خمسة مهام امستعجلة امام الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
١- في سياق الربيع العربي الذي اودى بحياة العديد من النظم العربية الاستبدادية، فجر الشعب السوري اكبر ثورة للحرية والكرامة وحقوق المواطنة في تاريخه الحديث، بدأت من دمشق وانتقلت إلى درعا قبل ان تنتشر على كامل التراب الوطني. وبالرغم من القمع الاستثنائي الذي تعرضت له منذ ساعاتها الأولى، استطاعت الثورة أن تتوسع وتستمر. ويرجع الفضل في ذلك إلى الشجاعة ا
لاستثنائية للشباب السوريين وما أظهروه من روح التضحية والبطولة ونكران الذات ومن التضامن والتكافل الاجتماعيين. وقد برهن الشعب السوري بهذه المناسبة على أن إرادة الحياة عنده لا تنفصل عن إرادة الحرية، وأنه شعب ابي لا يقبل الذل، وهو مستعد لتقديم أكبر التضحيات من أجل الوصول إلى أهدافه النبيلة.
بهذه الروح البطولية التي ميزت كفاح الشعب السوري خلال الأشهر الطويلة الماضية امكن للسوريين تحقيق منجزات كبيرة وأساسية غيرت وجه التاريخ وأدخلت سورية في عصر جديد يشكل قطيعة كاملة مع ماضي الديكتاتورية البغيض. ومن أول هذه المنجزات واهمها فرط عقد النظام من حيث هو نظام سياسي وتقويض اسس شرعيته في الداخل والخارج والكشف عن حقيقته العارية بوصفه آلة قتل وعدوان في يد طغمة غريبة عن الشعب متخلفة وضالة. ولم يبق فيه من معنى السياسة أو الحكم شيئا. وبالرغم من استمراره في معاندة التاريخ ومقاومة مصيره، فإن زواله لم يعد إلا مسألة وقت. وليس هناك من يقبل اليوم، بالرغم من كل التضحيات التي بذلت والتي ستبذل، بأن يستمر مثل هذا النظام الذي عاش على حساب كرامة السوريين وحرياتهم وحقوقهم، نظام الجريمة المنظمة الذي تآمر على الشعب السوري مع جميع القوى الطامعة في تحويل سورية إلى أداة أو ذراع لخدمة مصالحها الخاصة على حساب مصالح الشعب السوري وضدها. ومهما حصل، لن يستطيع أحد بعد الآن أن يعيد تحويل سورية إلى مزرعة خاصة كما كانت ولا أن يعامل الشعب السوري معاملة العبيد. إن نهاية النظام قبل أن تتجسد في اختفاء سلطة الأسد ورموزها، اصبحت محفورة اليوم في جسد السوريين وأرواحهم، بمقدار ما عملت الثورة على تحرير الفرد وفضح آلاعيب نظام الاستبداد وكذبه وخداعه وأساليب تآمره على حريات الناس وحقوقهم.
٢- بيد أن هذه الانجازات التي قوضت أركان النظام ونسفت أسس شرعيته في الداخل والخارج لا ينبغي ان تخفي ان الثورة لا تزال لم تحقق الهدف الرئيسي والأول لها وهو الاطاحة الكاملة بالنظام ووضع نظام ديمقراطي جديد مكانه. ولا يزال الشعب السوري ينتظر بعد عشرين شهرا من الصراع الدامي والتضحيات اللامحدودة بالأرواح والممتلكات، وضع حد لعملية القتل المنظم والمجازر الجماعية وتحطيم آلة القتل اليومي من ميليشيات وأجهزة أرهابية أمنية وجيش احتلال.
يرجع ذلك إلى عوامل متعددة منها الذاتي الذي يتعلق بسياسة المعارضة وبالمجلس الوطني عموما ومنها الموضوعية المتعلقة بالوضع الدولي وسياسة الدول الرئيسية المعنية بالوضع السوري ويرتب مسؤوليات ومهام جديدة على المعارضة وقوى الثورة السورية المختلفة.
واجهت الثورة تحديا كبيرا عندما قررت السلطة الحاكمة الانتقال إلى سياسة الحرب المعلنة، وبدأت باستخدام الأسلحة الثقيلة وتطبيق سياسة الاحتلال للمدن والقرى وتصفية قوى الثورة المدنية والتعامل معها بوصفها منظمات إرهابية. وكان على الثورة أن تبذل جهودا جبارة من أجل التكيف مع الوضع الجديد، سواء من حيث التنظيم أو من حيث الحصول على العتاد اللازم للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من القتل المنظم اليومي لمئات السوريين.
ومنذ اللحظة التي دخل فيها النظام منطق الحسم بالقوة لم يعرف سوى الهرب إلى الأمام، أي استخدام المزيد من العنف، من أجل حماية مواقعه أو وقف زحف الشعب على مواقعه. واستمر منطق تصعيد العنف بموازاة تصعيد الشعب مقاومته حتى وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم،: مئات القتلى والجرحى بالقصف الجوي والمدفعي، وتدمير المدن، وتهديم المنازل وتهجير السكان جماعيا لعزل الثوار عن حاضنتهم الشعبية، أي إلى كارثة إنسانية ووطنية لم يشهدها شعب من قبل، مع وجود ملايين متزايدة من النازحين والمهجرين ومعظم المدن والبلدات المدمرة مع عشرات الوف الشهداء والجرحى والمعاقين وتهديم كل شروط الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
في مواجهة هذا التصعيد المتواصل في العنف والتدهور الماساوي في الوضع السوري الناجم عنه، بقيت إجابتنا جميعا، على مستوى المعارضة السورية، والأصدقاء الدوليين، والمجتمع الدولي بمنظماته المختلفة، وأولها مجلس الأمن، تحت المستوى المطلوب وأقل بكثير مما يتطلبه الرد على التحدي. وقد وجهت هذه الردود الضعيفة التي صدرت عنا رسالة سلبية للنظام مفادها أن بإمكانه التصعيد إلى لا نهاية في العنف من دون أن يناله العقاب، وأن من الممكن له، باستخدام أقسى الوسائل وأدنأها، والاستفادة من الوقت المفتوح من دون نهاية، تحقيق انتصارات حاسمة على المقاومة إن لم يكن على الثورة، وأن يستعيد بالتالي السيطرة على الوضع من جديد.
وعلى الصعيد الدولي شلت عودة روح الحرب الباردة بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية، والتي لم تهجر الشرق الأوسط ابدا، اي مبادرة دولية جدية لوضع حد للعنف، بل حتى لاتخاذ قرارات تشكل ضغطا قويا على النظام. وهو ماشجع الحاكمين في دمشق على الاستهتار بالرأي العام الوطني والعربي والدولي ومتابعة سياسة الانكار والحرب بأمل الخروج من الأزمة من دون مساس بالنظام. وبالمثل، لم تنجح مجموعة أصدقاء سورية في تجاوز ترددها واتخاذ القرارات التي فشل مجلس الأمن في اتخاذها، وأدى بها سوء تقديرها للموقف الروسي والصيني إلى استمرار المراهنة لفترة طويلة على تحقيق خرق ممكن على جبهة الحل السياسي وعلى امكانية فتح الحوار بين المعارضة والسلطة من اجل التوصل بسرعة إلى تسوية توفر على البلاد المزيد من الضحايا والخراب. ودفعها ذلك إلى معارضة تسليح الثورة إلى فترة طويلة بينما كان النظام لا يكف عن تعزيز ترسانته العسكرية وتجهيزاته الحربية مستعينا بالخبراء الروس والايرانيين. وقد حرم هذا الموقف المقاومة السورية التي نشأت على هامش الثورة من الوسائل الضرورية لمواجهة التصعيد المستمر في العنف من قبل النظام وفرض توازنا واقعا يقضي بتعليق سقوط النظام على تحقيق اجندات قومية أو إقليمية خاصة لا علاقة مباشرة لها بأجندة التحول الديمقراطي التي تشكل اليوم القضية المركزية للشعب السوري.
وقد كان لهذه المواقف الدولية أثرها البالغ على مسيرة الثورة ودخولها في ما نشهده اليوم من مواجهة عسكرية شاملة وما يرافقها من ارتفاع لا يصدق في عدد الضحايا وعمليات التدمير الممنهج للمدن والأحياء. فقد ادى تردد المجتمع الدولي وأصدقاء سورية في تقديم يد العون للثوار السوريين إلى إعطاء فرصة للنظام لاستعادة أنفاسه عن طريق إدخال الأسلحة الثقيلة في القتال، بما فيها المروحيات والطيران الحربي، وتشديد الضغط على المقاومة المدنية التي كانت ولا تزال تجد صعوبات كبيرة في تأمين الحد الأدنى من السلاح الذي يمكنها من الدفاع عن نفسها ومواقعها. كما كان لهذا الموقف أثره السلبي على عملية توحيد المعارضة وعلى مصداقية ودور المجلس الوطني السوري الذي رافق الثورة منذ شهرها السابع وعبر عن مطالبها ونسق علاقاتها على الصعيد الدولي، وضمن الاعتراف العالمي بها، كثورة شعبية ديمقراطية مدنية. فقد دفع الفشل المستمر في اتخاذ قرار لحماية الشعب السوري في مجلس الأمن والتردد الذي اظهره تجمع أصدقاء سورية إلى تعميق الاحباط في الداخل. كما شجع النظام الذي زادت ثقته بأنه لن يواجه اي رد دولي حاسم على الايغال اكثر في العنف واستخدام الأسلحة الثقيلة وإعلان الحرب بشكل رسمي على الثورة التي أصبح لا يرى فيها إلا منظمات إرهابية وتدخلا أجنبيا بينما لا يخفي حلفاءه من الروس والايرانيين دعمه بجميع الوسائل للبقاء في الحكم.
٣- لكن جزءا كبيرا من المسؤولية في عدم بلورة الردود الناجعة على التحديات التي واجهتها الثورة يرجع أيضا لضعف القيادة السياسية وغياب القيادة الموحدة التي تستطيع أن تنسق في الداخل والخارج وتصوغ الاستراتيجيات والخطط الكفيلة بمواجهة التحديات الجديدة أو المتزايدة.
فقد تشكل المجلس الوطني بهدف توحيد المعارضة وتكوين إطار وطني جامع يمثل الثورة ويقودها. وقد ضم عند تكوينه أبرز القوى السياسية السورية المعروفة التي وقفت إلى جانب الثورة. وأدى الاعتراف الدولي به بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري، وإن لم يكن الوحيد، إلى ترشيحه ليصبح قيادة معترف بها في الداخل والخارج للثورة. وشكلت ولادته أملا كبيرا للشعب الثائر بوصفه وسيلة لتوحيد جهود كل الثوريين، وتمثيلهم على الصعيد الدولي، وتنسيق علاقات الثورة الخارجية، وفتح المجال أمام اعتراف العالم والرأي العام الدولي بالثورة وقضيتها العادلة، وفي الوقت نفسه عزل النظام القائم، وتوجيه ضربات قاسية له والقضاء على شرعيته الخارجية بعد أن فقد شرعيته في عيون الشعب السوري.
لكن التعثر الذي واجهه سواء في تأمين الدعم الضروري للثوار أو في ضم اطياف المعارضة وقوى الثورة المتجددة إلى صفوفه، حال دون هذا الاعتراف. وجاءت سياسات النظام الدموية غير المسبوقة وما قادت إليه من انتقال تدريجي للثورة من مرحلة الاحتجاجات السلمية إلى المقاومة المسلحة لتزيد من التمايز داخل صفوف المعارضة، وتعميق التنافس والنزاع بين قياداتها المختلفة. وقد أثر ذلك على نفوذ المجلس وصدقيته في الداخل والخارج، وسمح للدول، المترددة أصلا في تقديم الدعم للثورة، بالهرب من مسؤولياتها أو بتبرير التردد بحجة غياب القيادة الموحدة.
وقد كان لفشل المعارضة السورية في التوحد وتجاوز ارث الثقافة الاستبدادية التي خلفها لها النظام الهالك وبالتالي في تلبية حاجات الثورة على الصعيد السياسي والاعلامي، وبشكل أكبر على صعيد التجهيز والامداد اللازمين لتطوير عمل الجيش الحر والمقاومة، وكذلك على صعيد تنظيم المجتمع المدني وتقديم الإغاثة الضرورية لسد النقص الناجم عند تدمير النظام شروط الحياة الطبيعية للسكان، اثر كبير على تطور الثورة وتشتت رؤية العاملين فيها وانقسامهم وتنامي التدخلالت الخارجية ودخول قوى هامشبة وطفيلية على خط الثورة واحيانا ضياع الهدف الرئيسي لهذه الثورة عند بعض المجموعات والأشخاص. وهذا ما يعكسه وضع القوى الثورية الراهن المدنية منها والعسكرية من غياب القيادة الموحدة والخطط المشتركة والتنظيم الواسع والانضباط المرتبط به.
٤- يرتب هذا الوضع وما يتطلبه من معالجة تطلق من جديد دينامكية التحولات السريعة للقضاء على النظام وبدء المرحلة الانتقالية تطبيق برنامج عمل مرحلي من قبل جميع قوى المعارضة والثورة يهدف إلى تحقيق خمس أهداف رئيسية مستعجلة:
الأول ايجاد قيادة سياسية موحدة قادرة على التنسيق بين قوى المعارضة والثورة وتفعيل العمل المشترك المنظم وتدريب الكوادر وتحسين آليات اتخاذ القرار لتكون أكثر قدرة على الاستجابة لمتطلبات تقدم الثورة وانتصارها. وكان مشروع إعادة الهيكلة الذي طرحناه على المجلس الوطني وبما تضمنه من عملية توسيع قاعدة المشاركة في المجلس واستبدال قاعدة انتخاب القيادات على مستوى الأمانة والمكتب التنفيذي بقاعدة التوافق التي بني عليها في صيغته الأولى، خطوة أولى في هذا الطريق. لكنها لم تكن كافية بالتأكيد لأن المجلس، حتى لو نجح في الخروج من أزمته الطويلة وجدد بعض قياداته، لن يستطيع، بعد التلكؤ الطويل والتردد في تحقيق المهمة العاجلة، ورفض التحول إلى إطار وطني سياسي مفتوح لجميع قوى الثورة، من قبل المشاركين الرئيسيين في تأسيسه قد حكم على نفسه للأسف بأن يبقى ائتلافا بين مجموعة من القوى التي يجمعها سقف سياسي واحد، وبالتالي إلى غطاء لمجموعة القوى التي يمثلها لا تستطيع لوحدها أن تشكل قيادة موحدة ولا أن تملأ الفراغ السياسي القائم.
إن شروط نجاح هيئة ما في التحول إلى مقر قيادة سياسية للثورة والشعب لا تزال نفسها: نيل الشرعية المرتبطة بالانجاز والوحدة. ولا انجاز من دون وحدة في الرؤية والاستراتيجية والمواقف، ومن دون توحيد جميع قوى الثورة السلمية والعسكرية، والتقريب بين جميع الأطراف، والأخذ بالاعتبار لمصالح جميع فئات الشعب السوري ايضا، الثائرة بالتأكيد، لكن غير الثائرة أو التي بقيت على هامش الثورة أو خارجها أيضا. فجميع هؤلاء سوريون، والثورة ليست للثورا فحسب ولكنها للسورييين، أي بهدف بناء سورية وطنا للجميع، ودولة ديمقراطية مدنية تعددية تساوي بين مواطنيها بصرف النظر عن أي تصنيف. وبالمثل، لا توجد قدرة على ضمان وحدة جميع ابناء الشعب، ولا على توحيد جهود قوى الثورة واطرافها، من دون رؤية سياسية صائبة واستراتيجية عملية تفتح افق الانجاز وتضمن تراكم المكتسبات على طريق القضاء على ألة القتل الهمجي وتحقيق الانتصار المؤزر على وحش السلطة الطائفية المدمر البغيض.
وهذا ما يمكن الهيئة الطامحة إلى القيادة من أن تصبح مرجعية وطنية تسهر على وحدة الوطن والشعب واستقلال القرار الوطني وعلى ضمان الاستقرار وخلق الثقة بترفع أعضائها على التنافس السياسي ووضعها نفسها على مسافة واحدة من جميع الأطراف الشعبية وتمسكها الوحيد بالاجندة الوطنية العامة وصياغتها لها مقابل الاجندات الخاصة التي ستفرزها القوى السياسية والاجتماعية المختلفة والمتعددة. كما يتطلب سهر اللجنة على ضمان التوافق الوطني ووحدة الشعب والوطن وتجنب التوترات والانقسامات أو تجاوزه
وهذا ما ينبغي أن تلتزم به وتسعى إلى تحقيقه تشكيلة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الذي ولد في الثامن من هذا الشهر في العاصمة القطرية بهدف ايجاد صيغة مناسبة لتوحيد الجهد والمواقف وبناء إطار للتفاعل والتواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة لتحسين آلية اتخاذ القرار.
الهدف الثاني لبرنامج العمل الثوري المرحلي الراهن هو تشكيل قيادة عسكرية موحدة قادرة على الإسراع في توحيد الكتائب المشتتة في ألوية واحدة وتدعيم المجالس العسكرية والثورية العسكرية، وتنظيم عملها، ودمجها في بنية عسكرية منظمة ومنضبطة، وإدماج المنشقين من الجيش خاصة الضباط الكبار في هذه المجالس، للارتقاء بأداء الثوار وخلق الشروط الكفيلة بإنشاء قوة قادرة على تحرير البلاد بأسرع وقت من سلطة الاحتلال العائلية والمافيوية. ومن المنتظر أن يؤدي مثل هذا التطور إلى تأمين انخراط أكبر للدول الصديقة في معركة التحرير السورية وتقديم دعم أفضل لوجستي وعسكري، للجيش الحر، وتوفير ما يحتاجه لتحقيق الانتصار على ما تبقى من ميليشيات النظام الدموية. ولا يمكن بناء هيكلية موحدة لكتائب الجيش الحر من دون مركزة القرار سواء في ما يتعلق بالخطط العسكرية أو بالاستراتيجيات المتبعة أو بسياسة الامداد بالمال والسلاح. ومن الضروري أيضا لضمان مستقبل البلاد ان يظل تحقيق هذا الهدف بأيدي سورية حتى يكون له الأثر الذي نريده في ما يتعلق بتعزيز شروط بروز القيادة السياسية الموحدة.
فمن دون العمل على توحيد المصادر التي تغذي كتائب الجيش الحر والمقاومة، وتوحيد معايير التمويل والتسليح نحن نخاطر بالسماح بتحول الكثير من الكتائب إلى ميليشيات خاصة تخضع لإرادة مموليها، وفي وضع تزداد فيه شروط الحياة قساوة سيزيد احتمال تحول هذه الميليشيات إلى مشاريع خاصة. وهذا يتطلب ان تتوجه جميع التبرعات المالية والعينية الى قيادة سياسية سورية هي التي تتكفل بتوزيعها على الكتائب.
الثالث إعادة بناء شبكة العلاقات الدولية للثورة بما يمكننا من استعادة روح المبادرة والهجوم على الصعيد الدولي وتفعيل الوعود والقرارات الأممية السابقة التي لم نتابع تطبيقها. وهذا يتطلب تشكيل فريق مختص وتنظيم حملة علاقات دولية كبيرة وواسعة يشارك فيها رجال سياسة وقانونيون وحقوقويون وإعلاميون ومثقفون لتعقب النظام وتصفية ما تبقى له من نفوذ تمثيلي أو سياسي في المحافل الدولية وكسب الرأي العام إلى جانب القضية السورية. يساعد على تحقيق ذلك أن الدول الصديقة اصبحت أكثر إدراكا لطبيعة المخاطر التي يمثلها التردد وإضاعة الوقت، سواء من خلال تغذية أوهام النظام وحماته في إمكانية محاصرة الثورة وإضعافها وتمديد الصراع إلى امد غير منظور أو من خلال إعطاء فرص أكبر لتنامي قوى التطرف الداخلية والمتسللة إلى البلاد على ضوء الانفلات الأمني المتزايد بموازاة فقدان النظام سيطرته على المعابر الدولية ومناطق واسعة من البلاد.
والرابع تشكيل جهاز تنفيذي أو سلطة إدارية حكومية مؤقتة تقوم بشؤون إدارة الدولة خلال المرحلة الراهنة حتى سقوط النظام وتحل محل الحكومة اللاشرعية في جميع المحافل والمؤسسات الدولية من استلام السفارات وتعيين ممثلي الشعب السوري في الخارج والسهر على تنظيم شؤون الإدارة المحلية في الداخل في المناطق المحررة وشبه المحررة وحيثما يكون ذلك ممكنا. ومن مهام هذه الحكومة أيضا أن تشكل بديلا جاهزا لاستلام مؤسسات الدولة وتسييرها حال سقوط النظام، وأن تقضي على مخاطر انتشار الفوضى في الساعات الأولى من انهيار الوضع الراهن، وتساهم في تطمين المجتمع الدولي على مرحلة مابعد السقوط وتؤمن الغطاء السياسي الضروري على الصعيد الدولي لاقصاء ممثلي النظام في الدول والمنظمات الدولية والحلول محله، وتمثل منذ الآن الدولة السورية الجديدة وسياسدتها ووحدتها واستقلالها. الشعب السوري.
والخامس وضع نظام فعال للإغاثة يشمل آليات جمع المساعدات وتوزيعها على جميع المناطق وضبط هذه الآليات والتحقق من فعالية شبكات التوزيع ومحاربة الفساد المرتبط بهذا التوزيع.
مع تطبيق هذا البرنامج سوف تشهد الثورة تسارعا كبيرا في وتيرة التقدم في الاشهر القليلة القادمة، على طريق النصر الذي نأمل جميعا بأن يكون قريبا وكاملا.
٥- تبقى مسألة القيادة الموحدة للثورة والمعارضة هي التحدي الأكبر الذي يواجهنا اليوم لتحقيق المزيد من التقدم والانجاز. ففي غياب قيادة سياسية مشتركة أو موحدة تملك رؤية نظرية وعملية واضحة وتحظى باجماع الناس وقبولهم، وبالتالي تملك نفوذا كبيرا عليهم لتوجيه خطاهم ونيل تعاونهم وضمان وحدتهم تبقى جميع المؤسسات والهيئات شكلية وغير مثيرة للولاء والالتزام. وهذا يعني ان على الرجال الذين يجدون أنفسهم في مواقع القيادة ويحتلون مناصب المسؤولية في أي موقع كان أن يتمتعوا بالكفاءة وأن يكون لديهم شعور عميق بالمسؤولية تجاه شعبهم ومقدرة على التجرد عن اي مصلحة خاصة أو شخصية، بما في ذلك دعم طرف سياسي أو اجتماعي أو مذهبي ضد آخر. وأن يتحلوا بالنزاهة والعدالة والاستقلال، وبالمقدرة على التعاون والعمل سويا في كل الظروف ومهما كان الحال كمجموعة متحدة ومتضامنة وضامنة لمصالح الوطن والشعب العليا، وأن يلتزموا بتطبيق العهد الوطني الذي قبلت به جميع اطياف المعارضة، وباحترام حقوق السوريين المتساوية جميعا والدفاع عنها في كل الظروف.
وفي النهاية، مهما كان الحال، سيظهر الشعب السوري، في الوقت المناسب واللحظة الحاسمة، كما أظهر خلال الأشهر العشرين السابقة، أنه شعب عظيم وخلاق، قادر على تجاوز نفسه والارتفاع إلى مستوى المسؤولية الوطنية والأخلاقية والانسانية، ووضع كل الخلافات والحزازات والمخاوف والاحقاد جانبا من أجل بناء الوطن الذي حلم به لعقود، وطن الحرية وكرامة الانسان والفرد ووطن العدالة والأخوة والمساواة. وسوف ينتصر عنده لا محالة كل ما هو نقيض لنظام الموت والخراب الهالك: العقل على الجنون، والوعي على الجهل، والمحبة على البغضاء، والتضامن على الانانية، والتسامح على الانتقام. هذا هو الشعب السوري وهذه هي ثقافة سورية التاريخية. وهي أيضا وسوف تبقى ثقافة سورية المستقبل ومضمون هويتها الواحدة المتعددة معا.
1 commentaire:
شكراّ ع الموضوع :)
Enregistrer un commentaire