lundi, mars 21, 2016

بين الثورة والحرب

كنت أقول دائما أن الحرب هي استراتيجية النظام الوحيدة للبقاء في السلطة، قبل الثورة وبعدها. قبل الثورة من خلال تسعير التناحرات والحزازات والتناقضات بين صفوف الشعب وتنظيم الاقتتال بين أبنائه. أما بعد الثورة فقد تحولت الحرب بشكل سافر من حرب الشعب ضد الشعب إلى حرب الدولة المنظمة ضد الشعب بأكمله.
انظروا. ما إن توقفت البراميل المتفجرة والصواريخ البالستية واعلنت الهدنة لأسابيع حتى تغير ميزان القوى السياسي بشكل حاسم لصالح الشعب: عادت المظاهرات، وزاد الضغط الدولي لايصال المساعدات وإغاثة المحاصرين، وأصبحت قضية الانتقال السياسي نحو نظام جديد هي جوهر المفاوضات المنظمة تحت رعاية دولية في جنيف. باختصار تقدمت الثورة وتراجع النظام.
لم يعد المجتمع الدولي يتحدث عن دعم نظام الاسد للوقوف في وجه الارهاب وإنما صار يعتقد أكثر بأن ذهاب الأسد هو شرط لاحتواء الارهاب وتوحيد القوى ضده.
كشف توقف الحرب، ولو لهدنة قصيرة، بؤس النظام السياسي والأخلاقي كما لم يحصل من قبل وتبين أنه لا يملك شيئا يقدمه للشعب، حتى لمن يدعي الدفاع عنهم غير المزيد من الفساد والقهر وانعدام الامن والذل والفوضى : أمام برنامج قوى الثورة والمعارضة الذي قدمته هيئة التفاوض العليا في جنيف، والذي اظهر حرصه على انقاذ سورية من الكارثة وإغاثة المنكوبين وخروج المعتقلين وتعويض المتضررين وعودة المهجرين وبناء دولة سورية الديمقراطية الجديدة دولة الكرامة والحرية وحكم القانون للجميع بالتساوي، لم يجد وفد النظام ما يقوله ويطالب به سوى تكرار المطلب ذاته: بشار الأسد خط أحمر، أي الحفاظ على سلطة الاستبداد والفساد والاستهتار بالشعب وحقوقه.
هذه هي الحقيقة وهذه هي ساعتها. ما لم يجد ذريعة للعودة إلى الحرب، لن يجد ألنظام أمامه سوى الانتقال من إفلاس إلى إفلاس..