئة الشعب سواء مثل أحزاب الوافد بإطار ديمقراطي أو في إطار الحركات الشعبية الناصرية إلى آخره اليوم نحن نخسر استقلالنا وواضح أنه نعيش مرحلة خسارة استقلالنا لأنه ضوعنا ورقة التضامن العربي وضوعنا ورقة إدخال الشعب وتعبئة الشعب وإشراكه في الحياة السياسية.
غسان بن جدو: نعم مع الشكر لك دكتور برهان غليون وللأصدقاء الأعزاء وأنتم في لبنان تعيشون حياة سياسية راقية وتستأهلون أكثر من حلقة مع الشكر للدكتور مصطفى الفقي ولكل من ساهم في إنجاز هذه الحلقة بالدوحة رمزان النعيمي، محمود طه، إسلام حجازي والجميع هنا في بيروت كل الأصدقاء بدون استثناء مع طوني عون مع تقديري لكم في أمان الله وكل عام وأنتم بألف خير.