dimanche, juin 30, 2013

حمص الاسطورة لا تسقط ولا تموت


أطلق العداون المتجدد على حمص، وعلى جامع الصحابي والقائد العسكري الفذ، خالد بن الوليد، الذي أعطى المدينة اسمه، أقلام أبنائنا الناشطين الذين أرعبهم مصير القصير، بما اتسم به من همجية في القصف والدمار والتهجير. وتباروا في الدعوة لنجدة المدينة المحاصرة منذ أكثر من سنة، وهددوا أركان الجيش الحر وتوعدوا الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ولم تجد الاركان جوابا على استغاثات شباب حمص سوى التهديد بمقاطعة مؤتمر جنيف، أما أعضاء المعارضة والائتلاف فقد وجدوا من الأسهل عليهم التهديد بحل الائتلاف لوضع الدول الحليفة أمام مسؤولياتها السياسية والانسانية؟؟ 
تقدم قوات النظام وميليشياته في أحياء حمص القديمة ضربة معنوية بالتأكيد للثوار، وعلينا جميعا، عسكريين وسياسيين، العمل بكل الوسائل لتجنيب الثورة نكسة إضافية. 
لكن لا أرى تماما ما هي العلاقة بين تعزيز الدفاعات عن حمص ومقاطعة مؤتمر جنيف أو حل الائتلاف أو القطع مع الدول الصديقة أو اتهامها. هذا يعني أننا نعتقد أن مشاركتنا بمؤتمر جنيف إذا حصلت، وهذا لم يتحدد بعد أصلا، أو حفاظنا على الإئتلاف، هو خدمة لمصالح الدول الأجنبية التي تدعي صداقتها لنا، وليس من أجل مصالحنا الوطنية. ونتحدث عن الدول التي تشكل نواة تجمع أصدقاء سورية ونعاتبها كما لو كانت بمثابة حاضنة لنا، ومسؤولة عنا وعن انتصارنا، وننسى أنها دول أجنبية، وأن لها مصالح وسياسات واستراتيجيات وحسابات لا تنبع من "حبها" لنا بالتأكيد، وأنها لا تحبنا بالضرورة وربما لا ترغب حتى في التورط في قضيتنا والتضحية من أجلنا. نتصرف في الحالتين كأطفال يهددون بإيذاء أنفسهم أو برميها من النافذة إذا لم تلب مطالبهم، بمثل هذا السلوك والمنطق لن نربح شيئا ولن نحمي حمص ولا ننقذها.
لا يحتاج إنقاذ حمص إلى مقاطعة جنيف، ولا يمكن للتهديد بالانتحار أو بقطع العلاقات مع الدول شبه الحليفة أو الحليفة بالاكراه، تعزيز موقف الثوار في حمص ولا ربح معركة بقاء سيطرة الثوار المحاصرين على حمص. يستدعي الدفاع عن حمص ببساطة تنظيم جهدنا العسكري الذي لم نقم به خلال أكثر من سنة من الحصار، وهذا لا يقتصر على تقديم السلاح والمال، وإنما يحتاج إلى بناء جبهة حمص العسكرية بالفعل وتطوير بنية قتالية حقيقية، وقيادة عسكرية موحدة لثوار حمص وخطط مدروسة، وغرفة عمليات مؤلفة من ضباط محترفين قادرين على التواصل المستمر مع القطعات وإعطاء الأوامر وتلقي المعلومات والتحكم بالعمليات. 
ويستدعي أيضا وجود قيادة سياسية متواصلة مع المقاتلين ومهتمة بتامين الدعم والغطاء السياسي لهم، سوريا وعالميا، وقادرة، بما توحي لهم به من الثقة والاهتمام، وما تبث فيهم من روح الوطنية، على أن تحفزهم للقتال وتشحذ هممهم وترفع معنوياتهم. 
وكل هذا لا يحصل بين ليلة وضحاها وإنما يحتاج إلى عمل دؤوب ومستمر، على مستوى التنظيم والتدريب والتسليح والتوعية السياسية والوطنية. كما أنه لا يتحقق بالتهديد بالاستقالة والانسحاب من الأطر العسكرية والسياسية كلما واجهتنا صعوبة، ولا بتعطيل هيئات الائتلاف والمعارضة خلال شهر كامل لترتيب المواقع الشخصية لهذا المرشح أو ذاك. 
الذي يهدد مواقع الثوار في حمص ليس الإعلان عن مؤتمر جنيف ولا وجود الإئتلاف ولكن غياب العمل الجدي والمهني العسكري والسياسي في حمص وغيرها من المدن والجبهات السورية. وتنظيم هذا العمل هو الذي يسمح لنا بالرد على التحدي، ولا يفيد من دونه ندب ولا استغاثة ولا بيانات ولا تهديدات ولا انتحارات سياسية. وربما لا نبالغ إذا قلنا أن الدول الحليفة بالاكراه لن تتأثر بكل هذه الحركات وربما وجدتها مناسبة لترتاح منا ومن مواقفنا الطفولية.
لا يزال مصير معركة حمص كما هو الحال في كل المناطق السورية في يدنا. ومهما نجح النظام في كسب هذا الموقع أو ذاك فهو لن يستطيع أن يربح الحرب، بل ولا أن يسيطر على المدنية. المهم أن نعرف نحن كيف نستمر في المقاومة، مهما كانت الأوضاع ومع تغير الأوضاع، ونستمر في القتال مع تغيير تكتيكاتنا وتشكيلاتنا القتالية. 
لا أدري إذا كان المقاتلون في حمص سيستطيعون مقاومة جحيم القذائف التي يتعرضون لها أم لا، لكن على جميع الأحوال ليست معركة الدخول ثانية إلى المدن في أقرب وقت بأصعب من معركة الخروج منها. ولا أعتقد أن البقاء تحت الحصار في حمص أفضل من الخروج لمقاتلة ميليشيات النظام على حدود حمص، على طريقة حرب العصابات، وقطع طرق الاتصال والمواصلات للنظام، ونصب الكمائن لشبيحته وقواته. وهذه هي التكتيكات التي كان من المفترض أن تكون تكتيكات معركتنا الرئيسية التي تسمح للثوار بأن يتصيدوا أعداءهم ويحموا أنفسهم في الوقت نفسه. وكان من الأفضل لو أن الثوار المحاصرين بادروا إلى الأخذ بها منذ زمن أطول. 

حمص ليست مدينة ولكنها أسطورة، والاسطورة لا تسقط ولا تموت. والشعب سينتصر والنظام سيهزم، سواء ربح في بعض المواقع أو خسرها. فالعصابة لا تصبح دولة، والمجرم لا يتحول إلى رجل دولة وقانون. 
والطريق واضح ومعروف : الاستمرار في المقاومة، والاصرار على التقدم والتصميم على النصر. وهذا لوحده كفيل بأن يكسر إرادة أعداء الشعب، ويغير مواقف الدول الصديقة وغير الصديقة من قضيتنا المقدسة، ويمكننا، ليس من تحرير حمص، عاصمة الثورة فحسب، وإنما الدخول منصورين بإذن الله إلى دمشق الفيحاء عاصمة الدولة السورية الواحدة والمتجددة.

mercredi, juin 26, 2013

إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا


إلى كل أخواني الناقمين عن حق على سلوك المعارضة السياسية والعسكرية ومنظمات الإغاثة والدعم، لا فائدة من التنابذ بالالقاب والاتهامات المتبادلة التي تسيء إليبنا جميعا ولا تفيد في تقدم الثورة أو الخلاص. اتركوا كلام الاحباط والاحقاد والدس الرخيص لشبيحة النظام، المسؤول الأول عن كل ما يجري لشعبنا من مذابح وفي بلادنا من دمار. لا تخطئوا الهدف. إذا كان بإمكانكم عمل شيء ايجابي لمساعدة اخوتكم أو تشجيع بعضكم البعض على تقديم الدعم، فجزاكم الله خيرا، وإلا فالإساءة للآخرين لا تغير شيئا ولكنها تضر بنا جميعا كسوريين وتحول دون تقدم الثورة والخلاص من المحنة.
وضعنا بالتأكيد من أصعب الأوضاع التي عاشها شعب في التاريخ، والأخطاء والتقصير من كل الأطراف لا حدود لها. لكن إذا اردنا أن نخرج من المحنة ونساهم في الخروج منها علينا أن نتحلى بالصبر، "فاصبر على ما أصابك إن ذالك من عزم الأمور"، وأن نقوي التضامن في ما بيننا، ونلأم جراح بعضنا بعضا، لا أن نزيد شدة وقساوة وقهرا على أنفسنا فوق قهرنا. ولنعلم أننا لسنا وحدنا الذين نعاني، فكل السوريين مجروحين، وكلهم مقروحين.
المعارضة مشلولة بسبب تنازع بعض قادتها على النفوذ والسلطة، هذه حقيقة لم نكف عن تأكيدها، لكن كل المعارضين ليسوا متنازعين. وبعض المعارضين أو المحسوبين على المعارضة والثورة والكتائب المقاتلة يستفيدون هنا وهناك، لكن الأغلبية الساحقة منهم مثال للنزاهة والتضحية، حتى لو أن هذه الأغلبية غير قادرة على العمل وتغيير الحال بسبب ضعف الخبرة وغياب التجربة وتعدد التدخلات الخارجية. ومن واجبنا إذا أردنا الخلاص لشعبنا أن نساعد العناصر النزيهة والشريفة على عزل العناصر الفاسدة، وأن نعطي لكل ذي حق حقه لا أن نضع الجميع في سلة واحدة. وعلى كل الأحوال لا تدعوا شكوكم بفساد بعض عناصر المعارضة والثورة، وهي حقيقة، فسادا سياسيا وماليا، ينسيكم الفساد العظيم لعناصر النظام الذين جعلوا البلاد مزرعة خاصة لهم ولأبنائهم وأحفادهم وازلامهم وشبيحتهم يعيثون فيها الفساد كله، وقادوها إلى ما نعيشه من جحيم.
القيادة العسكرية أيضا مقصرة، وربما قسم كبير من الكتائب المقاتلة لا تتلقى ما تحتاجه من ذخيرة وسلاح. لكن هيئة الاركان أيضا لا تستطيع أن توزع أكثر مما يصلها، وهي ليست قادرة على جلب ما تريده من سلاح. ثم إن مشاكل توزيع السلاح لا تنفصل عن أخلاقيات الناس وخبرة الإدارة والتنظيم ونوعية العلاقات التي تقيمها الكتائب مع الأركان. وما لم تحصل إعادة هيكلة وتنظيم للكتائب تحت قيادة مركزية قوية وموجودة على الأرض ستظل المشكلة قائمة.
الجميع مقصرون في مواجهة الكارثة التي قرر نظام الجريمة والقتلة أن يقود إليها سورية وشعبها عقابا على خروجهما على إرادته ورفضهما لقبول العبودية له والتسليم به وبنظامه كقدر. وكل واحد منا مقصر ما لم يفكر في الطريقة التي يمكن ان يساهم فيها في مجهود الخلاص، والاسراع بخروج الشعب والبلاد من الحفرة التي حفرهتها لها، ولا تزال، الطغمة المارقة والحاقدة المتمردة على المجتمع والدولة.
موقف التبرم الدائم والشكوى والندب ورمي المسؤولية على الغير من المقاتلين أو المعارضين وزرع الفتنة داخل صفوف الثورة لن يحل أي مشكلة ولكنه سيعقدها. ما أصابنا أكبر منا جميعا، ينبغي أن نعترف بذلك، وأن نعمل من منطلقه، وهو أكبر مما أصاب أي مجتمع خلال التاريخ كله. لم يحصل أن دولة بكل ما تملك من وسائل عنف وموارد وجيوش وأجهزة انقلبت على شعبها، وصارت قوة احتلال، وقررت أن تثخن فيه جراحا وتدمر بنياته وحضارته وتحوله إلى ركام وتمحو ذكره من التاريخ، وهي التي كان من المفترض أنها قائمة لتحميه وتضمن حقوق ابنائه وسلامتهم.
الرد على مثل هذا الوضع ليس سهلا ولن يكون سريعا. وهو لا يتجاوز مقدرة معارضة بالكاد لملمت صفوفها بعد موت طويل، وانضم إليها مئات وآلاف الشباب الذين لم يعرفوا يوما خبرة العمل العمومي المنظم، وإنما يتجاوز مقدرة المجتمع الدولي كله. لسنا نحن المرتبكين أمام الكارثة، وإنما الدول الكبرى جميعا التي تحسب ألف حساب لكل خطوة تخطوها معنا.
من أين للمعارضة أن تأتي بالمال والسلاح وخبرة العمل والتنظيم وتوزيع الإغاثة على مستوى ٢٣ مليون، وفي مدن وقرى تخضع للقصف الجوي والصاروخي والهجمات بالغازات السامة على مدار الساعة، وتدمر بناها التحتية، ومستشفياتها وتقطع الأغذية والمياه والكهرباء والاتصالات عنها، ويهجر سكانها، ويشرد نصف شعبها؟ ومن يستطيع أن يعلم شعبنا المسالم، الذي لم يعش حتى نزاعا أهليا صغيرا واحدا خلال قرون، كل تلك الفنون في الدبلوماسية والسياسة والحرب والإغاثة؟
صحيح أن الوضع لم يعد جديدا. وهو مستمر منذ سنتين ونصف تقريبا. لكن منذ سنتين ونصف ايضا والكارثة تتعاظم، واجتياح المدن والمناطق يزيد، وعدد الشهداء والجرحى والمصابين والمنكوبين والمهجرين واللاجئين لا يكف عن الارتفاع، بوتيرة تعجز عن مواجهتها الدول المجاورة والبعيدة. وبعد سنتين ونصف انتقلنا كذلك من حرب يشنها النظام على الشعب، الذي تعلم بالكاد فن تشكيل كتائب للدفاع عن نفسه، وحصل على بعض البنادق والمعدات العسكرية الخفيفة، إلى حرب إقليمية تزج فيها دول كبيرة نفسها من حزب الله، وهو أهم من جيش الدولة اللبنانية، إلى ايران وحرسها وسلاحها، إلى روسيا الدولة العظمى أو الطامحة إلى أن تكون ندا للولايات المتحدة الامريكية.
الكارثة تتوالد كوارث جديدة كل يوم، وخبراتنا في المعارضة والجيش الحر لا تتنامى وتتطور بسرعة نمو الكارثة. وحلفاؤنا قتلونا بترددهم وخوفهم من نتائج انخراطهم معنا، يزيدون من مأساتنا ومعاناتنا.
قصدت من كل ما كتبت أن مصابنا عظيم، وشفاؤنا منه يحتاج إلى مساهمة كل واحد منا، وصبره وتجلده، وتسامحه مع أخطاء أخيه، ومساعدته له على تصحيح خطئه، وتقديم النصح له، لا جرح كرامته وتكبيله بالضغينة وايلامه بأي ثمن.
الهجوم على الجميع من دون تمييز لا يجعل من العناصر المسيئة، وهي كثيرة، عناصر خيرة ونظيفة ومخلصة، ولكنه يدفع العناصر المخلصة والشريفة، وهي الأغلبية داخل صفوف المعارضة والثورة معا إلى التنحي، تجنبا للاتهامات والإساءات ومن ثم ترك الميدان فارغا لسيطرة العناصر السيئة ومصادرتها للثورة والمعارضة معا. وفي القرآن الكريم:
"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" وكذلك

"وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ"

jeudi, juin 20, 2013

http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=386755&IssueID=2902

mercredi, juin 19, 2013

خسارة قمة الثمانية في لوخ ايرن ومسؤوليتنا



لا ينبغي أن تكون لدينا اوهام عما حصل في قمة الثمانية الكبار في لوخ ايرن في ايرلندا اليوم. تمسك الروس، الذين يشكلون جبهة كاملة لوحدهم في مقابل السبع الكبار المقابلين، بمواقفهم السابقة جميعا ولم يتزحزحوا عنها شعرة واحدة. أعلنوا اتفاقهم مع الآخرين على التعاون في الحرب ضد التطرف وعلى وضع حد للعنف وعلى الاسراع في مؤتمر جنيف٢ لايجاد مخرج سياسي للأزمة، لكنهم أظهروا رفضهم للتخلي عن الاسد وعن تزويد جيشه بالسلاح وعن رفضهم تسليح المعارضة وإقامة منطقة حظر جوي وأي تدخل خارجي. ما يريدونه هو باختصار أن تنتصر الشرعية، يعني في لغتهم، الاسد، على الارهابيالنسبة للروس، كما هو الحال بالنسبة للايرانيين، ليس المهم نظام الاسد نفسه، فحكمهم عليه لا يختلف عن حكم العالم أجمع، المهم الاحتفاظ بمواقعهم المتميزة في سورية، وليس هناك نظام أقدر من نظام الاسد على تحقيق ذلك، فهي تنطوي على مصالح لا يمكن أن يضمنها إلا نظام أمني مخابراتي وعسكري، قادر على إخضاع الشعب وكسر إرادته، وهو بحاجة لمقايضة افتقاره للشرعية بمشاركة القوى الاجنبية وتقاسم المصالح والمنافع معها لتأمين بقائه. هذا هو ايضا سبب تمسك الاسرائيليين وغيرهم من النظم المشابهة به.مؤتمر لوخ ايرن شكل خسارة للدول السبع الأكبر والأقوى في العالم في مواجهة دولة متمردة على المواثيق الدولية والشرعية الأخلاقية. ليس ذلك بسبب ضعف هذه الدول أو ضعف القضية التي تدافع عنها، وإنما بسبب ترددها وضعف ايمانها وإرادتها على العمل الجدي والحاسم. ويكفي لإدراك ذلك المقارنة بين التصميم القوي الذي يبديه بوتين وهو يعرف أنه يجانب الحقيقة في اتهاماته للمعارضة والثورة، والتردد وغياب التصميم الذي يكاد يتحول إلى طبيعة ثانية لأوباما في الوضع السوري.
لقد شجع غياب التصميم هذا عند الدول الغربية، ولا يزال يشجع الروس على التمادي في تحديهم للإرادة الدولية، والاستمرار في المراهنة على مقايضة رحيل النظام السوري بمنافع أخرى في إطار مفاوضات دولية أشمل. لكن سيكون من الخطأ الشديد أن نرمي المسؤولية كلها على المجتمع الدولي. لنا نحن السوريين، وأعني قوى الثورة والمعارضة على تنوعها، دور اساسي في دفع هذا المجتمع إلى التردد وغياب التصميم والإرادة. فبوجود قوى مقاتلة مشتتة، لا تخضع لأي هيكلية عسكرية أو سياسية واضحة، ولا تملك اي قيادة مركزية فعلية، وقابلة للاختراق من قبل الجميع، بما في ذلك النظام، وبقيام تشكيلات للمعارضة لا تكاد تستقر على موقف، وتفتقر لأي قيادة متسقة ومنسجمة، ولا يكاد يجمعها خطاب، أقول، بوجود كل ذلك، من الصعب إقناع أحد، بما في ذلك قطاعات واسعة من الرأي العام السوري التي انفكت نهائيا عن النظام، بعد ما تعرفت على حقيقته الاجرامية، بوضع بيضها كله في سلة الثورة والمعارضةلقد أسقط الشعب نظام الجريمة الجماعية المنظمة بأظافره وأسنانه، وبالدماء الغزيرة والبريئة التي قدمها جيل كامل من الشباب والبنات الأحرار، لكن لن نستطيع تنظيف البلاد منه ومن ميليشياته، ولا رفع رأسنا من تحت الأنقاض التي أهالها علينا ليهرب من مصيره، ما لم ننجح في تنظيم أنفسنا. هذه هي كلمة السر ولا شيء غيرها. يعرفها وينبغي أن يعرفها المقاتل والمعارض والمسؤول في أي قطاع، وكل مواطن يصبو إلى إقامة نظام الكرامة والحرية والعدل.أقول هذا وانا أرى بوادر أمل كبيرة في ما يحصل من تقدم، ولو بطيء في إدارة بعض المناطق المحررة، وفي مواجهة الشعب، وبشكل خاص بناته ونسائه الأحرار، للكثير من التجاوزات والاختراقات والانتهاكات التي يقوم بها البعض، عن جهل أو ضلال، لما ينبغي أن يكون عهدا وطنيا جديدا، عهد الكرامة والأخوة والعدالة والمساواة والمواطنة الحقة، أي الاحترام والدفاع المتبادل عن الحقوق والحريات لكل الأفراد.

dimanche, juin 16, 2013

من نصرة الشعب السوري إلى الرد على التحدي الاستراتيجي



رحب جميع العرب، باستثناء نظام الجريمة المنظمة المعروف، بالموقف المصري الجديد. ونحن كذلك بالتأكيد. لكن هذا لا ينبغي أن يخفي عن أعيننا أن الهجوم الذي نتعرض له في سورية من قبل ادوات نظام الملالي الايرانيين جاء ايضا بسبب الفراغ العربي القاتل على المستوى الاستراتيجي، وأنه يتحول الان إلى هجوم على المشرق عموما. وهو هجوم لم يكشف عن جميع أهدافه وأدواته بعد.
لا يكفي ان نقطع العلاقات مع نظام أصبح علنا لغما متفجرا في جسم المشرق العربي. ينبغي الارتفاع بمستوى الرد إلى مستوى صد الهجوم والانتصار عليه. وإذا كان الموقف المصري ثمرة إدراك لعظم التحدي الذي يشكله هذا الهجوم المتعدد الأضلاع، الاستراتيجي والسياسي والمذهبي والاعلامي، فينبغى أن يدفع هذا العرب إلى التقدم بشكل سريع نحو ما يصد هذا الهجوم وما كان غيابه سببا له، أعنى ملء الفراغ الاستراتيجي والعسكري والسياسي والايديولوجي معا. هذا يستدعي التداعي لعقد قمة عربية مصغرة من اجل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك المجمدة، ولو على مستوى المشرق العربي وحده، والبدء بتوحيد القوى والتخطيط لقيام كيان عسكري موحد، وتنسيق الجهود والخطط من أجل الدفاع عن الامن والسلام في المشرق. 
هذا أقل ما ينبغي القيام به، ليس لنصرة الشعب السوري فحسب وإنما أيضا لتجنب حرب إقليمية طاحنة قادمة بسبب ما يقدمه الفراغ الاستراتيجي العربي من إغراءات لايران وروسيا المتحالفة معها وغيرهما للتقدم لملء الفراغ الذي يتركه الانسحاب أو شبه الانسحاب الأمريكي. وهذه هي الحقيقة. بالإضافة إلى أن الركون للحماية الغربية، خصوصا الامريكية التي لم يعد لها مصالح كبيرة في الدفاع عن المشرق العربي، لم تحقق أي نتيجة ولم تضمن من مصالح العرب شيئا في العقود الخمس الماضية. 
وقد بينت التجربة السورية خلال العامين الماضيين أن واشنطن كانت مستعدة للتنازل لموسكو عن الدور الأول في معالجة الازمة السورية، بالتأكيد مقابل تنازلات من قبل موسكو لواشنطن في مناطق وملفات أخرى، قبل أن يطيح تدخل حزب الله، وما يعنيه من دور اول لايران، بالتفاهم الروسي الامريكي، ويقرر الامريكيون على إثره استعادة المبادرة والقبول بتسليح الجيش السوري الحر. 
وبالرغم مما تعيشه مصر من غليان سياسي، تقع عليها أكثر من أي بلد عربي آخر، هي التي كانت دائما الركيزة الرئيسية والضرورية لأي مشروع عربي جامع، مسؤوليات كبرى في المبادرة لتحقيق هذا الحلم العظيم المنتظر، دفاعا عن أمنها القومي أولا، وتقديرا لواجباتها العربية والإقليمية ثانيا. والله ولي التوفيق،

من نصرة الشعب السوري إلى الرد على التحدي الاستراتيجي

رحب جميع العرب، باستثناء نظام الجريمة المنظمة المعروف، بالموقف المصري الجديد. ونحن كذلك بالتأكيد. لكن هذا لا ينبغي أن يخفي عن أعيننا أن الهجوم الذي نتعرض له في سورية من قبل ادوات نظام الملالي الايرانيين جاء ايضا بسبب الفراغ العربي القاتل على المستوى الاستراتيجي، وأنه يتحول الان إلى هجوم على المشرق عموما. وهو هجوم لم يكشف عن جميع أهدافه وأدواته بعد.
لا يكفي ان نقطع العلاقات مع نظام أصبح علنا لغما متفجرا في جسم المشرق العربي. ينبغي الارتفاع بمستوى الرد إلى مستوى صد الهجوم والانتصار عليه. وإذا كان الموقف المصري ثمرة إدراك لعظم التحدي الذي يشكله هذا الهجوم المتعدد الأضلاع، الاستراتيجي والسياسي والمذهبي والاعلامي، فينبغى أن يدفع هذا العرب إلى التقدم بشكل سريع نحو ما يصد هذا الهجوم وما كان غيابه سببا له، أعنى ملء الفراغ الاستراتيجي والعسكري والسياسي والايديولوجي معا. هذا يستدعي التداعي لعقد قمة عربية مصغرة من اجل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك المجمدة، ولو على مستوى المشرق العربي وحده، والبدء بتوحيد القوى والتخطيط لقيام كيان عسكري موحد، وتنسيق الجهود والخطط من أجل الدفاع عن الامن والسلام في المشرق.
هذا أقل ما ينبغي القيام به، ليس لنصرة الشعب السوري فحسب وإنما أيضا لتجنب حرب إقليمية طاحنة قادمة بسبب ما يقدمه الفراغ الاستراتيجي العربي من إغراءات لايران وروسيا المتحالفة معها وغيرهما للتقدم لملء الفراغ الذي يتركه الانسحاب أو شبه الانسحاب الأمريكي. وهذه هي الحقيقة. بالإضافة إلى أن الركون للحماية الغربية، خصوصا الامريكية التي لم يعد لها مصالح كبيرة في الدفاع عن المشرق العربي، لم تحقق أي نتيجة ولم تضمن من مصالح العرب شيئا في العقود الخمس الماضية.
وقد بينت التجربة السورية خلال العامين الماضيين أن واشنطن كانت مستعدة للتنازل لموسكو عن الدور الأول في معالجة الازمة السورية، بالتأكيد مقابل تنازلات من قبل موسكو لواشنطن في مناطق وملفات أخرى، قبل أن يطيح تدخل حزب الله، وما يعنيه من دور اول لايران، بالتفاهم الروسي الامريكي، ويقرر الامريكيون على إثره استعادة المبادرة والقبول بتسليح الجيش السوري الحر.
وبالرغم مما تعيشه مصر من غليان سياسي، تقع عليها أكثر من أي بلد عربي آخر، هي التي كانت دائما الركيزة الرئيسية والضرورية لأي مشروع عربي جامع، مسؤوليات كبرى في المبادرة لتحقيق هذا الحلم العظيم المنتظر، دفاعا عن أمنها القومي أولا، وتقديرا لواجباتها العربية والإقليمية ثانيا. والله ولي التوفيق،

samedi, juin 15, 2013

http://youtu.be/e1NQ4W41dLY

خطاب زعيم حزب الله: تهافت الخطاب والسياسة

لم يأت زعيم حزب الله، الذراع العسكرية الضاربة لولاية الفقيه في المشرق، بجديد في خطابه إلى انصاره اليوم، مما لم يكن معروفا من قبل. ولم يكن تأكيده على استمراره في موقفه من العدوان سوى محاولة لتطمين طائفته التي أصبحت على اقتناع تام بالخطأ الجسيم الذي ارتكبه بحقها وحق أبنائها والرد على خوفها المتزايد من الانجرار نحو حرب طائفية ماحقة، تشمل المشرق العربي بأكمله.  في تبريره للعدوان، لم يذكر حسن نصر الله هذه المرة الدفاع عن المواطنين الشيعة اللبنانيين المهددين، ولا عن مزارات المسلمين ومقام السيدة زينب المعرضة للسبي الثاني، ولكنه تحدث عن المؤامرة الكونية، وعن التدمير الحاصل في سورية على يد الثوار، وعن التكفيريين القادمين من الخارج بالألوف حتى لم يعد يرى خلفهم ثائرا سوريا واحدا.  من الصعب أن يقنع مثل هذا الخطاب عاقلا، ومن كان يتأمل في وجوه الجمهور الذي كان نصر الله يخطب فيه يدرك تماما حالة التململ والشك والحيرة التي كانت تسيطر على أنصاره. وهم على حق مثلهم مثل العرب المصدومين جميعا بنقل المقاومة من فلسطين إلى سورية، والمشاركة في تدمير القرى والمدن وقتل السوريين باسم الحرب ضد المؤامرة الكونية التي يقودها المحور الاسرائيلي الامريكي التكفيري. فلا أحد يمكن أن يقتنع بأن نصر الله أصبح اليوم أكثر حرصا على قرى ومدن ومعالم سورية من السوريين. ولا يمكن لنصر الله ببساطة أن يسرق اليوم من الأمريكيين الريادة والقيادة في الحرب العالمية على الارهاب الجهادي، وسيكون مثل هذا العمل أمرا مثيرا للدهشة إذا عرفنا أن حزب الله مصنف عند الأمريكيين بأنه هو نفسه منظمة إرهابية. وإذا كان هناك من دمر سورية ووضعها فيما هي فيه، وهذا ما اضطر الرئيس الروسي إلى الاعتراف به مؤخرا، فهو النظام الذي يسعى للدفاع عنه، ولا أعتقد أن هناك حاجة للبراهين. فمن المحتمل أن يدمر الثوار أبنية الحزب الحاكم وأجهزة الأمن وبعض المواقع والحواجز العسكرية، وهذا اكثر مما يستطيعونه بأسلحتهم الخفيفة، إنما ليس لديهم حتى الآن على الأقل، كما يعرف القاصي والداني، لا مدفعية ميدان ولا طيران حربي ولا صواريخ سكود ولا دبابات ومدرعات قادرة على إحداث كل هذا الدمار. وليس من المؤكد أن تدمير النظام للمدن والقرى السورية كان بهدف متابعة الثوار. فكما يقول شعار أنصاره الأسد أو إحراق البلد يعني أن ثمن الخروج على الأسد هو القتل والدمار. وهو ما يحصل حرفيا كل يوم على أمل أن يدفع القتل والقصف المدمر الحاضنة الشعبية للثورة إلى الانفكاك عنها. أما قصة المزاودة بالوقوف في وجه إسرائيل، وهي مزحة سمجة يرددها نصر الله وانصار النظام، فلا أدري ما ذا كان يمكن لاسرائيل أن تعمل بسورية أكثر مما عمله الأسد لو لم تكن هناك مقاومة ولا جيش عربي سوري ولا مدافع ولا دبابات. الدول والشعوب تسلح نفسها وتنفق على جيوشها وتدفع بفلذة أبنائها للخدمة الوطنية بهدف واحد هو أن لا يحصل فيها ما يفعله جيش الأسد بالسوريين، أي أن يحمي البلاد والسكان والأملاك والارزاق. إذا كان ثمن المقاومة والحفاظ على موقف العداء اللفظي لاسرائيل يكلف الشعب أكثر مما كان لأكثر الاسرائيليين تعصبا من تقسيم للشعب وقتلى وخراب ودمار بحق سورية والسوريين، فما هي قيمة موقف الصمود والتصدي والمقاومة والممانعة. حزب الله لم يعمل على تجنيب سورية القتل والدمار الذي يتباكى زعيم حزب الله عليه، بالعكس، هو نفسه الذي دفع بمقاتليه لتدمير القصير وقتل أبنائها وملاحقة الجرحى والمنكوبين والهاربين منهم لقطع أي أمل لهم بالحياة. لم يعد أحد، بما في ذلك أنصار نصر الله، يقتنع بأن الحفاظ على المقاومة والموقف الصامد يستحق كل هذا القتل والدمار، فما بالك عندما يأتي هذا الموقف من قبل ميليشيا لم تطلق رصاصة واحدة على اسرائيل، ولم يعد بإمكانها أن تطلقها منذ عام ٢٠٠٦، ومن قبل نظام مسعور يهاجم شعبه وأقوى أوراقه في حربه عليه حمايته لحدود إسرائيل منذ أربعين عاما، ويقف في مقدمة المدافعين عن بقائه الاسرائيليون.  لا أحد في سورية يتآمر على حزب الله. لكنه هو وحلفاؤه في سورية وايران والعراق من يتآمر على الشعب السوري ويعتدي على أراضيه ويمنعه من ممارسة حقوقه الأساسية في تقرير مصيره، وهذا باسم مقاومة لم تقبل يوما أن تكون إلا ذات بنية طائفية حريصة على إقصاء الجميع، حتى أنصارها من الطوائف الأخرى.  لكن مهما كان الحال، يعرف جميع اللبنانيين اليوم أن الشعب السوري لن يقبل بأن تتحول بلاده إلى محافظة ايرانية، وأنه سوف يقاتل ضد ذلك حتى آخر قطرة من دم أبنائه الأحرار. ويعرف نصر الله وأعضاء حزبه الذين يجرون الطائفة الشيعية اللبنانية إلى مذبحة سياسية تاريخية أن العرب وبقية المسلمين لن يسمحوا كذلك بأن تتحول سورية إلى قاعدة ايرانية للصراع على النفوذ في المنطقة والعالم، وهذا ما أكدته مقاطعة الدول العربية لحزب الله والتعبئة المتنامية للرأي العام العربي والاسلامي خلف قضية السوريين العادلة. وهو ما جاءت المبادرة الأمريكية لتؤكده وتعزز اقتناع المجتمع الدولي بأكمله بأن نظام الأسد وسياساته ووسائله في القهر والارهاب أصبحت من خارج التاريخ.

من نصرة الشعب السوري إلى الرد على التحدي الاستراتيجي




رحب جميع العرب، باستثناء نظام الجريمة المنظمة المعروف، بالموقف المصري الجديد. ونحن كذلك بالتأكيد. لكن هذا لا ينبغي أن يخفي عن أعيننا أن الهجوم الذي نتعرض له في سورية من قبل ادوات نظام الملالي الايرانيين جاء ايضا بسبب الفراغ العربي القاتل على المستوى الاستراتيجي، وأنه يتحول الان إلى هجوم على المشرق عموما. وهو هجوم لم يكشف عن جميع أهدافه وأدواته بعد.
لا يكفي ان نقطع العلاقات مع نظام أصبح علنا لغما متفجرا في جسم المشرق العربي. ينبغي الارتفاع بمستوى الرد إلى مستوى صد الهجوم والانتصار عليه. وإذا كان الموقف المصري ثمرة إدراك لعظم التحدي الذي يشكله هذا الهجوم المتعدد الأضلاع، الاستراتيجي والسياسي والمذهبي والاعلامي، فينبغى أن يدفع هذا العرب إلى التقدم بشكل سريع نحو ما يصد هذا الهجوم وما كان غيابه سببا له، أعنى ملء الفراغ الاستراتيجي والعسكري والسياسي والايديولوجي معا. هذا يستدعي التداعي لعقد قمة عربية مصغرة من اجل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك المجمدة، ولو على مستوى المشرق العربي وحده، والبدء بتوحيد القوى والتخطيط لقيام كيان عسكري موحد، وتنسيق الجهود والخطط من أجل الدفاع عن الامن والسلام في المشرق. 
هذا أقل ما ينبغي القيام به، ليس لنصرة الشعب السوري فحسب وإنما أيضا لتجنب حرب إقليمية طاحنة قادمة بسبب ما يقدمه الفراغ الاستراتيجي العربي من إغراءات لايران وروسيا المتحالفة معها وغيرهما للتقدم لملء الفراغ الذي يتركه الانسحاب أو شبه الانسحاب الأمريكي. وهذه هي الحقيقة. بالإضافة إلى أن الركون للحماية الغربية، خصوصا الامريكية التي لم يعد لها مصالح كبيرة في الدفاع عن المشرق العربي، لم تحقق أي نتيجة ولم تضمن من مصالح العرب شيئا في العقود الخمس الماضية. 
وقد بينت التجربة السورية خلال العامين الماضيين أن واشنطن كانت مستعدة للتنازل لموسكو عن الدور الأول في معالجة الازمة السورية، بالتأكيد مقابل تنازلات من قبل موسكو لواشنطن في مناطق وملفات أخرى، قبل أن يطيح تدخل حزب الله، وما يعنيه من دور اول لايران، بالتفاهم الروسي الامريكي، ويقرر الامريكيون على إثره استعادة المبادرة والقبول بتسليح الجيش السوري الحر. 
وبالرغم مما تعيشه مصر من غليان سياسي، تقع عليها أكثر من أي بلد عربي آخر، هي التي كانت دائما الركيزة الرئيسية والضرورية لأي مشروع عربي جامع، مسؤوليات كبرى في المبادرة لتحقيق هذا الحلم العظيم المنتظر، دفاعا عن أمنها القومي أولا، وتقديرا لواجباتها العربية والإقليمية ثانيا. والله ولي التوفيق،

jeudi, juin 13, 2013

الرشد السياسي



التوسعة التي شهدها الائتلاف أخيرا خطوة كبيرة على طريق تحسين تمثيليته وربما دعمه بقوى جديدة، تشمل ممثلي مقاتلين ومدنيين. لكنها ليست كافية لإطلاق طاقات الائتلاف. لا بد من مراجعة يقوم بها أعضاء الائتلاف لتجاوز أخطاء كثيرة وقعوا فيها، وبشكل خاص تعنت البعض لدرجة استدعى تدخل الدول التي كان لها الدور الأول في التوصل إلى اتفاق. كان من المفروض أن يكون هم السوريين أنفسهم قبل غيرهم في هذه الحقبة الدقيقة من تطور وضع الثورة والبلاد. لكن الذي منعهم من ذلك غياب مفهوم السياسة التي لا تقوم بين أبناء الشعب الواحد إلا بالبحث عن الحلول الوسط والتسويات، وإلا فليس هناك سوى المواجهة. هذا ما قادنا إليه الاسد بتشبثه بمنصبه ومصالح عصابته، من دون اعتبار لمصالح بقية السوريين، وبالتالي للمصلحة الوطنية التي يقع في مقدمتها الحفاظ على وحدة الشعب في مواجهة الدول والمصالح الأجنبية. لقد راهن على تقسيم الشعب ووضع كل طرف من أطرافه في مواجهة الاطراف الأخرى حتى ينقذ كرسيه، ويحبط إرادة التغيير 
لن يتوقف هذا المشهد إلا عندما يبلغ المعارضون، أو من احتلوا موقعهم -ومعظمهم حديثوا عهد بالمعارضة، وربما بالسياسة، وليس لديهم فكرة لا عن الدولة ولا إدارتها، ولا عن العمل بالشأن العام، ولا فكرة عن المصالح العامة، ولا يرون في مواقعهم سوى مناسبة لتحسين فرصهم في الحصول على الموارد والنفوذ، فما بالك بروح الوطنية - أقول لن يتوقف تدخل السفراء العرب والأجانب، اليوم، وتدخل الدول الاجنبية غدا، في شؤون المعارضة وشؤوننا جميعا مالم نبلغ نحن انفسنا سن الرشد السياسي. 
والرشد السياسي، بعكس الطفولة، هو الخروج من التمحور حول الذات، والتطلع نحو الآخرين المحيطين بنا من قوى وطنية وغير وطنية، والتمييز بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة التي تخص بناء المجتمع كدولة، وبناء الدولة كمركز لتسوية كل الخلافات وتجاوزها، وهو ما نسميه الوعي الوطني او المدني، والتمييز بين قوى الصديق، مهما اختلفت عنا، وقوى العدو مهما بدت في الظاهر مؤيدة لنا. ومن دون ذلك لا يمكن أن توجد سياسة ولا دولة ولا قيادة وطنية، ولا أساس للشعور بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية. وسوف يتزايد نزوع الدول الخارجية إلى التدخل في شؤوننا ما لم يبرز عند المجموعات المتنازعة على تقاسم الموارد والنفوذ، شعور أعمق بالمسؤولية العمومية والوعي بالمصالح الوطنية، وهي مختلفة جدا في مفهومها عن المصالح الفئوية الخاصة، لأن جوهرها ان تأخذ بالاعتبار مصالح الأطراف الأخرى جميعا وتنظر إليها بمعيار الحق والعدل، كما هو متعارف عليه في كل زمان ومكان. وهذا يتطلب مسبقا وجود أو نمو شعور بالانتماء، عند كل فرد وكل جماعة، إلى رابطة أوسع وأكبر، الرابطة السياسية أو الأخوة الوطنية، والحرص عليها، والتمسك بوحدتها، والعمل في إطارها، واحترام الأسس والمواثيق الضمنية والمعلنة التي يقوم عليها وجودها واستمرارها. من غير ذلك لا توجد سياسة، ولا أمة، ولا وطن ولا مجتمعات مدنية فاعلة، وإنما عصبيات وعصائب متنازعة ومتصارعة ومتنابذة، جوهر حركتها وعملها التخريب والأذى المتبادل والسلبية. ولا يمكن أن نتوقع في هذه الحالة أن يكون هناك في البلاد لا بناء ولا ارتقاء.

mardi, juin 11, 2013

لماذا لن يكون ما بعد القصير كما كان قبلها



حتى سقوط القصير في يد ميليشيات حزب الله، بقي الطابع العام للصراع داخل سورية داخلي، يسعى فيه شعب جرد من حقوقه خلال عقود طويلة لنزع نير نظام مافيوزي وحشي قاس عن عنقه. لم تكن الأبعاد الطائفية، العابرة للحدود، ولا تدخلات القوى الإقليمية والدولية غائبة يوما، لكنها لم تكن تغير من طبيعة الصراع، طالما أنها لم تغير من رهاناته الأساسية التي هي الانتقال من نظام حكم استبدادي متوحش إلى نظام ديمقراطي. 
مع احتلال القصير من قبل حزب الله اللبناني، والحشد المتزايد للميليشيات الشيعية القادمة من ايران والعراق واليمن وباكستان وغيرها، بدأت رهانات الصراع تتغير وتتحول من رهانات داخلية إلى رهانات إقليمية. بقاء نظام الأسد لم يعد يعني الابقاء على الاستبداد فحسب، ولا هزيمة المعارضة أو نجاح الديكتاتورية. صار الانتصار في الحرب أو الهزيمة فيها يعنيان زلزالا جيوسياسيا إقليميا ودوليا يصعب على ألدول المعرضة للخسارة تحمله. 
ما سمح للأسد الأب أن يستمر هو نجاحه في تحييد القوى الاقليمية والدولية من حول سورية التي تشكل موقعا جيوسياسيا حساسا من الصعب لطرف إقليمي أو دولي احتمال أن يسمح بأن يتركه ينحاز كليا لهذا المحور أو ذاك. وكانت طريقة الاسد الأب في كسب الأطراف جميعا هو وضع سورية في خدمة الجميع، وتوزيع المصالح عليها على حساب حصة الشعب السوري الذي تحول إلى طعم ووقود للتعويم الدائم للنظام. قدم النظام لاسرائيل، الأكثر شرها في المنطقة، أثمن ما ترمي إليه، أربعين عاما من الأمن والاستقرار على ما تسميه بالحدود الشمالية. وقدم لايران الخمينية، التي لا تقل طمعا عنها، مظلة تحميها من لفظ المجموعة العربية وعدائها لها، وأهدى للخليج والبلدان العربية الأخرى التعاون والتنسيق الأمنيين الثابتين، وأغرى الدول الغربية والولايات المتحدة باحتوائه للحركات المتطرفة الاسلامية وغير الاسلامية، عن طريق اختراقها والتعاون معها. أما مع روسيا فقد حافظ على إرث كبير من علاقات الصداقة والتبادل التجاري، والعسكري بشكل خاص، يعود إلى عقود طويلة سابقة مع الاتحاد السوفييتي البائد، وهو ما تزال روسيا حريصة على الاحتفاظ به، وفي مقدمه تزويد الجيش السوري بالسلاح والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها لها قاعدة طرطوس العسكرية. 
هذه التوازنات التي بناها الأسد الأب جعلت من النظام السوري البؤرة التي تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية وتتحيد في الوقت نفسه، وتمنع أن يتحول المركز الجيوسياسي السوري الحساس لصالح طرف ضد آخر. 
لم يكن هناك سوى خاسر واحد في هذه السياسة التصالحية مع الجميع، هو الشعب السوري. 
بعد موت الأسد الأب بدأت هذه التوازنات بالاختلال لسببين، سياسة بوش الابن التي وجدت في النظم الاستبدادية البعثية الفاسدة ثمارا يانعة وأرادت أن تحصدها لصالحها وحدها، والثانية صعود أمل الشعب السوري، في الوقت نفسه، وإدراكا لاهتلاك النظام وفساده، في تغيير موقعه في هذه المعادلة. 
وفي الحالتين جاء رد النظام السوري واحدا: الهرب إلى الأمام والاستخدام المتصاعد والمكثف للعنف. في العراق بتوريد المقاتلين الجهاديين ردا على سياسة الغزو الامريكية، وفي لبنان باغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، وفي الداخل السوري بتكوين فرق جديدة للقمع لم تكن سورية تعرفها من قبل، ردا على تصاعد مطالب الشعب في استعادة حقوقه الطبيعية. 
ومن أجل تأمين المزيد من القوة وموارد العنف وجد النظام السوري نفسه ينزلق بوتيرة متزايدة نحو الاعتماد على القوى الخارجية التي يمكن أن يستمد منها الدعم. هكذا عزز علاقته بحزب الله التي تحولت إلى زواج كاثوليكي، وثبت حلفه الاستراتيجي، أي أيضا انحيازه، مع طهران، و فتح لها إمكانيات بسط نفوذها السياسي والفكري والديني من دون حساب في جميع المدن والقرى السورية. 
بعد "النصر المبين" في القصير، ومشاريع التحشيد الطائفي الواسع في المنطقة لكسب الحرب الدائرة في سورية، لم تعد المشكلة في بقاء الأسد واستمرار نظامه الوحشي الفاسد، وإنما انحياز سورية وتحولها إلى مقاطعة ايرانية، تماما كما يريد لها أن تكون بعض قادة الجمهورية الخمينية ورجالات دينها. هذا يعني انقلابا اقليميا خطيرا وتهديدا مباشرا ليس لأمن الخليج واستقراره فحسب وإنما لأمن مصر والبلاد العربية برمتها ولجميع دول اوروبة التي تعتمد أكثر من الولايات المتحدة بما لايقاس على مصادر الطاقة العربية. 
لذلك أقول إن الوضع السياسي والعسكري في المنطقة لن يكون، بعد احتلال القصير الذي زاد من شهية ايران وحزب الله في ابتلاع سورية وإلحاقها نهائيا بالهلال الأخضر، كما يصفونه الايرانيون، والذي يضم ايران والعراق ولبنان بالاضافة إلى النظام السوري، كما كان قبله. ولن يقبل العرب ولا الدول الغربية أن تتحول سورية إلى محافظة ايرانية. وعلى العرب أن يقولوا الآن كلمتهم أو يخرجوا من الجغرافية. هذا يعني أننا مقبلين على أسابيع حاسمة، وأن مستقبل المنطقة وسلام سكانها وأمنها واستقرارها مرتبط اليوم، أكثر من أي فترة سابقة، بقدرة العرب وحلفائهم على رد تحدي ابتلاع سورية، قلب المشرق العربي وجملته العصبية، وضمها إلى محور الهيمنة الايرانية.

lundi, juin 03, 2013

أين العرب مما يجري في سورية؟



إخفاق نظام الاسد في تحويل الثورة السلمية من أجل الكرامة والحرية إلى حرب أهلية، تخلط الأوراق، وتمكنه من المراهنة على خوف الناس من الفوضى لاستعادة المبادرة، هو الذي دفعه، ومن ورائه طهران، إلى تحويلها إلى حرب أقليمية. وهي تتحول أكثر فأكثر، مع اتفاق كيري لافروف ومؤتمر جنيف إلى حرب دولية.
في هذه الحرب، لم يعد مصير سورية وشعبها وحده في الميزان وإنما مصير المشرق العربي بأكمله
منذ البداية أدركت دول الخليج، المعنية مباشرة بهذا الصراع، حقيقة الرهانات القائمة، وهذا ما عبر عنه موقف مجلس التعاون الخليجي البارحة من تدخل حزب الله.
لكن العرب لا يزالون أقل ادراكا بكثير لمخاطر المواجهة الراهنة. ولا يزال انخراطهم في الصراع أضعف بكثير من المطلوب والممكن والواجب. الشعب السوري لا يحارب اليوم دفاعا عن نفسه وحقوقه فحسب وإنما عن استقلال المشرق العربي كله. 
موقف العرب ينبغي أن يتغير وبسرعة. لا تكفي الادانة ولا مقاطعة حزب الله او تقديم المساعدة العسكرية. على المجموعة العربية أن تعتبر معركة الشعب السوري معركة العرب جميعهم في مواجهة مشروع تقاسم الهيمنة على المنطقة بين ايران واسرائيل.، وتحويل بلاد العرب إلى ساحات للمواجهة بين القوتين الاقليميتين الكبريين . 
إن دخول العرب بشكل كامل إلى جانب الشعب السوري، وتزويد الجيش الحر بالسلاح والخبرة والتدريب هو وحده الذي يسمح بتغيير سريع في موازين القوى، ويقنع الايرانيين والروس بأن المشرق العربي ليس منطقة فراغ جاهزة للغزو والتوسع والعدوان والالحاق كما تطمح ايران بعد اسرائيل، ومن ورائهما روسيا التي تريد استغلال الصراع الاقليمي لتغير موازين القوى الدولية لصالحها. وكل ذلك على حساب مستقبل العرب ودماء السوريين.
وعندما نتحدث عن العرب نريد أن نرى حضورا واضحا وقويا للدول والشعوب، لمصر والمملكة العربية السعودية والامارات وقطر وليبيا والمغرب وتونس وغيرها، لخبرائها وعسكرييها ووزراء خارجيتها، لا للجامعة العربية والمبعوث العربي والدولي فحسب.

dimanche, juin 02, 2013

حتى لا يكون مؤتمر جنيف للسلام دافعا لتأجيح الصراع وإدامة الحرب



ليس هناك أحد لديه مصلحة في التوصل إلى حل سياسي يوقف نزيف الدم مثل الشعب السوري الذي يتعرض لعدوان مستمر منذ سنتين ونصف، من قبل النظام، واليوم من قبل الميليشيات الطائفية الحاقدة التي تتداعى عليه من كل مكان لتحرمه من حقه في الحرية والكرامة والحياة. لكن بعد سنتين ونصف من التضحيات وأكثر من مئة ألف شهيد ومئات ألوف الجرحى والمعتقلين في سجون أسوا من سجون الاحتلال، وملايين المشردين والمهجرين والنازحين، لا يجوز التفريط بدماء الشهداء وتضحيات الشعب، والمغامرة من دون ضمانات . 
سنكون أول الذاهبين إلى أي مؤتمر سلام عندما نتاكد من أنه سيوقف القتل والتدمير، ويقود إلى هدف الشعب المنشود وتطمينه على حقوقه ومستقبل بلده وابنائه. وإذا كنا نعتقد أن الصيغة التي توصل إليها الروس والامريكيون لا تلبي مطالب الشعب ولا توصله إلى أهدافه في الخلاص من نظام القتل والجريمة والارهاب، وبناء النظام الديمقراطي الذي يختاره بمحض إرادته، فلا ينبغي أن نتردد في المطالبة بتعديلها حتى نضمن مصالح الشعب السوري. فهي ليست مقدسة ولا يحق لأحد أن يقرر مصير الشعب السوري من دون استشارته. اتفاق الروس والأمريكيين يعكس وجهات نظرهم، ويستجيب لمصالحهم القومية المتبادلة، لكن للشعب السوري أيضا مصالحه وله الحق في أن يكون شريكا في تقرير مسار الحل السياسي وفي التأكد من صدق نوايا الأطراف والمطالبة بضمانات حقيقية حتى لا ينقلب مؤتمر السلام إلى فخ ويحرم الشعب من الوصول إلى الهدف المنشود.
والحال أن ما حصل منذ الإعلان عن الاتفاق الروسي الأمريكي لا يطمئن ولا يوحي بالثقة. فقد رافق هذا الإعلان أربع أمور تثير الريبة والشك في نية الأطراف الأخرى. أولها إطلاق النظام، بدعم كامل من قبل الحكومة الروسية وايران، لأوسع هجوم عسكري على مواقع الثوار لتعديل ميزان القوى وتسجيل نقاط تسمح له بفرض شروطه عمليا. وثانيها إعلان روسيا عن نيتها بتسليم منظومة صواريخ اس ٣٠٠ المتطورة، ثم دفعة طائرات مقاتلة جديدة من نوع ميغ ٢٩ لتعزيز قدرة النظام على متابعة حرب تدمير المدن وتعقب الثوار وملاحقتهم في مواقعهم، وثالثا الانخراط الواسع لحزب الله وبقية الميليشيات الشيعية في كل المنطقة في الحرب، بمباركة موسكو. وأخيرا الخطاب الصلف لراس النظام الذي قوض مفهوم جنيف ٢ نفسه، عندما أصر على أن يبقى قائدا للجيش والقوى الأمنية، وأن يخضع أي اتفاق إلى استفتاء "شعبي" أي مخابراتي، وأهان شعبه عندما رفض ان يتحاور مع المعارضة وقال إنه ذاهب إلى جنيف للحوار مع الدول الاجنبية التي اعتبرها هي المفاوض الوحيد الذي لديه اعتبار عنده. كل ذلك لا يشير على أن هناك إرادة حقيقية للسلام، وإنما توظيف لمؤتمر السلام في الحرب الدموية. 
ليس هناك أي مبرر للدخول في مفاوضات إذا لم يكن الهدف منها بوضوح كامل الانتقال نحو نظام ينهي تماما حقبة عائلة الاسد السوداء، وبأسرع وقت، وبخطى واضحة وسقف زمني محدد. ولا يمكن الدفاع عنها إذا لم تترافق بوقف العنف والقتل والدمار وإطلاق سراح المعتقلين،وعودة المهجرين والنازحين إلى بيوتهم، أو كانت سببا في تأجيج الحرب وتكثيف الدعم الروسي والايراني للنظام للقضاء على الثورة أو الاستمرار في معاملة أبطالها . 
السوريون لا يبحثون عن تسوية مع النظام، ولا عن مخرج للأسد الذي يرتعد خوفا من مواجهة القانون، بعد ان أجرم بحق شعبه إجراما لا سابق له في تاريخ البشرية، ولم يعد أمامه أي مخرج سوى تسليم البلاد لقوى الهيمنة الاقليمية والدولية، أي لايران وروسيا، اللتين ستقاتلان حتى آخر قطرة دم سورية دفاعا عن مشاريع سيطرتهما على المنطقة واستعادة روسيا مكانتها كقوة عظمى في الساحة الدولية، في مواجهة الولايات المتحدة الخانعة والغرب الحائر. 
ينبغي أن تدخل المعارضة المفاوضات لتربحها، اي لتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، مع الاتفاق على وقف النار والقصف والقتل والدمار، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح لمنظمات الإغاثة الدولية بالعمل بحرية في كل المناطق، وحل مشكلة المهجرين واللاجئين، وتشكيل قوة مراقبة فعالة لتأمين الحماية للمدنيين، وتحديد سقف زمني واضح وقصير لبدء التنفيذ على الارض. وكل هذه البنود تتعارض مع سعي ايران وروسيا مساعدة النظام بكل الوسائل على تحقيق انتصارات عسكرية يلغي من خلالها الحاجة للمفاوضات ويفرض على الشعب السوري الامر الواقع الذي عاش في ظله منذ نصف قرن.
عدم التنازل عن ثوابت الثورة لا يعني التردد في تلبية واجب التفاوض لحقن المزيد من الدماء إذا وجدت شروط النجاح والتقدم. بالعكس، هذا هو الذي يضمن الدخول في مفاوضات جدية وعدم هدر الوقت وإعطاء أمال كاذبة للشعب، وفرص جديدة للنظام كي يستمر في حربه الدموية.
موقف روسيا في الدعم العلني للنظام والسعي لتمكينه من وسائل الانتصار لا يتفق مع مفهوم المفاوضات للوصول إلى حل سياسي يرضي تطلعات الشعب. وهو فضلا عن ذلك، موقف لا أخلاقي لأنه يقبل التضحية بمصير شعب من أجل مصالح استراتيجية وهيمنية لا ناقة للسوريين فيها ولا جمل. 
وهو ليس موقف حيادي، بل موقف داعم للنظام ، مع العلم أنه ليس حيادا موقف المساواة بين القاتل والمقتول، و بين الضحية والجلاد .