المركز
السوري لدعم القرار
التقرير
الاستراتيجي السوري ٢
أيار-
مايو
2014
نحو
تعديل التوازنات وتغيير الحسابات
الوضع
السياسي:
لاصوت
يعلو فوق صوت المعركة
أولاً:
العودة
إلى امتحان السلاح
حقق
النظام السوري بإفشاله مؤتمر جنيف٢
كسبا كبيرا لصالح تأكيد استراتيجيته التي
لم يطرأ عليها أي تعديل منذ بداية الصراع،
وهي الحسم العسكري وتحقيق انتصار كامل
على الثوار، حتى لا يضطر إلى الاعتراف
بالثورة، أو الحوار معها، وتقديم تنازلات
يعتقد أنها يمكن أن تؤدي، مهما كانت صغيرة،
إلى تقويض النظام الذي لم يضمن إستمراره
حتى الآن إلا بالتحييد الكامل لشعب وضع
خلال عقود طويلة في غرف الانتظار .
بالمقابل
تلقت استراتيجية الثوار، الذين اضطروا
بعد سنة طويلة من الانتصارات، إلى الانكفاء
على الحل السياسي، إرضاءا لإرداة الدول
الصديقة التي أكدت أكثر من مرة رفضها مبدأ
الانتصار العسكري للثوار، وقامت بضبط
تسليحهم على ضوء هذا القرار، ضربة قوية،
جعلتها عرضة للتشكيك بمقدرتها على النصر
وأضعفت معنويات مقاتليها أمام الهجوم
الواسع النطاق الذي كانت تعده قوات النظام،
والذي حقق لها العديد من الانتصارات في
يبرود والقلمون عموما وبعض ريف دمشق.
ستشكل
المرحلة التي تلت انهيار مفاوضات جنيف
منطلقا وحافزا لكلا الطرفين لتجاوز نقاط
ضعف استراتيجيتهما وتثبيت مكاسبهما
وتوسيع دائرتها:
النظام
من خلال تعزيز خطة الهجوم العسكري وقضم
مواقع الخصم لتحقيق الربط بين المناطق
التي نجح في الاستيلاء عليها أو استعادتها
من الثوار، ومد هذا الهجوم في الاتجاه
السياسي، بهدف الوصول إلى اعتراف دولي
بنجاحه في الصمود والبقاء، واستعادة
مكانته الدولية أو على الأقل فرض نفسه من
جديد على المجتمع الدولي باعتباره المحاور
الرئيسي له عن سورية، ودفع الثوار والمعارضة
إلى الظهور وكأنهم ملحق صغير بالقوة
الغربية المناوئة، بهدف إضعاف مصداقيتهم
وتبرير التملص من اي مفاوضات سياسية جدية،
تفضي إلى مرحلة انتقال فعلية.
بالمقابل
تتابع المعارضة استراتيجيتها التي اضطرت
إلى الانكفاء عليها منذ منتصف عام ٢٠١٢
والقاضية بالتخلي عن هدف إسقاط النظام
بالانتصار العسكري،
والعمل على تعديل ميزان القوى حتى يمكن
اجبار الاسد على التنحي، أو القبول
بمفاوضات تفضي إلى انتقال سياسي لا يكون
للاسد وفريقه أي دور فيه، كما التزمت معظم
الدول الصديقة التي ركزت على ضرورة تقديم
الحل السياسي على الحسم العسكري.
وكما
تتلخص استراتيجية الأسد في هذه الفترة
"الانتقالية"
في
استخدام كل الوسائل من أجل اقناع الراي
العام وحكومات العالم بان الكفة اصبحت
راجحة لصالحه على الصعيد العسكري، وأن
انتصاره أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقيق،
يتلخص رهان المعارضة على استخدام كل ما
تملكه من وسائل أيضا من أجل حرمان الاسد
من تحقيق أي نصر عسكري حاسم، وتأكيد مقدرة
الثورة على الصمود والاستمرار، وإجبار
النظام على القبول بمبدأ تخلي الأسد عن
السلطة والانتقال نحو نظام سياسي ديمقراطي
جديد.
كل
مايقوم به النظام والمعارضة في هذه المرحلة
يهدف إلى تحقيق هذين الهدفين :
تأكيد
المعارضة على استحالة الحسم العسكري،
وتاكيد النظام على اقتراب النصر واستعادة
السيطرة على البلاد.
ثانيًا:
النظام
:
سياسات
التفتيت والتذويب والالحاق
من
هنا كان من المحتم أن يفتتح انهيار آخر
جولة من محادثات السلام في مؤتمر جنيف
في2
شباط/فبراير
2014،
جولة جديدة من المواجهة العسكرية النشطة
الهادفة إلى توسيع دائرة الخيارات السياسية
لكل الأطراف.
وكان
النظام قد بدأ الاعداد لهذه الجولة
العسكرية قبل انعقاد مؤتمر جنيف وبموازاته،
لاستكمال المكاسب التي حققها في الأشهر
السابقة، بدعم ميليشيات حزب الله
والميليشيات العراقية والحرس الثوري
الايراني وغيرها من الميليشيات الحليفة،
غير عابيء بمفاوضات الحل السياسي، وقام
بتوسيع دائرة الهجوم الذي قاده من القصير
إلى يبرود والقلمون ليشمل بشكل رئيسي ريف
دمشق والغوطة الشرقية والجنوبية ثم حمص.
ويأمل
النظام أن يحقق من خلال ذلك الحلم الذي
يراوده منذ فترة طويلة لتوحيد المناطق
المركزية تحت سيطرته، والتي تجمع بين
الساحل الذي يعتبره معقل القوى الموالية
له، ودمشق التي تشكل مركز الدولة ومقر
مؤسساتها وسيادتها ووجودها، وحمص التي
تضمن تواصل مناطقهما.
وبذلك
يكون قد نجح في حصر الثوار في مناطق بقيت
هامشية ومعزولة، لم تكن تشكل مركز ثقل
كبير من الناحية السياسية والبشرية منذ
تأسيس الدولة السورية، بالرغم من احتوائها
على اهم الموارد الطبيعية الزراعية
والنفطية.
لكن
الفضل الأكبر في ما حققه النظام من مكاسب
في هذه المناطق لا يعود للقوة العسكرية
فقط، ولا بشكل رئيسي، وإنما يرجع
للاستراتيجية الجديدة التي اتبعها في
ضرب الحصار الطويل لحرمان المقاتلين
والمدنيين من سبل المعيشة والبقاء،
وإجبارهم على التفاوض معه.
وبالرغم
من مخالفة ذلك لميثاق جنيف الخاص بقواعد
الحرب، وقرار مجلس الأمن رقم ٢١٣٩ القاضي
بفك الحصار والسماح للمنظمات الانسانية
بالدخول وتوزيع المؤن والادوية وإسعاف
المصابين، لم يغير النظام من هذه
الاستراتيجية التي ستؤمن له مكاسب ما كان
يحلم بها بالمواجهة العسكرية أبدا1.
وهكذا
يبدو النظام حريصا في هذه الفترة أكثر من
أي حقبة سابقة على مواكبة الاعمال العسكرية
باستراتيجية سياسية ودبلوماسية وإعلامية
يحلم من خلالها بربح معركة إعادة تأهيله،
سوريا ودوليا.
فإلى
جانب استراتيجيته الهجومية على الجبهات
المشتعلة، وقصفه المزيد من البراميل
القاتلة على المدن والاحياء بهدف تشديد
الضغط على الثوار من خلال تهديد حاضنتهم
الشعبية في المناطق التي خرجت من تحت
سيطرة قواته، والسعي بكل الوسائل، وبأي
ثمن، لاستعادة السيطرة على المدن الرئيسية
وانهاء الصراع فيها، بتكثيف القتال
والقصف والدمار لارهاب المقاتلين، يبذل
نظام الأسد، وبشكل أكبر حلفاؤه في موسكو
وطهران وبغداد وداعش (
الحليف
الجديد)،
جهودا كبيرة على المستوى السياسي، لتسويد
صفحة المعارضة، وإظهار الثورة بمظهر
الحرب الجهادية، وبالتالي الخارجية أو
المستوردة، أو الحرب الأهلية الطائفية،
وإثارة مخاوف المجتمع الدولي من مخاطر
تعرض الأقليات لهجومات دموية محتملة.
ومنذ
انتهاء أعمال مؤتمر جنيف، لا يكف المسؤولون
الايرانيون والروس عن تدبيج المديح لسلوك
النظام والتغطية على انتهاكاته المستمرة
لأبسط قواعد الحرب وحقوق الانسان، وتأكيد
الدعم الكامل لما يقوم به، وتبرئته من
الاتهامات الموجهة له بالاستخدام المنهجي
والمستمر للغازات السامة ضد المدنيين،
والاعلان الدائم عن الاستعداد للدفاع
عنه وعدم السماح بهزيمته.
هذا
ما عبرت عنه العديد من تصريحات المسؤولين
الروس والايرانيين في الشهر الأخير، وما
سعى إلى إشاعته سيرغي لا فروف، وزير
الخارجية الروسية عندما طالب مجلس الامن
بالانعقاد في جلسة خاصة لمناقشة المجزرة
التي لم تحصل، كما تبين في مابعد، ضد
الأرمن في كسب، وعندما نفى بشكل قاطع ومن
دون تحقيق أي مسؤولية للنظام في الهجمات
العديدة، التي حصلت في أكثر من منطقة تخضع
لسيطرة الثوار، بالسلاح الكيماوي، وألقى
بها على المعارضة.
أما
زعيم حزب الله حسن نصرالله ونائبه الشيخ
نعيم قاسم، فلم يترددا في الإعلان عن "ان
مرحلة سقوط النظام السوري قد انتهت"وبالنسبة
للثاني، "ان
الأسد سيترشح للانتخابات الرئاسية
المقبلة، وسيفوز، وعلى الجميع أن يتقبلوا
هذه الحقيقة2.
وضمن
هذه الاستراتيجية السياسية المواكبة
للهجوم العسكري الواسع يدخل أيضا الاعلان
عن الانتخابات الرئاسية في ٣
حزيران/
يونيو
2014،
وبدأ حملة الاعداد لها من أجل إعطاء
الانطباع بأن الأمور تسير في الاتجاه
الذي قرره الاسد وأنه أحكم سيطرته على
الوضع، وأن مرحلة "الحرب
النشطة"
كما
قال بشار الاسد
"
إن
المرحلة النشطة من العمليات القتالية في
سوريا ستنتهي بحلول نهاية 2014..
لتبدأ
من بعدها مكافحة الإرهابيين"3.
لكن
أهم فقرة في هذه الاستراتيجية الرامية
إلى انتزاع المبادرة السياسية هي خطة
تعميم الهدن والتسويات المحلية مع الثوار
المحاصرين التي يأمل النظام أن يحقق منها
مكاسب سياسية كبيرة إلى جانب المكاسب
العسكرية، أهمها ﺿﺮﺏ وحدة المقاتلين
وبث الانقسام فيما بينهم، بين المصالحين
والرافضين للمصالحة، وتقويض معنويات
الكثيرين من المستمرين في القتال،
والالتفاف على المفاوضات السياسية الشاملة
التي تستدعي تقديم تنازلات سياسية واضحة
في اتجاه تغيير نظام الحكم، وإذابتها في
مفاوضات تسويات محلية يملك فيها النظام
تفوقا كبيرا ولا تتعلق إلا بتوفير الغذاء
للمحاصرين أو الخروج الآمن لفترة، لا أحد
يعرف مدتها، لبعض المقاتلين والجرحى.
كما
يأمل من هذه السياسة إجهاض قرار مجلس
الأمن ٢١٣٩ الرامي إلى إدخال المساعدات
للمناطق المحاصرة من دون شروط، وتجنب فتح
ممرات إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة
كما يطالب القرار، بالاضافة إلى تحييد
مئات المقاتلين الثوار وتحويلهم إلى قوى
حماية محلية، وفي النهاية، ومع تزايد
حالات التسوية في المناطق المشتعلة او
المحاصرة، يهدف الأسد إلى تعميم الانطباع
عند الرأي العام السوري، وفي المحافل
الدولية، بأن النظام قدحل اموره، أو هو
في طريقه للخروج من الازمة، وقد انهى
القسم الأكبر من مهمته، وربح المواجهة،
وهو على اتم الاستعداد لفتح صفحة جديدةمع
"المتمردين"
من
دون تقديم أي تنازلات سياسية حقيقية.
ثالثًا:
المعارضة
:
استعادة
المبادرة ووقف التراجعات
بالمقابل،
شكل إخفاق مؤتمر جنيف٢
تحديا أكبر لقوى الثورة والمعارضة، التي
ظهرت وكأنها افتقدت اي استراتيجية لمواجهة
النظام بعد أن أغلق باب التسوية السياسية.
وبينما
كان على النظام أن يثبت، بعد تقويضه
مفاوضات الحل السياسي بشكل واضح وعلني،
أنه لا يزال يملك مبادرة سياسية أو قادر
على استعادة جزء منها، على الصعيد المحلي
والوطني أولا، ثم في مرحلة قادمة، على
الصعيد الدولي، وذلك من أجل تكريس مكاسبه
العسكرية التي عززها دخول عشرات آلاف
المقاتلين العراقيين واللبنانيين
والايرانيين وغيرهم من الجنسيات الأجنبية،
كان على الثورة والمعارضة، كي ما تؤكدان
استمرارهما وقدرتهما على إحباط مشروع
إعادة إنتاج النظام، أن تظهران مقدرتهما
على استعادة زمام المبادرة العسكرية
وإعادة تثبيت الأسس السياسية التي تقوم
عليها استراتيجيتهما، وهي أن الاسد
وحلفاءه لن يستطيعوا الخروج من المواجهة
بحسم عسكري مهما فعلوا، وأنه لا يوجد مخرج
من المأساة التي يعيشها السوريون وخطر
الاستيطان الدائم والطويل في الحرب
الدموية والمدمرة من دون وضع حد لأوهام
الانتصار ضد ارادة الشعب، وتغيير حسابات
النظام السوري ومن يقف وراءه.
كان
على الجيش الحر أن يثبت أنه لا يزال قادرا
على استعادة زمام المبادرة وتحقيق إنجازات
فعلية على الأرض تقطع طريق الحسم الأحادي،
وتمهد السبيل للعودة إلى فكرة الانتقال
السياسي المفاوض عليها مع قطاعات الرأي
السوري التي لا تزال خائفة أو مترددة في
الالتحاق بالثورة.
في
هذا السياق تدخل مجموعة المبادرات العسكرية
والسياسية المهمة التي دشنت المرحلة
الراهنة في عمل الثورة والمعارضة.
وأهمها
الإعلان من قبل الدول الداعمة للثوار،
العربية والأجنبية، عن استعدادها لتدريب
عناصر المقاومة ولتقديم أسلحة جديدة
للمعارضة السورية، بما فيها اسلحة نوعية
مضادة للدبابات، وعدم استبعاد فكرة تقديم
صواريخ حرارية محمولة لمواجهة طيران
النظام وربطها بتوفير شروط الأمان الكافية
حتى لا تقع في أيدي معادية أو ارهابية.
وهذا
هو الذي سمح للجيش الحر بتطوير استراتيجيته
وأدائه، بل باستعادة المبادرة العسكرية
بالفعل على جبهات أساسية وحاسمة، في
الجنوب الذي شهد تقدما ملحوظا للجيش الحر،
وفي حلب التي توشك أن تخرج عن سيطرة
النظام، كما تشير العديد من التقارير.
وهو
الذي أتاح أيضا فتح جبهة الساحل الاستراتيجية
التي عجز النظام، بالرغم من كل تأكيداته
بأنه سيربحها في أيام معدودة، عن إغلاقها،
ولا تزال تشكل بالنسبة له نقطة استنزاف
دائم للرجال والسلاح.
لكن
تغيرات المشهد السوري في معسكر الثورة
والمعارضة لم يقتصر هذا الشهر على الجانب
العسكري ولكنها شملت أيضا تحولات ايجابية
مهمة على الصعيد السياسي.
كان
أبرزها ما حصل على مستوى الائتلاف، حيث
أعلنت المجموعة التي انسحبت في سياق
انتخابات الفترة الثانية للرئيس أحمد
الجربا، وبعدها المجلس الوطني، احتجاجا
على ذهاب الائتلاف إلى مفاوضات جنيف،
عودة جميع المنسحبين.
ولعل
أفضل ما جسد عودة الوحدة إلى الائتلاف،
دخول الكتل المختلفة إلى انتخابات الهيئة
السياسية في ١٥ آذار ٢٠١٤ بقائمة موحدة،
والتفاهم على تشكيل هيئة استشارية تضم
جميع الشخصيات الاعتبارية وتجمع بينها
على مخلف اتجاهاتها، بعيدا عن التنافس
على المناصب أو الانفراد بالعمل والاتصالات.
ومنها
أيضا بدء الحكومة المؤقتة التي عيّنها
الائتلاف رسمياً في 12
تشرين
الثاني/نوفمبر
2013،
نشاطها، في ميادين التعليم والصحة والإدارة
والشؤون العسكرية، بعد أن حصلت على الدعم
المالي الذي كانت تنتظره من الدول العربية.
ومما
عزز من موقف المعارضة السياسي في مواجهة
النظام، إصرار الاخضر الابراهيمي، ومعه
مجموعة اصدقاء سورية على رفض فكرة الاعداد
لجنيف ٣
، كما اراد الروس، طالما لم يظهر الطرف
الآخر، أي موسكو ودمشق، مقترحات ايجابية
جديدة تسمح للمفاوضات بأن تتقدم على مسار
تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي هي
الانجاز الأهم لقرار مجلس الأمن ٢١١٨4.
واستفادت
المعارضة أيضا من المناخ الجديد الذي ساد
في مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في
الكويت (٢٤-٢٦
آذار مارس ٢٠١٤)
واستعادت
فيه القضية السورية موقعها المتقدم في
مناقشات الدول العربية.
كما
استفادت من عودة الوحدة الخليجية التي
نجمت عن اجتماع القمة الخليجية في الرياض
(١٧
نيسان ابريل ٢٠١٤)،
بعد أن أنهى التوقيع على "وثيقة
الرياض"
الجفاء
الطويل الذي شهدته العلاقات السعودية-القطرية
منذ مطلع العام 2014،
وبشكل خاص على اثر سحب السفراء الخليجيين
من الدوحة، في 5
آذار/مارس.
ثم
إن ميل المملكة لتأكيد محورية دورها
الاقليمي في مواجهة المطامع الايرانية،
خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما
للرياض، ولقائه العاهل السعودي الملك
عبد الله ، في أول نيسان/
ابريل
من هذا العام، انعكس بشكل ايجابي على موقف
المعارضة التي تشكل الرياض احد حلفائها
ومموليها الرئيسيين .
رابعًا:
تحديات
ومصاعب
لكن
الصراع لا يزال بعيدا جدا عن مرحلة الحسم،
سواء لصالح النظام أو لصالح المعارضة.
ولا
تزال استراتيجيات كلا الطرفين تنطوي على
نقاط ضعف كبيرة لن يتمكن الفريقان من
تجاوزها بسهولة.
فبالرغم
من المكاسب العسكرية والسياسية التي
حققها، لا يزال وضع النظام صعبا للغاية.
فعلى
المستوى السياسي تدهورت صدقية النظام
كشريك في مفاوضات الحل السياسي بشكل كبير
بعد تحميل المجتمع الدولي له مسؤولية
إجهاض مؤتمر جنيف٢، وإخفاقه في الالتزام
بقرار مجلس الأمن ٢١٣٩ المتلعق بالوضع
الانساني، واستمراره في ضرب الحصار الشامل
واللاإنساني على المدن والأحياء التي
تسيطر عليها المقاومة السورية وقوات
المعارضة، وأخيرا بسبب إصرار الاسد على
الاستمرار في تنظيم انتخابات رئاسية
اعتبرتها العديد من الدول، والوسيط الدولي
الاخضر الابراهيمي نفسه، محاولة لتقويض
المفاوضات السياسية وفرض الأمر الواقع.
ولم
تحظ بتأييد آخر سوى من إيران وروسية.
ويزيد
من انحسار هذه الصدقية التقارير الدبلوماسية
التي تشير، كما ذكرت وكالة رويترز، إلى
أن الأسد لم يعلن عن كامل ترسانة أسلحته
الكيماوية، وأنه لا يزال قادرا على انتاجها
واستخدامها على نطاق واسع5.
كما
أن صورة النظام قد تعرضت إلى هزة عنيفة
في الاعلام الدولي بعد جلسة مجلس الأمن
التي كرست للبحث في صور التعذيب والتدمير
الانساني التي طالت ١١ ألف ضحية موثقة،
كما أظهرها تقرير "القيصر"،
ومع سعي الفرنسيين لتمرير قرار في مجلس
الأمن لوقف الحصار في حمص، ودعوة باريس
لفتح ملف النظام في محكمة الجنايات
الدولية، واستمراره في الاعتماد في معاركه
الرئيسية على القوى الأجنبية والميليشيات
الشيعي القادمة من ايران والعراق ولبنان
وعشرات الدول الاخرى6.
وبالاضافة
إلى كل ذلك هناك مؤشرات عديدة عن وجود
توتر يتفاقم باستمرار بين عناصر جيش
الدفاع الوطني، المكون من المتطوعين
الموالين للنظام، وقوات الجيش النظامي
السابق والاجهزة الأمنية.
وتطالب
عناصر الدفاع الوطني بحصة وامتيازات أكبر
لقاء نشاطهم إلى جانب الأسد، بالرغم مما
ينسب إليهم من أساليب استغلال فرصة القتال
وغياب القانون للاثراء بكل الطرق غير
المشروعة.
وهناك
إشارات قوية أيضا إلى توتر بين الميليشيات
المحلية التابعة للاٍسد والميليشيات
الأجنبية العاملة إلى صفه، من حزب الله
خاصة وعصائب الحق وغيرها.
ويبدو
أن هذه التوترات قد وصلت إلى درجة مقلقة
استدعت من النظام أن يكلف مستشارة الرئيس
بثينة شعبان للرد على المسؤولين الايرانيين،
رعاة هذه الميليشيات الاجنبية، وتأكيد
أسبقية النظام وقواته وميليشياته في
إنجاز ما تحقق من مكاسب على الأرض.
وفي
هذا السياق ربما علينا أن نفسر أيضا حرمان
قناتي المنار والميادين التابعتين لايران
وحزب الله من مرافقة القوات والتصوير على
الجبهات، وكذلك مقتل بعض مراسليهما7.
وفي
موازاة ذلك، تتواتر معلومات كثيرة عن
تناقص موارد النظام وندرة امكاناته، مع
توسع دائرة الخراب والدمار، وتفاقم الأزمة
الاقتصادية والمالية بشكل أكبر، وتراجع
المحاصيل الزراعية، وفي مقدمها محصول
القمح الاستراتيجي بالنسبة للبلاد، وكذلك
مع ارتفاع الاسعار وتراجع الاستثمارات
وفرص العمل.
وبالمثل،
بالرغم من التطورات الايجابية العديدة
التي عرفتها استراتيجتها في الشهر الأخير
على الصعيدين العسكري والسياسي، تعرضت
المعارضة أيضا إلى انتكاسات، ولا تزال
تعاني من مشاكل سياسية وتنظيمية ودبلوماسية
وإعلامية كبيرة.
فعلى
المستوى الدولي، يمكن القول إن تأزم
العلاقات الروسية الأمريكية، الذي حصل
في سياق الأزمة الأكرانية، قد أضعف إلى
حد كبير أفق التوصل إلى حل سياسي.
وهذا
ما ينذر بإطالة أمد الصراع وتفاقم الأزمة
الإنسانية السورية التي تمس بشكل أكبر
الحاضنة الشعبية للمعارضة.
كما
أن تعميم القصف بالبراميل المتفجرة
والصواريخ الاستراتيجية وعدم نجاح
المنظمات الدولية في ايجاد ممرات آمنة
لتوصيل الغذاء والمساعدات للسكان المحاصرين
يزيد من الضغوط الشعبية الموجهة للمعارضة
ويدفع المزيد من السوريين إلى الاحباط
والشك بالمستقبل ويشجعهم على الهجرة
والنزوح.
وبالرغم
مما حققه الثوار من تقدم في بعض المواقع
المتنازع عليها، لا تزال الصراعات الدامية
التي يجد الجيش الحر نفسه مضطرا لخوضها
مع داعش من جهة، وتلك التي توجه داعش
والنصرة بعضهما ضد البعض الآخر من جهة
ثانية، تضعف من أمكانيات الثوار على
التقدم، وترخي بثقلها على حياة المناطق
الخاضعة لسيطرة الثوار وتدفع العديد من
السوريين لمغادرتها.
ثم
إن فقدان الثورة الموارد الكافية والمستقلة،
وغياب قوات خاصة تابعة للحكومة المؤقتة
او للائتلاف، وانعدام التنسيق بين الدول
الداعمة، وغياب القيادة العسكرية المرتبطة
بالارض، تضعف كثيرا من قدرة المعارضة على
وضع استراتيجية عسكرية، وحتى سياسية،
متسقة ومتكاملة، لا تستقيم من دون توفر
الحد الأدنى من السيطرة على القوات والتحكم
بحركتها.
يضاف
إلى ذلك غياب أي استراتيجية أو خطة
دبلوماسية ورؤية سياسية واضح موازية
للعمل العسكري ومتفاعلة معه، وفقدان خطة
وآلة إعلاميتين ينافحان عن فكر الثورة
ومواقفها السياسية وأهدافها.
وقد
عانت الثورة السورية كثيرا من غياب القيادة
العسكرية المركزية، وهذا هو الذي يفسر،
إلى حد كبير، المصير الذي آلت إليه معظم
القوى المقاتلة التي وجدت نفسها محاصرة
في المدن والارياف واضطرت، تحت ضغط الحاجة
والحصار الشديد والحرمان من مقومات
الحياة، إلى عقد تسويات محلية ضعيفة،
وترك مواقعها أو القبول بالتعاون في
إدارتها مع قوى الشرطة التابعة للنظام،
بعد ما قدمته من آلاف الشهداء لتأكيد
وجودها فيها.
وفي
ما يتعلق بترتيب أوضاع الجيش الحر، لا
تزال مشاكل مهمة مثل التواصل مع القيادات
الميدانية، وبناء شبكة القيادة المركزية،
وتحسين أوضاع المقاتلين الذين فقدوا
الكثير من مواردهم وقدراتهم على المواجهة،
بسبب شح السلاح والذخيرة وإساءة استخدام
التبرعات والمال العام، وغياب الدعم
المنتظم، لم تجد أي حل لها بالرغم من تعيين
وزير دفاع تابع للحكومة المؤقتة.
وهذا
هو الحال أيضا في ما يتعلق بمشكلة هيئة
اركان الجيش الحر التي نشات على أثر
استبدال اللواء سليم إدريس، يوم 16
شباط/فبراير،
كرئيس للمجلس العسكري الأعلى، بالعميد
عبدالإله البشير، ورفض الأخير الاعتراف
بذلك وإعلانه فك الارتباط بالمجلس العسكري
الأعلى.
وهو
أيضا حال المجلس العسكري الأعلى الذي
ينتظر إعادة انتخابه منذ ذلك الوقت، وعجز
وزارة الدفاع عن تأمين رواتب المقاتلين
والمنشقين وتنظيم صفوفهم بسبب انعدام
الموارد أو شحها.
كل
ذلك يجعل العلاقات ملتبسة وتنافسية بين
مؤسسات الثورة الثلاث، ويزيد من ضعف
التنسيق إن لم يكن غيابه بينها، مما يؤثر
على إنجاز المهام الخاصة بهذه المؤسسات
ويضعف قدرات الثورة ككل.
و
على الرغم من المكانة التي لايزال يتبوأها
الائتلاف على الصعيد الدبلوماسي، بسبب
الدعم السياسي والدبلوماسي الذي تقدمه
له عشرات الدول المناوئة لسياسات النظام،
إلا أنه أخفق في تغيير موقف العديد من
الدول العربية والدول المترددة من أجل
كسبها لصف دعم الثورة.
وقد
خسر مؤقتا معركة انتزاع مقعد سورية في
الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي،
الذي اعتبر مقدمة ضرورية للحصول على مقعد
سورية الدائم في الأمم المتحدة، والذي
لا يزال يحتله بشار الجعفري الممثل لنظام
الاسد الذي قطعت معظم الدول الاعضاء
علاقاتها به منذ فترة طويلة.
وإلى
جانب ذلك لا يكاد الائتلاف الذي يمثل
الإطار الواسع لتجمع المعارضة
يتخبط في مسيرته الداخلية، ولا يكاد يملك
خطة ولا استراتيجية لتوجيه دفة الاحداث،
ويضيع معظم وقته في رحلات بروتوكولية لا
هدف لها سوى إثبات الوجود أو التظاهر به
على الساحة الاقليمية والدولية.أما
على مستوى الداخل والعلاقة مع بقية قطاعات
الرأي العام السوري، المؤيدة والمحايدة
والموالية للأسد فلا يكاد يبذل أي جهد.
وهذا
ما يحول دون الائتلاف وإمكانية إثبات
قيادته على الأرض وداخل البلاد ويضعف
الشعور بإمكانية أن يكون البديل المنتظر
للنظام القائم.
بالمقابل،
يخلق هذا العجز المستمر عن بناء استراتيجية
متكاملة، سياسية وعسكرية وإعلامية، وعدم
القدرة على استيعاب الطاقات البشرية
الكثيرة المنخرطة في الثورة أو الراغبة
في لعب دور فيها، والفشل في تنظيمها
وتثميرها لصالح تحقيق هذه الاستراتيجية،
شعورا قويا لدى جميع الأطراف السورية
والدولية بوجود أزمة قيادة عميقة، أشار
إليها العديد من المراقبين والباحثين،
وعبروا عنها من خلال الانتقاد الدائم
لانقسام المعارضة وضعفها، أو غياب الرؤية
المشتركة الواضحة والخطاب الواحد داخل
صفوف المعارضين في الداخل والخارج.
وهو
الذي يدفع باستمرار الناشطين في الداخل
والخارج إلى هدر المزيد من الجهود والطاقات
على مشاريع تكتلات وأطر بديلة، تحل محل
الائتلاف، أو تعمل إلى جانبة بحثا عن
توسيع دائرة التمثيل وأملا في المشاركة
في القرار، غالبا ما تختفي قبل أن ترى
النور.
الوضع
العسكري:
جبهات
ملتهبة بدون حسم
على
الرغم من الوهن الكبير الذي أصاب جيش
النظام ووصوله إلى مرحلة الاعتماد على
قوات حزب الله والميليشيات العراقية
والطائفية الأخرى في العمليات النوعية،
إلا أنه لايزال يحقق بعض النجاحات العسكرية
في بعض المناطق مثل القلمون الغربي وحمص.
وقد
تمكن من استعادة المرتفع 45
في
منطقة كسب.
بالمقابل
تتكبد قوات النظام خسائر كبيرة في مواقع
عسكريه كثيرة في درعا والقنيطرة وحلب
والقلمون الشرقي.
كما
يقوم النظام باتباع أساليب لاجراء مصالحات
وهمية بالترهيب والترغيب في مناطق أخرى
معتمدا على العامل الديمغرافي أو مستثمرا
حصار الجوع في بعض المناطق، مثل ريف دمشق
وحمص والسويداء،كما يحاول استعادة احتلال
حمص القديمة المحاصرة منذ ماريقارب
السنتين، من خلال عقد صفقات لاخراج
المقاتلين الثوار منها الى ريفها الشمالي.
كل
ذلك بهدف انجاح استحقاق الانتخابات
الرئاسية التي ينوي اجراءها، وإعطاء صورة
للمجتمع الدولي أنه لايزال يسيطر على
الوضع في سورية، ويركز بشكل خاص على دمشق
وريفها وحمص وحماه والسويداء وادلب
المدينة واللاذقيه وبالطبع محافظة طرطوس.
كما
يسعى إلى إعطاء رسالة للثورة السورية انه
لايزال بعد ثلاث سنوات من القتال قادرا
على الامساك بزمام الامور.
ومقابل
الوحدة التنظيمية للنظام وحلفاءه، توجد
في سورية قوى مسلحة معارضة عديدة، لكنها
لاتعمل مع بعضها البعض ولاتنسق العمليات
الحربية فيما بينها، علماً ان جميعها
يرفع شعار تحرير سورية، ولديها امكانيات
كبيرة بشرية ومادية، اضافة الى تعدد
الأجندات وكثرة أمراء الحرب، مضافا الى
ذلك مايلي:
- غياب الرؤية الاستراتيجية لهذه القوى في التخطيط والتنفيذ.
- طول خطوط امدادها وارتفاع نسبة خطورتها.
- قلة الذخائر التقليدية وانعدامها أحياناً في بعض الفصائل.
- عدم وجود أسلحة نوعية وخاصة المضادة للطيران على الارتفاعات المتوسطة والعالية.
- عدم اعتمادها على مواجهة الأهداف الضعيفة والانتقال فيما بعد الى الأهداف الكبيرة فالأكبر.
- اختراق النظام لعدد كبير من هذة التنظيمات ،وعدم الاهتمام بالحس الأمني واعطاء قوات النظام معطيات عسكرية دون أي ثمن.
وقد
اسهمت المعطيات السابقة في وجود جبهات
ملتهبة وبشكل دائم، لكن من دون قدرة
المعارضة على حسمها او استثمارها للانطلاق
باستراتيجية عسكرية موحدة لمواجهة النظام
على المستوى المتوسط وفق الآتي:
أولاً:
المنطقة
الجنوبية في سورية:
نجاحات
محدودة بلا اسثتمار
ثمة
نجاحات عسكرية هامة لكنها محدودة لفصائل
المعارضة المسلحة في الجنوب الغربي من
سورية (درعا-
القنيطرة
ومن أبرزها :
السيطرة
على تل أحمر الغربي، وتل أحمر الشرقي بما
يمثلان من اهمية عسكرية.
ثمة
عوامل عدة ساهمت في تحقيق هذه الانجازات،
من أبرزها، خلال معركة فجر التوحيد في
ريف القنيطرة، السيطرة على عدة بلدات هي
الحيدرية، كودنا، بالإضافة إلى تحرير
سرية كودنا وسرية الكوبرا وسرية أبو قبيس
من اللواء 61
مشاة.إذ
كبد المقاتلون قوات النظام خسائر بشرية
ومادية كبيرة، بعد أن نظموا فصائلهم ضمن
غرف عمليات فعالة في محاور مختلفة ومن
أبرزها ؛ غرفة عمليات الفاتحين، وفتح
الشام وتجمع تحرير القنيطرة، وغرفة عمليات
النصرة.
وتأتي
أهمية السيطرة على تل أحمر الشرقي وتل
أحمر الغربي من:
- وقوعهما على الحدود مباشرة مع القوات الاسرائيلية في الجولان المحتل.
- وجود مخزون كبير من السلاح في تلك المنطقة.
- ارتفاع التلال واشرافها على كافة المنطقة من الجولان المحتل غربا والمنطقة الشرقية من الجولان حتى نوى وتل الحارة في درعا.
وبموازة
التطورات السابقة، نجحت فصائل المعارضة
المسلحة، وفصائل جهادية (
جبهة
النصرة ، غرفة عمليات نوى، غرفة عمليات
الفاتحين، ألوية أحفاد خالد بن الوليد،
كتائب أهل السنة، أحرار الشام ..)
في
السيطرة على تل الجابية، وقرية السكرية
المحاذية للتل، ومقر اللواء 61
مشاة،
وذلك ضمن معركة سمتها "
وبشر
الصابرين"،
كما تمكنت هذه الفصائل من السيطرة على
ذخائر ومعدات استطلاعية والكترونية هامة.
وتأتي
أهمية تل الجابية العسكرية من كونه يشرف
على مناطق واسعة في ريف درعا والقنيطرة،
وفيه مقر قيادة اللواء 61
مشاة،
ومراكز مراقبة ورصد لقوات النظام.
و
بتحريره، تمكنت فصائل المعارضة من فك
الحصار جزئيا على مدينة نوى، كما أصبح
الطريق مفتوحًا للسيطرة عليها شريطة "
تحرير"
تل
الجموع، وهي نقطة عسكرية هامة لقوات
النظام تقع جنوب غرب مدينة نوى.
ويساعد
السيطرة على مدينة نوى (
اذا
ما حصل)
في
كسر خط الدفاع الحصين للنظام في المنطقة
الجنوبية (نوى
_
الشيخ
مسكين _
ازرع
)،
ويفتح الباب للسيطرة على باقي المناطق
المحيطة كما هو موضح في الخريطة ادناه.
ولكن
رغم ماتحقق من انتصارات في هذه المنطقة
تبقى هذه الانتصارات، غير ذات أهمية
استراتيجية عسكرية كبيرة كون النظام ما
يزال يتحكم بأهم طرق المواصلات والامداد
فيها وهي :
اوتستراد
دمشق – درعا، طريق دمشق -
درعا
القديم ، طريق القنيطرة – دمشق ، طريق
السويداء – دمشق.
كما
يوجد تشكيلات عسكرية كبيرة لقوات النظام
في تلك المنطقة ومن أهمها؛ الفرقة الخامسة
الميكانيكية، الفرقة التاسعة المدرعة،
الفرقة 15
قوات
خاصة، الفرقة السابعة الميكانيكية.
وبناء
عليه، يمكن القول أنه من الناحية العسكرية
فإن المنطقة ما تزال تحت سيطرة النظام
وتحكمه
أما
في دمشق وريفها، فبعد النجاحات في منطقة
القلمون يسعى النظام لإعادة إطباق الحصار
على الغوطة الشرقية مجددًا، بعد أن أسهمت
المواجهات مطلع العام الحالي في فك الحصار
جزئيا عند منطقة المرج، ويركز بشكل رئيس
على منطقة المليحة التي تعتبر بوابة
رئيسية للغوطة الشرقية، ويضع تحت التهديد
مناطق قريبة من طريق المطار كبلدة جرمانا.
أما
في القلمون الشرقي فقد نفذ لواء الإسلام
عمليات عسكرية مفاجئة على مستودعات
للذخيرة في المنطقة القريبة من مطار
الضمير العسكري، ودمر عدة أهداف داخل
المطار من ضمنها طائرات حربية، واستولى
على أسلحة وذخائر من بينها مضادات طيران
محمولة على الكتف لكنها ذات مدى قصير.
و
على الرغم من ذلك، فإن هذه العملية لاتندرج
تحت العمليات ذات الأهمية من الناحية
العسكرية، خاصة أنها جاءت منفصلة عن معارك
القلمون الغربي، في الوقت الذي كان يجب
أن تنفذ أثناء خوض معارك يبرود و ما حولها،
حيث بقيت جبهة القلمون الشرقي صامتة طيلة
فترة القتال فيها، ولم تقم هذه الجبهة
بأية عمليات مساندة خلال فترة هجوم النظام
وأعوانه على تلك المنطقة.
لذلك
تعتبر هذه العمليات المتفرقة رغم أهميتها
عديمة الفاعلية من الناحية الاستراتيجية.
ثانيا:
الساحل:
الحفاظ
على ما تحقق صعب، ولكنه ممكن
مثل
فتح جبهة الساحل 21
أذار/
مارس
2013
تطورًا
هامًا في مسار الصراع في جبهة الساحل،
وفي سورية بشكل عام.
وقد
نجحت الفصائل الإسلامية (
أحرار
الشام، أنصار الشام)
والجهاديّة
(
جبهة
النصرة، وحركة شام الإسلامية)
تحقيق
اختراقات وانجازات نوعيّة في الأيام
الأولى لبدء المواجهة من أبرزها السيطرة
على المرصد 45،
وجبل البدروسية.
إلا
أنه ولحساسية المنطقة بالنسبة للنظام،
والاختلاف على أولوية فتح جبهة الساحل
بالنسبة للمعارضة، وتلكؤ هيئة الأركان
والائتلاف الوطني في تقديم السلاح اللازم
لكتائب الجيش الحر العاملة في جبل التركمان
والأكراد بما يسمح بمشاركتها بفاعلية في
المواجهة، توقف التقدم في الساحل.
ومنذ
مطلع شهر نيسان/
أبريل
2014،
لم تعد السيطرة على مزيد من المناطق أولوية
بالنسبة للفصائل المنضوية في غرفة عمليات
معركة "
الأنفال".
فالمحافظة
على ما تحقق أضحى هو الأولوية خاصة فيما
يتعلق بالنقاط الحيوية كالمرصد 45،
والذي تمكنت قوات النظام وجيش الدفاع
الوطني من استعادة السيطرة على قمته وما
تزال تجري معارك عنيفة في التلال المحيطة
به، وجبل البدروسية المطل على طريق البسيط،
وجبل النسر المحاذي لمدينة كسب، و تلة
شمالا، وقرية المشيرفة.
وأمام
هذا الواقع، فإن التراجع في جبهة الساحل
أضحى احتمالاً قائمًا، ويطرح بقوة لدى
فصائل غرفة عمليات الأنفال في ظل نقص
الإمداد، وتفاني قوات النظام في استعادة
السيطرة على المناطق التي خرجت عن سيطرتها.
على
الرغم من قوتها، وتماسكها، ووحدة قرارها،
فإن الفصائل الإسلامية والجهادية لن
تستطيع إكمال المواجهة لوحدها في ساحة
صعبة التضاريس، وتتوافر فيها بيئة معادية
لهذه الفصائل.
وبناء
عليه، قد تنسحب الفصائل الإسلامية
والجهادية من المحاور السابقة لتتمركز
في مدينة كسب مستفيدة من قواعد الاشتباك
الجديدة بين سورية وتركيا، والتي تحيد
سلاح الجو، وتستخدمها كقاعدة للانطلاق
في هجمات مضادة، واستنزاف قدرات النظام
في المحاور الجبلية المحيطة بها.
ويمكن
للمواجهة في الساحل أن تنحو باتجاه مغاير
لما يجري حاليًا في حال قررت فصائل الجيش
الحر، والكتائب الأهليّة ولاسيما في
القرى ذات الغالبية التركمانية، المشاركة
بفاعلية والتنسيق مع الغرفة الموحدة
لمعركة الأنفال، أو على الأقل فتح جبهات
فرعية لاستنزاف قوات النظام وتشتيت
اهتمامها وتخفيف العبء عن النقاط الرئيسية،
التي تشكل محور المواجهة كما ذكرنا أعلاه.
وبالطبع،
فإن ذلك يتطلب قرارا سياسيّا واضحا من
الائتلاف وهيئة الأركان بفتح جبهة الساحل،
والتعهد جديًا بتوفير مقومات الصمود
للكتائب العاملة هناك، بدلاً من الزيارات
من التصريحات الرمزية والمعنوية.
وبخلاف
جبهات أخرى، فإن قواعد الاشتباك لا تتطلب
أسلحة نوعيّة بكميات كبيرة، بل إن أبرز
احتياجات الساحل العسكرية هي توافر
الخبرات القيادية ذات المعرفة بالطبيعة
الجغرافية والحراجية بالمنطقة لإيجاد
طرق التفافية ومختصرة تغني المقاتلين عن
استخدام الطرق التقليدية والتي يكمن لهم
النظام فيها.
ثالثا:
حمص
القديمة أمام مُرين :
الهدنة
أو السقوط
شلكت
مدينة حمص لرمزيتها في الثورة، وأهمية
موقعها الجغرافيّ أولوية في حسابات النظام
السياسية والعسكرية طوال سنوات الثورة.
فمنذ
تجذر الاحتجاجات وانتشارها في عموم
المدينة والريف، حاول النظام ما أمكن
لوأدها وإخمادها.
وقد
ارتكب كثيرا من المجازر ومن أبرزها مجرزة
ساحة الساعة 18
نيسان/
أبريل
2011،
وحي الخالدية، وكرم الزيتون ..الخ.
ازدادت
أهمية حمص في حسابات النظام بعد انتقال
الثورة إلى مرحلة الكفاح المسلح، فخروج
المدينة عن سيطرته كانت تعني قطع أوصال
حكمه في الشمال والجنوب والساحل.
وبناء
عليه، عمد النظام مستفيدًا من الغطاء
السياسيّ للفيتو الروسي الصيني المزدوج
ضد مشروع قرار تقدمت به جامعة الدول
العربية 4
شباط/
فبراير
2012
إلى
القضاء على مركز التمرد المسلح في مدينة
حمص ألا وهو حي بابا عمرو، ونجح في اقتحامه
وإخراج المقاتلين منه.
لكن
المفاجأة والتي خلطت أوراق النظام وحساباته
كانت عندما تحصن مقاتلو الجيش الحر
والكتائب الأهلية في أحياء حمص القديمة.
لم
يستطع النظام، طيلة عام 2012
-2013،
وعلى الرغم من الاقتحامات المتكررة وسياسة
الحصار والتجويع الممنهجه، أن يستعيد
السيطرة على هذه الأحياء.
أمام
هذا الواقع، وبعد فشل العملية العسكريّة
الواسعة في حمص القديمة مطلع أذار/
مارس
2013،
تغيرت حسابات النظام وخططه العسكرية.
اقتنع
النظام بأنّ ثغرة حمص تكمن في أريافها،
خاصّةً ريفها الجنوبي المحاذي للحدود
اللبنانيّة ، وريفها الغربي حيث تنتشر
الكتائب بكثرة وتهدد طرق إمداده ولاسيما
تلك القادمة من الساحل.
انطلاقًا
من ذلك، تحول الريف الجنوبي والغربي إلى
أولوية في استراتيجية النظام العسكريّة.
كانت
مدينة القصير التي تمثّل أكبرَ قاعدة
إمداد لمدينة حمص معركة عاجلة في
الاستراتيجية الجديدة.
ونظرًا
لسهولة وصول الإمدادات من لبنان، وخبرة
وشراسة مقاتليها، استدعى النظام لاقتحامها
قوات النخبة من حزب الله.
وهو
ما حصل بالفعل 6
تموز/
يوليو
2013.
وبنتيجته
تغيرت موازين القوى داخل محافظة حمص،
ولاسيما بعد نجاح النظام وحزب الله في
استعادة السيطرة على معظم قرى ريف حمص
الجنوبيّ وقطع طريق الإمداد إلى حمص
القديمة.
بعد
ذلك ركز النظام وحزب الله على الريف
الغربيّ، وتحديدًا مدينة تلكخ القريبة
من الحدود اللبنانية، وقلعة الحصن والقرى
المحيطة بها، وتمكن أيضًا من إخراج الجيش
الحر والفصائل الإسلامية منها.
وبناء
عليه أصبحت حمص كمنطقة جغرافية وسطى
وحيوية خارج تحكم المعارضة، وأضحى تأثير
الفصائل المقاتلة هامشيًا ولا يغير من
الوقائع شيئا.
وكنتيجة
لذلك، وبعد الانجازات التي تحققت له في
منطقة القلمون، وتحسن وضعه عسكريا، عاد
النظام ليركز من جديد على حمص المدينة،
فنقض هدنة جرى الاتفاق عليها برعاية أممية
أثناء مفاوضات جنيف2
منتصف
شباط/
فبراير
2014،
وبدأ باقتحامها، إلا أن محاولته الأخيرة
لم يكتب لها النجاح السريع بسبب شراسة
المقاتلين، الذين لا خيار لهم إلا المواجهة،
والذين أطلقوا على معركتهم تسمية "
معركة
الموت"
في
إشارة إلى نيتهم الدفاع عن المدينة
المحاصرة حتى الرمق الأخير.
وقد
فاجا المقاتلون المحاصرون النظام، وأربكوا
مخططه، عندما أقدموا على اقتحام حي
الجندليّ لفترة وجيزة، نجحوا في الحصول
على بعض الإمدادت الغذائية، قبل أن ينسحبوا
إلى مواقعه السابقة.
ليس
لأحياء حمص المحاصرة أي أهمية عسكريّة
بالنسبة للمعارضة أو النظام، وهدف الأخير
من اقتحامها يتمثل في رمزيتها باعتبارها
"
مهد
الثورة"
من
جهة، وليحقق نصرًا معنويا للادعاء بأنه
قادر على تأمين مناطق هامة من سورية اثناء
الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها
مطلع حزيران/
يونيو
2014.
وفي
حال لم تتمكن قوات النظام، فإن خيار الهدنة
يبقى احتمالاً قائما بحيث ينسحب مقاتلو
المعارضة مقابل إدارة اهلية للأحياء
القديمة في حمص.
رابعًا:
الشمال
خارج تحكم النظام
شهدت
مدن وقرى الشمال السوري (
نقصد
هنا الحيز الجغرافي الممتد من ريف حماة
الشمالي إلى الحدود التركية)
تطورات
عسكرية هامة ساهمت في إحداث تغير نسبيّ
في ميزان القوى لصالح المعارضة، وساهمت
في تأكل سيطرة النظام وتأثيره وفاعليته.
ويمكن
الاستدلال من خلال استعراض التطورات
العسكريّة في محاور مختلفة إلى نتيجة
مؤداها؛ أن الشمال السوريّ أصبح خارج
تحكم النظام، دون أن يعنيّ ذلك، "
سقوطه"
في
يد المعارضة السورية المسلحة.
النظام
محاصر في حلب:
ركزنا
في التقرير السابق عن الاختراقات التي
حققتها المعارضة المسلحة في مدينة حلب،
والتي تمكنت بموجبها من استعادة التوازن
مع النظام، إلا أنه وخلال الشهر الجاري
تحققت انجازات يمكن وصفها بأنها "
نوعية"
و
"
حاسمة"
في
مسار المواجهة الدائرة في المدينة.
في
أواخر شهر أذار/
مارس
2014
بدأت
الغرفة المشتركة لأهل الشام (
تأسست
26
شباط/
فبراير
2014،
وتضم كل من؛ جيش المجاهدين، الجبهة
الإسلامية، جيش المجاهدين)،
بالتعاون مع كتائب الجيش الحر، باستراتيجية
قتالية على مرحلتين، ركزت في الأولى على
مواقع حيوية للنظام داخل المدينة وخارجها،
وعلى نقاط مركزية بالنسبة لخطوط الإمداد.
وفي
هذا السياق، تمكَّنت المعارضة من السيطرة
على جبل شويحنة ذي الأهمية الإستراتيجية
الكبيرة8،
ومبنى قيادة الشرطة المطلّ على مدخل قلعة
حلب، واستعادت السيطرة على دوار الليرمون،
وطريقه الرئيسة المؤدية إلى الأحياء
الغربية الخاضعة لسيطرة قوات النظام.
أما
المرحلة الثانية، فقد أعلن عنها 7
نيسان/
أبريل
2014
فيما
سمي بمعركة "
الاعتصام
بالله"،
وركزت خلالها على نقاط تشكل "
ركائز
محورية"
للنظام
داخل المدينة وفي مقدمتها فرع المخابرات
الجوية في حي جميعة الزهراء، ومدفعية
الراموسة، وأكاديمية الأسد للهندسة
العسكريّة، وكانت نتائجها وفق الأتي:
- إطباق الحصار، وبشكل شبه كامل على فرع المخابرات الجوية، لاسيما بعد السيطرة على مبنى القصر العدلي في حي جمعية الزهراء والمحاذي تماما للفرع.
- السيطرة على الراموسة، وعلى دور الراموسة ما يعني عزل مراكز النظام عن بعضها وقطع الطريق المؤدي إلى كل من مدفعية الراموسة، وأكاديمية الأسد للهندسة العسكريّة، وأيضًا الطريق الواصل ما بين مطار حلب الدولي والأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة النظام
تعد
النقاط الثالثة السابقة "
العمود
الفقري"
للنظام
في حلب، وإذا ما نجحت فصائل المعارضة في
إسقاطها، أو عزلها وتحييدها، فإنها تفقد
النظام مقومات الصمود والبقاء في حلب
لاسيما وأنه في ظل التغيرات الجديدة أصبح
محاصر ومعزولاً من جميع المحاو، ومن دون
أن يعني ذلك سقوط المدينة بيد المعارضة
في المدى المنظور ؛ وذلك لأسباب عديدة،
توضحها ورقة تقدير موقف صادرة عن” المركز
العربي للأبحاث ودراسة السياسيات”، و
أبرزها:
- أنّ النظام مازال قادرًا على إمداد قواته بما تحتاج إليه في المراكز المحاصرة جوًّا، كما أنه مازال قادرًا على إيقاف تقدُّم المعارضة أو تأخيره؛ باستخدام سلاح الجو الذي ما فتئ يشكِّل عقدةً كبرى في عمل المعارضة العسكري، نظرًا إلى عدم امتلاكها مضادات الطائرات، وإحجام الدول الداعمة لها عن تزويدها بها.
- غياب التسليح الدائم: ترفض أغلبيّة الدول الداعمة للمعارضة توافر السلاح اللازم للغرفة المشتركة في حلب، على خلفية مشاركة جبهة النصرة ودورها الفاعل فيها، وهو ما يترك تداعيات على مسار المواجهة. كما أنّ المبالغ التي خصصتها الغرفة لشراء السلاح غير كافية لإكمال المعركة في مدينة بحجم حلب، فالسيطرة عليها تتطلب كمياتٍ كبيرةً من الذخيرة.
- غياب التنسيق الفاعل: تشرف الغرفة المشتركة على المواجهات الدائرة في محوري الراموسة، وحي جميعة الزهراء، وحلب القديمة. أمّا في الأحياء الأخرى، فإنّ أغلبيّة العمليات والمواجهات مازالت ارتجاليّة، مفتقرةً إلى التنسيق والتخطيط. وبناءً عليه، لا يمكن الارتكاز عليها على المدى الطويل، في ظلّ معرفتنا بمقدرات الفصائل المشاركة المحدودة، وغياب التنسيق بينها وبين الفصائل المنضوية في الغرفة.
هل
تسقط خان شيخون قربيًا؟
منذ
توضح الظاهرة المسلحة كظاهرة رئيسية في
الثورة السورية مطلع عام 2012،
اندفع الريف الادلبي إلى التسلح مستفيدًا
من حراكه الاحتجاجي الواسع، ونقمة الأهالي
على النظام، وغياب حضور قوي للنظام في
الأرياف، وخلال السنوات الماضية خرجت
مساحات شاسعة من ريف ادلب عن سيطرة النظام
من ضمنها مراكز هامة جغرافيا كمدينة معرة
النعمان، ولم يبق تحت سيطرة النظام إلا
مركز المدينة، ومعسكراته، وريف ادلب
الجنوبي وفي قلبه مدينة خان شيخون الواقع
على الطريق الدولي.
وخلال
الأسابيع الأخيرة، وبعد أن نجحت الكتائب
في فرض حصار جزئي على النظام في مدينة
ادلب، نجحت الهيئة الإسلامية لإدارة
المناطق المحررة في فرض شروطها على النظام
للإفراج عن المعتقلات واصلاح الكهرباء
والهاتف في مدن الريف، وتقديم المازوت
والطحين مقابل إعادة ضخ المياه إلى مدينة
ادلب وتبادل الجثث.
أوضحنا
في التقرير السابق العمليات العسكرية
النوعية التي قامت بها قوات المعارضة في
الحواجز المحيطة بخان شيخون وعددها (
16 حاجز)،
وكيف تمكنت من السيطرة على معظمها.
وخلال
الشهر الجاري تفاقمت أزمة النظام في خان
شيخون بسيطرة فصائل المعارضة على مزيد
من الحواجز والنقاط العسكرية للنظام في
المدينة، وإطباق الحصار عليها.
وقد
تفاقمت أزمة النظام في خان شيخون مع عجز
قواته عن استعادة بلدة مورك الاستراتيجية،
والتي تشكل طريق الإمداد الوحيد للمدينة
ولمعسكرات الحامدية ووادي، ودخول سلاح
نوعي جديد هو صواريخ "
تاو"
الأميركيّة،
إذ تسلمت حركة حزم9
20
صاروخا
منها، استخدمت في حيش، وحلب، وفي مدينة
مورك.
وبناء
عليه، أصبحت خان شيخون بمنزلة "
غير
المعدودة"
في
الحسابات العسكرية وأن "
سقوطها"
غدا
قريباً شريطة صمود الكتائب في مورك وعدم
السماح لقوات النظام باستعادتها وفتح
الطريق مجددا.
يمكن
القول؛ إنّ إنجازات المعارضة في الشمال
ساهمت في حدوث تغيير نسبي في الموازين
العسكريّة لصالحها؛ ذلك أنّ النظام يتراجع
في عديد المواقع.
وعلى
الرغم من ذلك لا يمكن الحديث عن تحوُّل
في مسار الصراع، أو تغيُّر كبير في الصورة
العامَّة له.
ونظرًا
إلى تركيز النظام اهتمامه على تأمين ما
يعدُّه "المركز"،
وغياب احتمالات تسوية سياسية قريبة، فإنّ
أخطر تداعيات هذا المشهد تتمثّل باستقرار
الوضع العسكري على الأرض، واتجاهه نحو
تقسيم غير معلن للكيان السوري بين مناطق
يسيطر عليها النظام، وأخرى تسيطر عليها
المعارضة.
خامسًا:
دير
الزور :
لغز
الثورة
على
الرغم من مشاركتها المتأخرة نسبيًا في
الثورة، فإن مدينة دير الزور كانت من أكثر
المدن السورية احتجاجًا ومشاركة في الحراك
السلميّ، والذي أخمده النظام جزئيًا بعد
اقتحامه المدينة في شهر آب/
أغسطس
2011،
بالتزامن مع العمليات الموسعة التي شنها
الجيش السوري في حماه وادلب.
وكسائر
المدن السوريّة، حمل أبناء دير الزور
السلاح كردة فعل على مجازر وانتهاكات
النظام، وشكلوا كتائب وفصائل مختلفة نجحت
خلال عام 2012
في
السيطرة على أحياء عدة من المدينة وعلى
مساحات واسعة من الريف.
في
الوقت الراهن، يسيطر النظام على ربع مساحة
المدينة فقط، في الأحياء الغربية تحديدًا،
وحي الجفرة ومطار دير الزور، في حين تسيطر
المعارضة على معظم مساحة المدينة لاسيما
الأحياء الشرقية والشمالية، الجبيلة،
الموظفين، المطار القديم.
أما
وسطة المدينة فهو جبهة ساحنة تدور فيها
اشتباكات على نحو متواصل ومنذ أشهر طويلة.
أما
الريف، فيخضع بغالبية مدنه وقراه لسيطرة
كتائب المعارضة المنضوية في الهيئة
الشرعية، ولا يسيطر النظام على بعض المراكز
والتجمعات في بعض المناطق كالموحسن
والمريعية والعبد.
تثير
الأوضاع العسكريّة في دير الزور كثيرا
من التساؤلات والاستفسارات، فالمدينة
وبحكم الموازين العسكريّة وقوة الفصائل
الموجودة هناك من المفترض أن "تخرج"
وبشكل
كامل عن سيطرة النظام ومنذ فترة طويلة.
كما
أن الحجج التي تقدمها الكتائب العاملة
هناك، كنقص الذخيرة، وضعف الإمدادات،
ومشاركة حزب الله والميليشيات العراقية
تبدو "غير
مقنعة".
فموقع
المدينة الجغرافي وقربه من الحدود العراقية
بل والتركية يجعل حركة الإمداد سهلة جدًا،
كما أن الموارد الماليّة متوافرة من
عائدات النفظ، إذ تسيطر الهيئة الشرعية
على معظم الأبار في المنطقة.
ويبدو
أن عنصر "
النفط"
والذي
يفترض أن يكون "
نعمة"
على
المعارضة والثورة السوريّة بشكل عام،
تحول إلى "نقمة"
و
وبال"
عليها
في بعض الأحيان.
فبدل
أن تستغل عوائد النفط في خدمة الثورة، و
في تخفيف المعاناة الإنسانية عن مدينة
دير الزور وسائر مناطق سورية، تحولت إلى
مصدر للثروة والاكتناز.
وبناء
عليه، شهدت المدينة معارك ومواجهات
للسيطرة على الأبار والاستحواذ على أكبر
كمية من النفط المنتجة والمكررة بدائيا
عبر "الحراقات"،
ونذكر على سبيل المثال المواجهة التي
حصلت بين جبهة النصرة والعشائر أواخر عام
2013،
وتلك التي حصلت مؤخرًا بين الكتائب
المنضوية في الهيئة الشرعية وتنظيم دولة
العراق والشام الإسلامية (
داعش).
وفي
هذا السياق نشر المرصد السوري لحقوق
الإنسان بتاريخ 27
نيسان/
أبريل
تقريرًا هامًا بعنوان "
دير
الزور...
شيوخ
النفط"،
يظهر فيه تغير أولويات كتائب المعارضة
وعشائر دير الزور من قتال النظام إلى
السيطرة على أبار النفط في المدينة وريفها.
وبحسب
تقرير المرصد فإن سيطرة جهات مختلفة
ومتقاتلة فيما بينها على محطات النفط
ومعامل الغاز والآبار النفطية، وعمليات
التكرير البدائية للنفط، والعائدات
الضخمة من الأموال، خلق نتائج سلبية تمثل
وفق الأتي:
- إن استخراج النفط يتم بعشوائية ما أدى إلى تعطل بعض الآبار بشكل كامل، كما أن الآبار المتوقفة عن العمل، لا يتم ضخ الماء أو الغاز فيها عوضاً عن النفط، الأمر الذي يؤدي إلى تشكل فراغات في طبقات الأرض، ما يهدد بإحداث زلازل على المدى البعيد، وتعطل الآبار في المدى القريب.
- انتشار الأمراض الصدرية والجلدية، نتيجة التماس المباشر مع المادة النفطية، وتكرير النفط البدائي بالقرب من التجمعات السكنية، وما ينجم عن التكرير البدائي وعملية الاحتراق من منتجات مضرة.
- عمل الأطفال في مجال تكرير النفط بشكله البدائي وتوزيعه وبيعه.
- تسلُّح بعض العائلات بالسلاح الثقيل، بهدف فرض النفس والهيمنة والسيطرة على العوائل الأخرى في المنطقة.
- الثراء الفاحش لدى بعض الأشخاص بسبب ضخامة عائدات بيع النفط والغاز في الحقول والآبار.
- الارتفاع الحاد في أسعار السلع التموينية، جراء توزع الثروات عند بعض الأشخاص دون غيرهم، الأمر الذي جعل الحياة اليومية للمواطنين أكثر قساوة.
- تجمع اللصوص في خلايا ومجموعات مسلحة لتغطية أفعالهم وحماية أنفسهم في حال التفكير بمحاسبتهم من قبل الهيئات أو الكتائب العاملة في منطقتهم.
- ترك الكثرين من أصحاب المهن لمواقعهم المهنية، والتوجه للعمل في حقل النفط، الأمر الذي شكل نقصاً في الأعمال المهنية.
- السياق
الدولي والإقليمي:
تغير
نسبي في الموقف الأميركي
- على الرغم من فشل مؤتمر جنيف2 في محاولة اجتراح حل سياسي يفضي إلى هيئة حكم انتقالية في سورية، وهو المسار الديبلوماسي الذي راهنت عليه واشنطن كثيرا، لم تحسم إدارة أوباما إلى الآن أمرها في الملف السوري، وتخرج من دائرة الحيرة والغموض في خياراتها. وتكفي، للتدليل على حالة "الفوضى" التي تعيشها إدارة أوباما عندما يتعلق الأمر بالملف السوري، الإشارة إلى التصريحات المتناقضة التي
- أطلقها مؤخرا مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية حول مراجعة إدارة أوباما لخياراتها في سوريا بعد فشل محادثات جنيف2. فمن جهة هناك تقارير تتحدث عن ان أوباما أمر بمثل هذه المراجعة، فيما تقلل تقارير أخرى من شأنها ومداها. مثل هذا الانقسام والتخبط دفع ببعض السياسيين، من أمثال عضو مجلس الشيوخ الأميركي البارز، الجمهوري جون مكين، وصحفا مؤثرة من مثل صحيفة واشنطن بوست إلى اتهام إدارة أوباما بالتسبب في إفقاد أميركا هيبتها عالميا، فضلا عن تبني مقاربة "انهزامية" في سوريا.
- ففي تصريحات له يوم الجمعة (14 شباط/ فبراير 2014) قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بأن الرئيس أوباما طلب مجددا خيارات جديدة (سواء أنوقشت من قبل أم لم تناقش) للتعامل مع الوضع في سوريا. وأوضح بأن الرئيس قلق بسبب الوضع الإنساني الكارثي في ذلك البلد، فضلا عن فشل محادثات السلام في التوصل إلى اتفاق على حكومة انتقالية.
- غير أن تصريحات كيري هذه سرعان ما تم تداركها من قبل البيت الأبيض، والذي أعلن ناطقه، جي كارني، بأن مجلس الأمن القومي الأميركي يجري تقييمات دائمة للخيارات الأميركية في سوريا، وبأن كيري لم يقصد بتصريحاته تلك مراجعة جديدة، وإنما تأكيد الواقع. وهو ذات الأمر الذي أكدته الناطقة باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، وذلك حينما نفت أن يكون هناك نية لانتهاج سياسة مختلفة، وبأن تصريحات كيري تأتي ضمن سياق جهود الخارجية الأميركية لتقييم سياساتها بشكل دائم.
- وفي سياق هذا التخبط والارتباك ذاته، نقلت صحيفة نيويورك تايمز شباط/ فبراير 2014 عن مسؤول رفيع في إدارة أوباما، بأن الأخير طلب مراجعة "لخيارات قديمة وجديدة" في سوريا لتعزيز قوات المعارضة وتخفيف المعاناة الإنسانية هناك. غير أن مسؤولين آخرين في الإدارة سارعوا إلى التأكيد بأن هذه الخيارات لا تتضمن تزويد قوات المعارضة بأسلحة متقدمة وثقيلة "بشكل مباشر"، فضلا عن أنها لا تتضمن تهديدا بضربات جوية لقوات النظام وذلك خوفا من أن تتورط الولايات المتحدة في صراع طويل الأمد في سوريا.
- تأكيد المسؤولين الأميركيين الأخير بأن الخيارات الجديدة التي يتم مراجعتها لا تتضمن تزويد قوات المعارضة بأسلحة متطورة وثقيلة، عارضه تقريران نشرتهما صحيفة وول ستريت جورنال (14/2)، ونيويورك تايمز (17/2)، ألمحا إلى أن الولايات المتحدة قد تغض الطرف عن تزويد دول حليفة للولايات المتحدة مستاءة من ترددها، وتحديدا المملكة العربية السعودية، لقوات المعارضة بمثل هذه المضادات للتصدي لطائرات النظام السوري والذي أدى تفوقه الجوي إلى تغيير كثير من المعادلات العسكرية على الأرض لصالحه.
- ورغم نقل تقرير وول ستريت جورنال لنفي مسؤول أميركي رفيع لاحتمالية تغيير السياسة الأميركية في هذا الصدد، غير أن صحيفة نيويورك تايمز أكدت في تقريرها بأن مثل هذا الخيار تتم مناقشته فعلا داخل أركان الإدارة. تقرير نيويورك تايمز يقول بأن الدافع وراء مراجعة الموقف الأميركي في هذا الصدد تتمثل في محاولة تهدئة غضب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وخصوصا السعودية، من السياسة الأميركية نحو سوريا، خصوصا بعد تراجع أوباما عن توجيه ضربات جوية لمواقع النظام العسكرية في شهر آب/أغسطس الماضي، وتوجه بعض دول الخليج لتزويد المعارضة بهذه الأسلحة بغض النظر عن المعارضة الأميركية.
- أيضا، يشير بعض مسؤولي إدارة أوباما، بأن أجهزة الاستخبارات الأميركية تملك الآن صورة أفضل عن طبيعة قوات المعارضة "المعتدلة" التي يمكن أن يوثق بها في حال وضع هذا السلاح في أيديها، وبالتالي تقليص المخاوف السابقة بأن تقع هذه الأسلحة بأيدي "متطرفين" واستخدامها بعد ذلك ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفاءها.
- وثمة سبب آخر، يتمثل بغضب ادارة أوباما من السياسات الروسية التي ترى أنها دعمت تصلب موقف النظام السوري في جنيف2، وبالتالي إفشال المحادثات. خصوصا وأن إدارة أوباما راهنت كثيرا، بل واستثمرت في حل ديبلوماسي سياسي، غير أن النظام اليوم وحلفاءه الروس والإيرانيون، يرون أن قوات الرئيس بشار الأسد، تحقق إنجازات عسكرية على الأرض، ويرجع الفضل في ذلك بشكل كبير إلى تفوقه عبر سلاح الجو.
- وما بين تأكيد ونفي، تبقى الحيرة والارتباك هما العلامتان المميزتان لسياسات إدارة أوباما نحو الملف السوري، وهي إن عكست شيئا فإنما تعكس ذلك الانقسام العميق دخل إدارة أوباما في التعامل مع الملف السوري وتداعياته. هذا الانقسام، والذي يمتد لسنوات الآن، كان قد كشف عنه الإعلام الأميركي من قبل، وجاءت شهادات مسؤولي وزارة الدفاع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في شباط/فبراير من العام الماضي لتأكده. فحسب وزير الدفاع الأميركي السابق، ليون بانيتا، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، فإن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي. آي. إيه) السابق، الجنرال ديفيد بتريوس، وضع خطة تقضي بتسليح قوات مختارة من المعارضة، بدعم من دول حليفة في المنطقة، وحظيت الخطة بدعم وزيرة الخارجية حينئذ، هيلاري كلينتون، ووزارة الدفاع وقادة الجيش، غير أن البيت الأبيض رفضها، بذريعة القلق من تورط أميركا في حرب طويلة، ووقوع الأسلحة بالأيدي الخطأ. ينضاف إلى ذلك حينئذ، ما اعتبره كثير من المراقبين قلقا من قبل حملة أوباما الرئاسية من تأثير مثل ذلك التورط على حظوظ المرشح أوباما، لفترة رئاسية ثانية في ذلك الوقت.
- ذلك الانقسام لم يزل قائما إلى اليوم رغم التغيير الذي جرى في تلك المناصب السيادية، اذ يتزعم وزير الخارجية جون كيري تيارا داخل الإدارة يطالب بسياسة أكثر صرامة تجاه النظام السوري، بما في ذلك تسليح مقاتلين من المعارضة السورية، غير أن مطالبه هذه تمّ تجاهلها من قبل البيت الأبيض. ولذلك لم يكن مفاجئا لكثير من المراقبين ما زعمه عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان، جون مكين، وليندسي غراهام، وهما من أكثر الناقدين لتعامل إدارة أوباما مع الملف السوري، من أن كيري قال في اجتماع ضمهم معه على هامش قمة الأمن في ميونيخ (ألمانيا) مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، بأن السياسة الأميركية لا تعمل في سوريا، وبأن النظام أفشل محادثات جنيف2، وبأنه لم يلتزم بمواعيد جدول تسليم أسلحته الكيماوية، وبأن روسيا مستمرة في تسليح النظام السوري. ونسب الرجلان إلى كيري قوله بضرورة أن تعيد الولايات المتحدة النظر بتسليح قوات المعارضة بـ"أسلحة قاتلة"، وهو ما سارع كل من البيت الأبيض والخارجية الأميركية إلى نفيه.
- مع ذلك فقد بدأت تظهر في الفترة الاخيرة مؤشرات على امكانية ذهاب الولايات المتحدة نحو خيار تسليح المعارضة ان لم تكن قد فعلت ذلك للتو، فقد اشارت صحيفة الواشنطن بوست (28 نيسان/ أبريل 2014) ان واشنطن قامت بارسال صواريخ "تاو" الى المعارضة السورية و ان هذه الصواريخ استخدمت بفعالية في مواجهة مدرعات النظام و دباباته في مناطق مختلفة من الشمال السوري.
- أما أسباب هذا التحول في الموقف الأميركي، فيمكن إيجازها في الآتي:
- استياء أوباما من الموقف الروسي الذي يرى أنه ساهم في إفشال محادثات جنيف2. فإدارة أوباما تبنت الخيار الديبلوماسي لمعالجة الصراع في سوريا، غير أن هذا الخيار أثبت فشله إلى الآن، وجعل من إدارة أوباما عرضة للانتقادات الداخلية والخارجية.
- الخوف من تحول سوريا إلى ملاذ آمن للـ"إرهاب" و"القاعدة". وهو أمر أصبح يتكرر على لسان الرئيس الأميركي دائما. ففي خطابه الاخير أمام الأمم المتحدة قال أوباما: "لقد حان الوقت لروسيا وإيران أن تدركا أن الإصرار على التمسك بحكم الأسد من شأنه أن يؤدي مباشرة إلى النتيجة التي كانوا يخشونها: توفير مساحة عنيفة على نحو متزايد للمتطرفين للعمل"
- وكان مسؤولون استخباراتيون أميركيون قد حذروا في شهر كانون الثاني/يناير الماضي بأن "القاعدة" في سوريا تسعى بقوة لتجنيد 70 أميركيا على الأقل انخرطوا في الصراع السوري لمهاجمة أميركا عند عودتهم إلى الولايات المتحدة. وحسب مسؤول أميركي كبير فإن "ذكريات أفغانستان بدأت تطارد الجميع".
- عامل آخر مرتبط بذلك، هو أن عدم دعم وتسليح قوات المعارضة "المعتدلة" أدى، وسيؤدي إلى تقوية المجموعات "المتطرفة" على الأرض. بالإضافة إلى تأكيد مسؤولين أميركيين أن الوكالات الاستخباراتية الأميركية تملك الآن تصورا أوضح وأفضل لطبيعة القوى المقاتلة على الأرض ومن يمكن التعامل معهم ممن لا يمكن الثقة بهم.
- العامل الأهم الذي يمكن أن يدفع الولايات المتحدة للعب دور أوسع في الصراع السوري، يمكن أن يجد مبرره في خيار إدارة أوباما المفضل للتعامل مع الأزمة في سوريا إلى الآن، ألا وهو الخيار الديبلوماسي السياسي.
- لطالما فضل البيت الأبيض حلا دبلوماسيا على أساس أنه لا يوجد حل عسكري ناجع يمكن أن "يحقق السلام الدائم" في سوريا. غير أن رجحان كفة النظام عسكريا على الأرض، وإن كان بشكل نسبي، وذلك بفضل السلاح الروسي والدعم الإيراني وعناصر حزب الله وميليشيات شيعية أخرى له، أجهض الحسابات الأميركية بأن يؤدي التوازن العسكري على الأرض، وعجز طرفيه عن حسمه إلى اتفاق سلمي ينتهي بحكومة انتقالية، يفضل أن يستبعد فيها الأسد ودائرته الضيقة.
- وقد أكد الرئيس اوباما في مناسبات مختلفة خلال الفترة الماضية على ثلاث نقاط اساسية:
- أولا: أنه لابد من انتقال سياسي (أي حل سياسي) للأزمة السورية، ولكن هذا الحل لن يتحقق دون تغيير "الحسابات" على الأرض، وهو ما يبدو أنها إشارة إلى محاولة تعديل ميزان القوى من جديد ما بين قوات المعارضة والنظام لإرغامه على التفاوض مجددا.
- ثانيا: أنه لا يرى حلا في وجود الأسد على رأس السلطة.
- ثالثا: أنه بصدد زيادة حجم المساعدات لقوات مختارة من المعارضة السورية "المعتدلة" لإضعاف تفوق النظام من جهة وللجم صعود جماعات متطرفة من جهةة اخرى.
- هذا الموائمة الجديدة المفترضة في مقاربة إدارة أوباما تندرج في إطار ملامح تصور أوباما الكلي لإيجاد حل للصراع في سوريا، لا يورطها في الصراع كثيرا لكنه من جهة أخرى يضمن رحيل الاسد عبر تسوية سياسية، تحفظ مؤسسات الدولة (أي بنية النظام) ونفوذ الأقليات الداعمة له فيها. ولتحقيق ذلك فإنها قد تسمح ببعض الدعم العسكري لقوى "معتدلة" لتحقيق نوع من التوازن العسكري على الأرض لتحقيق هذه التسوية، لا لتمكين المعارضة من إسقاط النظام عسكريا.
وفي
السياق الإقليمي، برز واضحا تأثير
الانتخابات البلدية التركية والتي كانت
بمنزلة الاستفتاء على حزب العدالة
والتنمية، والمصالحة الخليجية الخليجية
بعد اتفاق الرياض، إذ ساهمت هذه المعطيات
بالإضافة إلى التغير النسبي في الموقف
الأميركي كما أوضحنا أعلاه في زيادة مستوى
التنسيق فيما يتعلق بالوضع العسكري في
سوريا.
فقد
تشلكت في أنقرة غرفة عمليات موحدة كبيرة
تراقب تطورات المواجهة في سورية وفي
الشمال خاصة.
من
المتوقع في ضوء الترتيبات السابقة أن
تزداد إمدادات السلاح لفصائل المعارضة
لتساعدة على تعديل موازين القوى وحسم بعض
الجبهات الهامة في الشمال.
الوضع
الانساني والقانوني :
إخفاق
المجتمع الدولي المستمر أمام مسؤولياته
بالتوازي
مع جميع ماسبق ذكره ميدانيا و سياسيا
تستمر المعاناة البشرية الرهيبة من قتل
وتشريد و تدمير.
فما
زال شلال الدم ينزف يوميا مايقارب ال 90
شخصا
مدنيا كمعدل وسطي يقتل بينهم 9
أطفال
و 7
نساء
، هذا عدا عن استقبال مالايقل عن ستة عوائل
من أهالي المعتقلين و المختفين قسريا
أبنائهم، ضحايا التعذيب، داخل مراكز
الاحتجاز النظامية أو السرية ، وذلك بحسب
الاحصائيات اليومية الصادرة عن الشبكة
السورية لحقوق الإنسان ، إضافة إلى
المعاقين بسبب عمليات بتر الأعضاء اليومية
إثر الإصابات الناجمة عن شظايا القنابل
البرميلية التي تلقيها الطائرات المروحية
و المقاتلة التابعة للنظام السوري.
ولما
كانت المعارضة السورية لاتمتلك سلاح
طيران فإن جرائم القتل هذه لايمكن بحال
من الأحوال التشكيك بها وتحمليها للنظام
السوري.
وبحسب
مبدأ "
مسؤولية
الحماية "
الذي
أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فإن
النظام السوري يعتبر فاقدا للسيادة،
والمجتمع الدولي لديه الحق في اتخاذ
التدابير اللازمة لحماية المدنيين لإيقاف
الجرائم التي ترتكب بحقهم، واعتبر أن
السيادة هي مسؤولية و ليست حق.
ولكن
شيئا من ذلك لم يطبق في سورية وبقي النظام
السوري مستمرا في ارتكاب الجرائم يوميا
ومنذ عام 2011.
لقد
فشل المجتمع الدولي بشكل صارخ في حماية
الشعب السوري ، حتى على صعيد الخطوط
الحمراء المتعلقة باستخدام الغازات
السامة المحرمة دوليا بجيمع أصنافها،
والتي قتلت خنقا أكثر من ألف ومئة مواطن
سوري 40
% منهم
نساء وأطفال، لم يتم اتخاذ أي إجراءات
حقيقية رادعة.
فكما
كانت خطة النظام السوري التدرج في استخدام
الأسلحة التقليدية وصولا إلى صواريخ
السكود فقد تدرج في استخدام الغازات
السامة بدءا من 23/كانون
الأول/2012
في
حي البياضة بحمص، والتي قتل على اثرها 6
أشخاص،
وصولا إلى هجوم الغوطتين الشهير بتاريخ
21/آب/2013،
كان النظام السوري قد استخدم الغازات
السامة مالايقل عن 28
مرة
بحسب تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق
الإنسان.
أما
عن هجوم الغوطتين فقد أصدرت هيومان رايتس
ووتش تقريرا علميا بحثيا وفق أعلى معايير
الخبرات الحقوقية و التقنية والعسكرية،
ومزودا بصور الأقمار الصناعية أثبتت فيه
أن الحكومة السورية هي من استخدمت الأسلحة
الكيميائية.
وبعد
هجوم الغوطتين بأسبوع واحد فقط عادت قوات
النظام واستخدمت غازات سامة في حي جوبر
بالعاصمة دمشق لاختبار جدية المجتمع
الدولي في نزع الأسلحة الكيميائية ،
وبايعاز من الحليف الروسي ولامتصاص الصدمة
الرهيبة لصور الأطفال المستلقين على
أرصفة الطرقات، وهم قتلى دون أية دماء،
توقف النظام السوري عن استخدام الغازات
السامة وبدأ بتسليم أسلحته الكيميائية
بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة رقم 2118،
والذي ينص بشكل واضح على أن المجلس "يقرر
أن تمتثل الجمهورية العربية السورية
لجميع جوانب قرار المجلس التنفيذي لمنظمة
حظر الأسلحة الكيميائية المؤرخ 27
أيلول/
سبتمبر
2013".
وقد
قرر المجلس التنفيذي للمنظمة في اجتماعه
الرابع والثلاثين، في 5
و
15
تشرين
الثاني، 2013
أن
"جميع
المواد الكيميائية التي أعلنت عنها
الجمهورية العربية السورية يجب إخراجها
من الأراضي السورية قبل 5
شباط،
2014".
ويقول
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في
القرار ذاته، قرار رقم 2118،
أن المجلس"يقرر،
في حال عدم الامتثال لهذا القرار، بما
يشمل نقل الأسلحة الكيميائية دون إذن...أن
يفرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق
الأمم المتحدة".
وعلى
الرغم من تصريحات وزير الخارجية الروسية
سيرغي لافروف24/نيسان/2014
" أنّ
عملية نزع الأسلحة الكيماوية السورية
"تسير
على خير ما يرام وأن أنّ الأمم المتحدة
ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية عبّرتا عن
ارتياحهما لتنفيذ الاتفاقية "
فإن
الإعلان الصادر عن منظمة حظر الأسلحة
الكيميائية ينص صراحة أن الحكومة السورية
لن تتمكن من الايفاء بالتزاماتها بتاريخ
5
شباط.
ولكن
الأفظع من ذلك كله أن النظام السوري كثف
من استخدام الغازات السامة بالتزامن مع
موعد تسليم أسلحته الكيميائية.
ففي
الأشهر الأربعة الأولى من عام 2014،
والتي تسبق موعد التسلم، قام النظام
السوري بتنفيذ مالايقل عن 17
هجوما
بالغازات السامة، وذلك في 8
مناطق
في سورية.
كما
تم استخدام البراميل المتفجرة المحملة
بغاز الكلور في 4
مناطق
هي :
كفرزيتا
وتلمنس والتمانعة وعطشان.
وقد
كان لمدنية كفرزيتا النصيب الاكبر، حيث
بلغ عدد مرات القصف 5
مرات
في فترة لا تتجاوز عشرة أيام
كل
ذلك القصف في عام 2014
تسبب
في مقتل 29
شخصا
بينهم 4
اطفال
و سيدات واصابة ما لا يقل عن 670
شخص
آخرين بحسب تقرير صادر عن الشبكة السورية
لحقوق الإنسان بتاريخ 29/نيسان/2014
. كما
كشفت صحيفة
"
التلغراف
"
على
موقعها الالكتروني أنها تمتلك أدلة علمية
عبر إجراء فحوصات على عينات دم مصابين
أجريت لحساب الصحفية كلها تؤكد أن نظام
الرئيس السوري بشار الأسد شن هجمات
بالأسلحة الكيماوية، وأن الفحوصات تناولت
عينات من التربة من ثلاثة مواقع مختلفة
تم استهدافها من قبل الطيران المروحي أو
الحربي والذي لايملكه أحد سوى النظام
السوري ، وقد جمع هذه العينات أشخاص مدربون
تعرفهم الصحيفة بنفسها ثم تولى خبراء
الأسلحة .الكيماوية
فحصل هذه العينات وتحليلها
وقال
خبير الأسلحة الكيماوية البريطاني هاميش
غوردون، وهو أحد الذين شاركوا في الاختبارات،
إن الاختبارات أكدت بما لا يدع مجالاً
للشك أن النظام استخدام الكلور والأمونيا
ضد المدنيين خلال الأسبوعين أو الثلاثة
الماضية
.
وفي
23/نيسان/2014
دعى
مجموعة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن
إلى إجراء تحقيق في التقارير التي تتحدث
عن استخدام النظام السوري الأسلحة
الكيماوية في سورية.
وقالت
جوي أوغو، سفيرة نيجيريا والرئيس الحالي
لمجلس الأمن، إنّ أعضاء المجلس عبّروا
عن قلقهم من المزاعم بشأن استخدام غاز
الكلور السام من جانب قوات الأسد في هجوم
على قرية كفرزيتا بريف حماة ، كماصرح
الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ
29/نيسان
أن
أي استخدام للأسلحة الكيميائية تحت أي
ظرف من الظروف هو انتهاك جسيم لبروتوكول
عام 1925.
وسط
كل هذا العجز الصارخ جاء تقديم فرنسا
مشروع قرار لمجلس الأمن
بشأن أعمال التعذيب والإعدام والانتهاكات،
التي تمارس في السجون السورية، وتحويلها
إلى محكمة الجنايات الدولية.
وقد
اجتمع مجلس الأمن يوم الثلاثاء 15/نيسان
لمناقشة التقرير الذي يطلق عليه اسم قيصر،
وهو الاسم المستعار لضابط أمن سوري منشق،
نشر 55
ألف
صورة، يظهر فيها 11
ألف
شخص، تعرضوا للتعذيب والقتل في السجون
السورية.
ولكن
مشروع القرار الفرنسي اصطدم بالمعارضة
الروسية في مجلس الأمن كما كان متوقعا .
وعلى
الرغم من التزام الاتحاد الأوروبي المعلن
بالمحكمة الجنائية الدولية، حيث انضمت
27
دولة
أعضاء في الاتحاد الأوروبي – أي جميع دول
الاتحاد عدا السويد – إلى مبادرة بقيادة
سويسرية تدعو مجلس الأمن إلى إحالة الوضع
في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية،
وحيث أن سوريا لم تنضم للمحكمة، فمن
الممكن فقط إخضاعها لسلطة المحكمة القضائية
بناء على إجراء من قبل مجلس الأمن، فقد
أحبط الدعم الروسي اللامحدود للنظام
السوري هذه الخطوة.
وبالرغم
من أن محكمة الجنايات الدولية بإمكانها
أن تنظر في دعاوى الجرائم المرتكبة، لكن
أمريكا تبدو أيضا غير متحمسة للمحكمة
الدولية خوفا من أن يمثل ذلك سابقة يمكن
أن تتعرض لها اسرائيل في فلسطين والجولان
المحتل من قبل إسرائيل منذ عام 1967.
ولذلك
تفضل الولايات المتحدة الأمريكية مشروع
إنشاء محكمة خاصة بسورية.
ومثل
هذا الخيار مفضل أيضا لدينا بسبب ضعف ثقة
السوريين، بعد ثلاث سنوات من الصمت على
الكارثة، بالمجتمع الدولي.
كما
أن تاريخ محكمة الجنايات الدولية غير
مشجع على الإطلاق في محاسبة المجرمين .
وهنا
يبرز دور المعارضة السورية التي يجب أن
تتحرك بالسرعة القصوى لحشد التأييد بين
أصدقاء الشعب السوري من أجل انتزاع قرار
من الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا
الخصوص على غرار إنشاء محكمة كمبوديا
الدولية المختلطة
.
على
الرغم من كل ماسبق فإن شيئا لم يحدث بسبب
الفيتو الروسي _الصيني،
أولا، وضعف الأرادة الغربية في فعل أي
شيء يكسر الاحتكار الروسي في مجلس الأمن،
أو يقيم تحالفا دوليا خارج إطار مجلس
الأمن، بالرغم من وجود سوابق عديدة على
ذلك في شمال العراق عام 1991،
و كوسوفو عام 199.
وفي
جميع هذه الحالات بررت الدول تدخلها
العسكري تحت بند الاتحاد من أجل "
حفظ
الأمن و السلم الدوليين "،
بصرف النظر عن رأي مجلس الأمن.
إن
التفسير الحقيقي لغياب تدخل جدي لحماية
السوريين يتجاوز موضوع الفيتوا الروسي
الصيني، ويعكس بالأحرى غياب الإرادة
الدولية للقيام بأي عمل جدي.
فعندما
توفرت مثل هذه الإرادة كانت مجزرة واحدة
كافية لتحريك مجلس الامن وتفعيل البند
السابع المتعلق باستخدام القوة فيه.
ففي
افريقيا الوسطى قبل المجلس التدخل العاجل،
بتاريخ 6/كانون
الأول /2013
،
ردا على مجزرة ذهب ضحيتها قرابة 90
شخصا،
قتلا بالفؤوس و العصي، باسم
"حماية
المدنيين واعادة النظام والامن والاستقرار
في البلاد"
و
"تسهيل
نقل المساعدات التي يحتاج اليها الشعب
بشكل مُلح"،
كما أجاز للقوات الفرنسية "اتخاذ
كافة التدابير الضرورية لدعم القوة
الافريقية في ممارسة مهمتها".
بالمقابل،
وبالرغم من فظاعة المجازر التي ارتكبتها
قوات الأسد في سورية، فشل المجلس نفسه في
القيام بأي عمل، مع أن أعداد القتلى
المدنيين تجاوزت في تلك الأثناء حاجز ال
110
آلاف
بينهم أكثر من 14
طفل
و 13
ألف
امرأة، ونقلت الصحافة المرئية والمكتوبة
صورا مريعة عن مجازر متكررة في الحولة
بحمص التي ذبح فيها 49
طفلا
بالسكاكين، و في جديدة الفضل بريف دمشق
16/نيسان/2013
وفي
بانياس بمحافظة طرطوس 10/أيار/2013
وحي
دير بعلبلة وكرم الزيتون والرفاعي في
حمص، والتريمسة في ريف حماة، وذلك في أكثر
من 42
مجزرة
أكثرها تقع في دائرة حرب (التطهير
الاتني أو الطائفي )،
عدا عما رافقها من عمليات اغتصاب جماعي
تعتبر من أبشع ما شهده العصر الحديث .
توصيات
- تتعلق بالنظام. لا يستطيع النظام أن يراهن من أجل البقاء وقطع الطريق على أي مفاوضات سياسية تتطلب منه القيام بتنازلات جوهرية، على استراتيجيات التصعيد والتهديد بالفوضى والخراب المدني والعمراني الشامل، كما يعبر عنها أفضل تعبير القصف العشوائي للأحياء والمدن بما أصبح السوريون يسمونه براميل الموت، وعلى دفن الرأي بالرمال وتجاهل مطالب الشعب وتنظيم الانتخابات الرئاسية كما لو أنه لم يعد هناك مشكلة والمراهنة على ابتزاز المجتمع الدولي بنمو الارهاب. أكثر فأكثر سوف تنقلب هذه الاستراتيجيات السلبية عليه فيدفع الدول المحيطة به والمعرضة لزعزعة الاستقرار إلى المشاركة في أي عمل ضده، ويصبح المتهم الأول بتنمية ونشر الارهاب، والعائق الرئيسي أمام أي حل سياسي. سيزيد استمرار هذه السياسات من أمد الحرب ومعاناة السوريين، لكن ليس هناك أي أمل في أي مخرج للنظام من الأزمة الطاحنة التي يعيش فيها من دون الانخراط بشكل جدي وفعلي في عملية الانتقال السياسي التي تجمع عليها اليوم جميع الدول الأعضاء في الامم المتحدة، باستثناء ايران.
- بالنسبة لقوى الثورة والمعارضة، يشكل غياب قيادة تحظى بالحد الأدنى من الشعبية والصدقية على الصعيد العربي والعالمي عقبة أساسية أمام تطوير الموقف الدولي في اتجاه تعديل فعال لميزان القوى والدفع نحو انهاء الأزمة ووقف نزيف الدم. وبالمثل يشكل غياب قيادة عسكرية مهنية ومركزية عقبة ثانية أمام استفادة المعارضة من دعم أكبر بالسلاح على مختلف أشكاله. ولا بد من العمل بأسرع وقت على حل أزمة هيئة الأركان والخروج بقيادة متفق عليها وواحدة، وترتيب أوضاع الجيش الحر ليكون قادرا على تلقي المساعدات اللازمة لتعديل ميزان القوى وتغيير حسابات النظام.
- وبالمثل، يحتاج الرد على محاولات النظام مصادرة قضية الانتقال السياسي، كما يعبر عنها تنظيم الانتخابات الرئاسية إلى استعادة المعارضة السورية بكل أطيافها الحوار والتنسيق والتفاهم، واستعادة التواصل مع الشعب وقطاعات الرأي العام السوري المختلفة لدفعها إلى المشاركة أيضا في الحل، عدم التوقف عن شرح الأسس والمباديء السياسية والمدنية الجديدة التي لا يمكن لسورية ما بعد الثورة أن تبعث من جديد، مهما عظم دور الخارج، من دونها.
- ويحتاج تفعيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، كي يتحول إلى ذراع ضاربة للمعارضة على الصعيد السياسي والدبلوماسي، تجاوز النزاعات والانقسامات والحساسيات الشخصية التي شلت عمله حتى الآن، وتعديل النظام الداخلي بما يخلق التوازن بين السلطات، وتوزيع سليم للمسؤليات، والعمل على التغلب على مشكلة غياب القيادة السياسية وتشكيل فريق عمل منسجم ومتفاهم وقادر على العمل المشترك في ما وراء التكتلات والكتل والتكوينات. ويحتاج أي مشروع إصلاح لآلية اتخاذ القرار داخل الائتلاف إعادة تعريف دوره، وتحديد مجال عمله إلى جانب المؤسسات المتخصصة الجديدة التابعة التي نشأت في سياق الثورة، كالحكومة المؤقتة والمجلس العسكري الأعلى وهيئة الأركان. وعلى الإئتلاف أن يحدد في ما إذا كانت مهمته أن يكون وزارة خارجية تتبع للثورة، وتنسق علاقاتها الدولية، أم هو برلمان للمعارضة والثورة، أو هل هو قيادة سياسية للثورة تصوغ خططها وتبلور توجهاتها وتقرر خياراتها في المسائل الاستراتيجية والمصيرية. من دون تحديد طبيعة عمل الائتلاف والمهام الرئيسية المناطة به، سيكون من الصعب تحويل الائتلاف إلى مؤسسة فاعلة، وسيستمر التخبط وافتقار الائتلاف لخطة عمل واستراتيجية جدية
1اعترفت
مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم
المتحدة فاليري آموس، خلال جلسة مغلقة
لمجلس الأمن، بأن المساعدات الإنسانية
لا تصل سوى إلى 12 في
المئة من المتواجدين "في
مناطق يصعب الوصول إليها"
في سوريا،
مضيفة إن المنظمات الإنسانية لا تصل سوى
إلى 15 في
المئة من الأماكن التي سجلت فيها احتياجات
في سوريا.
وطالبت
آموس مجدداً بأن تتمكن القوافل الإنسانية
من عبور خطوط الجبهة والحدود التركية
والأردنية، و"بضمانات
أمنية"،
لكن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان
دوغاريتش اعتبر أن "فرض
العبور أمر مستحيل في غياب قرار من مجلس
الأمن تحت الفصل السابع، أي يقضي بممارسة
ضغوط أو حتى استخدام القوة".
2نقلت
وكالة رويترز (٩ابريل
نيسان ٢٠١٤)
عن
نعيم قاسم قوله :
الخيار
واضح إما التفاهم مع الرئيس الاسد للوصول
إلى نتيجة أو إبقاء الأزمة مفتوحة مع
غلبة للرئيس الاسد في إدارة البلاد”.
3حسب
ما نقل على لسان
رئيس الحكومة الروسية السابق ستيباشين
بعد لقائه مع الأسد في ٧ ابريل ٢٠١٤
4كما
حذر الأخضر الإبراهيمي في آذار/
مارس
الماضي من أن إجراء الانتخابات الرئاسية
في سورية في ظل استمرار النزاع "سيضر
العملية السياسية ويعرقل احتمالات التوصل
إلى حل سياسي".
5ذكر
مسئولون أمريكيون (واشنطن
بوست ١ مايو ٢٠١٤)
أن
الجهد الذى دام لأشهر من أجل تفكيك برنامج
الأسلحة الكيماوية السورية توقف نظرا
لتمسك سوريا بـ27
طنا
من غاز السارين كمصدر لممارسة النفوذ مع
المجتمع الدولى حول مستقبل المنشآت
المستخدمة فى تخزين المواد الكيماوية
المميتة.
6قدمت
كل من فرنسا وبريطانيا مشروع قرار في
مجلس الأمن يطالب السلطات برفع الحصار
عن حمص وعن مدن أخرى في سوريا، لكن روسيا
عطلت القرار، الصحف (١٨
ابريل ٢٠١٤).
7نقلت
وكالة الأنباء الإيرانية "فارس"،
عن العميد قائد الطيران أمير علي حجي
زاده، قوله إن الرئيس السوري بشار الأسد
نجح في الانتصار على المعارضة المدعومة
من الخارج، ولا يزال في السلطة، لأن إيران
أرادت ذلك. وجاءكلام
المسؤول الايراني رداً على ما نُسب
لمستشارة الرئيس السوري للشؤون الاعلامية
بثينة شعبان ان “بعض المحطات الصديقة
أقدمت في الآونة الأخيرة على بث مقابلات
وتقارير توحي نوعاً ما بأن سوريا ودولتها
لم تكن لتصمد لولا دعم فلان وفلان من
الدول والأحزاب، وهذا أمر مرفوض.
تأتي
أهمية جبل شويحنة من جهة أنه أحد أهم
النقاط التي يستخدمها الجيش النظامي
لاستهداف القرى والبلدات المحيطة به في
ريف حلب الشمالي.
كما
أنه يمثِّل خطّ الدفاع الرئيس لبلدتي
نبل والزهراء، وهما بلدتان تقطنهما
أغلبية شيعية، وتُعَدَّان من المعاقل
العسكرية المهمة للنظام ولحزب الله
في الريف الحلبي.
وتضم
حركة حزم، والتي أسسها رئيس الأركان
السابق المقال كلا من:
«كتائب
فاروق الشمال»
و«الفرقة
التاسعة التابعة للقوات الخاصة»
و«اللواء
الأول مدرعات»
و«لواء
الإيمان بالله»
و«كتيبة
أبي الحارث»
و«كتيبة
أحرار السلمية»
و«كتيبة
الشهيد عبد الرحمن الشمالي»
و«كتيبة
الشهيد بكر بكار»
و«كتيبة
أحباب الرسول»
و«كتيبة
الشهيد حمزة زكريا»
و«كتيبة
الرشيد»
و«كتيبة
أبو أسعد النمر»،
إضافة إلى «لواء
أحباب الله»
و«كتيبة
الفاتح»
و«لواء
الستين»
و«كتيبة
عباد الرحمن»
و«كتيبة
الشهيد عبد الغفار حاميش»
و«كتيبة
فاروق الزعفرانة»
و«كتيبة
الشهيد عبد الله بكار»
و«كتيبة
شهداء الرستن»
و«كتيبة
الشهيد عمار طلاس فرزات»
و«سرايا
صوت الحق».
وتصنف
هذه الكتائب ضمن التنظيمات المعتدلة
البعيدة عن التطرف الديني.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire