يونيو 2014 العربي الجديد 28
رفض رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، تشكيل حكومة إنقاذ وطني، واعتبرها انقلاباً على الدستور. لماذا يترك الحكم، ما ذنبه إذا تآمر عليه الآخرون، وانتشر في عهده الارهاب؟
يريد المالكي، ببساطةٍ، أن يقول، في هذه العبارات، إنه ليس مسؤولاً عما حصل، هذه مؤامرة تستهدفه شخصياً، وتهدف إلى إزاحته عن السلطة، ولا يمكن أن يقبلها، وما عليه إلا أن يقاوم، بل من واجبه أن يقاوم.
أكاد أقول إنه على حق... لأنه لا يمكن لإنسان أن يعرف معنى المسؤولية، من دون أن يعرف معنى الواجب. المالكي، مثل نظيره الأسد، وربما الأغلبية الساحقة من الحكام العرب، لا يعرف غير الحق، حقه في أن يحكم، ربما لأنه من الأغلبية المذهبية، أو لأنه صاحب أكبر كتلة برلمانية، أو لأنه الذي انتخبه الشعب، ووضعه على رأسه، أو لأنه انتزع السلطة، هو أو أبوه بقوة السيف.
في ثقافتنا السياسية المرتبطة بعصر مديد من سيطرة أنظمة الاستيلاء والحكم بالإكراه، المحكومون هم المسؤولون عن كل ما يحصل من أخطاء وكوارث. وهم الذين يدفعون الثمن، ولو لم يكن لهم فيها لا ناقة ولا جمل. أما الحاكمون فغير مسؤولين، لأن المسؤولية تعني القبول بالمساءلة تجاه طرف آخر، وهم لا يشعرون بأن عليهم واجباً تجاه محكوميهم، فهم لا يدينون بوجودهم في الحكم لشعوبهم، وإنما لأزلامهم وسيفهم. ولا يمكن لمن فرض نفسه بقوة السلاح أن يقبل تقديم حساب لأحد، أو أن يخضع نفسه لمساءلةٍ ومحاسبةٍ ممن هزمهم بسيفه، وأخضعهم بقوته، فما بالك بأن يعترف أمامهم بأخطائه، ويقبل بدفع ثمنها لهم؟
لو كان المالكي رجل سياسة، لا رجل حرب، لأدرك أن هناك مشكلة سياسية في العراق الذي يحكمه منذ أكثر من عقد، وحتى لو كانت تقتصر بالفعل، (وليست هذه الحال)، على اتساع دائرة انتشار الإرهاب، تعني أنه فشل في إدارة دفة الحكم في البلاد، وأن من واجبه أن يفسر للناس ماذا حصل، ويقدم هو نفسه، مع ظهور أول بوادر صدام دموي، استقالته، مع الاعتذار للشعب الذي أولاه ثقته، وسلمه مقاليد أموره، ولكان بحث مع زملائه السياسيين من كل الاتجاهات في اليوم ذاته عن مخرج سياسي، يجنب البلاد الحرب والقتال، ويفتح الطريق أمام تشكيل جبهةٍ وطنيةٍ واسعةٍ، هي وحدها القادرة على محاصرة الارهاب والقضاء عليه.
لكن، على طريق نظيره السوري السيئ الصيت، لا يزال المالكي مصراً على أنه غير مسؤول، وأن العراق بخير، وأن الحق على الآخرين المتآمرين عليه، السعوديين والأتراك والسنة والكرد ومنافسيه من السياسيين الشيعة أيضا، وأن تسديد الحساب الوحيد لهؤلاء الخونة لا يكون إلا بإعمال السيف، وإلقاء مزيد من البراميل المتفجرة على رؤوس السكان الآمنين، وتلقين القاصي والداني درس القتل الجماعي، واستباحة الحرمات والأعراض، حتى يتم ردع المعتدين من العراقيين المرتدين، وكيل الصاع صاعين لحماتهم الحاسدين والناقمين، والاستقواء بالنفير الطائفي وثارات الحسين وباسدران طهران. وأي تراجع أو تلويح باحتمال ترك الحكم يعني اختيار طريق الهزيمة الإرادية، وخيانة معسكر الأصدقاء، لا يهم بعد ذلك مصير العراق وشعبه، ولا الشيعة والسنة والأكراد.
نعم، لأي مواطن الحق في الحكم، إذا ملأ شروطه، لكن الواجب يفرض عليه أن يحترم حقوق الآخرين، وأن يتقدم أمامهم بنتائج أعماله، ويقبل المحاسبة على أفعاله، فيتنحّى إذا كانت النتيجة فشله في القيام بالواجب، من دون حاجةٍ لإسالة الدماء، ويجدد ويمدد إذا اعترف له الناس بالنجاح، وأولوه من جديد ثقتهم، واعترافهم بالجميل.
ليس هناك حق منفصل عن الواجب. ومن ليس لديه مفهوم للواجب لا يعرف من الحق إلا إرضاء الشهوات والتغول على حقوق الآخرين، والاستعداد للتضحية بالمبادئ والقيم والقانون، للاحتفاظ بما أصبح ينظر إليه حقاً أبدياً، أو بالأحرى مُلكاً شخصياً. ومثل هؤلاء لا يستحقون أن يتسلموا، ولا ينبغي أن يحتلوا أي منصب مسؤولية عمومية، ولا يصلحوا لها.
أكاد أقول إنه على حق... لأنه لا يمكن لإنسان أن يعرف معنى المسؤولية، من دون أن يعرف معنى الواجب. المالكي، مثل نظيره الأسد، وربما الأغلبية الساحقة من الحكام العرب، لا يعرف غير الحق، حقه في أن يحكم، ربما لأنه من الأغلبية المذهبية، أو لأنه صاحب أكبر كتلة برلمانية، أو لأنه الذي انتخبه الشعب، ووضعه على رأسه، أو لأنه انتزع السلطة، هو أو أبوه بقوة السيف.
في ثقافتنا السياسية المرتبطة بعصر مديد من سيطرة أنظمة الاستيلاء والحكم بالإكراه، المحكومون هم المسؤولون عن كل ما يحصل من أخطاء وكوارث. وهم الذين يدفعون الثمن، ولو لم يكن لهم فيها لا ناقة ولا جمل. أما الحاكمون فغير مسؤولين، لأن المسؤولية تعني القبول بالمساءلة تجاه طرف آخر، وهم لا يشعرون بأن عليهم واجباً تجاه محكوميهم، فهم لا يدينون بوجودهم في الحكم لشعوبهم، وإنما لأزلامهم وسيفهم. ولا يمكن لمن فرض نفسه بقوة السلاح أن يقبل تقديم حساب لأحد، أو أن يخضع نفسه لمساءلةٍ ومحاسبةٍ ممن هزمهم بسيفه، وأخضعهم بقوته، فما بالك بأن يعترف أمامهم بأخطائه، ويقبل بدفع ثمنها لهم؟
لو كان المالكي رجل سياسة، لا رجل حرب، لأدرك أن هناك مشكلة سياسية في العراق الذي يحكمه منذ أكثر من عقد، وحتى لو كانت تقتصر بالفعل، (وليست هذه الحال)، على اتساع دائرة انتشار الإرهاب، تعني أنه فشل في إدارة دفة الحكم في البلاد، وأن من واجبه أن يفسر للناس ماذا حصل، ويقدم هو نفسه، مع ظهور أول بوادر صدام دموي، استقالته، مع الاعتذار للشعب الذي أولاه ثقته، وسلمه مقاليد أموره، ولكان بحث مع زملائه السياسيين من كل الاتجاهات في اليوم ذاته عن مخرج سياسي، يجنب البلاد الحرب والقتال، ويفتح الطريق أمام تشكيل جبهةٍ وطنيةٍ واسعةٍ، هي وحدها القادرة على محاصرة الارهاب والقضاء عليه.
لكن، على طريق نظيره السوري السيئ الصيت، لا يزال المالكي مصراً على أنه غير مسؤول، وأن العراق بخير، وأن الحق على الآخرين المتآمرين عليه، السعوديين والأتراك والسنة والكرد ومنافسيه من السياسيين الشيعة أيضا، وأن تسديد الحساب الوحيد لهؤلاء الخونة لا يكون إلا بإعمال السيف، وإلقاء مزيد من البراميل المتفجرة على رؤوس السكان الآمنين، وتلقين القاصي والداني درس القتل الجماعي، واستباحة الحرمات والأعراض، حتى يتم ردع المعتدين من العراقيين المرتدين، وكيل الصاع صاعين لحماتهم الحاسدين والناقمين، والاستقواء بالنفير الطائفي وثارات الحسين وباسدران طهران. وأي تراجع أو تلويح باحتمال ترك الحكم يعني اختيار طريق الهزيمة الإرادية، وخيانة معسكر الأصدقاء، لا يهم بعد ذلك مصير العراق وشعبه، ولا الشيعة والسنة والأكراد.
نعم، لأي مواطن الحق في الحكم، إذا ملأ شروطه، لكن الواجب يفرض عليه أن يحترم حقوق الآخرين، وأن يتقدم أمامهم بنتائج أعماله، ويقبل المحاسبة على أفعاله، فيتنحّى إذا كانت النتيجة فشله في القيام بالواجب، من دون حاجةٍ لإسالة الدماء، ويجدد ويمدد إذا اعترف له الناس بالنجاح، وأولوه من جديد ثقتهم، واعترافهم بالجميل.
ليس هناك حق منفصل عن الواجب. ومن ليس لديه مفهوم للواجب لا يعرف من الحق إلا إرضاء الشهوات والتغول على حقوق الآخرين، والاستعداد للتضحية بالمبادئ والقيم والقانون، للاحتفاظ بما أصبح ينظر إليه حقاً أبدياً، أو بالأحرى مُلكاً شخصياً. ومثل هؤلاء لا يستحقون أن يتسلموا، ولا ينبغي أن يحتلوا أي منصب مسؤولية عمومية، ولا يصلحوا لها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire