lundi, mars 30, 2015

روسيا والمعارضة السورية


Publié par Burhan Ghalioun · 30 mars, 14:18 · 

بين معركة انقاذ اليمن ومعركة تحرير سورية


في مقال بعنوان: خرافة الحل السياسي نشر في العربي الجديد (٢٣ شباط فيفرييه ٢٠١٥) أشرت إلى مخاطر استمرار العرب في تجاهل التهديدت الخطيرة التي يواجهها أمنهم الوطني والاقليمي، بل ومستقبل دولهم، وذكرت أن الدول العربية استهانت بالصراع السوري، وبإرادة الهيمنة الإيرانية، وتركت طهران تحقق أهدافها من دون أي رد فعل. وقلت:
"ما كان يتوجب على العالم العربي أن يفعله لا يزال يحتاج إلى أن يُفعل. والتأخر في إنجازه لن يحل الأزمة، لكنه سوف يزيد من تكاليف مواجهتها ومخاطرها الإنسانية والسياسية والعسكرية، بصورة يمكن أن تصبح غير قابلة للاحتمال، بمقدار ما سوف يدفع إلى تفاقمها، ويوسع من دائرة انتشارها وتهديداتها. ما كان على أوروبا أن تفعله لمواجهة النازية الهتلرية هو تماما ما ينبغي على البلاد العربية وتركيا أن تفعلانه، بدعم من الأمم المتحدة والتحالف الدولي، أم بدونهما. وهذا هو الوقت، وليس بعد أن توقع واشنطن وطهران مذكرات التفاهم وحل موضوع الملف النووي الإيراني".
معركة اليمن مهمة وحاسمة بالنسبة لأمن المملكة العربية السعودية ودول الخليج. لكن في سورية وحدها تحسم الحرب الطاحنة التي بدأتها طهران للسيطرة على المشرق العربي. من يربحها يربح الحرب.
عاصفة الحزم ليست سوى خطوة أولى على الطريق الطويل.

vendredi, mars 27, 2015

لماذا لا يمكن أن تتوقف الثورة السورية؟



الثورة لحظة احتجاج شامل استثنائية في تاريخ الشعوب والمجتمعات، لا تحصل إلا باجتماع انقلابين كبيرين وتضافرهما: انقلاب داخل المجتمع وبين قواه على نظام السيطرة وما تشمله من منظومات قيادة وتوجيه وتحكم وقمع، وانقلاب آخر أهم على الذات، من داخل ضمير الأفراد أنفسهم، يحرر المجتمعات الخانعة والمستسلمة من روح الشك وانعدام الثقة والانقسام التي لا يقوم استبداد، ولا يستقر ظلم على شعب، من دونها. يحصل الأول بسبب تبدلات مادية، تمس توازنات القوى وتحولات البيئة الاستراتيجية، وظروف معيشة الناس وحياتهم. ويحصل الثاني بسبب انكسار جدار الخوف، وانبعاث الأمل، وبزوغ طفرة أخلاقية، تنتج عن صحوة الإنسان في الإنسان، وارتفاعه على شرطه المادي المشتت، والارتقاء إلى مستوى حياة المبادئ والقيم المعنوية، وكل هذا مما يفجر طاقات العطاء والكرم الروحي عند الأفراد، وينذرهم لعظيم المآثر والمهام التاريخية. 
فالحال أن مقاومة الشعوب واحتجاجاتها ضد الظلم والغبن والاحتقار لا تتوقف، وتتجسد في مظاهر مختلفة، وغالباً خفية والتفافية ومشتتة. ما ينتج الثورة صحوة الروح الأخلاقية التي تدفع إلى تجاوز التشتت إلى الوحدة، والاحتجاجات الخاصة إلى تطلعات مبدئية، من كرامة وحرية، تعني الجميع، وتذيب مطالب الفرد في مطلب واحد للتحرر السياسي والإنساني. في اللحظة الثورية هذه، تنتقل الشعوب فجأة إلى حياة أخرى، من نوع آخر، تزول فيها الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين الأفراد، ويستوي فيها الموت والحياة من أجل المبادئ، وتحل الوحدة 


 والانسجام محل الانقسام والخلافات، ويتغلب الشعور بالأمان على الخوف من الآخر. وهذا هو النبع الذي لا ينضب للشعور بالقوة التي لا تقهر الذي يتملك جماعة الثائرين، ويجعلهم على قلب رجل واحد، يضحون بأنفسهم من دون سؤال ولا انتظار أي جزاء، وهو ما يجعلهم يوحدون مصائرهم، خارج الحسابات الجارية الأنانية التي تجعل الإنسان غريباً عن الإنسان. وهو الذي يزجهم في معركة التحرر الجماعي من قيود العبودية، من دون شبكة حماية ولا أمان. 
في هذه اللحظة الاستثنائية من حياة الشعوب والمجتمعات، يتعلم الفرد التلاحم مع الآخر، والعيش على مستوى الحياة الأخلاقية، وانتزاع المبادرة التاريخية والحلم بالمشاركة في صنع التاريخ، وفي تغيير المصائر العالمية. وهذا ما يجعلها لحظة تأسيسية، أيضاً، ونبعاً لخبرة تاريخية لا تنسى، يستمد منها المجتمع القوة والمبادئ الضرورية لإعادة بناء نفسه، وتغيير النظم والمؤسسات والقوانين، وفي ما وراءها تجديد قيمه واكتشاف معنى انتمائه للإنسانية من جديد. 
فالثورة تجربة فريدة وحاسمة في تاريخ الشعوب، والخبرة التي ترتبط بها تشكل لزمن طويل خزان الأفكار والقيم المحركة للمجتمعات، والموجه لسياسات ومشاريع التغيير التي تنبع منها نظم وحقوق وواجبات ومعاني جديدة لم تكن من قبل، وهي التي تطلق تيارات تبادل بين الأفراد والجماعات، مادية ومعنوية، لم تكن ممكنة في أي وقت، وتنتج تفاعلات كانت مستحيلة، في شروط التوازنات الاجتماعية السابقة، تقرب بين أفكار ومشاريع ورهانات وتطلعات جماعات بقيت طويلاً تنكر بعضها، أو تتجاهل وجود بعضها بعضاً، ومنها جميعاً تولد أشكال من التواصل والتثاقف والتعامل يطبع سلوك الأفراد، ويفتح آفاقاً جديدة للتجديد والإبداع الاجتماعيين. 

مصير الثورات 
بيد أن مصير الثورات ليس واحداً ولا مساراتها متماثلة، فقد حقق بعضها غاياتها، منذ المرحلة الأولى مع إسقاط النظام القائم. لكن ثورات كثيرة تواجه مصاعب كبيرة، قبل أن تحقق غاياتها، خصوصاً عندما تتعرض لتحالفات عدائية قوية، تزج في الصراع قوى تدخل خارجية، تفوق قدراتها على المواجهة. وقد تخسر بعضها جولتها الأولى لصالح عودة النظام القديم، لكن ثورات التحرر العظيمة لا تهزم أبداً. وقد يضطر بعضها إلى المساومة، وقبول الحلول الوسط، والمشاركة مع قوى النظام القديم في حكومة هجينة واحدة، لا تلبث حتى تفتح مجال الصراع مجدداً. وقد يعقبها انتصار لثورة مضادة، تستعيد آليات عمل النظام القديم، في صيغة أكثر عنفاً وتطرفاً. وقد تتحول هذه الثورات إلى حركات مقاومة منظمة، تحمل شعارات الثورة وأهدافها، وتتابع مسيرتها، لكن، بأشكال وصيغ مختلفة، من حرب المغاوير إلى حروب التحرير الطويلة التي عرفناها في القرنين الماضيين في الصين وبلدان عديدة في أفريقيا وآسيا. 
ومهما كان الحال، سواء تحققت الأهداف من الجولة الأولى، وهو الأمر الأندر في التاريخ، أو سارت الأمور في الاتجاه المقابل، لن تتوقف روح الثورة التي انبثقت لدى الشعب عن العمل والدفع في اتجاه التغيير. فمنذ ولادتها في حضن الشعوب، تصبح روحاً فاعلة قوية، ووعياً قاهراً يقوض ما كان قبله من فكر ونظم، ويحرمها من أي أمل في البقاء، ويحول الخبرة التاريخية المستمدة من الانتفاضة الجماعية، والمرتبطة بتضحيات واستثماراتٍ، لا سابق ولا مثيل لها، إلى نار مشتعلة تحت الرماد، لا يمكن لنظام بعدها أن يحظى بالشرعية والاستقرار، ولا لسلطة أن تقوم قبل أن يصبح ممكناً تحقيق الأهداف التي دفع الشعب مسبقاً وغالياً ثمنها، وغالباً ما يكون من أغلى الأثمان.  
ليس هناك شك في أن الثورة بالمعنى الأول، أي اللحظة الملحمية لاتحاد الجميع في شخص واحد، والانفصال عن عالم المصالح الخاصة، والارتقاء إلى مستوى الفعل الأخلاقي المؤسس لمفهوم جديد للحق والعدل والمواطنة والاجتماع البشري والإنسان، هذه اللحظة العظيمة التي وحدت الشعب وقوت عزيمته وتصميمه، ولا تزال تغذي بركان كفاحه الأسطوري حتى اليوم، على الرغم من كل العقبات والانزلاقات والاستخدامات، قد انتهت في بلدان الربيع العربي. وعاد قسم كبير من الأفراد الذين فجروها، أو شاركوا فيها، إلى واقعهم البسيط، واقع الصراع من أجل البقاء والحفاظ على الذات بانتظار فرصة قريبة. 

من الانتفاضة العفوية إلى المقاومة المنظمة 
لكن، في معظم بلاد الربيع العربي، وفي سورية خصوصاً، لا يترك النظام المهزوم الذي قام، منذ البداية، على مبدأ القوة والاحتلال، ولم يكن في أي يوم مستعداً لمناقشة إصلاح أو تسوية مع الشعب، وعاش نصف قرن بمبدأ القاتل أو المقتول، خوفاً من تقويض شرعيته كنظام احتلال، أي خيار آخر للشعب سوى الاستمرار في الثورة والمقاومة، والعمل من أجل الانتصار، مهما طال أمد الصراع. 


 
فما يطرحه نظام الاحتلال على السوريين ليس حتى العودة إلى شروط حياة ما قبل الثورة، وإنما تكريس نظام الاستعمار للدولة، والآن للبلاد، بمشاركة أجنبية، وتوسيع دائرة التمييز الطائفي والتغيير الديموغرافي والمذهبي، أي شرعنة نظام القتل المنظم، وتأبيد حياة المحنة والمعاناة في مخيمات اللجوء وبقاع التشرد وتعميم الحصار والجوع والموت المبرمج والمحتوم. وهو لا يتردد في سبيل القضاء على المقاومة وروح الثورة عن الذهاب إلى الدرجات الأقصى من العنف والعمل المنهجي المنظم لتدمير المجتمع، وملاحقته بالصواريخ الباليستية، وبالبراميل المتفجرة، لتهجير من لا يزال يقاوم فيه، وتشريده وتحويل الشعب إلى حطام، وتدمير مدنه وأحيائه، لكي لا يعود إليها، وتمزيقه وفرض الانقسام عليه إلى شيع وطوائف ومذاهب، وإغراق روح الثورة في بحر من الدماء والمعاناة المريرة، لإشغال السوريين بتأمين شروط بقائهم، وتضميد جراحهم، عن الاستمرار في المقاومة. في هذه الحالة، يشعر أغلب السوريين عن حق بأن القبول بوقف الثورة وإيقاف المقاومة لا يعني التنكر لتضحيات شهدائهم ومكابدتهم، في السنوات الطويلة للحرب التي أعلنها نظام الأسد عليهم فحسب، وإنما، أكثر من ذلك، هزيمة كبرى لسورية نفسها ولجميع المبادئ التي قامت عليها وحدتها وسيادتها واستمرارها، وهي الهزيمة التي سوف يدفع ثمنها مئات آلاف الضحايا الجدد من الأجيال الراهنة والمقبلة. وهذا ما يفسر استمرار الثورة، على الرغم من كل المحن والكوارث، وترسخ الاعتقاد بأنها لا تزال الرد الوحيد على الحكم بالموت والإعدام على شعب كامل، بالمعنيين السياسي والمادي معا. 
لكن، بعكس ما تجلت عليه في السابق، لم تعد الثورة تعني، اليوم، مشاركة في لحظة استثنائية في التاريخ، تجمع كثير الشعب في واحد، وتصل الحاضر بالمستقبل، وتوجه الكل نحو غاية عظمى واحدة، يبدو أن المقاومة الطويلة وحرب الاستنزاف هي الطريق الوحيدة التي بقيت للسوريين، كي يضمنوا الحد الأدنى من أهدافهم، ويحلوا المعادلة الصعبة التي واجهتها ثورتهم المجيدة، والتي تمثلت، ولا تزال، في وجود إرادة تحررية وتصميم عظيمين لدى الشعب السوري على متابعة الثوة حتى النصر، في مقابل تكالب وتحالف قوى خارجية وإقليمية قوية على تصفيتها، وضعف إرادة القوى الصديقة في الانخراط في المواجهة، وإفلاس منظومة الأمم المتحدة وتقويض سلطتها القانونية والأخلاقية. وهذا يعني ويستدعي مراجعة عميقة لخطط الثورة وتكتيكاتها واستراتيجيتها، والعمل على إعادة بناء قواها الذاتية، وتحويلها من هبة شعبية إلى فعل سياسي منظم وبعيد المدى، يهدف إلى تعبئة القوى وتوحيد الجهود والتخطيط للمقاومة الشعبية الطويلة التي تستطيع، وحدها، أن تبني التحالف الوطني والإقليمي الذي يمكن الشعب من هزيمة العدوان وانجاز مهام نزع الاحتلال وإزالة الظلم، وتنظيم وتدريب وتأهيل القوى الجديدة التي ستحمل على عاتقها إقامة النظام البديل وبناء الدولة الديمقراطية التي تمثل الشعب، وتضمن حقوقه وسيادته. 
لم يعد التمسك بالثورة يعني الحلم بانتصار سريع وحاسم على عدو متعدد الأوجه والأطراف، وإنما تنظيم المقاومة الناجعة ضد أعمال الإبادة الجماعية والتدمير الشامل وتقسيم الشعب والمجتمع والوطن، تماماً كما يعني الاستسلام لأوهام التسوية التي يبشر بها مجتمع دولي، تخلى عن السوريين، وتركهم لمصيرهم يقتلون بالعشرات، كل يوم، بالبراميل المتفجرة، التفاهم مع القتلة، والتخلي عن الشعب والتنكر لحقوقه، والتضحية بمستقبله لصالح خونته وجلاديه. - See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/2015/3/26/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9#sthash.IrBaMZ8T.dpuf

jeudi, mars 19, 2015

مشكلة واشنطن


مشكلة واشنطن وتخبطها لاينبعان من تمسكها بالاسد او بنظامه فهي اذكى بكثير من هذا العمل الذي يعني سقوطا اخلاقيا مدويا. مشكلتها انها تريد ان تقنع الاسد بعملية انتقال ناعم للسلطة يتخلى فيها بمحض ارادته عن السلطة من دون ان تتخذ ضده اي اجراء كبير او ان تنخرط في اي عمل عدائي او ان تقوم باي دعم فعال للمعارضة يثير حفيظة ايران.
تريد ان تصل الى الهدف من دون وسائله الطبيعية والمنطقية ولذلك لا يبقى أمامها سوى السحر. يوما تحاول أن تسحر المعارضة بكلمات الأسد ليس جزءا من الحل، ومرة تسحر النظام بتأكيد انه لا غنى عن التفاوض معه وبالتلويح له بامكانية التنسيق أو التعاون، مرة تعبس للأسد ومرة تبتسم، واليوم تبتسم وتعبس في الوقت نفسه، حتى لم يعد احد يدري اهي معه ام عليه، بما في ذلك الاسد نفسه الذي طالبها بافعال لا باقوال.
ما تريده امريكا هو ان يحمل الاسد حقائبه بنفسه ويسلم المفتاح لحكومة معتدلة تضمن له الحرية والبزاءة وطول العمر. وهي مستعدة أن تنتظره حتى يقرر وليست مستعجلة على شيء.
إما ان كيري لايعتقد ان الاسد يقتل بالجملة وبالفعل، او انه يعتبر أن من يقتلهم مجرد ارقام

dimanche, mars 15, 2015

في عامها الخامس .. ثورة السوريين مستمرة وتتجدد

في عامها الخامس .. ثورة السوريين مستمرة وتتجدد


بعد أربع سنوات من الحرب الضارية التي فرضها نظام الأسد على الشعب السوري، لحرمانه من فرصة التحرر من قيود العبودية والاستعمار الداخلي، تبدو سورية، اليوم، جسداً ممزقاً ومثخناً بالجراح، ولا يكاد يظهر من الثورة إلا الكارثة الإنسانية المروعة التي خلفتها استراتيجية الأرض المحروقة التي اتبعها النظام. تغيرت شروط الصراع كلياً، وتبدلت الرهانات، وصارت الحرب الداخلية حروباً متعددة، طائفية وإقليمية ودولية، تشارك فيها قوى خفية وظاهرة، لم تكن منظورة أو متوقعة. وأمام غياب أي آفاق للحسم العسكري، أو للحل السياسي، وتفاقم الأزمة الإنسانية، يزداد الشعور لدى السوريين بأنهم على وشك خسارة رهانهم الأكبر الذي ضحوا لأجله بكل شيء، بأرواح أبنائهم وأملاكهم وأرزاقهم، وتحولوا إلى مشردين، يبحثون عن أرض تحويهم وملجأ يقيهم من برد الشتاء وعواصفه الثلجية التي لم تعرفها المنطقة في أي وقت، كما حصل في السنوات الثلاث الماضية.
ويفاقم من هذا الشعور بالخسارة والإحباط التراجع المضطرد للجيش الحر والمجموعات المقاتلة التي فقدت، في السنتين الماضيتين، أكثر من نصف الأرض التي كانت قد حررتها، وتراجع الدعم الدولي العسكري والسياسي الذي حظيت به الثورة في البداية، أو وعدت به، بالإضافة إلى الطفرة التي شهدها تطور المنظمات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة أو المنشقة عنها. ويزداد الشعور عند أغلب السوريين الذين ضحوا بكل ما يملكونه من أجل الثورة بأنهم خدعوا، وأن الثورة التي راهنوا عليها للتحرر من العبودية والظلم كانت ضحية الكذب والغش والتواطؤ الدولي واللامبالاة العربية، كما كانت ثمرة فشل قياداتهم السياسية. وعلى هامش هذا الشعور بالخيبة وانسداد الآفاق، يزيد الضغط في اتجاه البحث عن أي حل، وتتقدم حكومات عديدة، كانت حتى البارحة من أقوى مؤيدي حرب الإبادة الجماعية، أو من التي صمتت عن المذابح اليومية، لتقطف ثمار ما تعتقد أنها هزيمة الثورة القريبة، وتتنافس على الجائزة التي تنتظرها من إعلان موتها ودفنها.
نصيب القياديين السوريين، العسكريين والمدنيين، من الأخطاء التي أدت بالبلاد إلى الطريق المسدود الذي تجد نفسها فيه اليوم كبير من دون شك. لكنه ليس السبب الأول، ولا الرئيس في الخراب الذي تتقاسم المسؤولية فيه مع النظام دول كبرى، وأقل كبراً، من تلك التي لم تخف عداءها للثورة وأهدافها، وتلك التي أعلنت صداقتها لها. لكن، ليس من أجل مساعدتها على التقدم، وإنما لاحتوائها وحماية مصالحها ورهاناتها، وأحياناً، لتحفظ لنفسها الفرصة، كي تطبع على شفاهها قبلة الموت في الوقت المناسب.

انسداد طريق المهادنة والاستسلاممن حق السوريين الملوعين بمأساتهم التاريخية غير المسبوقة، ومن واجبهم أن يطرحوا على أنفسهم، في هذه المناسبة، وعلى من تصدى لقيادتهم، ولا أعتقد أن مثل هذه القيادة قد وجدت، أو سمح بوجودها في أي وقت، كل ما يخطر لهم من أسئلةٍ تتعلق بمصير ثورتهم، أي بمصيرهم، شعباً وأفراداً معاً، وأن يطالبوا أنفسهم وقادتهم المفترضين وأصدقاءهم والمجتمع الدولي بكشف حساب عما أصبح جريمة من الجرائم التي تتحمل المسؤولية فيها الدول جميعاً، وسوف تدفع الثمن الباهظ، وقد بدأ بعضها في دفعه، منذ الآن، للغدر بها وخيانة القيم والمبادئ التي قامت عليها منظومة الحماية والتضامن الدولية.
لكن، لا ينبغي أن يكون هذا سبباً للانسحاب من المعركة التي فاقت فيها استثمارات الشعب السوري البشرية والمادية والمعنوية أي استثمارات لأي شعب في ثورات العصر الحديث. وليست الآن هي اللحظة المناسبة للدخول في الصراعات والنزاعات الداخلية وتصفية الحسابات، إنما العكس هو الصحيح، وهذا ما يظهره ثبات الشعب السوري، وتصميم أبنائه في خيم اللجوء ومواطن النزوح وفي الأحياء المحاصرة، منذ سنوات، لفرض التسليم بالأمر الواقع والاستسلام عليها. كما لا ينبغي لاختلاط الأوراق والأهداف والرهانات، وما تعرضت له الثورة من عمليات اختطاف من المنظمات والمليشيات والقوى الدولية لأهدافها الخاصة، أن يتحول إلى مصدر إضافي للخلافات، ومبرر للتفريط بالتضحيات الجسام التي قام بها السوريون، في السنوات الأربع الماضية. ولا ينبغي أن يكون التركيز المطلوب على الكارثة التي أصابت أغلب السوريين مدخلاً لتسويق القبول بأي حل باسم الحلول الـ"واقعية" وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
فحتى لو تنازل الشعب للنظام، وقبل بالعودة الى بيت الطاعة، فلن يرضى الجلاد الذي سيتتبعه حتى يقضي عليه. وخططه، منذ الآن، واضحة في إلغاء الشعب واستبداله برعايا آخرين يستجلبهم من كل مكان. مشروع الإبقاء على نظام أسرة الأسد الذي أصبح بالمطلق مشروع احتلال إيراني، بمباركة وتحت مظلة سورية مزيفة، لا يقبل لا بعودة السوريين المهجرين والنازحين، ولا بالاعتراف بحقهم الأول في الحياة. ولن تكون نتيجة السير على هذا الطريق سوى تسهيل المهمة على نظام الاحتلال الأسدي ـ الإيراني، أي تحقيق ظروف أفضل وأقل فضائحية لحرب الإبادة الجماعية السياسية والديمغرافية للشعب السوري.
التخاذل والتسليم بالأمر الواقع يعني أننا نتخلى عن شعبنا ونقتله مرتين، الأولى عندما تركناه يقاتل وحده ولوحده، والثانية عندما سنتركه يموت من الجوع والبرد والذل في أماكن اللجوء والتشرد من أجل حصول بعضهم على مقاعد لا قيمة لها في حكومات يسمونها كذباً حكومات وحدة وطنية، وهي حكومات دمار وطني.
ما من شك في أن المرحلة البطولية من الثورة التي جمعت السوريين على قلب واحد، وجعلت كل فرد منهم يتماهى مع المبادئ الكبرى التي حركت الجميع، مبادئ الكرامة والعدل والحرية، قد انتهت منذ فترة طويلة. لكن الثورة بما تعنيه من الاستمرار في الكفاح من أجل القضية العادلة التي اندلعت من أجلها، أي ثورة الكرامة والحرية، لا تزال حية، وستظل طالما لم تتحقق المبادئ التي خرج السوريون من أجلها. ولن تتوقف قبل أن يصار إلى إخراج سورية من فم وحش الاحتلال الذي حل محل النظام، والخروج من الكارثة الإنسانية التي تمس حياة الملايين من السوريين، وتشكل، اليوم، الحقيقة الأولى في سورية وللسوريين، والتي تشرط أي تفكير أو يجب أن تشرط أي تفكير في الحاضر والمستقبل.

في الحاجة إلى المراجعة وتصويب المسارلكن، في الوقت نفسه، لا يمكن الاستمرار على النهج القديم الذي أدى بالثورة إلى إضاعة البوصلة والطريق. فإذا كان خط المهادنة يعني التهاون بتضحيات السوريين الهائلة، وتبديدها من دون ثمن، فإن التصلب والمزاودة في التمسك بالشعارات والألفاظ الفارغة يشير إلى الاستهانة بالمعاناة الهائلة التي يعيشها السوريون، نتيجة الكارثة المروعة التي حلت بهم. وهو لا يفيد إلا في عزل الثورة وتضييق الحصار عليها وضربها. الاستمرار في تجاهل الواقع، ونكران التحولات العميقة التي شهدتها مسيرة الصراع من أجل الحرية والكرامة على عموم الأرض السورية، لا يساعد على التقدم ولا يفتح أي طريق سالك من أجل إنقاذ رهانات الشعب السوري الأساسية، وإيجاد شروط خروج الملايين من أبنائه من حياة التشرد اللاإنسانية. وكما أن خط التنازل المجاني يشجع المحتلين على الإسراع في تحقيق مشروعهم، مستغلين ظروف الاستسلام والضعف التي يظهرها السوريون المندلقون على النظام، فإن إنكار الحقائق الجديدة والمثابرة على المزاودة في الثورية، كما لو أن شيئا لم يتغير منذ أربع سنوات، لن يفيد إلا في إطالة عمر المأساة، وقطع الطريق على المراجعة النظرية والسياسية الحتمية التي يخشاها كل من تنطع للقيادة السياسية والعسكرية، خلال السنوات الأربع الماضية.
كلاهما يقودان إلى الفشل، ولا يقدمان أي مخرج أو حل: التهاون مع تضحيات السوريين والاستهانة بمعاناتهم. المطلوب رؤية جديدة مختلفة عن تلك التي رافقت الثورة في لحظتها البطولية والملحمية، والتي راهنت على العمل الشعبي العفوي المتفجر في كل مكان، واقتصرت على الدعوة لدعمه، والدفاع عنه في الدبلوماسية والإعلام. فلم تعد الحاجة تقتصر على إيجاد "وزارة شؤون خارجية" للثورة، تنسق علاقاتها الدولية، وإنما أصبحت الحاجة ماسة لبناء منظمة وطنية مركزية، تقود العمل التحرري، وتنسق شؤون المقاومات المسلحة والمدنية والثقافية ضد نظام الاحتلال والطغيان الذي يزيد ترسخاً يوماً بعد يوم. ويحتاج بناء مقاومة طويلة المدى لاستنزاف الاحتلال وأعوانه إلى سياسات جديدة، تقوم على توحيد الصف، والعمل على تجميع السوريين من جديد، كل السوريين إذا أمكن، وتوسيع دائرة مشاركتهم وانخراطهم في نشاطات السياسة الهادفة إلى تقريب ساعة الخلاص، ووضع حد لحرب الإبادة والاحتلال الذي يتغذى أكثر فأكثر من نزعة عنصرية استيطانية خطيرة مع احتدام الصراع. كما يحتاج إلى تنظيم أفضل للطاقات والجهود، وتفعيل للجاليات السورية في كل مكان، وتجديد للخطاب السياسي والإعلامي، بحيث تكون الثورة بالفعل لكل السوريين، ولحماية أرواحهم ومصالحهم، والخروج بخطة عمل واضحة، تهدف إلى استعادة جزء من المبادرة المفقودة، وإعادة تعريف الأهداف المرحلية والبعيدة، وحل المشكلات الثلاث الكبرى العالقة، مشكلة القيادة، واستقلال الموارد التي لا قرار مستقلاً من دونها، وتعزيز وطنية القرار، حتى لا يكون مشروع الاحتلال المستفيد الأول من استمرار الصراع.
مهما حصل، لن يتخلى السوريون عن حقوقهم، وهم لا يزالون، على الرغم من أربع سنوات من القتال والمواجهة المريرين، والتقويض الممنهج لاجتماعهم المدني والسياسي، والتدمير المنظم لمدنهم وأحيائهم ورميهم على طرقات النزوح وبحار الموت، واقفين يتحدون الموت، ويتصدون للجريمة وهم يلمسون بأجسادهم المدماة الحدود القصوى للهمجية.
بعد أربع سنوات من الخذلان والمعاناة، فقد السوريون ثقتهم بدول صديقة وشقيقة كثيرة أظهرت عجزاً لا يوصف عن المبادرة، أو كانت مثالاً للامبالاة بحياة السوريين وأرواحهم. لكن، ما لم يفقدوه، على الرغم من تجربة البؤس والتشرد والضياع، هو ثقتهم بأنفسهم. وهي التي تدفع بهم إلى الاستمرار والمثابرة والإصرار على اقتلاع إرادة الشر من جذورها. وهذا الإصرار وتلك المقاومة المستمران، والصبر والأمل الذي لا يفارقهما، هما مصدر الفخر لدى كل سوري، ومصدر الاعتزاز لدى كل عربي، يعرف أن السوريين، في نضالهم وشهادتهم وتضحياتهم، قد تجاوزوا حدود الاحتمال، وأصبحوا رمزاً للكفاح من أجل الحرية والكرامة، في العالم العربي والعالم، ضد العنصرية الفاشية ومشاريع الهيمنة الإقليمية الدموية.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/2015/3/14/%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%AF#sthash.CqTPx3Uj.7usPLt6B.dpuf

العربي اليوم الحلقة الكاملة الأحد 15 مارس | الذكرى الخامسة لثورة سوريا

jeudi, mars 12, 2015

الذكرى الرابعة للثورة

الذكرى الرابعة للثورة
يعتقد الكثير من السوريين عن حق أن القضية السورية أصبحت ضحية الصراعات الخارجية، وأنها تكاد تضيع وتختفي أمام بروز مسألتي داعش والنووي الايراني. لكن ليس هذا سوى النتيجة.
ضاعت سورية بأكملها لأنها حرمت من القيادة، فلا الأسد الذي يقتل شعبه بالسلاح الكيماوي ويدمر بلده، ولا المعارضين الذين يضيعون وقتهم في عض بعضهم البعض والمهاوشة يمكن أن يمثل أي منهم قيادة، في وقت تفجرت فيه كل الألغام التي وضعها النظام ووضعتها الدول الطامعة في السيطرة على البلاد في جسم المجتمع والدولة ومؤسساتهما.
يحتاج انقاذ سورية قبل أي شيء آخر إلى قيادة قوية تضرب بيد من حديد على قطيع الثعالب الجائعة التي تنهش بالثورة والمجتمع، وتنتزع الملف السوري وقضية السوريين من الأيادي الكثيرة التي تتلاعب بها، وتعيد توحيد السوريين حولها، وتمهد لعهد المصالحة والعودة إلى حضن الوطنية الجامعة، بعد تخليص سورية من وحوشها الكاسرة.

mercredi, mars 04, 2015

أجهاض ثورات الربيع العربي

· 4 mars, 17:51 · 
لم يدرك العالم بعد ماذا سيخسر بإجهاض الثورات العربية ودفع الشعوب للعودة إلى نظام ما قبل الأمة والدولة. وليس تشريد الشعوب والحروب الأهلية المتعددة التي سيطلقها هذا الإجهاض هو النتيجة الوحيدة لذلك. ستكون زعزعة الأسس العميقة لاستقرار المجتمعات، وليس للدول وحدها، الحلقة الآولى في سلسلة تعميم موسع للفوضى الفكرية والسياسية والاستراتيجية، ومنطلق لمراجعات تهدد بأن تجعل العالم أقل أمنا بكثير مما كان عليه قبل هذه الثورات، واكثر تشتتا وتفتتا وأقل استعدادا للانضباط والجمع والاتساق. هذه قنبلة تاريخية طويلة المدى والانفجار لن تتوقف مفاعيلها قبل أن يعيد العالم التفكير في الأسس التي قام عليها استقراره للقرن الماضي، والذي همش ثلثي البشرية وسد آفاق التطور والتقدم والنمو والمساواة وحكم القانون أمامها.