حاولت
في مقال سابق أن أبين كيف أن ظروف إندراج
الدولة الحديثة في بنية الجماعات والمجتمعات
العربية الضعيفة والهشة، التي كانت قد
خضعت لقرون طويلة من حكم الاستبداد
السلطاني العقيم، والافتقار لتنظيمات
مجتمع أهلي قوية أو مدني حية، قد حولها
من مشروع دولة وطنية تعمل على خلق شروط
تحرير مواطنيها والارتقاء بشروط حياتهم،
إلى أداة استعباد لهم، وغول ابتلع الفرد
والمجتمع والجماعات الأهلية والمدنية،
القديمة والجديدة، من دون تمييز، بمقدار
ما نجح المسيطرون عليها من اختطافها
وفصلها عن مجتمعها وشعبها.
لم
يبق بعد ذلك للدولة من رسالة "تاريخية"
سوى
تنظيم طقوس عبادة الفرد، ولا من نظامها
الإداري الحديث سوى تسيير الأجهزة الأمنية
والعسكرية، ولا من مناهج قيادتها وإلهامها
للجمهور إلا منهج التقريع والترويع
والانتقام، على سبيل الردع والتطويع.
والنتيجة
خروج جماعي من تحت سيطرتها وثورة عارمة
عليها واستعداد كثيرين ممن كانوا يراهنون
عليها لتدميرها، باسم مشاريع بديلة،
إسلامية أو غير إسلامية.
بالتأكيد
لاتقتصر مثل هذه التحولات السلبية على
البلاد العربية.
ففي
كل بلاد العالم، باستثناء أوروبة وأمريكا
وبعض البلدان الكبرى كالهند، بقي مسار
تكوين الدولة الوطنية متعثرا، وضلت في
أحيان كثيرة طريقها، وتحول الصراع فيها
ومن حولها مع الزمن، في أفريقيا وآسيا
وأمريكا اللاتينية وأوربة الشرقية وغيرها،
إلى سبب رئيسي للمعاناة والنزاع وسفك
الدماء.
ولا
يزال صراع الشعوب لتاهيل الدولة وتدجينها
وإخضاعها لمنطق الأمة والمجتمع بدل منطق
العصابة أو الطائفة او القبيلةوما يرتبط
به من تمييز واقصاء بالجملة ضد البشر، هو
محور التاريخ السياسي لثلاثة أرباع
البشرية منذ قرن.
ولهذا
صار الانتقال إلى نظم ديمقراطية، وهو
المسار الطبيعي لأي دولة حديثة تقوم على
مبدأ المواطنة المتساوية والاحتكام للشعب
وسيادة حكم القانون، وكان من المفروض ان
يكون جزءا من رسالة الدولة الحديثة وبرنامج
عملها الأول، تحديا تاريخيا استثنائيا،
تقوم دون تحقيقه المذابح وحروب الابادة
الجماعية والتطهير العرقي والديني.
لكن،
في البلاد العربية، وفي المشرق بشكل خاص،
تضافرت ظروف وتحديات إضافية جعلت القطيعة
بين الدولة والمجتمع، وفي ماوراء ذلك،
بين النخبة الحاكمة والشعب، غير قابلة
الجبر، وتحول هذا الانحراف و التحدي مع
الزمن إلى مأزق بعيد الحل.
فلم
يعد الانتقال السياسي نحو نظام ديمقراطي
هو المستحيل فحسب، وإنما انتقال السلطة
داخل النظم نفسها من شخص إلى آخر، صارت
مدعاة لمواجهات وازمات وحروب، أحيانا
بين الأخوة أنفسهم أو الأبناء والآباء.
والواقع
أن هذا المأزق لا يمكن أن ينفصل عن الشروط
الجيوسياسية الأقليمية والدولية الإضافية
التي أحاطت وتحيط بعمل الدولة والسلطة
العمومية في البلاد العربية، والتناقضات
والتحديات الكثيرة التي تواجه مجتمعاتها
في سعيها للسيطرة على الدولة التي شبت
على الطوق، والرهانات الكبيرة التي وجدت
نفسها منخرطة فيها من دون أن تختارها أو
تملك وسائل تحقيقها والتحكم بمسارها.
من
هذه التحديات وأصعبها تحدي نتائج إقامة
إسرائيل وتوطينها بالقوة، وما نجم عن ذلك
من تشريد شعب كامل، وتحطيم كل التوازنات
الاستراتيجية والسياسية العميقة في
المنطقة، وتفجير نزاع دائم سمم العلاقات
العربية الدولية كما لم تفعل أي قضية من
قبل.
ومما
ضاعف من تأثير هذا التحدي تخلي الدول
الغربية عن قرارات مجلس الامن، وصرف
النظر عن حركة الاستيطان الاسرائيلي
المستمر من دون توقف، وضمان التفوق العسكري
الدائم والساحق على الدول العربية مجتمعة
أو متفرقة.
ولا
أعتقد أن هناك تحديا واجه مشروع بناء
الدولة واجهضه في الوقت نفسه في المنطقة
العربية أكبر من هذا التفوق الذي يستعرض
نفسه كل يوم، بحروب ونزاعات جديدة، مجردا
الدولة العربية من أول مقوماتها ومبرر
وجودها، وهو سيادتها على أرضها وحماية
شعبها والدفاع عن مصالحها.
وهذا
هو أصل السيادة التي من دونها لا صدقية
لردع ولا سيادة لشعب على أرضه وبالتالي
لا حقوق ولا واجبات ثابتة ولا استقرار.
لقد
حكمت سياسة الغرب الاسرائيلية على الدولة
العربية بأن تكون دولة معاقة وعنينة
وناقصة التكوين.
وفي
مواجهة هذا الإخصاء الاستراتيجي، زاد
خوف النخب الحاكمة من انتشار روح التمرد
على الدولة والاستخفاف بها عند جمهورها
وشعبها، فاتجهت بشكل أكبر نحو سياسات
الشدة والقسوة ومراكمة القوة واستعراضها،
والاستخدام المفرط للعنف.
فصارت
غطرسة الدولة في الداخل تعويضا عما تلقاه
من إذلال ومهانة في "الخارج"
أو
على المستوى الدولي.
وصار
ترويعها مواطنيها وإذلالهم والتنكيل بهم
المصدر الوحيد لهيبتها المهدورة وسيادتها
المكسورة.
وبهذا
المعنى لم تكن إسرائيل مشكلة فلسطينية
فحسب ولكن مشكلة عربية وتحديا لمشروع
بناء دولة وطنية، بل دولة بالمعنى الحقيقي
للكلمة، لا تستطيع أن تكسب ولاء شعبها
وتبني علاقات ثقة مع جمهورها، ولا مع دول العالم، وهي منزوعة
السيادة.
مما
اضطرها إلى وضع نفسها، بصورة علنية أو
مضمرة، تحت الحماية الخارجية، والتحول
إلى دولة وكيل أعمال هذا الخارج.
وما
كان للفشل في ايجاد حل لمسألة الاستيطان
الاسرائيلي وإقامة أي نوع من الدولة
الفلسطينية إلا أن يزيد من ضغط هذا النزاع
على مصائر الدولة العربية ويدفع بها إلى
المزيد من الانكفاء عن الشعب والتحفز
للقمع والارهاب، حتى صار إعدام الحريات
الفردية وقطع الطريق على أي تظاهر يعكس
وجود الارادة الشعبية جوهر استراتيجيتها
للبقاء والاستمرار.
باختصار،
لقد زعزت حرب اسرائيل الدائمة، وامتدادها
عبر الاستيطان الزاحف والحروب المرتبطة
به، ثقة الشعوب العربية بحكوماتها ودولها
كما لم تفعل أي قضية أخرى، وقوضت صدقيتها
أمام جمهورها.
وقد
دفع العراق وجوده ثمنا لمحاولة صدام حسين
الخروج من هذه الدائرة الجهنمية وتحدي
تعديل ميزان القوة الاقليمية.
ومن
هذه التحديات الصعبة، ضمان أمن الخليج
الذي يشكل أكبر منطقة مصدرة للنفط في
العالم، والذي يرتبط باستقراره واستقرار
أسعار منتجه الرئيسي استقرار الاقتصاد
العالمي ومعدلات نموه.
وأصل
التحدي في هذا الملف الشائك أن الخليج
الذي يمثل مركز الثروة في المنطقة، لا
يملك الموارد البشرية الضرورية للدفاع
عنها، في مواجهة الدول المحيطة به، وهي
من أكثر المجتمعات فقرا.
ولأن
الدول الصناعية الغربية المستفيدة
الرئيسية من هذه الثروة قررت احتكار
السيطرة عليها بأي ثمن، وردع الآخرين،
بما فيهم العرب المحيطين بها من المشاركة
في عوائدها، فقد تبنت سياسات أمنية تنحو
إلى تجميد الديناميات السياسية في البلدان
العربية القريبة، وإجهاض أي حركة شعبية
عربية شبيهة بتلك التي دفعت عبد الناصر
في السبعينات إلى التدخل في اليمن والاقتراب
من آبار النفط، والعمل على عقد صفقات
تاريخية مع النظم القائمة، لضمان تعاونها.
والواقع،
ما كان لسياسة التحييد وشل إرادة الشعوب
وتعقيمها ضد التحولات السياسية التي
تبناها الغرب وحلفاؤه إلا أن تزيد من
نزوع النخب الحاكمة في هذه البلدان المحيطة
إلى تطوير سياسة الابتزاز بالارهاب وصنعه
لتامين موارد جديدة، او لفرض ما يشبه
الخوة على بلدان الخليج.
وهذا
ما زاد من إفساد النخب وتخريبها واستقلالها
ثم انفصالها عن مجتمعاتها قبل أن تحول
الدول التي تسيطر عليها إلى شركة خاصة
وتسعى إلى إعادة تشكيلها والتفكير فيها
على مثال مشيخات الخليج وإماراتها.
هذه
هي السياسة التي وصلت اليوم إلى طريق
مسدود مع انفجار نظام السيطرة والتعقيم
المدعوم من الخارج، وانتشار العنف والفوضى
والسلاح في أكثر المناطق حساسية استراتيجية
في العالم.
فقد
كان من نتيجة هذه السياسة استتباع النظم
بشكل اكبر، وإهدار صدقية الدول وهيبتها،
واستعداء الشعوب العربية عليها.
وكان
الوضع سيختلف كليا لو أن الدول الخليجية،
بدل التحوط من الجماهير العربية الفقيرة
وتكبيل إرادتها بدعم نظم عميلة وفاشلة،
قد تبنت استراتيجية إشراك الدول والشعوب
في الحفاظ على أمن المنطقة والخليج كجزء
منها، عبر شراكة إقتصادية تفيد جميع
الاطراف.
وكانت
آثار مثل هذه السياسة ستكون كبيرة على
الأمن الإقليمي بأكمله
.
ومنها
الحرب السرية الغربية الايرانية التي
فجرها في ثمانينيات القرن الماضي حلم
تصدير الثورة الاسلامية وتهديدها دول
الخليج، واستمرت عبر سعي الغرب إلى فرض
الحصار عليها ، وزاد اشتعالها طموح ايران
الخمينية إلى وراثة حلم صدام حسين في تحدي
الهيمنة الامريكية الاسرائيلية في
المنطقة، وسعيها إلى تمويل الزبائن
والموالين من الجماعات والنظم الراغبة
في الدعم، أو النخب المارقة التي لديها
مشاكل مع العدالة الدولية، مثل نظام الأسد
صاحب الاغتيالات بالجملة في لبنان.
وفي
هذا السياق ولد مشروع القنبلة النووية
الايرانية الذي أثار رد فعل قوي في إسرائيل
واضطرت طهران إلى القبول بالتفاو ض عليه
للتحرر من العقوبات القاسية التي فرضت
عليها من قبل الغرب.
في
هذه الحرب الغربية الايرانية، الشعوب
والدول العربية هي التي تدفع الثمن الاكبر
إن لم يكن الوحيد.
أولا
بسبب أعمال التخريب والتحالفات التي
تقيمها طهران داخلها للضغط وابتزاز الغرب
بزعزعة استقرار مناطق النفط ودوله، وثانيا
بسبب التحالفات التي أقامتها، باسم الهلال
الشيعي، مع سورية وحزب الله في لبنان،
بعد أن ساعدتها الحرب الأمريكية العراقية
على ابتلاع العراق واستخدامه جسرا للعبور
إلى سورية ولبنان.
وبعد
أن فقدت طهران أملها في الحصول على القنبلة
النووية التي كانت ستحولها إلى قوة شريكة
لاسرائيل في الهيمنة الإقليمية بدل أن
تبقى تحت سقفها، منافسة أو موازية للقوة
الاسرائيلية، غيرت استراتيجيتها، وانتقلت من قيادة المقاومة" ضد اسرائيل في اتجاه
تشكيل خلافة شيعية تمتد من قم جنوب لبنان،
وتطوق المشرق" العربي بأكمله.
وهذا
ما يفسر الدور الكبير الذي لعبته طهران
في الدفاع عن نظامي الأسد والمالكي في
سورية والعراق، ومشاركتها الأساسية في
قمع ثورة السوريين وإحباط مشروعهم التحرري.
ومنها
أيضا تحدي التنمية التي لعبت سياسات الدول
الصناعية دورا كبيرا في إجهاضها، في
العالم كله.
ويكاد
يكون هناك اتفاق بين المحللين والخبراء
الدوليين على إن السبب الرئيسي للنزاعات
الاهلية المتنامية في البلدان الفقيرة
هو غياب الأمن المعاشي، وأن النـزوع إلى
التفتت والتفكك والتخلي عن قيم التضامن
الوطني والاجتماعي، أو بالأحرى موت هذه
القيم، لا يمكن أن يفهم بمعزل عن عمليات
الإفقار و التهميش التي تعيشها أو تُدفع
إليها المجتمعات والجماعات، ومحاولات
البعض منها، تلك التي تأمل بفرص أكبر
للاندماج في السوق العالمية، إلى التحلل
من التزاماتها الوطنية وتنمية ولاءات
خارجية تقربها من القطب الصناعي الذي
يمارس عليها جاذبية شبيهة بالجاذبية
المغنطيسية
هذا
ما حصل ويحصل بالفعل لمعظم الدول النامية
تقريبا التي دخلت في حروب داخلية وتفككت
عراها.
الدول
القليلة التي حافظت على حد أدنى من تماسكها
واستقرارها هي تلك التي تمتعت بموارد
وثروات استثنائية، سمحت لها بتعميم نوع
من الازدهار ومسايرة تطور حاجات المجتمعات،
كما هو الحال في الدول النفطية الغنية،
أو تلك التي لا تزال تحتفظ بشكل أو آخر
ببقايا شرعية دينية أو قبلية، تغطي على
العجز والقصور وتدهور القاعدة الاقتصادية
للدولة.
أو
أخيرا بسبب نجاح بعض النخب الحاكمة في
تأمين أجهزة قمع متماسكة، من المرتزقة
المحليين أو الأجانب، كما كان عليه الحال
في ليبيا وفي سورية والعراق، بتجنيد شباب
المناطق الفقيرة والبائسة في أجهزة أمنية
هي ميليشيات خاضعة لإرادة النخب الحاكمة،
تعمل بتعليماتها وتحت إمرتها.
هكذا
تجد الدولة نفسها ضعيفة ومكبلة امام نتائج
فشل التنمية الاقتصادية والاجتماعية،
وتضطر إلى التصدي بالقوة للثورة الكامنة
عند عشرات ملايين العاطلين والمفقرين
والمهجرين وسكان المقابر والمشردين في
الشوارع والصحارى، في الوقت الذي لم تعد
تملك فيه أي رصيد وطني أو عقائدي او أخلاقي
أو إنجازي، تغطي به على قمعها أو تبرر به
فشلها.
من
دولة فاشلة ستتحول بسرعة إلى دولة قاتلة، مستعدة للتضحية بكل شيء في سبيل بقائها ضد حركات الاحتجاج
والاعتراض، ولن يبق في برنامجها السياسي
سوى بند واحد :
تنظيم
ما ينبغي أن يوصف بالحرب السرية والاستباقية
ضد المجتمع والشعب، وفي إطارها القضاء
على أي ثغرة ولو ضيقة للتفكير والنقاش
الوطني والمساءلة والمحاسبة.
ينطبق
على هذه الدولة تماما قول الشاعر :
أسد
علي وفي الحروب نعامة.
فهي
حمل وديع امام خصوم الشعوب الحقيقيين،
ووحش كاسر في مواجهة مواطنين تخلت عن
حمايتهم وضمان مستقبل أبنائهم.
وأخيرا،
تعيش المجتمعات في المنطقة نتائج فشل
الاصلاح الفكري، وإخفاق نظم التربية
والتعليم، التي أضاعت أهدافها الوطنية
والعلمية والمهنية، وأصبحت آلة لانتاج
العاطلين وأنصاف المتعلمين وفاقدي
الأهلية.
كما
تعيش نتائج الأزمة الأخلاقية التي قاد
إليها حرمان الأفراد من أي تربية مدنية
تعرفهم بحقوقهم وواجباتهم، وتربطهم
بأقرانهم على قاعدة التعاون والندية،
في إطار الحرب الاستباقية، ومنع الجمهور
من اكتشاف فضيحة نظام الحكم القائم على
الانتهاك اليومي لحقوق الفرد والمخالفة
العلنية لنص الدستور الذي ماكان من الممكن
إلا أن يؤكد على حكم القانون وصون الحريات
والحقوق الفردية والجماعية.
وهذا
ما قوض أي حياة أخلاقية ووطنية، وأحل منطق
البحث الفردي عن المنافع محل بناء حقل
علاقات اجتماعية يستلهم القيم والمباديء
الانسانية، مقوضا بذلك امكانية نشوء أي
ضمير وطني أو وعي مواطني.
في
هذا الفراغ الفكري والروحي والأخلاقي
وجدت التيارات السلفية والمحافظة تربة
خصبة، واستطاعت بسهولة أن تملأه بالأفكار
والمفاهيم والقيم المنقولة من مجتمعات
الماضي والمرتبطة بظروف حياتها وأوضاعها.
وعلى
هذه الارضية نما شعور الأفراد المتزايد
بالغربة في المجتمع الذي يعيشون فيه،
وانتقلت بهم افكار التمرد والاحتجاج من
موقف الرفض والمقاطعة والاعتراض على
سياسات الاقصاء والتهميش، الذي
يستبطن التطلع إلى فتح النظام،
إلى
حالة العداء للنظام والدولة وأحيانا
للمجتمع نفسه.
ما
نشهده اليوم في العالم العربي هو أكبر
عملية خروج على الدولة شبه الوطنية التي
أخفقت في الوفاء بالتزاماتها جميعا
تقريبا، الداخلية والخارجية، الأمن
والحرية والتنمية والحياة القانونية
والأخلاقية، للأكثرية الساحقة من السكان،
وهي لاتزال ترفض القبول بأي محاسبة أو
مساءلة، وتريد أن تفرض نفسها وصيا أبديا
وقاطع طريق على الجميع، أفرادا وشعوبا
محليين وأجانب. وبإجهاض
هذه الدولة التي شكلت لعقود طويلة نافذة
أمل وإطارا للانتماء الوطني الجامع لأجيال
كثيرة من الشباب والبنات والرجال، الذين
تعلقوا بها وتعلموا في مدارسها وقرأوا
على أضواء كهربائها وتعالجوا في مشافيها،
يجد ملايين البشر أنفسهم اليوم، في الوضع
نفسه الذي وجد آدم نفسه فيه عندما حكم
عليه بالطرد من الجنة، محكومين باليأس
والحرمان، ولا أمل لهم بالخروج من محنتهم
إلا بالعودة إلى بناء جنتهم، لكن هذه
المرة على الأرض، وبعد تطهير أنفسهم
وتربيتها، بانتظار أن تتحقق وعود
السماء.في
المقال القادم :
حول تحديات
إعادة البناء
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire