٣ حزيران ٢٠١٤ يوم حزين في تاريخ سورية
هذا يوم حزين في تاريخ سورية ليس بسبب انتخابات هزلية لن يعترف بها أحد ولن يكون لها أي قيمة، سياسية أو قانونية، لا اليوم ولا في المستقبل، ولكن لأن هذه التمثيليات تعيد إلى أذهاننا، وتفرض علينا، أن نواجه، وبصورة أكثر قباحة وتشوها، الذكريات الأليمة لما عشناه خلال خمسين عاما ماضية، قضيناها تحت هذا الحكم القرقوشي المستهتر بكل القيم والمباديء والمعايير السياسية والأخلاقية، والذي لا يعرف غير الكذب والخداع والتمثيل على العالم وتزوير إرادة الشعب،
حزين، لأن هذه البهلوانيات تكشف عن المصيبة التي ابتلينا بها، وتضعنا أمام الواقع المر الذي حكم علينا أن نواجهه تقريبا لوحدنا، أو من دون مساعدة تذكر.
حزين لأن ما يحصل في هذا اليوم الأسود يذكرنا بكل الخيانات التي تعرضت لها قضيتنا والتي حرمت شعبنا، خلال سنوات ثلاث دامية، من تحقيق أبسط حقوقه في الكرامة والحرية وحكم القانون،
حزين، لأن ما يحصل على أرضه يذكرنا، كل ساعة وكل لحظة، بسيطرة شريعة الغاب، وبانهيار حلم العالم ببناء منظمة دولية قادرة على ضمان الأمن والسلام للشعوب، وحماية المدنيين من القهر والعسف وجنون السلطة وحروب التطهير العرقية والدينية.
الشعب السوري اليوم حزين، على نفسه ومصيره، بعد ثلاث سنوات من القتل المبرمج الذي فاق كل ما شهده التاريخ من أساليب القهر والترويع والتمثيل في عصور العبودية السوداء البائدة.
لكنه حزين بشكل أكبر على تلك الدول والشعوب التي طالما اعتبرت نفسها وتعاملت مع العالم على أنها الحامية لقيم الحرية والديمقراطية والحق والعدالة والقانون، ولكنها عندما جاء وقت الامتحان وقفت مكتوفة اليدين، ووتعذرت بأوهى الحجج لتسكت ضميرها والعالم، بينما تركت عتاة الفاشية والطغيان يتآمرون بكل حرية لاغتيال ثورة الديمقراطية والحرية وحكم القانون، في أنصع تجلياتها.
حزين، لأنه يجد نفسه وجها لوجه امام الحقيقة: حقيقة أن الأسد ونظامه وأزلامه كانوا ولا يزالون جزءا من الماضي القبيح، ولا يمكن أن يكونوا شيئا آخر، وأن العالم الذي يحيط به لا يزال يتعامل مع الشعوب الضعيفة أو المتعثرة كقطيع من الذئاب.
لكن حزين لا تعني محبط ولا يائس ولا فاقد الأمل. إنها تعني بالعكس، صحوة الذهن وزوال الأوهام والعودة إلى الذات لاكتشاف القوى الكامنة والاعداد لانطلاقة جديدة تبعث الأمل وتؤكد الاصرار على الخلاص.
الشعب السوري اليوم حزين، وهو يعيش امتحان الحرب والجوع والبؤس والتشرد، لكنه مصمم أكثر من أي وقت على الانتصار،
الانتصار على ذاته وضعفه وخوفه وانقساماته،
الانتصار على أعدائه،
الانتصار على نظام الحقد والضغينة والانتقام،
الانتصار على آلة القتل والدمار والاحتلال.
يوم ٣ حزيران ٢٠١٤، رغم المظاهر، سيكون يوم دفن الماضي وإحياء الأمل بالمستقبل
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire