dimanche, novembre 30, 2014

أثار المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، بفكرة المناطق المجمدة آمال سوريين كثيرين بإمكانية فتح ثغرة في جدار الحرب الوحشية، والتقدم، ولو خطوة صغيرة، في اتجاه التهدئة، على طريق إيجاد حل سياسي للمحنة السورية المستعصية.  ومن الطبيعي أن يثير هذا العرض خيال أبنائنا الذين يتعرضون في المناطق المحاصرة، أو الخارجة عن سلطة نظام الأسد، بمقدار ما يلوح لهم بالخلاص، على الأقل من حرب الجوع والبراميل المتفجرة والحارقة، ومن القنص والتشبيح من كل الأشكال. لكن، ليس في مخطط وقف إطلاق النار، بدءاً من حلب أي مشروع حل سياسي. بالعكس، هدفه مساعدة النظام من قبل حلفائه، الروس والإيرانيين، على قطف ثمار حرب التجويع والتركيع والقتل العشوائي والتهجير المنهجي للسكان، وقتل أي حياة مدنية طبيعية في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون. ولا يعني، في النهاية، إلا قبول السوريين بوضع حد للصراع، من دون أن يضمنوا أي تغيير، أو تحول في نظام الحكم وفي الحاكمين، بل، فقط، لقاء السماح لهم بعدم الموت تحت البراميل المتفجرة، وبتلقي المعونات الغذائية الدولية، أي الاعتراف في النهاية والإقرار بالأمر الواقع.
يعرف الإيرانيون الذين يقودون العمليات العسكرية والسياسية في سورية أن الاستنزاف أصاب جميع القوى، وفي مقدمها النظام، وأن الأسد ليس في حاجة إلى أكثر من تجميد المواقع، ووقف إطلاق النار، حتى يستمر، ويوقف تدهور موقفه العسكري والسياسي، فوقف إطلاق النار، من دون شروط، سوى تأمين الغذاء للمناطق المحاصرة، يعني، ببساطة، تحرير الأسد من كل الضغوط العسكرية والدولية، وتكريس سلطته من جديد في المناطق التي يسيطر عليها، وهي الأهم سياسياً في سورية، وتركه المناطق الأخرى الخاضعة للمعارضة تكتوي بنار الفوضى والصراعات الداخلية، والتسول على المساعدات الدولية.
مثل هذا الوضع لا يشكل ضماناً لبقاء الأسد، كما يريد الإيرانيون فحسب، وإنما يريح، أيضاً، المجتمع الدولي الذي يريد أن يتخلص من عبء المأساة السورية، ولا يبقي من القضية السورية، أعني قضية تغيير نظام حكم جائر وقاتل، إلا بُعدها الإنساني. سيقدم المجتمع الدولي المساعدات لمناطق المعارضة، حتى تستمر في الحياة، لكنه شيئا فشيئاً سوف يتعامل مع دمشق كعاصمة للدولة السورية المتبقية، في حين سينظر إلى مناطق المعارضة المتفرقة كفراطة وفرق حساب.

من الطبيعي أن يتحمس الأسد لمثل هذا المخطط الذي يأتي ليكمل عمله التدميري، ويؤمن استمراره، بتكريس تقسيم الأمر الواقع للبلاد بينه وبين المعارضة، مع احتفاظه بالجزء الأساسي من الدولة، ومواردها ورموزها، وتركه سائر المناطق هدية مسمومة للمعارضة تتنازع عليها مع داعش والقوى المتطرفة الأخرى، وتأكل بعضها فيها.
وليس من قبيل المصادفة أن يختار دي ميستورا مدينة حلب، والتركيز عليها، فبتجميد القتال في حلب يسمح لنظام الأسد الإيراني أن يستجمع قواه من أجل القضاء على معاقل الثوار في الغوطة الشامية، وينظف منطقته من المعارضة نهائياً. هذا أفضل تتويج يمكن أن يحلم به الأسد لسياسة عقد الهدن الكثيرة التي وقعها مع مقاتلي الأحياء والقرى، والتي حيد من خلالها آلاف المقاتلين، وخفف العبء عنه، ليعزز مواقعه في دمشق والوسط والساحل، ويجعل منها دولته الخاصة المعترف بها.
مشروع دي ميستورا هو طوق النجاة لنظام الأسد المتهاوي والمهدد، الذي يأتي في اللحظة المناسبة، وهو الضربة القاضية التي يريدها حلفاؤه للثورة وأهدافها. سيتمترس الأسد والإيرانيون في دمشق وملحقاتها، وهذا يكفيهم، ويتحدوا المعارضة في إقامة النظام التعددي الديمقراطي الذي قامت من أجله الثورة في مناطقها المبعثرة. بعكس ما يشاع تماماً، لا يفتح المشروع أي أفق للحل أو للتسوية أو للمفاوضات، ولا للانتقال السياسي، ولا لحكومة شراكة، حتى من نوع لا وطني، لكنه بتقسيمه سورية بين المعارضة وداعش والنظام، يلغي الحاجة إلى المفاوضات والتسويات والمطالب الديمقراطية من الأساس، ويمكّن كل طرف من تطبيق النظام الذي يريده في منطقته. وفي الحقيقة، ينهي وجود سورية نفسها كدولة.
ولا أعتقد أن الدول ستعارض ذلك، بل ربما وجد كثير منها، بما فيها من يدّعي الصداقة للشعب السوري حتى الآن، أفضل وسيلة للتملص من المسؤولية، كما سيجد في وجود دولة إسلامية متطرفة في شرق سورية أفضل وسيلة لدفع المسلمين السنة، وإغراقهم في شلالات دماء حرب أهلية داخلية.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/5706ac41-c143-4a71-9f5d-fd79480efc00#sthash.4OtGoKce.dpuf

لترتفع المعارضة السورية إلى مستوى مسؤولياتها

برهان غليون

29 نوفمبر 2014
برهان غليون


أثارت النزاعات التي شهدتها اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في ٢١-٢٣ من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهي تثير، منذ أشهر طويلة سابقة في الواقع، سخط الرأي العام السوري بجميع فئاته. لكن، بالدرجة الأولى سخط الشعب الذي يتعرض منذ ما يقارب السنوات الأربع لامتحان الحرب الهمجية القاسي، ولا يكاد يجد الوسيلة للحفاظ على البقاء، سواء بسبب قصف البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات الأسد أو تجاوزات أمراء الحرب، أو الفوضى الضاربة أطنابها، أو غياب الدعم الدولي الإنساني الكافي، داخل سورية وفي مناطق التشرد واللجوء.
أظهرت هذه النزاعات من جديد أن "الائتلاف" مصاب بمرض عضال، لا شفاء منه، وأن الائتلافيين انقطعوا تماماً عن عموم الشعب السوري، وهم يعيشون في فقاعة هوائية، تمنعهم من إدراك حقيقة الوضع المأساوي الذي تعيش فيه كل الفئات السورية، في الداخل والخارج. وكان السوريون الذين أنهكتهم الحرب في كل المدن والمناطق، وفتكت بهم نزاعات القوى المتصارعة، وأصحاب المشاريع الانتقامية والامبراطورية، من الميليشيات الأجنبية والمحلية، ينتظرون من المعارضة أن تغتنم فرصة الضغوط الدولية المتزايدة، من أجل البحث عن حلول سلمية في سورية، في ضوء تطور ما سميت الحرب ضد الإرهاب، حتى تجمع قواها وتنتزع المبادرة السياسية، وتعيد التركيز على حل القضية السورية، باعتبارها في صميم مسألة مواجهة الإرهاب والتطرف الذي جعله المجتمع الدولي، منذ تأسيس التحالف، عنوان تدخّله السياسي والعسكري في الإقليم المشرقي.
ولم يكن هذا من الأمور الصعبة، ذلك أن جميع الاطراف الدولية تدرك، اليوم، أنه لا أمل في الحد من تطور "داعش" وغيرها من القوى المتطرفة، من دون وضع حد لإرهاب الأسد اليومي، والذي لا يغذي مشاعر الغضب والنقمة عند السوريين وحدهم ضد التحالف الذي تجاهل هذه القضية السورية فحسب، وإنما لدى جمهور العرب والمسلمين أجمعين. ومن أجل ذلك، ارتأيت أن من المفيد التواصل مع مختلف الاطراف لنقل رسالة واحدة، قبل انعقاد جلسات الاجتماع، وهي:
ضرورة تجنب النزاع بأي ثمن، وإنقاذ سمعة الائتلاف والمعارضة، واستعادة بعض الصدقية والثقة الدولية، حتى نستطيع أن نفرض أنفسنا شريكاً في المداولات الواسعة التي تجري، الآن، من أجل فتح باب التفاوض من جديد حول مستقبل الوضع السوري، واستغلال ما بدر من إرادة دولية مشتركة، للخروج من المأزق الذي تشكله القضية السورية لجميع الأطراف، بما في ذلك روسيا وإيران. وليس هناك وسيلة لتجنب النزاعات سوى طي صفحة الماضي، والكف عن التفكير في تصفية الحسابات، أو تغيير القرارات التي جاء معظمها، في السابق، بدافع نكدي من كل الأطراف، فالسعي، في كل مرة، إلى حرمان الفائز من فوزه، والإعداد لمرحلة إسقاطه، وإصدار قرارات بإقالة أشخاص وقرارات مقابلة، بإعادة تعيينهم والعكس، لعبة عبثية وانتحارية بالنسبة للائتلاف، وهو ما حصل بالفعل حتى الآن، وهي لعبةٌ، ينبغي وقفها. ليس هناك خيار آخر سوى فتح صفحة جديدة، من دون إيلاء أهمية لمن هو الفائز الآن، المهم أن تستقر الآلة، أي الائتلاف، على الأرض، وتبدأ بالسير والعمل والإنجاز.
شرطا إنقاذ الائتلافللأسف، لم يكتب لهذه المبادرة النجاح، فمن الواضح أنه لا يزال هناك منسوب ضعيف جداً للشعور بالمسؤولية، وروح خصامية استثنائية لا تهدأ، واهتمام مرضي بالمواقع والمناصب الوهمية، ونسيان للواقع، والعيش في مكان وزمان آخريْن، لا يمتان بصلةٍ لزمان سورية المحنة والمأساة.
لا يوجد هناك حل لشلل الائتلاف، ولأي إطار سياسي جامع للمعارضة، أو للقوى الوطنية السورية التي هي، اليوم، بأمسّ الحاجة إلى أن تجتمع، وتوحّد صفوفها، لتتحول إلى طرف في المداولات الدولية، يمثل مصالح الشعب المكافح والدولة السورية، ويبرز قدرة السوريين على إدارة شؤونهم، وقيادة المرحلة الانتقالية، إلا بشرطين:
الأول، إلغاء التكتلات داخل الائتلاف وتحريمها، ورفض أي منطق محاصصة أو توزيع للمواقع حسب الانتماءات الخاصة، مهما كانت، والالتزام بالتصويت الفردي، وكل حسب ضميره وتقديره السياسي، للأشخاص الذين يختارون، أو يرشحون أنفسهم لاحتلال مواقع المسؤولية. وهذا يفترض قبل ذلك تعميق الإدراك لدى الجميع أن الأمر، أعني احتلال أي منصب أو موقع قيادي داخل الائتلاف والمعارضة، ليس مسألة تكريم وتشريف واعتراف بالمكانة والمقام، وإنما هو تقلد لمسؤوليات، وبالتالي، القيام بمهام يستدعي تحقيقها عملاً مستمراً وجهداً مضاعفاً، ولا يمكن القيام بها من دون كفاءات وخبرة ومعرفة وقدرات ذاتية ورؤية واضحة لها، وهذا يعني بحث الجميع عن العناصر الأكفأ التي تستطيع أن تنجز العمل، لا عن الأقرب أو الأكثر ولاءً لهذا الطرف، أو ذاك.
والثاني، البدء بتغيير قاعدة أعضاء الائتلاف التي لم تتغير منذ سنتين، على الرغم من التغيرات الكبيرة التي طرأت على تشكيل القوى السياسية والعسكرية والمدنية على الأرض، وتلاشي تنظيمات وظهور أخرى، من خلال فتح باب التداول على العضوية داخل الهيئة العامة، واستبدال ثلث الأعضاء، على الأقل، في كل دورة، لإتاحة الفرصة لدخول دماء جديدة من العاملين على الأرض، والمشاركين في النشاطات الميدانية، ودفع الأقل قدرة على العطاء إلى الخروج، والعمل ضمن الهيئات المدنية، إذا كانوا معنيين، بالفعل، بخدمة المجتمع والشعب.
من دون ذلك لن تتغير قواعد اللعبة، وسوف يبقى الصراع على مناصب فقدت معناها وبريقها الموضوع الأول والوحيد لاجتماعات الهيئة، كما حصل حتى الآن، ولا يبقى للائتلاف سوى أن ينكس الراية، ويحذو حذو المجلس الوطني السوري الذي خرج من السباق على القيادة، وأصبح نادياً اجتماعياً مغلقا لأعضائه، أو لبعضهم.
مقاتلون من الجيش السوري الحر في حلب (11أبريل/2014/الأناضول)

نحو هدنة مرحليةلكن، على جميع الأحوال، تطرح أزمة الائتلاف التي لم تكن، في أي يوم سابق، أوضح مما هي عليه اليوم، على الرغم من كل الوعود بالبحث عن التوافقات، وبالخروج من المماحكات والتناحر المرضي، مشكلة إعادة تأسيس جبهة المعارضة وقيادات الحراك الشعبي السياسي والمسلح، وهي المهمة التي لا يمكن تجاهلها، اليوم، مع تزايد المؤشرات على بداية جولة جديدة من مفاوضات السلام، مع تعاظم شعور جميع الأطراف بالاستنزاف ورفض الغرب والمجتمع الدولي تقديم أي مساعدة خاصة وحاسمة للسوريين، للقضاء على نظام القتل والإرهاب والدمار.
ليس المطلوب، اليوم، تنظيماً جديداً، يكرر مثالب وأخطاء تنظيمات المجلس الوطني والائتلاف، ويشجع على مزيد من الانقسام والتناحر والتنازع على القيادة والمناصب، إنما المطلوب فريق من قيادات المعارضة وأصحاب الخبرة والكفاءة والصدقية، عابر للتشكيلات القائمة، بما فيها الائتلاف، وبالتالي، مكمّل وموحّد لها، وليس نافياً ومناقضاً، يضع خطة للعمل، ويعرضها على الشعب، ويباشر في تنفيذ برنامج واضح ومتفق عليه للخلاص الوطني، تحت إشراف الرأي السوري العام ومراقبته.
في انتظار ذلك، أعتقد أن من مصلحة الجميع، داخل الائتلاف وخارجه، في صفوف المعارضة، إعلان هدنة مرحلية، يُصار فيها إلى تجميد النزاعات الشخصية والسياسية، وتجميع قوى الائتلاف والمعارضة على اختلافها، وتوحيد صفوفها، حول مبادئ عامة أساسية، يتفق عليها الجميع، بصرف النظر عن الشخص أو الأشخاص الذين سيتولون تمثيلها أو تطبيقها، من أجل التفرغ للمعركة السياسية الدولية التي بدأت إرهاصاتها، وسوف تتعاظم في الأسابيع المقبلة، حول إيجاد حل للقضية السورية، وفي قلبها حسم معركة الأسد، وموقعه في أي تسوية محتملة، أو مرحلة انتقالية.
وبإمكاننا، منذ الآن، أن نستفيد مما تم إنجازه في الاجتماعات الأخيرة، بانتظار حسم الخلافات الأخرى بالحوار، بما في ذلك في موضوع المجلس العسكري، والرهان على تفعيل الحكومة المؤقتة، ودعمها لتكون طرفاً فاعلاً في تعزيز مواقع المعارضة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وكذلك في المساعدة على استقطاب الدعم الدولي، الإغاثي والسياسي للمعارضة في بحثها عن حل للمأزق السوري، ما يعني، أيضاً، أن على الحكومة المؤقتة التي تمت المصادقة عليها، الأسبوع الجاري، أن تنأى هي، أيضاً، بنفسها عن الصراعات والتجاذبات والنزاعات داخل صفوف الائتلاف والمعارضة، وأن تتصرف كحكومة وطنية سورية، تعمل لصالح السوريين، ولتخفيف المحنة والضيم والعناء عنهم، وهي مستعدة للتعاون معهم، ومع جميع قوى المعارضة على قدم المساواة، ولا أعني بالمعارضة، هنا، تشكيلات بعينها، وإنما جميع القوى الفاعلة على الأرض، العسكرية والسياسية والمدنية، لتقديم أفضل ما تستطيع من العون للسوريين، وأن تكون، بالتالي، شريكاً وطرفاً في دعم الوحدة والتفاهم والانسجام داخل صفوف قوى الثورة والمعارضة، وجزءاً من الحل، لا جزءاً من المشكلة.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/3e048a76-4199-45af-a9bb-6a2bcdaf12af#sthash.rUTR4uQD.dpuf

مجلس قيادة الثورة إنجاز كبير على طريق خلاص السوريين


نجحت الفصائل السورية المقاتلة في تشكيل "مجلس قيادة الثورة" في اليوم الثالث من المداولات التي جمعت ممثلين عن قوى فاعلة داخل سوريا, والتي انعقدت في مدينة "غازي عنتاب" التركية, في ٢٩ كانون١ الجاري. 

واختارت القوى التي شاركت في الاجتماعات 73 عضواً في القيادة العامة، وضمت الهيئة العامة 219عضواً، والمكتب التنفيذي يضم 17 عضواً.

يستجيب هذا الاتفاق لحاجتين أساسيتين: توحيد الصف، وأعطاء دور أكبر ووزن أهم للفصائل الثورية الفاعلة على الأرض في أي قرار يمس مصير الثورة والبلاد.
ويؤكد المجلس في ميثاقه على أهداف يجمع عليها كل السوريين الأحرار:
- التصدي لجميع صور الإرهاب التي يمارسها النظام وحلفاؤه ضد الشعب السوري,
- وقف الممارسات الخاطئة والمضرة بالناس بما في ذلك ظاهرة التكفير بغير حق. 
- حشد الحاضنة الشعبية وتعبئتها لمواصلة الثورة بضرب المثال بالتضحية والعدل والأخوة والمشاركة بتحمل الأعباء.
- العمل على ضمان وحدة سوريا أرضا وشعبا, ورفض جميع مشاريع التقسيم وكل ما يمهد لها، وسعيه لإدارة المناطق المحررة بما يخدم مصالح المواطنين، - تأسيس سلطة قضائية مستقلة، والمحافظة على الهوية الإسلامية للمجتمع السوري، والعمل على رفع معاناة الشعب السوري في الداخل والخارج. 

تشكل ولادة هذا المجلس خطوة مهمة 
أولا لما تمثله من وعد بتجاوز العطب الرئيسيالذي عانت منه قضية الثورة والشعب في استعادة الكرامة والحرية ، وهو الانقسامات وغياب القيادة المركزية والموحدة للقوى الثورية العسكرية والسياسية.
وثانيا لأنه يأتي في وقت تتعرض فيه قضية الثورة للتلاعب حتى لا نقول التآمر من قوى متعددة محلية وإقليمية ودولية وهي تحتاج إلى ألى قيادة مركزية تساعد الشعب على استعادة المبادرة لضمان حقوقه ومصالحه الوطنية في مواجهة مشاريع التقسيم والتفتيت والإجهاض.
بانتظار أن يتأكد ما تم الاتفاق عليه، جميع السوريين يحيون هذه الخطوة الكبير التي كانوا ينتظرونها منذ زمن طويل لإعادة الثورة إلى طريقها الصحيح وتعزيز قدراتها ووضع حد لخطة تحويل سورية إلى مسرح لتصفية حسابات الآخرين وتحميل السوريين عبء نزاعاتهم وثمن مشاريعهم الهيمنية.

mercredi, novembre 26, 2014

حول مجزرة الرقة



ارتفع عدد شهداء مدينة الرقة إلى أكثر من مئة، وربما إلى مئتين، بعد الغارات التي شنتها طائرات الأسد على المدنيين ومؤسسات العبادة في هذه المدينة التي هي ضحية مزدوجة لقصف النظام واحتلال تنظيم الدولة في الوقت نفسه.
تؤكد هذه الغارات الاجرامية ما كنا نقوله سابقا من أن استراتيجية التحالف الدولي للحد من نفوذ داعش، من دون المساس بنظام الارهاب القابع على صدر الشعب السوري في دمشق، سوف تقود لا محالة إلى تقسيم للعمل يتكفل فيه التحالف بقصف التنظيم المتطرف ويختص فيه نظام الأسد بقصف السوريين الآخرين، من المعارضة المسلحة والحاضنة الشعبية ومعاقبتهم من دون أن يخشى أي رد.
يتحمل التحالف الدولي مسؤولية أساسية عن هذه المجزرة الجديدة التي تبرهن على تهافت استراتيجيته كما تفضح ما يحصل من تنسيق الأمر الواقع مع نظام الطغمة العسكرية، ويشجعها على الاستمرار في سياسة الحسم العسكري التي كان من المفروض وضع حد لها منذ زمن طويل من قبل التحالف والمجتمع الدولي على حد سواء.
ويتحمل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولية كبيرة أيضا بسبب وقوفه مكتوف اليدين أمام جرائم من مهمته وضع حد لها، وتطبيق قراره القاضي بوقف القصف بالبراميل المتفجرة والذي جعله الأسد حبرا على ورق. 
ما حصل في الرقة ويحصل كل يوم في المدن السورية الأخرى، في غوطة دمشق وحلب ومدن حوران والجزيرة وادلب وحماة وحمص هو النتيجة الحتمية للاستقالة السياسية والأخلاقية للمجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة وأمينها العام، واستسلامهم جميعا لابتزاز العنف والقوة وتسليمهم لها. ولن يوقفها سوى استعادة المجتمع الدولي لدوره وتحمله مسؤولياته قبل أن تفقد المنظمة الدولية آخر ما تبقى لها من كرامة وصدقية.

mercredi, novembre 19, 2014

خطة دي مستورا لتصفية القضية السورية

أثار المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، بفكرة المناطق المجمدة آمال سوريين كثيرين بإمكانية فتح ثغرة في جدار الحرب الوحشية، والتقدم، ولو خطوة صغيرة، في اتجاه التهدئة، على طريق إيجاد حل سياسي للمحنة السورية المستعصية.  ومن الطبيعي أن يثير هذا العرض خيال أبنائنا الذين يتعرضون في المناطق المحاصرة، أو الخارجة عن سلطة نظام الأسد، بمقدار ما يلوح لهم بالخلاص، على الأقل من حرب الجوع والبراميل المتفجرة والحارقة، ومن القنص والتشبيح من كل الأشكال. لكن، ليس في مخطط وقف إطلاق النار، بدءاً من حلب أي مشروع حل سياسي. بالعكس، هدفه مساعدة النظام من قبل حلفائه، الروس والإيرانيين، على قطف ثمار حرب التجويع والتركيع والقتل العشوائي والتهجير المنهجي للسكان، وقتل أي حياة مدنية طبيعية في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون. ولا يعني، في النهاية، إلا قبول السوريين بوضع حد للصراع، من دون أن يضمنوا أي تغيير، أو تحول في نظام الحكم وفي الحاكمين، بل، فقط، لقاء السماح لهم بعدم الموت تحت البراميل المتفجرة، وبتلقي المعونات الغذائية الدولية، أي الاعتراف في النهاية والإقرار بالأمر الواقع.
يعرف الإيرانيون الذين يقودون العمليات العسكرية والسياسية في سورية أن الاستنزاف أصاب جميع القوى، وفي مقدمها النظام، وأن الأسد ليس في حاجة إلى أكثر من تجميد المواقع، ووقف إطلاق النار، حتى يستمر، ويوقف تدهور موقفه العسكري والسياسي، فوقف إطلاق النار، من دون شروط، سوى تأمين الغذاء للمناطق المحاصرة، يعني، ببساطة، تحرير الأسد من كل الضغوط العسكرية والدولية، وتكريس سلطته من جديد في المناطق التي يسيطر عليها، وهي الأهم سياسياً في سورية، وتركه المناطق الأخرى الخاضعة للمعارضة تكتوي بنار الفوضى والصراعات الداخلية، والتسول على المساعدات الدولية.
مثل هذا الوضع لا يشكل ضماناً لبقاء الأسد، كما يريد الإيرانيون فحسب، وإنما يريح، أيضاً، المجتمع الدولي الذي يريد أن يتخلص من عبء المأساة السورية، ولا يبقي من القضية السورية، أعني قضية تغيير نظام حكم جائر وقاتل، إلا بُعدها الإنساني. سيقدم المجتمع الدولي المساعدات لمناطق المعارضة، حتى تستمر في الحياة، لكنه شيئا فشيئاً سوف يتعامل مع دمشق كعاصمة للدولة السورية المتبقية، في حين سينظر إلى مناطق المعارضة المتفرقة كفراطة وفرق حساب.

من الطبيعي أن يتحمس الأسد لمثل هذا المخطط الذي يأتي ليكمل عمله التدميري، ويؤمن استمراره، بتكريس تقسيم الأمر الواقع للبلاد بينه وبين المعارضة، مع احتفاظه بالجزء الأساسي من الدولة، ومواردها ورموزها، وتركه سائر المناطق هدية مسمومة للمعارضة تتنازع عليها مع داعش والقوى المتطرفة الأخرى، وتأكل بعضها فيها.
وليس من قبيل المصادفة أن يختار دي ميستورا مدينة حلب، والتركيز عليها، فبتجميد القتال في حلب يسمح لنظام الأسد الإيراني أن يستجمع قواه من أجل القضاء على معاقل الثوار في الغوطة الشامية، وينظف منطقته من المعارضة نهائياً. هذا أفضل تتويج يمكن أن يحلم به الأسد لسياسة عقد الهدن الكثيرة التي وقعها مع مقاتلي الأحياء والقرى، والتي حيد من خلالها آلاف المقاتلين، وخفف العبء عنه، ليعزز مواقعه في دمشق والوسط والساحل، ويجعل منها دولته الخاصة المعترف بها.
مشروع دي ميستورا هو طوق النجاة لنظام الأسد المتهاوي والمهدد، الذي يأتي في اللحظة المناسبة، وهو الضربة القاضية التي يريدها حلفاؤه للثورة وأهدافها. سيتمترس الأسد والإيرانيون في دمشق وملحقاتها، وهذا يكفيهم، ويتحدوا المعارضة في إقامة النظام التعددي الديمقراطي الذي قامت من أجله الثورة في مناطقها المبعثرة. بعكس ما يشاع تماماً، لا يفتح المشروع أي أفق للحل أو للتسوية أو للمفاوضات، ولا للانتقال السياسي، ولا لحكومة شراكة، حتى من نوع لا وطني، لكنه بتقسيمه سورية بين المعارضة وداعش والنظام، يلغي الحاجة إلى المفاوضات والتسويات والمطالب الديمقراطية من الأساس، ويمكّن كل طرف من تطبيق النظام الذي يريده في منطقته. وفي الحقيقة، ينهي وجود سورية نفسها كدولة.
ولا أعتقد أن الدول ستعارض ذلك، بل ربما وجد كثير منها، بما فيها من يدّعي الصداقة للشعب السوري حتى الآن، أفضل وسيلة للتملص من المسؤولية، كما سيجد في وجود دولة إسلامية متطرفة في شرق سورية أفضل وسيلة لدفع المسلمين السنة، وإغراقهم في شلالات دماء حرب أهلية داخلية.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/5706ac41-c143-4a71-9f5d-fd79480efc00#sthash.4OtGoKce.dpuf

dimanche, novembre 16, 2014

من حوران هلت البشاير: تحية لثوار الجنوب

لافت التقدم الذي يحرزه تجمع كتائب جبهة الجنوب في الجيش الحر على الأرض، منذ فترة، والذي جعل السوريين يشخصون بأبصارهم نحوهم. ها هنا قوة منظمة تعمل حسب خطة وتتقدم بشكل حثيث، ولا تهدر طاقاتها وجهودها في حرب مواقع غير متوازنة.
لكن اللافت أكثر هو البيان الذي أصدرته الجبهة وما عبر عنه من رؤية سياسية وروح وطنية أصبحت عملة نادرة اليوم وينبغي استعادتها. واختار من البيان هذه الفقرة المعبرة والكافية لإعطاء فكرة واضحة عن طريقة تفكير أخوتنا هناك، أبطال تحرير الجنوب في طريقهم إلى دمشق الغاية والهدف.
"من الآﻥ وحتى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بموافقة الشعب السوري تتعهد الجبهة الجنوبية بدعم إنشاء مشروع إطار للمرحلة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل هياكل السلطات المؤقتة على المستوى الوطني لتحقيق الاستقرار في سورية وللخروج من الحكم الاستبدادي. وتتعهد بحماية جميع المواطنين السوريين بغض النظر عن الانتماء الديني أو الثقافي أو العرقي أو السياسي وفق الشرعبة الدولية لحقوق الانسان. وكذلك فإن الحفاظ على المؤسسات الوطنية في القطاعين العام والخاص على المستوى الوطني وتأمين البنية التحتية الاقتصادية والخدمية في البلاد، هو في مقدمة أولويات الجبهة الجنوبية".
حياكم الله
كل السوريين ينظرون إليكم ويحيون انجازاتكم ويدعون لكم بالنصر.

jeudi, novembre 13, 2014

مع هؤلاء الاصدقاء سورية لاتحتاج لأعداء

لا يترك الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فرصة للتعبير عن عدم رغبته في التورط في القضية السورية، إلا واستغلها. وفي آخر مقابلة له مع محطة "سي بي إن" الأميركية، لم يخطئ المسار، فأكد ما كان قد ردده، في الشهر الماضي، ست أو سبع مرات على الأقل، أن التزامه في الشرق الأوسط اليوم يتعلق بالحرب ضد الإرهاب، وليس له علاقة بنظام الأسد، وأن حل الأزمة السورية لا يمكن أن يكون عسكرياً، وإنما من خلال تسوية سياسية. مضيفاً، هذه المرة، جملة معبّرة، ومثيرة للقلق في الوقت نفسه، هي: أن هذه المسألة "بعيدة المدى"، ما يعني أننا لا ينبغي أن نتوقع حتى ممارسته الضغط للتوصل إلى مثل هذه التسوية، وما على السوريين إلا التحلي بالهدوء والصبر، وتحمّل البراميل المتفجرة.
يريد أوباما من هذه التصريحات أن يبرهن على أنه صادق مع نفسه، ولا يقبل أن يغشّ السوريين، أو يعطيهم وعوداً كاذبة لا يمكنه الوفاء بها. والحال أن الولايات المتحدة لم تكفّ عن الإخلال بوعودها والتزاماتها في السنوات الثلاث والنصف الماضية من عمر الثورة السورية، تجاه المعارضة وتجاه الشعب السوري وتجاه العالم وتجاه الضمير الإنساني، فقد كانت قد التزمت، قبل مؤتمر جنيف وبعده، تجاه المعارضة، بتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، لدفع الأسد إلى قبول التفاوض الجدي على تطبيق بيان جنيف، ولم تقدم شيئاً يذكر في هذا المجال. وها هي تقبل أن تستقيل نهائياً من الموضوع، وتترك الأمر للمبعوث الدولي، دي ميستورا، ليرتب مسائل الهُدن المحلية التي تكمل ما قامت به ميليشيات الدفاع الوطني السورية، لتفكيك المقاومة، وتقسيم صفوفها وعزلها عن بعض.
وأخلّت الولايات المتحدة بالتزاماتها تجاه الشعب السوري، عندما تركته فريسة للقنابل والصواريخ والمدفعية الثقيلة، على عكس ما كانت تفرضه عليها العهود الدولية التي وقّعت عليها من التزام بحماية الشعوب المعرّضة للمجازر، أو جرائم الإبادة الجماعية، وهو ما يحصل أمام أعين العالم أجمع في سورية، منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وأخلّت بالتزاماتها تجاه العالم، عندما لحست الخط الأحمر الذي رسمته لاستخدام السلاح الكيماوي، في حملات قمع سياسية، وسجلت سابقة في تاريخ البشر السياسي، تتعلق بتطبيع استخدام السلاح الكيماوي، للقضاء على الاحتجاجات السياسية. وهي تخون، كل يوم، تعهداتها الدولية القانونية والسياسية، عندما تقبل الوقوف مكتوفة الأيدي إزاء مذبحة يوميةٍ، تنقل صورها وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، من دون أن تحرك ساكناً، أو تتحرك لوقفها، بذرائع واهية لا تقوم على برهان. وهي تتحدى المنطق والضمير الإنساني، عندما يردد قادتها، كل يوم وفي كل مناسبة، أنه لا حل للمذابح الشنيعة التي يرتكبها الأسد وميليشياته إلا بقبول الضحية بتقبيل أيدي جلاديها، والجلوس معهم على طاولة مفاوضاتٍ، ليس هدفها تغيير النظام القاتل، وإنما مشاركته الحكم.
في كل خطاباته وتصريحاته، حرص الرئيس الأميركي، في السنوات الثلاث والنصف الدموية الماضية، على تطمين الأسد وترطيب خواطره، والتأكيد له بأنه لن يكون هناك أي تدخل أميركي أو دولي، كما لو كان هدفه إطلاق يديه، وتشجيعه على الخروج عن كل قيد أو معيار أخلاقي، أو سياسي، في الفتك بشعبه وتدمير بلده. وحتى بعد تكرار الأسد استخدام السلاح الكيماوي، على الرغم من افتراض تدميره، تعامت الإدارة الأميركية عن كل الخروق، واكتفت بالتذكير بها في المناسبات. وتذرّعت بالخوف من سقوط الأسلحة في يد الإرهاب، لكي ترفض تقديم السلاح إلى المعارضة الديمقراطية، فكان لها الدور الأكبر في نمو القوى المتطرفة، وتحويل الإرهاب إلى القوة الرئيسية في سورية والمشرق كله. وأصرّت على أنه لا حل إلا سياسياً للحفاظ على الدولة ومؤسساتها، فكانت النتيجة دعم خيار الأسد في الحسم العسكري، وتمديد أجل الصراع، وترك الأسد يحقق حلمه في الانتقام وتدمير البلاد، كما لم يحصل لبلد من قبل. وبدل الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، تم تقويضها من الداخل، قبل أن تحتلها الميليشيات الممولة والمسلحة والموجهة من طهران، كما تم تحويل جيشها نفسه إلى ميليشيات متنافسة ومتنازعة على نهب الأفراد والجماعات. ومع ذلك، وبعد كل ذلك، لا يكفّ الرئيس أوباما، بمناسبة ومن دون مناسبة، عن تذكيرنا بأنه لن يتدخل، ولا يقبل التدخل، ولا يؤمن بالتدخل، لثني الأسد عن جرائمه، أو ممارسة أي ضغط عسكري، أو سياسي، على مَن يقف وراءه، ويدعمه بالمال والسلاح والرجال. كان دائماً يضعه على المستوى نفسه من المسؤولية عن الحرب والدمار مع خصومه، وربما أصبح اليوم يفضّله عليهم.
 
لا يمكن أن يكون كل هذا التهاون مع الأسد نتيجة خطأ في الحسابات أو التقديرات، أو بسبب مخاوف مشروعة من التورط في حروب خارجية، قررت الإدارة الأميركية الخروج منها، أو ثمرة الخوف من الالتزام تجاه الشعب السوري وقضيته المعقدة، كما يقال. بالعكس، يبدو مع مرور الزمن أكثر فأكثر، أنه نتيجة التزام عميق، لكن ليس بدعم الشعب السوري، وإنما بعدم التعرّض للأسد مهما كان الحال. والسؤال يتعلق فقط بالجهة التي اتخذ الرئيس الأميركي تجاهها هذا الالتزام: هل هي إسرائيل أم إيران، أم كلاهما معاً؟ يقول المتنبي: وَمِن نَكَدِ الدُّنيا عَلى الحُرِّ أَن يَرى عَدُواً لَهُ ما مِن صَداقَتِهِ بُدُّ.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/cca10e34-afb5-4598-99f6-83f3c4216967#sthash.o8lpzhko.dpuf

mardi, novembre 11, 2014

بيان حول المساعي الدولية الجارية لتنظيم مفاوضات بين المعارضة والنظام


حذار من التسابق على الكسر المجاني لخطوط التماس

أمام الخيبة التي منيت بها جميع الأطراف المشاركة في الصراع السوري، الداخلية والخارجية، تبرز ضغوط ومبادرات سياسية متقاطعة ومتنامية من قبل الجميع، بما فيها أطراف في المعارضة، للدفع نحو مفاوضات سورية بأي ثمن ومن دون أي أرضية وأسس ومباديء واضحة.
أي مفاوضات تفتح اليوم، من دون توحيد وجهة نظر المعارضة ووضع أسس متفق عليها بين السوريين للتفاوض، تضمن التسوية الوطنية القائمة على الحفاظ على وحدة سورية وحقوق المواطنة المتساوية ومن ضمنها حقوق الجماعات الثقافية والمذهبية المتنوعة، سيكون الرابح الأول فيها نظام الأسد، وسوف تتحول لا محالة، وبشكل تلقائي، إلى تقاسم للبلاد والسلطة بين ممثلي الطوائف والقوميات. ولن تستفيد منها سوى الدول والكتل الخارجية التي تختبيء وراء الجماعات والمعارضات التابعة لها، وتقودها وتشرف عليها، على حساب الشعب السوري. ستكون هناك حصة لايران وروسية والولايات المتحدة الامريكية وأوروبة والخليج وتركيا ودول مهمة أخرى، ولوكلاء مصالحهم بين الطوائف والقوميات، لكن لا شيء للسوريين. ولن تكون هناك دولة بالمعنى الحقيقي للكملة ولكن مشيخات وزعامات طائفية وقبلية وإتنية، تتناحر في ما بينها على المناصب والمواقع وتتقاسم الموارد الداخلية والخارجية كما هو الحال في العراق أو لبنان.
العمل على وقف القتل وتقليل عدد الضحايا ووقف اطلاق النار غاية نبيلة تستحق بذل كل جهد، لكنها لا تستطيع أن تمثل لوحدها أرضية سياسية كافية لضمان مصالح السوريين، بعد التضحيات الهائلة التي قدموها، ولا لوضع سورية على طريق إعادة بناء وطني حقيقي يحفظ حقوق جميع أبنائها ويساوي بينهم ويقيم حكم الشرعية والعدالة والقانون.
لا زلت أعتقد أنه، قبل الدخول في أي مفاوضات ينبغي للمعارضة أو للمعارضات، السياسية والمسلحة، أن تتفاهم على أسس التسوية التي تضمن مصالح الشعب السوري لا تلك التي تكرس تقاسم المصالح القائمة بين الدول الأجنبية. ومن أجل ذلك ليس هناك مهرب من تنظيم حوار سياسي بين أطراف المعارضة من جهة وبينها وقطاعات الرأي العام السوري الأخرى التي فقدت الثقة بنظام الأسد، من جهة ثانية، لنضمن أغلبية متوافقة على رؤية مشتركة لمستقبل الدولة والبلاد. وأعتقد أن وثائق المؤتمر الأول للمعارضة السورية الذي عقد في القاهرة في ٢-٣تموز ٢٠١٢مازالت في القسم الأكبر منها صالحة كمرجعية للنقاش بين السوريين.
باختصار، من دون وجود مفاوض سوري قوي ومدعوم بقوة عربية متماسكة، لن تكون أي تسوية محتملة سوى فرصة لتكريس تقاسم النفوذ بين الدول المنخرطة في الصراع على سورية والممسكة بأدوات القوة ووسائلها، وبالحكم والمعارضة أيضا.

بيان حول المساعي الدولية الجارية لتنظيم مفاوضات بين المعارضة والنظام

حذار من التسابق على الكسر المجاني لخطوط التما
أمام الخيبة التي منيت بها جميع الأطراف المشاركة في الصراع السوري، الداخلية والخارجية، تبرز ضغوط ومبادرات سياسية متقاطعة ومتنامية من قبل الجميع، بما فيها أطراف في المعارضة، للدفع نحو مفاوضات سورية بأي ثمن ومن دون أي أرضية وأسس ومباديء واضحة.
أي مفاوضات تفتح اليوم، من دون توحيد وجهة نظر المعارضة ووضع أسس متفق عليها بين السوريين للتفاوض، تضمن التسوية الوطنية القائمة على الحفاظ على وحدة سورية وحقوق المواطنة المتساوية ومن ضمنها حقوق الجماعات الثقافية والمذهبية المتنوعة، سيكون الرابح الأول فيها نظام الأسد، وسوف تتحول لا محالة، وبشكل تلقائي، إلى تقاسم للبلاد والسلطة بين ممثلي الطوائف والقوميات. ولن تستفيد منها سوى الدول والكتل الخارجية التي تختبيء وراء الجماعات والمعارضات التابعة لها، وتقودها وتشرف عليها، على حساب الشعب السوري. ستكون هناك حصة لايران وروسية والولايات المتحدة الامريكية وأوروبة والخليج وتركيا ودول مهمة أخرى، ولوكلاء مصالحهم بين الطوائف والقوميات، لكن لا شيء للسوريين. ولن تكون هناك دولة بالمعنى الحقيقي للكملة ولكن مشيخات وزعامات طائفية وقبلية وإتنية، تتناحر في ما بينها على المناصب والمواقع وتتقاسم الموارد الداخلية والخارجية كما هو الحال في العراق أو لبنان.
العمل على وقف القتل وتقليل عدد الضحايا ووقف اطلاق النار غاية نبيلة تستحق بذل كل جهد، لكنها لا تستطيع أن تمثل لوحدها أرضية سياسية كافية لضمان مصالح السوريين، بعد التضحيات الهائلة التي قدموها، ولا لوضع سورية على طريق إعادة بناء وطني حقيقي يحفظ حقوق جميع أبنائها ويساوي بينهم ويقيم حكم الشرعية والعدالة والقانون.
لا زلت أعتقد أنه، قبل الدخول في أي مفاوضات ينبغي للمعارضة أو للمعارضات، السياسية والمسلحة، أن تتفاهم على أسس التسوية التي تضمن مصالح الشعب السوري لا تلك التي تكرس تقاسم المصالح القائمة بين الدول الأجنبية. ومن أجل ذلك ليس هناك مهرب من تنظيم حوار سياسي بين أطراف المعارضة من جهة وبينها وقطاعات الرأي العام السوري الأخرى التي فقدت الثقة بنظام الأسد، من جهة ثانية، لنضمن أغلبية متوافقة على رؤية مشتركة لمستقبل الدولة والبلاد. وأعتقد أن وثائق المؤتمر الأول للمعارضة السورية الذي عقد في القاهرة في ٢-٣تموز ٢٠١٢مازالت في القسم الأكبر منها صالحة كمرجعية للنقاش بين السوريين.
باختصار، من دون وجود مفاوض سوري قوي ومدعوم بقوة عربية متماسكة، لن تكون أي تسوية محتملة سوى فرصة لتكريس تقاسم النفوذ بين الدول المنخرطة في الصراع على سورية والممسكة بأدوات القوة ووسائلها، وبالحكم والمعارضة أيضا.

dimanche, novembre 09, 2014

في المنتصف قناة القناة


http://www.youtube.com/watch?v=3JI2eq9xRbM&feature=youtu.be

سورية تحت الاحتلال /العربي الجديد

اجتازت طهران عتبة جديدة في سياستها السورية، فانتقلت، بمناسبة مرور ذكرى استشهاد الحسين في عاشوراء، من التدخل الشامل للحفاظ على نظام الأسد العميل لها، إلى سياسة الاحتلال الطويل لبلدٍ لا يزال شعبه يقاتل، منذ أربع سنوات، للتحرر من الارتهان لطغمة عسكرية فاشية، مستعدة لاستخدام أكثر الأساليب وحشية، وبيع البلاد إلى مَن يشاء، في سبيل الحفاظ على الحكم والاستمرار.
فما نقلته وكالات الأنباء عن مصادر متقاطعة عن مشروع توحيد الميليشيات الشيعية، العراقية والأفغانية والإيرانية، التي تستخدمها طهران للقضاء على مقاومة الشعب السوري وإخضاع السوريين لإرادتها، في جيش جديد، يعمل، جنباً إلى جنب، مع قوات حزب الله التابعة لها وما تبقى من ميليشيات الأسد وقواته المتفككة ـ التي يحاول أن يعيد ترميمها، من خلال حملة اختطاف الشباب وتجنيدهم بالقوة ـ يعني أننا أمام فرضية الاستيطان في الحرب، وتحويل سورية إلى مسرحٍ لصراع مديد قد يتجاوز عشرين عاماً، ويجمع بين الحرب الجيوسياسية والدينية والقومية والثقافية معاً، ويهدد بفصل المنطقة، بأكملها، عن دورة الحضارة والمدنية.


استعراض القوة في عاشوراء
بدل تراجعها خطوة أو خطوتين، كما كان التحالف الغربي يأمل، للمساعدة في الحرب ضد الإرهاب الداعشي التي تصب في مصلحة إيران، قررت طهران الهجوم بقوة أكبر، ورمي كل ثقلها وراء مشروع سيطرتها الإقليمية، والمراهنة، أكثر من أي فترة سابقة، على الحرب الدينية والمذهبية التي تعتقد عن حق أنها تملك فيها ميّزات تفاضلية أعظم، بعدما نجحت في تجييش المشاعر الطائفية عند الجماعات الشيعية التي كانت قد خضعت، خلال قرون، لهيمنة الإسلام السني، وتعلمت التعايش مع وضعها كأقليات.

وما حصل من استعراض للقوة والسطوة المذهبية، بمناسبة عاشوراء في المدن السورية، وفي مساجد المسلمين السنّة، وأسواقهم التقليدية، يدل على أن طهران بدأت تعتقد أن حملة التشييع الخفية، التي مارستها في الثلاثين عاماً الماضية، وحققت فيها بعض النتائج، لم تعد ضرورية، ولا منتجة، وأن بإمكانها، منذ الآن، أن تسفر عن وجهها، لتثبت مكاسبها، وتعمل على تعظيمها، وتأكيد حضورها العلني القوي في مدن سورية وأحيائها، وأن تبرز هدفها في تغيير البنية المذهبية والسكانية للبلاد، لتزرع العداء والانقسام بين أبناء الشعب الواحد، وتجعل القطيعة غير قابلة للتراجع، وتتصيّد في ماء الفتنة الطائفية العكر.

وهي، منذ الآن، تعدّ الشبان الشيعة الذين تدعوهم للقتال في سورية من كل البلاد، بمرتبات عاليةٍ لم يحلموا بمثلها من قبل، وتعدهم بالقدوم مع عائلاتهم لاحتلال منازل السوريين المهجرين، والحصول على الجنسية السورية، ليصبحوا جزءاً من المجتمع الشيعي الجديد الذي تنوي إقامته في سورية، كقاعدة دائمة لاحتلالها ونفوذها. وهي تنحو، في ذلك، نحو المنظمة الصهيونية التي غيّرت، بالفعل، من خلال الحرب والقتال الطويل وبث الذعر والفوضى في المجتمعات المحلية المشتتة الطبيعة السكانية والحضارية لفلسطين، وجعلت من المجتمع اليهودي في فلسطين أمراً واقعاً، لا يمكن الرجوع عنه، هو الذي تحول إلى دولة اسمها إسرائيل.
صورة للخميني في الضاحية الجنوبية في بيروت (26أغسطس/2008/Getty)

مَن يغذّي جنون العظمة الإيراني
يغذي هذا الطموح لانتزاع سورية بعد العراق ولبنان من العالم العربي وإلحاقها بإيران، واعتبارها بمثابة المحافظة 35 من محافظاتها، عوامل عديدة مترابطة:
الأول سكوت المجتمع الدولي وخنوعه، سواء على مستوى الأمم المتحدة التي يفترض أن تكون وصية على سيادة الدول واستقلال الشعوب وحريتها ضد العدوان الأجنبي، أو على مستوى الدول الكبرى العضو في مجلس الأمن التي يتوجب عليها، حسب مواثيق المجلس، حفظ الأمن والسلام الدوليين، ووقف عمليات الاحتلال والإبادة الجماعية والقتل المنهجي والمنظّم على أساس التمييز الطائفي أو القومي أو الجنسي. ولا أحد يعرف بالضبط ما إذا كان موقف المجتمع الدولي، الصامت والمكتوف اليدين، أمام جرائم ضد الإنسانية ترتكب منذ أكثر من ثلاثة أعوام في سورية، بتوجيه وتنظيم وتخطيط من حكومة طهران، وبأدواتها وأذرعها المسلحة، نابعاً من التواطؤ والضلوع في الجريمة والموافقة على الأهداف، أم من البلادة والخوف والغباء السياسي، أم من عدم المبالاة والاستقالة السياسية والأخلاقية.
والعامل الثاني الذي يشجع طهران على أن تحلم بتحويل سورية إلى "إسرائيل" ثانية عن طريق التهجير والتدمير وإحلال شعب محل شعب، نجاح النخبة التيوقراطية الحاكمة في إيران، وعلى رأسها السيد علي خامنئي، في تجييش الجماعات الشيعية، المنتشرة في أكثر من بلد ومكان، للدفاع عن نظامها، ودعمه في تحقيق مشروع هيمنتها الإقليمية التي لا تكف عن التذكير بحقها فيها، ورهانها على قوة المشاعر الطائفية، لمواجهة المقاومة العربية، بعدما فشلت في فرض إرادتها على المنطقة، من خلال قيادة ثورة إسلامية عابرة للطوائف، تعيد تكتيل المشرق والعالم العربي من حولها.

وما شهدته شوارع دمشق ومساجدها من الاستعراض الكثيف والصادم للحضور الشيعي الأجنبي، الإيراني والأفغاني والعراقي وغيره، يهدف، بالضبط، إلى تعبئة المشاعر العدائية عند ميليشياتها، والتلويح لها بالانتصارات والمكاسب الهائلة التي ستجنيها من وضع اليد على المدن المفتوحة، ودفعها إلى المواجهة والقتال بشراسة، باسم الحسين وراية حب أهل البيت، ضد أصحاب البلاد الأصليين. أكثر فأكثر، تتطابق استراتيجية التعبئة الدينية الإيرانية مع التعبئة الدينية التي استخدمها الكهنوت الكاثوليكي في القرون الوسطى، ليحرف نظر المسيحيين عن طغيان الكنيسة ورجالها، وليوجه عدوانيتهم نحو اليهود بوصفهم قَتَلَة المسيح، وفي مرحلة لاحقة ضد المسلمين الذين احتلوا الأراضي المقدسة المسيحية، والتي قدمت التبرير الديني للحروب الصليبية. وأكثر فأكثر، تستخدم شهادة الإمام الحسين من الكهنوت الإيراني، في سبيل توجيه التهمة الجماعية للسنّة، وتبرير قتالهم بوصفهم قتلة الحسين، كما يستخدم شعار لبّيك يا حسين صرخة حرب للمتشيعين الفرس، في مواجهة شعار الله أكبر الذي يستخدمه المقاتلون السنّة.
بشار الجعفري ممثل النظام االسوري في الأمم المتحدة (24سبتمبر/2013/أ.ف.ب)
والعامل الثالث هو انحناء العالم العربي أمام الهجمات الأجنبية المتقاطعة، بل انمحاؤه، وفقدانه توازنه، وانهيار استراتيجيته ودفاعاته التي تمحورت، منذ عقود، خلف حلم التكتل العربي والفكرة القومية التي تحولت على يد طغم حاكمة مافيوزية إلى وسيلة للتغطية على السياسات اللاوطنية، وتجريد الشعوب من حقوقها الفردية والجماعية، والحيلولة دون أي تفاهم، أو تعاون، إقليمي، باسم الحفاظ على السيادة والاستقلال، في وقت فتحت فيه الأبواب على مصاريعها، لإدخال القوى الإقليمية والدولية التي تتقاسم معها المصالح والمنافع الناجمة عن دحر الشعوب، وتهميشها وإخراجها من دائرة الفعل والسياسة والقرار. وفي السياق نفسه، ينبغي النظر، أيضاً، إلى القطيعة التي كرستها نُظُم الطغيان والفساد بين الشعوب العربية، وبينها وبين الدول الإقليمية الديمقراطية التي تمثل الثقل النوعي الوحيد الذي يمكن أن يحد من الاختلال الخطير في التوازنات الإقليمية.

وفي هذا السياق، أيضاً، تكمن بذور الفتنة التي شجعت عليها أوساطٌ أصابها الهلع من فقدان السيطرة ودق إسفين العداء داخل المجتمعات العربية بين قوى إسلامية وقوى علمانية، في وقت تحتاج فيه هذه المجتمعات، أكثر من أي فترة سابقة، إلى التفاهم والاتحاد.
العامل الرابع، خلط الأوراق الذي نجم عن ظهور داعش، والذي كانت طهران والنظام السوري المستفيدين الرئيسيين من وجوده وتوسعه، سواء قبل تشكيل التحالف، عندما كان يواجه الجيش الحر، ويحتل المناطق التي حررها من نظام الأسد، أو بعده، عندما أصبحت الحرب على الإرهاب الأجندة الوحيدة للمجتمع الدولي، بعد أن تصدر الصراع ضد داعش واجهة المشكلات في الشرق الأوسط والمشرق العربي، حتى أن دولاً أعضاء كثيرة في التحالف كانت حريصة على إشراك إيران الخامنئية فيه. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن أكبر خاسر من ظهور داعش ثم من حرب التحالف ضدها كانت القضية السورية التي يكاد الصراع ضد الإرهاب يغطي عليها، ويغيّب معاناة الشعب السوري، واستشهاده، عن أعين العالم وسياسييه.
إيران التوسعية وداعش، وجهان لعملة واحدة، وهما يخدمان بعضهما، بمقدار ما يوجهان المنطقة، بأكملها، نحو حربٍ دائمة، ويعطلان كل نوابض التواصل والتفاهم والتعاون بين جماعاتها، ويقطعان الطريق على أي أمل بإعادة بناء دولة المواطنة المتساوية والمؤسسات وحكم القانون، ويستبدلانها بدولة الميليشيات وزعماء العشائر ومرتزقة الدول والأجهزة والمافيات، فكلاهما يدركان أن الحسم العسكري مستحيل، ولا يراهنان من أجل تحقيق أهدافهما سوى على إطالة أمد الفوضى والضياع وزرع اليأس والقنوط في نفوس المشرقيين.


أربعة محاور للعمل
في قلب هذه الفوضى والحرب الدائمة والخراب والدمار، تحولت سورية مسرحاً لكل الحروب والمواجهات، وهي مهددة بأن تصبح موطناً دائماً أو طويل المدى لبربريتين متنازعتين، ومتضامنتين، في الوقت نفسه، ضد المدنية والحضارة والأمن والاستقرار والحياة. كلاهما يجعل من ثقافة الموت شهادة على الحقيقة والصواب، ومن قتل الإنسان عبادة وتقرّباً من الله، ومن الكذب والنفاق وتزوير الحقائق دليل إيمان وصدق. كلاهما يحولان الإيمان بالله كفراً بالإنسان.
ليس هناك وصفة سريعة وجاهزة لمواجهة طاعون الحرب والخراب والفوضى الفكرية والسياسية والعسكرية التي يشهدها المشرق، اليوم، وقسم كبير منها مصنوع عن عمد وسابق تصميم، سوى بالجمع بين أربعة مساعٍ متوازية:
أولاً، إعادة إحياء الضمير العالمي، وحث المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤولياته تجاه الشعوب المهددة في حياتها وبقائها، والقيام بالتزاماته في حمايتها، وضمان حقوقها. وثانياً، إدانة الطائفية كشكل من أشكال العنصرية، ووقف التواطؤ، مقصوداً كان أم لا، مع مشروع طهران الاستعماري، وإجبارها على تغيير سياساتها القائمة على زرع الفتنة المذهبية، وتعبئة مشاعر الكراهية والحقد والانقسام داخل المجتمعات، والتدخل السافر في شؤونها بالوسائل العسكرية والسياسية، وتجنيد ميليشيات من المرتزقة المحليين والأجانب، للعمل في خدمتها، باسم تصدير الثورة، أحياناً، وحماية مقدسات الشيعة، أحياناً أخرى، والحفاظ على خط المقاومة المزعومة لإسرائيل، أحياناً ثالثة، بينما لا تخدم سياساتها التخريبية سوى مشاريع التوسع الاسرائيلي في فلسطين والعالم العربي.

وثالثاً، إيقاف العالم العربي، والمشرق بالخصوص، على قدميه، وإخراجه من حالة الانقسام والتشتت والفوضى وانعدام الثقة الذي دمر معنويات شعوبه، وأهدر طاقاتها وأفقدها أي أمل بالمستقبل.

ورابعاً، معاملة داعش والسياسة التوسعية الإيرانية على قدم المساواة، كمصدر لزعزعة الاستقرار وتدمير أسس الحياة المدنية والقانونية في المنطقة، وإهدار حقوق الأفراد والجماعات على مذبح إرادة السيطرة والتسلّط التي تتغذى من جنون العظمة القومية والدينية والاستهانة بالإنسان والمجتمع والتاريخ، على حد سواء.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/828a28c9-3787-42ba-879c-df18f7d173be#sthash.dIlCH0Vl.dpuf

jeudi, novembre 06, 2014

رسالة اليوم الرد على تغول طهران


أظهرت الأشهر الماضية أن اهتمام العالم بالقضية السورية بدأ يتراجع، وأن التركيز على داعش وانتصاراتها وهزائمها صار اليوم أكثر حضورا في الاعلام والسياسة الدوليين من حرب الابادة الجماعية التي يخوضها نظام فقد هويته وتحول إلى واجهة لحرب استعمارية ايرانية. ولا شك أن لنا نحن السوريين، وللمعارضة السياسية والمسلحة بشكل خاص، نصيب كبير من المسؤولية في الوصول بقضيتنا إلى هذا الوضع.
مهمتنا جميعا هي إعادة الانتباه العالمي إلى معاناة شعبنا و تركيز الأنظار الاعلامية والسياسية على الحرب العدوانية التي تخوضها طهران البسدرانية ووكيلها في دمشق على السوريين، وتهدد بوضع مناطق جديدة في غوطة دمشق وحلب وحمص وحماة تحت الحصار، بينما تستقر داعش من دون أن يزعجها أحد، لا ايران ولا النظام ولا حتى قوى التحالف، في الجزء الأكبر من الداخل السوري، بل وتحتل المزيد من الأراضي وحقول النفط والغاز.
من الضروري أن يركز جميع السياسيين والناطقين الاعلاميين السوريين في لقاءاتهم ومداخلاتهم على رسالتين رئيسيتين. 
الأولى في اتجاه الرأي العام العالمي وقوات التحالف الدولي، ومضمونها أن على المجتمع الدولي أن يدرك أن سياسة الفصل بين التصدي لداعش وايجاد حل للقضية السورية، أي وضع حد لحرب الإبادة في سورية، في غوطة دمشق وحلب وريف حمص وحماة وغيرها من المناطق قد باءت بالفشل، وأن داعش زاد قوة بسبب هذه السياسة بدل أن يضعف. وأنه لا أمل في تضييق الخناق على داعش من دون التصدي للسياسة الايرانية الأسدية التي أطلقت العنان له، ولا تزال المبرر الرئيسي في نظر الرأي العام لوجوده وتقدمه. وأي محاولة للتفاهم مع طهران أو لغض النظر عن أعمال الأسد بهدف كسبهما لصف الحرب على داعش على حساب دعم القضية السورية ستكون نتيجتها وضع الماء في طاحونة داعش ومساعدتها على البقاء والتمدد وجذب المزيد من الأفراد.
وهذا يعني أن على التحالف ومن يقفون وراءه أن يدركوا أن مصير الغوطة وحلب وحمص ودرعا وحماة والدير والرقة وغيرها من المدن السورية ومصير سكانها لا ينبغي أن يكون أكثر أو أقل من مصير أي منطقة أخرى. وداعش حلب لا ينبغي أن يتمتع بمزايا أكثر أو أقل من داعش عين العرب/كوباني. وان المعركة الحقيقية ضد داعش وصانعيها وحلفائها الرئيسيين هي هنا حيث يقتل كل يوم عشرات السوريين معظمهم من الأطفال والنساء والمدنيين وتدمر حياة كل سكان المدن والاحياء ومستقبلهم.

والرسالة الثانية موجهة إلى الدول العربية التي تعلن تاييدها لقضية السوريين في الخلاص من نظام القتل والدمار والإبادة بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية ومفادها أن من الجنون والعبث أن تستمر المناحرات والاختلافات في ما بينها، وبينها وبين تركيا، في الوقت الذي تتعرض فيها المنطقة، من العراق وسورية إلى اليمن، إلى أكبر حملة، أو كما يقول الكثيرون، مؤامرة ايرانية معززة بعشرات الميليشيات الطائفية الأجنبية الأفغانية والآسيوية، التي لا تخفي كما حصل في دمشق في عاشوراء رغبتها في وضع يدها على المقدسات الاسلامية، وفي مواكبتها وإلى جانبها وصفها ميليشيا داعش التي تعمل على هامش الأزمة التي تثيرها الطائفية الخامنئية وتتغذى منها. 
لن نستطيع أن نواجه خطر الانزلاق نحو حروب طائفية لا تنتهي، تشجع عليها السلطة التيوقراطية في طهران، والتي تقوم استراتيجيتها على الاصطياد في الماء العكر، من دون أن نوحد جبهة الدول والقوى المعادية للطائفية واللعب بالمشاعر المذهبية والدينية. وهذا ما يتطلب هو نفسه أيضا بناء هذه الجبهة على أسس واضحة من الالتزام بقيم الديمقراطية والحرية الدينية والتفاهمات السياسية والاتفاقات والمعاهدات الرسمية. 
الرد الأقوى على طهران هو تفاهم تركي عربي وتوقيع اتفاقية صداقة تركية عربية.