Version:1.0
StartHTML:0000000167
EndHTML:0000012581
StartFragment:0000000476
EndFragment:0000012565
حرب الإبادة في
دوما وغوطة دمشق
تعيش دوما وبقية
مدن الغوطة الشرقية لدمشق منذ سنتين تحت
حصار وحشي حول حياة سكانها إلى جحيم دائم
وهدد ابناءها بالمجماعة ودفع القسم الأكبر
منهم إلى حياة التشرد والهجرة.
وهي تتعرض منذ أيام إلى حملة إبادة
منظمة، بكل وسائل العنف والوحشية، أمام
صمت العالم وشلله.
لم تجد قرارات
الأمم المتحدة ومجلس الامن العديدة التي
صدرت لوقف الحصار والقتل العشوائي
للمدنيين، ولا نداءات السوريين وتوسلات
أطفالهم، ولا موجات نزوح السكان وهجرتهم
وتشردهم، التي اعتبرتها منظمات حقوق
الانسان أكبر كارثة بشرية في هذا القرن،
في تحريك ساكن. ولا
تزال الدول الكبرى التي لا تكف عن التأكيد
على ضرورة احترام الشرعية الدولية والقانون
الانساني، حانثة بوعودها والتزاماتها
تجاه حماية المدنيين، وحريصة على رفض
"التورط"،
والمقصود التضامن مع السوريين، في ما
تسميه باطلا الحرب الأهلية السورية، وهي
ليست سوى حرب إبادة شاملة تشنها طغمة
جائرة على شعب أعزل للاحتفاظ بالسلطة
وحرمان السوريين من حقوقهم الطبيعية.
ومع ذلك لا يشك
أحد في أن المسؤول الأول عن جرائم الحرب
التي ترتكب في سورية هو نظام الأسد وحلفاؤه
في طهران وموسكو، ومن يتعامل معهم من
المرتزقة والوصوليين، في الداخل والخارج.
كما لا يشك أحد
في أن قسطا كبيرا من المسؤولية في ما آلت
إليه الأمور يقع على عاتق المجتمع الدولي
الذي تنكر لمباديء ميثاق الامم المتحدة
وحقوق الانسان ورفض أن يقدم أي تضحية تذكر
من أجل حماية الشعب السوري من جرائم
الإبادة الجماعية المستمرة منذ سنوات.
لكن الاعتراف
بهذه المسؤوليات والوقوف عندها لن يقدم
السوريين في شيء، ولن يساعدهم على الخلاص
من محنتهم. ولا بد
من التذكير بالمسؤولية الكبيرة التي تقع
على قوى الثورة والمعارضة نتيجة اتباع
سياسات جعلت من الصراع في ما بينها
وانقساماتها محور نشاطها الأول، وحيدت
جزءا كبيرا من قواها وجهدها في المعركة
الرئيسية، وشوهت صورتها وسمعتها وأغلقت
الكثير من ابواب التضامن والدعم والتعاطف
تجاهها. ولا يقلل
تقصير العالم بحق السوريين من مسؤوليتنا
نحن السوريين الفشل، لأسباب ذاتية
وموضوعية، في توفير الشروط الضرورية
لتعبئة طاقات شعبنا وتوحيدها لفرض إرادتنا
واحترام حقوقنا على العالم.
هكذا بقينا نقاتل كل لوحده، ونتنازع
في ما بيننا على القيادة والزعامة، ونتقوقع
في قرانا وأحيائنا ومدننا.
والنتيجة افتقارنا حتى اليوم إلى
قيادة موحدة، وخطة وطنية شاملة لتحريك
القوى، المسلحة والسياسية، على الساحتين
الداخلية والخارجية، واستراتيجية لتفكيك
النظام، وتحرير الأرض، واكثر من ذلك
مسؤولية خلافاتنا في تقديم ذريعة سهلة
للدول حتى تنفض يدها من قضيتنا وتنأى
بنفسها عن مساعدتنا، بالرغم من أنها لا
تزال تحرص على عدم الاقتراب من نظام أصبح
التعاون معه في أي شكل عنوانا للتواطؤ
وتهمة للضلوع في الحرب الدموية اللاإنسانية
التي يخوضها ضد شعب كان يعتبر شعبه.
ما هو مطلوب اليوم
أكثر من الرسائل والنداءات والاسترحام
للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات
الانسانية، بعد أن تبين عجزها وشللها
وافتقارها لأي نوع من الصدقية.
وينبغي أن أقول إن جميع الرسائل
المفتوحة وغير المفتوحة التي وجهناها
إلى السيد بان كيمون، في الأشهر الأخيرة،بقيت
حبرا على ورق، ولم يكلف الأمين العام
للأمم المتحدة نفسه حتى بالرد عليها،
خجلا أو عجزا أو قلة اعتبار.
لن يتحرك العالم
ما لم نبدأ نحن أنفسنا بالتحرك لصالح
قضيتنا، ونجبر الآخرين على التحرك معنا
لوقف الحرب العدوانية، التي ما كان من
الممكن أن تستمر لولا تدخل الدول الاجنبية،
وعلى رأسها ايران وروسية، وسكوت المجتمع
الدولي عن هذا التدخل الذي تحول إلى تواطء
في حرب الابادة السورية.
ولن يهرع أحد من
الخارج لنجدتنا ما دمنا نحن أنفسنا غير
قادرين على أن نهرع لنجدة بعضنا البعض.
ولا ينبغي أن نحلم بمزيد من التضامن
الفعال معنا، مهما أثرنا من عواطف حزن
علينا من قبل الآخرين، ما لم نجعل نحن
أنفسنا من التضامن في ما بيننا قاعدة
عملنا ووجودنا في هذه المرحلة الكارثية
من تاريخنا.
يتطلب
هذا أولا، الرد على مواقع نيران الأسد
بالقوة نفسها التي يتعرض بها للمدن
والأحياء المحاصرة، وإبلاغ الأمم المتحدة
والعواصم الدولية الكبرى بأنها تتحمل
مسؤولية كل ما يحصل بسبب هذا الرد، نتيجة
سكوتها على النظام الطاغية، وتخليها عن
مسؤولياتها، وتركها السطة الاجرامية
تنتهك القوانين والشرائع الدولية
والانسانية من دون عقاب.
ويتطلب
ثانيا، لتحقيق هذا الهدف، العمل السريع
من قبل جميع الكتائب المقاتلة على توحيد
الفصائل المقاتلة ودمجها ضمن هيكلية
عسكرية مركزية قادرة على العمل حسب خطط
مدروسة على ضوء خطة وطنية عامة لمواجهة
النظام والقوى المتطرفة العاملة على
هامشه ولصالحه.
وهذا ما لم يتحقق حتى الآن ولو أن
خطوات مهمة جرت على هذا الطرق لكن ببطء
شديد.
ويتطلب ثالثا على
المستوى السياسي تكوين جبهة عمل وطنية
عريضة تضم كل المعنيين بتغيير النظام،
من المقاتلين والسياسيين والمدنيين،
وإحلال نظام وطني تعددي وديمقراطي مكانه،
بصرف النظر عن التوجهات السياسية
والايديولوجية والطبقة الاجتماعية
والقومية والطائفة.
ويتطلب رابعا
القبول بتحالفات تكتيكية داخلية وخارجية
تضمن عزل نظام القتلة وقوى التطرف الداعشية،
وجميع القوى العاملة على تفتيت سورية
وتفتيت المقاومة البطولية لشعبها.
باختصار، لم يعد
للإدانة السياسية والأخلاقية، ولا للشكوى
من تخلي المجتمع الدولي عن قضيتنا وتردد
الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة
في الانخراط بشكل أكبر في الدفاع عن حقوق
السوريين ومستقبلهم أي جدوى أو فائدة.
ولن نستطيع أن نواجه الحرب والعدوان
المفروضين اليوم علينا ما لم نرتق نحن
السوريين جميعا، وعلى رأسهم قوى الثورة
والمعارضة، إلى مستوى التحديات التي
تواجهنا.
حان الوقت كي ندرك
، بعد أربع سنوات من القتال، أنه لا مهرب
لنا من الاعتماد على أنفسنا، وأن احدا لن
يحمل العبء عنا مهما كان هذا العبء كبيرا
وهائلا، وأن علينا وحدنا، نحن السوريين،
تقع مسؤولية مراجعة خططنا وتنظيم قوانا
كي نوقف حرب الإبادة التي يشنها نظام
الخيانة والتآمر الدولي على شعبنا.
وعلينا أن نكون
واثقين بأن الشعب الذي لا يزال يقاوم منذ
نصف قرن نظام العنف والقتل والارهاب،
والذي أظهر منذ ثورة آذار ٢٠١١ ما أذهل
العالم من ضروب البطولة والشجاعة والتضحية،
قادر على أن يصنع النصر، وأن وحشية النظام
وسعار آلته الحربية وهلوسات قادة نظام
طهران الدينية والمذهبية لن تضعف إرادته
ولكنها ستزيد من تصميمه على الدفاع عن
أرضه والتمسك بوطنه وتحريره .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire