vendredi, mai 31, 2013

نحو إعادة تأسيس الائتلاف الوطني



نجاح الائتلاف في تحقيق التوسعة، بالرغم من المخاص العسير لها، وكثرة الوساطات الأجنبية، يشكل خطوة مهمة على طريق اخراج الائتلاف من الأزمة التي دخل فيها بسبب إرادة البعض السيطرة عليه من دون حق. هذا انجاز كبير، يأتي في الوقت المناسب، للرد على خطاب الأسد الصغير، الذي يحتمي بروسيا وايران، ويستعديهما على شعب "ه". 
نحن أمام فرصة نادرة لجمع أكثر أطياف قوى الثورة والمعارضة في إطار واحد، والخروج بقيادة سياسية تجمع بين المعارضة المتنوعة والحراك الثوري الشبابي وممثلي الكتائب المقاتلة وهيئة أركان الجيش الحر. 
هذه ليست توسعة، إنما هي تجديد للإئتلاف وإعادة بنائه ليجسد بالفعل الاسم الذي أعطاه لنفسه: إئتلافا لقوى الثورة والمعارضة. 
المهم أن يحترم الجميع الاتفاق الجديد، ويكون تطبيقه مناسبة لبعث روح العمل الجماعي كفريق وطني واحد، والتخلي نهائيا عن روح التكتل والتنافس وإرادة الهيمنة. فإما أن يقود دخول القوى الجديدة إلى تعزيز طاقات الائتلاف، وتطوير عمله، وتمكينه من الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب والثورة، التي عجز عن القيام بها حتى الآن، أو أن يفاقم دخول هذه القوى، في حال استمرار سيطرة إرادة الهيمنة وروح التنافس بين الكتل، من أزمة الائتلاف، ويزيد في إضعاف قدرته على العمل، ويهدد شرعية وجوده نفسه. 
ومن أجل ذلك ينبغي أن يرافق التوسعة إصلاح شامل لطرائق عمل الائتلاف وآليات اتخاذ القرار فيه. ومن ضمن ذلك ٤ إصلاحات أساسية:
١. انتخاب هيئة أو مكتب سياسي يكون هو الرأس المحرك للائتلاف والقيادة السياسية له، والمكلف صوغ السياسات واتخاذ القرارات والتوجهات الاستراتيجية وجميع الخط والبرامج. وهو مسؤول أمام الهيئة العامة للائتلاف. ويكون رئيس الائتلاف رئيسا للمكتب السياسي في الوقت نفسه. 
٢. تشكيل لجنة للشفافية مكونة من أعضاء ينتخبون من بين أعضاء الهيئة العمومية، تشرف على مراقبة المال العام وسلامة معايير التوظيف والدعم والإغاثة في كل هيئات ومنظمات الإئتلاف التابعة له
٣. قرار بدعم استقلال القرار الوطني، بحيث لا يجوز لأي عضو في الائتلاف، ما عدا الرئيس ونائبه، أن يقوم بتمثيل الائتلاف في أي مؤتمر أو لقاء دبلوماسي، أو أن يقوم بتفاهمات باسم الائتلاف أو تتعلق به إلا بمعرفة المكتب السياسي أو بتكليف منه. وعلى أي عضو يقوم بهذه المهمات، بصرف النظر عن موقعه، أن يقدم تقريرا عنها للمكتب السياسي أو لمن يمثله. 
٤. تفرغ جميع أعضاء المكتب ومساعديهم لتشكيل فريق عمل واحد يبقى في تواصل دائم مع قوى الثورة والمعارضة والمجتمع الدولي، ومستعدا لاتخاذ القرارات العاجلة، يوما بيوم وساعة بساعة.

في مرض التناحر والانقسام


بعد يومين من اجتماعاتنا يجب أن نعترف أن لدينا عدوين كبيرين، النظام وحلفاؤه من جهة، وانقساماتنا النابعة من التنافس على المواقع والمناصب الفارغة من جهة أخرى. وأكاد أقول إن العدو الثاني لا يقل خطرا علينا من العدو الأول.
كل محاولاتنا لايجاد صيغة تحيد النزاع على النفوذ والمناصب لم تفلح بعد. كنت قد اقترحت مجلس حكماء ينص على أن أعضاءه يرفضون اي منصب مهما كان قبل سقوط الاسد وبدء المرحلة الطبيعية من حياة سورية السياسية. حورب المشروع لهذا السبب بالذات، أي لأنه يقطع الطريق على الصراع على المناصب. وكنا قد دعونا كي ينص النظام الاساسي للإئتلاف على التحريم على أي عضو الترشيح لمنصب في أي حكومة قبل نهاية المرحلة الانتقالية حتى نضمن أن يكون هناك مجموعة تعمل بجد وتعاون وينمو بين أعضائها روح عمل الفريق من دون تنافس على أي منصب كان. وعلى هذا الأساس لم أقبل أن أرشح لتأليف الحكومة الانتقالية. لكن نجح البعض في ايجاد أغلبية للتصويت على قرار يلغيه، قبل أن يفرض عليهم ضغط الداخل الذي ظهر في وسائل التواصل الاجتماعية التراجع عن القرار والعودة إلى النظام الأول في اليوم نفسه.
لا أحد يدري حجم الجهد الذي نبذله والوقت الذي نضيعه على تجاوز المطبات والمآزق والانسدادات التي تعيشها اجتماعاتنا بسبب الاستراتيجيات التنافسية والقرارات المصيرية التي نخفق في اتخاذها لأنها لا تنسجم مع طموحات أو أطماع هذا وذاك في التطلع إلى السلطة والنفوذ.
إنما نحن شعب حرم من الاعتراف ومن المشاركة في السلطة لعقود طويلة. والكثيرون يعتقدون أن المناصب هي تكريس للاعتراف بالقيمة والصدقية والأهمية. انا في نظري العكس هو الصحيح. المنصب كان خلال العقود الطويلة الماضية تعبير عن انعدام الصدقية والقيمة والشخصية، وتجسيد لروح الانتهازية وفراغ الشخصية وسطحية التطلعات والمطامح إن لم نقل الارتزاق.

إعادة تأسيس الائتلاف الوطني



نجاح الائتلاف في تحقيق التوسعة، بالرغم من المخاص العسير لها، وكثرة الوساطات الأجنبية، يشكل خطوة مهمة  على طريق اخراج الائتلاف من الأزمة التي دخل فيها بسبب إرادة البعض السيطرة عليه من دون حق. هذا انجاز كبير، يأتي في الوقت المناسب، للرد على خطاب الأسد الصغير، الذي يحتمي بروسيا وايران، ويستعديهما على شعب "ه". 
نحن أمام فرصة نادرة لجمع أكثر أطياف قوى الثورة والمعارضة في إطار واحد، والخروج بقيادة سياسية تجمع بين المعارضة المتنوعة والحراك الثوري الشبابي وممثلي الكتائب المقاتلة وهيئة أركان الجيش الحر. 
هذه ليست توسعة، إنما هي تجديد للإئتلاف وإعادة بنائه ليجسد بالفعل الاسم الذي أعطاه لنفسه: إئتلافا لقوى الثورة والمعارضة. 
المهم أن يحترم الجميع الاتفاق الجديد، ويكون تطبيقه مناسبة لبعث روح العمل الجماعي كفريق وطني واحد، والتخلي نهائيا عن روح التكتل والتنافس وإرادة الهيمنة. فإما أن يقود دخول القوى الجديدة إلى تعزيز طاقات الائتلاف، وتطوير عمله، وتمكينه من الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب والثورة، التي عجز عن القيام بها حتى الآن، أو أن يفاقم دخول هذه القوى، في حال استمرار سيطرة إرادة الهيمنة وروح التنافس بين الكتل، من أزمة الائتلاف، ويزيد في إضعاف قدرته على العمل، ويهدد شرعية وجوده نفسه. 
ومن أجل ذلك ينبغي أن يرافق التوسعة إصلاح شامل لطرائق عمل الائتلاف وآليات اتخاذ القرار فيه. ومن ضمن ذلك ٤ إصلاحات أساسية:
١. انتخاب هيئة أو مكتب سياسي يكون هو الرأس المحرك للائتلاف والقيادة السياسية له، والمكلف صوغ السياسات واتخاذ القرارات والتوجهات الاستراتيجية وجميع الخط والبرامج. وهو مسؤول أمام الهيئة العامة للائتلاف. ويكون رئيس الائتلاف رئيسا للمكتب السياسي في الوقت نفسه. 
٢. تشكيل لجنة للشفافية مكونة من أعضاء ينتخبون من بين أعضاء الهيئة العمومية، تشرف على مراقبة المال العام وسلامة معايير التوظيف والدعم والإغاثة في كل هيئات ومنظمات الإئتلاف التابعة له
٣. قرار بدعم استقلال القرار الوطني، بحيث لا يجوز لأي عضو في الائتلاف، ما عدا الرئيس ونائبه، أن يقوم بتمثيل الائتلاف في أي مؤتمر أو لقاء دبلوماسي، أو أن يقوم بتفاهمات باسم الائتلاف أو تتعلق به إلا بمعرفة المكتب السياسي أو بتكليف منه. وعلى أي عضو يقوم بهذه المهمات، بصرف النظر عن موقعه، أن يقدم تقريرا عنها للمكتب السياسي أو لمن يمثله. 
٤. تفرغ جميع أعضاء المكتب ومساعديهم لتشكيل فريق عمل واحد يبقى في تواصل دائم مع قوى الثورة والمعارضة والمجتمع الدولي، ومستعدا لاتخاذ القرارات العاجلة، يوما بيوم وساعة بساعة.

jeudi, mai 30, 2013

حديث الأسد : فكأننا والماء من حولنا .. قوم جلوس ومن حولهم ماء


ليس في حديث الأسد لقناة الميادين اليوم أي جديد. بشار الأسد يظل مساويا لنفسه، مهما حصل، حتى لو انمحت سورية وشعبها من الخريطة، سيبقى رئيسا لها، تلبية لمطالب الشعب، وتأكيدا للشرعية التي نسي في أي شروط ألصقها بنفسه وريثا لأبيه. 
بقي وفيا لفصامه الشخصي الأسطوري عندما تحدث عن الحرب الدائرة على أرض سورية التي من المفروض أنها بلده وهو رئيسها. لم يذرف دمعة واحدة على ما يحصل من قتل وتدمير، ولكنه بالعكس أظهر نشوته وفرحته بما يجري في القصير، وفسره بأنه الرد الاستراتيجي لمحور المقاومة على اسرائيل وعقاب للمتآمرين. فلا معنى لضرب اسرائيل، المهم قصف وتدمير من يعملون كأدوات لاسرائيل ضد المقاومة، وما العمل إذا كان الشعب السوري كله قد وضع نفسه في هذه الخانة؟ 
في هذه النظرية الجديدة للحرب الاستراتيجية ضد اسرائيل تبنى بشار خطاب القيادة الايرانية الجديد التي غيرت رأيها منذ أسابيع فلم تعد تنظر إلى ما يجري في سورية على أنه حرب طائفية يشنها السنة على الشيعة والعلويين، وصارت ترى فيها حرب الدفاع عن المقاومة ضد عملاء إسرائيل. ايران وحزب الله لا يحاربون في سورية اليوم دفاعا عن الشيعة المهددين داخل سورية، ولا لحماية السيدة زينب من السبي الثاني، ولا لطمأنة الأقليات، كما كانوا يقولون، وإنما لحماية المقاومة. ربما كانت هناك ثورة ضد النظام لكنها تهدد المقاومة وتخدم إسرائيل ومن الطبيعي أن تدخل كل قوى المقاومة، من ايران إلى لبنان إلى روسيا والصين لحماية فكرة المقاومة حتى لو كان ذلك ضد الشعب السوري بأكمله. ثورة الشعب السوري لايمكن أن تكون شرعية أو مقبولة طالما ان انتصارها يعني إضعاف خط المقاومة والممانعة المتجسد في حزب الله ونظام الممانعة وجمهورية ايران الاسلامية. المقاومة فوق السيادة والحقوق والحريات وكل شيء. وللمقاومة بالمقابل الحق في ضرب أي شعب يتحول إلى أداة لاسرائيل.
هذا هو منطق الأسد وهو منطق ايران والخامنيئ شخصيا في تبرير الحرب التي يشنها المحور الشيعي على الشعب السوري، وليس لها هدف آخر سوى تأكيد هيمنة طهران على المشرق العربي بأكمله وتقاسم النفوذ فيه مع إسرائيل. 
ومن الطبيعي أن يتغلب خطاب الفقيه الايراني الولي على خطاب الأسد السابق فذلك يتفق بشكل أكبر مع تطور خريطة توزيع القوى في الحرب الاجرامية، وتقدم ايران وميليشياتها الشيعية العراقية واللبنانية وغيرها، إلى الصف الأول في القتال ضد السوريين، وتحقيق بعض المكاسب على الارض في الشهر الأخير. ومن الطبيعي أيضا، بعد أن اطمأن للدعم الروسي وسلم قيادته لطهران، أن يستعيد شار معنويات الأسد الصغير، ويشعر بما فيه الكقاية من القوة التي افتقدها لوقت طويل للظهور المتكرر على تلفزيونات ايران، بل وأن يتحدث من موقع الواثق عن مؤتمر جنيف. 
وأكثر ما يلفت النظر في هذا المجال ما ذكره من أن نتائج المفاوضات ينبغي أن تخضع لاستفتاء شعبي. وهذا يعني، في الوضع الذي نعرفه اليوم في سورية، حيث نصف الشعب السوري على الأقل مشتت في المنافي واماكن النزوح ونصفه الثاني ينزف دما من جراء القصف اليومي على القرى والمدن والأحياء، أنه يعطي الحق لنفسه في ان يلغي نتائج المفاوضات بجرة قلم من أجهزته الأمنية. 
قوض الأسد في حديثه على قناة الميادين اليوم كل الآمال التي علقها البعض، من السوريين والمجتمع الدولي، على مؤتمر جنيف ٢ للسلام. وسمح لنفسه أن يؤكد، أكثر من ذلك، على رفضه التخلي عن صلاحياته للحكومة الانتقالية وتمسكه بقيادة الجيش، وبالتالي الاجهزة الأمنية، وبإمكانية ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة. 
وتعليقنا يختصره الشاعر العربي في قوله:
فكأننا والماء من حولنا .. قوم جلوس ومن حولهم ماء
وهذا مايقول فيه الشراح أنه أسخف بيت شعر قالته العرب

حديث الأسد : فكأننا والماء من حولنا .. قوم جلوس ومن حولهم ماء



ليس في حديث الأسد لقناة الميادين اليوم أي جديد. بشار الأسد يظل مساويا لنفسه، مهما حصل، حتى لو انمحت سورية وشعبها من الخريطة، سيبقى رئيسا لها، تلبية لمطالب الشعب، وتأكيدا للشرعية التي نسي في أي شروط ألصقها بنفسه وريثا لأبيه. 
بقي وفيا لفصامه الشخصي الأسطوري عندما تحدث عن الحرب الدائرة على أرض سورية التي من المفروض أنها بلده وهو رئيسها. لم يذرف دمعة واحدة على ما يحصل من قتل وتدمير، ولكنه بالعكس أظهر نشوته وفرحته بما يجري في القصير، وفسره بأنه الرد الاستراتيجي لمحور المقاومة على اسرائيل وعقاب للمتآمرين. فلا معنى لضرب اسرائيل، المهم قصف وتدمير من يعملون كأدوات لاسرائيل ضد المقاومة، وما العمل إذا كان الشعب السوري كله قد وضع نفسه في هذه الخانة؟ 
في هذه النظرية الجديدة للحرب الاستراتيجية ضد اسرائيل تبنى بشار خطاب القيادة الايرانية الجديد التي غيرت رأيها منذ أسابيع فلم تعد تنظر إلى ما يجري في سورية على أنه حرب طائفية يشنها السنة على الشيعة والعلويين، وصارت ترى فيها حرب الدفاع عن المقاومة ضد عملاء إسرائيل. ايران وحزب الله لا يحاربون في سورية اليوم دفاعا عن الشيعة المهددين داخل سورية، ولا لحماية السيدة زينب من السبي الثاني، ولا لطمأنة الأقليات، كما كانوا يقولون، وإنما لحماية المقاومة. ربما كانت هناك ثورة ضد النظام لكنها تهدد المقاومة وتخدم إسرائيل ومن الطبيعي أن تدخل كل قوى المقاومة، من ايران إلى لبنان إلى روسيا والصين لحماية فكرة المقاومة حتى لو كان ذلك ضد الشعب السوري بأكمله. ثورة الشعب السوري لايمكن أن تكون شرعية أو مقبولة طالما ان انتصارها يعني إضعاف خط المقاومة والممانعة المتجسد في حزب الله ونظام الممانعة وجمهورية ايران الاسلامية. المقاومة فوق السيادة والحقوق والحريات وكل شيء. وللمقاومة بالمقابل الحق في ضرب أي شعب يتحول إلى أداة لاسرائيل.
هذا هو منطق الأسد وهو منطق ايران والخامنيئ شخصيا في تبرير الحرب التي يشنها المحور الشيعي على الشعب السوري، وليس لها هدف آخر سوى تأكيد هيمنة طهران على المشرق العربي بأكمله وتقاسم النفوذ فيه مع إسرائيل. 
ومن الطبيعي أن يتغلب خطاب الفقيه الايراني الولي على خطاب الأسد السابق فذلك يتفق بشكل أكبر مع تطور خريطة توزيع القوى في الحرب الاجرامية، وتقدم ايران وميليشياتها الشيعية العراقية واللبنانية وغيرها، إلى الصف الأول في القتال ضد السوريين، وتحقيق بعض المكاسب على الارض في الشهر الأخير. ومن الطبيعي أيضا، بعد أن اطمأن للدعم الروسي وسلم قيادته لطهران، أن يستعيد شار معنويات الأسد الصغير، ويشعر بما فيه الكقاية من القوة التي افتقدها لوقت طويل للظهور المتكرر على تلفزيونات ايران، بل وأن يتحدث من موقع الواثق عن مؤتمر جنيف. 
وأكثر ما يلفت النظر في هذا المجال ما ذكره من أن نتائج المفاوضات ينبغي أن تخضع لاستفتاء شعبي. وهذا يعني، في الوضع الذي نعرفه اليوم في سورية، حيث نصف الشعب السوري على الأقل مشتت في المنافي واماكن النزوح ونصفه الثاني ينزف دما من جراء القصف اليومي على القرى والمدن والأحياء، أنه يعطي الحق لنفسه في ان يلغي نتائج المفاوضات بجرة قلم من أجهزته الأمنية. 
قوض الأسد في حديثه على قناة الميادين اليوم كل الآمال التي علقها البعض، من السوريين والمجتمع الدولي، على مؤتمر جنيف ٢ للسلام. وسمح لنفسه أن يؤكد، أكثر من ذلك، على رفضه التخلي عن صلاحياته للحكومة الانتقالية وتمسكه بقيادة الجيش، وبالتالي الاجهزة الأمنية، وبإمكانية ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة. 
وتعليقنا يختصره الشاعر العربي في قوله:
فكأننا والماء من حولنا .. قوم جلوس ومن حولهم ماء
وهذا مايقول فيه الشراح أنه أسخف بيت شعر قالته العرب

حديث الأسد : فكأننا والماء من حولنا .. قوم جلوس ومن حولهم ماء



ليس في حديث الأسد لقناة الميادين اليوم أي جديد. بشار الأسد يظل مساويا لنفسه، مهما حصل، حتى لو انمحت سورية وشعبها من الخريطة، سيبقى رئيسا لها، تلبية لمطالب الشعب، وتأكيدا للشرعية التي نسي في أي شروط ألصقها بنفسه وريثا لأبيه. 
بقي وفيا لفصامه الشخصي الأسطوري عندما تحدث عن الحرب الدائرة على أرض سورية التي من المفروض أنها بلده وهو رئيسها. لم يذرف دمعة واحدة على ما يحصل من قتل وتدمير، ولكنه بالعكس أظهر نشوته وفرحته بما يجري في القصير، وفسره بأنه الرد الاستراتيجي لمحور المقاومة على اسرائيل وعقاب للمتآمرين. فلا معنى لضرب اسرائيل، المهم قصف وتدمير من يعملون كأدوات لاسرائيل ضد المقاومة، وما العمل إذا كان الشعب السوري كله قد وضع نفسه في هذه الخانة؟ 
في هذه النظرية الجديدة للحرب الاستراتيجية ضد اسرائيل تبنى بشار خطاب القيادة الايرانية الجديد التي غيرت رأيها منذ أسابيع فلم تعد تنظر إلى ما يجري في سورية على أنه حرب طائفية يشنها السنة على الشيعة والعلويين، وصارت ترى فيها حرب الدفاع عن المقاومة ضد عملاء إسرائيل. ايران وحزب الله لا يحاربون في سورية اليوم دفاعا عن الشيعة المهددين داخل سورية، ولا لحماية السيدة زينب من السبي الثاني، ولا لطمأنة الأقليات، كما كانوا يقولون، وإنما لحماية المقاومة. ربما كانت هناك ثورة ضد النظام لكنها تهدد المقاومة وتخدم إسرائيل ومن الطبيعي أن تدخل كل قوى المقاومة، من ايران إلى لبنان إلى روسيا والصين لحماية فكرة المقاومة حتى لو كان ذلك ضد الشعب السوري بأكمله. ثورة الشعب السوري لايمكن أن تكون شرعية أو مقبولة طالما ان انتصارها يعني إضعاف خط المقاومة والممانعة المتجسد في حزب الله ونظام الممانعة وجمهورية ايران الاسلامية. المقاومة فوق السيادة والحقوق والحريات وكل شيء. وللمقاومة بالمقابل الحق في ضرب أي شعب يتحول إلى أداة لاسرائيل.
هذا هو منطق الأسد وهو منطق ايران والخامنيئ شخصيا في تبرير الحرب التي يشنها المحور الشيعي على الشعب السوري، وليس لها هدف آخر سوى تأكيد هيمنة طهران على المشرق العربي بأكمله وتقاسم النفوذ فيه مع إسرائيل. 
ومن الطبيعي أن يتغلب خطاب الفقيه الايراني الولي على خطاب الأسد السابق فذلك يتفق بشكل أكبر مع تطور خريطة توزيع القوى في الحرب الاجرامية، وتقدم ايران وميليشياتها الشيعية العراقية واللبنانية وغيرها، إلى الصف الأول في القتال ضد السوريين، وتحقيق بعض المكاسب على الارض في الشهر الأخير. ومن الطبيعي أيضا، بعد أن اطمأن للدعم الروسي وسلم قيادته لطهران، أن يستعيد شار معنويات الأسد الصغير، ويشعر بما فيه الكقاية من القوة التي افتقدها لوقت طويل للظهور المتكرر على تلفزيونات ايران، بل وأن يتحدث من موقع الواثق عن مؤتمر جنيف. 
وأكثر ما يلفت النظر في هذا المجال ما ذكره من أن نتائج المفاوضات ينبغي أن تخضع لاستفتاء شعبي. وهذا يعني، في الوضع الذي نعرفه اليوم في سورية، حيث نصف الشعب السوري على الأقل مشتت في المنافي واماكن النزوح ونصفه الثاني ينزف دما من جراء القصف اليومي على القرى والمدن والأحياء، أنه يعطي الحق لنفسه في ان يلغي نتائج المفاوضات بجرة قلم من أجهزته الأمنية. 
قوض الأسد في حديثه على قناة الميادين اليوم كل الآمال التي علقها البعض، من السوريين والمجتمع الدولي، على مؤتمر جنيف ٢ للسلام. وسمح لنفسه أن يؤكد، أكثر من ذلك، على رفضه التخلي عن صلاحياته للحكومة الانتقالية وتمسكه بقيادة الجيش، وبالتالي الاجهزة الأمنية، وبإمكانية ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة. 
وتعليقنا يختصره الشاعر العربي في قوله:
فكأننا والماء من حولنا .. قوم جلوس ومن حولهم ماء
وهذا مايقول فيه الشراح أنه أسخف بيت شعر قالته العرب

mercredi, mai 29, 2013

من المسؤول عن فشل الهيئة العامة للائتلاف في مؤتمرها الأخير؟



ماحصل في الأسبوع الماضي ٢٣-٢٨ في استنبول كان مأساة بالمعنى الحرفي للكلمة، وعار على الإئتلاف وجريمة ضد الثورة. 
وظيفة الائتلاف ان يقوم بحشد الدعم السياسي والاغاثي والعسكري للثورة والشعب المنكوب. ويعني هذا الحشد تجميع اكبر عدد او طيف من القوى المساندة للثورة، سواء القوى السورية نفسها أو القوى الحليفة التي يمكن أن تقدم الدعم للثورة. هو ليس برلمان لتمثيل الداخل او الخارج. الذي يشله الى اليوم هو تنازع المجموعات وتكتلات القوى داخل على الهيمنة عليه، وحرصها من أجل ذلك على زيادة مقاعدها دائما بذريعة التمثيل. والنتيجة اصبح كل وقت الائتلاف مكرس للنزاع على مقاعد ومواقع ورئاسات وهمية. وقد ادى هذا التنازع الى تطورات حولت الائتلاف من إطار لجمع قوى المعارضة إلى بؤرة توتر طاردة لها، ومن اداة لحشد الدعم وبناء التحالفات العربية والدولية الى وسيلة لتمزيق هذه التحالفات وتوتير العلاقات بين الدول الداعمة لنا والتفريط بأي دعم. 
في هذه المعادلة ايضا يخرج المستقلون مثلنا، ممن لا ينتسبون لاحزاب او كتل متنافسة، ولا يتقاتلون على تحسين مواقع كتلهم، والذين لا هم لهم سوى خدمة القضية الوطنية العامة، يخرجون من المعادلة كليا، ولا يعود لهم دور اخر سوى فك الاشتباك بين التكتلات والفرق المتنازعة أو مشاهدتها وهي توجه الحراب بعضها للبعض الآخر. هكذا أصبح عملنا في الائتلاف تماما عكس ما هو مطلوب من. فبدل الحشد والدعم، أصبحنا نصرف معظم وقتنا ومواردنا في ترتيب وضع الائتلاف الداخلي وحل الخلافات وامتصاص التوترات، ولا يبق لدينا وقت للقضية الاساسية التي اجتمعنا من اجلها.
هذا الوضع لا يليق بنا ولا ينبغي أن يستمر بأي شكل. 
ليس من المحتمل أو المقبول أن تستمر جلسات الائتلاف وهيئته العامة لأيام طويلة من اجل إقرار ضم بعض الأعضاء إليه، في الوقت الذي يحتاج فيه الائتلاف للعمل ليل نهار لمواجهة التحديات العسكرية والإغاثية والسياسية التي تواجه الثورة والمعارضة. 
نقطة البدء في أي إصلاح هي تفكيك منطق الصراع على الهيمنة داخل الائتلاف، وتحريمه، وهذا يتطلب رفض الاعتراف بالتكتلات، ورفض مسايرة منطقها والتساهل معه، والتعامل، بالعكس من ذلك، مع الاعضاء كافراد متساوين يمثلون أنفسهم، ويصوتون حسب ضمائرهم، وتجنب اي مطلب ينبع من منطق المحاصصة وتعديل الاوزان أو التنافس على المقاعد. وهذا يعني الانتقال من إئتلاف يكرس الاقطاعات وزعامات المجموعات ويحشد من حولها ما هب ودب، إلى ائتلاف يجمع بين ثوار ومناضلين فاعلين من كل قوى الثورة والمعارضة، قادرين على الوفاء بالالتزامات المنوطة بالائتلاف، والدفاع عن مباديء الثورة، وحشد الدعم من كل الانواع ومن كل مكان لانجاز المهام المطلوبة.

من المسؤول عن فشل الهيئة العامة للائتلاف في مؤتمر استنبول


تأسس الائتلاف لأن المجلس الوطني فشل في أن يكون إطارا جامعا لقوى الثورة والمعارضة، وأغلق مؤسسوه الباب على أنفسهم وحولوه إلى أداة للصراع السياسي، ليس ضد النظام، وإنما ضد الاطراف الاخرى من قوى الثورة والمعارضة التي لا تتفق مع آرائهم ووجهة نظرهم. وبدل أن يوحد قوى الثورة والمعارضة أصبح وسيلة لتقسيمها، وتحول محور الصراع من جمع القوى الديمقراطية وتوحيدها في وجه النظام إلى صراع من حول المجلس الوطني وقادته. وصار التشهير به وانتقاده عن حق أو باطل الهدف الاول للذين عجزوا عن دخوله والتشهير بمن ترفض قوى المجلس الوطني إدخالهم هدف قادة المجلس أيضا. الطرف المستبعد يتهم المجلس بالخضوع لإرادات خارجية والاستسلام لهيمنة القوى الاسلامية والطرف المتضمن يتهم قوى المعارضة الأخرى بعدم الجذرية في الموقف من النظام، بل بالتواطؤ معه والاستعداد لخيانة الثورة، من خلال استعداده للحوار او التفاهم مع النظام وعقد تسويات تفرط بحقوق الشعب الثائر وتخون تضحيات أبنائه. هكذا صار المجلس الوطني مصدر تشويش وتشتيت للرأي العام السوري وفقد وظيفته بعد ان أصبح يفرق أكثر مما يجمع، قبل أن يفقد شرعيته في الداخل والخارج، لأنه فشل في القيام بمهامه والوفاء بما أنشيء له.
حصل هذا للمجلس الوطني بالرغم من الانجازات الكبيرة التي حققها، وفي مقدمها تشكيل إطار ذي صدقية، يجمع نسبيا قسما كبيرا من أطياف المعارضة بعد ستة اشهر من الفراغ والتمزقات والتجاذبات. وبالرغم من النجاح في الترويج لأفكار الثورة وحقيقتها الديمقراطية في الخارج، وهذا ما مكننا من أن نفرض على الدول التي لم تكد تستقل عن النظام السوري الاعتراف بنا والتعامل معنا كممثلين لثورة عظيمة تستحق كل الدعم. وعلى هذا الأساس خضنا معارك ديبلوماسبة عديدة وخرجنا منها بنجاحات مشهودة، كان آخرها تشكيل تجمع أصدقاء الشعب السوري. فبعد التصويت على ثلاث قرارات لصالح الشعب السوري والثورة في مجلس الأمن عطلها الموقف الروسي، كان لا بد من تشكيل مجموعة اتصال تتعامل مباشرة مع القضية السورية من خارج مجلس الأمن كما حصل في العديد من الأزمات الدولية السابقة. وكان أول إنجاز لهذه المجموعة التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٣ حزيران يونيو ٢٠١٢ الذي حمل الأسد ونظامه المسؤولية عن الجرائم الشنيعة الحاصلة في سورية، وطالب بتحقيق مطالب الشعب السوري الشرعية.
يكاد الائتلاف يكرر، لكن من دون أي إنجاز، تجربة المجلس الوطني بحذافيرها، لكن في فترة حاسمة من الصراع بين الثورة والنظام تتطلب الحسم السريع والمبادرة والدعم المتواصل للثوار. ولم يعد من المحتمل أو المقبول أن تستمر جلسات الائتلاف وهيئته العامة لأسابيع طويلة من اجل إقرار ضم بعض الأعضاء إليه، في الوقت الذي يحتاج فيه الائتلاف للعمل ليل نهار لمواجهة التحديات العسكرية والإغاثية والسياسية التي تواجه الثورة والمعارضة. ماحصل في الأسبوع الماضي ٢٣-٢٨ في استنبول كان مأساة بالمعنى الحرفي للكلمة، وعار على الإئتلاف وجريمة ضد الثورة. لقد عطلت كل اعمال المؤتمر بهدف التوصل إلى اتفاق لضم مجموعة من المعارضين، بصرف النظر عن اهميتهم، إلى الائتلاف. وتحول الأمر، بسبب مناورات المجموعات المتنافسة على الهيمنة على الائتلاف، وجميعها لا تزن شيئا في ميزان الصراع الدائر داخل سورية، من نزاع داخلي بين أطراف المعارضة على المواقع الائتلافية إلى مواجهة بين الدول الحليفة، وبشكل خاص بين الدول العربية الأكثر دعما لنا. وبمقدار ما زاد تصميم المدافعين عن مواقعهم داخل الائتلاف على إغلاق هذا الأخير على الطارقين بابه، زاد احتداد المواجهة بين الدول التي لم تعد تهتم بالمجموعات المستنجدة بها وإنما صارت تنظر إلى المعركة على انها تحد للارادات وتحديد للمواقع والمراتب الاقليمية. وبسرعة تحول النزاع داخل المعارضة على الهيمنة على الائتلاف إلى صراع داخل تجمع أصدقاء سورية على الهيمنة على قرار الثورة، وتحولت مجموعات المعارضة بالتالي إلى أدوات لخدمة هذا الغرض.

وظيفة الائتلاف، الذي يجمع، ومن المفروض أن يجمع، كل القوى العاملة من أجل هدف التغيير الواحد، ان يقوم بحشد الدعم السياسي والاغاثي والعسكري للثورة والشعب المنكوب. ويعني هذا الحشد تجميع اكبر عدد او طيف من القوى المساندة للثورة، سواء القوى السورية نفسها أو القوى الحليفة التي يمكن أن تقدم الدعم للثورة. وبمقدار ما ينجح الإئتلاف في توسيع دائرة المساندين والمؤيدين والمشاركين في دعم الثورة، من أي جهة جاؤوا ومهما كانت مشاربهم، يكون انجازه، ويستمد المزيد من القوة والشرعية. فالائتلاف إطار للعمل وحشد الجهد وليس برلمانا هدفه تمثيل الشعب السوري أو تمثيل قوى الثورة والمعارضة السورية. التمثيل مطلوب ومهم بمقدار ما يكون ضروريا لحشد الدعم وتقوية الائتلاف بتعميق شرعيته. وضم أعضاء ليسوا ضروريين لتحقيق هذه الاهداف، فقط لتعزيز قوة هذا الفريق أو ذاك لتمكينه من السيطرة أو الهيمنة، لا يؤثر سلبا على عمل الائتلاف فحسب ولكنه يحرف الائتلاف عن أهدافه ويحوله إلى ساحة إضافية للصراع السوري السوري الجانبي، والآن العربي، ويمنعه من تحقيق أهدافه الحقيقية.
هذا التنازع على تأمين كل مجموعة وسائل الهيمنة على الائتلاف داخل صفوفه وفي مواجهة القوى الراغبة بدخوله هو مصدر الشلل الرئيسي الذي عرفه الائتلاف منذ تأسيسه الى اليوم. وهو الذي حول الائتلاف من اداة لحشد الدعم وبناء التحالفات العربية والدولية الى وسيلة لتمزيق هذه التحالفات وتوتير العلاقات بين الدول الداعمة لنا. فكل فريق يحاول ان يكسب دعم هذه الدولة او تلك له، ويدفعها الى الصراع مع الدولة الاخرى التي يتهمها بانها تدعم الفريق المنافس له. والنتيجة أن وقت الائتلاف أصبح بالكلية مكرس للنزاع على مقاعد ومواقع ورئاسات وهمية، وصرنا نحن السبب في تدمير التحالفات الدولية وفي تأجيج النزاعات بين البلدان الحليفة لنا وفي تعميق الخلافات في ما بينها بدل ان نعمل كل ما نستطيع لتوحيدها خلفنا.
في هذه المعادلة ايضا يخرج المستقلون مثلنا، ممن لا ينتسبون لاحزاب او كتل متنافسة، ولا يتقاتلون على تحسين مواقعهم، والذين لا هم لهم سوى خدمة القضية الوطنية العامة، يخرجون من المعادلة كليا، ولا يعود لهم دور اخر سوى فك الاشتباك بين التكتلات والفرق المتنازعة أو مشاهدتها وهي توجه الحراب والسباب بعضها للبعض الآخر. هكذاأصبح عملنا في الائتلاف تماما عكس ما هو مطلوب من. فبدل الحشد والدعم، أصبحنا نصرف معظم وقتنا ومواردنا في ترتيب وضع الائتلاف الداخلي وحل الخلافات وامتصاص التوترات، ولا يبق لدينا وقت للقضية الاساسية التي اجتمعنا من اجلها.
هذا ما يفسر أيضا تزايد تدخل السفراء الأجانب في شؤون الائتلاف وحضورهم الدائم في كواليس جميع اجتماعاتنا. فبمقدار ما تتعمق الخلافات والمنازعات والولاءات الخارجية لكسب المزيد من الدعم او المواقع من قبل المكونات، يزداد تجرؤ السفراء على التدخل. ويستطيعون بسهولة تبرير هذا التدخل بالحرص على عدم تفجر الائتلاف، وتقريب وجهات نظر المجموعات المتناحرة، والمساعدة على التوصل إلى اتفاقات مضمونة أو قابلة للحياة، أو المساعدة على دفع الاطراف التي يعرفونها ويدعمونها الى التفاهم.
ان النزاعات الطفولية، غير المعقولة وغير المقبولة، على المواقع والمناصب، بما في ذلك سعي أي تكتل إلى زيادة عدد اعضائه في الائتلاف من دون سبب سوى ضمان نفوذ أكبر، يظهر ان الهم الأول هو الهيمنة الداخلية لا خدمة الثورة والثوار. وهو يظهر السفراء الأجانب في كل مرة وكأنهم هم الأحرص على المصالح العامة السورية، ويضعهم بالفعل في موقع التوفيق بين المصالح المتنازعة، ويزيدهم قناعة بشرعية تدخلهم. وبذلك تتم مصادرة الوظيفة الرئيسية للسيادة الوطنية. فالحاجة تفرض نفسها لقوة خارجية، أي من خارج المجتمع للتوفيق بين مصالح أطرافه المتنازعة والتوصل إلى تفاهم يضمن السلام والاستقرار وبالتالي تسيير الاعمال، طالما عجزت أطراف المجتمع نفسها ان تفرز من نفسها إطار الوحدة والتفاهم والتوافق ومفهومه. وهذه هي وظيفة الدولة وأساس وجودها وشرعيتها. وكلما تفاقم التدخل من قبل قوة خارجية لرأب الصدع وجمع الأطراف من الخارج، فقد المجتمع مناعته تجاه التدخلات وسلم نفسه أو سلمت الأطراف المختلفة قيادها للقوى الخارجية، وصعب التوصل إلى إقامة مركز مشترك يجمع بين مصالحها ويؤسس لدولة وسلطة واحدة متماسكة مقبولة وشرعية.
باختصار سلوكنا كاطفال غير ناضجين وغير مسؤولين هو الذي يشجع على هذا التدخل.
 فالدول تتدخل في حالتين الدفع لقبول توجهات او خيارات سياسية محددة او وضع اشخاص معينين تابعين لها او تعتقد انهم  أقرب الى توجهاتها او تلبية حاجات التعاون والتفاهم المشتركين. تدخل السفراء الاجانب عندنا يتجاوز ذلك بكثير. هم يكادون لا يتركوننا في اي اجتماع كما ترافق الام ابنائها المعاقينومعظم تدخلاتهم صارت لتذكير المجموعات المتناحرة بأن هناك قضية أكبر من مصالح كتلهم ومواقعهم الفردية. ولن يتوقف هذا المشهد إلا عندما يبلغ المعارضون، أو من احتلوا موقعهم ومعظمهم لا علاقة لهم بالمعارضة ولا حتى بالسياسة وليس لديهم فكرة لا عن الدولة ولا إدارتها ولا الشأن العام ولا المصالح العامة، فما بالك بالوطنية، ولا يرون في مواقعهم سوى مناسبة لتحسين فرصهم في الحصول على الموارد والنفوذ، أقول لن يتوقف تدخل السفراء العرب والأجانب اليوم، وتدخل الدول الاجنبية غدا، في شؤون المعارضة وشؤوننا جميعا مالم نبلغ نحن انفسنا سن الرشد السياسي. والرشد السياسي بعكس الطفولة، هو الخروج من التمحور حول الذات، والتطلع نحو الآخرين المحيطين بنا من قوى وطنية وغير وطنية، والتمييز بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة التي تخص بناء المجتمع كدولة وبناء الدولة كمركز لتسوية كل الخلافات وتجاوزها، وهو ما نسميه الوعي الوطني او المدني، والتمييز بين قوى الصديق، مهما اختلفت عنا، وقوى العدو مهما بدت في الظاهر مؤيدة لنا. ومن دون ذلك لا يمكن أن توجد سياسة ولا دولة ولا قيادة وطنية ولا أساس للشعور بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية. وسوف يتزايد نزوع الدول الخارجية إلى التدخل في شؤوننا ما لم تحصل عند المجموعات المتنازعة على تقاسم الموارد والنفوذ، ولا أقصر الموضوع هنا على مجموعات الائتلاف، شعور أعمق بالمسؤولية العمومية والوعي بالمصالح الوطنية، وهذا يعني شعور الانتماء إلى جماعة أكبر، والعمل في إطارها واحترام الأسس التي تصون وحدتها واستمرارها. وهذا هو أساس نشوء الأمة أو الجماعة الوطنية. .
لا يمكن أن نستمر للأبد بالتعلل باننا لم نمارس السياسة خلال عقود طويلة ماضية بسبب الاستبدا الوحشي، ولا أن نقبل بأننا معارضة ضعيفة او عديمة الخبرة الى مالا نهاية. نحن جميعا مسؤولين، وينبغي ان يشعر كل عضو انه مسؤول، إما بسبب أنانيته أو إمعيته أو صمته، عن الوصول الى هذا الوضع المحزن. ولا يمكن بلوغ الرشد السياسي، أي نشوء الشعور بالمسؤولية العمومية الذي ينظم الحقوق الخاصة والعامة، ويؤسس للسلوك من منطلق إخضاء الصراع على المصالح الخاصة لمقتضيات الحفاظ على الدولة والنظام العام ووحدة الجماعة الوطنية واستقلالها واستقرارها والسلام والأمن الاهليين، من دون الخروج من الثقافة البدائية، القائمة على سيطرة قيم الانتفاع الآني وتلبية الرغبات والشهوات المباشرة، الأنانية والوقتية، والانتقال نحو ثقافة المدنية التي تجعل من إرضاء الحاجات المعنوية، وفي مقدمها خدمة الجماعة، مصدرا للرضى، كما تجعل من حياة كل فرد مشروع بناء مستمر يعكس المقدرة على التفكير من منظور أخلاقي يتجاوز تلبية غرائز السيطرة البدائية والشهوة، وإدراك معنى العمل في الأفق المتوسط والطويل.
لن يقلع مركب الائتلاف ويخرج من الميناء الذي لا يزال مكبلا فيه منذ نشوئه ما لم يخرج من منطق اقتسام المنافع والغنائم والنفوذ الذي أسس لسياسة المحاصصة والمزاحمة والمنازعة على التمثيل من دون ممثلين حقيقيين، وجعل نشاط الائتلاف يدور كله في نطاق شراء الولاءات والمحسوبيات والصداقات، وأفقد سلوك معظم أعضائه أي بعد أخلاقي أو سياسي أو مبدئي.
ونقطة البدء في أي إصلاح رفض الاعتراف بالتكتلات، ورفض مسايرة منطقها والتساهل معه، والتعامل، بالعكس من ذلك، مع الاعضاء كافراد متساوين يمثلون أنفسهم، ويصوتون حسب ضمائرهم، وتجنب اي مطلب ينبع من منطق المحاصصة وتعديل الاوزان أو التنافس على المقاعد. وهذا يعني الانتقال من إئتلاف يكرس الاقطاعات وزعامات المجموعات ويحشد من حولها لا على التعيين، إلى ائتلاف يجمع بين ثوار ومناضلين فاعلين من كل قوى الثورة والمعارضة، قادرين على الوفاء بالالتزامات المنوطة بالائتلاف، والدفاع عن مباديء الثورة، وحشد الدعم من كل الانواع ومن كل مكان لانجاز المهام المطلوبة.



من المسؤول عن فشل الهيئة العامة للائتلاف في مؤتمرها الأخير؟



ماحصل في الأسبوع الماضي ٢٣-٢٨ في استنبول كان مأساة بالمعنى الحرفي للكلمة، وعار على الإئتلاف وجريمة ضد الثورة.
وظيفة الائتلاف ان يقوم بحشد الدعم السياسي والاغاثي والعسكري للثورة والشعب المنكوب. ويعني هذا الحشد تجميع اكبر عدد او طيف من القوى المساندة للثورة، سواء القوى السورية نفسها أو القوى الحليفة التي يمكن أن تقدم الدعم للثورة. هو ليس برلمان لتمثيل الداخل او الخارج. الذي يشله الى اليوم هو تنازع المجموعات وتكتلات القوى داخل على الهيمنة عليه، وحرصها من أجل ذلك على زيادة مقاعدها دائما بذريعة التمثيل. والنتيجة اصبح كل وقت الائتلاف مكرس للنزاع على مقاعد ومواقع ورئاسات وهمية. وقد ادى هذا التنازع الى تطورات حولت الائتلاف من إطار لجمع قوى المعارضة إلى بؤرة توتر طاردة لها، ومن اداة لحشد الدعم وبناء التحالفات العربية والدولية الى وسيلة لتمزيق هذه التحالفات وتوتير العلاقات بين الدول الداعمة لنا والتفريط بأي دعم. 
في هذه المعادلة ايضا يخرج المستقلون مثلنا، ممن لا ينتسبون لاحزاب او كتل متنافسة، ولا يتقاتلون على تحسين مواقع كتلهم، والذين لا هم لهم سوى خدمة القضية الوطنية العامة، يخرجون من المعادلة كليا، ولا يعود لهم دور اخر سوى فك الاشتباك بين التكتلات والفرق المتنازعة أو مشاهدتها وهي توجه الحراب بعضها للبعض الآخر. هكذا أصبح عملنا في الائتلاف تماما عكس ما هو مطلوب من. فبدل الحشد والدعم، أصبحنا نصرف معظم وقتنا ومواردنا في ترتيب وضع الائتلاف الداخلي وحل الخلافات وامتصاص التوترات، ولا يبق لدينا وقت للقضية الاساسية التي اجتمعنا من اجلها.
هذا الوضع لا يليق بنا ولا ينبغي أن يستمر بأي شكل. 
ليس من المحتمل أو المقبول أن تستمر جلسات الائتلاف وهيئته العامة لأيام طويلة من اجل إقرار ضم بعض الأعضاء إليه، في الوقت الذي يحتاج فيه الائتلاف للعمل ليل نهار لمواجهة التحديات العسكرية والإغاثية والسياسية التي تواجه الثورة والمعارضة. 
نقطة البدء في أي إصلاح هي تفكيك منطق الصراع على الهيمنة داخل الائتلاف، وتحريمه، وهذا يتطلب رفض الاعتراف بالتكتلات، ورفض مسايرة منطقها والتساهل معه، والتعامل، بالعكس من ذلك، مع الاعضاء كافراد متساوين يمثلون أنفسهم، ويصوتون حسب ضمائرهم، وتجنب اي مطلب ينبع من منطق المحاصصة وتعديل الاوزان أو التنافس على المقاعد. وهذا يعني الانتقال من إئتلاف يكرس الاقطاعات وزعامات المجموعات ويحشد من حولها ما هب ودب، إلى ائتلاف يجمع بين ثوار ومناضلين فاعلين من كل قوى الثورة والمعارضة، قادرين على الوفاء بالالتزامات المنوطة بالائتلاف، والدفاع عن مباديء الثورة، وحشد الدعم من كل الانواع ومن كل مكان لانجاز المهام المطلوبة.

lundi, mai 20, 2013

كلمة لأحرار القصير



يا أبناء سورية الأحرار
،أيها الأبطال الصامدين في القصير وحمص وكل شبر من الأرض السورية
منذ سنتين وانتم تخوضون معركة الشرف في مواجهة أكثر النظم وحشية وعنصرية
تدافعون فيها عن حرياتكم وكرامتكم، 
عن حرمة حياتكم وحياة نسائكم وأطفالكم، 
عن حقكم في أن يكون لكم وطن يحضنكم ويحميكم ويؤمن مستقبل أبنائكم ككل شعوب العالم، 
تدافعون عن تاريخكم وكل القيم الانسانية التي جعلت من بلادنا موطن المحبة والأخوة والثقافة والحضارة، موطن الأبجدية والأديان الالهية والقيم الروحية.
منذ سنتين وانتم تعلمون نظام الذل والعبودية أعمق معاني البطولة وتمرغون انوف أصحابه في الوحل،

وها أنتم تكتشفون اليوم أنكم لا تقاتلون ضد عدو واحد وإنما ضد مؤامرة يشارك فيها أكثر من نظام ديكتاتوري لإقصاء الشعب السوري واغتيال حرياته وتجريده من حقوقه، والتنكيل اليومي بشبابه وبناته وأطفاله، 
أنتم لا تدافعون اليوم عن حقوق السوريين وحرياتهم المغتصبة منذ أربعة عقود، 
انتم تخوضون معركة الحرية لشعوب المنطقة كلها في وجه مشروع الهيمنة العنصرية لنظم الاستبداد والغطرسة والاستتباع، في موسكو وطهران وبغداد وغيرها من الدول والمنظمات الحليفة لنظام العبودية والاسترقاق.
حرية الشعوب العربية أولا، وحرية الشعوب الايرانية والكردية والتركية ثانيا المهددة جميعا برياح العنصرية التي تهب باسم المذهبية وروح السيطرة والاستعلاء. 

يا شعب سورية ومقاتليها الأحرار 
ايها الثوار الأبطال
أنتم لا تقفون ضد ديكتاتورية آل الأسد وطائفية الخامنيء والمالكي وأنصارهم من غلاظ القلوب، ومستبيحي دم الأبرياء والاحرار فحسب
أنتم تقفون وقفة البطولة والإباء في مواجهة الجبن والحقد والضغينة والطائفية السوداء
في وجه التآمر والغش والخديعة وخذلان الأشقاء والأصدقاء،
أنتم شهداء الحق، 
شمس الكرامة والحرية
التي تسطع على سورية الحبيبة
بورك صمودكم وبوركت نفوسكم الأبية الظافرة
وإنكم لمنتصرون
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير

كلمة لأحرار القصير



يا أبناء سورية الأحرار
،أيها الأبطال الصامدين في القصير وحمص وكل شبر من الأرض السورية
منذ سنتين وانتم تخوضون معركة الشرف في مواجهة أكثر النظم وحشية وعنصرية
تدافعون فيها عن حرياتكم وكرامتكم، 
عن حرمة حياتكم وحياة نسائكم وأطفالكم، 
عن حقكم في أن يكون لكم وطن يحضنكم ويحميكم ويؤمن مستقبل أبنائكم ككل شعوب العالم، 
تدافعون عن تاريخكم وكل القيم الانسانية التي جعلت من بلادنا موطن المحبة والأخوة والثقافة والحضارة، موطن الأبجدية والأديان الالهية والقيم الروحية.
منذ سنتين وانتم تعلمون نظام الذل والعبودية أعمق معاني البطولة وتمرغون انوف أصحابه في الوحل،

وها أنتم تكتشفون اليوم أنكم لا تقاتلون ضد عدو واحد وإنما ضد مؤامرة يشارك فيها أكثر من نظام ديكتاتوري لإقصاء الشعب السوري واغتيال حرياته وتجريده من حقوقه، والتنكيل اليومي بشبابه وبناته وأطفاله، 
أنتم لا تدافعون اليوم عن حقوق السوريين وحرياتهم المغتصبة منذ أربعة عقود، 
انتم تخوضون معركة الحرية لشعوب المنطقة كلها في وجه مشروع الهيمنة العنصرية لنظم الاستبداد والغطرسة والاستتباع، في موسكو وطهران وبغداد وغيرها من الدول والمنظمات الحليفة لنظام العبودية والاسترقاق.
حرية الشعوب العربية أولا، وحرية الشعوب الايرانية والكردية والتركية ثانيا المهددة جميعا برياح العنصرية التي تهب باسم المذهبية وروح السيطرة والاستعلاء. 

يا شعب سورية ومقاتليها الأحرار 
ايها الثوار الأبطال
أنتم لا تقفون ضد ديكتاتورية آل الأسد وطائفية الخامنيء والمالكي وأنصارهم من غلاظ القلوب، ومستبيحي دم الأبرياء والاحرار فحسب
أنتم تقفون وقفة البطولة والإباء في مواجهة الجبن والحقد والضغينة والطائفية السوداء
في وجه التآمر والغش والخديعة وخذلان الأشقاء والأصدقاء،
أنتم شهداء الحق، 
شمس الكرامة والحرية
التي تسطع على سورية الحبيبة
بورك صمودكم وبوركت نفوسكم الأبية الظافرة
وإنكم لمنتصرون
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير

dimanche, mai 19, 2013

في حتمية انتصار الثورة والتصميم عليه


لعنف غير المحدود الذي يستخدمه النظام الأسدي ضد الشعب، ثوارا ومدنيين من دون تمييز، والتردد المستمر للدول العربية والغربية أمام استشراس الروس الذين صمموا أن يصعدوا، على جماجم السوريين وبدمائهم، إلى موقع الدولة العظمى التي تتحدى الغرب وتفرض عليه ما تشاء من خيارات في المشرق، كل ذلك وضع ثورة الشعب السوري العظيمة أمام تحد كبير. ويعني هذا التحدي أن أي تقدم على الأرض وفي الميدان السياسي لن يمكن أن يتحقق من دون إحداث إصلاحات نوعية على أسلوب العمل الذي اتبعته الثورة حتى الآن، وتجاوز نقاط الضعف الكثيرة التي ميزت سلوك المعارضة السياسية التي تمثل واجهة الثورة وسلوك الكتائب العسكرية أو بالأحرى قياداتها وأضعفت أداءها.
أمام هذا الوضع الصعب ونتيجة القلق على الثورة يزداد النزوع لدى قطاعات عديدة من الثوار والرأي العام معا إلى البحث عن كبش فداء من داخل الثورة نفسها وتغذية اتجاهات تدفع إلى الاحباط من دون حق. من هذه الاتجاهات الميل إلى اتهام الدول المؤيدة للثورة بعدم صدقها، وأحيانا بالتآمر عليها، ومنها التشكيك بوطنية المعارضة واتهام أعضائها، دون تمييز، بالفساد أو بالتقصير وغياب المقدرة والكفاءة. وربما كان تشكيك الشعب بقيادته هو الأخطر بين هذه الاتجاهات لأنه يضعف الروح المعنوية للثوار والشعب، وإضعاف الروح المعنوية هو أكبر ضربة يمكن أن يوجهها طرف للطرف الخصم، لأنه يثبط الهمم ويدفع إلى اليأس وترك العمل والانسحاب من المواجهة.
لا ينبغي أن نسقط في فخ الإعلام الكاذب للنظام. وينبغي أن نتذكر كم مرة حشد سادة الأرهاب في النظام جيوشهم وادعوا أنهم على وشك الانتصار، وكانت النتيجة تراجعا أكبر.
واليوم بالرغم من الدعم غير المسبوق الذي يتلقاه النظام من حلفائه في ايران وغيرها بالعتاد والرجال، ومن استخدام كل أنواع الاسلحة المحرمة وارتكاب أكثر المجازر همجية في أكثر من بلدة ومدينة، لم يحرز جيش النظام وميليشياته الطائفية أي تقدم يذكر، ولا يزال الجيش الحر، المحروم من الدعم الكافي، يحقق تقدما مهما كان بطيئا، على كل الجبهات.
وبالرغم من انتقادنا الدائم لأصدقائنا وأشقائنا في ما يتعلق بحجم الدعم ونوعيته، إلا أن ثورتنا لا تزال تحظى بتأييد كبير لا ينبغي أن ننساه، ولا تزال تقف وراءنا الأغلبية الساحقة من الدول. أما الدول العربية التي ساعدتنا منذ البداية فهي تعرف أن معركتنا هي في الوقت نفسه معركتها، لأن بقاء النظام يعني انتصارا لسياسة ايران وتمكينا لسيطرتها السياسية والعسكرية والدينية على المنطقة بأكملها، وعلى دول الخليج بشكل خاص.
هناك بالتأكيد انقسامات في القيادة السياسية والعسكرية نتيجة الضعف التكويني ونقص الخبرة والمداخلات الخارجية وشراء الولاءات، وهو ما أفقد المعارضة الكثير من صدقيتها وترك الثورة من دون قيادة موحدة ومركزية. لكن في ما وراء الهياكل الجاهزة التي تجمع بعض الأطراف والشخصيات، هناك على الأرض وفي كل مكان شباب ورجال نذروا أنفسهم للدفاع عن شعبهم، ولن يتخلوا عنه مهما حصل، ولا هم لهم إلا انتصاره وتحقيق آماله في دفن نظام الطاغية وأزلامه، وإقامة دولة الكرامة والحرية التي حلم بها ولا يزال، منذ عقود طويلة، السوريون.
التحديات الكبيرة التي تواجهها الثورة لا ينبغي أن تفت في عضدنا وأن تدفعنا إلى الاحباط واستسهال الاتهامات المتبادلة أو الوقوع في مرض النقد السلبي الهادف إلى التشهير والتهديم والتيئيس. بل بالعكس، ينبغي أن تحث كل واحد منا على تلمس العذر لأخيه وتنبيهه إلى الطريق الصحيح والمساهمة في رسم معالم هذا الطريق والمشاركة في تحقيق السياسات والخيارات السليمة من أجل الاسراع في ايصال الثورة إلى أهدافها. وهذا هو النقد الايجابي الموجه للاصلاح وتحسين أداء الثورة والثوار لا سلبهم ثمرة أتعابهم أو التقليل من شان تضحياتهم. هناك عيوب كثيرة في كل مسيرة، وفي مسيرة أي ثورة مهما كانت، لكن هناك فرق بين أن نبرز هذه العيوب للتشهير بها والتأييس منها والتشكيك بالقيادة، وبين أن نشير إليها ونضع الأصبع على الأخطاء من أجل تصحيحها وتجاوزها، وتعزيز الأمل بالنصر. فالثورة التي وقفت أمام هذا الطاغوت الهمجي خلال ٢٦ شهرا متواصلة تستطيع أن تحل مشاكلها وتتقدم أكثر لو صفت النية ونمت الثقة المتبادلة وحصل التعاون بين جميع الإرادات الخيرة والمستعدة للتضحية ونكران الذات. وهي أكثر مما نتصور بكثير.
ليس هناك هدف مستحيل على الشعوب. لكن شرط ذلك الايمان والثقة بالذات والتصميم على الانتصار. وشعبنا الذي ضحى بأغلى ماعنده وبذل أرواح أبنائه رخيصة من أجل تحرره من سلطة البغي والافتراء مصمم لا محالة على الانتصار وقادر عليه، بالرغم من كل مؤامرات الأعداء وتخاذل الأصدقاء.

jeudi, mai 16, 2013

طفح الكيل وبلغ السيل الزبى



الفظاعات تتالى والانحدار نحو الهاوية يسير بخطى البرق، بموازاة تكالب النظام وتصميم حلفائه الايرانيين والعراقيين على خوض معركتهم التي تجمع بين العنصرية والطائفية والجنون القومي، بينما يهدر حلفاء الشعب السوري، أو من يسمون أنفسهم كذلك، وقتهم وجهدهم في اجتماعات مستمرة لا تسمن ولا تغني من جوع. كل ذلك هربا من اتخاذ القرارات الوحيدة التي يعرفونها والتي لا ينفع غيرها في مواجهة عصابة من القتلة والمجرمين الذين دمروا حياة شعب كامل، بما فيه جماعتهم الدينية التي يدعون حمايتها، في سبيل سلطة لا شرعية، قامت على القمع والارهاب، وهم يعرفون أنهم سيفقدونها، إن لم يكونوا قد فقدوها، على جميع الأحوال، 
نظام المافيا الاجرامي، مع روسية و ايران وحكومة المالكي وأسياد حزب الله، يشكلون قوة كبيرة بالتأكيد، لكنهم ليسوا أقوى من الشعب السوري الذي يحارب وحيدا في كل المواقع وبوسائل محدودة منذ سنتين، ولا من المجتمع الدولي الذي أقر بحقوق هذا الشعب وأدان نظامه العسكري المجرم، ولا من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان والدول العربية مجتمعة. 
لن تجدي الاجتماعات أمام هذا التكتل الشرير الذي قفز على فرصة الثورة السورية لتصفية حساباته القديمة والجديدة مع العالم اجمع، مع العرب، ومع الغرب، ومع المدنية والحضارة والاسلام. لكن الهرب مما ليس منه بد، واختلاق الأعذار والدوران حول المخاطر، واللجوء إلى التعاويذ والطلسمات الحوارية والسلامية من قبل المجتمع الدولي وقادته لن يزيل الخطر، إنما سيجعل ثمن مواجهته اغلى ويجعل مخاطر المواجهة أعلى. 
كل يوم يمر، تزيد الحرب استعارا ووحشية. تتحطم المناعات وتتدمر الهياكل الحضارية وتغرق روح المدنية ومنظومات التربية والقيم الأخلاقية، ويصبح استئصال سرطان العنف ومشاعر الحقد والثأر والضغينة والغل أصعب وثمن الخروج من الكارثة لا يطاق.
الآن قبل الغد على العالم والمجتمع الدولي أن يتدخل لوقف القاتل وشل ذراعه، وإلا فإن بشار سيربح رهانه، ليس رهان البقاء في السلطة، فهذا اصبح كثير عليه، وإنما تحويل موته وسقوطه إلى محرقة له ولشعبه ولشعوب المنطقة أجمع. 
سياسة التردد والبحث عن أعذار لتجنب معاقبة الجاني، يل لتشتيت المسؤولية أحيانا عما يحصل، والسعي إلى ايجاد مخرج آمن للمجرم من خلال التنظيم المكرور للحوارات والمؤتمرات والاتفاقات الهزيلة التي تولد ميتة، كل ذلك لم يجد ولن يجدي شيئا. فهو يوجه رسالة خاطئة لبشار وحلفائه جميعا مفادها أن المجتمع الدولي ليس جديا في مواجهته وأنه يرفض القيام بالواجب، واجب الحماية لشعب يعرض للذبح يوميا. وبمقدار ما تعكس هذه الرسالة ضعف القرار والتصميم لدى المجتمع الدولي، تشجع القاتل على المزيد من التطرف في العنف والتشبث بالسلطة والارتقاء إلى مستوى أعلى من الابتزاز والتهديد بالمحرقة والدمار، كما هو الحال لدى كل الجناة والمجرمين الفارين من العدالة الذين يعرفون أن الموت أمامهم وهم مستعدون لعمل كل شيء لقلب الأوضاع على قاعدة إما قاتل وإما مقتول.

طفح الكيل وبلغ السيل الزبى


الفظاعات تتالى والانحدار نحو الهاوية يسير بخطى البرق، بموازاة تكالب النظام وتصميم حلفائه الايرانيين والعراقيين على خوض معركتهم التي تجمع بين العنصرية والطائفية والجنون القومي، بينما يهدر حلفاء الشعب السوري، أو من يسمون أنفسهم كذلك، وقتهم وجهدهم في اجتماعات مستمرة لا تسمن ولا تغني من جوع. كل ذلك هربا من اتخاذ القرارات الوحيدة التي يعرفونها والتي لا ينفع غيرها في مواجهة عصابة من القتلة والمجرمين الذين دمروا حياة شعب كامل، بما فيه جماعتهم الدينية التي يدعون حمايتها، في سبيل سلطة لا شرعية، قامت على القمع والارهاب، وهم يعرفون أنهم سيفقدونها، إن لم يكونوا قد فقدوها، على جميع الأحوال، 
نظام المافيا الاجرامي، مع روسية و ايران وحكومة المالكي وأسياد حزب الله، يشكلون قوة كبيرة بالتأكيد، لكنهم ليسوا أقوى من الشعب السوري الذي يحارب وحيدا في كل المواقع وبوسائل محدودة منذ سنتين، ولا من المجتمع الدولي الذي أقر بحقوق هذا الشعب وأدان نظامه العسكري المجرم، ولا من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان والدول العربية مجتمعة. 
لن تجدي الاجتماعات أمام هذا التكتل الشرير الذي قفز على فرصة الثورة السورية لتصفية حساباته القديمة والجديدة مع العالم اجمع، مع العرب، ومع الغرب، ومع المدنية والحضارة والاسلام. لكن الهرب مما ليس منه بد، واختلاق الأعذار والدوران حول المخاطر، واللجوء إلى التعاويذ والطلسمات الحوارية والسلامية من قبل المجتمع الدولي وقادته لن يزيل الخطر، إنما سيجعل ثمن مواجهته اغلى ويجعل مخاطر المواجهة أعلى. 
كل يوم يمر، تزيد الحرب استعارا ووحشية. تتحطم المناعات وتتدمر الهياكل الحضارية وتغرق روح المدنية ومنظومات التربية والقيم الأخلاقية، ويصبح استئصال سرطان العنف ومشاعر الحقد والثأر والضغينة والغل أصعب وثمن الخروج من الكارثة لا يطاق.
الآن قبل الغد على العالم والمجتمع الدولي أن يتدخل لوقف القاتل وشل ذراعه، وإلا فإن بشار سيربح رهانه، ليس رهان البقاء في السلطة، فهذا اصبح كثير عليه، وإنما تحويل موته وسقوطه إلى محرقة له ولشعبه ولشعوب المنطقة أجمع. 
سياسة التردد والبحث عن أعذار لتجنب معاقبة الجاني، يل لتشتيت المسؤولية أحيانا عما يحصل، والسعي إلى ايجاد مخرج آمن للمجرم من خلال التنظيم المكرور للحوارات والمؤتمرات والاتفاقات الهزيلة التي تولد ميتة، كل ذلك لم يجد ولن يجدي شيئا. فهو يوجه رسالة خاطئة لبشار وحلفائه جميعا مفادها أن المجتمع الدولي ليس جديا في مواجهته وأنه يرفض القيام بالواجب، واجب الحماية لشعب يعرض للذبح يوميا. وبمقدار ما تعكس هذه الرسالة ضعف القرار والتصميم لدى المجتمع الدولي، تشجع القاتل على المزيد من التطرف في العنف والتشبث بالسلطة والارتقاء إلى مستوى أعلى من الابتزاز والتهديد بالمحرقة والدمار، كما هو الحال لدى كل الجناة والمجرمين الفارين من العدالة الذين يعرفون أن الموت أمامهم وهم مستعدون لعمل كل شيء لقلب الأوضاع على قاعدة إما قاتل وإما مقتول.

mercredi, mai 15, 2013

لماذا ينبغي أن تبقى سورية واحدة



في مقابلة الجزيرة مع الشيخ معاذ الخطيب في  11/5/2013 طرحت المذيعة سؤالا على رئيس الائتلاف الوطني " ليس سهلاً  على السوريين سماع كما قالت عن حق:  "ما المشكلة في تقسيم سوريا إن اضطررنا للتفكير بما لم يكن ممكناً التفكير به من قبل. في حالة يوغسلافيا مثلاً  تم تقسيمها من أجل إحلال السلام. والآن في العراق يوجد بداية حديث حول التقسيم. إذاً في النهاية المجموعات المختلفة عليها أن تجد موطناً لها من أجل إيقاف القتل، ما الخطأ في ذلك؟"
أجاب الشيخ معاذ أن المشكلة تكمن في أن "هذا ليس قرار الناس، هذا قرار مجموعات سياسية  ودول إقليمية وإرادات أكبر أو أصغر. هي تفرض على الشعوب هذه الوقائع، ثم بعد ذلك تحاصر الشعوب ضمن منظومات تاريخية وسياسية وعرقية، ويكون هناك دائما فتيل فتن واشتعال للحروب والمشاكل.
وكل الدول التي بنيت على أساس عرقي وطائفي تكون بؤراً للفتن والحروب الدائمة"
جواب الشيخ معاذ يرد على جزء من السؤال. لكن لنفرض أن هناك أطرافا أو أقليات خائفة تطلب مثل هذا التقسيم، هل هذا يجعله أكثر قبولا؟
لا ينبغي أن نتجاهل أن التقسيم بعد سنتين من الحرب الوحشية وانعدام آفاق الحل الواضحة، أصبح الهوس الرئيسي للسوريين، وأن هناك سوريون خاسرون يعتقدون أن التقسيم هو الحل لمشاكلهم القادمة، وفي المقابل هناك أغلب السوريين الذين يخشونه ويعلنون استعدادهم لأي عمل للوقوف ضده. وهناك أيضا العديد من الدول التي تحلم بتحطيم سورية كدولة واعدة، وتلك التي تعتقد أن أسهل الحلول للخروج من الأزمة التي لا تريد أن تتورط فيها هو في تبني التقسيم الذي ربما يعطي لهم، بالإضافة إلى ذلك فرضة استعادة الوصاية على الدولة التي بقيت خلال عقود طويلة مصدر قلاقل بسبب روح السيادة والقومية التي ميزت ثقافة شعبها واختياراته منذ ما قبل الاستقلال.
في نظري، التقسيم في أي شكل جاء لن يكون حلا ولكن مصدر أزمات مضاعفة، ولن يخفف من العنف ولكنه بالعكس، في الظروف التي تعرفها المنطقة، والمواجهات الكامنة فيها بين جميع الأطراف، سيدفع إلى تفجير كل العنف المكبوب والمضبوط حتى الآن على مستوى المنطقة بأكملها، ويعمم المآسي داخل الدول المنقسمة وفيما بينها بسبب الاختلال الكبير في التوازنات الاجتماعية والمذهبية والدولية الذي سيثيره. والسبب.
أولا أن الدول المولودة حديثا، أي دولة، تحتاج إلى عقود طويلة قبل أن تجد المجتمعات التي تعيش ضمن حدودها توازناتها الداخلية، وتسن قاعدة ثابتة للتعامل والحياة المشتركة، وعقودا أخرى حتى تكتسب دورها وموقعها المعترف به والمقبول من دول الإقليم. وخلال هذه الفترة تعيش المجتمعات نزاعات وأحيانا حروبا أهلية عنيفة، وهذا هو وضع سورية اليوم التي لم تخرج بعد من الصراعات الداخلية للوصول إلى توازن يرسو على أساسه تفاهم وطني شامل يلتزم بمبادئه جميع الأفراد يحفط حقوق كل واحد منهم، ويوفق بين الجماعات المتنافسة، ويقيم حياة وطنية ثابتة ومستقرة. ولو انقسمت سورية الآن سيعني ذلك تحطم البنية الوطنية السورية التي بذل الكثير من الجهد والتضحيات لبنائها قبل أن تقوضها مطامع نخبة جاهلة وفاقدة لمعنى الوطنية، وسيطلق ديناميات حروب جديدة داخل الأطراف المتباعد والمتناثرة والمتصارعة على الموارد والسلاطة، وسنقضي عقودا طويلة إضافية في كل جزء منفصل لايجاد توازن مستحيل التحقيق. ولأن الوصول إلى مثل هذه التوازنات البنيوية والتفاهمات الوطنية اصعب في البلدان الصغيرة المعرضة لأن تكون مناطق تجاذب وتنافس بين الدول الاقليمية الكبرى، ستكون الحرب أشد عنفا داخل الدول المنقسمة الصغيرة وفيما بينها وعليها.
ثانيا أن التقسيم يشرع الأبواب واسعة أمام استخدام الدويلات الصغيرة التي لا حظ لها في البقاء مع السيادة للصراع بين الدول الإقليمية الاكبر على جذبها واستخدامها كأدوات في استراتيجيات الهيمنة الاقليمية والدولية المتنازعة.وسيعمل هذا على تفاقم الأزمات وتنامي النزعات للحروب والاقتتال، وبالتالي حرمان الشعوب من حقها في التقدم و إدانة المنطقة كلها بالتخلف والتقهقر.
ولا تستقيم مقارنة الأوضاع عندنا بما حصل في اوربة الشرقية.فمن جهة، لم يولد الانقسام في منطقة شرق أوربة لم نزاعات جديدة لأنه حصل في منطقة زالت أسباب التنازع على الهيمنة الاقليمية فيها مع زوال الحرب الباردة، ولم يعد هناك سوى التنافس الاقتصادي في ما بينها. بينما تقع المنطقة العربية في بؤرة النزاع على الهيمنة بين الدول الإقليمية المتنافسة وبين القوى الدولية التي نقلت محور نزاعها من مناطق مثل أوربة الشرقية إلى الشرق الأوسط. ومن جهة ثانية لم يؤثر التقسيم سلبا على امكانات التطور والتنمية للدول الصغيرة الجديدة ولكنه فتح افاقا اوسع لها باندراجها في اقتصاد الاتحاد الاوروبي الذي قدم لها ولمجتمعاتها فرص نمو استثنائية، ونمى لدى شبابها اتجاهات ايجابية متمحورة حول تحسين شروط حياتها بدل النزاع والاقتتال الدائمين.
ثالثا أنه في منطقتنا حيث توجد مشاريع هيمنة إقليمية معلنة، من اسرائيل إلى ايران إلى تركيا، وتنافس بين الدول الكبرى على النفوذ في إقليم يزخر بالنزاعات غير المحسومة، بما فيها سياسات الطاقة والمسألة اليهودية وغيرها، يقود تقسيم سورية إلى فتح باب مواجهات استراتيجية وجيوسياسية ستحول أراضي جميع الدول المجتزأة إلى ميدان حرب دائمة، وسوف يفاقم ذلك من مستويات العنف وأسباب الاقتتال. وربما لن تهدأ الحرب بين الجميع لعقود طويلة. وسنذهب نحن جميعا كحطب لوقود حروب الدول الإقليمية الكبرى المتنافسة.
ورابعا لأنه ليس هناك لأي جماعة وطنية أن تحظى بالاستقرار ما لم تنجح في أن تنمي داخل حدودها قيم العصر ومعاييره في ما يتعلق ببعث الثقة بالأمان والإطمئنان لدى الانسان، واحترام حقوقه الأساسية، والتمسك بمعايير المواطنة، بما تعنيه من حرية ومساواة وعدل وكرامة، وخلق فرص حقيقية للارتقاء بمستوى حياة الناس إلى المستوى الذي يرضي طموحاتهم في عصر العولمة والانتفاح المتبادل. وليس من الممكن تحقيق معدلات معقولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية في دول تتحول إلى غيتيوات أو معازل مذهبية أو عشائرية أو إتنية. يحتاج التقدم الحضاري اليوم إلى شروط لا يمكن أن تحققها إلا المجتمعات الواسعة التي تستطيع أن توفر فرصا أكبر للاستثمار المنتج والمربح في كل المجالات، السياسية والاقتصادية والعلمية. لذلك، لايمكن لتبني خيارات تدفع إلى المزيد من تفتيت الجهود وتشتيت القوى أن يساهم في تحرير الشعوب، وإنما يحررها تجاوز منطق المعازل والغيتوات والحدود الضيقة المغلقة، وتوسيع دائرة الاستثمار و الانتاج والبحث والتفكير. فهذه هي اليوم شروط تنمية الابداع والتقدم والارتقاء بمستوى حياة ووعي الأفراد.
لربح معركة السلام والاستقرار الدائمين، وفي إثرها معركة الكرامة والحرية والتفاهم بين الأفراد والجماعات، ينبغي ضمان التقدم الحضاري الذي يفتح آفاق التقدم الاجتماعي للجميع، وبناء دول قائمة على احترام حقوق الانسان، وتجاوز مفهوم دويلات الطوائف والعصبية الطبيعية، القائمة على الولاءات القبلية أو الدينية او المذهبية، التي هي المولد الدائم للحروب الدورية الداخلية والإقليمية. فلا يمكن لدولة تقوم على العصبية المذهبية او القبلية أن تنتج مواطنة أو حقا إنسانيا. إنها لا تنتج إل الإحباط والتوتر والنزاعات الداخلية، لأنها تعجز عن خلق النسيج الوطني الذي يثمر في المواطن والانسان، ولا تقوم إلا على نظام الولاءات المذهبية والعشائرية والزعامات المكرسة والثابتة التي تعيد طبيعة العلاقات بين الأفراد إلى عصر القبيلة والاقطاع. وأمامنا أفضل شاهد على ذلك تجارب لبنان منذ تأسيسه، والعراق المقسم الذي أنتجه الاحتلال، والذي تسعى إلى تكريسه اليوم سياسات الهيمنة الايرانية.

mardi, mai 14, 2013

لماذا ينبغي أن تبقى سورية واحدة



في مقابلة الجزيرة مع الشيخ معاذ الخطيب في 11/5/2013 طرحت المذيعة سؤالا على رئيس الائتلاف الوطني " ليس سهلاً على السوريين سماعه" كما قالت عن حق: "ما المشكلة في تقسيم سوريا إن اضطررنا للتفكير بما لم يكن ممكناً التفكير به من قبل. في حالة يوغسلافيا مثلاً تم تقسيمها من أجل إحلال السلام. والآن في العراق يوجد بداية حديث حول التقسيم. إذاً في النهاية المجموعات المختلفة عليها أن تجد موطناً لها من أجل إيقاف القتل، ما الخطأ في ذلك؟"
أجاب الشيخ معاذ أن المشكلة تكمن في أن "هذا ليس قرار الناس، هذا قرار مجموعات سياسية ودول إقليمية وإرادات أكبر أو أصغر. هي تفرض على الشعوب هذه الوقائع، ثم بعد ذلك تحاصر الشعوب ضمن منظومات تاريخية وسياسية وعرقية، ويكون هناك دائما فتيل فتن واشتعال للحروب والمشاكل.
وكل الدول التي بنيت على أساس عرقي وطائفي تكون بؤراً للفتن والحروب الدائمة"
جواب الشيخ معاذ يرد على جزء من السؤال. لكن لنفرض أن هناك أطرافا أو أقليات خائفة تطلب مثل هذا التقسيم، هل هذا يجعله أكثر قبولا؟
لا ينبغي أن نتجاهل أن التقسيم بعد سنتين من الحرب الوحشية وانعدام آفاق الحل الواضحة، أصبح الهوس الرئيسي للسوريين، وأن هناك سوريون خاسرون يعتقدون أن التقسيم هو الحل لمشاكلهم القادمة، وفي المقابل هناك أغلب السوريين الذين يخشونه ويعلنون استعدادهم لأي عمل للوقوف ضده. وهناك أيضا العديد من الدول التي تحلم بتحطيم سورية كدولة واعدة، وتلك التي تعتقد أن أسهل الحلول للخروج من الأزمة التي لا تريد أن تتورط فيها هو في تبني التقسيم الذي ربما يعطي لهم، بالإضافة إلى ذلك فرضة استعادة الوصاية على الدولة التي بقيت خلال عقود طويلة مصدر قلاقل بسبب روح السيادة والقومية التي ميزت ثقافة شعبها واختياراته منذ ما قبل الاستقلال. 
في نظري، التقسيم في أي شكل جاء لن يكون حلا ولكن مصدر أزمات مضاعفة، ولن يخفف من العنف ولكنه بالعكس، في الظروف التي تعرفها المنطقة، والمواجهات الكامنة فيها بين جميع الأطراف، سيدفع إلى تفجير كل العنف المكبوب والمضبوط حتى الآن على مستوى المنطقة بأكملها، ويعمم المآسي داخل الدول المنقسمة وفيما بينها بسبب الاختلال الكبير في التوازنات الاجتماعية والمذهبية والدولية الذي سيثيره. والسبب.
أولا أن الدول المولودة حديثا، أي دولة، تحتاج إلى عقود طويلة قبل أن تجد المجتمعات التي تعيش ضمن حدودها توازناتها الداخلية، وتسن قاعدة ثابتة للتعامل والحياة المشتركة، وعقودا أخرى حتى تكتسب دورها وموقعها المعترف به والمقبول من دول الإقليم. وخلال هذه الفترة تعيش المجتمعات نزاعات وأحيانا حروبا أهلية عنيفة، وهذا هو وضع سورية اليوم التي لم تخرج بعد من الصراعات الداخلية للوصول إلى توازن يرسو على أساسه تفاهم وطني شامل يلتزم بمبادئه جميع الأفراد يحفط حقوق كل واحد منهم، ويوفق بين الجماعات المتنافسة، ويقيم حياة وطنية ثابتة ومستقرة. ولو انقسمت سورية الآن سيعني ذلك تحطم البنية الوطنية السورية التي بذل الكثير من الجهد والتضحيات لبنائها قبل أن تقوضها مطامع نخبة جاهلة وفاقدة لمعنى الوطنية، وسيطلق ديناميات حروب جديدة داخل الأطراف المتباعد والمتناثرة والمتصارعة على الموارد والسلاطة، وسنقضي عقودا طويلة إضافية في كل جزء منفصل لايجاد توازن مستحيل التحقيق. ولأن الوصول إلى مثل هذه التوازنات البنيوية والتفاهمات الوطنية اصعب في البلدان الصغيرة المعرضة لأن تكون مناطق تجاذب وتنافس بين الدول الاقليمية الكبرى، ستكون الحرب أشد عنفا داخل الدول المنقسمة الصغيرة وفيما بينها وعليها.
ثانيا أن التقسيم يشرع الأبواب واسعة أمام استخدام الدويلات الصغيرة التي لا حظ لها في البقاء مع السيادة للصراع بين الدول الإقليمية الاكبر على جذبها واستخدامها كأدوات في استراتيجيات الهيمنة الاقليمية والدولية المتنازعة.وسيعمل هذا على تفاقم الأزمات وتنامي النزعات للحروب والاقتتال، وبالتالي حرمان الشعوب من حقها في التقدم و إدانة المنطقة كلها بالتخلف والتقهقر. 
ولا تستقيم مقارنة الأوضاع عندنا بما حصل في اوربة الشرقية.فمن جهة، لم يولد الانقسام في منطقة شرق أوربة لم نزاعات جديدة لأنه حصل في منطقة زالت أسباب التنازع على الهيمنة الاقليمية فيها مع زوال الحرب الباردة، ولم يعد هناك سوى التنافس الاقتصادي في ما بينها. بينما تقع المنطقة العربية في بؤرة النزاع على الهيمنة بين الدول الإقليمية المتنافسة وبين القوى الدولية التي نقلت محور نزاعها من مناطق مثل أوربة الشرقية إلى الشرق الأوسط. ومن جهة ثانية لم يؤثر التقسيم سلبا على امكانات التطور والتنمية للدول الصغيرة الجديدة ولكنه فتح افاقا اوسع لها باندراجها في اقتصاد الاتحاد الاوروبي الذي قدم لها ولمجتمعاتها فرص نمو استثنائية، ونمى لدى شبابها اتجاهات ايجابية متمحورة حول تحسين شروط حياتها بدل النزاع والاقتتال الدائمين. 
ثالثا أنه في منطقتنا حيث توجد مشاريع هيمنة إقليمية معلنة، من اسرائيل إلى ايران إلى تركيا، وتنافس بين الدول الكبرى على النفوذ في إقليم يزخر بالنزاعات غير المحسومة، بما فيها سياسات الطاقة والمسألة اليهودية وغيرها، يقود تقسيم سورية إلى فتح باب مواجهات استراتيجية وجيوسياسية ستحول أراضي جميع الدول المجتزأة إلى ميدان حرب دائمة، وسوف يفاقم ذلك من مستويات العنف وأسباب الاقتتال. وربما لن تهدأ الحرب بين الجميع لعقود طويلة. وسنذهب نحن جميعا كحطب لوقود حروب الدول الإقليمية الكبرى المتنافسة.
ورابعا لأنه ليس هناك لأي جماعة وطنية أن تحظى بالاستقرار ما لم تنجح في أن تنمي داخل حدودها قيم العصر ومعاييره في ما يتعلق ببعث الثقة بالأمان والإطمئنان لدى الانسان، واحترام حقوقه الأساسية، والتمسك بمعايير المواطنة، بما تعنيه من حرية ومساواة وعدل وكرامة، وخلق فرص حقيقية للارتقاء بمستوى حياة الناس إلى المستوى الذي يرضي طموحاتهم في عصر العولمة والانتفاح المتبادل. وليس من الممكن تحقيق معدلات معقولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية في دول تتحول إلى غيتيوات أو معازل مذهبية أو عشائرية أو إتنية. يحتاج التقدم الحضاري اليوم إلى شروط لا يمكن أن تحققها إلا المجتمعات الواسعة التي تستطيع أن توفر فرصا أكبر للاستثمار المنتج والمربح في كل المجالات، السياسية والاقتصادية والعلمية. لذلك، لايمكن لتبني خيارات تدفع إلى المزيد من تفتيت الجهود وتشتيت القوى أن يساهم في تحرير الشعوب، وإنما يحررها تجاوز منطق المعازل والغيتوات والحدود الضيقة المغلقة، وتوسيع دائرة الاستثمار و الانتاج والبحث والتفكير. فهذه هي اليوم شروط تنمية الابداع والتقدم والارتقاء بمستوى حياة ووعي الأفراد.

لربح معركة السلام والاستقرار الدائمين، وفي إثرها معركة الكرامة والحرية والتفاهم بين الأفراد والجماعات، ينبغي ضمان التقدم الحضاري الذي يفتح آفاق التقدم الاجتماعي للجميع، وبناء دول قائمة على احترام حقوق الانسان، وتجاوز مفهوم دويلات الطوائف والعصبية الطبيعية، القائمة على الولاءات القبلية أو الدينية او المذهبية، التي هي المولد الدائم للحروب الدورية الداخلية والإقليمية. فلا يمكن لدولة تقوم على العصبية المذهبية او القبلية أن تنتج مواطنة أو حقا إنسانيا. إنها لا تنتج إل الإحباط والتوتر والنزاعات الداخلية، لأنها تعجز عن خلق النسيج الوطني الذي يثمر في المواطن والانسان، ولا تقوم إلا على نظام الولاءات المذهبية والعشائرية والزعامات المكرسة والثابتة التي تعيد طبيعة العلاقات بين الأفراد إلى عصر القبيلة والاقطاع. وأمامنا أفضل شاهد على ذلك تجارب لبنان منذ تأسيسه، والعراق المقسم الذي أنتجه الاحتلال، والذي تسعى إلى تكريسه اليوم سياسات الهيمنة الايرانية.