تعيش دوما وبقية
مدن الغوطة الشرقية لدمشق منذ سنتين تحت
حصار وحشي حول حياة سكانها إلى جحيم دائم
وهدد ابناءها بالمجماعة ودفع القسم الأكبر
منهم إلى حياة التشرد والهجرة.
وهي تتعرض منذ أيام إلى حملة إبادة
منظمة، بكل وسائل العنف والوحشية، أمام
صمت العالم وشلله.
لم تجد قرارات
الأمم المتحدة ومجلس الامن العديدة التي
صدرت لوقف الحصار والقتل العشوائي
للمدنيين، ولا نداءات السوريين وتوسلات
أطفالهم، ولا موجات نزوح السكان وهجرتهم
وتشردهم، التي اعتبرتها منظمات حقوق
الانسان أكبر كارثة بشرية في هذا القرن،
في تحريك ساكن. ولا
تزال الدول الكبرى التي لا تكف عن التأكيد
على ضرورة احترام الشرعية الدولية والقانون
الانساني، حانثة بوعودها والتزاماتها
تجاه حماية المدنيين، وحريصة على رفض
"التورط"،
والمقصود التضامن مع السوريين، في ما
تسميه باطلا الحرب الأهلية السورية، وهي
ليست سوى حرب إبادة شاملة تشنها طغمة
جائرة على شعب أعزل للاحتفاظ بالسلطة
وحرمان السوريين من حقوقهم الطبيعية.
ولن يجدى المزيد
من رسائل الاسترحام والشكوى والاستغاثة
أمام طغمة حاكمة فقدت صوابها وعالم فقد
ضميره. بل إن جميع
الرسائل المفتوحة وغير المفتوحة التي
وجهناها إلى السيد بان كيمون، في الأشهر
الأخيرة، بقيت حبرا على ورق، ولم يكلف
الأمين العام للأمم المتحدة نفسه حتى
عناء الرد عليها، خجلا أو عجزا أو قلة
اعتبار.
ولن يهرع أحد من
الخارج لنجدتنا ما دمنا نحن أنفسنا غير
قادرين على أن نهرع لنجدة بعضنا البعض.
ولا ينبغي أن نحلم بمزيد من التضامن
الفعال معنا، مهما أثرنا من عواطف حزن
علينا من قبل الآخرين، ما لم نجعل نحن
أنفسنا من التضامن في ما بيننا قاعدة
عملنا ووجودنا في هذه المرحلة الكارثية
من تاريخنا.
يتطلب
هذا أولا، الرد على مواقع نيران الأسد
بالقوة نفسها التي يتعرض بها للمدن
والأحياء المحاصرة، وإبلاغ الأمم المتحدة
والعواصم الدولية الكبرى بأنها تتحمل
مسؤولية كل ما يحصل بسبب هذا الرد، نتيجة
سكوتها على النظام الطاغية، وتخليها عن
مسؤولياتها، وتركها السطة الاجرامية
تنتهك القوانين والشرائع الدولية
والانسانية من دون عقاب.
ويتطلب
ثانيا، لتحقيق هذا الهدف، العمل السريع
من قبل جميع الكتائب المقاتلة على توحيد
الفصائل المقاتلة ودمجها ضمن هيكلية
عسكرية مركزية قادرة على العمل حسب خطط
مدروسة على ضوء خطة وطنية عامة لمواجهة
النظام والقوى المتطرفة العاملة على
هامشه ولصالحه.
وهذا ما لم يتحقق حتى الآن ولو أن
خطوات مهمة جرت على هذا الطرق لكن ببطء
شديد.
ويتطلب ثالثا على
المستوى السياسي تكوين جبهة عمل وطنية
عريضة تضم كل المعنيين بتغيير النظام،
من المقاتلين والسياسيين والمدنيين،
وإحلال نظام وطني تعددي وديمقراطي مكانه،
بصرف النظر عن التوجهات السياسية
والايديولوجية والطبقة الاجتماعية
والقومية والطائفة.
ويتطلب رابعا
القبول بتحالفات تكتيكية داخلية وخارجية
تضمن عزل نظام القتلة وقوى التطرف الداعشية،
وجميع القوى العاملة على تفتيت سورية
وتفتيت المقاومة البطولية لشعبها.
حان الوقت كي ندرك
، بعد أربع سنوات من القتال، أنه لا مهرب
لنا من الاعتماد على أنفسنا، وأن احدا لن
يحمل العبء عنا مهما كان هذا العبء كبيرا
وهائلا، وأن علينا وحدنا، نحن السوريين،
تقع مسؤولية مراجعة خططنا وتنظيم قوانا
كي نوقف حرب الإبادة التي يشنها نظام
الخيانة والتآمر الدولي على شعبنا.
وعلينا أن نكون
واثقين بأن الشعب الذي لا يزال يقاوم منذ
نصف قرن نظام العنف والقتل والارهاب،
والذي أظهر منذ ثورة آذار ٢٠١١ ما أذهل
العالم من ضروب البطولة والشجاعة والتضحية،
قادر على أن يصنع النصر، وأن وحشية النظام
وسعار آلته الحربية وهلوسات قادة نظام
طهران الدينية والمذهبية لن تضعف إرادته
ولكنها ستزيد من تصميمه على الدفاع عن
أرضه والتمسك بوطنه وتحريره .
المركز السوري
لدعم القرار الوطني
برهان غليون
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire