الوطن30 ديسمبر 06
بدأت في هونغ كونغ منذ الخامس عشر من الشهر الجاري أعمال المؤتمر الوزاري السادس لمنظمة التجارة الدولية بحضور ممثلين عن 149 دولة عضو من بينها 11 دولة عربية. ومن الواضح، كما ذكر جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد العام 2001 ومؤلف كتاب «تجارة عادلة للجميع»، «ان الدول النامية، والدول العربية من بينها، ليست في موقع جيد لعقد صفقة تجارية رابحة مع الدول الكبرى الصناعية». فلا يمكن للمفاوضات التعددية المستمرة منذ سنوات طويلة أن تخفي واقع أن خريطة توزيع القوة والقرار في حقل العلاقات الدولية تعمل لصالح الدول الصناعية الكبرى وتحرم البلدان والمجتمعات الصغيرة من أي قدرة على التأثير على صوغ برنامج العولمة الراهنة. وبالرغم من أن سيطرة الدول الصناعية الرئيسية على المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة التجارة العالمية، ناهيك عن الأمم المتحدة، لم تعد سيطرة مطلقة، وهي في سبيلها إلى التراجع، إلا أن ترهل الكتل الدولية التقليدية التي كانت تعبر عن مصالح الدول النامية، كحركة باندونغ وعدم الانحياز ومجموعة 77، والوحدة العربية والوحدة الأفريقية وغيرها من التجمعات الإقليمية، بالاضافة إلى تشتت رأي البلدان الصغيرة وحاجتها الماسة إلى معونات الدول الأخرى، تمنع المجتمعات الفقيرة من بلورة استراتيجية عولمية بديلة عن الاستراتيجية الليبرالية السائدة التي تستجيب لمصالح الدول الصناعية الرئيسية. وغياب مثل هذه التكتلات العالمية الكبرى المجسدة لمصالح المجتمعات الفقيرة والقادرة على بلورة أجندة عولمية بديلة هو الذي يحكم على مفاوضات منظمة التجارة العالمية بالفشل في التوصل إلى حلول جديدة وتمديد العمل بالصيغ التقليدية التي تفتح أسواق الدول الكبرى على مصراعيها أمام انتقال الرساميل والخبرات والعقول المبدعة والبضائع والخدمات التجارية وتغلقها أمام انتقال اليد العاملة والمنتجات الصناعية والزراعية للدول النامية.
لكن ليست السياسات الانتقائية في مجال فتح الأسواق وبناء السوق العالمية هي التحدي الوحيد الذي يواجهه الدول النامية في المفاوضات الدولية التي تسيطر عليها الأجندة الليبرالية. فلا يقل تحديا عن ذلك الرؤية المبتورة لعملية بناء هذه السوق نفسها والتي تفصل مسألة تحرير التجارة العالمية عن أي مسألة اجتماعية وسياسية وثقافية من منظور أسبقية المنطق الاقتصادي في إعادة تنظيم العلاقات الدولية، وقدرته على تحقيق الانسجام الطبيعي والتلقائي بين مصالح الجماعات والشعوب. وهو ما يتجلى في المطالبة بتعميم سياسات التخصيص والاصلاحات الهيكلية التي تتوافق وجذب الاستثمارات وتنشيط حركة التجارة الدولية. والواقع أن السياسة والمجتمع هما في قلب برنامج العولمة وتحرير التجارة وتأكيد أولوية الاصلاحات الاقتصادية الهيكلية. فلا تنطوي عملية فتح الأسواق أو توحيدها على الصعيد العالمي على إعادة هيكلة شكلية للاقتصادات الوطنية فحسب، ولكنها تعمل على إعادة بناء حقل العلاقات الدولية وصيغة توزيع القوة والثروة العالمية بمثل ما يعمل على إعادة بناء المعادلة الاجتماعية داخل الحدود الخاصة بكل بلد.
وإذا كان تطبيق برنامج العولمة الليبرالية يهدد في البلدان الصناعية بفقدان فرص العمل بصورة مضطردة، كما بينت الدراسات الحديثة في الاتحاد الأوروبي، الذي فقد في العام الماضي وحده ما يقارب مليون فرصة عمل، وسيفقد ربما أكثر منها في العام القادم، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع معدل البطالة، وتنامي في حركات الاحتجاج والانفجار الاجتماعي، فهو يهدد في البلدان الضعيفة بتفكيك المجتمع والدولة معا. وباستثناء عدد محدود جدا من البلدان التي تسمح لها مواردها الاستثنائية كبلدان الخليج العربي أو حجم سوقها الهائل مثل الصين بجذب الاستثمارات أو المحافظة عليها وتأمين فرص عمل جديدة، تقود السياسات الليبرالية الجديدة إلى تراجع خطير في القدرة على خلق مناصب العمل وبالتالي إلى تزايد الفقر والبطالة إلى درجات يمكن أن تهدد النسيج الاجتماعي نفسه. وبقدر ما تقلص الأجندة الجديدة من دور الدولة ومن مواردها أيضا وتساهم في تعميق اتجاهات الفساد داخل النخب الحاكمة المقطوعة عن مجتمعاتها، تهدد بإلغاء المكتسبات الاجتماعية الكبيرة الماضية التي لم تكن الدولة الوطنية إلا عنوانها، والتي كان هدفها إخضاع الرأسمالية الاقتصادية إلى ضوابط يحددها مفهوم الوطنية نفسه، بما يعنيه من الحفاظ على التضامن والانسجام المجتمعي الداخلي وتأكيد الحريات الفردية والجمعية وإقامة العدالة القانونية. فمن الواضح أن الانخراط في سياسات العولمة الليبرالية، يفترض التخلي التدريجي عن هذه الأجندة، سواء بسبب حاجات التكيف مع السياسات العالمية المفروضة في إطار مبدأ المنافسة الحرة والشفافية ومنع تدخل الدولة في الشؤون العامة، أو بسبب افتقار الدولة للموارد التي تؤهلها للعب مثل هذا الدور. ومن هنا، وفي موازاة تقلص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي، تدخل المجتمعات تحت التأثير المباشر لمنطق العولمة الخارجي وتحكم على المجتمعات والفئات الاجتماعية انطلاقا من قدرتها على التعامل مع هذا المنطق والسيطرة عليه. ومن الطبيعي أن تكون الدول الأقوى والأكبر والفئات الاجتماعية الأكثر تحكما بالموارد هي نفسها التي تستفيد من هذه العولمة، بينما يدين الانفتاح الواسع جميع المجتمعات والدول والفئات الأخرى التي تفتقر إلى الموارد والواقع والشروط التي تمكنها من التعامل الايجابي مع تحديات العولمة.
والواقع أن العولمة الليبرالية تنشيء مجتمعا رأسماليا على مستوى العالم، لكن من دون أجندة اجتماعية وسياسية شبيهة بأجندة الدولة "الوطنية"، أي من دون ايجاد فكر التضامن والآليات السياسية التي تضبط نشاط هذا المجتمع وتشذب تجاوزاته وتفرض عليه معايير إنسانية، كما كانت تفعل الدولة الوطنية في عصر الرأسمالية الكلاسيكية. فلا ينبع التحدي الكبير الذي تثيره العولمة الليبرالية من إضعاف الدولة الوطنية نفسها، ولكن من غياب الأجندة الاجتماعية التي كانت تمثلها والتي جعلت منها حجر الأساس في تنظيم المجتمعات والنظام الدولي معا في الحقبة الطويلة السابقة، كما سمحت للرأسمالية أن تتحول إلى نظام اجتماعي قابل للحياة. فقد استمدت الدولة الوطنية المكانة المركزية التي كانت تحتلها في النظام الاجتماعي العام، وربحت شرعيتها في وجه التنظيمات ما قبل الوطنية، من تنفيذها أجندة وطنية ساهمت بالفعل في تحقيق الانسجام النسبي بين الأفراد، بقدر ما نجحت البرامج التي ارتبطت بها في تأكيد التواصل بين الجماعة والدولة وهو التواصل الذي شكل جوهر الوطنية في الحقبة الماضية.
ولذلك يبدو لي أنه سيكون من الصعب لمؤتمر هونغ كونغ الوزاري لمنظمة التجارة العالمية أن يتغلب على المأزق الذي وصلت إليه مفاوضات دورة الدوحة الماضية. فالضغوط التي تولدها العولمة الليبرالية على المجتمعات النامية لا تقل قوة عن الضغوط التي تولدها على سوق العمل في البلدان الصناعية. مما يحرم الطرفين من أي هامش ويدفع في اتجاه التشدد والتصلب المتبادل. لكن مهما كانت نتيجة هذه المفاوضات أيضا، لن تزيد المناقشات الجارية إلا في تعميق الشكوك في صلاحية الأجندة الراهنة للعولمة الاقتصادية، عند الرأي العام العالمي وعند القيادات أيضا. ولن يستطيع دعاة العولمة الراهنة الاستمرار في سياستهم الانفتاحية والتغلب على المقاومات المتنامية لنتائج العولمة ما لم ينجحوا في التوصل إلى رؤية جديدة تربط بين عملية تحرير التجارة وآليات حماية العمل وحقوق العمال والحفاظ على الحد الأدنى من العدالة والانصاف في توزيع ثمرات النمو الاقتصادي الذي تساهم فيه، بين الفئات الاجتماعية وبين المجتمعات أيضا. ومن الصعب التفكير بأي تنازلات جدية من قبل الدول الصناعية ما لم تنجح البلدان النامية في إعادة تنظيم نفسها سياسيا وإقليميا بما يمكنها من تحقيق شروط أفضل للمشاركة في صياغة أجندة العولمة ووضع حد لابتزاز القوة الذي تمارسه عليها الدول الصناعية لقبول شروط اتفاقات تجارية مجحفة.
بدأت في هونغ كونغ منذ الخامس عشر من الشهر الجاري أعمال المؤتمر الوزاري السادس لمنظمة التجارة الدولية بحضور ممثلين عن 149 دولة عضو من بينها 11 دولة عربية. ومن الواضح، كما ذكر جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد العام 2001 ومؤلف كتاب «تجارة عادلة للجميع»، «ان الدول النامية، والدول العربية من بينها، ليست في موقع جيد لعقد صفقة تجارية رابحة مع الدول الكبرى الصناعية». فلا يمكن للمفاوضات التعددية المستمرة منذ سنوات طويلة أن تخفي واقع أن خريطة توزيع القوة والقرار في حقل العلاقات الدولية تعمل لصالح الدول الصناعية الكبرى وتحرم البلدان والمجتمعات الصغيرة من أي قدرة على التأثير على صوغ برنامج العولمة الراهنة. وبالرغم من أن سيطرة الدول الصناعية الرئيسية على المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة التجارة العالمية، ناهيك عن الأمم المتحدة، لم تعد سيطرة مطلقة، وهي في سبيلها إلى التراجع، إلا أن ترهل الكتل الدولية التقليدية التي كانت تعبر عن مصالح الدول النامية، كحركة باندونغ وعدم الانحياز ومجموعة 77، والوحدة العربية والوحدة الأفريقية وغيرها من التجمعات الإقليمية، بالاضافة إلى تشتت رأي البلدان الصغيرة وحاجتها الماسة إلى معونات الدول الأخرى، تمنع المجتمعات الفقيرة من بلورة استراتيجية عولمية بديلة عن الاستراتيجية الليبرالية السائدة التي تستجيب لمصالح الدول الصناعية الرئيسية. وغياب مثل هذه التكتلات العالمية الكبرى المجسدة لمصالح المجتمعات الفقيرة والقادرة على بلورة أجندة عولمية بديلة هو الذي يحكم على مفاوضات منظمة التجارة العالمية بالفشل في التوصل إلى حلول جديدة وتمديد العمل بالصيغ التقليدية التي تفتح أسواق الدول الكبرى على مصراعيها أمام انتقال الرساميل والخبرات والعقول المبدعة والبضائع والخدمات التجارية وتغلقها أمام انتقال اليد العاملة والمنتجات الصناعية والزراعية للدول النامية.
لكن ليست السياسات الانتقائية في مجال فتح الأسواق وبناء السوق العالمية هي التحدي الوحيد الذي يواجهه الدول النامية في المفاوضات الدولية التي تسيطر عليها الأجندة الليبرالية. فلا يقل تحديا عن ذلك الرؤية المبتورة لعملية بناء هذه السوق نفسها والتي تفصل مسألة تحرير التجارة العالمية عن أي مسألة اجتماعية وسياسية وثقافية من منظور أسبقية المنطق الاقتصادي في إعادة تنظيم العلاقات الدولية، وقدرته على تحقيق الانسجام الطبيعي والتلقائي بين مصالح الجماعات والشعوب. وهو ما يتجلى في المطالبة بتعميم سياسات التخصيص والاصلاحات الهيكلية التي تتوافق وجذب الاستثمارات وتنشيط حركة التجارة الدولية. والواقع أن السياسة والمجتمع هما في قلب برنامج العولمة وتحرير التجارة وتأكيد أولوية الاصلاحات الاقتصادية الهيكلية. فلا تنطوي عملية فتح الأسواق أو توحيدها على الصعيد العالمي على إعادة هيكلة شكلية للاقتصادات الوطنية فحسب، ولكنها تعمل على إعادة بناء حقل العلاقات الدولية وصيغة توزيع القوة والثروة العالمية بمثل ما يعمل على إعادة بناء المعادلة الاجتماعية داخل الحدود الخاصة بكل بلد.
وإذا كان تطبيق برنامج العولمة الليبرالية يهدد في البلدان الصناعية بفقدان فرص العمل بصورة مضطردة، كما بينت الدراسات الحديثة في الاتحاد الأوروبي، الذي فقد في العام الماضي وحده ما يقارب مليون فرصة عمل، وسيفقد ربما أكثر منها في العام القادم، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع معدل البطالة، وتنامي في حركات الاحتجاج والانفجار الاجتماعي، فهو يهدد في البلدان الضعيفة بتفكيك المجتمع والدولة معا. وباستثناء عدد محدود جدا من البلدان التي تسمح لها مواردها الاستثنائية كبلدان الخليج العربي أو حجم سوقها الهائل مثل الصين بجذب الاستثمارات أو المحافظة عليها وتأمين فرص عمل جديدة، تقود السياسات الليبرالية الجديدة إلى تراجع خطير في القدرة على خلق مناصب العمل وبالتالي إلى تزايد الفقر والبطالة إلى درجات يمكن أن تهدد النسيج الاجتماعي نفسه. وبقدر ما تقلص الأجندة الجديدة من دور الدولة ومن مواردها أيضا وتساهم في تعميق اتجاهات الفساد داخل النخب الحاكمة المقطوعة عن مجتمعاتها، تهدد بإلغاء المكتسبات الاجتماعية الكبيرة الماضية التي لم تكن الدولة الوطنية إلا عنوانها، والتي كان هدفها إخضاع الرأسمالية الاقتصادية إلى ضوابط يحددها مفهوم الوطنية نفسه، بما يعنيه من الحفاظ على التضامن والانسجام المجتمعي الداخلي وتأكيد الحريات الفردية والجمعية وإقامة العدالة القانونية. فمن الواضح أن الانخراط في سياسات العولمة الليبرالية، يفترض التخلي التدريجي عن هذه الأجندة، سواء بسبب حاجات التكيف مع السياسات العالمية المفروضة في إطار مبدأ المنافسة الحرة والشفافية ومنع تدخل الدولة في الشؤون العامة، أو بسبب افتقار الدولة للموارد التي تؤهلها للعب مثل هذا الدور. ومن هنا، وفي موازاة تقلص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي، تدخل المجتمعات تحت التأثير المباشر لمنطق العولمة الخارجي وتحكم على المجتمعات والفئات الاجتماعية انطلاقا من قدرتها على التعامل مع هذا المنطق والسيطرة عليه. ومن الطبيعي أن تكون الدول الأقوى والأكبر والفئات الاجتماعية الأكثر تحكما بالموارد هي نفسها التي تستفيد من هذه العولمة، بينما يدين الانفتاح الواسع جميع المجتمعات والدول والفئات الأخرى التي تفتقر إلى الموارد والواقع والشروط التي تمكنها من التعامل الايجابي مع تحديات العولمة.
والواقع أن العولمة الليبرالية تنشيء مجتمعا رأسماليا على مستوى العالم، لكن من دون أجندة اجتماعية وسياسية شبيهة بأجندة الدولة "الوطنية"، أي من دون ايجاد فكر التضامن والآليات السياسية التي تضبط نشاط هذا المجتمع وتشذب تجاوزاته وتفرض عليه معايير إنسانية، كما كانت تفعل الدولة الوطنية في عصر الرأسمالية الكلاسيكية. فلا ينبع التحدي الكبير الذي تثيره العولمة الليبرالية من إضعاف الدولة الوطنية نفسها، ولكن من غياب الأجندة الاجتماعية التي كانت تمثلها والتي جعلت منها حجر الأساس في تنظيم المجتمعات والنظام الدولي معا في الحقبة الطويلة السابقة، كما سمحت للرأسمالية أن تتحول إلى نظام اجتماعي قابل للحياة. فقد استمدت الدولة الوطنية المكانة المركزية التي كانت تحتلها في النظام الاجتماعي العام، وربحت شرعيتها في وجه التنظيمات ما قبل الوطنية، من تنفيذها أجندة وطنية ساهمت بالفعل في تحقيق الانسجام النسبي بين الأفراد، بقدر ما نجحت البرامج التي ارتبطت بها في تأكيد التواصل بين الجماعة والدولة وهو التواصل الذي شكل جوهر الوطنية في الحقبة الماضية.
ولذلك يبدو لي أنه سيكون من الصعب لمؤتمر هونغ كونغ الوزاري لمنظمة التجارة العالمية أن يتغلب على المأزق الذي وصلت إليه مفاوضات دورة الدوحة الماضية. فالضغوط التي تولدها العولمة الليبرالية على المجتمعات النامية لا تقل قوة عن الضغوط التي تولدها على سوق العمل في البلدان الصناعية. مما يحرم الطرفين من أي هامش ويدفع في اتجاه التشدد والتصلب المتبادل. لكن مهما كانت نتيجة هذه المفاوضات أيضا، لن تزيد المناقشات الجارية إلا في تعميق الشكوك في صلاحية الأجندة الراهنة للعولمة الاقتصادية، عند الرأي العام العالمي وعند القيادات أيضا. ولن يستطيع دعاة العولمة الراهنة الاستمرار في سياستهم الانفتاحية والتغلب على المقاومات المتنامية لنتائج العولمة ما لم ينجحوا في التوصل إلى رؤية جديدة تربط بين عملية تحرير التجارة وآليات حماية العمل وحقوق العمال والحفاظ على الحد الأدنى من العدالة والانصاف في توزيع ثمرات النمو الاقتصادي الذي تساهم فيه، بين الفئات الاجتماعية وبين المجتمعات أيضا. ومن الصعب التفكير بأي تنازلات جدية من قبل الدول الصناعية ما لم تنجح البلدان النامية في إعادة تنظيم نفسها سياسيا وإقليميا بما يمكنها من تحقيق شروط أفضل للمشاركة في صياغة أجندة العولمة ووضع حد لابتزاز القوة الذي تمارسه عليها الدول الصناعية لقبول شروط اتفاقات تجارية مجحفة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire