برهان غليون لـ (آكي):
"أي حوار بين سورية والولايات المتحدة جزء من مناورة سياسية"
نص التصريح الذي نشرته وكالة آكي الايطالية
دمشق (7 تشرين ثاني/ نوفمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء:
باسل العودات
ـ أين ترى الموقف الفرنسي من كل هذا، وهل يمكن تهميش فرنسا أو (إرضائها) بجزء (ما) من الكعكة.
ج1
من المؤكد أن أحدا لا يثق بعد ما حصل بالآخر. النظام السوري لا يمكن أن يثق بالغرب، والغرب الأوروبي الأمريكي لا يثق بالنظام السوري، ولا يعتبره نظاما قابلا للاصلاح أو يمكن التعاون معه. لكن الجميع يجد نفسه في ورطة. الإدارة الأمريكية الجمهورية الحالية تعاني من ورطة التغريز في العراق، وتخضع لضغوط قوية من قبل الرأي العام والمعارضة الديمقراطية، وعليها أن تقدم حلولا محتملة لأزمتها في العراق، حتى لا تخسر الرأي العام في الانتخابات النصفية هذا الأسبوع ثم في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد سنتين. وليس لديها أي حل آخر سوى الاستمرار في خوض الحرب في العراق. وفي انتظار نتائج محتملة التلويح بإمكانية التوصل إلى تفاهم من خلال الحوار مع ايران وسورية وغيرها. لكن الهدف لن يتغير في نظري. ولن يكون هناك حوار جدي أو تغيير في الاستراتيجية. أما الحوار، حتى لو فتح له باب صغير، فهو للتغطية على تعزيز الجهود العسكرية وتنويم الخصوم.
وما يقال عن الإدارة الامريكية يقال عن إسرائيل التي تعيش نتائج هزيمتها العسكرية في جنوب لبنان، وتواجه بالمثل ضغوطا قوية داخل اسرائيل وخارجها للتعديل في سياستها العسكرية التدخلية. وهنا أيضا لن يكون هناك تغيير وإنما تلويح بمفاوضات مع سورية وغيرها في سبيل كسب الوقت وتمرير الظروف السياسية الحرجة.
ولا يختلف الأمر بالنسبة لأوروبة وفرنسا المنخرطة بشكل خاص في لبنان. فهي أيضا تحملت مخاطر كبيرة بإرسالها قواتها إلى هناك، ولا تريد أن تجد نفسها في موقف صعب، لكنها لا تستطيع أن تخرج من دون تحقيق مهماتها التي كلفتها بها القرارات الدولية.
وهو ما يسري على ايران وحليفتها الاستراتيجية اليوم سورية وحزب الله في لبنان أيضا. فهم جميعا لا مصلحة لهم في الدخول في مفاوضات أو التوصل إلى تسويات. ولا يعتقد أي منهم، وهو على حق، في ذلك أن هناك إمكانية للوصول إلى أهدافهم من خلالها.
باختصار كل ما يقال عن الحوار والمفاوضات هو جزء من المناورة السياسية الهدف منه عند جميع الأطراف التغطية على ضعف الموقف السياسي أو العسكري وكسب الوقت على طريق الإعداد لجولات أخرى من المواجهة أو لمواجهات حاسمة قادمة.
ـ هل تعتقد أن سورية (الآن) قادرة على تقديم مثل هذه الأثمان للولايات المتحدة (ضبط الوضع العراق، والسيطرة على الصراع الفلسطيني الداخلي).
ج2
لا تكمن المشلكة في أن سورية لا تستطيع أن تقدم ضمانات للولايات المتحدة أو لأوروبة في العراق ولبنان، فهي قادرة بالتأكيد على التخفيف من الضغوط على الأقل في ما يتعلق بالقوى المحلية التي تخضع لسيطرتها أو تتحالف معها. لكنها تكمن في أن سورية لن تفعل شيئا مثل هذا لأنه لم يعد لديها ما يمكن أن تراهن عليه في أوروبا وأمريكا، بعد قطع جسورها كاملة معهما ومع الدول العربية القريبة منها، مصر والسعودية بشكل خاص. وليس من مصلحة النظام العودة عن تحالفه مع ايران والاستقلال بمصيره عنه. فهذه هي اليوم ورقة الخلاص الوحيدة له، لأنها ورقة الضغط الحقيقية. وحتى لو قدم لها التحالف الغربي تنازلات هنا وهناك، سوف لن تترك سياستها الراهنة. وبدل أن ينفصل عن ايران من مصلحته، بالعكس، العمل على توتير العلاقات الايرانية الغربية والتصعيد في لبنان والعراق والمنطقة عموما حتى لا يبقى وحيدا في الساحة وتبقى الفوضى قائمة. فبقدر ما تزداد الفوضى في المنطقة يتعزز الاستقرار للنظام وتتضاءل مصلحة الغرب في تحويله إلى هدف مباشر أو رئيسي.
ـ هل ترى مثل تلك الصفقات أمر ممكن بعد أن خطت لجنة التحقيق خطوات متقدمة في عملها.
ج3
لا توجد لفرنسا اليوم سياسة مستقلة عن أوروبة والتحالف الأمريكي الاوروبي عموما. قد يختلف الأسلوب وطريقة التخريج، لكن لا يمكن أن تختلف الاهداف ولا الاستراتيجية. ولو كان هناك ما يمكن أن يشبه ذلك لنجحت أوروبة في بلورة استراتيجية وسياسة مختلفة في الشرق الأوسط يعد إخفاق الاستراتيجية الأمريكية.
بهذا المعنى غير مطروح اليوم من قبل احد تهميش فرنسا ولا فصلها عن أمريكا وأوروبة، وبالتالي إرضائها بجزء من الكعكة. فرنسا شريكة اليوم في جنوب لبنان في الاستراتيجية الغربية نفسها، ومورطة فيها وانسحابها منها يعني خسارة فادحة لها. إذ لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تغير تحالفاتها الاستراتيجية كل ما واجهت المجموعة المتحالفة مصاعب أو تحديات استثنائية. مثل هذا العمل يفقدها الصدقية ويضع اختياراتها الاستراتيجية كلها موضع ا لشك وانعدام الثقة. هذا يحصل عندنا لأنه لا يوجد هناك لا صدقية للنظم ولا مساءلة ولا رأي عام. بحيث يستطيع الحاكم أن يقفز من حبل إلى آخر من دون أن يضطر إلى تفسير حركته او تبريرها ومن دون نتائج تذكر على صدقيته، ذلك أنه في الأساس ليس هناك لا استراتيجية ولا سياسة ولكن مناورات فارغة هدفها الحفاظ على النظام وليس تكريس مصالح وطنية. بل إنه لا يوجد هناك تعريف لهذه المصالح أصلا، فهي ملحقة كليا بمصالح حماية النظام. الوضع مختلف تماما عن ذلك في الدول الكبرى. هناك مصالح وطنية عليا وبالتالي استراتيجيات ثابتة وطويلة المدى، مرتبطة بحسابات دولية وإقليمية ووطنية، تتجاوز كثيرا حسابات النظام أو مصالح الحفاظ على سلطة الحزب الحاكم أو استمرار حكومته.
"أي حوار بين سورية والولايات المتحدة جزء من مناورة سياسية"
نص التصريح الذي نشرته وكالة آكي الايطالية
دمشق (7 تشرين ثاني/ نوفمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء:
باسل العودات
ـ أين ترى الموقف الفرنسي من كل هذا، وهل يمكن تهميش فرنسا أو (إرضائها) بجزء (ما) من الكعكة.
ج1
من المؤكد أن أحدا لا يثق بعد ما حصل بالآخر. النظام السوري لا يمكن أن يثق بالغرب، والغرب الأوروبي الأمريكي لا يثق بالنظام السوري، ولا يعتبره نظاما قابلا للاصلاح أو يمكن التعاون معه. لكن الجميع يجد نفسه في ورطة. الإدارة الأمريكية الجمهورية الحالية تعاني من ورطة التغريز في العراق، وتخضع لضغوط قوية من قبل الرأي العام والمعارضة الديمقراطية، وعليها أن تقدم حلولا محتملة لأزمتها في العراق، حتى لا تخسر الرأي العام في الانتخابات النصفية هذا الأسبوع ثم في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد سنتين. وليس لديها أي حل آخر سوى الاستمرار في خوض الحرب في العراق. وفي انتظار نتائج محتملة التلويح بإمكانية التوصل إلى تفاهم من خلال الحوار مع ايران وسورية وغيرها. لكن الهدف لن يتغير في نظري. ولن يكون هناك حوار جدي أو تغيير في الاستراتيجية. أما الحوار، حتى لو فتح له باب صغير، فهو للتغطية على تعزيز الجهود العسكرية وتنويم الخصوم.
وما يقال عن الإدارة الامريكية يقال عن إسرائيل التي تعيش نتائج هزيمتها العسكرية في جنوب لبنان، وتواجه بالمثل ضغوطا قوية داخل اسرائيل وخارجها للتعديل في سياستها العسكرية التدخلية. وهنا أيضا لن يكون هناك تغيير وإنما تلويح بمفاوضات مع سورية وغيرها في سبيل كسب الوقت وتمرير الظروف السياسية الحرجة.
ولا يختلف الأمر بالنسبة لأوروبة وفرنسا المنخرطة بشكل خاص في لبنان. فهي أيضا تحملت مخاطر كبيرة بإرسالها قواتها إلى هناك، ولا تريد أن تجد نفسها في موقف صعب، لكنها لا تستطيع أن تخرج من دون تحقيق مهماتها التي كلفتها بها القرارات الدولية.
وهو ما يسري على ايران وحليفتها الاستراتيجية اليوم سورية وحزب الله في لبنان أيضا. فهم جميعا لا مصلحة لهم في الدخول في مفاوضات أو التوصل إلى تسويات. ولا يعتقد أي منهم، وهو على حق، في ذلك أن هناك إمكانية للوصول إلى أهدافهم من خلالها.
باختصار كل ما يقال عن الحوار والمفاوضات هو جزء من المناورة السياسية الهدف منه عند جميع الأطراف التغطية على ضعف الموقف السياسي أو العسكري وكسب الوقت على طريق الإعداد لجولات أخرى من المواجهة أو لمواجهات حاسمة قادمة.
ـ هل تعتقد أن سورية (الآن) قادرة على تقديم مثل هذه الأثمان للولايات المتحدة (ضبط الوضع العراق، والسيطرة على الصراع الفلسطيني الداخلي).
ج2
لا تكمن المشلكة في أن سورية لا تستطيع أن تقدم ضمانات للولايات المتحدة أو لأوروبة في العراق ولبنان، فهي قادرة بالتأكيد على التخفيف من الضغوط على الأقل في ما يتعلق بالقوى المحلية التي تخضع لسيطرتها أو تتحالف معها. لكنها تكمن في أن سورية لن تفعل شيئا مثل هذا لأنه لم يعد لديها ما يمكن أن تراهن عليه في أوروبا وأمريكا، بعد قطع جسورها كاملة معهما ومع الدول العربية القريبة منها، مصر والسعودية بشكل خاص. وليس من مصلحة النظام العودة عن تحالفه مع ايران والاستقلال بمصيره عنه. فهذه هي اليوم ورقة الخلاص الوحيدة له، لأنها ورقة الضغط الحقيقية. وحتى لو قدم لها التحالف الغربي تنازلات هنا وهناك، سوف لن تترك سياستها الراهنة. وبدل أن ينفصل عن ايران من مصلحته، بالعكس، العمل على توتير العلاقات الايرانية الغربية والتصعيد في لبنان والعراق والمنطقة عموما حتى لا يبقى وحيدا في الساحة وتبقى الفوضى قائمة. فبقدر ما تزداد الفوضى في المنطقة يتعزز الاستقرار للنظام وتتضاءل مصلحة الغرب في تحويله إلى هدف مباشر أو رئيسي.
ـ هل ترى مثل تلك الصفقات أمر ممكن بعد أن خطت لجنة التحقيق خطوات متقدمة في عملها.
ج3
لا توجد لفرنسا اليوم سياسة مستقلة عن أوروبة والتحالف الأمريكي الاوروبي عموما. قد يختلف الأسلوب وطريقة التخريج، لكن لا يمكن أن تختلف الاهداف ولا الاستراتيجية. ولو كان هناك ما يمكن أن يشبه ذلك لنجحت أوروبة في بلورة استراتيجية وسياسة مختلفة في الشرق الأوسط يعد إخفاق الاستراتيجية الأمريكية.
بهذا المعنى غير مطروح اليوم من قبل احد تهميش فرنسا ولا فصلها عن أمريكا وأوروبة، وبالتالي إرضائها بجزء من الكعكة. فرنسا شريكة اليوم في جنوب لبنان في الاستراتيجية الغربية نفسها، ومورطة فيها وانسحابها منها يعني خسارة فادحة لها. إذ لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تغير تحالفاتها الاستراتيجية كل ما واجهت المجموعة المتحالفة مصاعب أو تحديات استثنائية. مثل هذا العمل يفقدها الصدقية ويضع اختياراتها الاستراتيجية كلها موضع ا لشك وانعدام الثقة. هذا يحصل عندنا لأنه لا يوجد هناك لا صدقية للنظم ولا مساءلة ولا رأي عام. بحيث يستطيع الحاكم أن يقفز من حبل إلى آخر من دون أن يضطر إلى تفسير حركته او تبريرها ومن دون نتائج تذكر على صدقيته، ذلك أنه في الأساس ليس هناك لا استراتيجية ولا سياسة ولكن مناورات فارغة هدفها الحفاظ على النظام وليس تكريس مصالح وطنية. بل إنه لا يوجد هناك تعريف لهذه المصالح أصلا، فهي ملحقة كليا بمصالح حماية النظام. الوضع مختلف تماما عن ذلك في الدول الكبرى. هناك مصالح وطنية عليا وبالتالي استراتيجيات ثابتة وطويلة المدى، مرتبطة بحسابات دولية وإقليمية ووطنية، تتجاوز كثيرا حسابات النظام أو مصالح الحفاظ على سلطة الحزب الحاكم أو استمرار حكومته.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire