حلم طهران ببسط سيطرتها على سورية من دون مواربة، وباعتراف العديد من مسؤوليها السياسيين والعسكريين، لن يقود ايران إلا إلى الخراب.
يعتقد قادة ايران أن بإمكانهم، من خلال تشديد الضغط على سورية وإطباق قبضتهم عليها، دفع الغرب إلى تقديم تنازلات أكبر لهم في مفاوضات الملف النووي. والحال إن هجومهم العدواني السافر في سورية يخيف الجميع. وبدل أن يدفع الغرب إلى مرونة أكثر يزيد من تشدده في المفاوضات. وهذا هو معنى إثارة موضوع الصواريخ التقليدية في الاجتماع الأخير في جنيف التي يمكن أن تدخل المفاوضات في مأزق.
ما لا تزال ايران عاجزة عن إدراكه هو أن المفاوضات لا تتعلق فقط بالسلاح النووي وإنما بمجمل السياسة الايرانية في المنطقة المحيطة بها والعالم. فهذه المفاوضات كما يقول محرر جريدة القدس عن حق سلّة متكاملة، "إمّا أن تؤخذ كلها كما هي أو تترك في أرضها. والمبدأ العام بسيط وواضح: لا يمكن إيران أن ترتاح فيما تسبب لغيرها الكثير من المشاكل والقلاقل. ولا يمكنها ادعاء المشاركة في نظام دولي مفتوح مالياً وتجارياً فيما تنخرط بوعي تام في قضايا أمنية خطيرة وعويصة وتبزّ أعقد الأحاجي (علاقاتها بالقاعدة واحدة منها!؟) ولا تستطيع السعي إلى إعادة التموضع خارج خانة الدول المارقة فيما مشروعها يسعى بدأب الى تخريب كل استقرار مجاور، ويهدد في أمكنة وينفّذ في أخرى!
توليفة جمع الانفتاح الاقتصادي والمالي مع الإقفال السياسي والأمني مشت في الصين، لكن إيران ليست الصين! مثال واحد في سياق المقارنة لا أكثر: حجم ديون دولة المليار و300 مليون نسمة للولايات المتحدة الأميركية يقارب الثلاثة آلاف مليار دولار في حين تنتظر إيران نتائج المفاوضات لتحرير أموالها المجمدة في أميركا منذ أيام الشاه، وحجمها دون الخمسين مليار دولار!
«تغيير السلوك» مبدأ واحد برغم تفاصيله المتعددة. الموضوع النووي أهم وأخطر تلك التفاصيل لكنه ليس وحيداً. والغريب هو أن توحي إيران أو تتصرف كأنها لا تعرف ذلك!
والاعتقاد بأن بإمكان طهران أن تحل مشكلتها النووية مع انتزاع اعتراف العالم بوصايتها على سورية بعد لبنان والعراق هو أكبر تجسيد لجنون العظمة الامبرطوري الذي يقبع في أساس الفساد السياسي والأخلاقي لحكومة الباسدران والحرس الثوري الذي أخذ ايران نفسها رهينة له.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire